انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الآلة > علوم الحديث والمصطلح

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #17  
قديم 01-13-2009, 12:08 AM
أبو أنس الأنصاري أبو أنس الأنصاري غير متواجد حالياً
II كَانَ اللهُ لَهُ II
 




افتراضي


إن ظاهر كلام الخليلي في هذا الموطن : أن الحديث الفرد ، سواء كان من رواية ثقة أو غير ثقة ، فهو حديث لا يحتج به .
لكن هذا الظاهر لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ من له أدنى علمٍ بعلم الحديث ، لأن رد الغرائب والأفراد كلها لا يقول به أحد من أهل الحديث . وإذا كان هذا الظاهر على هذه الدرجة من ظهور رده ووضوح بطلانه ، فلا يمكن أن نظن بأحد حفاظ الحديث ونقاده أنه يقول به ‍ وعلى هذا فلابد من تفسير كلام الخليلي بما لا يخالف البدهيات ، وتأويله بما لا يناقض الإجماع ‍‍ ، وهذا أباح للخليلي التعبير بمثل هذا التعبير ، وهو الذي رخص له عند نفسه أن لا يعقد عبارته بما البدهي كافٍ فإفهامه والإجماع كفيل بتقييده .
وهذا مثال آخر وجديد ، على سهولة عبارات أئمة الحديث ، وخروجها على سليقة العرب : في صفائها ووضوحها ، وبعدها عن تطويل العبارة أو تعيدها ، بما العقول السليمة تعقله ، والأفهام الصحيحة تدركه .
ولك أن تعجب بعد ذلك من مواقف بعض المتأخرين من عبارة الخليلي تلك‍ والتي جاء أمثلها قول من فهم كلام الخليلي بناءً على تصريح الخليلي في موطن آخر من ( الإرشاد ) ، بأنه يصحح افراد الحفاظ الثقات . وهذا وإن كان دليلاً صحيحاً على عدم جواز فهم كلام الخليلي السابق على إطلاقه ، من أنه يرد الأفراد ولا يحتج بها مطلقاً إلا أنه استدلال لا حاجة لنا فيه ، بعد أن فهمناه بداهةً ، وعلمناه بالإجماع .‍‍
وإذا كان الخليلي لم يشذ عن الإجماع ولم يخالف البدهيات ، في أن أفراد الحفاظ صحيحة محتج بها اتفاقاً ، فما هو معنى قوله عن الشاذ: (( يشذ بذلك : شيخ ثقة كان ، أو غير ثقة ... وما كان عن يتوقف فيه ولا يحتج به ))؟
أجاب عن ذلك ابن رجب الحنبلي في ( شرح علل الترمذي ) ، حيث قال : (( لكن كلام الخليلي في تفرد الشيوخ ، والشيوخ في اصطلاح أهل هذا العلم : عبارة عمن دون الأئمة الحفاظ ، وقد يكون فيهم الثقة وغيره ... وفرق الخليلي بين ما ينفرد به شيخ من الشيوخ الثقات ، وما ينفرد به إمام أو حافظ ؛ فما انفرد به إمام حافظ : قبل واحتج به ، بخلاف ما تفرد به شيخ من الشيوخ ن وحكى ذلك عن حفاظ الحديث)).
إذن فالقسم المردود من أفراد الثقات عند الخليلي : هو الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابراً لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف .
وما سوى هذا القسم من أفراد الثقات ، فهو مقبول محتج به ، وهو انفراد من كان يحتمل التفرد بما تفرد به .
وهذا كله في معرفة ما يقبله وما لا يقبله الخليلي من أفراد الثقات ، ويحكيه عن أهل الحديث .
لكن مسألتنا هل الشاذ عند الخليلي هو هو عند الحاكم ؟
أما حكم انفراد الثقات ، فاتفق عليه الحاكم والخليلي ، كما سبق عنهما . بتقسيمه إلى انفراد من يحتمل ذلك التفرد ن ومن لا يحتمله .
واتفق والحاكم والخليلي على تسمية ما لا يحتمل من التفرد بـ( الشاذ) ، ونص الحاكم على تسمية ما يحتمل من التفرد بـ( الشاذ) أيضاً ، ولم ينص الخليلي على هذا في ذلك الموطن .
فإذا أردنا وزن كلام الخليلي بمعايير المناطقة ، باعتباره أن حده لا بد أن يكون جامعاً مانعاً لصفات ( الشاذ) ، بعدما شرحناه من كلامه يكون تفرد من يحتمل ذلك التفرد ليس بـ( شاذ) عند الخليلي .
لكن سبق أن تلك المعايير أجنبية عن علوم الحديث ، غريبة على علمائه ، فلا يصح أن يوزن كلامهم بها .
ويكون الخليلي بذلك الشرح للشاذ ، إنما أراد بيان قسمه المردود ، لأنه هو القسم الذي كان وصفه بـ( الشذوذ) سبباً لرده وعدم الاحتجاج به . فهو لذلك ، وبملاحظة منطوق كلامه وحده ، غير مخالفٍ للحاكم ، وليس عندنا ـ إلى الآن ـ ما يدل على أنه موافق له أيضاً . وإن كانت موافقته له هي الأقرب والأصل ، لأن اصطلاحهما اصطلاح علمٍ واحدٍ ، ولأن الحاكم شيخ الخليلي .
غير أني وجدت تطبيقاً عملياً للخليلي ، يدل على أنه موافق لشيخه الحاكم ، على تسيمة تفرد من يحتج بتفرده بـ( الشاذ)‍ ..
حيث قال في ( الإرشاد) عن العلاء بن عبد الرحمن الحرقي : (( وقد أخرج مسلم في ( الصحيح ) : المشاهير من حديثه ، دون هذا والشواذ)).
فها هو يطلق على مفاريد العلاء بن عبد الرحمن في ( صحيح مسلم ): أنها شواذ‍
ونخرج من هذا كله ، بأن ( الشاذ) عند الحاكم والخليلي معناه واحد ، وحكمهما على أنواعه واحد ، ورأيهما فيه متطابق تماماً ‍‍
فالشاذ عندنا : هو الأصل الذي انفرد بروايته راوٍ واحد . فإن كان المنفرد به يحتمل التفرد بمثله لحفظه وإتقانه وإمامته : لم يقدح ذلك في الاحتجاج بخبره ولم يمنع من تصحيحه ، وإن كان المتفرد به مقبولاً لكنه ليس يحتمل التفرد به : فهو متوقف فيه لا يحتج به ، وإن كان المتفرد به ضعيفاً : كان ذلك الحديث شديد الضعف غير نافعٍ للاعتبار .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس الأنصاري ; 07-09-2009 الساعة 08:21 AM
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 04:40 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.