"اتق الله.. البر ليس ضعفًا في الشخصية، وليس العقوق قوة".

[*زهرة الفردوس*]

 

شتان بين الصورتين..
صورتها منذ أكثر من عشرين عامًا: زوجة شابة عفية منتصرة،
وحالها الآن أمٌّ عجوزٌ كسيرةٌ كسيفةُ البال، تستجدي أبناءها فلا تجد سوى العقوق والتخلي!

عندما شكت لي حالها وجدتني أختزل الفارق الزمني بين الصورتين، وأعود إلى الوراء، ليثبت في ذاكرتي موقف لا أنساه، وإن غطاه ركام الزمن وأحداثه..

كانت صديقتي، وبقدر ما كنت آخذةً عليها قلة اكتراثها بمشاعر من حولها، كانت تنتقد في مراعاتي مشاعر الآخرين ولو على حساب حقوقي! ولذلك لم تتورَّع عن أن تسخر مني عندما زارتني يومًا وكانت أم زوجي ضيفةً غاليةً في بيتي وتحدثنا معًا، وكان من بين ما قالته حماتي لها: ربنا يكرمها أم أسماء، من يوم تزوجها ابني لم أشعر لحظة بأنه تغير أو قل اهتمامه بي.. ربنا يدخر لها ما تفعله معي، فتجده في أولادها إن شاء الله..

يومها جاءتني في المطبخ، وجعلت تقلِّد أم زوجي بحركات ساخرة،
وتقول لي: يا خيبتك، حتى متى تتركين زوجك في جيب أمه؟!

الزوجة الشاطرة يا بلهاء هي من تطوي زوجها وتغنيه بها عن كل الناس حتى أكثر من عشرين سنة، وهو في كنفها وحضنها، وعليها أن تتركه لبيته وامرأته.

فتحت فمي لأردَّ عليها، فأوقفتني بإشارة من يدها وأكملت: أتعرفين، عندما تقدم لي زوجي كان أول ما راقبته فيه هو علاقته بأمه، قبلت الزواج به، والله لو كان آخر رجل على وجه الأرض، واكتشفت أنه شديد الارتباط بأمه لما تزوجته.

قلت لها بانزعاج:
"اتق الله.. البر ليس ضعفًا في الشخصية، وليس العقوق قوة".

فردَّت بلا مبالاة: أنت حرة نصحتك وأنت الجانية على نفسك، وانصرفت فنسيت كلامها، حتى ذكرتني به أم زوجها عندما قابلتها في الطريق قدرًا، فسألتني بإلحاح عن أحوال ابنها وأسرته وعندما اندهشت لإلحاحها وسألتها: ألا يزورك هو وأسرته؟ قالت بلهجة يائسة: أبدًا يا بنتي، فأنا لا أراهم إلا في المناسبات، وحتى التليفون لا أسمع صوت ابني فيه إلا إذا كان يريد أن يستفسر مني عن شيء ما، وليس لكي يسال عني!

بشكل غير مباشر طلبت من صديقتي أن تحث زوجها على بر أمه، وألا تقف بينه وبينها، فأزعجني ردها، إذ قالت بحدة: والله عال، لعلها شكت لك؟

طيب غدًا ستعرف نتيجة شكواها!!
وعلمت بعد ذلك أن عقوق زوجها زاد بتحريض منها، وأنه صار يكتفي بالاتصال بأمه على فترات متباعدة متعللاً بأعذار واهية.

منقووووووول

[يا رجائي]

اللهم اصلح احوالنا