انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


أرشيف قسم التفريغ يُنقل في هذا القسم ما تم الإنتهاء من تفريغه من دروس ومحاضرات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-19-2010, 10:51 AM
أمّ مُصْعب الخير أمّ مُصْعب الخير غير متواجد حالياً
"لا تنسونا من صالح دعائكم"
 




افتراضي 14

 

)
مسألة بيوع منهي عنها


1= ما جاء في النهي عن بيع حاضر لباد :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ". البخاري والنسائي .
والمراد بالحاضر: ساكن الحضر، والباد: ساكن البادية.
وعَنْ جَابِرٍ مرفوعا: (لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ) الجماعة إلا البخاري
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ". متفق عليه.
هذه الأحاديث تدل على أنه لا يجوز للحاضر أن يبيع للباد، من غير فرق أن يكون الباد قريبا له أو أجنبيا، وسواء كان في زمن الغلاء أم لا، وسواء كان يحتاج إليه أهل البلد أم لا.
وقصر الحنفية المنع يحتاج إليه أهل البلد أم .
وقصر الحنفية المنع في زمن الغلاء ، وبما يحتاج إليه أهل المصر.
وقالت الشافعية والحنابلة: الممنوع هو أن يجيء البلد بسلعة يريد بيعها بسعر الوقت في الحال، فيأتيه الحاضر فيقول له: ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر.
وحكى ابن المنذر عن الجمهور: أن النهي للتحريم إذا كان البائع عالما والمبتاع مما تعم الحاجة إليه، ولم يعرضه البدوي على الحضر.
قال ابن قدامة: عند قول الخرقي: (فَإِنْ بَاعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ): وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ الْحَضَرِيُّ إلَى الْبَادِي ، وَقَدْ جَلَبَ السِّلْعَةَ ، فَيُعَرِّفَهُ السِّعْرَ، وَيَقُولَ: أَنَا أَبِيعُ لَك.
فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: (دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقْ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ) وَالْبَادِي هَاهُنَا، مَنْ يَدْخُلُ الْبَلْدَةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، سَوَاءٌ كَانَ بَدَوِيًّا، أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ، أَوْ بَلْدَةٍ أُخْرَى نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَاضِرَ أَنْ يَبِيعَ لَهُ.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعا: (لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ) قَالَ فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَوْلُهُ لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ...
وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ مَتَى تُرِكَ الْبَدَوِيُّ يَبِيعُ سِلْعَتَهُ، اشْتَرَاهَا النَّاسُ بِرُخْصٍ، وَيُوَسِّعُ عَلَيْهِمْ السِّعْرَ، فَإِذَا تَوَلَّى الْحَاضِرُ بَيْعَهَا، وَامْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهَا إلَّا بِسِعْرِ الْبَلَدِ، ضَاقَ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ.
وَقَدْ أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْلِيلِهِ إلَى هَذَا الْمَعْنَى (دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقْ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ)
ونقل عن جماعة من العلماء كراهية بَيْع الْحَاضِرِ لِلْبَادِي: طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَنَقَلَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا فِي جُمْلَةِ سَمَاعَاتِهِ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْمِصْرِيَّ سَأَلَ أَحْمَدَ عَنْ بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ .
فَقَالَ لَهُ: فَالْخَبَرُ الَّذِي جَاءَ بِالنَّهْيِ؟ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً.
فَظَاهِرُ هَذَا صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَأَنَّ النَّهْيَ اخْتَصَّ بِأَوَّلِ الْإِسْلَامِ؛ لِمَا كَانَ عَلَيْهِمْ مِنْ الضِّيقِ فِي ذَلِكَ.
وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ.
وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ يَثْبُتُ فِي حَقِّنَا، مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى اخْتِصَاصِهِمْ بِهِ دَلِيلٌ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَحَدِهَا: أَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ قَصَدَ الْبَادِيَ؛ لِيَتَوَلَّى الْبَيْعَ لَهُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْبَادِي جَاهِلًا بِالسِّعْرِ؛ لِقَوْلِهِ: "فَيُعَرِّفَهُ السِّعْرَ"، وَلَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ، إلَّا لِجَاهِلٍ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: إذَا كَانَ الْبَادِي عَارِفًا بِالسِّعْرِ، لَمْ يَحْرُمْ .
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ جَلَبَ السِّلَعَ لِلْبَيْعِ؛ لِقَوْلِهِ: "وَقَدْ جَلَبَ السِّلَعَ". وَالْجَالِبُ هُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالسِّلَعِ لِيَبِيعَهَا.
[الرابع: أَنْ يَكُونَ [البادي] مُرِيدًا لِبَيْعِهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا]
وَذَكَرَ الْقَاضِي شَرْطَيْنِ آخَرَيْنِ: أَحَدَهُمَا: أَنْ يَكُونَ [البادي] مُرِيدًا لِبَيْعِهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَى مَتَاعِهِ، وَضِيقٌ فِي تَأْخِيرِ بَيْعِهِ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا يَحْرُمُ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: وَهِيَ مَا ذَكَرْنَا [نفس الشروط السابقة] إلَّا حَاجَةَ النَّاسِ إلَى مَتَاعِهِ، فَمَتَى اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ، لَمْ يَحْرُمْ الْبَيْعُ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ، فَالْبَيْعُ حَرَامٌ، وَقَدْ صَرَّحَ الْخِرَقِيِّ بِبُطْلَانِهِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى ، أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ . وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ؛ لِكَوْنِ النَّهْيِ لِمَعْنَى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ .
وَلَنَا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ .

والصحيح: أن البيع: صحيح مع التحريم . لكون النهي لمعنى في غير المنهي عنه.
[بيع الميتة: باطل؛ لأن نفس النهي في عين المبيع.
بيع الباد، أو تلقي الركبان: السلعة المباعة نفسها حلال، ولكن الخطأ في غيرها..]
والشراء كَرِهَه طَائِفَةٌ من أهل العلم، وكان أنسٌ يقول: هِيَ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ، يَقُولُ: لَا تَبِيعَنَّ لَهُ شَيْئًا، وَلَا تَبْتَاعَنَّ لَهُ شَيْئًا.
وَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ؛ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ النَّهْي غَيْرُ مُتَنَاوِلٍ لِلشِّرَاءِ بِلَفْظِهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبَيْعِ لِلرِّفْقِ بِأَهْلِ الْحَضَرِ، لِيَتَّسِعَ عَلَيْهِمْ السِّعْرُ، وَيَزُولَ عَنْهُمْ الضَّرَرُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ لَهُمْ، إذْ لَا يَتَضَرَّرُونَ؛ لِعَدَمِ الْغَبْنِ لِلْبَادِينَ، بَلْ هُوَ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْهُمْ ..
وَأَمَّا إنْ أَشَارَ [نصح] الْحَاضِرُ عَلَى الْبَادِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَاشِرَ الْبَيْعَ لَهُ، فَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ، مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ". انتهى من المغني بتصرف واختصار.

قال الشوكاني: "وروى عن عطاء ومجاهد وأبي حنيفة أنه يجوز بيع الحاضر للبادي مطلقا [لأن تعليلهم بأن النهي كان في أول الإسلام في حال الضيق]، وتمسكوا بأحاديث النصيحة. ..
ويجاب عن تمسكهم بأحاديث النصيحة بأنها عامة مخصصة بأحاديث النهي. ..
وأما دعوى النسخ فلا تصح إلا بعد معرفة التاريخ ولم ينقل ذلك. ..
واعلم : أنه كما لا يجوز أن يبيع الحاضر للبادي كذلك لا يجوز أن يشتري له". انتهى بتصرف واختصار من نيل الأوطار .

2= المسألة الثانية: النهي عن بيع النجش :
وورد في النهي عنه حديثان:
ألأول: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ..) متفق عليه.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّجْشِ". متفق عليه.

تعريف النجش:
قَالَ فِي الْفَتْحِ : وَهُوَ فِي اللُّغَةِ تَنْفِيرُ الصَّيْدِ وَاسْتِثَارَتُهُ مِنْ مَكَان لِيُصَادَ.
وَفِي الشَّرْعِ : الزِّيَادَةُ فِي السِّلْعَةِ، وَيَقَعُ ذَلِكَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي الإِثْمِ، وَيَقَعُ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ فَيَخْتَصُّ بِذَلِكَ النَّاجِشُ.
قال ابن قدامة: "النَّجْشُ : أَنْ يَزِيدَ فِي السِّلْعَةِ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا ، لِيَقْتَدِيَ بِهِ الْمُسْتَامُ، فَيَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ فِيهَا هَذَا الْقَدْرَ إلَّا وَهِيَ تُسَاوِيهِ، فَيَغْتَرَّ بِذَلِكَ، فَهَذَا حَرَامٌ وَخِدَاعٌ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ، وَهُوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ لَا يَحِلُّ.
وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَغْرِيرًا بِالْمُشْتَرِي، وَخَدِيعَةً لَهُ، (الْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ)
فَإِنْ اشْتَرَى مَعَ النَّجْشِ، فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ.
والصحيح هو قول أكثر أهل البيع بصحة البيع مع التحريم، لأن النهبي في معنى غير المنهي عنه، فإذا وقع ذلك، وغُبن المشتري فيجبر ذلك بالخيار بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ.. وَإِنْ كَانَ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ أي يسيرا فَلَا خِيَارَ لَهُ .
وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ أُعْطِيتُ بِهَذِهِ السِّلْعَةِ كَذَا وَكَذَا .
فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي وَاشْتَرَاهَا بِذَلِكَ ، ثُمَّ بَانَ كَاذِبًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّجْشِ". انتهى من المغني باختصار وتصرف .

3= المسألة الثالثة: النهي عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه
عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعا: (لَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ) أحمد .
وللنسائي عَنْ ابْنِ عُمَرَ (لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) متفق عليه.
قال ابن قدامة: قوله (لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ) مَعْنَاهُ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ إذَا تَبَايَعَا، فَجَاءَ آخَرُ إلَى الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَالَ: أَنَا أَبِيعُك مِثْلَ هَذِهِ السِّلْعَةِ بِدُونِ هَذَا الثَّمَنِ، أَوْ أَبِيعُك خَيْرًا مِنْهَا بِثَمَنِهَا، أَوْ دُونَهُ، أَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ سِلْعَةً رَغِبَ فِيهَا الْمُشْتَرِي، فَفَسَخَ الْبَيْعَ، وَاشْتَرَى هَذِهِ، فَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِ، وَالْإِفْسَادِ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَى عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَجِيءَ إلَى الْبَائِعِ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ، فَيَدْفَعَ فِي الْمَبِيعِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِهِ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَلِأَنَّ الشِّرَاءَ يُسَمَّى بَيْعًا، فَيَدْخُلُ فِي النَّهْيِ، وللنَهَى أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ؛ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْخَاطِبِ .
فَإِنْ خَالَفَ وَعَقَدَ ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ [عن أحمد]؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ .
وعن الشافعي: أنه صحيح مع التحريم. وهو الصواب".

4= المسألة الرابعة: النهي عن أن يسوم الرجل على سوم أخيه :
قال ابن قدامة: وقوله (لَا يَسُمْ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ) وَلَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ :
أَحَدِهَا: أَنْ يُوجَدَ مِنْ الْبَائِعِ تَصْرِيحٌ بِالرِّضَا بِالْبَيْعِ، فَهَذَا يُحَرِّمُ السَّوْمَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الَّذِي تَنَاوَلَهُ النَّهْيُ.
الثَّانِي: أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ [من البائع] مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا فَلَا يَحْرُمُ السَّوْمُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ فِي مَنْ يَزِيدُ، قال أنس: "إنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّدَّةَ وَالْجَهْدَ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا بَقِيَ لَك شَيْءٌ؟ فَقَالَ بَلَى، قَدَحٌ وَحِلْسٌ، قَالَ: فَأْتِنِي بِهِمَا فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَقَالَ مَنْ يَبْتَاعُهُمَا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَخَذْتُهُمَا بِدِرْهَمٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ ؟ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمَيْنِ، فَبَاعَهُمَا مِنْهُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وحسنه. وأعله بعض أهل العلم.
وَهَذَا أَيْضًا إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ ، يَبِيعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالْمُزَايَدَةِ .
الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَا عَلَى عَدَمِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّوْمُ أَيْضًا، وَلَا الزِّيَادَةُ؛ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، حِينَ ذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْكِحَ أُسَامَةَ وَقَدْ نَهَى عَنْ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، كَمَا نَهَى عَنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، فَمَا أُبِيحَ فِي أَحَدِهِمَا أُبِيحَ فِي الْآخَرِ.
الرَّابِعُ : أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَحْرُمُ الْمُسَاوَمَةُ.
لِأَنَّ الْأَصْلَ إبَاحَةُ السَّوْمِ وَالْخِطْبَةِ، وذلك يكون بالتَّصْرِيح بِالرِّضَا، وَمَا عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.
قال ابن قدامة: وَلَوْ قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ هَاهُنَا: لَكَانَ وَجْهًا حَسَنًا، فَإِنَّ النَّهْيَ عَامٌ خَرَجَتْ مِنْهُ الصُّوَرُ الْمَخْصُوصَةُ بِأَدِلَّتِهَا، فَتَبْقَى هَذِهِ الصُّورَةُ عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ....

5= المسألة الخامسة: بَيْعُ التَّلْجِئَةِ :
وَمَعْنَى بَيْعِ التَّلْجِئَةِ: أَنْ يَخَافَ أَنْ يَأْخُذَ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ مِلْكَهُ فَيُوَاطِئَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُظْهِرَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ ، لِيَحْتَمِيَ بِذَلِكَ ، وَلَا يُرِيدَانِ بَيْعًا حَقِيقِيًّا .
ذهب الحنابلة لبطلانه، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: هُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، خَالِيًا عَنْ مُقَارَنَةِ مُفْسِدٍ فَصَحَّ ، كَمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ ، ثُمَّ عَقَدَا الْبَيْعَ بِغَيْرِ شَرْطٍ .
وَلَنَا ، أَنَّهُمَا مَا قَصَدَا الْبَيْعَ ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُمَا كَالْهَازِلَيْنِ .

6= المسألة السادسة: النهي عن تلقي الركبان :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود (نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ) ق.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (نَهَى أَنْ يُتَلَقَّى الْجَلَبُ، فَإِنْ تَلَقَّاهُ إِنْسَانٌ فَابْتَاعَهُ، فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ فِيهَا بِالْخِيَارِ إِذَا وَرَدَ السُّوقَ ) الجماعة إلا البخاري .
قال ابن قدامة: "فَإِنْ تُلُقُّوا، وَاشْتُرِيَ مِنْهُمْ، فَهُمْ بِالْخِيَارِ إذَا دَخَلُوا السُّوقَ، وَعَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ غُبِنُوا إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَفْسَخُوا الْبَيْعَ فَسَخُوا.
[رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَلَقَّوْنَ الْأَجْلَابَ، فَيَشْتَرُونَ مِنْهُمْ الْأَمْتِعَةَ قَبْلَ أَنْ تَهْبِطَ الْأَسْوَاقَ، فَرُبَّمَا غَبَنُوهُمْ غَبْنًا بَيِّنًا، فَيَضُرُّونَهُمْ، وَرُبَّمَا أَضَرُّوا بِأَهْلِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ الرُّكْبَانَ إذَا وَصَلُوا بَاعُوا أَمْتِعَتَهُمْ، وَاَلَّذِينَ يَتَلَقَّوْنَهُمْ لَا يَبِيعُونَهَا سَرِيعًا، وَيَتَرَبَّصُونَ بِهَا السِّعْرَ، فَهُوَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي، فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ]
وَكَرِهَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا.
وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ.
فَإِنْ خَالَفَ، وَتَلَقَّى الرَّكْبَانِ، وَاشْتَرَى مِنْهُمْ: فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ .
[وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ لِظَاهِرِ النَّهْيِ]
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ – صحة البيع- لِأَنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَلَقَّوْا الْجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّاهُ، وَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَالْخِيَارُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ، وَلِأَنَّ النَّهْيَ لَا لِمَعْنَى فِي الْبَيْعِ، بَلْ يَعُودُ إلَى ضَرْبٍ مِنْ الْخَدِيعَةِ يُمْكِنْ اسْتِدْرَاكُهَا بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ..
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا ، فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ غِبْنَ .
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : لَا خِيَارَ لَهُ .
وهو مردود بالسنة الصحيحة: من قوله صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا، وَلَا قَوْلَ لَأَحَدٍ مَعَ قَوْلِهِ .

وكذلك الشراء؛ فَإِنْ تَلَقَّى الرُّكْبَانَ، فَبَاعَهُمْ شَيْئًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ، وَلَهُمْ الْخِيَارُ إذَا غَبَنَهُمْ غَبْنَا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ...
فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ قَصْدِ التَّلَقِّي، فَلَقِيَ رَكْبًا، فَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ الِابْتِيَاعُ مِنْهُمْ، وَلَا الشِّرَاءُ.
وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ ولعل هذا الوجه أقرب.
لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي، فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ النَّهْيُ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ التَّلَقِّي دَفْعًا لِلْخَدِيعَةِ وَالْغَبْنِ عَنْهُمْ، وَهَذَا مُتَحَقِّقٌ، سَوَاءٌ قَصَدَ التَّلَقِّي، أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ، فَوَجَبَ الْمَنْعُ مِنْهُ، كَمَا لَوْ قَصَدَ.
قال الشوكاني: "التنصيص على الركبان في بعض الروايات: خرج مخرج الغالب في أن من يجلب الطعام يكون في الغالب راكبا، وحكم الجالب الماشي: حكم الراكب، ويدل على ذلك حديث أبي هريرة المذكور فإن فيه النهي عن تلقي الجلب من غير فرق...
واعلم: أنه لا يجوز تلقيهم للبيع منهم كما لا يجوز للشراء منهم؛ لأن العلة التي هي مراعاة نفع الجالب أو أهل السوق أو الجميع حاصلة في ذلك، ويدل على ذلك ما في رواية للبخاري بلفظ (لا يبع) فإنه يتناول البيع لهم، والبيع منهم".
وهناك بعض الشروط ذكرها بعض أهل العلم، ونقتصر على ذالك.

كل هذه الأنواع من البيوع التي ذكرناها: تحرم ؛ بسبب الغرر.
وإذا وقعت صحت مع الإثم .
1= بيع الحاضر للباد 2= تلقي الركبان
3= بيع المسلم على بيع أخيه 4= سوم المسلم على سوم أخيه
5= بيع التلجئة 6= النجش
كل هذه الأنواع تحرم بسبب الغرر، أو الغبن الذي يحصل للبائع أو للمشتري، ولكها إذا وقعت صحت مع الإثم ، بسبب المخالفة لنهي البيع، والبيع صحيح لأن النهي لمعنى خارج عن البيع.
 

الكلمات الدلالية (Tags)
14


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 11:50 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.