انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-12-2015, 03:53 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي خصائص الأنبياء والرسل وأولي العزم منهم

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

خصائص الأنبياء والرسل:
1- الوحي:
خصّ الله الأنبياء دون سائر البشر بوحيه إليهم، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ} [الكهف:110].
2- العصمة:
الأنبياء معصومون في تبليغ ما أمرهم الله عز وجل بتبليغه، وهم معصومون أيضا من الدنيَّات المخلَّة بالمروءة، ومعصومون كذلك من كبائر الذنوب وقبائحها، ويقع منهم عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم صغار الذنوب، كأكل آدم من الشجر التي نُهي عنها قال تعالى: {فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ} [طه:121]، وتسرَّع داود في الحكم قبل سماع قول الخصم الثانِي، فأسرع إلى التوبة، فغفر الله له ذنبه قال تعالى عنه: {فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذٰلِكَ} [ص: 24، 25]، وقد عاتب الله نبيَّنا صلى الله عليه وسلم على تحريمه على نفسه ما أباحه الله له: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوٰجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التحريم:1].
ولا يتنافى وقوع الصغيرة من النبيِّ في كونِهم أسوةً وقدوة، لأنّه يسارع إلى التوبة، فيكون قدوة وأسوة للعاصين بأن يسارعوا إلى التوبة والاستغفار، فالأنبياء لا يُقَرُّون على المعصية، ولا يؤخِّرون التوبة، وهم بعدَ التوبة أكملُ منهم قبلها.
وهذه الصغائر من أدلِّ الدلائل على بشريتهم، وهي صغائر نادرة معدودة، لا تقدح في عصمتهم، ولا سبيل فيها إلى النيل منهم والطعن فيهم.
3- البشرية:
الذين يستعظمون ويستبعدون اختيار الله بعض البشر لتحمُّل الرسالة لا يقدرون الإنسان قدره، فالإنسان مؤهَّل لتحمّل الأمانة العظمى قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَـٰنُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72]. وهم عندما استعظموا ذلك لم ينظروا إلى أنّ الرسول ليس جسدًا فقط يأكل ويشرب وينام ويمشي في الأسواق لحاجته، {وَقَالُواْ مَا لِهَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِى فِى ٱلأسْوَاقِ} [الفرقان:7]، بل له جوهرٌ متمثل في نفخة الله له من روحه، {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى} [الحجر: 29]، ثم إنّ الرسول يُعدّ للرسالة إعدادًا، قال الله تعالى مخاطبا موسى عليه السلام: {وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى} [طه:41]، وأحاط نبيَّه محمّدًا صلى الله عليه وسلم برعايته من صغره قال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ (6) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ (7) وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَىٰ} [الضحى:6-8]، وعن أنس ابن مالك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك. ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه. وجاء الغلمان يسعون إلى أمِّه ـ يعني ظئره ـ فقالوا: إنّ محمدًا قد قتل، فاستقبلوه، وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره([1]).
والبشر أقدر على القيادة والتوجيه، وهم الذين يصلحون أن يكونوا قدوة وأسوة، وإنّها لحكمة تبدو في رسالة واحدٍ من البشر إلى البشر، واحد من البشر يحسُّ بإحساسهم، ويتذوَّق مواجدهم، ويعانِي تجاربَهم، ويدرك آلامهم وآمالهم، ويعرف نوازعهم وأشواقهم، ويعلم ضروراتِهم وأثقالهم، ومن ثم يعطف على ضعفهم ونقصهم، ويرجو قوتَهم واستعلاءهم، ويسير بِهم خطوة خطوة، وهو يفهم ويقدِّر بواعثهم وتأثراتِهم واستجاباتِهم، لأنّه في النهاية واحدٌ منهم، يرتاد بِهم الطريق إلى الله، بوحي من الله وعون منه على وعثاء الطريق. وهم من جانبهم يجدون فيه القدوة، لأنّه بشر مثلهم، يتسامى بِهم رويدًا رويدًا، ويعيش فيهم بالأخلاق والأعمال والتكاليف التي يبلغهم أنّ الله قد فرضها عليهم، وأرادها منهم، فيكون بشخصه ترجمة حيّة للعقيدة التي يحملها إليهم، وتكون حياته وحركاته وأعماله صفحة معروضة لهم، ينقلونَها سطرا سطرًا، ويحققونَها معنى معنى، وهم يرونَها بينهم، فتهفو نفوسهم إلى تقليدها، لأنّها ممثلة في إنسان([2]).
4- خيرية النسب:
الرسل ذوو أنساب كريمة، فجميع الرسل بعد نوحٍ من ذريته، وجميع الرسل بعد إبراهيم من ذرية إبراهيم، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرٰهِيمَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَـٰبَ} [الحديد:26]، ولذلك فإنّ الله يصطفي لرسالته من كان من خيار قومه نسبًا، عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسمعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم))([3]).
وهذا أمر مشتهر معروف قال هرقل ملك الروم: "فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها"([4]).
5- أحرار بعيدون عن الرق:
لا يكون الأنبياء والرسل أرقاء أبدًا، فالرقّ نقص بشري، رفع الله أنبياءه عنه، وما حدث ليوسف عليه السلام إنّما هو رقٌّ خارجٌ عن الأصل، فالأصل حريته، والرق طارئ عليه ظلمًا وعدوانًا، وكان نوعًا من أنواع البلاء من الله عليه، ولم يستمر، قال السفاريني: "الرقّ وصف نقصٍ لا يليق بمقام النبوة، والنبيّ يكون داعيًا للنّاس آناء الليل وأطراف النهار، والرقيق لا يتيسر له ذلك، وأيضًا الرِقِّيّة وصف نقصٍ يأنف منه النّاس، ويستنكفون من اتباع من اتصف بِها، وأن يكون إمامًا لهم وقدوة، وهي أثر الكفر، والأنبياء منَزَّهون عن ذلك"([5]).
6- لا يكونون إلا رجالاً:
ومن خصائص الأنبياء وسنة الله فيهم أن جعلهم رجالاً، قال تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ} [الأنبياء:7].
7- تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم:
هذه خاصية ليست لغير الأنبياء، قال صلى الله عليه وسلم: ((إنّ عيني تنامان، ولا ينام قلبي))([6])، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة الإسراء: والنبي صلى الله عليه وسلم نائمة عيناه، ولا ينام قلبه. وكذلك الأنبياء تنام أعينهم، ولا تنام قلوبُهم([7]).
8- تخيير الله لهم عند الموت:
خصّهم الله بِهذه الخاصية، فيخيّرون عند الموت، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من نبيّ يمرض إلاّ خُيِّر بين الدنيا والآخرة))، وكان في شكواه الذي قبض فيه أخذتْه بحَّة شديدة، فسمعته يقول: ((مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين))، فعلمت أنّه خُيِّر([8]).
9- لا تأكل الأرض أجسادهم:
والأرض لا تأكل أجساد الأنبياء كرامة لهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله عز وجل قد حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام))([9]).
فمهما طال الزمان وتقادم العهد تبقى أجسادهم محفوظة من البلى.
10- يكونون أحياء في قبورهم:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((مررتُ على موسى ليلة أسري بِه عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره))([10]).
11- يقبرون حيث يموتون:
وهذا ممّا خُصّ به الأنبياء بعد موتِهم أنّهم لا يقبرون إلاّ حيث يموتون، ولذلك قُبر صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها، تحت فراشه الذي مات عليه، فعن ابن جريج قال: أخبرنِي أبِي أنّ أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبرون النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لن يقبر نبيٌّ إلاَّ حيث يموت))، فأخَّرُوا فراشه، وحفروا له تحت فراشه([11]).
([1]) مسلم في الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم (162).
([2]) انظر: في ظلال القرآن (19/2553).
([3]) مسلم في الفضائل، باب فضل نسب النبيِّ صلى الله عليه وسلم (2276).
([4]) البخاري في بدء الوحي، باب بدء الوحي (7).
([5]) لوامع الأنوار البهية (2/265).
([6]) البخاري في الجمعة، باب قيام النبيّ صلى الله عليه وسلم بالليل (1147)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبيّ صلى الله عليه وسلم (738) من حديث عائشة رضي الله عنها.
([7]) البخاري في المناقب، باب كان النبيّ صلى الله عليه وسلم تنام عينه، ولا ينام قلبه (3570).
([8]) البخاري في التفسير، باب {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (4586).
([9]) أحمد (4/8)، والنسائي في الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم (1374)، وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب فضل الجمعة (1085)، والحاكم (1/413) من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه، قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه"، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (1301).
([10]) مسلم في الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم (2375).
([11]) أخرجه أحمد (1/7) بسندٍ منقطع. وأخرجه الترمذي (108) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر، عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن أبي بكر، وابن أبي بكر ضعيف. وأخرجه الترمذي في الشمائل (378)، والطبراني في الكبير (6366) بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي أنّ النّاس قالوا لأبي بكر: أين يُدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: في المكان الذي قبض فيه روحه، فإنّ الله لم يقبض روحه إلاّ في مكان طيّب. فعلموا أنّه صدق.
المنبر
بعض خصائص أولي العزم


أما إبراهيم عليه السلام فمن فضائله وخصائصه عليه السلام أنه خليل الرحمن لم يشاركه في الخلة إلا محمد صلى الله عليهما وسلم، قال سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً [النساء: 125]. وقد جعله الله عز وجل إماماً للناس يقتدون به ويهتدون بهديه، قال سبحانه: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة: 124]. وقال سبحانه: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 120]. وقال سبحانه: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [البقرة: 130].
وقد أجرى الله على يديه بناء بيته الذي جعله قياماً لناس ومثابة وأمناً وعهد الله إليه ولابنه تبعاً له تطهير البيت للطائفين, والعاكفين, والركع, والسجود. وأمر سبحانه المؤمنين باتخاذ مقامه مصلى قال سبحانه: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة: 125]. و قال تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127].
وقد حصر الله النبوة والكتاب من بعده في ذريته عليه السلام، قال سبحانه: وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [العنكبوت: 27]. فلم يأت نبي بعد إبراهيم إلا من ذريته، وهو عليه السلام أول من يكسى يوم القيامة كما في المتفق عليه من حديث ابن عباس قال: قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: ((إنكم محشورون حفاة عراة غرلاً – كما بدأنا أول خلق نعيده – الآية وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم)) (1) .
وقد جمع الله له منزلتين عظيمتين, قال سبحانه: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا [مريم: 41] فجمع له بين الصديقية والنبوة، وفضائله أكثر من أن تحصر عليه السلام, وما علمناه غيض من فيض مما جهلناه في إبراهيم عليه السلام.
وأما نوح – عليه السلام – فقد جاهد في الله حق جهاده وهو أول رسول بعث في الناس بعد اختلافهم على دينهم, واجتيال الشيطان لهم، وقد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً باذلاً وسعه في الدعوة إلى الله ليلاً ونهاراً, سراً وجهاراً، صابراً على أذى قومه، لا تثنيه عن الدعوة إلى ربه سفاهاتهم وتعدياتهم، قال سبحانه: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ [ العنكبوت: 14 - 15].
وقال سبحانه في نوح: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا [نوح: 5 -10]. وقال سبحانه عن قوم نوح: قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ [هود: 32- 33]. وأما موسى عليه السلام فهو كليم الله اشتهر من بين الأنبياء بهذه الحلية قال سبحانه: وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء: 164]. وقال سبحانه: وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ [الأعراف: 143- 144]. وقد ورد ذكر تكليم الله موسى في مواضع من كتاب الله. وهو عليه السلام المعني في قوله سبحانه: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ في قول كافة المفسرين، وقد ثبت تكليم الله آدم عليه السلام في كتاب الله، في نحو قوله سبحانه: قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ [ البقرة: 33]. وقوله: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ [البقرة: 35]. وقوله: فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى [طه: 117]. وما بعدها، وظاهر هذا أنه كان كفاحاً بغير واسطة الملك (2) . و في حديث أبي ذر في عدد الأنبياء والرسل المتقدم ذكره أنه سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن آدم: أنبي مكلم هو؟ فقال:((نعم نبي مكلم)) (3) . قال ابن عطية: (وقد تأول بعض الناس أن تكليم آدم كان في الجنة فعلى هذا تبقى خاصية موسى) (4) . وقد حمل بعضهم قوله سبحانه في سورة النجم: فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى على أن الله أوحى إلى محمد ليلة المعراج كفاحاً بلا واسطة (5) فيكون تكليماً، وحمله آخرون على أن الله أوحى إلى محمد بواسطة جبريل (6) فلا يكون تكليماً، قال ابن كثير: (وكلا المعنيين صحيح) (7) كأنه يرى أن الأمرين قد وقعا وهو قد قال في قوله سبحانه: مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ في آية البقرة ما نصه: (يعني موسى ومحمداً صلى الله عليهما وسلم وكذلك آدم) (8) .
وإن صح تكليم الله محمداً صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج قد يتأول أنه وقع في السماء, فتبقى خاصية موسى عليه السلام. ومر من فضائله – عليه السلام – كونه في السماء السادسة، وقد آتاه الله عز وجل تسع آيات بينات إلى فرعون وقومه ظهرت بهن حجته وقامت بينته أيده الله بهن قال سبحانه: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ [الإسراء: 101]. وقال عز وجل: وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ [النمل: 12].
وأما عيسى عليه السلام فاختص من بين سائر الخلق بأنه ولد لأم من غير أب، وإنما نفخ جبريل في درع جيب مريم فحملت بعيسى عليه السلام وتكلم في المهد وآتاه الله من البينات ما فضله به في قوله: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ [ البقرة: 253]. وقد حكى الله كلام عيسى في المهد فكان مما قاله وتظهر فيه من فضائله عليه السلام غرر: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [ مريم: 30- 33]. وقد قال سبحانه في ذكر ولادة عيسى عليه السلام: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا [ مريم:16- 22].
وكان من الآيات التي آتاها الله عيسى عليه السلام ما ذكره سبحانه في قوله: إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ [ المائدة: 110].
وقد رفعه الله عز وجل إليه، فهو حي في السماء وهو في الثانية كما في أحاديث الإسراء، قال سبحانه في تكذيب اليهود في دعواهم قتله عليه السلام: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ [ النساء: 157-158]. وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم إذ ليس في الأنبياء حي إلا هو.
وسينزل عليه السلام في آخر الزمان كما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وهذا من خصائصه عليه السلام، قال سبحانه: وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا [النساء: 159]. وقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بنزول عيسى عليه السلام قال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً)) (9) . وقال صلى الله عليه وسلم ((كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم)) (10) . وأجمعت الأمة على نزوله عليه السلام آخر الزمان (11) . (12)
درر
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 01:32 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.