انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-16-2009, 08:34 PM
أبو أنس الأنصاري أبو أنس الأنصاري غير متواجد حالياً
II كَانَ اللهُ لَهُ II
 




افتراضي معادلة المقاومة ( حماس والفصائل)

 

د / لطف الله خوجة

نحاول فهم موقف الإعلاميين – وغيرهم – الذين رجعوا باللوم على المقاومة في كارثة غزة.

ربما احتجنا إلى المنطق الرياضي للتوصل إلى فهم ما يدور؛ إذ المعادلات حقائق لا تقبل الجدل، فما كان منها ذات مقدمات صحيحة (= معطيات، أسس، حقائق)، فلا مناص من صحة نتائجها، وبطلان نتائجها يأتي من بطلان مقدماتها. وفي علاقة فلسطين بإسرائيل لدينا مقدمتان، هما:

- الأولى: فلسطين محتلة.

- الثانية: الأرض المحتلة يجب تحريرها.

- النتيجة: فلسطين يجب تحريرها.

من سلم بالمقدمتين، عليه أن يسلم بالنتيجة، وإلا فليس لتسليمه قيمة. أما من لم يسلّم، فإما أنه يعارض الأولى أو الثانية، أو كليهما.

فالذي يعارض أن فلسطين محتلة (= المقدمة الأولى)، بلا شك هو صهيوني أو متصهين، فالمبدأ الصهيوني ينص على: اعتبار أن فلسطين حق مقدس لليهود، أعطاهم إياه الرب، وعليهم أن يعودوا إليها. هكذا لن تكون إسرائيل محتلة، بل صاحبة سيادة حق أبدي؛ لأنها أرض الميعاد.

هذا الموقف غير معتبر ولا وزن له؛ لأنه بحسب التاريخ والشرائع – وشريعة الإسلام – حتى القانون، عدوان واحتلال، وهذا يشهد به، كذلك، طوائف من اليهود الذين يعارضون قيام إسرائيل، بالنظر إلى أنها مخالفة لتعاليم التوراة، ومنذرة بكارثة على أمة اليهود. ويعارضه كذلك كثير من المسحيين؛ الذين يعتقدون أن التحريف لحق بالتعاليم المسيحية، لمّا فُرض عليهم قراءة الإنجيل وفق نظرة توراتية، بعدما جمعا في كتاب واحد، وثمة فئات في إسرائيل تشعر بالخداع والتضليل؛ إذ قيل لها لتبرير هجرتها إلى فلسطين: "إنها أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض". لكن الحقيقة لم تكن كذلك.

فلسطين إذن محتلة بكافة الدلائل، والناس على هذا متفقون إلا تلك الفئة آنفة الذكر: الصهاينة.

عن المقدمة الثانية، فلا يختلف عليها أحد. فهي مسلمة من المسلمات عند جميع الأحرار المخلصين، إلا من رضي بالمحتل واحتلال الأرض، تحت أية دعوى كانت.

ومع التسليم بوجوب تحرير الأرض، إلا أن بعض الرؤى قد تختلف في وسيلة التحرير، فبعضهم يرى أن الوسيلة المثلى هي: العملية السلمية؛ عبر المفاوضات والعصيان المدني ونحوه. ومن المعروف تاريخيا: أن التحرير يأتي عبر المقاومة والجهاد والحرب. ومنذ عقود ظهرت وسيلة لم تكن معروفة، هي التحرير بالسلم لا بالحرب. ربما كان لحركة غاندي في الهند دور في ترسيخ الإيمان بهذا المفهوم. والمؤمنون به يستندون في البرهنة: إلى بشاعة آثار الحروب على الأمم، قتلا وخرابا وتدميرا. وأنها لا تثمر في كل حال، وتأتي بالنتائج العكسية، فتفاقم المشكلات، وحرب عام 1967 مثال على حرب خاسرة غير ناجحة؛ خسر فيها العرب القدس والضفة وغزة. وعبر المقاومة السلمية أمكن تحرير سيناء، وتحرير الضفة وغزة.

لكن إذا كانت هذه آثار المقاومة السلمية، فأين الناس عنها منذ بدء الحروب في العالم.. أم كانت في غايتها الأولى ثارات وعصبيات؛ فما أخذ بالقوة فلا يسترد إلا بالقوة. وأن الطريقة السلمية لا تشفي، ولا تذهب غيظا، حتى لو حصل النصر بها ؟.

هل كانت الثارات هي الدافعة للحروب، أم العجز عن التحرير إلا بالحرب ؟.

لا شك أن الحرب ذو كلفة باهظة، والسلامة من هذه الكلفة مستحب، وإدخال العصبية والثارات في فكرة التحرير غير سديدة، فالعدو إذا خرج بالسلم، فكفى الله المؤمنين القتال. لكن الشأن في خروجه كذلك، إنه لن يخرج من دون مكاسب، أو إنه لن يخرج وهو يحمل الخسائر. فما الذي يدعو محتلا يملك كل القوة والأدوات والهيمنة على البلد، أن يتنازل عن الأرض أو بعضها بلا مقابل ؟.

هذا منطق لا يتلاءم مع أهداف الحرب والاحتلال، فالمحتل الذي مليء رحمة!!، تحمله أن يخرج خاوي اليدين، لا بسبب سوى الحديث المستمر ( المفاوضات)!!!، مثلٌ موجود لكن في عالم الخيال؛ إذ من امتلأ رحمة ليس واردا لديه احتلال بلد ما في الأصل. والمحتل لم يحتل بسبب غضب عابر، أو عاطفة مندفعة، إنما بدراسة وتخطيط لمعرفة الجدوى والفائدة، فما حرك جنده وآلته وأمواله إلا وهو يقدر التكاليف، ويقدر كذلك رجحان المكاسب، فلم يكن ليتراجع بعد امتلاك الأرض لمجرد المفاوضات، إلا إن وجد من وارئها ما يرجع عليه بالعوائد المجزية، أو يخفف عنها الخسائر.

وهذا ما حصل في تحرير سيناء بالمفاوضات في كامب ديفيد، حيث كانت مكاسب إسرائيل فيها كبيرة، لو لم يكن منها إلا تحييد مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، ثم الدخول في اتفاقيات أمنية وعسكرية، واقتصادية، تستفيد منها إسرائيل إلى اليوم، ولا تستفيد منها مصر.

كذلك تحرير غزة والضفة، لم يكن من دون مقابل مجزي، يكفي من ذلك أنها خففت عن كاهل الاقتصاد الإسرائيلي مبالغ ضخمة، كانت تتحملها لإدارة القطاعين، تحملتها الدول النفطية والغنية بعد ذلك. ولم تزل إسرائيل في معاناة كبيرة من الانتفاضة، فلم يكن بد من دخول السلطة لتقوم بالدور في قمع الانتفاضة والتخفيف من حدتها، وقد نجحت إلى حد كبير. فإسرائيل أفادت من هذه الاتفاقيات أكثر من غيرها، ولولا المصالح ما تنازلت عن شبر من الأرض التوراتية، خصوصا في ظل قلة الإمكانات البشرية لدولة إسرائيل، حيث لا يزيد عن سكانها عن أربعة ملايين.

ومع ذلك فإن هذه الاتفاقية لم تعط الفلسطينيين ما كانوا يطمحون إليه، ولا عشرة بالمائة، بل أخلت إسرائيل بكافة الاتفاقيات، وقلصت من حجم وعودها يوما بعد يوم، منذ مدريد إلى أوسلو إلى خارطة الطريق وما قبل وما بعد. في المساحة المحررة، وفي قدر الثروات الممنوحة، والحدود المرسومة، والقدرات اللازمة للدولة الفلسطينية، إضافة إلى اللاجئين والقدس، فالمحتل يعد ولا يفي، وما يعطيه بيد يأخذه بالأخرى.

هناك شيء واضح ينبغي ألا يغيب عن الذهن، وهو: أنه في الحالة الفلسطينية، فإن المفاوضات لا تعد بتحرير كافة الأرض، بل جزء يسير، لا يساوي عشرة بالمائة، هي المخصص لإقامة دولة فلسطينية (= الضفة وغزة)، وفي النظام البشري قاعدة متفق عليها: أن الأصل في الأرض المحتلة، تحريرها جميعها. فإذا ما تعذر إلا بعضها، فإنه يكون مرحليا، وتهيئة لتحرير كامل الأرض. أما القبول بمبدأ التحرير الجزئي دون الكلي، وبشكل دائم غير مؤقت، فإنه لا يملك فرد ولا مجموعة التنازل عن هذا الحق، بل يملكه الشعب كله، وعليه: فغير مقبول أن تتولى فئة أو جماعة، إعطاء المحتل صكا مفتوحا بشرعية بقائه في الأرض المحتلة، إذا أعاد بعضها.

وفي حالة ما إذا كانت الأرض تصطبغ بصفة القداسة، فلا يملك أن يتنازل عنها أحد ألبتة، ولا الأمة كلها، دع عنك سكان الأرض المحتلة؛ لأنه حينئذ سيكون حقا لله تعالى، مسئولا عنه، وهذا ينطبق على فلسطين، فلا يحل لأحد مهما كان التنازل عن شبر منها.

والمراقب لسير المفاوضات، وتضمنها قبولا بدولة فلسطينية على جزء من الأرض، مع الاعتراف بشرعية الاحتلال، بالاعتراف بدولة إسرائيل. يعلم أن هذا ليس بتحرير، بل تكريس وترسيخ لكيان غاصب. فموقف المفاوضين ليس مرحليا، دفع إليه الضرورة، وهي تقدر بقدرها، كلا، بل إيمانهم أنه حل نهائي مطلق، يترتب عليه: أن كل مقاومة ومحاولة لتحرير باقي الأرض، سيُعدّ خروجا عن الشرعية، وعلى القانون. وسيكون المقاوم المجاهد، الذي هو صاحب الحق، متمردا انفصاليا إرهابيا، خارجا عن القانون.

هذه هي لغة المفاوضات ونتائجها، وما كان يدور ببال الذين ذهبوا إلى مدريد، أن كل الوعود الإسرائيلية ستذهب أدراج الرياح، ولو علموا لربما تجافوا كل اتفاقية مبناها المفاوضات، فالمفاوض المحتل يتكلم من منطق القوة، والمفاوض الذي وقع عليه الاحتلال يتكلم بمنطق الاستجداء والضعف. ولو أن المؤمنين بطريق التسوية والمفاوضات حلا للمشكلة، قالوا: نحن اجتهدنا، ونرك للمقاومين وما تصدوا له، فهم يسيرون على خط أصيل، لا يعرف غيره – في التاريخ - طريقا للتحرير: لهان الأمر.

لكن فريقا منهم ذهب إلى تجريم المقاومة، وتحميلها كل خزايا وبلايا اليهود الصهاينة، فبدؤوا بتتبع كل ما يظنونه خطأ ارتكبته المقاومة، حتى بعد بدء الحرب على غزة.. تركوا قتل اليهود لغزة، وسلطوا النظر على أداء المقاومة.. وهذه إعانة للمحتل، الذي انتعش بهذا الموقف، وأرضاه كثيرا، حتى صار يستدل به ويستشهد على كل من انتقد عدوانه..!!.

والعجيب أن أهل غزة كافتهم، هم مع المقاومة، حتى هذه اللحظة، بعدما يقارب الأسبوعين، لم نر ولم نسمع أحدا منهم، أو غيرهم من فلسطين: متذمرين، يحمّلون المقاومة وحماس بالأخص، جريرة ما حل بهم، إنما يحمّلون ذلك المحتل وحده، ومَنْ وراءه. فأصحاب القضية المعنيون راضون بالمقاومة، يفاخرون بأعمالها، فهؤلاء ما شأنهم إذن، هل هم أعلم بعلة الحرب من أهلها ؟.

شيء مريب حقا، أن توجه سهام الإدانة الشديدة، مع التهكم والشماتة، من فريق محسوب على المسلمين، على من حمل على عاتقه تحرير الأرض المقدسة، وأبقى في الأمة بارقة أمل لعزة آتية..!!..

قد عرفنا أن المفاوضات ليست طريقا للتحرير، فلم يبق إلا المقاومة والجهاد، خصوصا إذا تذكرنا ما يعامل به الصهاينة أهل غزة والضفة.. لا أحد يفرح بقتل ولا مقتول، ولا يحب منظر الخراب والدمار والأطفال والضعفاء. لكن إذا كان هذا موتا مباشرا، فهناك موتات أخرى بطيئة، خسيسة، فالحصار الذي كان ضرب على غزة، كل العالم شاهد آثاره، ولم يخف على أحد. وإذا كنت أمام عدو محتل، يغير الملة، ويستبيح الحرمة، ويدنس الأرض المقدسة، ويذل العباد، وينهب الثروات، ويفسد في البر والبحر والجو، ويدوس كرامة الإنسان، وأنت تعيش كل ذلك، ستقول: باطن الأرض خير ظاهرها. وأن أموت مرفوع الرأس أحسن من الموت ذليلا. فالموت واحد، والآجال مكتوبة، والأقدار معلومة.

والله شرع الجهاد، وهو يعلم أن عباده المؤمنين مقتولون، وأطفالهم، وشيوخهم، وأن البلاد تتعرض للخراب، لكن إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا، فما حيلة المضطر إلا ركوبها. فما كانت هذه المآسي والمآلات مانعة من تشريع الجهاد؛ لأنه لا وسيلة لتأديب المجرم إلا جهاده:

- {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين، عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا}.

فمن يلوم المقاومة، هو يريد الإبقاء على الذلة والمهانة، وإفساد الدين والأرض.

لكن إذا كان العدو غاشما، لا يردعه شيء، فليس من الحكمة استفزازه، فالنتائج كارثة. وهذا منطق صالح، فيما إذا لم تكن للمسلمين قوة تقارع، وتؤذي وتؤلم العدو، هنا يؤمر المسلمون بالكف.

أما إذا كانت للمؤمنين قوة، فقد وجب الجهاد، ولا تشترط أن تكون مكافئة، بل المستطاع منها:

- {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم..}.

فلا تشترط قوة مكافئة، ولا عدد مكافئ، بل يجوز للمسلمين الدخول في حرب مع ضعفهم عددا:

- {فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله..}.

وعلى هذا الأساس انطلقت معارك الإسلام، منذ عهد النبوة، حتى الفتوحات. إذن ما يفعله المجاهدون في غزة، عين ما فعله أسلافهم في جهادهم.

بهذا نظن أنه قد أتينا بالجواب على من اتهم المقاومة. لكن فضل من الكلام الإيضاح التالي:

أن إسرائيل إن كانت لتغدر بغزة، بحرب شاملة، بقصد القضاء على المقاومة، عاجلا أو آجلا، سواء ألغت المقاومة الهدنة أو لم تفعل، وهذا ليس بجديد على هذا المحتل. فالتبييت كان واضحا، حتى من قبل إعلان إلغاء التهدئة، من تحركات إسرائيلية في كل اتجاه سياسي وإعلامي، لحشد الدعم ضد حماس. وابتداء الحرب بطاقة عالية، تدل على استعداد مبكر وتام، وبعلم من دول متواطئة في الغزو.

وكل الإعلاميين والسياسيين يدركون أنها ليست بحاجة لذريعة للغزو، وقد دللت على ذلك مرارا، وكانوا يعلمون ما تبيت له، ومن هؤلاء – بلا شك – الذين ألقوا باللوم على حماس، واتهموا المقاومة بكل ما هو ممكن من التهم والنقائص، كانوا يعلمون بكل هذه النوايا. فلم أداروا ظهورهم لهذه الحقيقة، وأقبلوا توبيخا ونقدا على المقاومة، وكأنهم آخر من يعلم ؟!!!.

إن المقاومة عثرة في طريق التسوية الشاملة الأبدية، التي تعني صراحة شرعية الاحتلال، والاعتراف بحقه في فلسطين، لذا فكل من آمن بهذه التسوية، هو لا يحب المقاومة ولا المقاومين، فوجب إسقاطها بكل وسيلة، وهذا يفسر التواطؤ مع إسرائيل في قيامها بهذه المهمة.

لكن الذي يبدو – حتى الآن – فشلها في مهمتها، على الصعيد العسكري، فحماس والفصائل لا زالت تقاوم بضراوة، وقياداتها في أمان. وعلى الصعيد الإعلامي، فلم تنجح وسائل التشويه في زعزعة الثقة بالمقاومة، لا في الداخل ولا في الخارج، بل التعاطف معها يزداد يوما بعد يوم.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس الأنصاري ; 01-16-2009 الساعة 08:36 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 06:37 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.