انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟!

كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 12-25-2007, 06:27 PM
أبو سيف أبو سيف غير متواجد حالياً
اللهم يامُقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
 




افتراضي

مع الفقراء ..
عدد من الناس اليوم أخلاقهم تجارية ..
فالغني فقط هو الذي تكون نكته طريفة فيضحكون عند سماعها .. وأخطاؤه صغيرة فيتغاضون عنها ..
أما الفقراء فنكتهم ثقيلة .. يسخر بهم عند سماعها .. وأخطاؤهم جسيمة .. يصرخ بهم عند وقوعها ..
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان عطفه على الغني والفقير سواء ..
قال أنس رضي الله عنه : كان رجل من أهل البادية اسمه زاهر بن حرام ..
وكان ربما جاء المدينة في حاجة فيهدي للنبي صلى الله عليه وسلم من البادية شيئًا من أقط أو سمن .. فيُجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج إلى أهله بشيء من تمر ونحوه .. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه .. وكان يقول : « إن زاهرًا باديتنا .. ونحن حاضروه » .. وكان زاهرًا دميمًا ..
خرج زاهر رضي الله عنه يومًا من باديته .. فأتى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فلم يجده .. وكان معه متاع فذهب به إلى السوق ..
فلما علم به النبي صلى الله عليه وسلم مضى إلى السوق يبحث عنه .. فأتاه فإذا هو يبيع متاعه .. والعرق يتصبب منه .. وثيابه ثياب أهل البادية بشكلها ورائحتها ..
فاحتضنه صلى الله عليه وسلم من ورائه ، وزاهر لا يُبصره .. ولا يدري من أمسكه ..
ففزع زاهر وقال : أرسلني .. من هذا ؟
فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ..
فحاول زاهر أن يتخلص من القبضة .. وجعل يلتفت وراءه ..
فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فاطمأنت نفسه .. وسكن فزعه ..
وصار يُلصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه .. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمازح زاهرًا .. ويصيح بالناس يقول : من يشتري العبد ؟ .. من يشتري العبد ؟ ..
فنظر زاهر في حاله .. فإذا هو فقير كسير .. لا مال .. ولا جمال ..
فقال : إذًا والله تجدني كاسدًا يا رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلم : لكنك عند الله لست بكاسد .. أنت عند الله غال ..
فلا عجب أن تتعلق قلوب الفقراء به صلى الله عليه وسلم وهو يملكهم بهذه الأخلاق ..
كثير من الفقراء .. قد لا يعيب على الأغنياء البخل عليه بالمال والطعام .. لكنه يجد عليهم بخلهم باللطف وحسن المعاشرة ..
وكم فقير تبسمت في وجهه ..
وأشعرته بقيمته واحترامه ..
فرفع في ظلمة الليل يدًا داعية ..
يستنزل بها لك الرحمات من السماء ..
ورب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لايؤبه له .. لو أقسم على الله
لأبره .. فكن دائم البشر مع هؤلاء الضعفاء ..


إشارة ..
لعل ابتسامة في وجه فقير .. ترفعك عند الله درجات ..
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 12-25-2007, 06:29 PM
أبو سيف أبو سيف غير متواجد حالياً
اللهم يامُقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
 




افتراضي

النساء ..
كان جدي يستشهد بمثل قديم : ( من غاب عن عنزه جابت تيس ) .. بمعنى أن من لم تجد عند زوجته .. ما يشبع عاطفتها .. ويروي نفسها .. فقد تحدثها نفسها بالاستجابة لغيره .. ممن يملك معسول الكلام ..
وليس مقصودهم بهذا المثل تشبيه الرجل والمرأة بالتيس والعنز .. معاذ الله .. المرأة شقيقة الرجل ..
ولئن كان الله قد وهب الرجل جسمًا قويًا .. فقد وهبها عاطفة قوية .. وكم رأينا سلاطين الرجال وشجعانهم تخور قواهم عند قوة عاطفة المرأة ..
ومن مهارات التعامل مع المرأة أن تعرف المفتاح الذي تؤثر من خلاله فيها : العاطفة .. فتقاتلها بسلاحها ..
كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصيك بالإحسان إلى المرأة .. واحترام عاطفتها .. لأجل أن تسعد معها .. وأوصى الأب بالإحسان إلى بناته .. فقال : من عال جاريتين حتى تبلغا .. جاء يوم القيامة أنا وهو ، وضم أصابعه ( ) ..
وأوصى بها أولادها فإنه لما سأله رجل فقال :
من أحق الناس بحسن صحابتي ؟
قال : أمك .. ثم أمك .. ثم أمك .. ثم أبوك .. ( ) .
بل أوصى صلى الله عليه وسلم بالمرأة زوجها .. وذمّ من غاضب زوجته أو أساء إليها ..
وانظر إليه صلى الله عليه وسلم وقد قام في حجة الوداع .. فإذا بين يديه مائةُ ألف حاج .. فيهم الأسود والأبيض .. والكبير والصغير .. والغني والفقير ..
صاح صلى الله عليه وسلم بهؤلاء جميعًا وقال لهم : ألا واستوصوا بالنساء خيرًا .. ألا واستوصوا بالنساء خيرًا ( ) ..
وفي يوم من الأيام أطاف بأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشتكين أزواجهن ..
فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .. قام .. وقال للناس : لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشتكين أزواجهن .. ليس أولئك بخياركم .. ( )
وقال صلى الله عليه وسلم : خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي .. ( )
بل .. قد بلغ من إكرام الدين للمرأة .. أنها كانت تقوم الحروب .. وتسحق الجماجم .. وتتطاير الرؤوس .. لأجل عرض امرأة واحدة ..
كان اليهود يساكنون المسلمين في المدينة .. وكان يغيظهم نزولُ الأمر بالحجاب .. وتستُّر المسلمات .. ويحاولون أن يزرعوا الفساد والتكشف في صفوف المسلمات .. فما استطاعوا ..
وفي أحد الأيام جاءت امرأة مسلمة إلى سوق يهود بني قينقاع .. وكانت عفيفة متسترة .. فجلست إلى صائغ هناك منهم ..
فاغتاظ اليهود من تسترها وعفتها .. وودوا لو يتلذذون بالنظر إلى وجهها .. أو لمسِها والعبثِ بها .. كما كانوا يفعلون ذلك قبل إكرامها بالإسلام ..
فجعلوا يريدونها على كشف وجهها .. ويغرونها لتنزع حجابها .. فأبت ..
وتمنعت .. فغافلها الصائغ وهي جالسة .. وأخذ طرف ثوبها من الأسفل .. وربطه إلى طرف خمارها المتدلي على ظهرها ..
فلما قامت .. ارتفع ثوبها من ورائها .. وتكشفت أعضاؤها ..
فضحك اليهود منها .. فصاحت المسلمة العفيفة .. وودت لو قتلوها ولم يكشفوا عورتها ..
فلما رأى ذلك رجل من المسلمين .. سل سيفه .. وثب على الصائغ فقتله .. فشد اليهود على المسلم فقتلوه ..
فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .. وأن اليهود قد نقضوا العهد وتعرضوا للمسلمات .. حاصرهم .. حتى استسلموا ونزلوا على حكمه ..
فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكل بهم .. ويثأر لعرض المسلمة العفيفة .. قام إليه جندي من جند الشيطان .. الذين لا يهمهم عرض المسلمات .. ولا صيانة المكرمات .. وإنما هَمُّ أحدهم متعة بطنه وفرجه ..
قام رأس المنافقين .. عبد الله بن أُبي بن سلول .. فقال : يا محمد أحسن في موالي اليهود .. وكانوا أنصاره في الجاهلية .. فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم .. وأبى .. إذ كيف يطلب العفو عن أقوام يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا !!
فقام المنافق مرة أخرى .. وقال : يا محمد أحسن إليهم .. فأعرض عنه
النبي صلى الله عليه وسلم .. صيانة لعرض المسلمات .. وغيرة على العفيفات ..
فغضب ذلك المنافق .. وأدخل يده في جيب درع النبي صلى الله عليه وسلم .. وجرَّه وهو يردد : أحسن إلى مواليّ .. أحسن إلى مواليّ .. فغضب النبي صلى الله عليه وسلم والتفت إليه وصاح به وقال : أرسلني ..
فأبى المنافق .. وأخذ يناشد النبي صلى الله عليه وسلم العدول عن قتلهم ..
فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : هم لك .. ثم عدل عن قتلهم .. لكنه صلى الله عليه وسلم أخرجهم من المدينة .. وطردهم من ديارهم .. نعم المرأة الضعيفة تستحق أكثر من ذلك ..
كانت خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها من الصحابيات الصالحات ..
وكان زوجها أوس بن الصامت شيخًا كبيرًا يسرع إليه الغضب .. دخل عليها يومًا راجعًا من مجلس قومه .. فكلمها في شيء فردت عليه .. فتخاصما ..
فغضب وقال : أنت علي كظهر أمي .. وخرج غاضبًا ..
كانت هذه الكلمة في الجاهلية إذا قالها الرجل لزوجته صارت طلاقًا .. أما في الإسلام فلا تعلم خولة حكمها ..
رجع أوس إلى بيته .. فإذا امرأته تتباعد عنه ..
وقالت له : والذي نفس خويلة بيده لا تخلُصُ إليّ وقد قلت ما قلت .. حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه ..
ثم خرجت خولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما تلقى من زوجها ..
وجعلت تشكو إليه ما تلقى من زوجها وسوء خلقه معها ..
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبرها ويقول : يا خويلة ابن عمك .. شيخ كبير .. فاتقي الله فيه .. وهي تدافع عبراتها وتقول : يا رسول الله .. أكل شبابي .. ونثرت له بطني .. حتى إذا كبرت سني .. وانقطع ولدي .. ظاهر مني .. اللهم إني أشكو إليك ..
وهو صلى الله عليه وسلم ينتظر أن ينزل الله تعالى فيهما حكمًا من عنده ..
فبينما خولة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هبط جبريل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. بقرآن فيه حكمها وحكم زوجها ..
فالتفت صلى الله عليه وسلم إليها وقال : يا خويلة .. قد أنزل فيك وفي صاحبك قرآنًا .. ثم قرأ : ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) إلى آخر الآيات من أول سورة المجادلة ..
ثم قال لها صلى الله عليه وسلم : مُريه فليعتق رقبة ..
فقالت : يا رسول الله .. ما عنده ما يعتق ..
قال : فليصم شهرين متتابعين ..
قالت : والله إنه لشيخ كبير ما له من صيام ..
قال : فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر ..
قال : يا رسول الله .. ما ذاك عنده ..
فقال صلى الله عليه وسلم : فإنا سنعينه بعرق من تمر ..
قالت : والله يا رسول الله .. أنا سأعينه بعرق آخر ..
فقال صلى الله عليه وسلم قد أصبت وأحسنت .. فاذهبي فتصدقي به عنه .. ثم استوصي بابن عمك خيرًا .. ( )
فسبحان من وهبه اللين والتحمل مع الجميع .. حتى في مشاكلهم الشخصية .. يتفاعل معهم ..
وقد جربت بنفسي .. التعامل باللين والمهارات العاطفية مع البنت والزوجة .. وقبل ذلك الأم والأخت .. فوجدت لها من التأثير الكبير .. ما لا يتصوره إلا من
مارسه .. فالمرأة لا يكرمها إلا كريم .. ولا يهينها إلا لئيم ..


وقفة ..
قد تصبر المرأة على فقر زوجها .. وقبحه .. وانشغاله ..
لكنها قَلَّ أن تصبر على سوء خلقه ..
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 12-25-2007, 06:31 PM
أبو سيف أبو سيف غير متواجد حالياً
اللهم يامُقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
 




افتراضي

الصغار ..
كم هي المواقف التي وقعت لنا في صغرنا ولا تزال مطبوعة في أذهاننا إلى
اليوم .. سواء كانت مفرحة أو محزنة ..
عُد بذاكرتك إلى أيام طفولتك .. ستذكر لا محالة جائزة كرمت بها في مدرستك .. أو ثناء أثناه عليك أحد في مجلس عام .. فهي مواقف تحفر صورتها في الذاكرة .. فلا تكاد تنسى ..
وإلى جانب ذلك .. لا نزال نتذكر مواقف محزنة .. وقعت لنا في طفولتنا ..
مدرس ضربنا ..
أو خصومة مع زملاء في المدرسة ..
أو مواقف تعرضنا فيها للإهانة من أسرتنا ..
أو تعرض لها أحدنا من زوجة أبيه .. أو نحو ذلك ..
وكم صار الإحسان إلى الصغار طريقًا إلى التأثير ليس فيهم فقط .. بل في آبائهم وأهليهم .. وكسب محبتهم جميعًا ..
يتكرر كثيرًا لمدرس المرحلة الابتدائية أن يتصل به أحد أبوي طالب صغير ويثني عليه وأنه أحبه لمحبة ولده له وكثرة ذكره بالخير .. وقد يعبرون عن هذه المشاعر في لقاء عابر .. أو هدية أو رسالة ..
إذن لا تحتقر الابتسامة في وجه الصغير .. وكسب قلبه .. وممارسة مهارات التعامل الرائع معه ..
ألقيت يومًا محاضرة عن الصلاة لطلاب صغار في مدرسة ..
فسألتهم عن حديث حول أهمية الصلاة .. فأجاب أحدهم : قال صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة ..
أعجبني جوابه .. ومن شدة الحماس نزعت ساعة يدي وأعطيته إياها .. وكانت
ــ عمومًا ــ ساعة عادية كساعات الطبقة الكادحة .. !
كان هذا الموقف مشجعًا لذلك الغلام .. أحب العلم أكثر .. وتوجه لحفظ القرآن .. وشعر بقيمته ..
مضت الأيام .. بل السنين .. ثم في أحد المساجد تفاجأت أن الإمام هو ذلك
الغلام .. وقد صار شابًا متخرجًا من كلية الشريعة .. ويعمل في سلك القضاء بأحد المحاكم .. لم أذكره وإنما تذكرني هو ..
فانظر كيف انطبعت في ذهنه المحبة والتقدير بموقف عاشه قبل سنين ..
وأذكر أني دعيت ليلة لإحدى الولائم ..
فإذا شاب مشرق الوجه يسلم عليّ بحرارة ويذكرني بموقف لطيف وقع له معي في محاضرة ألقيتها في مدرسته لما كان غلامًا صغيرًا ..
وكم ترى من الناس الذين يحسنون التعامل مع الصغار من يخرج من المسجد .. فترى أبًا يجره ولده الصغير بيده ليصل إلى هذا الرجل فيسلم عليه ويبلغه بمحبة ولده له ..
وقد يقع مثل هذا الموقف في وليمة كبيرة أو عرس .. يكثر في المدعوون ..
ولا أكتمك أنني أبالغ في إكرام الصغار والحفاوة بهم بعض الشيء .. بل والاستماع إلى أحاديثهم العذبة ــ وإن كانت في أكثر الأحيان غير مهمة ــ بل أزيد الحفاوة ببعضهم أحيانًا إكرامًا لوالده وكسبًا لمحبته ..
أحد الأصدقاء كنت ألقاه أحيانًا مع ولده الصغير .. فكنت أحتفي بالصغير وألاطفه ..
لقيني صديقي هذا يومًا في محفل كبير .. فأقبل إليَّ بولده يسلم علي .. ثم قال : ماذا فعلت بولدي ؟!
يسألهم مدرسهم قبل أيام عن أمنياتهم في المستقبل ..
فمنهم من قال : أكون طبيبًا .. والآخر قال : أكون مهندسًا ..
وولدي قال : أكون محمد العريفي !!
ويمكنك أن تلاحظ أنواع الناس في التعامل مع الصغار .. عندما يدخل رجل إلى مجلس عام ويطوف بالحاضرين مصافحًا .. وولده من خلفه يفعل كفعله .. فمن الناس من يتغافل عن الصغير .. ومنهم من يصافحه بطرف يده .. ومنهم من يهز يده مبتسمًا مرددًا : أهلاً يا بطل .. كيف حالك يا شاطر .. فهذا الذي تنطبع محبته في قلب الصغير .. بل وقلب أبيه وأمه ..
كان المربي الأول صلى الله عليه وسلم له أحسن التعامل مع الصغار ..
كان لأنس بن مالك أخ صغير .. وكان صلى الله عليه وسلم يمازحه ويكنيه بأبي عمير .. وكان للصغير طير صغير يلعب به .. فمات الطير ..
فكان صلى الله عليه وسلم يمازحه إذا لقيه .. ويقول : يا أبا عمير .. ما فعل النغير ؟ يعني الطائر الصغير ..
وكان يعطف على الصغار ويلاعبهم ..
يلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول : يا زوينب .. يا زوينب ..
وكان إذا مر بصبيان يلعبون سلم عليهم .. وكان يزور الأنصار ويُسلم على صبيانهم .. ويمسح رؤوسهم ..
وعند رجوعه صلى الله عليه وسلم من المعركة كان يستقبله الأطفال فيركبهم معه ..
فعند عودة الملسمين من مؤتة .. أقبل الجيش إلى المدينة راجعًا .. فتلقاهم
النبي صلى الله عليه وسلم .. والمسلمون .. ولقيهم الصبيان يشتدون ..
فلما رأى صلى الله عليه وسلم الصبيان .. قال : خذوا الصبيان فاحملوهم .. وأعطوني ابن جعفر .. فأُتي بعبد الله بن جعفر فأخذه فحمله بين يديه ..
وكان صلى الله عليه وسلم يتوضأ يومًا من ماء .. فأقبل إليه محمود بن الربيع طفل عمره خمس سنوات .. فجعل صلى الله عليه وسلم في فمه ماء ثم مجه في وجهه يمازحه .. ( )
وعمومًا .. كان صلى الله عليه وسلم ضحوكًا مزوحًا مع الناس .. يدخل السرور إلى قلوبهم .. خفيفًا على النفوس لا يمل أحد من مجالسته ..
أقبل إليه رجل يومًا يريد دابة ليسافر عليها أو يغزو .. فقال صلى الله عليه وسلم ممازحًا له : إنا حاملك على ولد ناقة ..
فعجب الرجل .. كيف يركب على جمل صغير .. لا يستطيع حمله ..
فقال : يا رسول الله وما أصنع بولد الناقة ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : وهل تلد الإبل إلا النوق .. يعني سأعطيك بعيرًا كبيرًا .. لكنه ــ قطعًا ــ قد ولدته ناقة ..
وقال صلى الله عليه وسلم يومًا لأنس ممازحًا : يا ذا الأذنين ..
وأقبلت إليه امرأة يومًا تشتكي زوجها .. فقال لها صلى الله عليه وسلم : زوجك الذي في عينه بياض ؟ ففزعت المرأة وظنت أنه زوجها عمي بصره ..
كما قال الله عن يعقوب عليه السلام : ( وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ ) أي : عمي ..
فرجعت فزعة إلى زوجها وجعلت تنظر في عينيه .. وتدقق .. فسألها عن خبرها ؟! فقالت : قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في عينك بياضًا ..
فقال لها : يا امرأة .. أما أخبرك أن بياضها أكثر من سوادها .. أي أن كل أحد في عينه بياض وسواد ..
وكان صلى الله عليه وسلم إذا مازحه أحد تفاعل معه .. وضحك وتبسم ..
دخل عليه عمر وهو صلى الله عليه وسلم غضبان على نسائه .. لما أكثرن عليه مطالبته بالنفقة .. فقال عمر : يا رسول الله .. لو رأيتنا وكنا معشر قريش .. نغلب النساء .. فكنا إذا سألت أحدَنا امرأتُه نفقةً قام إليها فوجأ عنقها ..
فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم .. فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم .. يعني فقويت علينا نساؤنا ..
فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم ثم زاد عمر الكلام .. فازداد تبسم النبي صلى الله عليه وسلم ..
تلطفًا مع عمر رضي الله عنه ..
وتقرأ في أحاديث أنه تبسم حتى بدت نواجذه .. إذن كان لطيف المعشر .. أنيس المجلس ..
فلو وطنا أنفسنا على مثل هذا التعامل مع الناس .. لشعرنا بطعم الحياة فعلاً ..



فكرة ..
الطفل طينة لينة نشكلها بحسب تعاملنا معه ..

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 12-25-2007, 07:05 PM
الوليد المصري الوليد المصري غير متواجد حالياً
مراقب عام
 




افتراضي

أخي الحبيب

سبحان الله

منذ مدة لم أجلس هذه الجلسة للقرأه بكل هذا التركيز


حتى أن والدي كان يتحدث بجانبي فلم أستمع له


جزاك الله خيرا وبارك لنا في الأخ والشيخ الفاضل أبا الفرج


أكمل أخي الحبيب


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 12-25-2007, 08:12 PM
أبو سيف أبو سيف غير متواجد حالياً
اللهم يامُقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عيسى مشاهدة المشاركة
أخي الحبيب


سبحان الله

منذ مدة لم أجلس هذه الجلسة للقرأه بكل هذا التركيز


حتى أن والدي كان يتحدث بجانبي فلم أستمع له


جزاك الله خيرا وبارك لنا في الأخ والشيخ الفاضل أبا الفرج


أكمل أخي الحبيب


طيب الحمدلله ياغالى

ادعي للحبيب الشيخ أبو الفرج ربنا يحفظه

فما انا الا ناقل ...
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 12-25-2007, 10:35 PM
أبـو مـريـم أبـو مـريـم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

بارك الله فيك اخي الحبيب

كتاب راااائع
وأحتاج وقتا لإكماله
ولكني قرات بعضه
جزاكم الله خيرا
يذكرني بكتاب لا تحزن للشيخ محمود المصري
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 12-30-2007, 03:37 PM
الوليد المصري الوليد المصري غير متواجد حالياً
مراقب عام
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


مــفـــاجـــأة


الآن بالأسواق المصرية


كتاب


استمتع بحياتك


للدكتور محمد العريفي




طبعة شرعية خاصة مصر



جودة عالية تناسب تميز الكتاب
وسعر متميز يناسب سوق الكتاب المصري


أسعار خاصة للتوزيع الخيري والكميات


تطلب من
فرسان
للنشر والتوزيع
60 50 971 012 / 002
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 12-30-2007, 06:40 PM
أبومالك أبومالك غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

ماشاء الله جزاك الله خيراً أخى
وجعلها الله فى ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 12-31-2007, 06:04 PM
أبو سيف أبو سيف غير متواجد حالياً
اللهم يامُقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
 




افتراضي

المماليك والخدم ..
كان صلى الله عليه وسلم يحسن الدخول إلى قلوبهم بما يناسب ..
لما توفي عم النبي صلى الله عليه وسلم .. اشتد أذى قريش عليه صلى الله عليه وسلم ..
فخرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف .. يلتمس من ثقيف النصرة والمنعة بهم من قومه .. ورجا أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله تعالى .. خرج إليهم وحده ..
وصل إلى الطائف .. وعمد إلى نفر ثلاثة من ثقيف وهم سادة ثقيف وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة .. عبد ياليل .. ومسعود .. وحبيب .. بنو عمرو بن عمير ..
فجلس إليهم صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله وكلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه .. فردوا عليه ردًا قبيحًا ..
فقال أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك ..
وقال الآخر : أما وجد الله أحدًا أرسله غيرك ؟
أما الثالث فقال ــ متفلسفًا ــ :
والله لا أكلمك أبدًا ! لئن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام .. ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك ..
فلما سمع صلى الله عليه وسلم منهم هذا الرد القبيح .. قام من عندهم .. وقد يئس من خير ثقيف .. لكنه خاف أن تعلم قريش بخبر ثقيف معه فيجترئون عليه أكثر ..
فقال لهم : إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عليَّ ..
فلم يفعلوا .. وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به ..
حتى اجتمع عليه الناس وألجؤوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة .. وشيبة بن ربيعة .. وهما فيه .. ورجع عنه من سفهاء ثقيف ممن كان يتبعه ..
فعمد صلى الله عليه وسلم إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه ..
وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف .. فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي تحركت له رحمهما ..
فدعوا غلامًا لهما نصرانيًا يقال له عدس .. وقالا له : خذ قطفًا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق .. ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه ..
ففعل عداس ..
وجاء بالعنب .. حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له : كل .. فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده إليه وقال : بسم الله ، ثم أكل ..
نظر عداس إليه وقال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد ..
فقال له صلى الله عليه وسلم : ومن أهل أي بلاد أنت يا عداس ؟ وما دينك ؟
قال : نصراني .. وأنا رجل من أهل نينوى ..
فقال صلى الله عليه وسلم : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ ..
فقال عدس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : ذلك أخي .. كان نبيًا .. وأنا نبي ..
فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه .. وابنا ربيعة ينظران إليهما .. فقال أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك ..
فلما رجع عداس لسيده .. وقد بدا عليه التأثر برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماع كلامه ..
قال له سيده : ويلك يا عداس ! ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟
فقال : يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا .. لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي ..
فقال سيده : ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك .. فإن دينك خير من دينه ..
فهل نستطيع نحن اليوم أن نجعل تعاملنا راقيًا مع الجميع .. مهما كانت طبقاتهم ؟


لمحة ..
عامل البشر على أنهم بشر ..
لا على أشكالهم .. أو أموالهم .. أو وظائفه
م
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 12-31-2007, 06:05 PM
أبو سيف أبو سيف غير متواجد حالياً
اللهم يامُقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
 




افتراضي

مع المخالفين ..
الكفار .. كان صلى الله عليه وسلم يعاملهم بالعدل .. ويستميت في سبيل دعوتهم وإصلاحهم .. ويتحمل أذاهم .. ويتغاضى عن سوئهم ..
كيف لا .. وقد قال له ربه : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً) ..
لمن ؟! للمؤمنين ؟!
لا .. (إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) ..
وتأمل حال اليهود .. يذمونه ويبتدئون بالعداوة .. ومع ذلك يرفق بهم ..
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : إن اليهود مروا ببيت النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليكم ( أي : الموت عليك ) ..
فقال صلى الله عليه وسلم : وعليكم ..
فلم تصبر عائشة لما سمعتهم .. فقالت : السام عليكم .. ولعنكم الله وغضب عيكم ..
فقال صلى الله عليه وسلم : مهلاً يا عائشة .. عليك بالرفق .. وإياك والعنف والفحش ..
فقالت : أولم تسمع ما قالوا ؟
فقال : أو لم تسمعي ما قلت ؟! رددت عليهم فيستجاب لي .. ولا يستجاب لهم
فيّ .. نعم .. ما الداعي إلى مقابلة السباب بالسباب ! أليس الله قد قال له :
(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) ..
وفي يوم .. خرج صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في غزوة .. فلما كانوا في طريق عودتهم .. نزلوا في واد كثير الشجر .. فتفرق الصحابة تحت الشجر وناموا .. وأقبل صلى الله عليه وسلم إلى شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها .. فرش رداءه ونام ..
في هذه الأثناء كان رجل من المشركين يتبعهم .. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاليًا .. أقبل يمشي بهدوء .. حتى التقط السيف من على الغصن .. وصاح بأعلى صوته : يا محمد .. من يمنعك مني ؟
فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم .. والرجل قائم على رأسه .. والسيف في يده .. يلتمع منه الموت .. كان الرسول صلى الله عليه وسلم وحيدًا .. ليس عليه إلا إزار .. أصحابه متفرقون عنه .. نائمون .. والرجل يعيش نشوة القوة والانتصار .. ويردد : من يمنعك مني ؟ من يمنعك مني ؟
فقال صلى الله عليه وسلم بكل ثقة : الله ..
فانتفض الرجل وسقط السيف ..
فقام صلى الله عليه وسلم والتقط السيف وقال : من يمنعك مني ؟
فتغير الرجل .. واضطرب .. وأخذ يسترحم النبي صلى الله عليه وسلم .. ويقول : لا أحد .. كن خير آخذ ..
فقال له صلى الله عليه وسلم : تسلم ؟
قال : لا .. ولكن لا أكون في قوم هم حرب لك .. فعفا عنه صلى الله عليه وسلم .. وأحسن إليه !!
وكان الرجل ملكًا في قومه .. فانصرف إليهم فدعاهم إلى الإسلام ..
فأسلموا .. نعم ..
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم .. بل حتى مع الأعداء الألداء كان صلى الله عليه وسلم له خلق عظيم .. كسب به نفوسهم .. وهدى قلوبهم .. ودحر به كفرهم ..
لما ظهر صلى الله عليه وسلم بدعوته بين الناس .. جعلت قريش تحاول حربه بكل سبيل .. وكان مما بذلته أن تشاور كبارها في التعامل مع دعوته صلى الله عليه وسلم .. وتسارع الناس للإيمان به ..
فقالوا : انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا .. وشتت أمرنا .. وعاب ديننا .. فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه ..
فقالوا : ما نعلم أحدًا غير عتبة بن ربيعة ..
فقالوا : أنت يا أبا الوليد .. وكان عتبة سيدًا حليمًا ..
فقال : يا معشر قريش .. أترون أن أقوم إلى هذا فأكلمه .. فأعرض عليه أمورًا لعله أن يقبل منها بعضها ..
قالوا : نعم يا أبا الوليد ..
فقام عتبة وتوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. دخل عليه .. فإذا هو صلى الله عليه وسلم جالس بكل سكينة .. فلما وقف عتبة بين يديه .. قال : يا محمد ! أنت خير أم عبد الله ؟!
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. تأدبًا مع أبيه عبد الله ..
فقال : أنت خير أم عبد الملطلب ؟
فسكت صلى الله عليه وسلم .. تأدبًا مع جده عبد المطلب ..
فقال عتبة : فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عِبْتَ .. وإن كنت تزعم أنك خير منهم .. فتكلم حتى نسمع قولك ..
وقبل أن يجيب النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة .. ثار عتبة وقال :
إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك !! .. فرقت جماعتنا .. وشتت أمرنا .. عبت ديننا .. وفضحتنا في العرب .. حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرًا .. وأن في قريش كاهنًا .. والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى .. أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى ..
كان عتبة متغيرًا غضبان .. والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت يستمع بكل أدب .. وبدأ عتبة يقدم إغراءات ليتخلى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعوة ..
فقال : أيها الرجل إن كنت جئت بالذي جئت به لأجل المال .. جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلاً ..
وإن كنت إنما بك حب الرئاسة .. عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسًا ما بقيت .. وإن كان إنما بك الباه والرغبة في النساء .. فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرًا .. !!
وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا من الجن تراه .. لا تستطيع رده عن نفسك .. طلبنا لك الطب .. وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه .. فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه ..
ومضى عتبة يتكلم بهذا الأسلوب السيء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ويعرض عليه عروضًا ويغريه .. والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت إليه بكل هدوء .. وانتهت العروض .. ملك .. مال .. نساء .. علاج من جنون !!
سكت عتبة .. وهدأ .. ينتظر الجواب .. فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره إليه وقال بكل هدووووء : أفرغت يا أبا الوليد ؟
لم يستغرب عتبة هذا الأدب من الصادق الأمين .. بل قال باختصار : نعم ..
فقال صلى الله عليه وسلم : فاسمع مني ..
قال : أفعل ..
فقال صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم (حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ)..
ومضى النبي صلى الله عليه وسلم .. يتلو الآيات وعتبة يستمع .. وفجأة جلس عتبة على الأرض .. ثم اهتز جسمه .. فألقى يديه خلف ظهره .. واتكأ عليهما .. وهو يستمع .. ويستمع ..
والنبي يتلو .. ويتلو .. حتى بلغ قوله تعالى : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ)
فانتفض عتبة لما سمع التهديد بالعذاب .. وقفز ووضع يديه على فم رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ليوقف القراءة ..
فاستمر صلى الله عليه وسلم يتلو الآيات .. حتى انتهى إلى الآية التي فيها سجدة التلاوة .. فسجد .. ثم رفع رأسه من سجوده .. ونظر إلى عتبة وقال : سمعت يا أبا الوليد ؟
قال : نعم ..
قال : فأنت وذاك ..
فقام عتبة يمشي إلى أصحابه .. وهم ينتظرونه متشوقين ..
فلما أقبل عليهم .. قال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ..
فلما جلس إليهم .. قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟
فقال : ورائي أني والله سمعت قولاً ما سمعت مثله قط .. والله ما هو بالشعر .. ولا السحر .. ولا الكهانة ..
يا معشر قريش : أطيعوني واجعلوها بي .. خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه .. فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم .. يا قوم !!
قرأ بسم الله الرحمن الرحيم (حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) حتى بلغ : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) فأمسكته بفيه .. وناشدته الرحم أن يكف .. وقد علمتم أن محمدًا إذا قال شيئًا لم يكذب .. فخفت أن ينزل بكم العذاب ..
ثم سكت أبو الوليد قيلاً متفكرًا ..
وقومه واجمون يحدون النظر إليه ..
فقال : والله إن لقوله لحلاوة .. وإن عليه لطلاوة .. وإن أعلاه لمثمر .. وإن أسفله لمغدق .. وإنه ليعلو وما يعلى عليه .. وإنه ليحطم ما تحته .. وما يقول هذا بشر .. ما يقول هذا بشر ..
قالوا : هذا شعر يا أبا الوليد .. شعر ..
فقال : والله ما رجل أعلم بالأشعار مني .. ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني .. ولا بأشعار الجن .. والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئًا من هذا ..
ومضى عتبة يناقش قومه في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .. صحيح أن عتبة لم يدخل في الإسلام .. لكن نفسه لانت للدين ..
فتأمل كيف أثر هذا الخلق الرفيع .. ومهارة حسن الاستماع في عتبة مع أنه من أشد الأعداء ..
وفي يوم آخر .. تجتمع قريش .. فينتدبون حصين بن المنذر الخزاعي .. وهو أبو الصحابي الجليل عمران بن حصين .. ينتدبونه لنقاش النبي صلى الله عليه وسلم ورده عن دعوته ..
يدخل أبو عمران على النبي صلى الله عليه وسلم وحوله أصحابه .. فيردد عليه ما تردده قريش دومًا .. فرقت جماعتنا .. شتت شملنا .. والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت بلطف .. حتى إذا انتهى .. قال له صلى الله عليه وسلم بكل أدب : أفرغت يا أبا عمران ..
قال : نعم ..
قال : فأجبني عما أسألك عنه ..
قال : قل .. أسمع ..
فقال صلى الله عليه وسلم : يا أبا عمران .. كم إلهًا تعبد اليوم ؟
قال : سبعة .. !! ستة في الأرض .. وواحدًا في السماء .. !!
قال : فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك ؟
قال : الذي في السماء ..
فقال صلى الله عليه وسلم بكل لطف : يا حصين أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين ينفعانك ..
فما كان من حصين إلا أن أسلم في مكانه فورًا .. ثم قال : يا رسول الله .. علمني الكلمتين اللتين وعدتني ..
فقال صلى الله عليه وسلم : قل : اللهم ألهمني رشدي .. وأعذني من شر نفسي ..
آآآه ما أروع هذا التعامل الراقي ! وشدة تأثيره في الناس عند مخالطتهم .. وهذا التعامل الإسلامي الدعوي يفيد في دعوة الكفار وجذبهم إلى الخير ..
سافر أحد الشباب للدارسة في ألمانيا فسكن في شقة .. وكان يسكن أمامه شاب ألماني ، ليس بينهما علاقة ، لكنه جاره ..
سافر الألماني فجأة .. وكان موزع الجرائد يضع الجريدة كل يوم عند بابه .. انتبه صاحبنا لكثرة الجرائد .. سأل عن جاره .. فعلم أنه مسافر .. لمَّ الجرائد ووضعها في درج خاص .. وصار يجمعها كل يوم ويرتبها ..
لما رجع صاحبه بعد شهرين أو ثلاثة .. سلم عليه وهنأه بسلامة الرجوع .. ثم ناوله الجرائد ..
وقال له : خشيت أنك متابع لمقال .. أو مشترك في مسابقة .. فأردت أن لا يفوتك ذلك ..
نظر الجار إليه متعجبًا من هذا الحرص .. وقال : هل تريد أجرًا أو مكافأة على هذا ؟
قال صاحبنا : لا .. لكن ديننا يأمرنا بالإحسان إلى الجار .. وأنت جار فلابد من الإحسان إليك .. ثم ما زال صاحبنا محسنًا إلى ذلك الجار .. حتى دخل في الإسلام ..
هذه والله هي المتعة الحقيقية بالحياة ..
أن تشعر أنك رقم على اليمين .. لك بصمتك في الحياة .. تتعبد لله بكل شيء حتى بأخلاقك ..
وكم صدَّ أعدادًا كبيرة من الكفار عن الدخول في الإسلام تعاملات فريق من المسلمين معهم .. فيظلمونهم عمالاً .. ويغشونهم متسوقين .. ويؤذونهم جيرانًا ..
فهلمَّ نبدأ من جديد معهم .



إضاءة ..
خير الداعين من يدعو بأفعاله قبل أقواله ..
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 02:38 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.