انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات العامة ::. > التاريخ والسير والتراجم

التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-30-2010, 03:09 PM
أم حماد أم حماد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

 

ومن أمثلة تواضعه أنه ذات يوم عندما جاءه زاهد يسأل عنه صلى الله عليه وسلم فلم يجده فعندما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيته وعلم أن زاهدا سئل عنه ولم يجده لم يجلس حتى ذهب يبحث عن الزاهد حتى وجده في السوق يبيع قطعة قماش ويقول من يشتري القماش ، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم من خلفه وهو ممسك به قائلا من يشتري هذا العبد ، فالتفت إليه الزاهد ضاحكا وقال بل ستجدني كاسدا يا رسول الله ، فقال له النبي بل انك عند الله ثماني ، فكان هذا الموقف من قبيل المزح ويدل على تواضع الرسول وعلى سماحة نفسه ومراعاته لمشاعر الآخرين ، ولم تقتصر محبته بأصحابه ولا بالمسلمين فحسب بل شملت رحمته كل البشر حتى أعداءه فعندما أهانوه أهل الطائف وتمادوا في إهانته حينئذ اشتكى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه هوانه على الناس فأنزل الله عليه جبريل وملك الجبال فقالا للرسول أتريد يا محمد أن نطبق عليهم الأخشبين أي الجبلين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ل بل ربما يخرج من أصلابهم رجال يوحدون الله وبالفعل خرج من صلب الوليد بن المغيرة خالد بن الوليد الذي هو سيف الله المسلول الذي لم يهزم في معركة أبدا
فكان من أعظم المقاتلين في الجيش الإسلامي وخرج أيضا من صلب أبي جهل عكرمة بن أبي جهل فكان أيضاً من الرجال الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الدين فما أعظمها إذاً من رحمة وما أعظمه من حلم فمن بعد الإساءة والإهانة لم يدعوا عليهم بالهلاك بالرغم من قدرته على ذلك باستعانته بالله بل تمنى لهم الخير ودعا لهم وبالفعل كانت نظرته في محلها عندما خرج من أصلاب هؤلاء الأعداء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وشملت رحمته صلى الله عليه وسلم أيضاً اليهود وذلك عندما أتى حبر من أحبار اليهود وهو زيد بن سعنة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطالب بالدين الذي له عند النبي قبل ميعاد السداد وهو عبارة عن عشرون صاعاً من التمر فقل زيد بن سعنة للنبي صلى الله عليه وسلم يا ابن عبد المطلب أدوا ما عليكم فإنكم يا بني هاشم قوم مطل في الأداء وكان سيدنا عمر رضي الله عنه واقفاً مع الرسول صلى الله عليه وسلم فاحمر وجهه وأشهر سيفه وقال لليهودي زيد بن سعنة أتقول هذا لرسول الله يا عدو الله والله إني لولا أنني أخشى ملامة النبي لقطعت رأسك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عمر ما أردنا منك ذلك يا عمر كنت أنتظر منك أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن الطلب ثم طلب النبي من عمر أن يذهب مع اليهودي إلى بيت المال ليعطيه العشرون صاعاً من التمر وعشرون آخرون جزاء ما حدث لذلك اليهودي من روع من سيدنا عمر ثم بعد فترة التقى هذا اليهودي بسيدنا عمر فقال له ألا تعرفني يا عمر قال لا فقال اليهودي أنا زيد بن سعنة فقال عمر حبر اليهود ما جاء بك إلى هنا فقال الحبر اليهودي لقد عرفت كل العلامات التي تدل على أن النبي هو النبي إلا علامتين كنت قد أردت أن أتأكد منهم قبل أن أدخل في الإسلام وهما أن يسبق حلمه جهله وأنه لا يزيد شدة الجهل عليه إلا حلما أما والله وقد علمت يا عمر فأشهد أن لا ألاه إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله فأسلم ذلك الحبر اليهودي زيد بن سعنة عندما رأي رحمة وحلم وعدل الرسول الكريم فلم يجد في أي إنسان هذه الصفات فآمن به من غير داعي وشخص يدعوه للإسلام فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم دعوة في ذاته وعنواناً للإسلام في كل حياته بدون أن يشرح أو حتى يتكلم فما بالك حينما يدعوا للإسلام بجانب تلك الصفات التي تنبعث منه تلقائياً فإن كلماته تدخل مباشرةً إلى القلوب وتحرك ما بها من روحانيات وإيمانيات فتتحول القلوب المتحجرة إلى قلوب رقيقة سابحة في ملكوت الله وتتحول الحياة بكلماته من حياة مليئة بالهم والمشاكل والتباغض والتنافس والحقد إلى حياة مليئة بالحب والتعاون والتفاؤل والسعادة والرضا ويرجون من الله أيضاً جنة عرضها السماوات والأرض في الآخرة فمن يعرفه ويحبه ويتبع سنته فسينال سعادة الدارين وهي سعادة الدنيا والجنة في الآخرة إذاً ماذا نريد أكثر من ذلك فعلينا بإتباع سيرته لننال هذا الحلم الكبير الذي هو بعيد عن المشركين والمبتدعين وكل من عصى الله ورسوله وضلوا طريق الهداية فخسروا الدنيا والآخرة ولنتناول إذاً موقف آخر يدل على كرمه صلى الله عليه وسلم ويدل على حلمه فعندما كان يسير في الطريق مع أنس بن مالك رضي الله عنه ذات يوم إذ برجل من الأعراب جاء من خلف النبي وخنق النبي قائلاً أعطني من مال لله الله الذي عندك فبالرغم من غلظة وشدة ذلك الأعرابي في طلبه إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إليه مبتسما وأمر له بعطاء كما طلب ، فانظر كيف كان حلمه على ذلك السائل شديد الغلظة فما أعظمها من أخلاق وما أجلها من حياة لو سادت فيها تلك الأخلاق واتخذ الإنسان الرسول قدوة له فحلم الرسول ورحمته لم يدلوا على خوفه أو ضعفه بل كلنا نعلم مدى عظمة وقدرة نبينا ومدى شجاعته ولكن ليس مفهوم الشجاعة والرجولة هو الغضب والعنف والسب واللعن ورد الإساءة بالإساءة بل لنا في رسولنا الكريم الذي فيه كمال الرجولة أسوة حسنة فالرجل هو يملك نفسه عند الغضب ويتبع طريق الله ورسوله مهما تعرض لإساءة وشدة واستهزاء ويتحمل ذلك ويتحمل أنواع العبادة فمن يفعل ذلك ويترك أقاويل الشيطان وأصدقاء السوء فسوف ينجو بنفسه ويشعر برجولة حقيقية ليست رجولة وهمية كاذبة ويستشعر بعدها حلاوة الإيمان ولذة الطاعة التي لم يعرف طعمها إلا بعد أن يتذوقها وسيشعر من كان يستهزئ به بالغيرة والحقد منه وسينهزم الشيطان أمام قوة إيمانه أليست هذه هي الرجولة الحقيقية وقد أخبرنا الله تعلى عن صفوة الرجولة أنها في تحدي هوى النفس والقدرة على السيطرة على شهواتها وليست التفاخر والتباهي بالمعاصي أما أصدقاء السوء الذين هم أتباع الشيطان فلم يريدوا الخير للإنسان لعدم قدرتهم على إتباع الحق فلم يتمنوا الخير لأحد ولكن الرجل هو الذي لا يستسلم لأقاويلهم الكاذبة والرجال بحق هم الذين قال الله فيهم قال تعالى " رجال لا تلههم تجارة ولا بيع ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار " النور الآية 37 وكلنا نعلم أيضا مدى رحمته وعفوه عندما فتح مكة ومعه أعداد هائلة من المسلمين وقال كلمته الشهيرة لأهل مكة " ما تظنون أني فاعل بكم " فقالوا له أخ كريم وابن أخ كريم فقال لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " فهذا دليل على العفو عند المقدرة وهذا من أنبل الأخلاق بالرغم من ظلم أهل مكة له الذين فيهم قبيلته وأقاربه فقد تعرض منهم لأشد العذاب والألم والإهانةة منذ بداية رسالته وأولهم له عداوة هو عمه أبو لهب فقد تعرض منه ومن غيره إلى أشد الإهانات والعذاب فقد كان عمه أبو لهب يكذب الرسول في كل مكان ولم يكتف بذلك فقد كان يضربه بالحجارة حتى يدمي عقباه وكانت زوجة أبي لهب تحمل الشوك وتضعه في طريق النبي وعلى بابه وكان ذات مرة الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي في الكعبة فجاء عقبة بن أبي معيط ورفع على كتف النبي وهو ساجد أمعاء بعير ميت وأخذوا يضحكون على النبي وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجداً لا يرفع رأسه حتى جاءته ابنته فاطمة فأزالت هذه الأمعاء عن ظهره الطاهر الشريف فداك نفسي وروحي يا حبيبي يا رسول الله فكم عانيت وتحملت من أجل أمتك ومن أجل أن يرتفع شأن هذا الدين فكم من إهانات وعذاب تعرض له نبينا الكريم لا حصر لها ولم يكتف أعداء الإسلام بتلك الإهانات في حياته بل حتى الآن يريدوا أن ينالوا منه ويستهزئوا به كما تفعل الدانمارك وغيرها من رسومات فيها إهانة لنبينا الكريم وهذا كله يدل على مدى حقدهم منه وغيرتهم وحقدهم على الإسلام والمسلمين ولكن ما يفعلوه يأتي بغير تدبيرهم كما أخبرنا الله تعالى " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " النور 11 فقد أثارت رسوماتهم انتباه الغرب وغير المسلمين لشخصية هذا النبي الذي يقومون بسبه ويحقدون عليه كل هذا الحقد فيبحثون ويعرفون سيرته فيحبونه فيسلموا قال تعالى " ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين " سورة آل عمران الآية 54 .
بل إن الكاتب الغربي " مايكل هارت " كتب عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه من أهم عشر رجال استطاعوا أن يغيروا مجرى التاريخ وحال الناس بل هو الأول على هؤلاء العشرة فهذا رأي واحد منهم وتلك هي الحقيقة التي لا تخفى فبالفعل دخل النور والعدل على العرب بعد بعثة النبي وأصبح المسلمون ملوك العالم عندما اتبعوا خطى الشريعة وساروا على نهج نبيهم الكريم وتفجرت الحضارة والرقي فأصبح الشرق الإسلامي منارة للعلم والثقافة والتقدم والحضارة في كل المجالات وذلك في وقت قصير بعد ما كانوا يسودهم الجهل والتخلف فقد كانت بعثة هذا النبي الكريم بمثابة طوق النجاة للبشرية ليس في الدنيا فقط بل النجاة من عذاب عظيم وفوز بجنة عرضها كعرض السموات والأرض فالحمد لله أننا مسلمون فيالها من نعمة أنعم الله بها علينا وكان رسولنا الكريم هو السبب في هذه النعمة العظيمة ولكن علينا أن نحافظ على هذه النعمة التي ضحى رسولنا وصحابته الكرام بأرواحهم حتى تصل إلينا وأن نعيد للإسلام مجده وحضارته وانتصاراته بعودتنا إلى التمسك بكتاب الله وسنة نبينا الكريم فمنذ أن ضاعت الهوية الإسلامية عدنا للتخلف والظلام والذل ولكن علينا أن نثق أن الدين له رجاله وأنه عائد ولن تموت الأمة مهما مرضت وستعود الحضارة والانتصارات والمجد بعودتنا ورجوعنا لدين الله والتمسك بشرعه وذلك آت لا محالة فعلينا التمسك بالكتاب والسنة حتى لا نجرأ أعداء الإسلام علينا وعلى نبينا الكريم عندما يرونا نحن المسلمين غير متبعين لسنة نبينا الكريم فلابد علينا أن نعرفهم مدى حبنا لنبينا الكريم وذلك بإتباع سنته والالتزام بشرعه ونهجه وذلك دليل محبتنا وليس الكلام فقط فقال اللهم عليك بأعداء الدين وأرنا عجائب قدرتك في تدمير أعداء الدين والذين أهانوا نبينا الكريم ولم تتوقف رحمته بأعدائه وأحبابه والبشر بل شملت أيضاً الحيوانات والأشجار والجمادات وفي ذلك أمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى نذكر منها انه كان صلى الله عليه وسلم يخطب ذات مرة عند جذع نخلة فصنع له أحد الناس منبراً من خشب ليخطب عليه فعندما ترك هذا الجذع الذي لا حياة فيه سمع له النبي صلى الله عليه وسلم أنينا وبكاء على فراق النبي صلى الله عليه وسلم له وسمع الصحابة الذين كانوا حاضرين في المسجد أنين هذا الجذع فعاد النبي لهذا الجذع وضمه رحمة منه عليه . فيالها من رحمة لا نظير لها وقد اشتكى إليه ذات مرة جمل من سوء معاملة صاحبه له فكلم صاحب الجمل ليحسن معاملته ويطعمه . فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " رواه مسلم .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لا يرحم لا يرحم " وكان من محبة الصحابة له ورحمته بهم يتسابقون لخدمته فقد ذكر أنس رضي الله عنه أنه طوال مدة خدمته لرسول الله قرابة عشر سنوات لم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لم فعلت كذا أو لم تفعل كذا فكان صلى لله عليه وسلم أكبر مثالاً في الرحمة وبالأخص لصحابته الكرام الذين عانوا معه أشد العناء أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدأحدهم ولا نصيفهعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"لا تسبواأصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدأحدهم ولا نصيفه "قد تعلم الصحابة منه صفات عديدة مثل الصبر فعندنا مر النبي صلى الله عليه وسلم على عمار بن ياسر وهو يعذب هو وأهله قال لهم صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة وتعلموا أيضاً الصحابة منه الزهد في الدنيا فعندما دخل ابن مسعود وبعض الصحابة رضي الله عنهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدوه نائم على الحصير وقد أثر الحصير في جنبه الشريف فقالوا له ألا تتخذ يا رسول الله لك وطاء أي فراشاً ليناً ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالي وللدنيا إن مثلي ومثل الدنيا كمثل رجل استظل تحت شجرة ثم راح وتركها فما الدنيا في الآخرة إلا كما يضع أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بما يرجع ؟؟! رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح
وتعلموا منه أيضاً الحب والإخاء والإيثار فعندما آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار كان سعد بن ربيعة رجل من أغنى الأنصار فقال لابن عوف الذي من المهاجرين " هذا نصف مالي خذه وعندي زوجتان فانظر إليهما فأيتهما تعجبك فأطلقها وتوفي عدتها تتزوجها فقال له ابن عوف بل بارك الله لك في مالك وأهلك " فيالها من أخلاق عظيمة ويا له من حب وإيثار وإخلاص وكرم وشعور بالآخرين فما بالك بأخلاق معلمهم ومعلم البشرية كلها . وقد تعلموا منه أيضا كيفية التعامل مع الآخرين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا " حديث صحيح رواه أبو داوود والترمذي . فلم يترك أي سلوك وأي سلوك حميد إلا كان مثالاً يحتذى به فما أكمله من إنسان وما أعظمه فقد كان الصحابة رضي الله عنهم قبل الإسلام رعاة للأغنام ولا يقوموا بشيء إلا بمحاربة بعضهم البعض بالغزو على القبائل من اجل جمع الإبل والأغنام ثم يقدمونها لأصنامهم فتحولوا بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى نماذج يضرب بها المثل في الأخلاق والشجاعة والحضارة والتقدم وجميع الأخلاق الحميدة وأيضاً تعلم الصحابة من نبيهم المتواضع فعندما شاهدت امرأة رسول الله جالس يأكل قالت انظروا انه يجلس كما يجلس العبد ويأكل كما يأكل العبد فقال صلى الله عليه وسلم " أجل وهل هناك أعبد لله مني أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد .
يا له من نبي عظيم ليس لسيرته نهاية ولم يسعنا الحديث عنه وعن صفاته وحياته فمن يسير على نهجه نال سعادة الدارين التي هما مطلب كل العباد فهذا هو الطريق لهذا المطلب الغالي ولكن الناس ضلوا الطريق ولكن من اهتدى فاز وأصبح الرسول له أسوة حسنة كما قال تعالى " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " سورة الأحزاب 21 فيصبح الإسلام متمثل في هذا الشخص المقتدي في حياته برسوله الكريم فيظهر الإسلام بصورته الصحيحة بدل من الصورة الخاطئة التي يتبعها بعض الناس فديننا دين المعاملة ودين السماحة ودين اليسر وديننا دين السعادة الحقيقية لمن جعل قدوته رسول الله وليس من جعل قدوته أعداء الله لذلك فإن أكثر حالات الانتحار تكون في الغرب الذي لم يعرف الدين الإسلامي فبالطبع لم يذق حلاوة الإيمان ولذة الطاعة التي يشعر بها المسلمون الذين دخل في قلوبهم حب الله وحب رسول الله فأصبحنا نحن المسلمين في سعادة ليس لها حدود يكاد يحاربنا عليها الملوك ويحسدنا عليها أعداء الله وطريق الدين واضح وسليم ويسير ولم يتغير بل الناس هي التي غيرت في استخدامه الصحيح وفهموه فهم خاطئ فأساءوا استخدام الدين فتجد المتشددين لدرجة التعنت والتعقيد وتجد المتساهلون لدرجة التسيب والميوعة ولم يعرفوا أن الإسلام دين الوسطية التي تجمع بين المميزات والتي تأخذ من كل فرقة وجماعة الصفات الحسنة بها وتترك ما هو سيء بعيد عن الدين فهذه هي المرونة التي نصل بها إلى الوسطية السليمة بدون تشدد أو تنازل في الدين ويكون هذا هو الدين المتكامل الذي يجمع بين المميزات الدنيوية والأخروية ومن أمثلة الوسطية التوسط مثلا بين الرجاء والخوف فلا أحد يطمع برحمة الله لدرجة انه يتكاسل عن العبادة من كثرة رجائه ولا أحد ييأس من رحمة الله فيترك العبادة أيضا من كثرة الخوف فديننا دين الوسطية التي هي التيسير في الدين وتسهيله على الناس بدون تنازل عن قواعد الدين أو الانحراف عنه فمن استخدم الدين استخدامه الصحيح سوف يجد سعادته الحقيقية التي هي مطلب كل الناس وسيظهر الإسلام الحقيقي بصورته الحقيقية السليمة التي تبهر من يراه في سلوك الآخرين إذا استخدموه استخدامه الحقيقي كما نزل من عند الله كما بلغه لنا رسولنا الكريم الذي أفنى حياته حتى يوصل لنا هذا الدين على طبق من ذهب فيشقى لنسعد نحن يا حبيبي يا رسول الله وقد وافته المنية صلى الله عليه وسلم نتيجة لأثر السم الذي كانت قد دسته له المرأة اليهودية في الشاة المسمومة التي عندما جاء ليأكل من لحمها المسموم أنطق الله الذراع الذي به السم وقال للنبي أنه مسموم بعدما كاد الرسول أن يبتلعه ولفظه الرسول من فمه ولكن ظل أثر ذلك السم الذي تبقى ونزل جوف النبي وبعد عدة سنوات أثر ذلك السم في نبينا الكريم وقد اشتدت أيضاً عليه الحمى في أواخر أيامه وارتفعت درجة حرارته فأصبحوا يصبوا عليه الماء حتى يفيق لأنه يريد أن يذهب ليصلي بالناس حتى في شدة مرضه واحتضاره وليوصيهم بآخر وصاياه فكم كان حريص على أمته ولو على حساب حياته فذهب وخطب في الناس وأوصاهم بأشياء كثيرة فمنها أنه أوصاهم وقال لهم لا تتخذوا قبري وثن يعبد وقد قال صلى الله عليه وسلم : "قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " رواه البخاري . ثم أراد أن يمهد ويهون على الناس حينما يعلموا بخبر وفاته فقال لهم " إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده " فبكى أبو بكر وقال فديناك بآبائنا وأمهاتنا فاستعجب الناس من رد فعل أبو بكر لأنهم لم يفهموا قصد النبي بأنه قد خيره الله بين الحياة والموت ليلقى ربه فاختار النبي جوار ربه وعلم أنه سيموت ولكن أبو بكر هو الذي فهم ذلك وتألم وبكى لأنه رفيق عمره وأول من آمن به وأفضل الصحابة وأحبهم إلى رسول الله كما أخبرنا بذلك رسول الله من قبل ثم جاءت لحظة الاحتضار للنبي وهو يقول " لا إله إلا الله إن للموت لسكرات " رواه البخاري وبينما هو في لحظات الاحتضار والصحوة والغفوة يسال أحد الصحابة أصلى الناس لمدى حرصه على تمسك أمته بصلاتهم التي هي صلتهم بالله وبينما هو كذلك وفي لحظات الاحتضار حتى رأته ابنته فاطمة حبيبة رسول الله وهي تقول وا كرب أبتاه فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم رواه البخاري وطلب السواك فجاءت به عائشة ولينته بريقها لتجهزه لرسول الله وليكون قد اختلط ريقه الطاهر بريق عائشة ويكون ذلك آخر شيء قبل وفاته ثم فرغ من السواك ورفع يده أو إصبعه وشخص بصره وتحركت شفتاه فأصغت إليه عائشة التي قد مات بين سحرها ونحرها وسمعته يقول " مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى اللهم ألحقني بالرفيق الأعلى " فكرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً ولحق بالرفيق الأعلى رحمة الله عليك يا حبيبي يا رسول الله وإنا لله وإنا إليه راجعون فقد انتقلت روحه إلى حبيبه ولم يفنى جسده الطاهر لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ودفن حيث مات في بيت عائشة رضي الله عنها وما أن سمع بهذا النبأ صحابته الكرام حتى خرج عمر رضي الله عنه من هول المفاجأة والصدمة عليه قائلاً " إن رجالاً من المنافقين زعموا أن رسول الله توفي وإن رسول الله ما مات لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل أنه مات ووالله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات فكم أثرت الصدمة عليه وذلك من فيض حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أما سيدنا أبو بكر فقد دخل على رسول الله فقبله وبكى ثم قال بأبي أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها ثم خرج على الناس قائلاً لهم " من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت وذكر قول الله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " سورة آل عمران 44 فانظر إلى مدى حكمة سيدنا أبو بكر ومدى حسن تصرفه فما أن سمع الناس هذه الكلمات حتى أدركوا أن الرسول قد مات بالفعل عندما قرأ عليهم هذه الآيات كأنهم يستمعوا لها لأول مرة فساد الحزن والألم على أرجاء المدينة كلها فقد قال أنس رضي الله عنه ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري . ثم قالت فاطمة يا أبتاه أجب ربا دعاه يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه . صحيح البخاري . فأي مصيبة عند المسلمين تهون بعد وفاة الرحمة المهداة ورسولهم الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام وعليه رحمة الله قال تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " الأحزاب 56 صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .

تم الاستعانة في هذا البحث ببعض الكتب مثل كتاب الرحيق المختوم لصفي الرحمن المباركفوري

يعتبر هذا البحث هو البحث الثالث بعد (قصة التتار بين الماضي والحاضر) ، (خفايا في التاريخ وانتصارات ستعود)
وانتظرونا في البحث القادم
والله ولي التوفيق
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أعداء, الله, المهداة!!, الرحمة, انتبهوا, يا, هذا, إن


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 10:08 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.