انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المجتمع المسلم ::. > واحــة الأســـرة المسلمــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-26-2008, 06:21 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




New بدينهن مستمسكات فى زمان المتغيرات

 

الـبـدايـــة




الحمد لله مالك الملك .. باعث رسله لخلقه بالحق ..
الحمد لله ولىّ المؤمنين وناصرهم .
نحمد الله جل وعلا على وفير نعمه التى حبانا سبحانه بها . نعم الله التى ما استطاع ولن يستطيع مخلوق أن يحيط بها أو أن يحصيها عددا .

ومن رحمة الله جل وعلا بنا أن خلق لنا من أنفسنا أزواجا
من رحمة الله أن خلق المرأة لتكون خير معين لزوجها وأبيها وأخيها وولدها فى عمارة الأرض وصيانة الدين والعرض

جعلها الله سبحانه سببا من أشد أسباب قوة الأمة المسلمة
وكيف لا ؟؟

فهى التى أنجبت العلماء العاملين ، وهى أم المجاهدين المخلصين الصادقين .
وهى التى شدت من أزر الزوج وأعانته وكانت له خير رفيق يحمل معه أعباء الحياة دون كلل ولا ملل .
وكذلك هى التى تربت فى كنف الفضيلة والطهر والعفاف والتستر .. فلما آن الأوان لها لتكون أما ؛ إذا بها تنجـب أجيالا عظيمة وتغرس فيهم غرس الإسلام والإيمان .

ولذا فلا يخفى على أحـد ماحباها الله سبحانه به من تكريم وتشريف فى ظـل الإسلام . فجاء الشرع حافلا بالوصايا القرآنية والنبوية التى توصى الرجال بالنساء وحسن معاملتهن ومراعاة حقوقهن والإهتمام بهن فى شتى الجوانب .





ولــمـــا فهم أعداء الأمة وأعداء الله كل هذا وفطنوا لدور المرأة فى قوة وصلابة هذه الأمة ؛ لم يجدوا بُـدّا من ملاحقتها ومحاولة إفسادها وهدمها الفينة بعد الفينة ، وبث السموم فى فكرها القطرة تلو القطرة .. حتى تقـل همتها وتضعف عزيمتها بشكل تدريجى ، ثم فى نهاية المطاف تجد نفسها عاجزة عما كانت تقوم به من ذى قبل ، حينما كانت تدر نفعها على أمتها الجيل فى عقب الجيل .

فراح أعداء الدين يخططون لها بالليل والنهار ، لايشغلهم شىء قدر انشغالهم بالمرأة المسلمة التقية .
كيف نفسدها ؟ كيف نضلها ونغويها ؟ وكيف عن جادة الطريق الحق نبعدها ونثنيها ؟



أرادوا لهذه الزوجة العفيفة التى يفخر بها زوجها فى كل حين ، أن تكون سببا من أسباب انكسار هذا الزوج .. فيضعف ويدب الوهن فى أوصاله ، ويتبدل من حال القوة والعزة وشدة البأس إلى حال الخور والذلة وضعف النفس .

أرادوا لهذه الأم التى جادت على أمتها بهذا الــكــمّ من العلماء والدعاة حتى صار لايمر يوم إلا وتزداد فيه مصادر العلم فى يد المسلمين .. الأم التى جادت على أمتها بأناس يفدون دين الله بالغالى والنفيس .
أرادوا لها أن تجود على أمتها أيضا ، ولكن : أن يتمثل هذا الجود فى ولادة جـيـل ممسوخ الهوية ، غافل عن الدين وعن القضية ، متسربل بسرابيل العلمانية ، فبدلا من أن تنجب رجالا يحملون الأمة مرحلة تلو التى تليها ؛ أرادوا لها أن تنجب أطفالا تحملهم الأمة فيكونون عالة عليها ونقاط ضعف ووهن فى حبات نسيجها .. فلا يعودون على أمتهم إلا بخزى وعار وخسار من بعد شرف وفخار و انتصار .


فصار أمام المرأة طريقان :
الأول : طريق الشرع الحنيف المشتمل على الخيرات أجمع .
الثانى : طريق النتن والجيف المزين من الخارج .



وكما قال الله تعالى :
{وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً }النساء27

فحقا ما أراد الله لنا ولنسائنا إلا مافيه النفع ، و لكن هذا النفع لن يرضى أطرافا أخرى ، فلابد لهذه الأطراف من تدخل لمنع المرأة المسلمة من تأدية دورها ولإيقاف هذا المدّ العفيف الذى تمد به أمتها . [ والتاريخ بهذا حافل ] .

وكذلك لابد لهؤلاء الأوغاد الأخباث من أعوان لهم لايقلون عنهم خبثا ولا عفنا ونتنا .. لكى ييسرون لهم المهمة ويختصرون عليهم السبيل ..

نعم لقد علموا أنه لابد لهم من ناصرين يبايعونهم ويكونون لهم حلفاء فى حربهم ضد الإسلام والمسلمين ..
فهداهم شيطانهم إلى إخوان لهم من شياطين الإنس ، لايقلون عنهم فى شىء ولا يزيدون ، وبالفعل ليس لهم مابه يمتازون ...

ولكن ؛
الميزة الكبيرة فى هؤلاء الأعوان والحلفاء المختارين أنهم من بنى جلدة المسلمين ، فكل منهم يحمل فى أوراق هويته لقب ( مسلم ) ، وكلهم يعيشون بين المسلمين تحت سماء واحدة وفى بقعة واحدة من الأرض ..

إذن فهؤلاء هؤلاء ..
هؤلاء من سييسرون الأمور والمهمات ، حتى يتحقق الهدف المنشود ، ألا وهو : إضعاف أمة الإسلام وكسر شوكتها وإذاقـتــهـا الجرعة تلو الجرعة من شتى صنوف الويلات .





انتشر هؤلاء الجرذان الأنتان فى صفوف الأمة انتشار النار فى الهشيم ، وجاءت الضربة بحقٍّ فى الصميم .

فبدأوا فى نشر الأفكار الهدامة فى صور ملونة وعبارات مموجة بأمواج إعمال العقل متسترة خلف ستار الفكر ، تخاطب المسلمين بنفس ماخاطب إبليس به أبانا آدم ( عليه السلام ) ، كما جاء فى كتاب الله المجيد : { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ }الأعراف21

وكان داخل المجتمع الإسلامى من أمثال هؤلاء الكثير ، ففى كل يوم يخرج أحدهم على المسلمة بقول ، وحينما تشتد الثورات فى وجهه معارضة ، ينبرى أمثاله فى الدفاع عنه وتبرير مقولته وتزيينها بحجة أنها ليست بدعا من القول وليست خروجا عن الدين ؛ وإنما هى نوع من الفهم السليم للدين .. وفى الوقت الذى انبرى هؤلاء الأصحاب فى الدفاع عن رفيقهم فى المخطط القبيح ،، فصاحب المقولة يلتزم الصمت حتى تنكسر الموجة وتهدأ الرياح ويسود الصمت بعد أن علا الصوت ..

ثم يعاود الكرّة هو وغيره على نفس المنوال والمنهاج ..
وفى كل كرّة يُـكِــرّونها على الإسلام ، يسقط أحـد الثوابت .. وثابت بعد ثابت .. ومرة تلو الأخرى .. بدأ الدين يـُـفتقد فى قلوب الناس وفى أعمالهم .. وبدأت الثوابت بدلا من أن تضيع فقط ،، إذا بها تستبدل بغيرها ، فيسقطون الثابت ويضعون آخر مكانه حتى يزيدوا الخسار خسارا والخراب خرابا .

ثم بعدها لم يكتفوا بذلك ،، وإنما من شدة الخبث الذى حوته جوانحهم .. فكروا فى الأمر مَــلـيّـا فوجدوا أنهم بهذا أفسدوا الدين على المعاصرين فقط من العامة .. ولكن ماذا عن الأجيال القادمة ؟؟؟
ولأن هذا السؤال بالنسبة لهم هام جدا ، فكان لابد لهم أن يجيبوا عليه إجابة حاسمة ، وبالفعل وجدوا الجواب ( وبئس الجواب هذا ) .. الجواب أن يتم تلميع الأندال الذين خانوا أمتهم وباعوا دينهم ، حتى تستمر عفاناتهم بعد موتهم ، فيبلى كل كلب ويبقى عـُـواءه .
وكان السبيل لهذا بتزييف تاريخ المسلمين .. فالبطل الحقيقى والشريف يتم تصويره بصورة الخائن ، أما كلاب الأمس وحثالة الماضى يصورهم التاريخ الجديد فى صورة الأبطال العظماء . ولا حول ولا قوة إلا بالله .






المهم :

ضحكوا على المسلمة بعبارات رنانة ، وكل شىء بالتدريج يسهل ويهون .
فتارة تسمعهم يصيحون : إنكِ مظلومة .. مسكينة ياهذه ... أين حقوقك ؟؟
لابد أن تتحررى فأنت كالأسيرة فى يد الرجل .
وبالطبع لم يكونوا بالسذاجة التى تحملهم على مصارحتها بمبتغاهم ،
فلم يقولوا لها [ أتركى الإسلام فإنه المسؤول عما أنتِ فيه الآن ] .

وإنما قالوا : [ إن مايجرى عليكِ ليس من شرعة الإسلام ] ،

حتى إذا انساقت وراءهم وارتضت أفكارهم ؛ ذهبوا معها للخطوة التالية [ ماهذا الكفن الذى تتكفنين فيه ؟؟ ] [ أصرتِ من عداد الأموات ؟؟ ] [ ما أمركِ الله بهذا قط ،، اسمعى لنا ونحن سندلكِ ونهديكِ إلى ماأمركِ الله به ] .. وخطوة بعد خطوة حتى يخرجوها من حصنها ويجردوها من سلاحها . ثم يحرموها ماعاشت تفخر به طيلة عمرها .
وكما أن الخطوات بالتدريج ، فكذلك المراحل تأتى على درجات ، إلى أن يتحقق الهدف ، وينتهى الأمر بالمرأة أن تتصبغ بصبغة أهل الكفر ، فلا يستطيع من يراها أن يميز [ فاطمة ] من [ mari ] ؛ فكلاهما صار كالكـُـل المنقسم لجزئيات ، فتتحد الصور والأفكار والأهداف والأمنيات ... وللأسف كذلك تتحد الرغبات والنزوات والشهوات .

وسبحان الله العظيم الذى وضح لنا حكم أمثال هؤلاء الأخباث فى كتابه ، فقال تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19





ومن هنا كان لابد من ثورة تثورها المسلمة فى وجه كل ذلك ، ويكون شعارها :
[ أنا المستمسكة بدينها وإن رغمت الأنوف ، وإن تلطخت جباه أهل الكفر بالعار والخسار ] .

وليس من سبيل لهذا ، أفضل من سبيل المعرفة ومطالعة الحقائق .. ووضع الأصابع فى فوهة الجراح لمعرفة مدى الألم ، فـتستبصر المسلمة وترى بكل وضوح طريقها ، حتى إذا ماعرفته انساقت فيه مهرولة لتلحق بركب الصالحات السالفات .






ولهذا استعنت بالله الكريم ، وبدأت أخط هذه الكلمات اليسيرة ، وأسأل الله أن ينفع بها كل أخت قرأت منها شيئا .


ولسان حالى يقول :
أخــتاه ياذات الـضمير الحُـرّ والقـلب الحـنون
أخـتاه ياأغلى عـطاءً مـِـن إلــــه العالمين
يامنهل النفس التى تهفو إلى أنقى معين
بالله مهـلا إنـنــى والله مُـرْشِدكِ الأمين ( 1 )


ولأنها رسالة لابد من توجيهها للأبية التقية المستمسكة بدينها وعفافها التى لاترتضى من السبل إلا سبيل الطهر والبراءة والنقاء ..
فقد سميتها : [ بدينهن مستمسكات فى زمان المتغيرات ] .

وقسمتها على أبواب وفصول ، من باب التنظيم وعدم التشتيت .
والحديث فى هذا الموضوع سيستغرق من الوقت الكثير والكثير ، وإن شاء الله تعالى سنسير فيه بالبطء المتناسب مع حجمه ، لا حجم الموضوع ؛ وإنما حجم صاحبة الموضوع .. ألا وإنها المرأة المسلمة .






وسيكون سياق الموضوع كالتالى :



الباب الأول : نساء وفتيات بين شرائع وتصورات .

الفصل الأول : حياتها فى مختلف المجتمعات .
صورة لأحوال المرأة فى العهود التاريخية السابقة .. وما مورس عليها من تقاليد هاوية وأعراف بالية على حسب عدة اعتقادات .
الفصل الثانى : نظرة أهل الكتاب للنساء والفتيات .
صورة المرأة كما تصورها النصوص عند اليهود والنصارى فى كتبهم وفى أقوال حاخاماتهم وقساوستهم .
الفصل الثالث : وفى الإسلام وجدن أنفسهن ملكات .
المرأة فى ظل شرائع الإسلام . وما حباها به الإسلام من تقدير ، وما وجدته فيه من كرامة وحقوق .
الفصل الرابع : أقطيع من الغنمات ؟؟
إلى كل من علمت حالها وحال عزتها ، ثم آثرت تقليد من هن دونها درجة وأحط منها منزلة ورفعة .
إلى كل بناتنا ونساءنا المنساقات إلى مسايرة الغربيات دون وعى ولا فهم ، وكأنهن قطعان من الغنمات تابعات .
أقول لهن : أتستبدلن الذى هو أدنى بالذى هو خير ؟؟؟





الباب الثانى : بذور بنى عـلـمان . ( وقفات مع دور العلمانية )

الفصل الأول : العلمانية وذيولها .
الفصل الثانى : أختاه لاتصدقيهم واتقِ شر الخائنين .
الفصل الثالث : ياأخية فلتتبعى السابقات .
الفصل الرابع :استمسكى بالحياء والعفاف .







الباب الثالث : فليسترح قلب العفيفات .

الفصل الأول :الحجاب .
الفصل الثانى :تعدد الزوجات .
الفصل الثالث :الخلوة والإختلاط .
الفصل الرابع :العــنــــوسة .
الفصل الخامس :الطلاق .
الفصل السادس :المرأة العاملة .
الفصل السابع : كونى فريدة لامنفردة .






الباب الرابع : حلم كل فتاة من الفتيات .

الفصل الأول : أريد زوجا صالحا .
الفصل الثانى : نحو خطبة تليق بكِ .
الفصل الثالث : فى بيت الزوج .






الباب الخامس : التربية فى مصـنـع الأمــهـــــات .

الفصل الاول : عن التربية ومعناها وأهميتها .
الفصل الثانى : من أنواع ووسائل التربية .
الفصل الثالث : معالم ماقبل الولادة .
الفصل الرابع : التربية منذ المهد .
الفصل الخامس : أول مراحل الطفولة .
الفصل السادس : الطفولتان الوسطى والأخيرة .
الفصل السابع : تربية المراهقات .
الفصل الثامن : تربية الراشدات .
الفصل التاسع : نقاط محددة لصناعة الأمهات الملتزمات .






الباب السادس :أختاه كونى من الداعـيات .

الفصل الأول :دور المرأة فى الدعوة إلى الله .
الفصل الثانى :من صفات وأخلاقيات الداعيات .
الفصل الثالث :وسائل لنجاح دعوتكن .
الفصل الرابع :اِعلمى أن الإسلام فى حاجة لجهدِكِ ياأخية .






الــخــاتـــمة

أخـــتــــــــــاه هكذا نريدك .












( 1 )الأبيات للشاعر ( زهير المرزوق ) فى [ قصائد للفتاة المسلمة ] . نقلا عن مقدمة الشيخ _ وحيد بن عبد السلام بالى _ لكتاب [ الحجاب بين الموضة والشرع ] للكاتب _ أبو حمزة محمود حسين الترمذى _ .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 02-04-2008 الساعة 07:05 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-26-2008, 04:11 PM
مع الله مع الله غير متواجد حالياً
مشرفة سابقة-جزاها الله خيرًا .
 




افتراضي

تبارك الله
موضوع رائع وشامل لكل ما يتعلق بالأخت المسلمة
اعانكم الله على اتمامه
وجزاكم الله عنا خيرا وبارك لكم وبكم

متابعة باذن الله
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-26-2008, 06:37 PM
ام حسان ام حسان غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الرائع
و انا ان شاء الله العلي العظيم متابعة معك لاني اريد ان ادعو صديقة لي الى لبس الحجاب و ان شاء الله يكون الموضوع سبب في هدايتها
و جزاك الله الجنة
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-26-2008, 08:24 PM
مع الله مع الله غير متواجد حالياً
مشرفة سابقة-جزاها الله خيرًا .
 




افتراضي

تم نقل الموضوع الى روضة الأخوات لتعم الاستفادة للأخوات جميعا

أسأل الله العلى القدير ان يرزقكن الخير والصلاح والثبات على دينه وعلى نهج نبيه صلى الله عليه وسلم..
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-26-2008, 10:53 PM
أم الزهراء أم الزهراء غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي


جزاك الله خيراً أخى الفاضل
متابعه أن شاء الله

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-26-2008, 11:03 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي











والمشاهد لحال التاريخ وأوضاعه ومافيه من تغيرات ، يلاحظ بوضوح أن المرأة لم تسلم من هذه التغيرات .
فمع كل انتقال من مرحلة تاريخية للتى تليها ، تتغير نظرة أهل ذاك العصر للمرأة طبقا للأحوال والظروف المحيطة بواقعهم . فى خضوع شديد للظروف المكانية والزمنية والمعيشية ، وبإسقاط دقيق لكل هذه الأحوال والظروف إسقاطا مباشرا على المرأة المعاصرة لكل حقبة تاريخية من تلك الحقب .

وكذلك مع كل اعتقاد دينى سائد فى عصر من العصور ، لابد أن تنصبغ المرأة بالصبغات الملازمة لهذه العقيدة أو تلك المفاهيم والأفكار .. وقد يشتمل الحال الواحد أو المعتقد الواحد أو الفترة الزمنية الواحدة على أكثر من حال للمرأة .. فتتبدل أحوال المرأة وتتبدل النظرة الشاملة إليها فى غضون فترة زمنية واحدة أو معتقد سائد واحد .

فحال المرأة نراه متناسبا تناسبا طرديا مع حال كل عصر ، فكلما زادت الظلمات فى عصر وفكر زاد اضطهاد المرأة وازدراؤها .

وفى هذا الفصل سنحاول نبش بضع صفحات من صفحات الماضى .. والنظر لحال المرأة فى كنف ذلك الماضى ، الذى هو وإن كان اليوم بالنسبة لنا تاريخا ماضيا ،، فقد كان فى حينها واقعا معاصرا تعايشه المرأة وتخضع لكل ملابساته من خير أو شر .

فالمرأة على مرِّ العصور والأزمنة كانت تمرّ بمراحل مختلفة من القهر والظلم ، وكانت كل مرحلة من تلك المراحل تنتهى ولكن لاينتهى الظلم الواقع على المرأة ؛ بل يستمر اضظهاد المرأة وينتقل معها للمرحلة التى تليها وقد تزداد وطأته شدة وقسوة .







[ لقد تعرضت المرأة منذ القديم للتنقيص من قدرها حتى تحول دعاء الآباء في الصلوات في بعض الديانات إلى أن يُرزقوا بأبناء ذكور.



فإذا جاءت البشرى بولادة البنت فإنها تعني سواد الوجه وكآبة وحسرة لا يزيلها إلا أن تدفن تلك البنت وهي حية، فإن نجت من الوأد فالكآبة باقية وعلى البنت أن تعيش كسقط المتاع تـُملك ولا تـَملك محجورٌ عليها في تصرفاتها قليلة الحيلة عديمة الرجاء مكسورة البال تبيح بعض الشرائع بيعها كما تباع البهيمة أو يترفق بها فتؤجر لتعود بالأجرة بعد مدة .

وهذه مجتمعات وثنية كانت الأسرة إذا ولد لها بنات كثير وصادفت الأسرة الصعاب في إعالتهن تركتهن في الحقول ليقضي عليهن صقيع الليل أو الحيوانات الضارية دون أن تشعر الأسرة بشيء من وخز الضمير.
فحينئذ لا تسل عن تعليمهن وتثقيفهن فذاك لم يكن يخطر على بال.
حتى إذا حان زواجها زوجت بمن لا ترتضه في أنواع من أنكحة الشغار (وهو النكاح الخالي من المهر) والبدل والاستبضاع (وهو أن يرسل الرجل امرأته لغيره رغبة في نجابة الولد) فضلاً عن بيع بعضهن واستلام بدل عنهن، وماذا يكون ثمن المرأة في تلك المجتمعات؟! إنه عدد من الثيران يقدم للأب على أنه ثمن لابنته .
فكيف تعيش مع من اشتراها ودفع الثيران ثمناً لها ؟!
عليها أن تقوم بالوظيفة من الخدمة وحمل الماء من الأنهار والقيام بشؤون البيت ولا مانع مع هذا كله أن تتجر هي وزوجها وإذا غضب عليها زوجها تركها معلقة فلاهي ذات زوج ولا تستطيع الزواج.
حياة مريرة تعيشها المرأة بعيداً عن شرع الله حتى قال أحد الضالين في شريعته الوضعية: " الرجل رئيس فعليه أن يأمر، والمرأة تابعة فعليها الطاعة ".
ألا ساء مايحكمون.
وإذا كان هذا حال كثير من الزوجات فكيف بالمكرهات منهن على البغاء.
فعفوك ربي عفوك ممن لا يرجون لله وقاراً.
ولك أن تتصور امرأة في مجتمع من المجتمعات جالسة تنتظر الحرق وهي حيَّة.. أما الجريمة التي ارتكبتها فلا شيء سوى أن زوجها قد مات فعليها أن تلحق به طيعة راضية حتى أحرقوا نحواً من ستة آلاف امرأة في عشر سنين.
كل تلك المظالم كان رسل الله كلما أرسلوا دعوا إلى رفعها فالله لا يحب الظالمين ولكن محرفوا شرع الله لم ينفكوا عن تدنيس المرأة بدنسهم حتى حُرِّفت التوراة ونُسب فيها إلى المرأة من الخزي والعار ما شرع الله بريء منه كل البراءة،وقل مثل ذلك في تحريف الإنجيل حتى إذا كان القرن الخامس الميلادي اجتمع مجمع ماكون الذي يقدسه النصارى ليبحث في شأن المرأة، وماذا تراه يكون البحث؟!
لقد اجتمعوا ليبحثوا في حقيقة المرأة هل هي جسم بلا روح أو أن لها روح كالرجال؟ وكان القرار أن لها روح .
ولكن ماذا؟ لم ينتهي الأمر بعد, لقد قرروا أن لها روحاً شريرة غير ناجية من العذاب فيما عدا أم المسيح فإنها وحدها ذات روح ناجية من عذاب النار.
كم وكم تحملت المرأة.
حتى أذن الله لشمس الإسلام أن تُشرق فتنورت الأرض بشرع الله ونوره وهداه ] ( 1 ) .





ولتعلمى أختاه أنى فى هذا الفصل لست أسرد مجموعة من الحكايات المسلية أو أقصّ الأقاصيص من باب الترويح ، وإنما لكِ أن تدققى نظرتك بموضوعية فيما ستمرين عليه من كلمات .. وتتصورينها كأنكِ معاصرة ً لها .. وترَيْن مقدار الذل والهوان الذى عاينته المرأة وقاست من ويلاته وظلماته وتجرعت قهره قبل أن ينقذها الإسلام العظيم .
وبعد هذا فحينما ستقرئين عن حال المرأة فى الإسلام ، لابد لكِ أن تتذكرى حالها قبل الإسلام ، وتعقدى المقارنة المنصفة العادلة ... المقارنة التى تقارن وتفاضل بين نور وظلمة ، بين عدل وقهر ، وبين جمال وقبح .





المرأة عند الآشوريين ( 2 ) ، ( 3 )



(1814 – 626 ق.م.)
والمرأة كانت تعيش فى كنف هذه الدولة كجارية ليس إلا .
فكانت تابعة لزوجها ( سيدها ) فى كل شىء تقريبا ، وليس لها مخالفة أمر من أوامره ولا حتى يقبل منها مجرد التفكير فيه .
فإن ذهب زوجها يوما إلى القاضى وقال فقط أن زوجته تتسم بالتبذير أو الإهمال لشؤون بيتها يتم صدور الحكم فورا دون الإستماع لها ودون سؤالها عن صحة هذا الإدعاء من عدمه . ويكون الحكم هو ( القتل بالغرق فى الماء ) .
وإن غضب الرجل منها فى شىء فله الحق أن يخرجها من بيته ، وحينئذ تفارق حريتها إلى الأبد وتصير فى عداد الإماء وملك اليمين .





المرأة عند الصينيين ( 4 )



وأول مايطالعنا عن حال المرأة فى هذه الدولة .. هو مصطلح ( الــفـــو ) . وهذا يعنى فى اللغة الصينية القديمة ( الخاضعة ) .
وهذا المصطلح كان هو ماتتسمى به المرأة فى بلاد الصين من قديم الزمان .

وكان دورها عندهم أيضا لايعدو كونها تابعة مملوكة ، منعدمة الحقوق مطالبة فقط بتأدية الواجبات . فكان لزوجها من الحقوق مايصل لإمكانية عرضها للبيع فى الأسواق والممرات حسبما شاء ليقبض المال مقابل بيعها .
وإلى جانب هذا فقد كان للزوج الحق إن غضب على امرأته أن يقوم بدفنها حية .

وإن مات زوج المرأة الصينية كانت تمنع من الزواج بعده بأى حال ولأى سبب . فبموت زوجها انتهت حياتها تماما لتجلس تنتظر اللحاق به فقط .
إلى جانب أنها فى هذه الحالة ( موت زوجها ) تكون أشبه بالميراث ، فيمكن لأهل الزوج أن يتملكوها لتقوم بخدمتهم إلى آخر عمرها لأنها من ممتلكات ولدهم التى آلت إليهم بموته .

وكانت الصورة العامة للمرأة الصينية أنها مخلوق قاصر عن الفهم ليس له عقل يمكنه من التفكير .
فكانت موضعا للإحتقار والإمتهان من ذكور مجتمعها كافة .





المرأة عند الفراعنة ( 5 )



ويكفى فى وصف حال هذه المرأة كدليل على امتهانها ، تقديم المرأة قربانا رغبة من المصريين وقتها فى جلب النماء وتحصيل الأرزاق وتنمية الزروع والثمار ، فكانوا فى كل عام يقومون بقذف إحدى الفتيات فى مياه النيل دون أن تقترف أى ذنب أو خطأ فتموت غرقا ، بحجـة أن يرضَ النيل عنهم ويفيض عليهم بمياهه فيجلب لهم الخير .

وبصورة عامة فلم يكن حال المرأة فى هذه العهود الظالمة أفضل حالا من حال المرأة فى الدول الأخرى .
وقد يـُـشكل هذا على البعض ويتساءل فى نفسه ، أن كيف نقول هذا رغم أن هناك من النساء من اعتلت كرسى الحكم فى هذه الفترات ؟؟
ولكن من السهل جدا أن تعلم الفارق الطبقى الذى كانت تضعه مثل هذه الدول بين أفراد الشعب ، فبنات الأسر الحاكمة لهن معاملة مختلفة عن معاملة بنات العمال أو الفلاحين أو غيرهن من بنات أى طبقة من طبقات الشعب الأخرى . فالتكريم يقتصر على بنات الكهنة والملوك والأمراء والوزراء ، وفى المقابل يكون الإمتهان لبنات طبقات الشعب العامة .
ومن أراد أن يُــقـَـيِّـم فترة من الفترات فلا يستخدم المقاييس السارية على الخاصة ،، وإنما يكون الحكم مبنيا على حال العامة .








المرأة عند الـهــــنـــــود



والمرأة الهندية لاقيمة لها بدون زوجها البتة ، فإذا مات زوجها كان يستوجب على المرأة أن تتمدد بجوار زوجها حينما يحرقون جثته لتحرق حية مع زوجها الميت فى مراسم جنازته المعروفة عند الهنود بأنهم يقومون فيها بإحراق جثث الأموات .
فكل امرأة فى التراث الهندى كان موت زوجها بمثابة صدور حكم عليها بالإعدام حرقا رغم أن الحياة مازالت تدب فى أوصالها .

بل كانت المرأة عندهم ينظر إليها نظرة الإمتهان والإحتقار فى كل وقت ، حتى بلغ الحال بأحدهم أن قال أن : " الموت والحجيم والسم والأفاعى ليسوا أسوأ من المرأة " .

فالمرأة عندهم إحدى المصائب التى لاتعلو عليها مصيبة أخرى ، وإلا لما كان لأحمق كهذا أن يصفها بأنها أسوأ من الموت ومن الحجيم ومن كل هذه الكوارث .
وهذا إن دل فإنما يدل على ازدراء المرأة والجنس الأنثوى فى مجتمع قيلت فيه مثل هذه المقولة أو سادت فيه مثل تلك العادات .






المــرأة عند الإغريق والرومان ( 6 )




كانت المرأة فى هذه العصور أيضا كائنا تابعا مجردا من أحقيته فى أى شىء ؛ حتى فى التفكير . فلم يكن لها حق فى استخدام العقل كسائر البشر باعتبارها كائن قاصر لايسمح له عقله بالقدرة على التفكير أو التأمل نظرا لما يعتريه من طيش .
ولذلك فقد كان مجرد اتصاف الإنسان بالأنوثة يكفى لحجب الأهلية عنه . فيكون محجورا عليه فى ماله وفى تصرفاته وفى كل جوانب حياته . فكل امرأة كانت تخضع لمثل هذا لمجرد كونها أنثى .

ولذلك فد كان ممنوعا على المرأة أن تكون مالكة لشىء خاص بها ، أما ماتكسبه من أى وجه فلاتملكه وإنما يتم تمليكه لأسرتها التى تحيا فى كنفها سواء كان بيت أبيها أم زوجها .

بل لقد كان الرومان قديما يعتقدون أن المرأة كائن ليس له روح كسائر البشر أو حتى الحيوانات ، فكان بإمكان الرجل إن غضب عليها أن يذيقها العذاب ألوانا وألوانا ، فتارة يسكب عليها الزيت المغلى فتنسلخ وتموت . وتارة يربطها فى الأعمدة الخشبية أو جذوع النخل ويتركها مقيدة هكذا حتى تهلك ، وأحيانا كان يقوم بربطها فى ذيل خيله ثم يسرع بالخيل إلى أقصى درجة ممكنة حتى تموت تلك المرأة من شدة العذاب .







المـــرأة فى إسْـــــبَــــــرْطـَـــة ( 7 ) ، ( 8 )





وقد كانت هذه الدولة إحدى دول اليونان القديمة فى الفترة مابين عامى ( 700 : 338 ق.م ) .

وما سأحكيه من نظرة مثل هذه الدولة للمرأة ، إنما هو سبيل لكى تتأمل كل أخت مسلمة إلى ماتصير إليه المرأة إذا خضعت وارتضت بقوانين من صنع البشر .. فمما هو معلوم أن تشريعات البشر لابد أن يدخلها القصور ويعتريها الضعف والوهن وتشوبها قلة الحكمة أو انعدامها .

وقد كانت دولة ( إسبرطة ) هذه تسير على وفق تشريع محدد شرعه لها رجل اسبرطى يسمى ( ليكرجس ) فـسَــنّ لها القوانين والتشريعات التى تسير عليها وتكون لها دستورا .

فما هو حال المرأة فى ظل هذه القوانين ؟؟؟

كان هذا المجتمع ينظر للمرأة على أنها ليست إلا وعاء للولادة فحسب .. فدور المرأة وقتها كان قاصرا على الإنجاب .. ولهذا فقد كانت الفتيات الصغيرات يتربين مع أمهاتهن فى المنازل بشكل طبيعى جدا ، ثم :
يتم تقسيمهن إلى قطعان للتدريب الرياضى العنيف البالغ الخشونة ، ويجمعونهن فى الساحات العامة أمام الملأ جميعا ( عــــــــــــــــاريات تمــــــــــاما ) .

فلابد لكل فتاة تخطت مرحلة الطفولة وبدأت تتضح أنوثتها ، أن تتعرى أمام العامة من الرجال وترقص وتهرول وتتدرب أمامهم .

ويبررون مثل هذا التشريع بأنه لابد منه ؛ لكى تتخلى النساء عن حيائهن وخجلهن كصفات ذميمة لايصح تواجدها فى الإنسان السليم .. وبأنه لابد للمرأة الإسبرطية أن تتخلى عن أنوثتها وتنساها ... فالمرأة الإسبرطية عليها أن تنجب رجالا أقوياء فقط ..

وكان هذا هو السبب الوحيد الذى من أجله أوجبوا على الفتاة أن تتدرب على فنون القتال وتحمل الأشياء الثقال ، حتى تتغير معالمها من معالم الأنوثة ، إلى معالم ومظاهر الخشونة التامة ، واعتقدوا أن هذا سيكون سببا لأن يتميز الذكور الذين ستنجبهم بالقوة والصلابة .

فكانت فائدة التدريب نفسه ليست لقصد إفادتها ، بل كانت المرأة لديهم سلما وواسطة للوصول إلى جيل قوى من الرجال ، حسب اعتقادهم .

فكانت المرأة فى هذا العصر عبارة عن كائن متجرد من صفات أنوثته التى خلقه الله عليها ؛ فكانت قاسية الطبع ، منعدمة الحياء ، لاتعرف شيئا يسمى الخجل ، وهذا مضاد لفطرة المرأة السوية .

ولكِ ياأخيتى أن تفهمى مما سبق نظرة هؤلاء للمرأة . فهم جاءوا على أنوثتها وحـرموها منها ، وأوجبوا عليها تضحية لم يكن لها فيها اختيار ... فجـعـلوها تضحى رغما عنها من أجـل قوة النسل .. وفى المقابل لكِ أيتها الأخت أن تتفهمى من هذا مدى ازدراءهم لمعنى الأنوثة ذاتها ؛ فالأنوثة عندهم بهذا المفهوم ليست إلا أمرا مشينا معيبا يلحق النقص بصاحبته . وكأنَّ الإناث عار عليهم يخجلون منه . هذا بالطبع إلى جانب إيجاب التخلى عن الحياء والخجل لكل امرأة .








المرأة فى العصور الأوروبية الوسطى ( 9 )






وكانت هذه الفترة هى الفترة الزمنية مابين عامى ( 476 م : 1453 م ) .
وهذا العصر فى أوروبا كان من العصور التى تدين فيها أوروبا بالنصرانية ، وكان أكبر نفوذ للدولة فى هذا العصر هو نفوذ ( النـظـام البـَـا بَــوى ) ، فكان من يتم تنصيبه لمنصب ( البابا ) عند النصارى فى هذا العصر ، يكون هو رأس النظام السياسى الحاكم ، فكان صاحب هذا المنصب أعلى رتبة من أى حاكم سياسى فى هذا العصر . وكانت سياسة الكنيسة وقتها تقوم على النظام الإقطاعى مما وفــّـرَ لها دخولا ثابتة تغنيها عن الخضوع للحكام بقدر ماتعطيهم نفوذا يربو على نفوذ الحكام الرسميين .

أما عن المرأة فى هذا العصر فقد كان دورها ثانويا منعدما بالفعل ، فلم يكن أحد ليعيرها اهتمامه وقتها ..
فالكنيسة من جهة ، تعتبرها شريكة آدم التى حرضته على المعصية والخطيئة ، ولذلك فهى تستحق كل إهانة ومذلة . ويجب الحذر منها ومن شرورها وأخطارها .
حتى وصل الأمر بالكنيسة أن كانت تنصح رجالها بعدم الزواج ، على اعتبار أن المرأة عامل من عوامل الغواية حتى لو كانت زوجة للرجل .
[فقد كانوا يرون أنها شيطان رجيم، وأنها منبع الخطيئة، ومصدر الشر، وأن من خطرت في قلبه صورة امرأة أو تعلق بها أو اشتهاها، فإنه قد يطرد من ملكوت الله؛ لأنه بذلك يفكر في الدنس والخطيئة ( 10 ) ] .

ومن جانب زوجها ، فقد كانت المرأة تابعة لزوجها ، لاتتمتع بأى حقوق تجاهه .. فهو سيدها الذى له عليها كل الحقوق وهى المملوكة المنعدمة من أى حقوق يعطيها لها الزوج . ولقد وصل هذا الأمر إلى أن تبارى كـُـتـَّـاب هذا العصر فى إطلاق الحرية للرجل فى ضرب الزوجة وإهانتها بالقدر الذى يرتضيه ، كما تركوا له حرية إيذائها بأى صنف من صنوف الإيذاء .
وهذا يثبت حد الإمتهان الذى صاحب المرأة فى نظر وعقول المفكرين والعامة فى هذه العصور المظلمة .
[ فقد كان فلاسفة اليونان يكتبون -وكتاباتهم موجودة إلى اليوم- ويتساءلون هل المرأة إنسان أم لا؟! وهل للمرأة روح أم ليس لها روح؟! ( 11 ) ] .

واقتصر دور الكنيسة إزاء هذه القضية فى شىء واحد فقط ،، وهو : ( تحديد حجم العصا التى ستضرب بها هذه الزوجة التعيسة ) .

كما كان للزوج وقتها الحق فى أن يبيع زوجته إن شاء ووقتما شاء .


وأما عن المرأة وقتها كفتاة مرغوبة للزواج ،، فكان المعيار المتفق عليه والمعروف عند الجميع هو المعيار المادى فقط ، فكان لابد للرجل أن يراعى فى اختياره للزوجة أن تكون وريثة قطاع أو على أقل تقدير تكون وريثة مساحة كبيرة من الأراضى .. وكان من حق الزوج بالطبع أن يستملك منها هذا الميراث نظرا لأنه مالك لها ومالك لما لديها .. وبعد الزواج كان من الواجبات على الزوجة أن تلد مولودا ذكرا ؛ فإن أخفقت الزوجة فى هذه المهمة كان من السهل جدا على زوجها أن يتفق مع الأسقف على أن يفسخ زواجه منها ، مقابل بعض المال الذى يقدم للأسقف كرشوة أو مقابل أى شىء يتم إغراء الأسقف به ، وذلك بالطبع لأنهم كان من دينهم أنه لايوجد شىء اسمه الطلاق أو الإنفصال .

ومن ناحية الميراث هذا ففى الأصل لم يكن للمرأة الحق فى أن ترث أباها أو أمها إلا فى حالة عدم وجود إخوة لها من الذكور ،، ولكن إن كان لها أخ ذكر فليس لها حق فى الميراث ويستحوذ أخوها على الميراث وحده .

فحال النساء فى هذا المجتمع لم يكن أفضل حالا من حال مثيلاتها فى المجتمع اليونانى القديم رغم التفاوت الزمنى الكبير بين المجتمعين واختلاف الديانة .

فالمرأة عند هؤلاء القوم مجرد تابعة ومملوكة لزوجها .. عليها لزوجها كل الحقوق . وليس لها عند زوجها أى حق ، ومن جانب آخر هى رمز الغواية والضلال وسبب الخطيئة ، فهى الكائن الذى لابد من التحذير منه مخافة الوقوع فى الغواية والفساد . وأيضا ليس للمرأة أن ترث إلا حين انعدام وجود الوارث الذكر ، مما يفقدها أحقيتها البشرية والإنسانية كإنسان له حق فى مجتمعه . ومن جانب آخر يمكن للرجل فى أى لحظة أن يخالف اعتقاده ويتبرأ من هذه المرأة فى أى لحظة بمباركة رجال الدين .

فهل تظن الأخت المسلمة أن هذه الصورة فيها جانب واحد مضىء ؟؟
فلله الحمد على نعمة الإسلام .







المرأة عند العرب قبل ظهور الإسلام





والمرأة فى هذه المرحلة تبدأ رحلتها منذ ولادتها . فحينما تولد تكون مهددة بالقتل ، فيما يسمى بــ ( وأد البنات ) .
كما أخبرنا القرآن بذلك فى قوله تعالى : [ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ{8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ{9} ] [ التكوير ] .
فمجرد أن يُـرْزق الرجـل بمولودة أنثى كان هذا هو العار بعينه .. فكانت ولادة الأنثى تمثل فى نظر أبيها قدوم الفقر معها .
كما جاء فى القرآن الكريم : [ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{151} ] [ الأنعام ] .
وكذلك فولادة الأنثى كانت تستصحب بالخوف من المستقبل الذى سيعانيه الأب منها ، فهى فى نظره عالة لاتفيد فى شىء وإنما على العكس تماما ، ستكلفه وتثقل عاتقه بالأعباء ويكون مطالبا بالإنفاق عليها طيلة حياتها .

وبهذا كان شعور من رُزق بمولودة يومها شعورا مختلطا بين الخوف من العار والفضيحة التى ستجلبها له ، وبين عدم نفعها ، فضلا عن تكلفتها بدون جدوى ولا فائدة ، إلى جانب الخوف من الفقر المقبل مع ولادة البنات . فيتسبب هذا فى تعاسة الأب وخجله حتى يظهر ذلك عليه ويتوارى خجلا من قومه .. ويرى السبيل الوحيد لذلك هو وأد هذه المولودة بدفنها حية فى التراب .

كما قال تعالى :
[ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ{58} يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{59} ] [ النحل ] .


ثم مايوضح حال المرأة كذلك فى تلك الحقبة الزمنية ، يمكن أن يُـستفاد مما كان يلحق بالمرأة من جراء هجوم إحدى القبائل على قبيلتها فى غارة خاطفة ، فتكون المرأة وقتها مملوكة كأمة من الإماء عند أحد أفراد هذه القبيلة المعتدية ، فرغم ماكان عند العرب وقتها من كرامة وعزة برغم جاهليتهم ، إلا أنهم لم يعالجوا شيئا مثل هذا فلم يتعارفوا مثلا فيما بينهم على الإبتعاد عن النساء وسط الحروب صيانة لهن ، وإنما سرى أمر مثل هذا على الجميع ، فعاشت المرأة فى الأصل فى انعدام أمن سواء فطنت لذلك أو لم تفطن .

وكذلك فى تصوير أوضاع المرأة عند العرب فى تلك الفترة لايمكن بحال من الأحوال إغفال السوء الموجـود فى ثنايا أنواع النكاح وقتها ، وهو الذى رواه الإمامان البخارى فى صحيحه وأبو داود فى سننه ( رحمهما الله ) من حديث أم المؤمنين أم عبد الله عائشة ( رضى الله عنها ) ، حيث أشار الحديث لأنواع من النكاح تبين مدى الوضاعة والإنحطاط لحال المرأة فى كنف مثل ذاك المجتمع .

وكذلك كانت المرأة لاترث فى هذا العصر الجاهلى ، فقد كانوا يقولون وقتها : [ لايرثنا إلا من يحمل السيف ويحمى البيضة ] .
بل كانت المرأة نفسها ميراثا يُوَرّث كسقط المتاع ، وكان معروفا وقتها أن الرجل من حقه إن مات أبوه أن ينكح امرأة أبيه . إلى أن نهى القرآن عن هذا ، قال الله تعالى : {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً }النساء22

وكان على المرأة إذا مات زوجها أن تبقى فى بيتها عاما كاملا ، لاتلبس ثوبا حسنا ولا تمشط شعرها ولا تقلم أظافرها ، وكذلك لاتمس الطيب .






حــــــــاشية الـفــصــــــل





( 1 ) جزء من محاضرة للشيخ [ أيمن سامى ] .

( 2 ) الدولة الآشورية تتراوح مدتها مابين عامى (1814 – 626 ق.م.) وقد بدأت بمجموعة من القوم الذين كانوا يقطنون جنوب العراق ، ثم هاجروا إلى القسم الشمالى منها وأقاموا فيها دولتهم الآشورية . واستمدوا هذا الإسم من عقيدتهم حيث كانوا يعبدون مايسمى لديهم بـــ ( آشــور الإله ] .

( 3 ) ، ( 4 ) ، ( 5 ) ، (6 ) منقول بتصرف واختصار من رسالة [ المرأة فى الإسلام والنصرانية واليهودية ] للأخ [ مسلم عبد الله أبو عمر ] .

( 7 ) إسبرطة : دولة قامت على أرض اليونان فى قديم الزمان . حيث كانت اليونان تنقسم وقتها إلى دوَيلات صغيرات ومن أشهرها ( أثينا ، اسبرطة ) وكان ذلك فى الفترة مابين ( عام 700 : عام 338 قبل الميلاد ) . وكانت هذه المدينة تقع فى ظروف جغرافية جبلية أشبه ماتكون بمجتمعات البدو والبادية ، حيث كانت عبارة عن منطقة وعرة تحيط بها الجبال من كل اتجاه . وكانت هذه الدولة من الدول الظالمة التى تعتمد على القوة فى كل شىء .. فكانت تفرض سيطرتها وتسلطها على العشائر المجاورة لها وتجمع منهم الضرائب بالقسر والقوة .

( 8 ) ماكتبته من كلمات عن حال المرأة فى ( إسبرطة ) كان اختصارا لما قرأته عن تاريخ هذه الدولة ونُـظم معيشتها السياسية والإجتماعية والإقتصادية فى كتاب [ تاريخ التربية ونظام التعليم فى مصر ] لأعضاء هيئة التدريس بقسم الإدارة والتخطيط والدراسات المقارنة _ كلية التربية _ جامعة الأزهر ،،، صــــ ( 47 : 54 ) .

( 9 ) وحديثى عن المرأة فى ( العصور الأوروبية الوسطى ) منقول اختصارا أيضا من فوائد قراءتى لهذه المرحلة التاريخية العامة بجوانبها كاملة فى ( المصدر السابق ) صــــ ( 89 : 132 ) .

( 10 ) من محاضرة [ قضية المرأة ] للشيخ [ سفر بن عبد الرحمن الحوالى ] حفظه الله .

( 11 ) المصدر السابق .







التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 01-30-2008 الساعة 07:18 AM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-27-2008, 02:19 PM
ام البنين ام البنين غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاك الله خيرا اخي الفاضل وجعله الله في ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-28-2008, 01:33 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




Islam













والحديث هنا عن اليهود وعن النصارى . فلقد حفلت الأسفار بكثير مما يصف حال المرأة والنظرة السائدة الموجهة لها فى التوراة المحرفة . وكذلك أقوال الحاخامات وغيرهم من اليهود سواء كانوا عواما أو رجال دين .

ومثل ماجاء فى أسفار اليهود ، جاء قريب منه فى فقرات كتاب النصارى المحرف ، وإن كنت قد جمعت بين اليهود والنصارى فى الحديث عنهما ، فذلك لأن النصارى أنفسهم قد جمعوا أسفار اليهود فى كتابهم كعهد قديم ، ثم ألحقوا بها ما زعموا فيه أنه العهد الجديد للإنجيل . فكان الكتاب الذى أسموه بــ ( الكتاب المقدس ) . والذى جمع بين دفتيه صنوفا من الفضائح التى كان عليهم أن يخجلوا منها بدلا من أن يتعبدوا لربهم بها .
وكذلك لأن كِـليْهما قد اجتمعا فى حرب موحدة ضد الإسلام والمسلمين ، فكان لابد لنا من أن ننظر إليهما على كونهما بوتقة واحدة وجبهة حربية متحدة فهم رغم خلافاتهم إلا أنهم حلفاء فى الحرب على الإسلام .
ومن جانب آخر كان الصواب أن يتم توحيد الحديث عنهما نظرا لتقارب أو تماثل نظرتيهما للمرأة .
النظرة التى اتفقت فيما بينهما على دونية ووضاعة المرأة وانعدام وزنها وقدرها ، كما ستقرئين أيتها الأخت الفاضلة .





فترجع نظرة اليهود والنصارى للمرأة إلى بدء الخليقة ، حين خلق الله آدم وحواء ؛ فتتحد نظرة اليهود والنصارى للمرأة على أنها صورة لحواء التى يعتقدون فيها أنها سبب غواية آدم ( عليه السلام ) ، فهى على حد فـهمهم مَن أغوته وَوَسْـوَسَـتْ له ليعصىَ ربه تعالى ويخالف ما أمره الله به من اجتناب الشجرة ، فأضلته وكانت السبب الرئيسي فى طرده من الجنة ونعيمها وهبوطه إلى الأرض ومعاناتها ومكابدة قسوتها .
فعند اليهود والنصارى تتبلور المرأة فى كونها ( حـواء ) التى كانت على زعمهم مصدر التعاسة لزوجها ( آدم ) .

ثم تأتى بعد ذلك نظرية توريث الذنوب التى تـحـفـل بها عقلية اليهود والنصارى .. فيمتد السياق ليشير إلى كل رجل وامرأة ، فكل رجال الأرض قد ورثوا من ( آدم ) المعصية . فكل مولود ذكر ليس يولد بصفحة بيضاء نقية ؛ وإنما يولد وفى صحيفته معصية الأكل من الشجرة .

أما النســـاء فقد ورثن عن ( حـواء ) صفة الغواية والضلال بزعمهم . فكل امرأة منتظرٌ منها أن تغوى الرجل لأنها ورثت صفة الغواية والوسوسة من ( حـواء ) .

فكانت صورة ( حـواء ) كما يرونها وكما يعتقدونها هى الصورة الحقيقية الأصلية ، التى تم نسخها لصور عديدة اليوم تتمثل فى النساء المعاصرين لكل زمن وكل جـيـل ، فالنساء جميعا متبلورات فى أنـَّـهن أسباب غواية وضلال الرجال ، ولم يستثنوا من ذلك أى امرأة إلا : السيدة [ مريم ] أم رسول الله [ عيسى ] ( عليهما السلام ) .

فمن فكرة المعصية الأولى والخطيئة الأصلية ، تـشكلت لديهم النظرة العامة للمرأة ، وعليها انبنت كل أقاويلهم وأفكارهم تجاه المرأة فيما بعد . فتجد المرأة واقعة فى ظلم بالغ فى الشرائع ، ولم تسلم كذلك فى الإعتقاد من الإزدراء والإنتقاص والتقليل .

فكما قـلـنـا أن حواء عند اليهود والنصارى هى سبب الخطيئة الأصلية حسب اعتقاداتهم . فيعتقدون بأن ( حَـيَّـة ً ) وِسْـوَسَـتْ لـحَـوَّاء بالأكل من الشجرة ، فقامت حــواء بدورها بالوسوسة لزوجها آدم حتى يأكل من الشجرة ويطعمها معه .
وهذا وحـده فيه مافيه من تشبيه المرأة بالحـَـيـَّـةِ الماكرة الخبيثة التى ، دأبت على الغدر ، فجاء تفكيرهم بهذه الصورة ليتمكنوا من إلصاق التهمة بالمرأة ، وهذا إن دلَّ فإنما يدلُّ على سفه العقول وضيقها ، وعلى المسارعة فى التنصل من أى مسؤولية . فرمزوا لها بـهـذا الرمز القبيح الذى يأنف كلّ حُــرٍّ أن يتمثل به لأى سبب .




والقصة فى كتابهم جاءت فى الإصحاح الثالث من سِـفـْـرِ التكوين ، وتحت عنوان ( سـقوط الإنـسـان ) ، كالآتى :
[ و كانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله ، فقالت للمرأة : أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة فقالت المرأة للحية : من ثمر شجر الجنة نأكل وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله : لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا فقالت الحية للمرأة : لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل ، وأنها بهجة للعيون ، وأن الشجرة شهية للنظر . فأخذت من ثمرها وأكلت ، وأعطت رجلها أيضا معها فأكل فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان . فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر وسمعا صوت الرب الإله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار ، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة فنادى الرب الإله آدم وقال له : أين أنت فقال : سمعت صوتك في الجنة فخشيت ، لأني عريان فاختبأت فقال : من أعلمك أنك عريان ؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها فقال آدم : المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت فقال الرب الإله للمرأة : ما هذا الذي فعلت ؟ فقالت المرأة : الحية غرتني فأكلت فقال الرب الإله للحية : لأنك فعلت هذا ، ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية . على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك وأضع عداوة بينك وبين المرأة ، وبين نسلك ونسلها . هو يسحق رأسك ، وأنت تسحقين عقبه وقال للمرأة : تكثيرا أكثر أتعاب حبلك ، بالوجع تلدين أولادا . وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك وقال لآدم : لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا : لا تأكل منها ، ملعونة الأرض بسببك . بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكا وحسكا تنبت لك ، وتأكل عشب الحقل بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها . لأنك تراب ، وإلى تراب تعود ] . [ التكوين : 3 _ 1 : 19 ] .

وهـذه القصة فيها من الهراء مافيها ، ويكفى لتبيان سفهها الإشارة للفقرة التى تجيب فيها حـواء على سؤال الحـية ، فتخبرها بأن الله نهاهما عن الأكل من هذه الشجرة لئلا يموتا ، وبعدها تذكر الفقرات أنهما أكلا بالفعل ؛ ولكنهما لم يموتا ، إذن فالفقرة من جهلهم تدعى أن هذا الإله قد كذب عليهما .. فهل يكذب الإله ؟؟
ولكن ليس هذا بمحل بسط وتفصيل فى مثل هـذا ؛ فلنتأمل سويا ماجاء فى هذه الفقرات :

فانظروا كيف صوروا جواب آدم ؟؟
[المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت ] .
فهذا مايورثونه لأنفسهم اليوم ، المرأة هى المخطئة ، ويتبرأ كل رجل ويتنصل هاربا من مواجهة خطئه ، ليلصق السبب فى من ؟؟ فى المرأة .

ثم لتنظرى أختنا الفاضلة ، لما جاء فى الفقرة من عقوبات :
[ تكثيرا أكثر أتعاب حبلك ، بالوجع تلدين أولادا . وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك ] .

فعلى ماجاء فى هذا الكلام ، فكل امرأة تحمل أو تلد فحملها وولادتها ومخاضها ماهو إلا عقوبة تعاقب بها بسبب معصيتها للرب ، وكذلك فقد جعلوا مجرد اشتياق المرأة لزوجها وحنينها إليه الذى فطرها الله عليه ؛ جعلوا كل هذا نابعا من عقوبة مماثلة تـُـعـَـاقـَـبُ بها المرأة إلى أبد الدهر وحتى تقوم الساعة .

ثم لكِ أختنا الفاضلة أن تتأملى فى العقوبة الواقعة على ( آدم ) :
[ ملعونة الأرض بسببك . بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكا وحسكا تنبت لك ، وتأكل عشب الحقل بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها . لأنك تراب ، وإلى تراب تعود ] .

فعلى هذا أيضا ، فالمرأة سبب فى حلول اللعنات على الأرض جميعها ؛ حيث كانت المرأة سبب هذه الغواية وهذا الإنقلاب .
ليس هذا فحسب ؛ وإنما كل مايعانيه ( آدم ) وبنوه إلى اليوم ( كما زعموا ) من تعب فى المعايش وغيره إلى يوم القيامة ، قد تسببت فيه المرأة أيضا .

فأى تكريم للمرأة فى مثل هذا ؟؟

ولكن :
هل انتهت المسألة عند هذا الحـد ؟

لا لم تنتهِ ؛ وإنما استمرت مع الأجيال جيلا بعد جيل ، وكانت هذه الإهانة التى رأينهاها للمرأة هى لـُـبّ وجوهر قضية الإعتقاد عند النصارى ، فقضيتهم تمثلت فيما سبق من أنه الخطيئة الأصلية التى توارثتها الأجيال ؛ وكان لابد حتى تتحقق المغفرة أن يُـرْسِلَ الله ابنه إلى الأرض ( تعالى الله عن الند والنظير والزوجة والولد وعن كل نقص . سبحانه ) لكى يضحى بنفسه على زعمهم فداء لهم وسببا لتحصيل المغفرة من ذنب كانت بدايته عند حواء التى أضلت آدم على زعمهم .

فاللهم لاحول ولا قوة إلا بك .






ثم هذه المعصية الملتصقة بحــواء استمر توارثها وانتقالها لكل النساء من بعدها إلى يوم القيامة ، فكل مولودة تولد ومعها معصيتها .
وكما قلنا ، من هنا جاء ازدراء اليهود والنصارى للنساء وللجنس الأنثوى بصفة عامة .

ولتوضيح مثل هذا ، يمكـننا أن نتأمل فى ماقاله ( القس ترتوليان ) وهو يخاطب بنات دينه ، فيقول لهن :
[هل تعلمن أن كل واحدة منكن حواء ؟؟ فما كتبه الله عليكن ما زال مستمرا إلى عصرنا هذا ، والخطيئة مستمرة أيضا ، وأنتن الباب الذى يدخل منه الشيطان ، وأنتن السبب فى خطيئة الشجرة المحرمة ، وأنتن أول من ارتكب معصية ، وأنتن اللاتى أغـوين آدم الذى لم يستطع الشيطان أن يغويه ، فأنتن دمرتن العلاقة بين الإنسان والرب ، وبسبب معصيتكن قـُـتِـلَ ابن الإله ] ( 1 ) .

وهذا القول يفسر ماقاله ( ترتوليان ) أيضا فى موضع آخر :
[ إنها – أي المرأة - مدخل الشيطانإلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله، مشوهة لصورة الله (الرجل) ] .

فسبحان الله العظيم ، بلغوا فى تكريمهم للمرأة على حـد زعمهم أن جعلوها هى السبب فى كل شر وبلاء .

بل تمادى ( القس أوجستين ) فى هذا الصدد ، فنفى عن المرأة أى فائدة مرجوة منها إلا : إنجاب الأطفال وكفى . حين قال فى رسالة بعثها لصديق له :
[ ليس هناك فرق بين الزوجة والأم فهى فى كلتا الحالتين حـواء التى غـوت آدم ، ويجب أن نحذر جميعا منها ... لاأعرف مافائدة المرأة بالنسبة للرجل سوى أنها تنجب أطفالا ]( 2 ) .

وهكذا حكم رهبان النصارى على المرأة بأنها صورة من حـواء التى صوروها على أنها سبب الغواية والضلال والمعصية لآدم وبنيه جميعا إلى يوم الدين ، فهى كائن يجب الحذر منه واجتنابه فى جميع الأحوال ... ولا فائدة فيها ولا نفع ؛ فهى كائن اقتصر دوره على الحمل والولادة فقط .


بل جاء بعدها بقرون من بالغ فى هذا أكثر وأكثر كــ ( القس توماس أكويناس ) الذى أكد على عدم جدوى المرأة والنفع فيها . فقال :
[ إن المرأة لافائدة لها ؛ أما الرجل فيولد صالحا ويُـوَرِّثُ هذا لبنى جنسه ؛ لكن المرأة مشوبة بالاخطاء منذ ميلادها ]( 3 ) .

فعقد مقارنة ظالمة بين المرأة والرجل ، وانتهى فيها إلى أن الرجل يولد على الصلاح وينقل الصلاح لذريته ، وأن المرأة على عكس ذلك تولد على المعصية وتنقل معصيتها لذريتها كذلك . ولهذا نفى عنها النفع والفائدة .

وقد أكد الشهير ( مارتن لوثر ) هذا الإعتقاد السائد ، فى عبارته الشهيرة :
[ إذا تعبن أو متن الأمر لايهم ، فليمتن بعد الولادة ؛ فهذه هى وظيفتهن ]( 4 ) .

ويعنى أن المرأة إذا وضعت مولودها لم يعد من المهم أن تحيا أم تموت ، فهى مخلوقة لهذه الوظيفة فقط لاغير ؛ ألا وهى أن تكون وعاء يفيض بالإنجاب ، فإذا أنجبت فقد أدت وظيفتها ودورها وماعاد لوجودها معنى .
حسنا ، ولكن ماذا عن المرأة العقيم التى لاتنجب ؟؟ فهل هذه ليس لها أن تحيا أم ماذا ؟؟

فهذا لون من ألوان تكريم المرأة وتوقيرها ومعرفة قدرها عند أهل الكتاب . والألوان غير ذلك كثيرة وكثيرة .





ومن أجـل هذا المعتقد القبيح الذى اعتقدوه فى الجنس الأنثوى ، فقد أهانوا المرأة وشوهوها فى عقولهم ، حتى اعتبروا مجرد ولادتها دربا من دروب الخزى والعار .

فيأتى الإنجيل الكاثوليكى فى إصحاحه الثالث ليطرح العبارتين مجتمعتين عن الذكور والإناث فيقول :
[ إن ميلاد الفتاة خسارة ] ( ecclesiasticus : 3 _ 22 ) .
ثم يقول :
[ الرجل الذى يعلم ابنه الذكر فيحسده أعداؤه ] ( ecclesiasticus : 3 _ 30 ) .

ويؤكدها أحد حاخامات اليهود بهذه العبارات :
[ إنه خيرا أن تنجبوا ذكورا ، لكنه شرا أن تنجبوا إناثا ]( 5 ) .
[ الجميع يسعدون بميلاد الذكور ، لكنهم يحزنون لميلاد الإناث ]( 6 ) .
[ عندما يولد الذكر يحل السلام على الأرض ، لكن عندما تولد الأنثى فلا يحل شىء ]( 7 ) .




وبعد الولادة ، تستمر نظرة الدونية ناحية المرأة ، وتتمثل هذه المرة فى حال أم المولود بعد انتهاء الوضع .
فمن تلد ذكرا تتنجس ( سبعة أيام ) ؛ أما من تلد الأنثى فتبقى نجاستها ( أسبوعين كاملين ) . وكأنها كانت تحمل وتضع مولودا من الكائنات الأخرى .

جاء فى الإصحاح الثانى عشر من سِـفـْـر اللاويين :
[ وكلم الرب موسى قائلا كلم بني إسرائيل قائلا :إذا حبلت امرأة وولدت ذكرا ، تكون نجسة سبعة أيام. كما في أيام طمث علتها تكون نجسة وفي اليوم الثامن يختن لحم غرلته ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يوما في دم تطهيرها . كل شيء مقدس لا تمس ، وإلى المقدس لا تجئ حتى تكمل أيام تطهيرهاوإن ولدت أنثى ، تكون نجسة أسبوعينكما في طمثها ] [ اللاويين : 12 _ 1 : 5 ] .






وأما عن الطمث الذى يصيب النساء كما فطرهن الله على ذلك ، فالأحكام عند اليهود والنصارى هى من توضح حال المرأة عندهم إن كانت مُـكـرّمة أم غير ذلك .
المرأة حين محيضها تكون كالكائن النجس الذى ماإن احتك بشىء أو لامس شيئا أصابه بالنجاسة ، حتى إن بعض اليهوديات مازلن حتى اليوم يطبقن على الحيض مصطلح ( اللعنة ) . نظرا لما يعانينه ويقاسينه أثناء هذه الفترة التى تعتريهن طبقا لما جـُـبـِـلن عليه من خِـلقة .

ومن المضحكات المبكيات ماوضعه أحد الحاخامات اليهود من تفصيل غريب فى شأن الحائض ، حيث وضع فارقا بين أن تكون المرأة فى بداية حيضها وبين أن تكون فى نهاية فترة الحيض ، فقال :
[ لو مرّت امرأة حائض بين رجلين فى بداية فترة المحيض سيموت أحدهما بسببها ، ولو كانت فى نهاية فترة المحيض ستتسبب فى خلاف بينهما ] .

فسبحان الله العظيم ماهذا الحيض الذى يتحكم بزعمهم فى حياة الناس وموتهم ، وفى اجتماعهم وافتراقهم .. إنها لإحدى الكـُــبَـرْ .

أضف إلى ذلك أن زوج الحائض يُـمنع من دخول المعابد اليهودية أثناء فترة حيض زوجته ، لأعتباره متنجسا بنجاستها ، حيث أن الأمر لايخلو أن يكون قد خطا فوق الثرى الذى خطت من فوقه الحائض . فتنجس بسببها . وفى نفس المعابد وصل الأمر لأن يُـمنع أى قديس من قديسيهم أن يلقى خطبته المعتادة على الناس إذا كانت زوجته أو إحدى بناته أو حتى أمه حائضا .

كما تجدر الإشارة إلى أنه كان فى فترات سابقة يقوم اليهود بنفى الحائضات فى دار تسمى بــ ( بيت الدّناسة ) وتظل هناك يذهب عنها الطمث ، ثم تـُـعاد لبيتها بعد ذلك .

وكل ذلك يفعلونه احترازا من نجاسة المرأة ، وتنفيذا لما جاء عندهم فى سـِـفـْـر اللاويين :
[ وإذا كانت امرأة لها سيل ، وكان سيلها دما في لحمها ، فسبعة أيام تكون في طمثها . وكل من مسها يكون نجسا إلى المساء وكل ما تضطجع عليه في طمثها يكون نجسا ، وكل ما تجلس عليه يكون نجسا وكل من مس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بماء ، ويكون نجسا إلى المساء وكل من مس متاعا تجلس عليه ، يغسل ثيابه ويستحم بماء ، ويكون نجسا إلى المساء وإن كان على الفراش أو على المتاع الذي هي جالسة عليه عندما يمسه ، يكون نجسا إلى المساء ] [ اللاويين : 15 _ 19 : 23 ] .

وكما أن هذه الأحكام للحائض ، فكذلك كانت بعينها أحكام المستحاضة :
[ وإذا كانت امرأة يسيل سيل دمها أياما كثيرة في غير وقت طمثها ، أو إذا سال بعد طمثها ، فتكون كل أيام سيلان نجاستها كما في أيام طمثها . إنها نجسة كل فراش تضطجع عليه كل أيام سيلها يكون لها كفراش طمثها . وكل الأمتعة التي تجلس عليها تكون نجسة كنجاسة طمثها وكل من مسهن يكون نجسا ، فيغسل ثيابه ويستحم بماء ، ويكون نجسا إلى المساء ] [ اللاويين : 15 _ 25 : 27 ] .

ليس هذا فحسب ، بل كان هناك حكما آخر عجيبا غريبا للمرأة الحائض عند أهل الكتاب :
[ وإذا طهرت من سيلها تحسب ، لنفسها سبعة أيام ثم تطهر وفي اليوم الثامن تأخذ لنفسها يمامتين أو فرخي حمام ، وتأتي بهما إلى الكاهن إلى باب خيمة الاجتماع فيعمل الكاهن : الواحد ذبيحة خطية ، والآخر محرقة . ويكفر عنها الكاهن أمام الرب من سيل نجاستها ] [ اللاويين : 15 _ 28 : 30 ] .

فحتى تتمكن المرأة من التخلص من نجاستها لابد لها فى نهاية الأمر من هذه الزيارة التى تذهب فيها للكاهن وتقف عند باب خيمة الإجتماع ، وفى يدها فرخى حمام أو يمامتين ؛ حتى يعلم كل من رآها مارّة فى طريقها بأنها حاضت ، وكذلك يعلم بالأمر كل من رآها منتظرة عند باب الإجتماع هذا ، وكأنهم قرروا فضيحة كل أنثى ، ومحـاسبتها على شىء فى أصل خِـلقتها وجبلتها التى جبلها الله عليه ، وكأن هذا ذنبا اقترفته أو خطيئة أصابتها ، فاحتاجت معها لتدخل الكاهن فى الأمر كى يُـكـفِّـرَها عنها .. فأين الحياء المفترض أن تتمتع به الإناث وأين الحفاظ على خجلهن .




فهذه مكانة من مكانات المرأة العالية ودرجة من درجاتها الرفيعة التى تفرّد بها أهل الكتاب . أنها كائن نجس ينجس ماحوله بدون نظر لبشريته وإنسانيته .



فعلى هذا النحـو وفى ذاك المضمار دارت أفكار أهل الكتاب .. فالمرأة فى أصل تفكيرهم هى أصل للـخـطـايا وأساس تنبنى عليه البلاءات . فجاء كلامهم عنها بهذه الصورة المـهينة التى تنضح بها كتبهم ورسائلهم .

وليس أدل على هذا من مؤتمر ( ماكون ) الذى عقدوه فى القرن الخامس الميلادى ، ليتباحثوا خلاله فى قضية من قضايا المرأة ، ألا وهى قضية ( هل المرأة لها روح أم لا ؟؟ ) .. واستقروا فى نهاية المطاف إلى أن المرأة لها روح بالفعل ؛ ولكن هى روح شريرة .. فالمرأة عندهم كائن حى حقا وله روح ؛ ولكنه كائن يخلو من الروح الناجية .. ولم يستثنوا من تلك القاعدة إلا ( السيدة مريم عليها السلام ) .. أما ماعداها من النساء فهن متشيطنات _ مملوءات بأرواح شيطانية _ ولذلك فهن يعادين الله ويعادين المجتمع .

وبعد حوالى قرن من الزمان ، انعقد مؤتمر آخر فى عام 586 م ، وكان موضوعه عن إنسانية المرأة ( هل المرأة إنسان أم لا ؟ ) .. وانتهى بهم المطاف أيضا إلى أن المرأة إنسان ، ولكن ؛ هى إنسان الغاية من خلقه هو خدمة الرجل فحسب .



فعاشت المرأة فترات وعصورا كاملة من الضيق والعذاب . بسبب هذه الأفكار الشاذة التى يطوقونها بها .
والذى يزيد الأمر سوءا على سوء فى حال المرأة وقتها ، أن أصحاب هذه الأفكار لم يكونوا فقط هم عامة الناس وجهال القوم مثلا ؛ وإنما كان رأس ذلك القساوسة والكهنة والرهبان والحاخامات ، وأولئك كان لهم من التوقير والتقدير بين أقوامهم الحظ الوافـر باعتبارهم رجال الدين ، فكان حال المرأة يومها مظلما أشد ظلمة ؛ إذ لم يكن أمامها وقتها من يناصرها أو يزيح عنها مايلصق بها من تهم وادعاءات .

مثال ذلك ماجاء فى الإنجيل الكاثوليكى :
[ لايوجد خطيئة يمكن مقارنتها بخطيئة المرأة ، فأى خطيئة تكون وراءها امرأة وبسبب المرأة سنموت جميعا ] [ ecclesiasticus : 25: 19 K 24 ] .


كما يقول ( القديس سوستام ) عن المرأة :[إنها شر لا بد منه ، و آفة مرغوب فيها ، و خطر على الأسرة والبيت ، و محبوبة فتاكة ، و مصيبة مطلية مموهة ] .

وفى سِـفـْـر الجامعة الإصحاح السابع ، هناك فقرة تقول :
[فوجدت أمر من الموت : المرأة التي هي شباك ، وقلبها أشراك ، ويداها قيود . الصالح قدام الله ينجو منها . أما الخاطئ فيؤخذ بها ] [ الجامعة : 7 _ 26 ] .




وعلى هذا الأساس قد انبنت كثير من الأحكام النسائية التى سار عليها أهل الكتاب ، كالإرث مثلا وضوابط الذمة المالية بين الزوجين وماشابه . وكذلك الحال بالنسبة لقبول الشهادة من المرأة كان له أحكامه الخاصة .

أما عن شهادة المرأة فلم تكن تقبل فى المجتمع اليهودى القديم ، وقد اعتبروا عدم قبول شهادتها واحدة من تسع لعنات لعنها الله بهن عقابا لها على خطيئتها الأولى .
وفى ذلك قال أحد حاخامات اليهود :
[ على المرأة تسع لعنات ثم الموت : الطمث ، ودم العذرية ، وتعب الحمل ، والولادة ، وتربية الأطفال ، وتغطية رأسها كأنها فى حداد ، وتـُـخـرَم أذنها مثل الجارية ، ولا يؤخذ بشهادتها ... وبعد كل هذا : الموت ] .

وأما عن ميراث المرأة ، فاليهود لم يسمحوا للمرأة بالحق فى الميراث ، بل تجاوزوا ذلك إلى أن جعلوا المرأة جزءا من التركة ذاتها ، فتنتقل مع التركة إلى المستحقين للإرث . هذا إذا كانت زوجها فإنها لاترث فى زوجها ،، أما إن كانت إبنة فلها أن ترث أباها فى حالة واحدة : وهى إن لم يكن لها إخوة من الذكور ؛ فإن كان لها أخ واحـد ذكر يستحوذ على التركة كلها وتخرج هى دون نصيب .
وقد برر الحاخام إبستاين مسألة اعتبار المرأة جزءا من التركة ، فقال :
[ لأن المرأة ملكا لأبيها قبل الزواج ، وملكا لزوجها بعد الزواج ]( 8 ) .

وكذلك الأم لاترث فى أبنائها .

ومع ذلك فإذا كاتت المرأة فزوجها هو صاحب الحق الأول فى الميراث .

وفى النصرانية كانت هذه القوانين هى السارية أيضا ، حتى القون الماضى .

وأما عن الذمة المالية للزوجة ، فهذه كانت منعدمة إلى أقصى درجة ، فممتلكات الزوجة وكل ماتكسبه يكون ملكا لزوجها لأنها هى نفسها ملكا للزوج . ولذلك تفصيلات كثيرة عندهم .

هذا إضافة إلى التفاوت الواضح بين أحكام الرجل والمرأة فى الزنا وفى النذور وفى غيرها .

وليس شىء يوضح المكانة الحقيقية للمرأة عند أهل الكتاب بقدر الدعاء السائد عند اليهود ، والذى يردده المتدينون منهم إلى اليوم .
فعندهم فى الصلاة يدعو الرجل اليهودى قائلا : [ الحمد لله أنه لم يخلقنى وثنيا ، الحمد لله أنه لم يخلقنى امرأة ، والحمد لله أنه لم يخلقنى جاهلا ] .
أما النساء فدعاؤهن : [ نحمد الله على أنه خلقنا كما يشاء ] .






فهذه هى المرأة عند أهل الكتاب باختصار شديد : [ كائن قد وُلـد ومعه خطيئته وهو السبب فى كل خطايا البشر وفساد العالم . وهى تارة يصورونها على أنها سبب خلقتها خدمة الرجل ، وتارة سبب خلقتها إنجاب الذرية فحسب ، وتارة أخرى تحوى فى داخلها روحا شيطانية يعم فسادها فى البرية ، ليس لها حق فى إرث إلا عند افتقاد الوارث الذكر ، ليس لها أى نوع من أنواع التملك الشخصى فهى مملوكة لزوجها ، ولادتها شر وبلاء وكارثة تنزل بأبيها ، هى دوما المسؤولة عن الإنحرافات ، فهى ناقضة لنواميس الله ، حين ولادتها تتنجس أمها لمدة تعتبر الضعف من المدة المعهودة للذكور ، وفى طمثها يتنجس بسببها العالم بأسره ، وكل مايعتريها من فطرة فطر الله بها بنات حواء تعتبر من العقوبات واللعنات التى تحل عليها طيلة حياتها ] .









فــمــاذا كان حال المرأة فى ظـل شريعة الإسلام المباركة ؟؟
نعيش معها فى الفصل القادم إن شاء رب العالمين .





حــــــاشـية الـفـصــل




( 1 ) نقلا عن كتاب [ المرأة فى الإسلام والمرأة فى العقيدة اليهودية والمسيحية الأسطورة والحقيقة ] صـــ 9 ، 10 .

( 2 ) ، ( 3 ) ، ( 4 ) ، المصدر السابق صــــــ 10 .

( 5 ) ، ( 6 ) ، ( 7 ) Swidler, op. cit., p. 140.
نقلا عن كتاب [ المرأة فى الإسلام والمرأة فى العقيدة اليهودية والمسيحية الأسطورة والحقيقة ] صـــ 13 .

( 8 )ibid.p.121.
نقلا عن المصدر السابق صـــــ 41 .



التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 01-30-2008 الساعة 08:18 AM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-28-2008, 02:12 AM
مع الله مع الله غير متواجد حالياً
مشرفة سابقة-جزاها الله خيرًا .
 




افتراضي

لا نستطيع الا ان نقول شئ واحد
" الحمد لله الذى من علينا بنعمة الاسلام ويا لها من نعمة عظيمة "


اقتباس:
وليس أدل على هذا من مؤتمر ( ماكون ) الذى عقدوه فى القرن الخامس الميلادى ، ليتباحثوا خلاله فى قضية من قضايا المرأة ، ألا وهى قضية ( هل المرأة لها روح أم لا ؟؟ )

!!!!!!!!!!!!

اقتباس:
واستقروا فى نهاية المطاف إلى أن المرأة لها روح بالفعل ؛
والله ؟!!
طيب مباااارك
اقتباس:
وبعد حوالى قرن من الزمان ، انعقد مؤتمر آخر فى عام 586 م ، وكان موضوعه عن إنسانية المرأة ( هل المرأة إنسان أم لا ؟ )

!!!!!!!


اقتباس:
وانتهى بهم المطاف أيضا إلى أن المرأة إنسان ولكن ؛ هى إنسان الغاية من خلقه هو خدمة الرجل فحسب .

طيب كويس انه لم يقل شئ آخر

اقتباس:
فعندهم فى الصلاة يدعو الرجل اليهودى قائلا : [ الحمد لله أنه لم يخلقنى وثنيا ، الحمد لله أنه لم يخلقنى امرأة ، والحمد لله أنه لم يخلقنى جاهلا ] .
أما النساء فدعاؤهن : [ نحمد الله على أنه خلقنا كما يشاء ] .


الحمد لله الذى خلقنا مسلمين ومسلمات

ولا حول ولا قوة الا بالله




رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-29-2008, 01:43 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




Islam












أنا مسلمهْ .. أنا مسلمهْ .:. رمزُ الهدىَ والمَكرُمهْ

أنـا أُمُّ أشبالِ العرينِ .:. وأُمُّ أُسْـدِ المَلْحمهْ ( 1 )




وبهذه الأبيات الصارخة بما يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة من الفخر والعزة بكونها مسلمة ،، بهذا الأبيات نبدأ .

وقبل الخوض فى ذكر حال المرأة تحـت ظل شريعة الإسلام ، فمن الجميل بعد أن رأينا نظرة غير المسلمين للمرأة على ضوء ماجرى فى بدء الخليقة . أن نمر سريعا على نظرة الإسلام لدور المرأة فى نفس الأحداث .

فعلى حين جاءت نصوص أهل الكتاب تصور المرأة على أنها سبب غواية آدم وهى التى وسوست له ليعصى ربه .. فقد جاء الإسلام على صورة مغايرة تماما .
قال الله تعالى :
{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ }الأعراف20
فأرجع القرآن سبب الغواية للشيطان وليس للمرأة .

وتأملى أختاه فى قوله تعالى [ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ] .
لقد ساوى الإسلام فى هذا بين آدم وامرأته .. فلم يصبح الإثم متعلقا بالمرأة وحدها . ولم تصبح المرأة فى الإسلام هى من قامت بالوسوسة لآدم ، وكذلك لم توسوس الحية لحواء وحدها وتغويها كما قرأنا فى الفصل السابق .. وإنما تساوى آدم وامرأته فى هذا ، فكلاهما أتاه الشيطان بمثل تلك الوسوسة حتى يوقعهما .

وكذلك يتبدى هذا التساوى فى قول الله تعالى :
[ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ{21} فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ{22} ] [ الأعراف ] .

وكما يلاحظ هنا وجود التثنية فى بداية كل حدث ، فجاءت الكلمات فى كتاب الله تعالى على نحو [ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا ] ، [ فَدَلاَّهُمَا ] ، [ فَلَمَّا ذَاقَا ] ، [ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا ] ،
ثم جاء بعد ذلك قول الله تعالى : [ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ ] .

إذن فقد جعل الإسلام المرأة شريكا لاسببا ..

ومن هنا ؛ فكما صارت المرأة عند غير المسلمين سببا لغواية الرجـل على مر العصور والأزمان ، فقد صارت المرأة فى الإسلام شريكا للرجل فى الحياة على طول مراحـل الدهـر ، تحمل معه أعباء هذه الحياة وتعينه على أمر دينه مثلما تعينه على أمر دنياه .





فلم تعرف البشرية كلها دينا اعتنى بالمرأة وحفظ لها حقوقها ومنزلتها كدين الإسلام . فحينما جاءت شرائع الإسلام لم تأتِ فيها التفرقة مابين الرجل والمرأة كتعزيز لجنس وإذلال لآخر ؛ وإنما جاءت نظرة الإسلام للجنس البشرى على أنه وحدة إنسانية متكاملة . سواء كان التكامل فى الآلام والإحساس والشعور ، أو فى الآمال والرغبات والتطلعات ، أو حتى فى الحاجات والضرورات .. فلم يأتِ فى دين الله مايفرق بين الرجل والمرأة فى هذا الصدد .. بعكس من كان الشك يساورهم فى إنسانية المرأة فأحيانا يثبتونها مقيدة بقيود ماأنزل الله بها من سلطان ، وأحيانا ينفونها جملة وتفصيلا .
فجاء الإسلام ليقر للمرأة حقوقها التى ماعرفتها فى ظل شرع سواه .
وكما أقر الإسلام للمرأة حقوقا تضمنها لها نصوص الشريعة الغراء ، فكذلك أوجب عليها واجبات تقوم بها تجاه الآخرين . وحتى هذه الواجبات فإنها تفصح بلسان الحال عن مكانة المرأة ومنزلتها الرفيعة . إذ أنه من المعلوم استحالة الإتصاف بالبشرية بدون واجب ومسؤولية .
ومن هنا كان إلزام المرأة بمجموعة من الواجبات يعد فى حـد ذاته نوع من أنواع التكريم لها .

وقد وضع الإسلام أصلا عظيما تقوم به العلاقة بين الرجل والمرأة فى هذه الحياة ، وهذا الأصل يظهر جليا فى قول الله تعالى :
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70

فهذا أصل الأصول فى بيان عموم التكريم للجنس البشرى ، لافرق فيه بين رجل وامرأة . فكلاهما منحه الله هـذا التكريم . وكلاهما فضله الله على باقى الخلـق .

ثم ينظم القرآن أساس التفاضل بين أفراد هذا الجنس البشرى ، كما جاء فى قول الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

فجاءت المساواة الدنيوية فى أصل الخلقة والمنشأ . ثم جاء التفاضل الأخروى على أساس التقوى والعمل الصالح .
فربّ امرأة صالحة واحـدة تكون عند الله أفضل من ألف رجل دونها فى التقوى وصلاح الحال .

ومن هنا سيبدأ حديثنا عن صورة المرأة فى الإسلام وعن حقوقها التى أقرتها لها الشريعة ؛



وهذا الحديث يستلزم أن ينقسم حديثنا إلى شقين رئيسيين ، ألا وهما :


** ماجاء فى الإسلام عن المرأة بشكل عام شامل .
** ماجاء فى الإسلام عن المرأة بشكل خاص كأم أو زوجة أو ابنة .


ومن هذين المبحثين تتبدى لنا ينابيع التكريم التى تفيض على المرأة فى ظل الإسلام ؛ فتزيدها وقارا على وقارها ، وتزينها ببهاء فوق بهائها .





ولعـل من أعظم المظاهر الجلية لمكانة المرأة فى دين الإسلام ، أن يمسك المرء منا كتاب الله ليجد بين دفتيه سورة من أكبر السور القرآنية حجما ، وقد تسمت باسم [ سورة النساء ] .
فهل وجدت المرأة مثل هذا فى كنف آخـر غير كنف الإسلام العظيم ؟؟

ثم أيضا من مظاهر تكريم الإسلام للمرأة ، أن خاطبها بنفس خطاب الرجـل ، وجعل النصوص الشرعية تشمل فى إسقاطها والعمل بها الرجل والمرأة على السواء .
فحينما يأتى الخطاب فى كتاب الله موجها للعموم كقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ } أو { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ } .
فهذا شامل للرجل والمرأة بدون فوارق .
فأين هذا من الذين كانت مباحثهم تدور حول بشرية المرأة أو تبعيتها أو اشتمالها على الروح الآدمية ؟؟

وفى الوقت ذاته ، فمن تكريم الإسلام للمرأة أن ساوى بينها وبين الرجل فى التكاليف والجزاءات المترتبة عليها ؛ فالثواب متساوٍ بينهما ، وكذلك العقاب .

ففى مجال الثواب الدنيوى ،
يقول الله تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }النحل97

وأما عن ثواب الآخرة ،
فقال تعالى : {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً }النساء124

أما عن العقاب ، فكذلك جاء فيه التوحـد بين الرجل والمرأة بلا تفرقة ، سواء كان عقابا فى الدنيا أو عذابا فى الآخرة .

ويتجلى الـتـوحد بينهما فى الثواب والعقاب ، فى قول الله تعالى :
[ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى{3} إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى{4} فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى{5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى{6} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى{7} وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8} وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى{9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10} ] [ الليل : 3 _ 10 ] .

وكذلك جاء التساوى فى العقوبة الدنيوية والحـدود ، ففى القصاص فى القتلى لافرق بين رجل وامرأة ، فكلاهما يقتل ، وفى السرقات والزنا أيضا ، فالحدود توقع على المرتكب بدون النظر فى جنسه رجلا أم امرأة . ودليل هذا ماجاء فى كتاب الله تعالى فى حـد مرتكب كلا من الزنا والسرقة ، حيث ذكر القرآن توقيع العقوبة بالجمع بين الجنسين مجتمعين فى لفظ واحد ،
كقوله تعالى : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ } ، وكذلك : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي } .


فجاء الأصل فى هذا المضمار على التساوى بين الرجل والمرأة فى التكاليف ، إلا أنه فى بعض الجوانب الأخرى قد رفع الإسلام عن المرأة الإلزام ببعض التكاليف دفعا للمشقة عنها ، فالمرأة على الرغم من كل هذا ؛ إلا أن لها طبيعتها الخاصة التى لاينكرها إلا كذوب ، فهناك اختلافات فى طبيعة المرأة الجبلية . وهذا فى حد ذاته يعد باب من أبواب صيانة الإسلام للمرأة .




أما فى مجال الحقوق المالية ، فقد تفرد الإسلام وحـده بتكريم المرأة غاية التكريم ، حين جعل لها ذمة مالية مستقلة عن ذمة زوجها ، فلها أن تعطى زوجها إن شاءت كما لها أن تمنعه أيضا ، ويظل هو مطالبا بالإنفاق عليها ورعايتها . لأنها إن أعطت فهو حقها وإن منعت فأيضا حقها .

ومن جانب آخـر من جوانب التكريم ، فعند غير المسلمين كان فى بعض الأحيان تكون المرأة مطالبة بتقديم هدية للزوج كى يتم زواجها منه ، بمعنى أنها كانت هى من تقوم بتقديم مهر الزواج ، وكان هذا سببا من أسباب شعور الآباء بالبلاء عندما يرزقون بمولودة ؛ حيث هذا يعنى وقتها أنها بعد أن يقومون برعايتها وكفالتها ، فستأخذ أيضا من أموالهم وتذهب بها لرجل آخـر .. إلا أن الإسلام حين أوجب هذا المهر فقد جعله من الرجل للمرأة على عكس ماكان سائدا فى بعض المجتمعات الأخرى التى تدعى الحضارة .. فالمرأة فى الإسلام كالدرة واللؤلؤة التى لابد للرجـل أن يهاديها ويشعرها بقدرها الذى تستحقه ، حيث هى الثمينة الغالية ، بعيدة المنال عزيزة المقدار .
وفى المقابل فهدية الرجل لزوجته فى الإسلام هى حـق خاص بها ، لاينازعها فيه أحـد ، لازوجها ولا أبوها ، فليس لأحـد أن يأخذ منه بغير رغبتها . أما إن رغبت هى فى الإعطاء منه أو التنازل فيما بعد عن جزء منه ، فهى صاحبة الحق فى التصرف المطلق الخالى من أى قيد أو شرط .

قال الله تعالى : {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }النساء4


فأين الذين أقروا للرجل بأحقيته فى مال زوجته وحرمانها مما تملك بحجة أنها هى فى الأصل ملكية خاصة لزوجها ؟؟

فأين هؤلاء من هذا العدل والإنصاف الذى استظلت المرأة بظلاله فى دين الله ؟؟






وكذلك فى الميراث ، فقد تفرد الإسلام بوضع أحكام للإرث لاتقوم على العنصرية ونزعة التفرقة التى قان عليها سواه ، وإنما جاءت سورة النساء حافلة بحالات تقسيم الإرث ، بالشكل الذى حـمـل البعض من غير المسلمين أن يتعارفوا فيما بينهم على تسيير الأمر فى تركاتهم على وفق أحكام القرآن . إقرارا منهم بعدالة هذا التقسيم ، حتى وإن أنكروا ذلك .

فبعد أن تعايشنا مع ماجاء عند غير المسلمين من ظلم وجور واقع على المرأة فى شأن مسائل التوريث ، وخضوعها عند بعضهم لوجود أو عدم وجود وارث من الذكور ، وعند البعض الآخر خضوعها لقوانين حرمان كلية من الميراث بداعى أنثوية جنسها .

جاء القرآن الكريم ليلغى كل هذه الأحكام البشرية جملة وتفصيلا ، حيث قال الله تعالى :
{لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }النساء7

فالمرأة فى الإسلام بشر له من الحقوق مالغيره ، فأوجب الإسلام لها نصيبا مفروضا تمتلكه وحدها من الميراث ، لاينازعها فيه منازع .

تقول إحدى السيدات الإنجليزيات المسلمات عن هذا :
[ إن الإسلام لم يُـنـصِـف المرأة فقط ؛ بل وأكرمها ]( 2 ) .






ثم مما جاء به الإسلام تبيانا لوجوب تقدير المرأة وإبراز مكانتها ، أن حملت نصوصه التوبيخ لما كان يتم فى الجاهلية من الخلط بين الفقر والعار وبين ولادة الإناث ، مما كان يدعو آباءهن لوأدهن أحياء .
يقول رب العالمين فى كتابه : [ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ{58} يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{59} ] [ النحل : 58 ، 59 ] .

فاختتمت الآية سياقها بتوبيخهم على سوء حكمهم وعلى جورهم فيما كانوا يفعلونه بهذه المسكينة .

بل جاء الترغيب فى كفالة البنت من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فجاء فى الحديث الذى رواه الإمام مسلم ، من حديث ( أنس بن مالك ) رضى الله عنه ، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ، أنه قال :

[ من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين ، وضم أصابعه ] .


فبعد أن كانت ولادة البنت ورعايتها سببا من أسباب الفقر وضيق ذات اليد فى عقول القوم ، جاء الإسلام ليجعلها سببا من أسباب مرافقة نبي الله _ صلى الله عليه وسلم _ فى الجنة .

فأى تكريم نراه للمرأة يفوق مثل هذا التكريم ؟؟

ومن هذا فقد حق للمرأة المسلمة أن تنشد طيلة حياتها ، قائلة :



أنا اِبنةُ الإسلامِ ، أحيا بالسنا الهادي البديع ِ
أمضي حياتي في صلاتي في سجودي في ركوعي
أنافي ظلال الدين والقرآنِ أحيا في خشوع ِ
وسكينةُ الإيمانِ تَسكنُ خافقي بين الضلوع ( 3 )





وكذلك فالمتأمل فى حال المرأة الغربية مقارنة بين حالها قبل الزواج وبعده ، سيدرك بعين الإنصاف مدى رفعة شأن المرأة المسلمة وماحباها الله به من تكريم وتقدير .
فالمرأة المسلمة لها هويتها وشخصيتها المستقلة سواء قبل الزواج أو بعده . وما سمعنا فى الإسلام بأن المرأة حين زواجها تقوم بتغيير اسمها إلى اسم زوجها .
فالمرأة عند المسلمين تظل تـُـنادَى باسم أبيها الذى عاشت به طيلة عمرها من ذى قبل ، مهما تزوجت ، ولو حتى تزوجت عشر رجال الرجل تلو الآخر ، مايتغير ولا يتبدل حرف واحد من حروف اسمها .
أما عند الغرب ؛ فكلما انتقلت المرأة لعصمة رجـل من الرجال يتغير اسمها تبعا لذلك الإنتقال ، مما يفيد تبعيتها وافتقادها لشخصيتها وهويتها .





أمـا عن عرض المرأة ، فقد تكفل الإسلام ببناء جدار حماية وحائط صـدّ يذود به عن المرأة ضد كل قاذف أو خبيث متخابث .
وليس أدلّ ولا أوقع على هذا من قول الله عـز وجـل :
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور4
فابتداء كان قاذف المحصنة زورا وبهتانا ، له من العقوبة الدنيوية عقوبتان :
فالأولى هى العقوبة الوقتية ، بأن يخضع للجلد بمقدار ثمانين جلدة .
والثانية هى العقوبة الدائمة ، بأن تحجب شهادته طيلة العمر كوصمة عار فى جبين صفحته بين أقرانه فى المجتمع الإسلامى ، مما يحمل له خزيا وعارا يصاحبه ويلازمه حـتى تنقطع أنفاسه وتفارقه حياته .

ولم يكتفِ القرآن بتقرير هاتين العقوبتين الدنيويتين فقط ؛ وإنما جاءت عقوبة الآخرة أشد وطأة وأغلظ فى مجال الردع لكل من تسول له نفسه الإقدام على قذف محصنة ، فقال الله تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النور23
وهذه أشد عقوبة من العقوبات يمكن أن ينالها امرؤ مهما كان ، ألا وهى عقوبة اللعنة والطرد من رحمة الله .

بل وقد جاء فى السنة المطهرة مايشير لهذا ، ويحث على حماية المسلمة من تقاذف الألسنة لها بالسوء ، فجاء الحديث الذى رواه الإمام البخارى فى كتاب الحدود ، من حديث أبى هريرة ( رضى الله عنه ) عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال :
[ اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ] .


فجاء قذف المحصنات ، كواحدة من الموبقات ، وللمتأمل فى نص هذا الحديث أن يتفكر فى عظم ذنب مثل هذا الذنب ، بمجيئه مقرونا بالشرك والسحر والقتل والربا ، وغير ذلك من الأمور التى تعد فى الإسلام من أكبر الكبائر التى قد يصل بها المدى لخلع ربقة الإسلام من عنق المرء .
وهذا إن دلّ على شىء ؛ فيدل على علو مكانة المرأة وتقدير الإسلام لها ، بأن يوليها كل هذا الإهتمام ، ويقرر لحمايتها من الأحكام ماهو بالغا لهذا المقدار من الحسم والحزم .

فجاء الشرع حاسما فى بابه ، كافيا فى جوابه ، قاطعا للسوء والفحش من دابره ، كافلا لكل امرأة من نساء المسلمين العفيفات الطاهرات حياة نقية آمنة ، لايكدر صفوها عليهن مكدر .





فهذه بعض المظاهـر العامة لتكريم المرأة فى ظل شريعة الإسلام ، وكما قلت هى بعض المظاهر وليست كلها ، وإلا فدين الإسلام حافـل بالجوانب المشرقة المضيئة التى تحمل على الوفاء للمرأة بحقها ومعرفة مكانتها ودورها .

وكما أن الإسلام تناول قضايا المرأة بالصبغة العامة ، فكذلك جاء فى الإسلام أرقى تكريم وأجل تقدير للمرأة فى ثوب الأمومة والأخـوة والزوجـيـة .
فقد اعتنت بها الشريعة أتم عناية فى كل حالاتها الإجتماعية ، وقررت لها مقررات من الحقوق والواجبات ما يكفل لها حياة كريمة هانئة تعينها على الإلتفات إلى أوامر الله جل وعلا ، فكانت هناك الأحكام التى توضح وتبين حجم العلاقة بين الزوج والزوجة وما للزوجة وما عليها ، وكذلك جاءت الشريعة بما يحفظ للأم مكانتها ومقدارها ؛ خلافا لما عليه غير المسلمين من عقوق وظلم للأمهات ومقابلة للإحسان بالإساءة .
فلم يأتِ فى دين الله جانب على حساب جانب ؛ وإنما جاء كل جانب مكملا ومعـضدا للجانب الآخر ، فى سياق ونسق بديع .





تكريم الإسلام للأم
*****************



لفضـلك أمـي تــذل الجبـاه .:. خضوعاً لقدرك عُرف أصيل
وذكرك عطر وحضنك دفء.:.فيحفظك ربي العلي الجليل
لأمي أحن ومن مثل أمي .:. رضاها علي نسيمعليل
حنانـك أمي شفـاء جـروحـي .:. وبلسم عمري وظلي الظليل
وبعد الله أرنو إليك إذا حلَّ خطب .:. وأثنى الكواهل حمل ثقيل
بـدعـواك أمـي تزول الصعـاب.:.فدعواك أمي لقلبي السبيل
فيا أمي أنت ربيـع الحياة .:. ولون الزهور ونبع يسيل
على راحتي كم سهرت الليالي .:. وتلوع قلبك عند الرحيل
فـدومي لنـا بلسـماً شــافيـاً .:. وبهجة عمري وحلمي الطويل
ولحـن شجـي علـى كل سـاه.:.فمن ذا عن الحق منا يميل ( 4 )



وحين يود المرء أن يتأمل فضل الأم ومكانتها فى الإسلام ، لابد له ابتداء أن يتأمل قول الله تعالى :
[ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً{23} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً{24} ] [ الإسراء ] .

فمن أسمى مظاهر تكريم الإسلام لكِ ياأخية فى أمومتكِ ، وللوالد أيضا ، أن أتبع الله سبحانه الأمر بالإحسانِ إليكِ فى عقب نهيه تعالى عن الإشراك به ، وهذه بكل صدق هى أعلى مرتبة من المراتب يمكن للمرأة أن تتبوأها .
ثم بعـد الأمر العام بالإحسان للوالدين ، يخص الله تبارك وتعالى الأمر بالإحسان لمن بلغ من السن أكبره من الوالدين .. وكيف يكون هذا الإحسان ؟؟
بتحريم التأفيف ، والتأفيف هو أدنى مراتب الإساءة ، فكيف بما فوقه ؟؟
فحينما يتحدث أهل أصول الفقه مثلا ، وحينما يقومون بشرح المفهوم لطلبتهم ، سواء مفهوم الموافقة أو المخالفة ، لابد أن يستدلوا على مفهوم الموافقة فى سياق الشرح بهذا الجزء من الآية : [ فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا ] . فتحريم التأفيف والإنتهار ، يفيد بمفهوم الموافقة تحريم مافوقه من الأفعال ، كالسب والضرب والإهمال أو حتى التجاهل .

فهاتان الآيتان قد اشتملتا من أنواع الإحسان ، على : الإحسان فى القول ، والإحسان فى الرعاية ، والإحسان فى المعاملة ، واختتمتا بالأمر بالإحسان فى الدعاء .
وكل هذا يشمل الأم والأب سواء بسواء .



ثم يأتى فى كتاب الله المجيد ، ذكر الوصاية ببر الوالدين فى ( سورة لقمان ) ، ولكن مع التركيز على بر الأم ، وذلك بذكر ماقامت به من جهد فى حملها ووضعها وحتى رضاعها ، ليكون تذكيرا للأبناء بمقدار المتاعب التى مرت بها الأم من أجل الإحسان لصغارها فى أحايين ضعفهم ووهنهم ، وليكون حاملا لهم على مقابلة هذا الإحسان بإحسان مثله تجاه هذه الأم لاسيما حين بلوغها من السن ماتمر به بنوع آخر من أنواع هذا الوهن والضعف . يقول الله تعالى :
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }لقمان14

فالأم فى الإسلام لايصح أن يتغافل عنها أبناؤها مهما كان الداعى ومهما كانت المشاغل ، فأى مشغلة فى الحياة لايصح أن تأتى على حق الأم بأى حال .. فالمسلمون يتميزون على غيرهم من أهل الكفر بأمور كثيرة بالطبع ؛ ومن أهمها قطعا بر الوالدين ، ففى الغرب الكافر قد يكون جزاء الأم فى نهاية حياتها أن تحيا بإحدى دور المسنين وحيدة شريدة ، تشتاق لبنيها وبناتها ولا تلقى منهم إلا التجاهل ، بل ويعتبرون شوقها إليهم شيئا من قبيل المذام ومحاولة الخروج على الطبيعة ، نظرا لما وصلوا إليه من قسوة فى القلوب ..



ولنقرأ سويا هذه الكلمات كما يحكيها الشيخ ( عبد الله الجلالى ) ، يقول :
[ التقيت برجل انجليزي كان كافراً ثم أسلم، فسألته عن سبب إسلامه فقال: كنت أعيش في بلادي هناك، وأبتعد عن أمي أشهراً وأعواماً، ثم ألتقي بها بعد السفر، فلا أقابلها إلا بالإشارة، وعشت في الكويت مدة من الزمن لدى أسرة مسلمة، فرأيت العاطفة في الأسرة، ففي الصباح يأتي الأولاد يقبلون رءوس آبائهم، ولا يستطيعون فراقهم زمناً طويلاً، وعلمت أننا قد فقدنا هذه الفطرة، فعرفت أن الإسلام هو دين الفطرة، فكان ذلك سبباً في إسلامي. وهذا شيء مشاهد، فإن الأمم الكافرة يعيش بعضها بعيداً عن البعض الآخر بالرغم من صلة القرابة الوثيقة، ثم بعد ذلك يلتقون فيكون اللقاء بارداً ]( 5 ).

فهذا الرجل كان كافرا ، ورؤيته لبر المسلمين بآبائهم وأمهاتهم كانت سببا فى إسلامه ، فأين المسلمين اليوم من هذا الباب العظيم من الدعوة ، ألا وهو الدعوة إلى الإسلام بإظهار أخلاق الإسلام ؟؟

فالبر بالأمهات والآباء والحنين المتبادل بين الذريات وأهليهم شيئ فطري ، ارتبط بأصل فطرة الإنسان ، ولكن مايثير الحزن ويحرك الأشجان مانراه اليوم من عقوق وإيذاء فِـعْـلـِـىّ للأمهات والآباء . والذى يزيد الأسف والبلاء أن ينتشر هذا حين ينتشر فى جموع المسلمين . ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وكما جاء فى الحديث بالصحيحين ، حينما سأل الرجـلُ رسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أحق الناس بحسن صحابتى ؟
فهذا الحديث بحق ، هو أصل عظيم من أصول تكريم الإسلام للأم .. الأم التى هى فى الأصل [ المرأة ] .
وهنا فى واقع المسلمين ، ترى من الناس من أشـْـرِبَ فى قلبه عادات الغرب الكافر من تقديم الزوجة على الأم ، فما عادت أمه تعنيه بالقدر الذى تعنيه فيه امرأته .

بل وفوق هذا كله ، حينما جاء الرجـل الذى يريد الجهاد فى سبيل الله [ جهاد طلب ] ، فالرجل يريد أن يغزو ، وجاء ليستشير النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ، فما أول شىء فعله النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؟؟
سأل الرجل : [ ألك من أم ؟؟ ] . يقول الرجل : بلى ، فيأتى جواب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حاسما فاصلا : [ الـزمها ] . ( 6 ) .

فما هذه المنزلة الرفيعة التى منحها الإسلام للأم ؟؟



بل لقد بلغت منزلة الأم فى الإسلام ، أن جعل الله برّها سببا من أسباب إجابة الدعاء ، ويتبدى هذا جليا الحديث الذى رواه الإمام مسلم فى صحيحه ، عن أسيد بن عمرو ، كان عمر بن الخطاب ( رضى الله عنه ) إذا أتى عليه إمداد أهل اليمن سألهم : أفيكم أويس بن عامر ؟؟
حتى أتى على أويس فقال : أنت أويس بن عامر ؟؟
قال : نعم .
قال : مِـن مراد ثم من قرن ؟؟
قال : نعم .
قال : فكان بك برص فبرئت منه إلا موضع درهم ؟؟
قال : نعم .
قال : لك والدة ؟؟
قال : نعم .
فقال عمر ( رضى الله عنه ) : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول :
[ يأتى عليكم أويس بن عامر مع إمداد أهل اليمن ، من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبرىء منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بارّ بها ؛ لو أقسم على الله لأبرّه ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ] .
ثم قال عمر : فاستغفِرْ لى .
فاستغفرَ له .

ومَن عمر بن الخطاب ؟؟ هو الفاروق الأكبر ، الذى لو سلك فـجـّـا ؛ لسلك الشيطان فجا غيره . أعظم رجل فى الدنيا بعد الأنبياء وبعد الصديق أبى بكر ( رضى الله عنه ) . يبحث عن أويس ليدعو له ..
فما الذى بلغ بأويس هذه المنزلة ؟؟
برّه بـأمه .
فاللهم اجعلنا من البارين بآبائنا وأمهاتنا ، فى محياهم ومماتهم .




تكريم الإسلام للبنت
*******************

وتتنوع مظاهر هذا التكريم ، فيبدأ تكريمها حين ولادتها . حينما أنكر الإسلام ماكان يفعله الآباء ببناتهم حين الولادة .
قال تعالى : [ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ{8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ{9} ] [ التكوير ] .
فأنكر الإسلام عليهم ماكانوا يصنعونه .
بل لقد جاءت نصوص الإسلام بما يفيض بطمأنينة النفس على من رزقه الله بالإناث ،
قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كما جاء عند الإمام البخارى : [من ابتلى مـن البنات بشيء فأحسـن إليهن كن له ستراً من النار ] .

فبعد أن كانت عارا على أهلها فى الجاهلية ، جعلها الإسلام سترا وحجابا يفصل بين أهلها إن أحسنوا تربيتها وبين النار .
فكانت البنت سببا للخسارة ، وجعلها الإسلام سببا للفوز . فأى تكريم فوق هذا ؟؟

وقد صدق من قال :
فلو كان النساء كمن ذكرن .:. لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب .:. وما التذكير فخر للهلال

وقد نقل الدكتور ( عبد الله وكيل الشيخ ) عن الأديب الصاحب بن عَـبّاد فى تهنئته لصاحب له ، حينما رُزق بمولودة ، فجاء كلامه يدل على تأثر الكـُـتـّـاب والأدباء بعدل الإسلام للمرأة ، فقال مهنئا صاحبه :
[ أهلاً وسهلاً بعقيلة النساء ، وأم الأبناء ، وجالبة الأصهار ، والأولاد والأطهار ، والمبشرة بإخوةٍ يتناسقون ، ونجباء يتلاحقون .
والله تعالى يعرِّفُكَ البركة في مطلعها ، والسعادة بموقعها ، فأدَّرع اغتباطاً واستأنفْ نشاطاً ، فالدنيا مؤنثةٌ ، والرّجالُ يخدمونها ، والأرضُ مؤنثةٌ ، ومنها خلقت البرية ، ومنها كثرت الذرية ، والسماء مؤنثة وقد زُيِّنَت بالكواكب ، وحُلِّيَتْ بالنجم الثاقب ، والنفس مؤنثة وهى قوامُ الأبدان ، وملاك الحيوان ، والجنةُ مؤنثةٌ ، وبها وُعِدَ المتقون ، وفيها ينعم المرسلون ، فهنيئاً لك بما أُوتيت ، وأوزعك الله شكر ما أُعطيت ]( 7 ) ، ( 8 ) .




ثم أكرمها الإسلام فى أطوار حياتها ، وأمر الأهل بالعدل بين أبنائهم كافة ، كما جاء عن البخارى ومسلم ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : [ اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم ] .
فـهدم هذا الحديث ماكان يحدث من التفرقة بين الأبناء ؛ سواء كانت التفرقة بدافع السن أو نوع الجنس أو غير ذلك ، ليقرر الإسلام مبدأ المساواة بين الذرية بدون النظر للجنس أنثوىٍّ كان أم ذكرىٍّ .

كما أكرمها الإسلام ، حين أوجب لها حقها المفروض فى الميراث ، فى أول إنصاف تراه المرأة وتلامسه فى تاريخها .




تكريم الإسلام للزوجة
********************



وأول مظاهر هذا التكريم ، ماجاء فى القرآن المجيد عـن أساس العلاقة بين الأزواج والزوجات ؛ فبعد أن كانت تقوم فيما سبق على العبودية والرقّ بشكل رسمى ، جاء الإسلام ليجعل قوامها وعماد بنيانها المودة والألفة والتراحـم .


بل لقد برز هذا التكريم فى أزهى صوره ، حينما جعل الله هذه العلاقة الزوجية آية من آياته ، يقول الله تعالى :


{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم21



فالزوجة لم يعتبرها الإسلام كما اعتبرها غيره ، آلة من الآلات يقتصر دورها على إنجاب الولد ؛ لا بل قد جاء دورها فى الإسلام كبير جدا ومشتمل على جوانب شتى ، فالزوجة فى الإسلام معينة على عثرات الحياة ، ويصعب جدا لأى رجل أن تستقيم له حياة بدون وجودها بجواره ناصرة ومؤازرة ، وكذلك هى فى الإسلام سبب لـعـفـة زوجها ، وأيضا هى خير مربية يقوم علي يديها صلاح ذريتها التى هى فى مجموعها جملة جيل الأمة الإسلامية . وهى اللؤلؤة الغالية الثمينة التى تعب الرجل فى الحصول عليها ، فصار مطالبا بالحفاظ عليها وصيانتها .


ومن هـنـا ، فقد جاءت شريعة الإسلام مقررة حـقـوقـا لكل طرف على الآخر ، وواجبات على كل طرف للآخر . بحيث تسير جملة الحقوق والواجبات بين الطرفين فى فلك منسجم متناسق دون إخلال .




وأول هـذه الحقوق ، هو حق المرأة فى اختيار من ترضاه زوجا لها ، فلم يُبـِـح الإسلام لولى المرأة تزويجها وهى كارهة كما كان يحدث قبل ذلك ، وإنما يستأذنها وليها إكراما وصيانة لها من الوقوع فى مضارة تزويجها بمن تكره .


فجاء قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كما فى الصحيحين : [ لاتنكح البكر حتى تُـستأذَن ولا الثيب حتى تُـسـتـأمَـر ] .



ثم من جملة هذه الحقوق ، ماذكرناه آنفا عن حق المرأة فى مهر يمهرها به زوجها ، وهذا تكريم بالفعل للمرأة فى الإسلام ؛ لاسيما إذا نظرنا إلى بعض الشرائع أو المجتمعات السابقة فوجدنا بعضها يوجب المهر على الزوجة حين الزواج بأن تمهر النساءُ الرجالَ .


فهذا مايقرره الإسلام فى قوله تعالى : {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }النساء4


فهذه الآية تتضمن فى معناها التأكيد على حق المرأة فى الإنفراد بالمهر دون الزوج أو الولى ؛ بل لقد ورد فى كتاب الله نص آخر ، يمنع الزوج أن يتعرض لزوجته بشىء من الإيذاء من أجل الحصول على شىء من حقوقها بالإكراه ، فقال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ }النساء19 .



ولم يكتفِ الإسلام بهذا ، بل لقد أوجـب للزوجة على زوجها حقها فى النفقة بعموم ماتقتضيه الحياة من المأكل الطيب والملبس والسكن الكريم وما إلى ذلك .


قال تعالى : { وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }البقرة233



فلما كان من طبيعة المرأة القرار فى البيوت ، فقد أوجب الله على من يقوم عليها من زوج أو أب أو أخ ، أن يتولى الإنفاق عليها والقيام بحقها كاملا على حسب سعته .


وهذا مظهر من مظاهر التأمين الإقتصادى للمرأة التى أولاها الإسلام رعايته ، حتى لاتخشى على نفسها الحاجة والضرر المستقبلى ، فتتفرغ للقيام بمهامها تجاه أمتها دون أن يعترض طريقها مايكدر عليها صفو هذه الرسالة النبيلة التى تؤديها .



بل وحين أتت زوجة أبى سفيان وسألت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن الذى يمكنها فعله إزاء مايعتريها من قلة إنفاق زوجها عليها وعلى ولدها ، فأذن لها بأن تأخذ من ماله مايكفيها ويسد حاجتها وحاجة ولدها على القدر المعروف دون إفراط .


فلم يتوانَ الشرع من تأمين حقوق المسلمة بأى حال ؛ نظرا لما يترتب على حالتها المادية من مصالح أو مفاسد ستؤثر بدورها على حال هذه الأمة .



بل ولم تقتصر عناية الإسلام بالمرأة عند حـد العناية المادية الدنيوية فحسب ؛ وإنما تعدتها للعناية الدينية أيضا ، فجعل الإسلام كل رجل راعٍ على بيته ومسؤول عن هذه الرعية المعلقة فى عنقه ، من زوجة وأبناء .. وأوجب الإسلام عليه أن يتكفل بالعناية بهم فى عباداتهم وتعليمهم أصول دينهم وثوابته حتى يكون ذلك سبيلا للنجاة من عذاب الله يوم القيامة .


فقال الله تعالى موجها خطابه للمؤمنين : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6 .


ولعل هذه خطابا للأزواج الذين يتصورون بأن غاية عنايتهم بزوجاتهم وذراريهم مقتصرة على الإنفاق فحسب ، فتراهم يسافرون ويتركون أهليهم ، سعيا وراء المال ويقصرون فى حقوقهم الدينية التى أوجبها الله عليهم تجاههم ، ويحسبون فى النهاية أنهم بذلك يحسنون صنعا .



بل لقد جاءت أجمل صورة فى عناية الرجل بحال أهله من ربهم ، حينما أثنى رب العالمين تبارك وتعالى على نبيه إسماعيل ( عليه السلام ) لعنايته بأهله وبحالهم مع ربهم ، فقال تعالى :


{وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً }مريم55


فجعل الله عز وجل هذه الشيمة من مقتضيات المدح .



وكذلك أوجـب الإسلام على الرجل أن يحفظ عِرض امرأته ويصونها من كل معـتـدٍ عابث ؛ فكان حال المرأة والرجل كحال اللؤلؤة الغالية ، وزوجها صدفتها التى تحيط بها بتحفظها وتحميها .


وحـذر الإسلام فى كثير من مواضع السنة من شر الدياثة وخطرها على بنيان الأمة ، فالمؤمن لابد فيه من غيرة وحمية ، أما الدياثة فهى من أشد خوارم المروءة فى الرجال ، وكل هذا من أجل تأمين وحفظ المرأة التى ماكانت فى الإسلام إلا جوهرة .



وفى مجمل هـذه العلاقة الطاهرة التى يترابط نسيجها بين الزوج وزوجته ، جـاءت الصبغة العامة التى تصبغ هـذه العلاقة ، فى قول الله تعالى : { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }النساء19


يقول العلامة الإمام بن كثير ( رحمه الله ) فى تفسير قوله تعالى : [ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ] : [ طيِّبوا أقوالَكم لهنَّ ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم كما تحبُّ ذلك منكم ] .



فأمر الشارع بحسن المعاشرة والمعاملة فى عموم الحياة ، بل وألمح هنا إلى المساواة فى الإحساس والشعور بين الرجل والمرأة . فكما وجب على المرأة احترام مشاعر زوجها فكذلك وجب على الرجل نفس الشىء تجاه زوجته .



ولم يغفل الإسلام ماقد يحدث من خلاف أو تشاحن داخل أسوار هذه المملكة الطاهرة ، فجاء قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كما عند البخارى : [ لايفرك مؤمن مؤمنة ؛ إن كره منها خلقا رضى منها آخر ] .


فلأن طبيعة البشر تخلو من الكمال ، فلابد من عيوب أو قصور ؛ لذا فقد أوضح الإسلام السبيل الصحيح الذى يسلكه الرجل فى مثل هذه الحالة ، وهو ألا يتسلل لقلبه بغض امرأته بوجه عام ، ولكن إن كره خلقا معينا منها فليبادر إلى تذكر مايرضيه من خلق آخر ووجده متوفرا فيها . حتى يجبر النقص وتدوم المودة بين رُكـنـَـىِ البيت .




ولم تـخـْـلُ السنة النبوية المطهرة من الوصايا بالنساء .


فهذا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول :

[ استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإذا ذهبت تقيمُه كسرت ، وإذا تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا ] .


[ رفقا بالقواوير ] .


[ اتقوا الله فى النساء ؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ] .



بل وتصل هذه الوصايا النبوية للحد الذى يصير معه حسن معاملة الرجل لامرأته وأهل بيته أحـد المعايير لمعرفة مقدار هذا الرجل بين الرجال .


فيقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كما جاء عند الترمذى : [ أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائكم ] .


فجاء حسن معاملة الرجـل لامرأته مقترنا بكمال دينه وإيمانه ؛ تعظيما وتبيانا لمكانة المرأة وعظم دورها فى المجتمع الإسلامى .


ثم يأتى الحديث الآخر بنفس المعنى ولكن بتأكيد حال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مع أهل بيته ، حتى يكون حاملا للرجـال على الإقتداء ومتابعة التأسى بالنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى معاملة الأهل مثلما يتأسون به فى باقى أمور الدين والدنيا ، فيقول ( صلى الله عليه وسلم ) مؤكدا على ذلك :


[ خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ] .



بـل وتتأكـد قيمة المرأة فى الإسلام وتقدير الشرع الإسلامى لها ، فى قوله ( صلى الله عليه وسلم ) كما فى الصحيحين :


[ لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يضاجعها ] .


فجاء النص موبخا لكل من تـسـول له نفسه الإستمراء فى ضرب النساء ، ومبينا له مقدار حماقته التى تمثلت فى ضربه لها نهارا ، ثم العودة إليها بعد ساعات قليلات بكل هدوء .. فجاء النص مبينا حماقته وتغفيله ؛ إذ كيف يجعلها عبدا بالنهار ثم زوجة بالليل ؟؟



وهذا النص قطعا ، بخلاف الضرب المأذون فيه ، وهو الضرب المستوفى للشروط والضوابط الشرعية ، والذى تقتصر غايته على التأديب والإصلاح من أجل استمرار الحياة مستقرة ولا تكون غايته وهدفه الإهانة والإمتهان .



فجاءت كل نصوص الشرع الإسلامى المتعرضة لجنس النساء ، جاءت جميعها مؤكدة على المكانة العليا التى تبوأتها المرأة المسلمة فى أحكام دينها .




وقد صدق القائل :


ووصــايا الهـادي كنــزٌ .:. فيهــــــا عـــدلٌ وارتقـــاءْ
وســــموٌ قــــــالَ فيهــــــا .:. اســتوصـوا خيراً بالنسـاءْ( 9 )



حــــــــاشــيــة الـفـصـــل



( 1 ) من قصيدة [ أنا مسلمة ] للدكتور ( عبد المعطى الدالاتـى ) .
( 2 ) من كتاب [ المرأة فى الإسلام والمرأة فى العقيدة اليهودية والمسيحية ، الأسطورة والحقيقة ] صــ 42 .
( 3 ) من قصيدة [ أنا وردة الإيمان ] للدكتور ( عبد المعطى الدالاتـى ) .
( 4 ) الأبيات ذكرها الشيخ [ خالد الراشد ] حفظه الله ، فى محاضرة بعنوان [ أمى ] .
( 5 ) القصة ذكرها الشيخ [ عبد الله الجلالى ] فى محاضرة [ المرأة فى الإسلام ، مالها وما عليها ] .
( 6 ) الكلام فى هذا الحديث يختص بجهاد الطلب ، أما جهاد الدفع فالأصل فيه تلبية نداء الجهاد متى سمعه المسلم .
( 7 ) عقيلة النساء : أى [ سيدة النساء ] .
( 8 ) نقلا عن كتاب [ المرأة وكيد الأعداء ] للدكتور ( عبد الله وكيل الشيخ ) صــ [ 4 ، 5 ] .
( 9 ) من قصيدة [ استوصوا خيرا بالنساء ] للأستاذ ( عبد الناصر منذر رسلان ) .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 01-30-2008 الساعة 08:53 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:38 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.