انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > الملتقى الشرعي العام

الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 09-30-2010, 04:08 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بكلام ذكي عن الربيع ، لأني أعلم أن أغلب الجلوس لا يعلمون من هو الربيع بن خثيم .
نُبْذَةً عَنْ الْرُّبَيِّعِ بْنِ خُثَيْمٍ:الربيع بن خثيم: هو أحد تلاميذ بن مسعود- رضي الله عنه- وهذا يدلك على أنه متقدم ، من التابعين القدامى الكبار ، لماذا ؟ لأن بن مسعود توفي في خلافة عثمان ، توفي قديمًا ، أظن سنة ثلاثة وثلاثين أو قريب منها وأنا لم أضبط تاريخ الوفاة . يقول بن مسعود عن الربيع: إذا رآه قال: يا أبا يزيد والله لو رآك رسول الله- صلي الله عليه وسلم لأحبك ، وما رأيتك إلا قلت: وبشر المخبتين وهذا كلام بن مسعود ، وهذه شهادة عظيمة ، أعظم شهادة ومنقبة للربيع وكان يغض طرفه حتى أن جارية بن مسعود كانت إذا فتحت الباب ووجدت الربيع قالت له: صاحبك الأعمى بالباب ، من شدة غضه لبصره وأن طرفه لا يفارق الأرض حياءًا من الله- عز وجل- فقد رأيت أن أعطر هذا المجلس بذكر شيءٍ من كلام الربيع بن خُثيم- رحمه الله تعالي ، ويروي منذر الثوري قال وهذا الأثر أخرجه بن سعد في كتاب الطبقات الكبرى وأخرجه أبو نعيم في كتاب حلية الأولياء .كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله يقول له:( اتق الله فيما علمت وما استؤثر به عليك فَكِلهُ إلي عالمه ) مثل مسائل القضاء والقدر والحكمة من مسألة القضاء والقدر التي لا تعرف أن تصل إليها ، إذا استأثر الله- عز وجل- بشيء كما قال إبراهيم الحربي فَالهُ عنه ، إِلهِ عنه أي كِلهُ إل عالمه( لا أنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ ، وما خَيرِكُم اليوم بِخَير ولكنه خيرٌ من أخر شر منه )أي المسألة أن المفاضلة في الضعف والهوان ، وليست المفاضلة في الفضائل كما قال القائل: أننا قوم أوتينا من العجز والهوان أضعاف أضعاف ما أوتي أسلافنا من الجد والقوة ، كانوا يتفاضلون قديمًا بالعلم ، فيقال: فلانًا أعلم من فلان ونحن اليوم نتفاضل بالجهل فيقال: فلان أخف جهلاً من فلان .ومثلما بعض العلماء راقب الفرق ما بين القرون الخوالي التي كان فيها الإسلام والسنة وغير ذلك ، قال: (كانوا قديمًا يدورون ما بين سنة وبدعة والآن يدورون بين بدعةٍ ورِدَة ،) أي أن المسألة في النازل . (وما خَيرِكُم اليوم بِخَير ولكنه خيرٌ من أخر شر منه ، وماتتبعون الخير حق إتباعه ، وما تفرون من الشر حق فراره ، ولا كل ما أنزل الله على محمد- صلي الله عليه وآله وسلم- أدركتم ، ولا كل ما تقرئون تدرون ما هو ، ثم يقول السرائر ن السرائر _ أي نقوا السرائر_ اللاتي يًخفَينَ من الناس وهم لله بوادٍ ، التمسوا دوائهن ، وما دوائهن إلا أن يتوبا ثم لا يعود .)وروى منصور بن المعتمر: عن إبراهيم قال: قال فلان: ما أرى الربيع بن خثيم تكلم بكلام منذ عشرين سنة إلا بكلمة تصعد﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾(فاطر:11) ،بكلمة تصعد أي من الكلام الصالح التي لا ترد علي صاحبها . وعن بعضهم قال: صحبت الربيع عشرين عاماً سمعت منه كلمةً تُعَاب وقال آخر: جالست الربيع بن خثيم سنين فما سألني عن شيء مما فيه الناس إلا أنه قال لي مرةً أمك حية ، هذا هو الذي أخرجه عن الذكر ، أما عدا ذلك فكان الربيع مشغول بالذكر . وروي الثوري عن أبيه:_ سعيد بن مسروق _،( كان الربيع بن خثيم إذا قيل له كيف أصبحتم ؟ قال: ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا )، وهذا قمة التواضع والإخبات وهضم النفس . هذه الأمة أمة عظيمة ، واحد مثل الربيع بن خثيم لو وجد عند غيرنا لاتخذوه حبرًا ، وهذا واحد من ملايين في هذه الأمة المجيدة التي تمتلئ بالفضل .ابنة الربيع قالت لأبيها: ( يا أبتاه ألا تنام ؟ لأنه كان كثير السهر ، كثير الصلاة فيقول: يا بنيتي كيف ينام من يخاف البَيَات)_، والبيات : معناه أن العدو يُبَيتُه ، فأي واحد يعرف أن العدو سيهجم عليه مستحيل يعرف ينام ، وهو يقصد بذلك الموت .قالت سرية للربيع: إنه إذا كان دخل عليه الداخل وفي حجره مصحف يغطيه وهذا كان دأباً لبعض السلف أيضاً، كانوا يخفون أعمالهم خشية أن يدخل عليها رياء ، كان أيوب السختياني إذا ذكر النبي- صلي الله عليه وسلم- بكى ، فكان الربيع يقول سبحان الله ما أشد الزكام ، وكان الأوزاعي يصلي فإذا دخلت أمه إلى مسجده وجدت مكان سجوده رطباً من دموعه .وأنت تعرف الإنسان إذا كان بكاء أجفانه تذبل ، فكان إذا أراد أن يخرج اكتحل حتى يشد جفنه ، وحتى لا يُقال له لما هذا الذبول فيكشف عمله فكانوا يتعاملون مع العمل الصالح كأنه عورة ، كانوا يجتهدون في إخفائها كما فعل الربيع بن خُثيم ، والربيع له مجاهدات وهو مشهور بالزهد وحسبك قول بن مسعود فيه: (وبشر المخبتين)، ومع ذلك كان الربيع يتسرى ، كان له أكثر من سُرية ، وهذا لو كان شيئًا مذموماً لكان هؤلاء الفضلاء أبعد خلق الله- تبارك وتعالى- عنه ،وأما المطعم الذي هو المحور الثالث الذي ذكره بن الجوزي على أساس أنه من الدنيا ، فهذا إن شاء الله نستوفي عليه الكلام اليوم بإذن الله تعالي .
انتهي السادس عشر
المحاضرة السابعة عشر
فلا زال حديثنا موصولاً مع هذه الخاطرة من كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي- رحمه الله تعالي- وهو كان في سبيل الرد على الذين ذموا الدنيا بإطلاق ، فبين أن الدنيا ليست مذمومة بإطلاق ، أنما يذم فيها فعل الجاهل والعاصي ، أما ما خلقه الله- تبارك وتعالى- للناس ليستعينوا به على عبادته- تبارك وتعالي ، فإن المرء لو استعمله على الوجه المشروع ، كان ممدوحاً لا مذمومًا إذ أن الله عز وجل أذن له في استعماله .وذكر أشياء ضرورية لا يستغنى المرء عنها ، فذكر المال ، وذكر النكاح وتكلمنا عن هذين فيما سبق واليوم نتكلم عن المحور الثالث الذي اختاره بن الجوزي وهو من الدنيا للدلالة علي أنه لا يذم ، بل التقعر في تركه هو المذموم كما سيأتي في كلامه- رحمه الله تعالي بعد ذلك قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-: ( وأما المَطعَمُ فالمُراد منه تَقويةِ هذا البَدن لخدمَةِ الله- عز وجل- )وبن الجوزي يكرر لفظ الخدمة وأنا أتحاشاه إنما أقول لعبادة الله- عز وجل- لأن لفظ الخدمة فيه نظر ، ولم يجري علي لسان أحد من السلف فيما أعلم ، وأنا إذا وجدت لفظ الخدمة أنا سأبدلها للعبادة يقول: (وأما المَطعَمُ فالمُراد منه تَقويةِ هذا البَدن لعبادة الله- عز وجل- وحقٌ على ذِي النًَاقةِ أن يُكرِمُهَا لِتحمِله ).ويقصد بالناقة هنا البدن لأن البدن هو الذي يحمل الروح ، والبدن مطية الآدمي في حياته ، حتى إذا مات دخلت الروح في بدن آخر يناسب الخلود إما الخلود في الجنة نسأل الله غنمها ، أو في النار نسأل الله أن يجنبنا غرمها ، فالبدن مطية الروح ، هذه الروح تركب هذا البدن في مدة الحياة الدنيا ولذلك إذا مات فنيت هذه المطية ، ثم تبدل الأجساد بأجساد أخرى فهذه الناقة التي تحمل روحك أو هذه المطية التي تحمل روحك حق عليك أن تكرمها لكي تحمل هذه الروح ، وفي زمان اختفاء سفيان الثوري- رحمه الله- كان يختفي بين الناس حول الكعبة ، أخته علمت أن بعض تلاميذه وهو أبو شهاب الحنَّاط ذاهب إلى مكة ، فأعطته طعامًا ، أعطته سويقاً وسمناً وكعكاً، قال، فبحثت عن سفيان وكان مختفيًا في الناس ، فلما ألقيت عليه السلام ما رد عليَّ ، لماذا خائف أن يكون عين ، أي خشي أن يكون جاسوس ، وهو هارب ويختفي في الناس . فعندما قال له: أنا جئتك من عند أختك بزاد ، قال: فهب وقال: قرِّب تعالي بسرعة ، قال: فأكل أكلاً جيداً ثم قام يصلي إلي الفجر قال: ثم ألتفت إليَّ وقال : ( أعلِف الحمار ثم كُدَهُ )أكله وشغله هذا مثل ضربه سفيان ، قال: أعلف الحمار ثم كُدَه ، أي الذي منعه من القيام الجوع يريد أن يقوم لكن من شدة الجوع بدنه أو قدماه لا تحملانه .
فَالإِنْسَانُ الَّذِيْ يُفْهَمُ لِمَاذَا خَلَقَ ؟ لَا يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يُعَذِّبَ هَذِهِ الْمَطِيَّةُ :ولا أن يقلل من قوتها لأنها هي التي تحمل الروح ، وأعظم الناس عذاباً من رُزق همه عالية مع بدن ضعيف ، يريد أن يفعل كل شيء لكن بدنه لا يساعده .وكانت حفصة بنت سيرين- رحمها الله - تقول: ( يا معشر الشباب أعبدوا الله في الشباب فإني رأيت العبادة في الشباب) وهذا الأثر لحفصة- رحمها الله - قرأته قديمًا في أول عهدي للطلب ، ما أحسست بهذه الكلمة إلا بعد ما وصلنا إلى الشيخوخة وكبرنا ، وعجز المرء أن يوفي ما يريده من العلم .أحيانًا كان مثلاً الإنسان ينشط فأظل مثلاً أكثر من خمسة عشر ساعة لا أَكِل ولا أَمِل ولا أشعر إطلاقًا أنني جالس علي الكرسي ، ولا أن أنني في تعب ، حديث " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم " أنا أذكر أنني لما أخرجته في بذل الإحسان الجزء الثاني في بذل الإحسان في تقرير سنن النسائي أبي عبد الرحمن ، هذا الحديث طال بحثي فيه أكثر من عشرة أيام ، وخرجت في النهاية بجزء كبير يعني يقارب السبعين صفحة من طرق هذا الحديث وعلل هذه الطرق ، ومناقشة وبسط أهل العلم فيه ، وما شعرت ، وهذا الحديث خاصة أنا أذكره مع حديث القلتين ومع حديث عائشة - رضي الله عنها- " كنت أغتسل مع النبي- صلي الله عليه وسلم- من إناء واحد تختلف فيه أيدينا فأقول له : دعلي دعلي " مع حديث " لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بالسواك " أربعة أحاديث ؟ أذكر أن أقل حديث أخذ حوالي خمسة أيام أو أربعة أيام ,كان فيه همة وكان أيضًا فيه صحة أنك تستطيع أن تقف عشر ساعات ، لأن طالب العلم الذي يعمل في التحقيق والتحرير وليس في النقل يكون يعمل كحامل الأحجار يمكن يمشي في الليلة اثنين أو ثلاثة كيلو وهي مسافة الغرفة أو مسافة المسكن ، الذي هو خصصه للمكتبة ، نفترض أنها أربعة متر مثلاً ، تظل لمدة عشر ساعات طوال الليل تذهب وتأتي وتحمل الكتب وتضعها على المكتب ، والكتب كثيرة تأخذ ما تحتاجه منها ثم تضعها على الأرفف مرة أخرى ، وتأتي بالكتب مرة أخرى .تحمل الصف كبير ووجهك لا يرى منه وتعمل وتذهب وتأتي ، وهذا الذي يعمل بالتحرير ، طبعاً هناك فرق بين تحرير العلم وبين النقل .
إِنَّمَا يُعْرَفُ قَدْرٌ الْمَرْءِ بِتَحْرِيْرِ مَوَاضِعَ الْخِلَافِ:كما قال الشافعي- رحمه الله-: إنما العلم هو معرفة اختلاف الناس ، يعرف ما هذا القول ، وما هذا القول ، وفي الأخر ما هو الصواب من ذلك كله هذا هو العلم ,لكن لما تضعف مُنة الطالب الذي لم يذاكر ، وقلة مرحلة الخمول ، ومرحلة الخمول التي هي مرحلة الطلب ، لا أحد يعرفه ، لما يخرج من الباب لا أحد ينتظره ولا أحد يقول له عندي مشكلة ، ولا أحد يقول له هات لي علاج ، ولا أحد يقول أنا أريد أن أسألك سؤال أو غير ذلك ، لا يفطن له ولم يكمل ولم يَبرُز ، فمستريح ، يصلي في الجماعة ممكن لا تجد أحد يقول له السلام عليكم ويخرج من المسجد هادئ ورائق وتمام التمام ، أنا أحسدهم على الذي هم فيه .فمرحلة الخمول ممكن تكون مرحلة قصيرة في حياة الطالب ، ثم دخل في صلب العمل ومطلوب منه محاضرة هنا ومحاضرة هناك وثلاث محاضرات في اليوم ، ويذهب إلى البلاد لكي يعطي خطبة الجمعة ، ويعطى الدرس ، لم يهنأ بمرحلة الخمول ، فليس عنده علم ، هو أخذ قليل من العلم .لما يتصدر للتأليف ليس عنده شيء ما الذي سيحرره ؟ فهو لم يدرس الأصول ولا تذوق الأصول ولم يستطع أن يفعل شيء ، ومطلوب منه كتب لأنه أصبح شيخًا ويذهب إلي كل مكان ولابد أن يكون مؤلف ، وحتى وإن قلت له أن يعمل مصحح في دار نشر ، يقول: مصحح ؟ كيف أعمل مصحح ؟ أنا مؤلف ، مع أنه لم يكن يتصدر لتصحيح الكتب إلا أفذاذ العلماء ، لأن من الذي يعرف خطأ المؤلف إلا واحد عالم علمه أعلم من المؤلف .
كَانَ الْشَّيْخُ عَبْدُ الْرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَ الْمُعَلِّمِيَّ الْيَمَانِيَ:قدره إلا من درس الحديث ، كان مصححاً للكتب في حيدر أباد في الهند ، وهو الذي أخرج لنا التاريخ الكبير للبخاري ، أخرج لنا الجرح والتعديل لأبي حاتم ، وأخرج لنا جزء من سنن البيهقي حتى الجزء الرابع أظن ، وأخرج كتاب الكفاية في علوم الرواية ، وأخرج الإكمال لأبن مأكوله ، أخرج الأنساب للسمعاني ، أخرج تاريخ جرجان لحمزة السهمي ، أخرج كتب كل كتاب سبيكة ذهب ، هذا كله غير كتاب التنكيل ، وكتاب التنكيل هذا جوهرة ، هذا الكتاب أنا نسخته لنفسي عندما كنت فقيرًا ، لذلك هذا الكتاب أحفظه ، التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل ، كتاب جوهرة وهذا كان مصححًا . اليوم لما هان العلم الذي يصحح كتبي كان في بيروت آنذاك عندما كنت بطبع كتبي في بيروت بعض البنات ، بنات لماذا ؟ لأن العمالة مرتب البنات صغير قليل ، فيأتي لي الكتاب في تجارب الطبع فيه العجر والبجر التي كانت موجودة لماذا لم تصحح هذا ؟ يقول: أنا آسف لأن البنات لم يأخذوا بالهم ، بنات من ؟ البنات المصححات ، بنات تصحح كتب الحديث وأسماء رواة الحديث ؟ أنا أقول لك تقول له: تعمل مصحح ؟ يقول: لا مصحح ، أنا مؤلف علي أساس أنه رمح . أيها المؤلف أرني كتابك ؟ يدخل ، فهو يريد أن يقلب في خلال أسبوع يكون أشتغل له كتاب أو شيء لكي يأتي بالفلوس لكي يستعين بهم علي الحياة فيأتي لك من كتب الناس والآن ماكينة التصوير أصبحت مبذولة ، كان زمان عندما يقول: قال بن القيم ، سينقل عشرة أوراق لابن القيم كثير ، يده سوف تؤلمه ، ليس فارغاً يريد أن يدخل في مؤلف ثاني لأنه تعاقد مع هذه الدار والأخرى ، والأخرى ، فيكون المؤلف قص والصق . قال بن القيم يقص بن القيم ويلصق يقص ويلصق قال بن تيمية ، قال بن حجر ، قال السيوطي وإذا به يخرج في خلال أسبوع مثلاً يخرج كتاب مائة وستين صفحة ، ويظن أنه طالما أسمه نزل في الأسواق و أصبح موجودًا على الأرصفة أنه أصبح تعاظم في نفسه ، لا ، العلم ليس هكذا ، إنما العلم هو التحرير ، أن تحرر مواضع النزاع . فنرجع إلي ما كان بن الجوزي يقوله ، الإنسان العاقل هو الذي يكرم هذا البدن طالما لديك صحة ، و أنت تخدم العلم وتخدم الدعوة ، فلا يأتي واحد يقلل من أكله وشربه بحيث أنه كما ذكر بن الجوزي رجل كان يصلي قاعدًا بسبب ماذا ؟ لا يريد أن يأكل ، ما الفائدة ؟ يصلي قاعدًا كيف تصلي قاعدًا وأنت قادر علي القيام ؟ تكون الصلاة باطلة ، لكن هذا جاهل لا يعرف شيء لو أنه مشي علي قانون الفقهاء لعلم أن ترك الأكل في هذه الحالة إثم ، وأنه لا يمدح به بل يذم .فكلام حفصة بنت سيرين يوضع أمامكم ، أي الشباب يعرف أن مرحلة الشباب هذه أعظم وأفضل المراحل التي يبذل فيها الطالب حُشاشة نفسه في سبيل طلب العلم .خلاصة الكلام:أن هذا البدن أمانة حملك الله- عز وجل- حفظها فحفظها لتتم لك عبادة الله - تبارك وتعالي - إنما تُجَوِع نفسك وغير ذلك قال الله عز وجل ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾(النساء:147) هي مسألة أنه يعنِّيك لا بالعكس ينزل لك الرخص أيضاً لماذا نزل الرخص ؟ ليضع عنك العذاب ، لأن تعذيب البشر ليس مراداً ، إنما المراد أنه إذا لابث العمل مشقة أصبر علي المشقة لكن لا تعذب نفسك ابتداءًا ، لأن الله عز وجل قال:﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾(البقرة:185) .فيقول بن الجوزي: (وحقٌ على ذِي النًَاقةِ أن يُكرِمُهَا لِتحمِله. وقد كان النَّبيُ- صلى الله عليه وسلم- يأكُل ما وجَدَ .)بمعني أنه لا يتكلف مفقوداً ولا يرد موجوداً، وما عاب طعاماً قط ، إن اشتهاه أكله وإن عافته نفسه تركه ، وكان بعض الناس الأذكياء عندما تطهوا له زوجته أكل ويكون الطبخ غير منضبط يقول: ما عاب النبي- صلي الله عليه وسلم- طعاماً قط ، فهو يريد أن يقول لها أنت لم تطهي جيدًا ، لكن بأسلوب رفيق ، أي أنه لو عاب لعبت أنا لكنه كان متبعاً ، فما كان يتكلف مفقوداً ولا يرد موجوداً.بل أنه- صلي الله عليه وسلم- كان إذا دخل البيت فسأل عن الطعام لم يجده فينوي الصيام ، لأجل هذا كان مريحاً ، فيه بعض الناس عندهم بسبب هذه المسألة يعملوا إزعاج لا آخر له ، طبق معين غير موجود ، وصنف معين غير موجود تكون مشكلة ، إنسان غير مريح ، تكون المرأة تدور حول نفسها ماذا أفعل له ؟ يكون متعب لا ، النبي- عليه الصلاة والسلام - كان مربحاً جداً، وما صاحبه أحد قط فأخذ عليه مثقال ذرة من المؤاخذة . أنظر هل هناك أكثر من أن أنس- رضي الله عنه- يخدمه تسع سنين ، يقول أنس: ما قال لي قط لشيء فعلته لما فعلته ؟ ولا لشيء تركته لما تركته ؟ تسع سنين واحد يخدم واحد ، وفي كتاب أخلاق النبي لأبي الشيخ يقول أنس كلاماً معناه ، ولم أكن علي مستوي الخدمة ، أي لم أكن أفعل مثل ما يريد بالضبط ، ومع ذلك ما عاب قط ، هذا الصبر ما له آخر أنه لا يعاتب قط أحدًا ، لماذا ؟ لأن العتاب كثيرًا ما يفسد الود ، عندما تقول لماذا لم تفعل ؟ ، لماذا أتيت ؟ ، لماذا ذهبت ؟ ، لماذا جلست ؟ ، لماذا قمت ؟ ، الإنسان يتضجر من كثرة العتاب وأفضل الناس من ترك المعاتبة إلا ما كان في أمر الشرع ، إنما إذا كان في أمر الدنيا وكان الأمر محتملاً فأنه يترك المعاتبة ، فالرسول- صلى الله عليه وسلم- كان يأكل ما وجد ، فإن وجد اللحم أكله (وكان يَأكُلُ لَحمَ الدَّجاج )كما في حديث أبي موسي الأشعري في الصحيحين ( وأحبُ الأشيَاءَ إِلَيهِ الحَلوَى والعَسَل ).وهذا كما في حديث عائشة رضي الله عنها (وما نُقِلَ عَنه أنَّه امتَنَعَ مِن مُبَاحٍ ).وهذا الكلام أريد أن أعقب عليه حتى لا يتعقب بعض الناس بن الجوزي فيه ، الحديث الذي ذكرته " أنه كان إذا اشتهته نفسه أكله وإلا تركه " ، فهذا يدل على أنه ترك مباحًا ، أليس ذلك مثل الضب ، كان الصحابة يأكلون الضب والنبي- صلى الله عليه وسلم- لا يأكله ، فقيل له في ذلك قال:" ليس بأرض قومي " أي لما شبَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يكن الضب يؤكل في مكة ولم يتعود عليه ، والذي يعرف الضب ممكن يبغضه .أنا لما ذهبت إلى السعودية ذات مرة وبعض الناس اصطاد ضباً من الجبل ووضعه في الإناء وأوقد عليه النار والماء يغلي ، وظل الضب يتحرك في الإناء حتى أخر لحظة ، وممكن يظل ثلاث ساعات في الإناء والماء يغلي وهو يتحرك فأنت إذا لم تكن متعود على الضب فلا من الممكن أن تقترب منه ، وممكن نفسك تتركه تماماً ، وهم ما شاء الله يأكلونه جيدًا وليس عنده مشكلة في ذلك ، لماذا ؟ لأنه طلع فوجده في الجبل ويجري خلفه ويصطاده .الرسول عليه- صلى الله عليه وسلم- ما كان يأكل الضب وكان أصحابه يأكلونه ، فهو مباح .لكن بن الجوزي يريد أن يقول في كلمة:(وما امتَنَعَ مِن مُبَاحٍ ) ، يرد على أهل التصوف الذين جعلوا الجوع رياضة وجعلوه مذهباً ، بحيث لو رأى واحد أخر يأكل يقول له استمر في الأكل لن تنفع ولن ترد ، هو يرد على هؤلاء ، ولم يقصد بن الجوزي ظاهر الكلام أنه ما امتَنَعَ مِن مُبَاحٍ ، لا ، امتنع من بعض المباحات التي عافتها نفسه - صلى الله عليه وسلم- . قال: ( وجِيء علي- رضي الله عنه- بِفَالُوذَج .)الفالوذج: شيء مثل العصيدة وكانت طبعًا محببة وكانت هذه أكل الملوك يوضع على موائد الملوك ، مثل الملوخية ، هي كان اسمها ملوكية وليس ملوخية ، لماذا ؟ لأنها لم يكن يأكلها إلا الملوك .قال: (وجِيء علي- رضي الله عنه- بِفَالُوذَج فَأكَلَ منه وقال: ما هذا ؟ قالوا: يوم النَورُوز ) والنوروز: هذا أحد أعياد الكفار . قال: ( فقال: نَورُوزُنا كل يوم ). هكذا نقل بن الجوزي- رحمه الله-وَلَمَّا فَتَّشْتِ عَنْ هَذَا الْأَثَرِ ، الْحَقِيقَةِ وُجِدِتْ بْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ الْلَّهُ- أَخْطَأَ فِيْ نَقْلِ هَذَا الْأَثَرُ هُنَا .أولاً: الذي روى هذا الأثر البيهقي في سننه الكبير ووضعه تحت عنوان باب كراهية مشاركة اليهود والنصارى في أعيادهم ومهرجاناتهم ، تقريباً هذا هو التبويب ، وأورد فيه أثرًا لعبد الله بن عمر بن العاص ينهى فيه المسلمين أن يشاركوا غيرهم في أعيادهم ، وقال: من بني داراً في بلاد الكفر أو شاركهم في أعيادهم حشر يوم القيامة معهم ، ونقل أيضاً عن عمر بن الخطاب ولا أظنه يصح من جهة الإسناد عن عمر بن الخطاب أنه نهى أيضاً عن مشاركة الكافرين في أعيادهم .وهذا الأثر الذي أورده البيهقي تحت
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 09-30-2010, 04:18 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

ما الدليل ؟ ومن أتيت بها ؟ ، لكن تموت لا تحتاج إلى دليل ، فلو مت على هذا كيف تقول ، ماذا أنت قائل لربك ؟ ,لذلك سفيان بن عيينة ، رحمة الله على أبي محمد الهلالي يقول:( من كانت معصيته من الشهوة فارجو له ، وإن كانت معصيته من الكبر فلا خير فيه ، إن آدم عصى ربه شهوةً ، شهوة أن يكون من الخالدين ، ماذا أكل من الشجرة ؟ ليكون من الخالدين ، اشتهى ذلك ، فتاب الله عليه لما استغفر ربه ، أما إبليس فما منعه من السجود إلا الكبر فطرد ,لذلك يقول المتكبر ليس له كبير ، هو يعتقد أن دمه ليس من دم الناس ولا طينته من طينة الخلق ، هو كبير نفسه ، لذلك يعاقب يوم القيامة بنقيض ما كان يفعل في الدنيا ، كما في حديث عبد الله بن عمر بن العاص الذي رواه الترمذي وحسنه وأحمد وغيرهما ، قال- صلي الله عليه وسلم-:" يُحشر المتكبرون يوم القيامة كأمثال الذر في صور الناس " الذر: هو الهباءة ، أنت لما تنظر في شعاع الشمس تجد الذر يطير هكذا ، هذا هو المتكبر الذي لم نكن نستطيع أن نكلمه ويطأ الجميع بقدمه ، ثاني عطفه ينظر إلى عضلاته يمين وشمال وهو يمشي ولم نكن نستطيع أن نكلمه في الدنيا يحشر يوم القيامة كمثل الذر بنقيض ما كان يفعل ، " كأمثال الذر في صور الناس ، يدخلون سجنًا في جهنم يقال له بولس تعلوهم نار الأنيار " نار الأنيار أصعب نار في جهنم نار الأنيار ، أكلهم من عصارة أهل النار يسقون من طينة الخبال .
الْإِنْسَانُ إِذَا وَجَدَ طَرِيْقا يُؤَدِّيَ بِهِ إِلَىَ الْكِبْرِ يَنْبَغِيْ بِمُنْتَهَىَ الْحَزْمِ أَنْ يُغْلِقَهُ : أنا رئيس مؤسسة وعندي عمال ، أول ما السيارة تقف يجري الرجل ويفتح الباب وينحني ويجري أمامه ، وإذا لم يعمل ذلك يقيله ، ويعتبر أنه قليل الأدب ولا يراعي البروتوكول وغير ذلك ، إذا كان هذا الداء موجود عندك تخلص منه ، وهذه نصيحة ، احمل حقيبتك بنفسك لست مقطوع اليد فاحملها ، كم من أناس كانوا في السماء نزلوا في الأرض ، كان الواحد منهم عندما يعطى البقشيش يعطي بالألف جنيه أيام ,فأنت لا تؤمن أنك كنت فوق تنزل تحت ، وتكون نجاتك يوماً من الأيام على يد هذا الرجل المسكين ، كما يقولون في أخبار الحيوانات وهذا الكلام والقصص والحكايات التي تروى على لسان الحيوانات ، وكان سفيان الثوري يتجوز فيها وأيوب السختياني أيضًا كان يتجوز غي هذه الحكايات وأنا من هذا الباب أتجوز أيضًا ,لما يقول أن الأسد كان في يوم من الأيام نائم والفأر يمر فوجد كومة من القش وهو لا يعرف ماذا يكون هذا فأخذ ينط عليه ، فلسوء حظه نط على أنف الأسد فأيقظه من نومه ، أول ما مسكه ، يا مولاي وأخر مرة وهذا الجميل سأرده لك ، فقهقه الأسد وقال: أي جميل وأنت لا تساوي شيئًا وأنت ملك الغابة فما الجميل الذي سترجعه إلىَّ في يوم من الأيام ، قال له معذرة أنا سأرد لك الجميل ، المهم تأفف منه وتركه ، وفي يوم من الأيام هذا الأسد اصطاده الصيادون ودخل الشبكة ، ولم يستطيع الخروج ، والفأر يمر ، فحرك ذيله وبصبص ولا تقال إلا للحيوانات ,مثلاً الكلب لما يهز ذيله أو القط لما يهز ذيله يقال بصبص أي حرك ذيله لذلك يقال للرجل الذي يلعب بذيله وهذه مأخوذة من الحيوان قال له: الآن أرد لك الجميل ، وغير ذلك .
فَلَا تُحْتَقَرُ أَحَدٍ حَتَّىَ وَإِنْ كُنْتَ تُحْسِنُ إِلَيْهِ فِيْ الْدُّنْيَا: ويأتي إليك ليأخذ الصدقة أو الزكاة أو غير ذلك ، قد تكون نجاتك علي يديه يوماً ما يحصل حادثة أو يحصل غير ذلك فيكون موجود وينقذك ، وربنا يجعله سبب في أن ينقذك ,أريد أن أقول أي شيء يكون طريقًا إلى الكبر لابد أن تغلقه ، من الأشياء التي تجعل المرء يتكبر الثياب ، لذلك الرسول- عليه الصلاة والسلام- قال: " من جر إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه " من الخيلاء أي _الكبر_ ، لم ينظر الله إليه بخلاف الذي يجر ثوبه بغير خيلاء هذا سيدخل النار فقط ، لأنه ممكن يدخل النار ويخرج ، إنما الذي يجر إزاره من الخيلاء فعل جريمتين:-الجريمة الأولي: أنه أسبل إزاره .الجريمة الثانية: الخيلاء .
مَا الْدَّلِيلُ عَلَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟ حديث النبي- صلي الله عليه وسلم- الذي رواه جمهرة من الصحابة: " أسفل الكعبين من الإزار ففي النار ، ومن جرَّ إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه أي واحد يلبس قميصًا التي اصطلحنا عليها الجلباب وطبعًا هذه الجلباب للنساء إنما هو اسمه القميص في حق الرجال اسمه القميص ، ليس القميص الذي يلبس فوق البنطلون ، والمرأة ثيابها اسمه الجلباب . الكعب: هو العظم الناتئ أعلي القدم ، ممنوع منعًا باتًا ملابسك كلها سواء بنطلون ، أو سروال ، أو جلباب أي_ قميص _، كل هذا ممنوع أن ينزل تحت الكعبين ، ينزل تحت الكعبين ففي النار ، فإن أضيف إلي ذلك شيء لا ينظر الله إليه وهذه طبعًا عقوبة أطم ، بعض الناس يقولون: أن أبو بكر الصديق وهذه حجة كل من يجيز أن يطيل المرء إزاره ، يقول: أبو بكر الصديق كانت ملابسة طويلة والنبي- صلي الله عليه وسلم- قال له: " إنك لست من من يفعل ذلك خيلاء " ، فإذا جرَّ المرء ثوبه بغير خيلاء جاز له ذلك هم يقولون هذا الكلام ، وقال هذا الكلام بعض العلماء الكبار .
مِنْ أَيْنَ أَتَىَ الْعُلَمَاءُ بِهَذَا الْكَلَامِ ؟ قالوا أتينا به بدلالة المفهوم بدليل الخطاب ، لأن المفروض المخالفة ، والحديث يقول:" من جر إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه " ، فيكون مفهوم الكلام ، ومن جرَّ إزاره بغير خيلاء نظر الله إليه ، أليس هذا مفهوم الكلام ؟ نريد أن نتكلم في هذه المسألة ونبين خطأ هذا الفهم ، نحن لدينا أحاديث كثيرة عن جمهرة من الصحابة فيها " أسفل الكعبين من الإزار ففي النار " بمفردها . " ومن جر إزاره من الخيلاء " بمفردها ، فقالوا: نحمل المطلق علي المقيد ، إذا كانت هذه جاءت مطلقة وقيدت في حديث آخر ، فنحمل المطلق علي المقيد كقول أهل العلم فأنا قبل أن أجاوب علي هذه الشبهة نأتي بالحديث الذي يحتجون به ويعتبروه من أقوي أدلة الباب وهو حديث صحيح علي شرط الشيخين ، رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن بن عمر ، هذا حفظي لهذا السند من قديم وأرجوا ألا أكون واهمًا فيه ، ولو فيه وهم أضربوا عليه ، واحد يراجع في مسند أحمد ويضرب عن هذا لو كنت مخطئًا .قال بن عمر:" كان علي ثوب جديد يتقعقع" _ أي جديد يعمل صوت_ "فلما رآني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: من ؟ قلت: أنا عبد الله قال: إن كنت عبد الله فارفع إزارك " قبل هذه القصة قال بن عمر: قال رسول الله- صلي الله عليه وسلم- " من جرَّ إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه ثم حكي هذه الحكاية ، أنه لبس ثوبً جديدً ثم جاء النبي - صلي الله عليه وسلم- قال: من ؟ قلت: أنا عبد الله ، قال: إن كنت عبد الله فارفع إزارك ، قال:" فرفعت إزاري ، قال: زد "_أي ارفع أكثر_ ، وبن عمر يجلس مع النبي - صلي الله عليه وسلم- جاء أبو بكر ، فقال النبي- صلي الله عليه وسلم-:" من جرَّ إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه " .فقال أبو بكر:" يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي وأنا أتعهده ، قال له: إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء "
تَعْقِيْبْ الْشَّيْخِ حَفِظَهُ الْلَّهُ عَلَيَّ هَذَا الْحَدِيْثِ: أولا:قالوا طالما أنه لم يفعل ذلك خيلاء جاز ، لنا أكثر من ملحوظة ,هذا معناه اتهام بن عمر بالخيلاء ، لماذا قال له: ارفع إزارك ؟ وكان بداية الكلام " من جر إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه " ، وقال له: إن كنت عبد الله فارفع لإزارك ثم قال له: زد ، أليس هذا اتهام لابن عمر ؟. ثانياً:أبو بكرٍ- رضي الله عنه- لم يكن يطيل إزاره أصلاً ن أنما كان إزاره مشدودًا فوق الكعبين لكنه كما وصفته عائشة كان نحيفًا ، أجنأ يسترخي إزاره من على حقوه ، كلما ينزل يشده لأعلى ، وليس أنه أطال إزاره فلما قال النبي- صلي الله عليه وسلم- ذلك اعتذر عن تطويل الإزار بأن أنا أرفعه لأعلى ، لكن كما جزم الذهبي- رحمة الله – في ترجمة بن عمر من السير قال كان أبي بكر ، وهذا كان المتصور في أبو بكر يستحيل يخلف ، يؤمر بأي أمر يستحيل يخالف .فيكون إزاره فوق الكعبين كان مشدودًا ، لكنه لكونه نحيفًا كان ينزل منه فيشده لأعلى ، فلا حجة لهم أن أبا بكر كان يطيل إزاره ، وقال له النبي- صلي الله عليه وسلم-:" إنك لست ممن يفعل ذلك خُيلاء " ، فهذا الكلام فيه معنى الخصوصية ، لأنه لو كان عامًا لسوى بين أبي بكر وبن عمر في أصل المسألة لأن الأحكام الشرعية تعم ، لا يخصص واحد عن الآخر ، فلو كانت المسألة تعم لكان الحكم عند أبي بكر كالحكم عند بن عمر سواء بسواء ، ألا وقد فرق بين بن عمر وبين أبي بكر في أصل المسألة دل ذلك على الخصوصية لأبي بكر الصديق ، أن هذا من العذر لأبي بكر الصديق .ثالثاً:أن الأحاديث التي نهت عن إسبال الإزار أحاديث نصية سيقت أصلاً لهذه المسألة ، و الذين احتجوا بحديث أبي بكر- رضي الله عنه- أخذوه بدليل المفهوم ، فلو حدث تعارض بين المنطوق والمفهوم ، أهل العلم يقدمون المنطوق لصراحته ولأنه سيق لأجل المسألة ، ودليل الخطاب عليه اعتراضات عند علما الأصول نعود لحمل المطلق على المقيد ، وقال لماذا لا نحمل المطلق على المقيد ، أي إذا ورد حديثٌ أو ورد نص مطلق ، وورد نص آخر مقيد لهذا الإطلاق ، قال يحمل المطلق على المقيد حتى لا نهمل العمل بالمقيد .
مِثَالُ يُوَضِّحُ مَعْنَىً حُمِلْ الْمُطْلَقِ عَلَىَ الْمُقَيَّدِ: لو أنك قلت لي أنا عملت الذنب كذا فقلت لك أعتق رقبة رقبة: هذا لفظ مطلق يشمل أي رقبة ، رجل ، امرأة ، صغير ، كبير ، كافر مسلم , فلو قلت لك أعتق رقبة مؤمنة ، فأكون قيدت الرقبة بالإيمان أم لا ؟ .فلو كان الحكم واحدًا نحمل المطلق على المقيد ، فلا تأتي وتقول لي أعتق رقبة أعتق رقبة كافر ، أقول لك لا ، لأنه ورد في نص آخر وصف الإيمان للرقبة الرقبة المطلقة في النص الأول مقيدة بوصف الإيمان بدلالة النص الثاني ، وهذا معنى حمل المطلق على المقيد ,ورد في سنن أبي داود من حديث بن عمر أن النبي- صلي الله عليه وسلم-: قال: " من جرَّ إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه ، وأسفل الكعبين من الإزار ففي النار " ، هذين الاثنين وردا في سياق واحد ، ليس حديث وحديث ، لا حديث واحد ، فيه هذان القسمان " من جر إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه وأسفل الكعبين من الإزار ففي النار " ، السبب واحد أم مختلف ، السبب في العقوبة سواء لا ينظر الله إليه أو أن أسفل الكعبين من الإزار ففي النار السبب واحد أم مختلف ؟ ، السبب واحد وهو إسبال الإزار ، الحكم مختلف أم متفق ؟ مختلف .
قَاعِدَةِ فِيْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ:قال العلماء: إذا اتحد السبب واختلف الحكم لا يحمل المطلق على المقيد , إذا اتحد السبب ، وهو متحد أم لا ؟ واختلف الحكم ، مختلف أم لا ؟ ، قال: لا يحمل المطلق على المقيد ، فلا يصح أن نقول نحمل هذا على هذا ، لهذا الكلام الذي ذكرناه ، فيكون هذا لأنه أحد الأسباب التي تفضي بالمرء إلى الكبر فالرسول- صلي الله عليه وسلم- منع هذه المسألة ,وفي حديث عبد الله بن عمر بن العاص الذي هو في مسند الإمام أحمد ، وعند البخاري في الأدب المفرد ورواه البزار من حديث عطاء بن يسار من حديث عبد الله بن عمر بن العاص ، قال: " بينما نحن جلوس عند النبي - صلي الله عليه وسلم- إذ أتى رجلٌ يلبس جبة أو يلبس طيلسان من حرير " فلما رآه الرسول - صلي الله عليه وسلم- قام فأخذ به وجذبه جذبة شديدة وقال: ألا أرى عليك ثياب من لا يعقل ",قبل ما يعمل معه هذا العمل قال:" إن هذا يريد أن يرفع كل راع بن راعي ويضع كل فارس بن فارس " يرفع الراعي بن الراعي ، وأنت تعرف الراعي يكون مسكين ، يشير إلى قلة النسب ، أو عدم نجابة النسب ، والفارس الذي هو أصحاب الأنساب ، فقال: هذا الرجل أتى ليقلب كل الموازين ، كل واحد محترم يريد أن يضعه في الأرض وكل واحد غير محترم يريد أن يرفعه لأعلى ، وهذا معني :" يريد أن يرفع كل راعٍ بن راع ويضع كل فارس بن فارس " ثم قام النبي- صلي الله عليه وسلم- فأخذ به وجذبه جبذة شديدة ، وقال:" ألا أرى عليك ثياب من لا يعقل ".ثم جلس النبي- صلي الله عليه وسلم- وحكي وصية نوح التي ذكرنا طرفًا منها لما قال نوح لولده عندما أدركته الوفاة ،"قال آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين ، أنهاك عن اثنتين قال: أنهاك عن الشرك وعن الكبر ، فقال رجل: يا رسول الله أمن الكبر أن يكون للرجل نعلاً حسنًا ؟ قال: لا ، أن يكون له ثوبًا حسنًا ؟ قال: لا ، قال: أن يكون له: أصحاب ؟ قال: لا ، قال: أن يكون له دابة حسنة فارهة ؟ قال: لا ، قال: فما هو الكبر ؟ قال: الكبر: بطر الحق وغمط الناس "ولأن اللبس هو الظاهر ، لذلك علقنا عليه ، لأن الكبر ممكن يكون كامن في النفس ولا أحد يعرف إن كان هذا متكبر أم لا ، إنما تظهر أمارات الكبر الولد الذي يقول مثلاً أنا لا ألبس النعل إلا بألف جنيه فأنت تلبس هذا النعل الذي ثمنه ألف جنيه وتمشي بين أناس حفاة ، لن يعرف أحد قيمة الحذاء الذي تلبسه
أي أن كثير جدًا يلبس الحذاء الذي هو بثلاثمائة ، وأربعمائة وخمسمائة ، وألف ، وزيادة عن ألف ، ويمشي معك وأنت لا تعرف ، لمن هو يلبسه ؟ لماذا بذل هذا المبلغ كله في هذا الحذاء ؟ لمن ؟هذا نوع من الكبر ، يقول: لا ألبس الحذاء إلا بألف جنية ، لماذا تلبس حذاء بألف جنية ؟ أو أن هذه البدلة لابد أن تفصل في باريس ، وأن تجلس وسط الناس يعرفون أن هذه البدلة كم ثمنها ، ويمشي متصور أن الناس تعرف أن هذه البدلة بعشر آلاف هذا نوع من الكبر ،العبد العاقل هو الذي يغلق علي نفسه باب الكبر, لذلك يقول بن الجوزي: (وإنما يُكرَه الأكلُ فوق الشِّبع ، واللبسُ على وجهِ الاختِيَالِ والبَطَر )قال: (وقد اقتَنعَ أقوامٌ بالدونِ من ذَلك لأنَّ الحَلالَ الصَّافي لا يكادُ يُمكِنُ فيه تحصيلُ المُراد وإلا فقد لبسَ النبي- صلى الله عليه وسلم- حُلةً اشتريت له بسبعة وعشرين بعيرًا ، وكان لتميم الداري حلةً اشتريت بألف درهم يُصَلي فيها بالليل ، فجاء أقوام فأظهروا التِّزَهُدَ وابتَكَرُوا طريقةً زيَنهَا لهم الهوى ، ثم تَطَلَبُوا لها الدليل ، وإنما ينبَغِي للإنسان أن يتبعَ الدَّليلَ لا أن يَتبِع طَريقاً ويَتَطَلبُ لها دَلِيلَاً ثم انقسموا ). و هذا الكلام سنرجع إليه إن شاء الله عز وجل في الخبر الذي ذكره بن الجوزي في الحلة التي اشتريت للنبي -صلي الله عليه وسلم - وكذلك حلة تميم الداري .
انتهي الدرس الثامن عشر
المحاضرة التاسعة عشر
فلازال حديثنا موصولًا مع بن الجوزي- رحمه الله تعالي- وهو يرد علي الذين ذموا الدنيا بإطلاق فبين أنها ليست كذلك ، بل المذموم فيها هو أعمال العاصي والجاهل ، أما إذا استخدم المرء ما خلقه الله- عز وجل- علي الوجه المشروع فإن هذا يُمدح ولا يُذم ، وتكلم في ثلاث محاور ، تكلم عن المال وتكلم عن النكاح ، وتكلم عن المطعم ، وتكلم عن الملبس ، وكنا وقفنا في آخر المرة الماضية عند كلام بن الجوزي رحمه الله تعالي عن الملبس .فقال: ( وقد اقتَنعَ أقوامٌ بالدونِ من ذَلك لأنَّ الحَلالَ الصَّافي لا يكادُ يُمكِنُ فيه تَحصِيلُ المُراد وإلا فَقد لَبِسَ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- حُلةً اشتُريَت لَه بِسَبعةً وعشرين بَعيرًا ،وكان لتميم الداري حلةً اشتُريَت بِألفِ دِرهَم يُصَلي فيها باللَّيل )خَبَرِ الحِلّةُ الَّتِيْ اشْتُرِيَتْ لِلْنَّبِيِّ- صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد روي هذا الخبر أبو داوود في سننه من طريق عُمارة بن زازان عن ثابت بن أسلم البناني عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن " ملك ذي يزن وهو من اليمن اشتري للنبي- صلي الله عليه وسلم- حلة بثلاث وثلاثين بعيرًا ، ثم أرسلها إلي النبي- صلي الله عليه وسلم- فقبلها رسول الله- صلي الله عليه وآله وسلم-".ولكن هذا الخبر لا يصح من جهة إسناده ، لأن عمارة بن زازان كثير الخطأ وقد تفرد بهذا الحديث عن ثابت بن أسلم البُناني .
مِنْ عَلَامَاتِ الْحَدِيْثِ الْمُنْكَرِ:والعلماء يحدون الحديث المنكر أي من علامات الحديث المنكر ، أن يتفرد راوي سيء الحفظ عن شيخ مشهور له أصحاب متوافرون بخبر من الأخبار فيقولون أين بقية أصحابة الثقات ؟ لو كان هذا الخبر موجودًا عند هذا الشيخ المشهور لكان موجودًا عند أصحابة الذين يلازمونه عادة .وثابت بن أسلم البُناني طبعًا في الشهرة كالشمس ، ولازمَ أنس بن مالك أربعين سنة ، وله أصحاب متوافرون من أصحابه حماد بن سلمه ، وحماد بن زيد ، وسليمان بن المغيرة ، وكثير من أصحاب ثابت له أصحاب كثيرون فيأتون علي هذا الشيخ وهو عمارة بن زازان وفي حفظه سوء ، ، فيقولون: كيف انفرد عن ثابت في شهرته وكثرة أصحابة بهذا الخبر ، هذا مما يدل علي أنه لم يثبت ، إذ لو كان ثابتًا لرواه غيره معه ، أو علي الأقل يكون ثبتاً في ثابت ، يكون رجل ثقة مثل حماد بن زيد ، وحماد بن سلمه لو أنفرد واحد من هذين ، أو واحد من الثقات عن ثابت بخبر ممكن يقبل ، إذًا هذا الخبر لا يصح من جهة إسناده فنحن نحكم عليه بالضعف . (وكان لتميم الداري حُلةً اشتُريَت بِألفِ دِرهَم يُصَلي فيها باللَّيل ).وهذا الخبر أيضًا لا يصح ، رواه الإمام الطبراني في المعجم الكبير في ترجمة تميم الداري ، ومعجم الطبراني الكبير كمسند الإمام أحمد ، أي رتبه الطبراني على مسانيد الصحابة ، فيقول أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- ويسرد طرفًا من أخباره ، ثم يذكر شيئًا مما أسنده أبو بكر الصديق إلى رسول الله- صلي الله عليه وسلم- ، وهكذا كل صحابي له مسند ، جمع أحاديث الصحابي في مكان واحد ، لكن طبعًا الطبراني ميزته على مسند أحمد أنه رتب الترجمة على التابعين عن الصحابة ، بخلاف الإمام أحمد فإنه سرد أحاديث الصحابي سردًا بلا ترتيب ، إنما يسرد كيفما اتفق .
الإمام الطبراني: روى هذا الخبر من حديث محمد بن عبد الله الحضرمي الملقب بمطين ، ويرويه عن شيخه أبي كُريب محمد بن العلاء عن وكيع بن الجراح عن همام بن يحي عن قتادة عن محمد بن سيرين( أن تميم الداري اشترى حلة.....إلى أخر الخبر ) ، فأنا الآن لو قلت وروى الطبراني بإسناد صحيح أن تميماً الداري ، فالخبر به علة فوق محمد بن سيرين لأن الخبر لو كان صحيحًا لقلت وروى الطبراني بإسناد صحيح عن تميم الداري أنه قال كذا كذا أو اشترى كذا كذا ,طالما وصلت بالخبر إلى راو في الإسناد ، صححت الخبر إلى هذا الراوي في الإسناد ولم أصححه إلى آخر الإسناد ، فتكون هناك مشكلة فوق الراوي الذي وقفت عنده .ما العلة ؟ العلة: الانقطاع ، كيف عرفنا أن هذا الخبر منقطع ؟ نظرنا في وفاة تميم الداري وهل أدركه محمد بن سيرين أم لا ، تميم الداري توفي سنة أربعين كان في المدينة ثم تحول بعد مقتل عثمان- رضي الله عنه- إلى الشام ، وولِد محمد بن سيرين سنة ثلاث وثلاثين ، فلما مات تميم الداري كان بن سيرين عمره سبع سنوات ، بن سبع لا يضبط ، وقد يضبط , لكن الذي يمنع من تصحيحنا لهذا الخبر أن محمد بن سيرين بصري ، كان يسكن البصرة في العراق ، وتميم الداري كان في الشام ولم تجري العادة قديمًا أن يرحل لطلب العلم بن سبع سنوات ، لو أن تميم الداري سكن البصرة كان من الممكن أن نقول أن المسألة محتملة ، لأن العلماء يقولون أن الضبط يكون بمعرفة تمييز الراوي .
محمود بن الربيع: أحد صغار الصحابة ، قال: عقلت ، وهذا الخبر رواه البخاري في صحيحه في كتاب العلم وبوب عليه بقوله باب سماع الصغير أي متى يعتد بسماع الصغير ، يقول محمود بن الربيع: ( عقلت مَجةً مَجهَا رسول الله- صلي الله عليه وسلم- وأنا بن خمس )، قال العلماء أن ضابط المسألة التمييز ، ممكن يكون ولد عمره خمس سنوات ، ويضبط ما يسمع ، وآخر كبير عقله غير منضبط ، فالمسألة على حسب التمييز ,بن خمس قد يضبط ، بن سبع قد يضبط ، لكن لم تجري العادة أن يرحل بن سبع ما كانوا يسمحون للصغار في مثل هذه السن أن يرحلوا من بلادهم إلى البلاد الأخرى لطلب العلم ، كان يبلع خمسة عشر سنة على الأقل ، هذه عادتهم ، بعد خمسة عشر سنة يكون حفظ القرءان وأخذ العلم على شيوخ بلده ، وبعد أن ينتهي من العلم الذي عند شيوخ بلده يندبونه إلى الرحلة ، أن يفارق بلده ويذهب إلى البلدان الأخرى ، فلهذه العلة هناك انقطاع بين محمد بن سيرين وبين تميم الداري ، أدركه نعم لكن لم يسمع منه أدركه لأنهم كانوا يعيشون في عصر واحد سبع سنوات ، لكن لم يسمع منه للعلة التي ذكرتها , منقبة تميم بن أوس الداري: صحابي جليل له منقبة عظيمة جدًا ، وهي أنه الصحابي الوحيد في حدود ذاكرتي الآن الذي روى عنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، العادة أن يقول أن الصحابي روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، لكن تميم الداري روى عنه النبي- صلى الله عليه وسلم- ، والحديث خبره خبر الجسَّاسة الذي هو في صحيح مسلم ، وسميت الجسَّاسة: لأنها كانت تتجسس الأخبار وتلقيها إلى المسيح الدجال وخبر عجيب لما جاء تميم الداري من رحلة بحرية لقيَّ فيها الجسَّاسة ولقيَّ المسيخ الدجال موجود في كهف تحت الأرض وغير ذلك ، وقص على النبي- صلى الله عليه وسلم- فجمع الناس وقال إن تميماً الداري حدثني بمثل ما حدثتكم عن المسيخ الدجال ، وساق الحديث بطوله وهو في صحيح مسلم في كتاب الفتن ,هذه منقبة أن النبي- صلى الله عليه وسلم- روى عنه وكان تميم أحد العباد الكبار ، وقد صح عنه انه كان يختم القرءان كل سبع ، وقام ليلة كاملة بآية واحدة يرددها ويبكي ، ويقوم ويأتي بالركعة التي تليها لا يجاوز هذه الآية﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ(الجاثية:21) ،لم يتجاوز هذه الآية كما أن النبي- صلي الله عليه وسلم- صلي ليلة كاملة لم يتجاوز قوله تعالي:﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾( المائدة:118) ، لكن برغم ضعف الأخبار الخاصة إلا أن الأدلة العامة تنصر هذا الفهم لكي يقول أحد: أنت ضعفت الدليل ، فيكون المعني ضاع ، أقول: لا ، ممكن الدليل الخاص في المسألة لا يثبت فنحتج حينئذٍ بعموميات الأدلة الصحيحة ، ونحتج له بالنص سواء كان قرآنًا أو سنة .مثل قوله- تبارك وتعالي- ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا(الأعراف:32) أي هم أولي الناس أن يتمتعوا بالطيبات ، وقول النبي- صلي الله عليه وآله وسلم- عندما رأي رجل بذيء الهيئة ، ملابسة ليست نظيفة حتى أنه لم يرجل شعره ومثل ذلك ، ويظهر عليه علامات الفقر ، فقال:" أرب مال أنت ؟ قال: نعم يا رسول الله ، قال: من أي المال ؟ ، قال:كل المال ، فقال: إن الله عز وجل إذا أنعم علي عبد نعمة أحب أن يري أثرها عليه " .لأن الملابس الممزقة مع قدرتك علي أن تلبس الجيد كأنه فيه نوع شكوى ، أنما يلبس المرء هذه الثياب الخشنة إذا لم يجد ، إنما يجد ثم يحيد لا ، لأجل هذا كان الإمام مالك يلبس أجود الثياب ، والإمام الشافعي كان أحيانًا ، الإمام أحمد كان له بذاذة ، لماذا ؟ لأن الإمام أحمد لم يكن له تجارة ، ولم يكن له راتب مالي فاقتصر علي ما يجد ، فإن العبد إذا أنعم الله- عز وجل- عليه أحب أن يري أثر نعمته علي عبده ، وقد تكلمنا في هذا المعني قبل ذلك .إذًا ضعف الدليل الخاص لا يعني ضعف المسألة ، ضعف الحكم لماذا ؟ ممكن أن نحتج الحكم في العمل . قال: (فجاء أقوام فأظهروا التِّزَهُدَ وابتَكَرُوا طريقةً زيَنهَا لهم الهوى، ثم تَطَلَبُوا لها الدليل ،وإنما ينبَغِي للإنسان أن يتبعَ الدَّليلَ لا أن يَتبِع طَريقًا ويَتَطَلبُ دَلِيلَهَا )ما أحسن هذا الكلام ، وبسبب انقلاب هذه الصورة وقعنا في رفقة التقليد حتى فيما لا يجوز ، لأجل هذا أقول: إن من درس الفقه مثلًا من الأدلة مباشرة كان أعلي مرتبة ممن قلد الإمام وبحث لأقواله عن دليل ، وهذه الحقيقة أرجو ألا يفهم من قولي أنني أُخذِلَ علي الأئمة الكبار ، لا ، بل الذي أراه أن الطالب في بداية تفقهه لابد أن يلزم كتابًا من أي مذهب كان حتى ينهي الفقه بشرط أن يضع نُصب عينيه أنه إذا ثبت عن رسول الله- صلي الله عليه وسلم- خلاف قول الإمام لا يجوز له أن يبقي مع قول الإمام , إذا دخل بهذا المعني وهذا الفهم يدخل علي أي كتاب من كتب المذاهب فيدرس الفقه وبعد ذلك مع الأيام تستوي ملكته يدرس علم الأصول ويبدأ في فهم هذا الإمام أخذ هذا الحكم من الدليل الفلاني ، قد الدليل لا يثبت والإمام يؤسس عليه حكماً ، أنا إذا درست ووصلت إلى أهلية ما لا يلزمني أن أقلد أحدًا .وفي زماننا وأنا في بداية عهدي الطلب كان مشهورًا عن شيخنا الألباني- رحمة الله عليه- أنه لا يري التمذهب ، ومن كثرة كلامه عن نبذ التقليد ، وإعمال النظر وإتباع السنة وهذا الكلام ، انتشر عنه أنه كان يخذِّل عن المذاهب الفقهية ، فلما لقيته- رحمه الله- وسألته سؤالاً مباشرًا في هذا ، لأن كان المخالفين يحطون عليه ويلمزونه بسبب هذا ، ويقولون أنه نفض الأئمة الأربعة والمذاهب الفقهية وهذا لا يجوز لأنها موروثات الأمة كلها ، وحرض الجهلاء على النظر في الأدلة ، فأحدثوا عبثًا في الأحكام الفقهية لا يعلم مداها إلا الله وهذا كان كلام الخصوم آنذاك,فلما سألته: هل يجوز للطالب أن يدرس الفقه على أي من المذاهب في بداية الدراسة ، بشرط أن يضع نصب عينيه أن كلام النبي- صلى الله عليه وسلم- هو المقدم ؟ قال: نعم ، قلت فأي المذاهب تنصح ، ما أفضلها ؟ ما أفضل المذاهب الفقهية ؟ قال الشافعي ، ثم الحنبلي ، ثم المالكي ثم الحنفي ، مع أن الشيخ بدأ حنفيًا ، حياته في الفقه بدأ حنفيًا لأن والده كان حنفيًا وكان يدرس المذهب الحنفي ، وكان مفتي الحنفية آنذاك ,لما الطالب تستوي ملكته ويتعامل مع الأدلة يرى سهولةً ونورًا ويسرًا في حياته لو تعامل مع الأدلة مباشرةً ، ويستطيع أن يستخرج من الدليل الواحد عشرات الأحكام الفقهية التي قد يند هذا الدليل عن ذهن القارئ .مثلاً: أحد العلماء سئل ، هل تجد في كتاب الله- عز وجل – أن الحرام يأتيك جزفًا جزفًا الحلال لا يأتيك إلا قوتًا ؟ ، أي أن الحرام كثير جدًا ، إنما الحلال قليل جدًا ، هل تجد هذا في كتاب الله- عز وجل- ؟ قال: نعم ، وتلا قوله تعالي:﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ (الأعراف:163) ,شرعًا: أي أن الحوت يمشي في الماء يوم السبت يرفع رأسه ، يرفع رأسه في الهواء وظهره يظهر وسيد قشطه وسمك القرش وغير ذلك لأنه محرم عليهم يصطادوا يوم السبت ، وربنا عز وجل قال:﴿كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ(الأعراف:163) ، يختبرهم وقال لهم لا تصطادوا يوم السبت فاليوم الذي ممنوع أن يصطادوا فيه أنت لا تري الماء من كثرة السمك ، ويوم لا يسبتون يوم الأحد لا تأتيهم ولا سمكة واحدة يجدونها في الماء ، لا يجدون أي شيء في الماء ، ولأنهم قوم فاسقون قال نعمل حيلة ، وجاءوا على البحر وحفروا حفرة قناة وعملوا بئر كبيرة على جنب ، ويفتحوا الماسورة يوم السبت فيدخل السمك والحيتان على البئر الذي عملوه ، وقبل السمك ما يفكر في الرجوع يغلقون البئر ويصطادوا هذا الكلام يوم الأحد ، حيلة يقولون نحن لم نصطاد السبت ، لكنهم في الواقع اصطادوا السبت ,أنظر منزع العالم حاضر عنده بديهة ، عرف أن يتصرف مع الأدلة من دراسته لأصول الفقه وتعامله مع الأدلة عرف أن يتصرف ، لكن الذي يقف عند كلام العلماء في الكتب الفقهية قد تعرض له مسألة من مسائل من مسائل النوازل لا يستطيع أن يأتي لها بدليل لماذا ؟ لم يدرب هو حافظ هكذا ، إذا سألته سؤالاً مباشرًا موجود في كتب الفروع الفقهية يجيبك كما العلماء يقولون ، إنما لو جدت مسألة نازلة لا يستطيع أن يأتي بالحكم إلا رجل تعامل مع الأدلة ، قرءانًا وسنة ,الإشكال هنا أنه لم يتبع الدليل ، لا ، هو اخترع طريقة وأخذ يبحث عن دليل لهذه الطريقة ، قول العالم قد يكون خطأً ، والعلماء ليسوا معصومين مع فضلهم ، فقد يقول القول ويرجع عنه ، فالمقلد يأتي على قول العالم ويبحث له علي دليل ، فيتعب جدًا ، لأن العالم قد يكون أخذ هذا المنزع من عموم آية أو عموم حديث لا يخطر للمقلد على بال ، فيتعسف في طلب الدليل وقد لا يجد ، فلما تقول له: كيف وقفت ؟ يقول هو أنت أعلم منه ، هل أنت أعلم من فلان أو أعلم من فلان ؟ أو أعلم من فلان ؟ هو أعلم منك ، نعم صح ن هو أعلم مني ، لكن الجزئيات في العلم لا تتناهي .
الشافعي-رحمة الله عليه- يقول: ( ما منا من أحد إلا وتعزب عنه سنة لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- )، أي تغيب عنه سنة ، وهذا حدث لأفاضل الأمة ، حدث لأبي بكر الصديق ، حدث في ميراث الجدة حتى شهد المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة أن النبي- صلي الله عليه وسلم- أعطاها السدس ، لما جاءت تسأل ، قال لها: لم أجد لك في كتاب الله شيئًا ، ولا أجد لك في سنة رسول الله- صلي الله عليه وسلم- شيئًا ولكن أسأل الناس ، هذا أبو بكر الذي ما كان يفارق النبي- صلي الله عليه وسلم- إلا وهو داخل حجرة نومه وكان دائماً يقول- صلي الله عليه وسلم:" دخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر " عمر بن الخطاب: فاته أكثر مما فات أبا بكر الصديق ، وعثمان فاته أكثر مما فات عمر وعلي فاته أكثر مما فات عثمان ، وهذا أخباره كثيرة مشهورة فإذا كان فات الذين لازموا النبي- صلى الله عليه وسلم- مع حفظهم ومحبتهم للدين ، وأنت تعرف لو أحببت واحد تعرف سكناته وحركاته ، لو صح حبك ، كل حاجة تحفظها ، وتتعجب أنه يلتقط أشياء لا يمكن لأحد أن ينتبه إليها ، لماذا لأنه محب ، فعينه كالكاميرا المسجلة ، ومعروف حب الصحابة للنبي- صلى الله ليه وسلم- لاسيما أبو بكر وعمر على وجه الخصوص ، فهؤلاء لا يفوتهم شيء ، ومع ذلك فاتهم شيء ، فلأن يفوت الذين جاءوا من بعدهم أولى ، وأولى ، وأولى .
الْصَّحَابَةِ كَانُوْا لَا يَفْعَلُوْنَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَأْتَمِرُوا:سلوك الصحابة في هذه المسائل كان يختلف عن سلوك المتأخرين ، روى الإمام الترمذي وأحمد وصححه الحاكم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رجلاً مر بجبل على كهف أو مكان فيه ماء عذب فأعجبه ، فأراد أن يعتزل الناس ليسلم منهم ويسلموا من شره ، فقال: لا أفعل حتى أستأذن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في ذلك ، فجاء ووصف للنبي- صلى الله عليه وسلم- هذه المسألة ، فقال له:" لمقام الرجل في الصف خير من عبادة أحدكم ستين سنة " ، فقبل أن يتخذ هذا القرار قال: أسأل هذا مشروع لي أم لا ؟ وهذا عكس الذين جاءوا بعد ذلك ,خطر بباله أن يعتزل يأتي بأحاديث العزلة وآيات العزلة ويقعد ولا ينظر الصحابة لم يكونوا كذلك ، ونفس هذا المعني ورد في حديث أبو أُمامه الذي رواه الإمام أحمد والطبراني ولكن إسناده ضعيف جدًا ، فيه راوي اسمه علي بن يزيد الألهاني ، لكن هو نفس المعني .كذلك حديث بن عباس: الذي رواه البخاري في صحيحه وقد رواه الشيخان من حديث أبي سعيد ألخدري لما قال بن عباس أن الصحابة نزلوا ضيوفاً على حي من العرب ، استضافوهم فأبوا أن يضيفوهم ، فلدغ سيدهم ، أصابته حية ً لدغته ، فالتمسوا له كل طب فعجزوا ، فقالوا لبعضهم البعض أذهبوا لهذا الحي من العرب لعل فيهم راقيِ يرقيه ، فلما جاءوا قالوا إن سيدنا سليم سليم: أي لديغ ، وكانت العرب تقول عن اللديغ سليمًا تيمنًا أن يسلم كما كانوا يقولون: عن الصحراء مفازة ، رجاء أن يفوز المرء منها ، لأن المرء إذا تاه في الصحراء مات إذا لم يعرف طرقها ، فقالوا إن سيد الحي سليم ، فهل فيكم راقي ، قالوا: والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا ، فلا أقوم معكم حتى تجعلوا لنا جعلاً ، لأنهم لم يبذلوا القرى ، والقرى حق الضيف ,فبذلوا لهم ثلاثين شاة ، فذهب راق ، في حديث أبو سعيد ألخدري في سنن النسائي قال أبو سعيد فقلت أنا راقٍ ، فذهب وقرأ فاتحة الكتاب سبع مرات قال: فكأنما أنشط من عقال ، كان مقيدًا ثم انفك أول ما قرأ عليه الفاتحة سبع مرات ، وفي بعض الروايات في حديث أبي سعيد ، قال: فقام منا رجل لا نأبنه برقيا ، أي لم يرقي قبل ذلك ولا يعرف شيء في مسألة الرقى ولا هذا الكلام أول مرة يجرب ، لا نأذنه برقيا: أي لا نعرفه برقيا ، فلما انشط من عقال أعطوهم ثلاثين شاة أرادوا أن يقسموهم على بعض ، فقال لا والله لا نفعل حتى نأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فيأمرنا ننظر ماذا يقول أحلال لنا أننا أخذنا هذا الجعل أم هو حرام لا يجوز ؟ فلما رجعوا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:" وما يدريك أنها رقيا ؟ " ربنا عز وجل هداه أن يرقيه بفاتحة الكتاب قال:" وما يدريك أنها رقيا؟ ، اضربوا لي معكم بسهم " ، فيكون حلال أم لا ؟ حلال ، لأنه لو كان حرامًا لا يجوز ما كان يقول لهم اضربوا لي معكم بسهم ، فهذا أقوى من أن يكون حلال ، أو أقوى من أن يقول جائز إذ نسب ذلك لنفسه- صلى الله عليه وسلم- ، وهكذا الصحابة – رضي الله عنهم كانوا وقافين ، لا يفعل الفعل ثم يلتمس له ، لا ,فهؤلاء وقعوا في هذه المسألة بسب بعدهم وعدم التماسهم للأدلة ، وهذا الكلام هو الذي بن الجوزي ينعاه عليهم . يقول: ( وإنما ينبَغِي للإنسان أن يتبعَ الدَّليلَ لا أن يَتبِع طَريقًا ويَتَطَلبُ لها دَلِيلََا، ثم انقسموا: فمنهم مُتَصَنِعُ في الظاهر لَيثُ الشَّري في الباطن)الشَّري: هو المكان التي تؤي إليه الأسود(يتناول في خَلَوَاتِهِ الشَّهوات ويَنعَكِفُ على اللَّذَاتِ ويُرِي الناس بِزِيهِ أنَّه مُتَصوفٍ مُتَزَهِد ، وما تَزَهَدَ إلا القميص) .يرتدي ملابس ممزقة مع قدرته على ذلك ، وممكن يأخذ عصا معه أيضًا حتى تكون أدعى للخشوع ، كل ما ينحني وغير ذلك ويتخشع كلما يظهر عليه أثر التزهد . يقول:( وإذا نُظِر إلى أحواله فعنده كِبرُ فرعون) وهذا النوع من المتصوفين جمع بين الجهل والكبر ، لا أقول أنهم جميعًا كذلك ، ولكن بن الجوزي يقصد أناساً أو طائفة بأعينهم ، ما تزهد إلا القميص ولكن عنده كبر فرعون ، ويظهر هذا الكبر عندما يُعارض ،و العلم له سلطان أشد من سلطان الجاه ، لماذا ؟ لأن صاحب سلطان الجاه يخضع الجوارح ، أما العالم فيخضع القلب ، لذلك كان سلطان العالم على العوام أعظم من سلطان الحاكم على العوام ، الحاكم أن تخشى بطشه إذا كان ظلومًا غشومًا فجوارحك خاشعة ، وأنت تقف أمامك وتضع وجهك في الأرض ، اعمل كذا حاضر ، افعل كذا حاضر ، لا تفعل كذا حاضر ، وقلبك يلعنه وأنت آمن ، طالما القلب هو الذي يعمل أنت آمن ، لأن لا أحد مطلع على القلب فتكون الجوارح ساكنة .أما العالم يخضع القلب لأن سلطان الحجة أعظم من سلطان ذي السلطان فينقاد القلب لها ، وأنت تعرف أمثال هؤلاء لما تعارضه ، تنظر له فتجد انتفض ولا يقبل أن يعدل عليه أحد ، ونسأل الله أن يعافينا من الهوى والكبر ، ولما تراقب العلماء العاملين تجده لا يستنكف من مثل هذا ,في سنن البيهقي بسند صحيح إلى المستورد بن شداد- رضي الله عنه- قال:" كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يخلل بين البراجم " , والبراجم: هي الأصابع ، أصابع اليدين وأصابع الرجلين ، قال بن وهب فسمعت مالكاً سئل عن تخليل البراجم ، فقال: ليس ذلك على الناس ، فقلت له لما خف المجلس واختلى به ، كيف تفتي بهذا وفيه عندنا سنة ، قال: وما هي ؟ قال حدثني عمر بن الحارث وبن لهيعة وساق إسناده إلى المستورد بن شداد- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- خلل بين البراجم ، فقال مالك: هذا حديث حسن وما سمعت به إلا الساعة ، وهذا مالك وفاته مثل هذا ، وقد أفلح من انتهي إلى ما سمع ,لما واحد يسأله عن حكم البراجم تخلل أم لا ؟ وليس عنده خبر يقول: نعم يجوز ، كيف ذلك ؟ قد أفلح من انتهى إلى ما سمع ، وقول مالك: هذا حديث حسن لا يقصد به الحسن الاصطلاحي الذي هو في مقابل الصحيح ، لا ، حسن أي جميل وحكم جيد .قال بن وهب: (فسمعت مالكاً بعد ذلك إذا سئل عن تخليل البراجم يفتي به ولا يتكبر وكيف بن وهب تلميذه يقول مثل هذا الكلام ، لا ، لأنهم كانوا يتدينون بالعلو ولا يستطيلون به ولا غير ذلك .كذلك سئل مالك ست وثلاثون مسألة أجاب في ستة منها وقال في ثلاثين منها لا أدري ، فقال له رجل يا أبا عبد الله مثلك لا يدري ؟ قال: نعم وأبلغ من وراءك أنني لا أدري ، ما الذي يضره ؟قال بن عجلان: وهو من شيوخ مالك ( إذا ترك العالم لا أدري فقد أصيبت مقاتله ،) لأنه لا يوجد عالم في الدنيا يستطيع أن يجاوب على كل سؤال يأتي له فيه أسئلة تحتاج إلى مراجعة ، فيقول أنا لا أدري ، فيكون قد عمل الذي عليه ونصف العلم لا أدري ، لكن كلما جلس يتحزلق لابد أن يتكلم ,مثل بعض الناس المنتشرين في الفضائيات وغير ذلك ، والفضائيات لا ينفع فيها أن يقول رجل لا أدري ، عيب ، كيف يكون طالع للدنيا كلها ويقول لا أدري ، فنحن نؤسس هذا المذهب في الفضائيات أيضًا ، ولنا همة أن نؤسس هذا المذهب ، لا أدري ؟ نعم لا أدري ، ما الإشكال ، يقعد يلف ويدور ويعيد سؤال السائل ، يقول قد قلت في سؤالك أنك فعلت كذا وكذا ، وقد قال لك جارك كذا وكذا وقلت له كذا وكذا وأنتم تسمعون هذا الكلام ويظل يعيد السؤال ويبدأ يلف ويدور ، أي واحد عنده بصر يعرف أن هذا في هزل ، هذا ليس عنده علم ، هذا يلف ويدور ,لماذا يلف ويدور ؟ من كان أعظم وأعلم قال لا أدري ، فما الإشكال ، لكن أحيانًا الإنسان إذا أجاب في كل مسألة ممكن يتورط كما حكوا أن رجلاً والله أعلم بصحة الحكاية ، لكنها مذكورة في الكتب ، أن شابًا كان لا يُسئل سؤالاً إلا أجاب ، ولكن بعض الأسئلة كان لا يستطيع أن يحدد فيه جواب فكان يقول: للشافعي فيها قولان ، قول بالجواز وقول بعدم الجواز ، كلما تأتي له مسألة لا يستطيع أن يحرر البحث فيها يقول: للشافعي فيها قولان فقام واحد كان يحضر له فقال له أفي الله شك ؟ قال: للشافعي فيها قولان ، فانكشف وانفضح ، وهكذا كل إنسان يحاول أن يرقي إلى ما لا يحسن ,فتعرف الإنسان إذا كان متواضعًا إذا أُسدِيَ إليه شيء فيقبله ، تعرف أن العلم قلم أظفاره ، والذي يتقاوى مع العلم يُكسر ، كما في الحديث لا يشاد الدين أحدًا إلا غلبه ، لا تستطيع أن تأتي بآخره أبدًا ، فيه أحكام أنت لا تطيق هذه الأحكام التي هي خاصة في قسم المستحب ، إذا دخلت مدخل الورع وغير ذلك ممكن تتورع حتى ينقطع نَفَسَكَ ولا تصل إلى نهاية الورع أيضًا ,فهذا الإنسان الذي يتكلم عنه بن الجوزي أشار إليه ابن الجوزي في خاطرة أخرى جميلة ، لكن أنا لا أتذكر هذا الكلام إلا وأنا أجلس ولو تذكرت لأتيت لكم بها وإن شاء الله سأحضرها إليكم .
يقول بن الجوزي:( أحيانًا ترى الرجل عابدًا زاهدًا ورعًا وتَمُجُه القلوب
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 10-06-2010, 04:04 AM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

ماشاء الله
بارك الله فيكم أخي الفاضل
وحفظ الله شيخنا الجليل الشيخ أبي إسحاق الحويني ونفع الله بعلمه
اللهم آمين
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 10-06-2010, 11:39 AM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم الزُبير السلفية مشاهدة المشاركة
ماشاء الله
بارك الله فيكم أخي الفاضل
وحفظ الله شيخنا الجليل الشيخ أبي إسحاق الحويني ونفع الله بعلمه
اللهم آمين
بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 10-06-2010, 12:59 PM
أم سيف السلفية أم سيف السلفية غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا على مجهودكم
بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 10-09-2010, 05:34 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام سيف السلفيه مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا على مجهودكم
بارك الله فيكم
احسن الله اليكم
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 05-25-2011, 11:55 AM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

سبحان الله
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 09-04-2011, 04:06 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

سبحان الله
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
(مكتوبة, )......., للشيخ, مدرسة, الحياه, الحويني, ابن, اسحاق, خطب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:30 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.