انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-17-2008, 02:32 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




Islam شرح كتاب الأيمان

 


السلام عليكم
هذا تفريغ لمحاضرات شرح كتاب الأيمان للشيخ الدكتور سيد العربي حفظه الله وبارك له في اهله
قام بتفريغها بعض من طالبات العلم المجتهدات بارك الله فيهم وجعل عملهم خالصا لوجهه الكريم
نسأل الله ان يتقبل منهم عملهم ويجعله في موازين حسناتهم
اترككم مع المحاضرة


بسم الله الرحمن الرحيم

محاضرات للدكتور الشيخ

السيد العربى بن كمــــــــال
في شرح
كتاب الإيمان للدكتور / محمد نعيم ياســين



الأثنين 6 ذى الحجة 1422 هـ 17 فبراير 2002 م

درس رقم ( 1 )

هذا الدرس هو مبتدأ درس فى العقيدة على وجه مبسـّــط بما يٌيسر لمن يتعلم ولمن يلتمس سبيل دعوة فيما يتعلق بتقريب العقيدة الإسلامية من خلال شرح لكتاب مبسط هو ( كتاب الإيمان ) للدكتور ( محمد نعيم ياسين ) أستاذ الشريعة بالجامعة الإسلامية بالأردن وهو كتاب بالرغم من بساطته إلا أنه كتاب منضبط يقرّب أركان الإيمان ويقرب أيضاً بعض ما يتعلق بالمسائل الأخرى للإيمان حيث أن الكتاب ينقسم الى قسمين 0

قبل الشروع فى الكتاب مباشرة ً أقرب لبض الأمور كتعريف وتقريب وسأحاول بقدر الإمكان من خلال هذا الدرس أن يكون درسنا مٌـبسّــط دون إخلال علمى - أى تبسيط غير مخل ، وتقريب بفضل الله تعالى بحيث يكون منهجاً متكاملاً فيما يتعلق بهذا الجزء من العقيدة المتعلق بالإيمان 00

إبتداءً لابد أن تعرف أن العقيدة كعلم وفن تشتمل على ثلاثة فنون أو مباحث للعقيدة :
المبحث الأول : - الإيمـــان وهذا هو صلب القضية العقدية من حيث الكلام على حقيقة الإيمان وتركيب الإيمان وكون الإيمان قول وعمل ، وكون الإيمان يزيد وينقص ، وكون الإيمان منه أصل ومنه كمال ، وكون الإيمان يخالف الإسلام مخالفة غير تعارضية ولا تضادية 0 ثم الكلام على أركان الإيمان0

ثم المبحث الثانى فى العقائد وهو مبحث الفِـــــــرق سواء كان من جهة أصولهم أو من جهة ما يخالفون فيه أهل السٌـنة ، وإن كان مبحث الإيمان فى بعض الأحيان يتعرض المتكلمون فيه والباحثون فيه الى ما يكون عند الفرق فى الأيمان فقط وليس فى كل ما
عندهم 0
المبحث الثالث فى العقيدة هو الأسماء والصفات والغيبيات0
والكلام فى درسنا سوف يشمل المبحث الأول والثالث ، سنتعرض لكثير من القضايا المتعلقة بالمبحث الأول والثالث لأن مبحث الفِرق لايهم طالب العلم ولا المتربى ولا المتعبد ، إنما يهم المتخصص الذى يريد أن يميز مذهب أهل السنة وتفصيل مذاهب الفِرق الأخرى وما عندها من أصول متفرقة فى هذه القضايا ، لكن العقيدة عموماً فى هذه المحاور الثلاثة :إما تجد كتاب فى الأسماء والصفات والغيبيات ، والمقصود بالغيبيات : الجنة والنار والميزان والعرش والحساب والحوض00 إلخ وبالطبع يدخل فيها رؤية الله تبارك وتعالى وما يتعلق بهذه المسألة 0 والإيمان عرفت الإيمان فيما يتعلق بحقيقته وماهيته وكونه يزيد وينقص ، والفِرق لن نتعرض لها فى الكلام الذى ندرسه ولن يدخل فى كلامنا وإنما سيكون فى الجزئين الآخرين ، وإن كان كلامنا فى الصفات سيكون كلام عارض ، أى لن نتعرض له على سبيل التفصيل سيكون كلامنا عن الجزء الأول الذى هو المبحث الأول الذى هو الفن الأول من فنون العقيدة وهو الكلام عن الإيمان من حيث كل ما يتعلق به على وجه التقريب خاصةً هذه المسألى يكثر فيها الجدل وفى الغالب معظم الناس قد تسمع فى اللغة العربية ، قد تسمع فى الفقه 00 فى التفسير وعلوم القرآن 00 وقلما تسمع فى العقيدة 0

الحمد لله ، وشكر الله سعى الإخوان وأعانهم على الإستمرار وأخلص الله نياتهم وجعل سعينا وإياهم فى رضاه 0 لابد أن تعرف أن أشرف الخطى عند الله خطى تسعى لطلب العلم وأن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً بما يصنع طالب العلم 0 قال أهل العلم :
والملاكة تضع أجنحتها لما يصنع طالب العلم رضاً بذلك لأنها اٌسجدت لآدم ، وما أسجد الله الملائكة لآدم إلا لتفضله عليهم بالعلم 0 أى لماذا أسجد الله الملائكة لآدم ؟ ليس لفضل الخلقة ولا لكثير العبادة إنما لما علم الله آدم الأسماء كلها كان عند آدم من العلم ما ليس عند الملائكة فكان الشرف الذى شـّرف الله به آدم هو العلم فسجدت الملائكة فتربت الملائكة من وقتها على الخضوع لطالب العلم ، لماذا ؟ لأنه يسعى الى الشرف الذى شرف الله به آدم 0 هذه نقطة هامة أن تستحضر أنك تسعى فى أمر له شرف ، ففى بعض الأحيان نتعامل مع درس العلم على أنه مسألة من المسائل الزائدة أو من نافلة الفعل أو من كرامات الأمور ، وبالطبع لما يكون تعاملك معها من هذا المقياس والتصور تكون النتيجة أن تزهد فيها عندما تتعارض مع ما يشغلك وتتعارض مع أمورك ومع مطالبك فى الدنيا لأنها مكارم ولما أنشغل يمكننى التنازل عن المكارم ، لكن لما تعرف أن هذه من باب الضرورات بمكان وأنها من أعظم ما يرفع العبد عند ربه سوف تسعى إليها ولو حبواً لأنها أمر عظيم وعظم الأمر سوف يجعلك تسعى إليها مهما كلفك الأمر 0 فأسأل الله تعالى أن يعين الإخوان على الإستمرار لأنى ما قصدت من هذا الدرس - مع وجود درسى عقيدة لهما من السنين الطوال وفيهم بفضل الله من التفصيل والتأصيل شغل الوقت ولا من باب تكرار الكلام أبداً -

ولكن لأنى أستشعر أن الدروس القائمة مطولة ولا تسعف الطالب الذى يحتاج الى إسعاف قريب فى مسألته وحاجته فكانت تراودنى فكرة من مدة وحدثنى فيها كثير من الإخوان وهى : لماذا لا يكون على وزن مبحث الإرجاء أو غيره مجموعة من الدروس القريبة التى تكون منهج متقارب بسيط بعيد عن الأبحاث المطولة يسع طالب العلم المبتدىء ويسعف من يريد دعوة غيره وتكون مادة متكاملة قريبة بدلاً من أن تكون فى مئات الدروس كما هو الحال فى شرح كتاب فتح المجيد والذى قمت بإعادته مرة أخرى بعد الإنتهاء منه ووصلنا الى الآن على ما أذكر الى درس رقم تسعين بعد المائة أو مايقرب من ذلك ،وفى شرح العقيدة الطحاوية قرابة شىء وسبعين بعد المئتين ، وبالطبع هذا على مدار سنوات طوال ، وإذا أعطيت إنسان منهج فى مئات الدروس سيصعُب عليه ويمل ويصُده الشيطان خاصة مع العقيدة ، أضف الى ذلك أن أكثر ما يصُدك الشيطان عن درس العقيدة ان كان الشيطان يصُدك عن درس العلم عموماً لأن العلم هو المفتاح الذى يُخرج العبد من حبائل الشيطان وشباكه 0 الشيطان دائماً يحبسك فى قفص ، عندما يريد الصياد صيد حيوان ضخم كبير يُنصب له شراك لا يصطاده وجهاً لوجه بحيث وهو مار مثلاً فيرمى عليه أقفاص متينة تحبسه 00 الشيطان يفعل مع ابن آدم هكذا 0 لأن الشيطان يستشعر قوة بنى آدم بما جبله الله عليه ، فدائماً يقذفك فى أقفاص يضيق عليك بها سُـبل الهـُـدى 0 المفتاح الوحيد الذى يخرج به العبد من حبائل الشيطان وشراكه هو العلم ، يحضرنى فى هذا أثر لأبن عباس أخرجه صاحب جامع بيان العلم وفضله بسند صحيح فى بيان الفرق ما بين العلم والجهل حتى ولو كان الجاهل عابداً متنسـكاً ، الأثر أن أبن عباس يحكى لأصحابه أن الشيطان سأله ذريته أو أتباعه يوماً فقالوا له : لماذا يا سيدنا إذا مات العالم رأيناك فرحت فرحاً لا تفرحه بموت ألف عابد ؟؟ قال : إنطلقوا معى لاُريكم لماذا أفرح بموت العالم 0 فأتى عابداً فى محرابه يتنسك ويذكر ثم قال له : أسألك يا سيدى هل يستطيع ربك أن يجعل الكون فى بيضة ؟
فقال العابد بجهله : كيف يكون هذا الكون الفسيح المترامى فى بيضة ؟
فقال الشيطان لآتباعه : أرأيتم لقد كفر فى كلمة - لأنه أعجز الله عز وجل -
فأنطلق ثم أتى عالماً فى مجلسه فى صورة سائل فقال له : أسألك يا سيدى هل يستطيع ربك جل وعلا سبحانه أن يجعل الكون فى بيضة ؟
قال : ولم لا فإنما أمره بين الكاف والنون ، إذا أراد شيئاً قال له كُـن فيكون ولا يحوله شىء
قال : أرأيتم لقد فسد علىّ -
بالطبع هى شبهة يُلقيها الشيطان فى عقل الإنسان أو قلبه بحيث يتفاعل معها فيهلك 0
العالم دون تردد هذه الشبهة معه مفتاحها 0 فيرد له على خاطره ، أو يوسوس له أو يسأله السؤال أو يُلقى إليه بشبهة معينة فيغرق الإنسان بشبهة أو ينجو 00 المفتاح الوحيد أو المركب الوحيدة التى ينجو بها الإنسان من فيضان الجهل وســـيْـله هو العلم لا شىء آخر، فلا يوجد مفتاح آخر وهذا أحسن وهذا أجود لكن العلم فقط 0
فقال لهم أرأيتم لقد فسد علىّ - لم تنطلى عليه الحيلة والشبهة - وكذلك يفسد علىّ خلقاً كثيراً0
هذا العالم هو يفسد أى لا يقع فى حبائل الشيطان المهلكة التى هى شبهات تكفـّـر أو تجعل الإنسان يضلّ وفى نفس الوقت بعلمه هذا يُعلم الآخرين فيفسدوا على الشيطان 0
أرأيتم فلذلك إذا مات فرحت فرحاً شديداً 0 ويحضرنى فى هذا المعنى طالب ماجستير فى الأزهر كان يحضّـر دراسة فى العقيدة - ماجستير يعنى رجل المفترض أن الإنسان يجلس يتعلم منه - فجائنى وقال : أنا عُرض سؤال علىّ- وطبعاً هالنى لما عرفت أنه ماجستير
فالمسألة فعلاً 00 مسألة الشهادة والكتب والعلم من غير تعلم ودراسة والتعلق بالعلم من باب طلب الفهم وشرح الصدر مسألة مهمة 00 - فقال : عُرض سؤال علىّ ولا أعرف له إجابة مطلقاً ومتحرج منه جداً

، ماهو السؤال ؟ السؤال :
هل يستطيع الله تعالى بما له من قدرة مطلقة أن يخلق إلهاً آخر ؟
نفس الشبهة - هو رجل طالب لكن لم يستطع الإجابة على هذا السؤال ولا الدكتور بتاعه يستطيع أن يجيب على هذا السؤال لأنه لا يتخيل مسألة معينة ، أنت نفسك لما شخص يسألك هذا السؤال أنت نفسك قد لا تتخيل معنى هذا السؤال 0 هذا السؤال لو أى شخص عابد وسُئل هذا السؤال : هل يستطيع ربك أن يخلق إلهاً غيره ؟ سيقول : نعم الله قادر على كل شىء 0 ويهلك 00 يكفر فى هذا 00 لكن كيف تجيب على هذا السؤال ؟
الإجابة ببساطة : لو كان الله مخلوق لخلق إلهاً 00 إثنين 00 وثلاثة 00 لأن ما يخلقه الله مخلوق ، ولكن الله ليس بمخلوق 00 ركيزة علمية تنطلق منها 00 لكن الشبه لما تأتى لا بد أن تعرف بغير مفتاح العلم لا يمكن أن تستطيع أن تفك 00 لا يمكن أبداً بأى معيار أن تستطيع بغير مفتاح العلم أن تفك 0
الغرض : هو التقريب ، ولو لأفراد بحيث أكون قد قمت بما علىّ أسأل الله عز وجل أن يعيننى أن أقوم بما علىّ بما يُرضيه جل وعلا وأن يقبلنى وإياكم 0 أرجو على الله تعالى أن يُيسر للإخوان دوام سعيهم فهو شىء طيب أن تجتمع الناس من باب الحرص على التعلم ، لكن إعلم أن الشيطان قد تفلت منه مرة لكن مع دوام الدرس وإستمرار مجيئك سوف يقول لك اليوم إستريح وغداً المواصلات بعيدة واليوم غصب عنك وماذا تفعل وسوف تسمع إن شاء الله الشريط ، ويصُدك لأن أشد ما يقعد الشيطان للعبد على الصراط وإن كان يقعد على الصراط فى كل الأمور حتى فى درس اللغة العربية ولكن فى درس العقيدة أشد ، أى إذا كان يرسل عدد ما من جنده يقعدون يصدون العبد عن درسه فى كذا أو سعيه فى كذا فإنه فى العقيدة يُرسل جيشاً 0 لماذا ؟

لأنه يعلم أنك إذا تعلمت وفهمت وإن كنت صاحب معاصى إلا أنك على الأقل ستكون صاحب عقيدة صحيحة ، ومعنى صاحب عقيدة صحيحة : أنه على الأقل وإن حتى كثرت ذنوبك سوف تكون كصاحب البطاقة يوم القيامة لك ذنوب كثيرة جداً لكن عقيدتك راسخة مفهومة 0 غلبتك شهواتك ، غلبتك أهواءك لكن فهمك وتصورك وأنضباطهما هذا هو المهم ، وأعلم تماماً أن من الممكن أن يُقيم إنسان الليل والنهار ونحن نرى الآن فى العشر من ذى الحجة اُناس يبتدعون ويتعمدون القيام فى المساجد ويصلوا ركعات طويلة ويتصدقوا و00و00 وهم فراغ عقدى يمكن أن يصطاده الشيطان بكلمة ، بفهم ، بسؤال معين فيقول لك رداً على أى مسألة عقدية مثلاً تقول له أن الأمر فيها كذا ، فيقول : لا يا أخى لا تقل هذا ، هذا إفتراء وكذب ، ويكون القرآن هو الذى ينطق بذلك ويتكلم فيه فيقع فى تكذيب القرآن وهو يعتقد أن ذلك بر وطيبة ، ولذلك تجد فى الدعوة كثير من الناس يقولون لك دعك من هذا ولا تتدخل فيه إنشغل بذكر ، سورة تحفظها ، ركعة تصليها ، وبالطبع هذا بر عظيم لكن البر لا بد أن يكون فرع عن الشجرة ، فإذا كانت أفرع مقطعة بدون شجرة سيكون الأمر صعب وبدون قيمة ، لكن العقيدة بالنسبة لجميع أمور العبادة والدين هى الأصل ، ولذلك ضرب الله تعالى مثال للإيمان كله بالشجرة " ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبةً كشجرة طيبة أصلها ثابت (وهو المعتقد) وفرعها فى السماء " فالمعتقد هو الجذر وأصل الشجرة وما كان من ذكر وتلاوة وعبادة وصلاة فهو فروعها 00
ليس المقصود التطويل فى المقدمات لكن هذه أمور لا بد منها ، لكن يا إخوان شرط المجلس بيننا هو أن يكون معك كتاب وكراس ، ومعنى شرط المجلس أى ما يجوز أن يشترطه المعلم على المتعلم حتى وإن لم أكن أهل أن أكون معلم ، لكن هذا واقع أنى معلم وأنت تتعلم ، فهذا واقع ونحن نتكلم من خلال الواقع وليس الأهلية : فالواقع أن هناك تعلم ، أنى أعلمك وأنت تتعلم كواقع وإن كانت الأهلية أقل من ذلك لكن هذا هو الواقع0 ويمكن للمعلم أن يشترط على المتعلم شروطاً لا تحرم ولا تُخالف أمر الله ، ويلزم المتعلم أن يقبلها دون إذن منه ودون موافقة منه ، موسى عليه السلام لما صاحب الخضر ليتعلم منه بأمر رب العالمين قال له المعلم- رغم أن المعلم كان أدنى من المتعلم لأن موسى كان نبياً ورسولاً من أولى العزم ، والخضر كان أقل من لكن صار متعلماً فى مجلس تعلم - هذا واقع -

فقال له : لا تسألنى عن شىء حتى أحدث لك منه ذكراً - مع أنه جاء ليتعلم منه لكن لم يراجعه ولزمه بشرطه ، ولما سأله مرة وأثنين جاء فى الثالثة وألزم موسى نفسه بالشرط قال : فإن سألتك عن شىء بعدها ف تُصاحبنى ، وبالطبع هو ألزم نفسه بهذا ، وهو بهذا يحرم نفسه من أمر هو يحتاج إليه لكن هذا وفاء بالشرط ، فشرط المجلس أن يكون معك الكتاب والكراس ، وبالطبع إذا خالفت أنت الشرط فإن مسئوليتك على نفسك بينك وبين ربك ، لكن هذا شرط المجلس لأن هذا ليس درس موعظة ولا تذكرة للأحباب ولا من باب كلام الخير ولا من باب قضاء الوقت فيما هو ذكر 00 لا 00 لكن هذا تعليم ، والتعليم قد تكون تجهل أسباب التعلم فتلتزم بما يمكن أن يكون سبباً لنفعك أنت تلزم بذلك 0 وحتى لا أكررها مرات ومرات هذا شرط المجلس وجود الكتاب والكراس ، أما الكراس فلكتابة الملاحظات سواء ما يمكن أن أمليه حسب ما يُيسر رب العالمين وأرى إمكانية إملاءه أو تكتب أنت ملاحظات أثناء بيان عبارات الكتاب وسوف يكون الأمر بإذن الله ســهل 0

أول شىء نبدأ به إن شاء الله تعالى أبدأ مُستعيناً بالله تعالى سائلين الله العون والسداد والرشاد والتوفيق ، وما توفيقى إلا به جل وعلا أسأله سبحانه وتعالى فى هذه البدءة أن تكون بدءة خير وأن تكون سبباً لعلمنا وهداية لقلوبنا وفهمنا العقيدة الصحيحة التى تـُرضى الله جل وعلا بغير شطط ولا غُلو ولا إبتداع ولا ضلال ، وأن تكون سبباً لهداية قلوبنا وإنتفاعنا عنده سبحانه وتعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم0
والقلب السليم هو الذىحوى العقيدة الصحيحة 0 أبدأ مستعيناً بالله جل وعلا 00
إكتب هذه الأشياء التى سوف أمليها عليك لأنها غير مكتوبة بالكتاب تحت عنوان " مقدمات لابد منها " وأكتب تاريخ كل درس عندك 00

الدرس الأول
مقدمات لابـُـد منهــــا

العقيدة لغة ً : من العقد وهو نقيض الحل - الفك - وعقده بعقدة عقداً ، ويُقال عقده يـُعقـّده عقدا ً وعقـّـده 0
العقد : الجمع بين أطراف الشىء ويستعمل ذلك - المعنى - فى الأجسام الصلبة كعقد الحبل - ( الحبل يكون عبارة عن خيوط رفيعة يُـجمع بينها فتصير حبلا فتقول عقد الحبل أى فتله ، جمعه )
وعقد البناء ( قالب على قالب أو لبنة على لبنة ينعقد بعد أن كان لبـِــنات متفرقة )
ثم يُستعار ذلك للمعنى - ( أى أنه يُستعمل للحس وأستعمل فى المعنى ) - نحو عقد البيع وعقد النكاح ( عقد البيع جمع بين متفرقات ، بين ثمن ومثمون ، وعقد النكاح جمع بين متفرقات رجل وأمرأة متفرقين أليس كذلك ) والعهد وغيرهما فيُقال : عاقدته وعقـّدته وتعاقدنا 0
[ إكتب ولا يهمك أن يفوتك سطر وسطر يتركك ، لكن الداء الذى فيك أن تقول سوف أسجل الشريط ، سوف أكتب من الشريط ، فاتنى كلمة ، سوف أنقل من الذى بجوارى كل هذا تلبيس 0 أكتب وإذا كان عندك همة إسمع الشريط مرة أخرى وراجع وأنظر هل كتابتك صحيحة أم لا ، لكن على الأقل كتابتك فى المجلس نوع من السعى ونوع من البذل ، حركة يدك نوع من القربى لأنك تكتب علم ، لكن أن تقول سوف أفعل سوف أسمع الشريط سوف أفرغه 00 سوف 00 سوف 00 هذه هى " ولأمنينهم " 00 كلما تأتى لبر سوف ،

ثم يأتى الدرس الثانى فتقول عندما أكون غير منشغل لأسمع ، وبعد ثلاث وبعد أربع زهقت ومليت هذا كلام فارغ لا بد أن تفهم ذلك ]
وعقدت يمينه ' النساء 33 ' قال تعالى :" عقدت أيمانكم " وفى الآية الأخرى قال تعالى :" عقدتم الإيمان " ومنه قيل لفلان عقيدة أآ معاهد ، والعقدة أسم لما يعقد من نكاح أو يمين أو غيرهما قال تعالى :" ولا تعزموا عقدة النكاح " البقرة 235 ، وعقد لسانه إحتبس ، وبلسانه عقدة أى بكلامه حبسة - يُقال فلان فى كلامه عقدة أى فى لسانه حبسة لا ينطلق فى الكلام قال تعالى :" وأحلل عقدةً من لسانى " طه 27، وقال تعالى " النفاثات فى العقد " الفلق 4
والجمع عقد ، وهى ما تعقده الساحرة ، وأصله من العزائم ، ولذلك يقال لها عزيمة أى يُقال للعقدة عزيمة ، كما يُقال لها عقدة ، ومنه قيل للساحر مُعقــِّـــــد ذكره فى مفردات ألفاظ القرآن الكريم للأصفهانى ، وفى لسان العرب إعتقد الشىء : صلب وأشتدّ ، والبصيرة عقيدة القلب ، قال الليث : البصيرة إسم لماأعتقد فى الشىء وإسم لما أعتقد فى القلب من الدين وتحقيق الأمر 0 هذا معنى العقيدة لغة ً 0

العقيدة إصطلاحا ً : المعنى الذهنى الجازم أى ما ينجزم فى الذهن والوجدان والقلب بغير ريب أو تردد 0
فإن كان هذا المعنى حق كانت عقيدة حق ( إذا كان المعنى المنجزم فى الذهن حق مثل الإيمان بالله أنه واحد أحد كان حق ) وإن كان المعنى باطل كانت عقيدة باطلة ( شخص ينجم فى عقله أو وجدانه أن الصليب هو المنجى ، هذا عقيده باطل ، لكن المعنى الذهنى الجازم هو هذا الذى يُسمى عقيدة )0

العقيدة شرعا ً : هى الإيمان بكل ما يلزم الإيمان به على الوجه الشرعى الموافق لدليل الكتاب والسُـنة 0 فالعقيدة هى الإيمان والإسلام من حيث ما يربط عليه القلب ( أى المعانى القلبية ) من معانٍ وأحكام المعلوم الشرعية ( أى إعتقادك أن الصلاة واجبة ، الصلاة ركن من أركان الإسلام ، أعتقادك أن ترك الصلاة كفر أو ما شابه هذا يسمى أعتقاد يسمى عقيدة ) 00

التوحيد لغة ً : من وحـّـده توحيداً أى جعله واحداً ، ويقال : وَحِــدَ، ووحيدٌ ، ومُتَوحَّـد أى منفرد ويقال وَحَّـده وأحـَّده ، كما يُقال ثنّــاه وثلـّـثه ( أى تقول : أحد ربه أو وحد ربه أى جعله منفرد ، ثنـّـاه أى جعله إثنين ، ثلثه 00 ربعه 00 وهكذا 00 ) ذكره فى اللسان
والقاموس 0

التوحيد شرعاً : إفراد الله بما هو أهله من ربوبية وإلهية وأسماء وصفات ( مادام التوحيد هو الإفراد يكون شرعاً إفراده بماذا ؟ إفراده بما هو أهله ، وما هو هذا ؟ الربوبيــــــــــــة
والألهية والأسماء والصفات )

ملحوظة : العقيدة أعم والتوحيد أخص ، حيث أن العقيدة تشتمل على مقتضيات الإعتقاد فى الله والملائكة والرسل و 00 إلخ والتوحيد يختص بشأن الله ( لما نقول علم التوحيد يكون المقصد الكلام على الأسماء والصفات أقصد الكلام على الربوبية ، الإلهية ، حقيقة الوجود ،ذات الله سبحانه وتعالى ، لما أقول علم العقيدة يمكن أن يكون ما يتعلق بشأن الله أو بما يتعلق باليوم الآخر أو فيما يتعلق بالجنة والنار أو فيما يتعلق بالرسل والكتب 00 وهكذا 00ولذلك لفظ الإيمان يشمل العقيدة والتوحيد ) ولذلك لفظ الإيمان يشمل العقيدة والتوحيد 00
علم العقيدة : ( علم أصول الدين )

( تعود على أن تكتب وأن يكون لديك كراس ورتبها سوف يتكون عندك منهج وسيكون هذا الكشكول فى المستقبل يشتريه الناس منك بالذهب أى محاضرات تكتبها سيبحث عنها الجميع ويتمنوا أن يجدوها فنصيحة لله تعالى : لا تزهد فما تزهد فيه اليوم قد يكون أثمن ما تملكه )0
علم أصول الدين :
1 - فائدته وغايته : ( ما الفائدة التى ستعود علينا والى ماذا نصل به ؟ )
الترقى من حضيض التقليد الى ذروة الإيقان ( اليقين ) ( تجد أناس يقول ربنا كريم ورحمن - لكن لما تبحث فى يقينه تجد العملية مهزوزة لأنها بلا علم ، ولذلك تعريف اليقين : العلم ، والعلم : اليقين )0
الترقى : أى الإنتقال الصعود الى أعلى
من حضيض : أسفل
الترقى من حضيض التقليد الى ذروة الإيقان وإرشاد المسترشدين بإيضاح الحجة لهم
(شخص يسألك وأنت بالطبع متعلم فتوضح له وتقول : الأمر كذا وكذا فتكون أرشدته وهديته
وإرشاد : غايتى من التعلم أصل إلى ذروة اليقين وأعلم غيرى وأهدى غيرى
المسترشدين : ليس أى أحد إنما الذى يطلب )
والزم المعاندين بإقامة الحجة عليهم 0( يأتى أحدهم ويقول عذاب القبر ماذا ؟ لا يوجد مثل هذا 00 عذاب قبر إيه ؟ وآخرة إيه ؟ هذا كلام 000 فتقول والله العظيم يوجد 0
يقول لك : لا00لا00 فتقسم له مرة أخرى وتقسم له سنة وتظل تقسم 00 لأ 00
إذن كيف ترد ؟ بالعلم ، فبالعلم تلزمه الحجة 0 وهذه ثالث فائدة وهدف أيضاً

أما الرابع : وذلك بدون ترقيم لكن للفهم )
وحفظ قواعد الدين على ألا تزلزلها بشبهة المبطلين :( ستجد أن هناك من يُشكك فى شىء ويرمى شبهة مثل ما رأينا فى الأثر الذى قدمت به لإذكّــر بقيمة العلم 0 إذا كنت صاحب علم وفاهم عقيدة وجاءك من يرمى بشبهة أو شىء من هذا كدواعى التنصير 0 بعلمك لن
تقول له والله العظيم إنك ضال ، والله العظيم إنك كاذب أبداً ، إنما تحفظ قواعد الدين من
ألا تزلزلها شبهة المبطلين 0 أى حفظهما من ألا يقع فى الزلزلة )0
وأن تبنى عليه العلوم الشرعية ( وهذه فائدة خامسة وأقف عند هذه من باب البيان ، نحن رأينا أناس تعلمت أحكام التجويد وصاروا سلاطين فى هذا الباب أى الناس تجلس تحت أقدامهم لا يتفوهون بكلمة ، ومن كان شأنه عظيم فى القراءة والتلاوة يجلس أمامهم 000
ومع ذلك لهم أسباب الشرك والهوى والضلال لأنه لم يتفرع مثل هذا العلم على العقيدة،
رأينا من الذين يحسنون أدوات اللسان حتى أن الشخص لما يتكلم أمامهم يشعر أنه لا يعرف لأن كل كلمة يقولها يطلعوا له فيها ملزمة أخطاء ( كل كلمة ) ومع ذلك تجد أفعالهم وأقوالهمالمنضبطة لغة والتى بالمسطرة على المسطرة تخر شركاً وضلالاَ وبدع لأن هذا العلم وإن أتقنوه لم يتفرع عن العقيدة 0
أنتم تعرفون أن النبى صلى الله عليه وسلم قبل أن يعرف أصحابه ويُعلمهم على ما ترتب فى منهج القرآن قبل أن يُعلمهم حكماً أو مسألة شرعية عملية قبل أن يُعلمهم ذلك ربـّـاهم على العقيدة والإيمان وعلمهم بكل مقتضى العلم ما يتحقق به سلامة المعتقد كانوا أئمة
خرجوا من حديد التقليد وصاروا على يقين تام ، وهى الفائدة التى بين أيدينا وكانوا مرشدين معلمين من خير المعلمين ، يُجادلون بالحسنى وبالتى هى أحسن ، ويُخاصمون بقوة قوة الحجة وسلطان العلم ، وكانوا يُلزمون المُعاند ويُخرصونه بقوة حجتهم التى تعلموها من إمام العقيدة عليه الصلاة والسلام ، وكانوا سبباً عظيماً لحفظ الدين وقواعده حتى وصلنا ،
فهم أئمة فى إرساء قواعد الدين بما كان عندهم من علم وحسن نقل كما بنوا أيضاً كل حكم
وكل مسألة علمية على هذا التأصيل العقدى ، فكانت صلواتهم خير صلوات ، وزكواتهم خير زكوات ، وأعمالهم خير أعمال ، لأنها تفرعت على العقيدة ولم تكن مجرد علم محض أجرد، فمن ضمن الأمور التى يبدأ الإنسان بها أن يؤصّـل عند نفسه قواعد المعتقد كهدف
وفائدة لعلم العقيدة أن يبنى عليها العلوم الأخرى بحيث أنه لما يتعلم أصول فقه ، فقه ، لغة 00 الخ يكون من باب أن يتم أصل الدين ، يتم الفروع فتحكمه عقيدته فى تقديس العلوم ،
فى السلامة ، فى إستعمال كل علم لتقوية جانب المعتقد وصلاح الدين )0
وأن تبنى عليه العلوم الشرعية فإنه أساسها ( الذى هو ماذا ؟ علم العقيدة )
وإليه يؤول أخذها وأساسها ( أى أن أى علم يرتكز أو جذوره مربوط فى العقيدة )0

يُجاهد طلباً فى رضاه ومحبته ، فالأمر كله موصول بالعقيدة 0 يتعلم القرآن حتى يتلو تلآوة
يُرضى بها الله ويسمعه بها الله سبحانه وتعالى 0 كل شىء مربوط بهذا ، لكن يتلو تلاوة لكى يأخذ إجازة أو شهادة أو يُقال عليه " تالى " أو مُحسن للكلام فسد إذن الأمر 0
فإنه ما لم يثبت وجود الله سبحانه وتعالى وعلمه وقدرته وكونه مكلف أى يفرض على عباده التكليف ، مرسل للرسل ، منزل للكتب ، لا يتصور علم تفسير ولا علم فقه وأصوله
أليس كذلك ؟ ما لم يكن العبد على إعتقاد من هذا وعلى إستبيان بوجود الله ومن علمه وقدرته وسائر شأنه وكونه مكلف ومرسل الرسل 00 لو لم تتعمق هذه الأمور وتستقر فى الوجدان فلن يتفرع فلن يكن هناك قيمة لا تفسير ولا فقه 000 إلخ 0 فكلها متوقفة على علم
العقيدة ، مُقتبسة منه ، فالأخذ فيها أى فى العلوم بدونه أى بدون علم العقيدة كبان ٍ على غيرأساس ، أنت ترجو ، تتعلم التلاوة ، تتعلم الفقه ، ضبط الأحكام لماذا ؟ كل هذا لتربط بعبادة الله ، تحقيق الرسالة ، تحقيق الغاية التى ما خلق الله الخلق إلا لها ، تحقيق العبودية ، إجابة الرسل وطاعتهم ، إمتثال أمر الله على ألسنة الرسل 00

2- غاية هذه الأمور كلها : - الفوز بسعادة الدارين : إن غاية تأصيل العقيدة وتأصيل فروع أخرى عليها عندك هو الفوز بسعادة الدارين ، أسأل الله أن يجعلنى وإياكم من السعداء0 ومن هذا تبين مرتبة العقيدة أى شرفها ، فإن شرف الغاية يستلزم شرف العلم،
أى شرف الشيء بما يُوصل إليه فإن كان شىء مُعين مثلاً يوصل الى كبيرة فهذا شىء دنىء نجس ، إذا كان شىء معين يصل إلى فهم شىء من الدين فهذا شىء مرفوع إذا كان شىء معين يُوصل الى الفوز بسعادة الدارين ويجعل العبد فى نجاة فهذا أشرف شىء على الإطلاق 0 وأيضاً فإن دلائل هذا العلم ، وهذه ميزة منفصلة لهذا العلم وليست لأى علم آخريقينية ، فليس فى هذا العلم دليل مرجوح والدليل هذا مشتبه أبداً كل أدلة العقيدة يقينية لأن الدليل يُثبت المسألة إما حق وإما باطل ، إما موجودة أو غير موجودة 0 بينما دلائل الفقه إن كان بعضها يقينى فكثير منها ظنى 00 الأصول نفسها إن كان بعضها يقينى أدلة قواعد أصولية كثير منها ظنى 0اللغة نفسها يعرف ذلك أهل اللغة والمتخصصون فيها يعرفوا أن كثير جداً مُختلف فيه ومدارس اللغة تعتبر بهذا الوجه وتبطل المقابل 0 إلا العقيدة دلائلها يقينية خاصية بهذا العلم ، ولذلك إذا قيل الله واحد هات لى دليل خذ عشرات مئات الأدلة 0 أدلة فاصلة وليست غير بينة بحيث تقول هذا له مُعارض، وهذا محتاج لترجيح أبداً 00 يحكم بها صريح العقل عندما ينظر للدليل يصل للحكم وبسهولة جداً " وإلهــــكـم إلــــه واحــد " هذا دليل على قضية أول ما تسمعه تحكم بالوحدانية وقد تأيـّـدت بالنقل أى تجد الدليل الواحد يوجد مثله عشرات بعبارات أخرى وأساليب بديعة متعددة وهى - أى شهادة العقل وتأييدها بالنقل - هى الغاية فى الوثاق 0أوثق شىء فى الدلالات أن يكون حكم عقلىبينى يكون مرتكز على دليل شرعى فتكون المسألة لا يوجد أوثق منها بهذا فإن كان أهل العقل الذين لا يعترفون بالدين سيجدون العملية واضحة إن كان أهل الإيمان الذى زادهم الدين سيجدون القضية على أوثق ما يكون0(أتم الوثاق ) والوثاق أى تثق بها فى الثبوت إذ لا تبقى حينئذ شبهة فى صحة الدليل 0

3- مسائل هذا العلم وهى المقاصـــد :
هى كل حكم نظرى لمعلوم 0 عندنا فى الصلاة مثلاً حكم نظرى وحكم عملى :
الحكم النظرى : كونها ركن من أركان الإسلام ، كونها واجبة من الواجبات ، كون الركوع ركن من أركان الصلاة ، هذا إسمه حكم نظرى0
تأتى للحكم العملى : بأن الركوع بأن ينتصب الظهر غير مطأطأ الرأس مستنداً بكفيه على ركبتيه قابضاً عليهما هذا إسمه حكم عملى ،

لما أتعامل مع الصلاة كحكم نظرى حكمها أى الجزء العقدى0 فالصلاة عند البعض" لهو"
يضحكون بها على الناس ، ليس لها داع ، عقيدته هكذا عفانا الله وإيّاكم0 والصلاة عندك هى ركن من أركان الإسلام ركن ركين هذا عقيدة أم عمل ؟
إذن مسائل هذا العلم هى كل حكم نظرى لمعلوم ليس لموهوم ، فمن الممكن أن تقول أنا أريد حُكم عصا موسى عليه السلام ماذا كان شكلها ؟ وأريد حكم الكلب المذكور فى قصة أصحاب الكهف ، وحكم سفينة نوح ومِمَ صُنعت من خشب زان أم ماذا ؟ 00 كل هذا كلام غير معلوم وليس له قيمة وليس له وجود 00 لكن نقول : حُكم الإيمان بالرسل ، حكم الصلاة ، حكم الزكاة ، حكم النقاب ، مثلاً حكم اللحية وليس كيفية اللحية وليس الحكم العملى فى اللحية0 لكن الحكم النظرى فكل حكم نظرى لمعلوم مثلاً " الحكم فى الله " الله خير معلوم إنه حقيقة لا مرية فيها من حيث الوجود ، له الكمال المطلق مسـتو على عرشه بائـن من خلقه له ذات مصونة غير وهمية لا تُماثل الأجساد ولا المخلوقات لأنها غير مخلوقة ، جاء من وصفها العين والساق والوجه واليد 00 مثلاً 00 كل هذه أحكام نظرية ليست عملية لمعلوم 0
والعقيدة هى العلم الأعلى أى الحكم العملى أم الحكم العقدى ؟ العقدى ، إذ تنتهى إليه العلوم الشرعية كلها وفيه تثبت موضوعاتها وحيثياتها أى تفاصيلها ، فليست له مبادىء تبين فى علم آخر ، كل علم لابد أن يكون راجع إليه ولا توجد مبادىء فى علم الفقه تكون أصول لعلم العقيدة بل هو مبادئه منه لأنه هو الأصل ، والأصل لا يستند ، لو إستند لكان الذى إستند عليه هو الأصل 0 فليست له مبادىء تبين فى علم آخر شرعى أو غيره من المقدمات العقلية واللسان ، بل مباديه إما مُبينة بنفسها أو مبينة فيه مباديه أى مبادئه ، فمن العقائد يُستمد غيره من العلوم الشرعية ، فهى رئيس العلوم الشرعية على الإطلاق ، وبالجملة فعلماء الإسلام قد دونوا إثبات العقائد الدينية المتعلقة بالصانع بالله سبحانه وتعالى أى الخالق وصفاته وأفعاله وما يتفرع عليها من مباحث النبوة والمعاد ، النبوة : أى الإيمان بالرسل، علماً يُتوصل به الى إعلاء كلمة الحق فيها ليس علم جدلى وليس علم سفسطى بل له غاية
مقصود هذه المسائل العقدية إعلاء كلمة الحق فيها ، ولم يرضوا أن يكونوا محتاجين فيه إلى علم آخر أصلاً فأخذوا موضوعه على وجه يتناول تلك العقائد أى موضوع العلم والمباحث النظرية التى تتوقف عليها تلك العقائد سواء كان توقفها عليها بإعتبار مواد أدلتها وإعتبار صورها 00

4 - مصنفاتــه : الكتب فى هذا العلم كثيرة جداً وأحسنها كتب المحدثين، أحسن كتب العقيدة كتب المحدثين مثل السنة للإمام أحمد ، السنة للألكائى ، الإيمان أبو يعلى ،
الإيمان ابن أبى شيبة 00 ابن تيمية بإعتبار أنه من المحدثين الفقهاء يقول أن أفضل الكتب بغض النظر عن أسماء كصنف ( أحسنها كتب المحدثين فى إثبات العقائد على الوجه المأثور من الكتاب والسنة ) هذا إشارة الى قلة شأن كتب علم الكلام المشهورة فى الأزهر وغيره ، إنما أفضل ما كتب فى العقيدة الكتب التى كتبها المحدثون المستمد مادتها من الكتاب والسـُـنة 0
وفى الرد على المتكلمين منها سواء كتبوها من حيث بيان أصول العقيدة أو كتبوها للرد على المتكلمين ، مثل كتاب النبوة لابن تيمية ، الصواعق المرسلة لابن القيم ، إجتماع الجيوش الإسلامية كلها كتب جُعلت للرد على المتكلمين 00
وأفضلها كتب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وكتب تلميذه الحافظ ابن القيم ، وكذلك
الروض الباسم فى الذب عن سُنة أبى القاسم عليه الصلاة والسلام ، أى الجنة الضاحكة الغنّـاء فى الرد عن سنة أبى القاسم للإمام ظ محمد بن أبراهيم الوزير اليمنى ، وهو من جيل الصنعانى أو قبل منه بشىء يسير 0 ومنها كتاب الإيمان للسفرينى ، وكتاب الإيمان لابن أبى شيبة وغيره 00 وهناك كتب كثيرة متنوعة فى هذا الفن ما بين مختصرات ومطولات،
مختصرة مثل : العقيدة الطحاوية ( قبل شرحه )0

5 - أسمائه : - أسماء هذا العلم :
سماه أبو حنيفة - رحمه الله - بالفقه الأكبر ، وسماه كثير من المحدثين بالسُـنة ، مثل السُـنة للإمام أحمد ، والسُـنة للألكائى ، هؤلاء أئمة المحدثين ، وسموا هذا العلم " السُنة " ، وفى مجمع السلوك قال يُسمى بعلم النظر والإستدلال بحيث تنظر فى مسألة النبوات ، وإفراد الله،
اليوم الآخر ، تنظر وتستدل بالكتاب والسـُنة ، ويسمى أيضاً " بعلم التوحيد والصفات " ، وفى كتاب شرح العقائد قال التفتازانى : العلم المتعلق بالأحكام الفرعية أى العلمية يُسمى "علم الشرائع والأحكام" مثل الفقه وغيره ، أما ما يتعلق بالأحكام الأصلية التى هى أصول الدين أى الأعتقادية يُسمى " علم التوحيد والصفات ، ولذلك نجد كتاب إسمه عقيدة كذا مثل
"العقيدة الطحاوية" ، العقيدة الواسطية ، العقيدة الأصفهانية ، العقيدة التبوكية ، على أساس
أنها كتب عقيدة ، ونجد كتاب بإسم التوحيد مثل التوحيد لابن خزيمة فى إثبات صفات الرب
أخذ الإسم الذى بعضهم سماه هكذا التوحيد وإثبات صفات الرب ، وبعض الكتب سمى الإيمان مثل الإيمان لأبى يعلى ، الإيمان للقاضى عياض ، الإيمان لابن تيمية ، كل هذا يُسمى به هذا العلم ، أبو حنيفة سماه الفقه الأكبر صنف كتاب فى أصول معتقد أهل السـُـنة
وسماه الفقه الأكبر0

لكن ملحوظة : هناك كتب تشعر أنها بأسم التوحيد وهى فيها عقيدة مثل كتاب " فتح المجيد" وهو أصلاً شرح لكتاب إسمه " التوحيد " لمحمد بن عبد الوهاب ، هو سماه التوحيد الذى هو حق الله على العبيد 0 مع أنه شرح فيه كثير من القضايا العقدية المتعلقة بالإيمان والكفر وبعيد جداً عن موضوع التوحيد بخلاف كتاب التوحيد لابن خزيمة تجد أنه إسم على مسمى تماماً بخلاف كتاب العقيدة الطحاوية إسم على مسمى لأنه شمل فى الكتاب
معظم مباحث العقيدة إلا الجزء الخاص بالفِـــرق دائماً يسموه ( الفِــرق ) مثل الفِــــــرق
للشهرستانى، والفصل فى الملل والنِــحل لابن حزم أو غيره من كتب الملل والنِحل لا يسمونها عقيدة أو توحيد إنما يسمونها الفِرق 0 وهناك كتب كثيرة فى الفِرق مثل : الفَرْق
بين الفـِـرق للبُغدادى ، الفـِـرق مقالات للإسلاميين لأبى الحسن الندوى وغيره ، كل هذه كتب متعلقة بالفـِـرق وليست متعلقة لا بالإيمان ولا بالتوحيد ( الأسماء والصفات ) وكما قلنا
أن هذه إصطلاحات وكلها عناوين وأى عنوان منها طالما يُستعمل فى العلم فلا إشكال 00

* * هذه مقدمات بسيطة لكى يكون درسنا درس علمى ويكون تعاملنا مع علم
ماهو هذا العلم ؟
ولابد أن تعرف أننا نحاول بقدر الإمكان بفضل رب العالمين أن يكون مستوى الدراسة فى المسجد وعلى الأرض أعلى من مستوى الدراسة فى أخص خصائص المعاهد العلمية بفضل رب العالمين 0 وهناك من يجلس فى دروس العقيدة الطحاوية من يقوم بتحضير دكتوراه أو ماجستير وكانوا يشهدوا أنهم لم يجدوا مستوى دراسة فى معاهدهم أو مع أساتذتهم مثل ما وجدوه بفضل رب العالمين فى المسجد لأنهم يتعاملون فى معاهدهم مع المادة من منطلق تعليمى محض ، فلا تظن أن درس العقيدة معناها أننا سنفعل مثل بعض الناس فيكون عبارة عن : الله جميل وكريم ، وأنظر : البقرة فيها لبن ، والنحلة فيها عسل،
00 لا 00 هذا كلام معذرة ً بالطبع يُقرب معانى ويذكر دلائل لكن دراسة علمية ، لذلك لابد أن تجاهد نفسك ، وأنا أعلم أنه سيُصيبك ملل كبير جداً لأن المادة الوحيدة التى يزهد فيها جمهور المسلمين هى مادة العقيدة ، وهذا سببه ثلاث أمور :
1 - جهلهم بها وبقيمتها خاصة ً أن كثير من الناس لبـّـسوا علينا وأفهمونا إن أنت طالما تقول " لا إله إلا الله محمد رسول الله " هذه هى العقيدة ، إتعلم كيف تُصلى ، أحكام القرآن،
00 أنا علمونى هذا وأنا صغير ، فلما قلت نريد أن نتعلم وندرس العقيدة قال : أليست العقيدة لا إله إلا الله فقط ، قابلنى شخص فقال لى عرفت أنك تدرس عقيدة منذ عشرين عاما ً ،
ما الذى تقوله طيلة هذه الأعوام ؟ إن درس العقيدة كله نقوله فى ساعتين فى جلسة مع الإخوان أو شهر بالكثير 0
2 - صد الشيطان لو كان يصدك عن أى درس قيراط سيصدك عن درس العقيدة 24 قيراط
ولاحظها مع نفسك0
3 - شـدة المادة : فهى مادة جافة غير مسلية ، وهذا لأنها مادة شديدة قوامها قوى 0 غير السيرة وغير أن تكون أحكام فقهية هذا يجوز وهذا لا يجوز ، فتشعر بشىء من النشاط الذهنى 0
هذه الأسباب الثلاثة لابد أن تنتصر عليهم وتجاهد نفسك وتصبر 0

ملحوظة : ماذكرته فى غاية المادة مختصر من أبى العلوم للقنوجى ، وهو مرجع معروف يشرح العلوم وقيمتها ومبادئها على جميع العلوم ، وهو كتاب مشهور يعرفه المتخصصون
وهو كتاب للبحث وليس للقراءة لأنه يعرض كل العلوم وقيمتها ومصنفاتها ومن كتب فيها مع تصريف وتحويل أى إضافة 00
إن شاء الله سيكون موضوع درسنا ومادته من الكتاب لكن هذه المقدمة فقط لتعريف التعريفات وقيمة العلم وهدفه وتشويق لذلك وتكون مقدمة علمية للمدخل إلى ذلك ، أقرأ معكم الآن مقدمة للمؤلف قال :" الفاتحة " سوف أقرأها فقط ولن أشرحها لأنى لو شرحتها سنمكث فيها مدة طويلة ونحن نحتاج الى المادة أكثر 0
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،
من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادى له ، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً 00
هذه المقدمة حوت أركان عظيمة من أركان العقيدة وتُعتبر من أغنى الألفاظ التى تحوى قضايا عقدية عظيمة ، ولذلك من السُـنة التقديم بها فى العمل ، وهى جزء مما يُعرف بخطبة الحاجة 0
أما بعد 00
فإن أصل الفساد مخالفة الحق تعريف ماهو الفساد ؟ ضد الحق ، ضد الصلاح وتنكب طريقه أى إن البشرية يفسد حالها إذا خالفت الحق وتنكبت طريق الحق ، وصلاح الأمر كله فى إتباع الحق وإلتزام طريقه وهذا فى المقابل0
هذه مقدمة عظيمة جداً تؤصل عندك الأصول - قيمة علم العقيدة - أى فساد فى الكون مخالفة الحق وعدم إتباع طريق الحق ، وأى صلاح فى الكون ليس له سبيل إلا بإتباع طريق الحق بحيث لا يظن أن هناك صلاح من عند غير الله فى قوميات أو إشتراكيات أو فى أيدلوجيات بشرية أو نُظم سياسية أو تحالفات عسكرية أو مناهج ديمقراطية يخترعها الخلق ، كل هذا لا يؤدى أبداً إلى صلاح وإن ظهر للناس بجهلهم وقصور فهمهم ذلك ، لكن الصلاح طريقه واحد وهو ما كان من عند الله سبحانه وتعالى 0
والحق هو الوضع الثابت الذى خلق الله عليه مخلوقاته ، الحق هو التركيب والإنسجام الكونى ما بين ما أمر الله به وما خلق ، ولذلك قال تعالى : " ألا له الخلق والأمر " 0
ولا يمكن أن يكون هناك صلاح إذا كان الأمر من عند غير خلق من عند غير من خلق
إذا أنت طلبت من عند غير صانع الماكينة أن يُشغل الماكينة لابُد أن يُفسدها فأفضل من يُشغل الماكينة هو من صنعها ، ولما كان الإنسان خالقه هو الله فلا يمكن أن يكون له صلاح إلا إذا كان آمره هو الله " ألا له الخلقُ والأمرُ " 0

وكل إنسان أخذ من أمر الله بعض وأخذ من غيره بعض - سواء كان غيره هذا الهوى أو الشيطان ، البشر ، العوائد ، التقاليد ، كلام الخلق ، جموع الناس ، آراء العقلاء ، أى كان الغير - لابُد أن تفسد هذه الآلةلأنها ائتمرت فى بعض شأنها بغير أمر صانعها ومركبها وهو الله الذى خلقها 0 أو أرادها أن تكون عليه التركيب الربانى ذلك أنه ليس من مخلوق فى الدنيا إلا وخلقه الله وحده لم يُشاركه أحد فى خلقه وليس من مخلوق فى الدنيا إلا وجعله الله سبحانه وتعالى على وضع مُعين وضع الهواء ، وضع الماء ، وضع الشجر ، وضع الحجر ، وضع الآدمى، وضع الحيوان ، وضع الأسماك ، وضع الميكروبات - ما من مخلوق إلا وضعه الله تعالى على وضع معين ونظم معين ، ولذلك أنتم ترون أن أحوال الخلق فسدت بسبب بُعدها عن أمر الرب تبارك وتعالى ، وكذلك نظم الكون من طعام وشراب ، مؤتمرات ولجان لمراقبة ما يحدث فى الكون من تغييرات ومنع زيادة أو إنبعاث غاز معين يؤثر على طبقة الأوزون ، وكثرة الفساد فى الهواء والماء بزيادة المبيدات والتغييرات ، كل هذا عبارة عن تدخل الناس بجهلهم وعقولهم القاصرة فى النظم الكونى الذى نظمه الرب ، فلا يمكن أن ينتج من هذا الفساد إلا فساداً
لأنهم غيروا ما نظمه الله تبارك وتعالى ولا يمكن أن يكون صلاح أو خير إلا على هذا النظم 0ودبر أمره بكيفية معينة والله سبحانه وتعالى كامل مُنزّه عن الخطأ ، نحن رأينا فيما تعلمنا فى العلوم الدنيوية أن المسائل تظل عشرة وعشرين وثلاثين وأربعين ومائة عام ثم يخرج الخارج بأن مامضى كان خطأ يستعمل الدواء على أنه من أنفع الأدوية وبعد عشرة أو عشرين عام يُقال : هذا دواء من أخطر مايكون ويُمنع على مستوى العالم
فى حين أنه حين ظهر كان العالم كله يُهلل لظهوره مثلاً كان فى الماضى يستعملون فى الحقول مادة تسمى ال د0د0ت0 كمطهـّـر للآفات ، الآن هذه المادة كما يقول النظام العالمى هى من أخطر ما يكون ويُجرّم إستعمالها ، وفى الماضى لما إنتشر الطاعون
والأوبئة المعوية ظهر دواء مشهور إسمه " الكلورمفنيكول " نوع من المضادات الحيوية
وكانت ثورة وهللت الدنيا كلها لما ظهر هذا الدواء الآن هذا الدواء يُحظر إستخدامه لأنه يؤثر تأثيراً شديداً جداً على تكوين الدم وضار للغاية ، وهكذا 000 أنا أضرب أمثلة قريبة لأسماء تعرفونها لكن فى الحقائق العلمية هناك أشياء كثيرة جداً ما بين أن يظهر شىء
والناس تقول هذا شىء عظيم هذا ثورة علمية ، العلم نفع الناس ثم يظهر خلافه بالرغم من أن هذه الأشياء إنما أوجدوها على سبيل الإصلاح لكنها دخلت فى النظام الذى ركبه ربنا جل وعلا ، لكن لماذا الأمر الربانى ليس فيه خطأ ؟ لأن الأمر الربانى ليس نظرية علمية وليس بحث أكاديمى من عند من لا يعزُب عن علمه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض لأنه حكيم ، عليم ، خبير ، إنتبه خبير كل شىء ماذا تحتاج إليه ؟ كيف نظمه ؟ كيف يكون شأنه على خير ما يكون ثم لما يقضى بشىء لا يقضى بشىء متعارض حكمته تمنع علمه أن يصل به الى المطلوب وخبرته تصل به الى النافع وحكمته تمنع التعارض فيكون القرار ، الحكم ، الأمر لا يظهر إلا بعد خمسين سنة ولا مائتى أو ثلاث مئة سنة خراب هذا الحكم وفساده ابداً بل كل يوم يشهد الناس بصلاح الأمر 0 لكن نرى أن الحقائق التى تأتى من العقلاء والحكماء والباحثين والعلماء بعد عشرات السنين يشهد أقرانهم وأمثالهم بفسادها وخرابها ،
فالصلاح كله فى خلقه وتدبيره كان الأوْلى أن يقول أوامره وكل شىء يحول عن الوضع الإلهى والتدبير الربانى يفسد أى إنحراف عن التركيب الربانى يحدث ماذا ؟ يفســــــــــد
فهذه السموات والأرض خلقهما الله بالحق ودبر أمرهما بحكمته فصلحتا بخلقه وتدبيره سبحانه قال تعالى : " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ونحن نرى الفساد بسبب الآلهة غير الله عُبدت العقول ، عُبدت العلمانية ، عُبدت البحوث العلمية و التقدمات و صار ُيطلب الصلاح من الجهات العلمية و من البحوث ألاترى اليوم بحوث ينفق عليها مليارات . مليارات يمكن أن تجعل الناس جميعا أغنياء ، كل البشر هذه المليارات تنفق لكى يستنسخ قط ، و كلب املا ً أن يستطيعوا أن يصلوا إلى سر الحياه و يمنعوا الموت، أنظر إ لى السفة لماذا ؟ لأنهم يطلبون الصلاح من عند غير الله سبحانه و تعالى .. فلما وجدت اَلهه اَخرى بأسم العقول و الهوى و الحكمة و العلم عُبدت و أصبح يُنظر إليها على أنها حقائق علمية و مؤسسات علمية عريقة و مختبرات علمية متقدمة و انت تسمعها يرج .. ابدأ ..لن يأتى إلا الخراب حتى و إن كانت تصلح فى أمور فإنها تُفســـد فى كثير " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا "0
والإنسان مخلوق من مخلوقات الله عز وجل فأتى للإنسان على الخصوص وصلاح حياته مرهون بمعرفة الحق وإتباعه ، أنت كإنسان تعبان ، مُعقد ، زهقان ، مألوم ، مكلوم ، مصائب كثيرة ، شدائد ، وطأة الحياة ، أمراض ، أوجاع ، 00 لن ينصلح لك حال إلا إذا سرت على أمر من خلقك مثل الكون كله وهذا نظم فى الكون كله وفسادها أى فساد حالك نتيجة محتومة لجهله بالحق أو تمرده عليه وإن عرفه 0
ولما كان الله سبحانه هو الحق ومنه الحق وأمره وتدبيره هو الحق فإن سبب فساد الحياة البشرية كلها هو الكفر بالخالق والكفر بأمره وتدبيره وبما أنزل من الحق ، وسبب صلاح هذه الحياة كلها هو الإيمان بالله عز وجل وبما نزل منه والإلتزام بإرادته وأمره فى أوضاع الإنسان كلها ، ولذلك قال عز من قائل :" فمن إتبع هُداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى " طه 123 ،

124 - اُنظر الله عز وجل قارن بين مصيرين ، بين نتيجتين : " فمن إتبع هُداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى" البعض يظن أن الضنك هو شظف العيش وقلة الوجد وقلة ذات اليد فلان فقير فلان يلبس المرقع فلان يسكن داراً ضيقاً فلان لا يجد كثير من الطعام ، فيروا أن هذا ضنك أبداً 00 الضنك هو ضنك القلوب لطالما كنا نسمع من أجدادنا فيما يرووه لنا من حكايات أن فلاناً الفقير يضحك ويهنأ مع أولاده وفلان الغنى صاحب القصور مهموم يبكى حزين ، كان دائماً يحكون لنا قصص كثيرة أن فلان كانت لديه نعجة وفقير وآخر اليوم يضحك م' أولاده ، وفلان عنده ذهب لكنه حزين فيحسده ويتعجب ويقول أنه لا يجد الطعام ويأكل خبز بلا أدم ولكنه يضحك 0 هذه الحكايات أصلها التفريق ما بين الضنك وعدمه0
الضنك قال ابن عباس ليس الضنك فى قلة العيش وقلة الوجد إنما أن يكسب مالاً من حرام فيُنفقه فى حرام فيسود قلبه ، الضنك أن تكون فى مناصب ولا تشعر بأى راحة ،
تكون فى سلطان وتشعر بالرعب وعندك خَوَر فى نفسك ، لما تجلس مع نفسك تشعر بقبض 0 الضنك أن تتقلب فى وثير الثياب وفاِره الدواب وفسيح الدور وأنت مأزم نفسياً، تشعر أن لا طعم لحياتك 0 لو أحدكم عفانا الله وإياكم زار المصحات النفسية ومستشفيات الأمراض العقلية لوجد أن غالب نزلائها من ذوى الأموال ، ومن أبناء الطبقة العُليا ، حتى ترى المرأة وضيئة الجمال أو الشاب مُنـعـّـم وعنده لوثة نفسية : كيف؟ والرجل الذى ينام تحت السلم ولا يجد الطعام ويعمل طيلة النهار من كثرة أعبائه وصاحب البيت يخانقه لتأخره فى دفع الإيجار ، وصاحب العمل يذله ليعطيه جنيه فى اليوم ، ورغم ذلك لم يذهب لمصحة الأمراض النفسية لماذا ؟ لأن الرجل عنده من الإيمان 0
سائل يقول : معنى ذلك أن كل فقير سعيد ؟ 00 لا 00 كل مؤمن ، والغالب من المؤمنين من الفقراء " مانراك إتبعك إلا الذين هُم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل " أى لا نرى معك إلا قليل من الناس الغلابة وصنيعية وبوابين وناس حتى عائلتهم متواضعة 00 وأول من نصر النبى صلى الله عليه وسلم وكان معه بلال رضى الله عنه ، وعمار كانوا فقاء ، فضلاً عن أبى بكر هذا نجم من نجوم الهدى لكن العموم كانوا فقراء ، هم هؤلاء أتباع الأنبياء وهم هؤلاء السُعداء بدليل أن منهم من يتعرض لظروف تجعلنا نمزق ملابسنا ونشد شعورنا لكن هو مبسوط ويُسجن ويُعتقل ويُعذب ويُضغط عليه ويُطرد من عمله ويتعرض لمشاكل كثيرة جداً ومع ذلك يضحك 00 لماذا ؟ لأنه مشروح الصدر0
وفى المقابل الآخر فى الغرب مثلاً إذا صديقة الشاب غضبت منه يذهب لأعلى مبنى وينتحر مجرد أنها غضبت 0 لأنه أساساً جاهز للإنتحار 0
ما أقصده أن الضنك ليس ضيق العيش وضيق الوجد إنما هو أمر فى القلوب 00 فى الصدور 00 والذى يتحكم فى الصدور والقلوب هو الله سبحانه وتعالى 0
ولايتبع هُداه إلا من آمن به وذكره وأستشعر وجوده وصفاته وعظمته سبحانه ، ومن نسى ذكر الله أعرض عن هُداه ، والإنسان ممتحن فى هذه الدنيا بهذين الأمرين : ذكر الله وإتباع هُداه أو نسيانه والضلال ، فهو على مفترق طريقين لا ثالث لهما طريق الإيمان والهُدى والسعادة فى الدنيا والآخرة ، وطريق الكفر والضلال والشقاء فى الدارين 0

أنت مختبر بأن تؤمن بالله وتهتدى أو تكفر وتضل فتقف هكذا كأنك مسافر فى طريق الذى كان واحد فجأة أصبح طريقين ، هل يا ترى أسير فى هذا أم ذاك ؟ إلا أن السير فى طريق الهُدى محفوف بالمكاره ، والسير فى طريق الكفر والضلال محفوف بالشهوات ،
فقد يتعجل الإنسان فيهلك ويصبر فينجو ، ولذلك من أراد النجاة لا بُد أن يعلم أنه ليس هناك طريق للنجاة إلا الإيمان والهدى ويعلم أن الإيمان والهدى لا يتحقق إلا بفضل الله ، وبالتالى ينبغى أن يطلب أسبابه ومن أول أسبابه أن يتعلم مقتضى الإيمان بالله ومقتضى الهدى 0
نكتفى بهذا وأسأل الله أن يجعلها بداية خير وحُسن عهد مع الله سبحانه وتعالى 00

......................يتبع......................
**********************
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-18-2008, 02:53 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

الاثنين 27 ذو الحجة 1422هـ 12 مارس 2002 م

درس رقم ( 2 )



كنت قرأت معكم المرة السابقة فى المقدمة قال :
• فإن أصل الفساد مخالفة الحق وتنكب طريقه ، وصلاح الأمر كله فى إتباع الحق وإلتزام طريقه 0 والحق هو الوضع الثابت الذى خلق الله عليه مخلوقاته أو أرادها أن تكون عليه ، ذلك أنه ليس من مخلوق فى الدنيا إلا وخلقه الله سبحانه وتعالى وحده لم يُشاركه أحد فى خلقه وليس من مخلوق فى الدنيا إلا وجعله الله سبحانه وتعالى على وضع معين ودبـّـر أمره بكيفية معينة ، والله سبحانه وتعالى كامل منـزّه عن الخطأ 0 فالصلاح كله فى خلقه وتدبيره وكل شيء يحول عن الوضع الإلهى والتدبير الربانى يفسد 00 فهذه السموات والأرض خلقهما الله بالحق ودبـّـر أمرهما بحكمته فصلحتا بخلقه وتدبيره سبحانه :
" لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " الأنبياء 22 0

لأن الكون الواسع الذى تتعدد وظائفه والذى يحتاج إلى عظيم تدبير لتعدد وجوه التصرف من سموات وأرض وليل ونهار وشمس وقمر ورياح وبحار ومخلوقات لها من الحاجات ما لا يحصيه إلا الله تبارك وتعالى ، هذه المهمة الكبيرة الصعبة العظيمة فى تدبير الكون هذه المهمة انتظامها يشهد على الوحدانية لو كان هناك إله آخر لكان لزاماً أن يُدبر وكان لزاماً أن يخلق لأنه لا يمكن أن يكون إله بغير خلقاً ولا تدبير ، فلو كان هناك إله آخر لكان هناك خالق آخر ، لكان هناك مُدبّر آخر ولا يمكن أبداً أن يتفق اثنان على قولٍ واحدٍ حتى لو اتفقا على أمر من الأمور أو اثنين أو ثلاثة فلابُد أن يختلفا حتماً فى بعض الأمور ، فانتظام الكون على وجه واحد دليل على الوحدانية 0 لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ، وكان أول مظاهر الفساد يظهر هو عدم انتظام الكون بحيث تجد الاضطراب والتسارع والانقلاب بحيث لا ينتظم شيء لا سموات تنتظم ولا أرض تنتظم ولا شمس تنتظم 000 الخ بل إن الأمور تسير على وزان ما أخبر به الله سبحانه وتعالى دون تخلف مما يُشعر بانتظام الأمر الذى نظـّـمه من خلقه بُناء على علمه بخلقه وعلى علمه بما يحتاج إليه هذا الخلق ، فهو سبحانه الذى خلقك ويعلم أنك تحتاج إلى الطعام والشراب والهواء ولذلك تجد أنه لما عـُظمَ الاحتياج للهواء كان أكثر الأشياء خلقاً ، ولما عـُظمَ الاحتياج إلى الماء كان أكثر الأشياء وجوداً بحسب الحاجة يوجد الله تبارك وتعالى ويُدبر بحيث ينتظم الكون بلا اضطراب وبلا تخبط.

والإنسان مخلوق من مخلوقات الله عز وجل وصلاح حياته مرهون بمعرفة الحق وإتباعه ، لا يمكن هذا المخلوق أبداً أن ينصلح حاله إلا إذا اتبع الحق لأن هذا المخلوق الآدمى بمثابة المركب أو الآلة التى لا يعرف حقيقة كنهها أو ضوابط عملها إلا من صنعها 00 الله تعالى يقول : " يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم الذى خلقك فسواك فعدلك فى أى صورة ما شاء ركبك " إذن الإنسان مركب من المركبات وهذا المركب لا يعلم كنهه وضوابط عمله ولا مصلحاته ومفسداته إلا من ركبه وجعل فيه عين وجعل فيه قلب وجعل فيه أذن 000 الخ أى جهاز لو أخذه آخذ من غير أن يعرف تشغيله وما يُصلحه وما يُفسده من عند من صنعه لابد أنه سوف ُيتلفه ولا بد أنه سيعمله فى وجوه تعود عليه بالفساد ، ولذلك كل جهاز يصنعونه يعطوا معه شيء بحيث يتناول منه أسباب تشغيله ولو فقدت هذه الأوراق البسيطة التى تُعدّ ليس لها قيمة لم يعد لهذا الجهاز فائدة بل قد يفسد وقد يلقى ولا يستطيع تشغيله لأنه لا يعرف 0 فهذه الورقات البسيطة تكون لها قيمة كبيرة جداً لأنها مفتاح تشغيل هذا الجهاز - ولله المثل الأعلى سُبحانه وتعالى - فإن الإنسان بمثابة الجهاز المركب الذى لا يعرف كنهه وضوابط عمله ولا ما يُصلحه ولا ما يُفسده إلا من ركبه وصنعه سبحان ربى العظيم ، ولذلك لا صلاح للعبد إلا بمعرفة الحق وإتباع الحق لا تكفى المعرفة وحدها فقد تقرأ التعليمات ولا تسير عليها فيفسد الجهاز لكن تقرأ التعليمات لكى تنفذها فقد يعرف الإنسان أن الصلاة واجبة وقد يعرف أن بر الوالدين واجب وأن النفع والضُر بيد الله وحده ويعرف أن الموت والحياة والنشور بيد الله وحده لكن لا ينفعل بهذا ولا يعمل بهذا ، فالفلاح ليس فى المعرفة فقط بل معرفة وعمل ، وفساد الإنسان أيضاً------ وفسادها نتيجة محتومة لجهله بالحق أو تمرده عليه وإن عرفه ، ولما كان الله سبحانه هو الحق ومنه الحق وأمره وتدبيره هو الحق فإن سبب فساد الحياة البشرية كلها هو الكفر بالخالق ، لو كانت المعصية تجر إلى فساد بحيث تكون الصغيرة تجر إلى فساد والكبيرة تجره إلى فساد أكبر فأكبر الفساد ومطلق الفساد مع مطلق التعدى ومطلق التعدى هو الكفر ، ولذلك تجد أن أفسد الخلق أكفرهم ولذلك أفسد المخلوقات إبليس ومن على الدرب فرعون ومن على الدرب قارون وهامان ومن على الدرب من أبى جهل وأبى لهب ومن على الدرب ، كل من سار على ملل الكفر أو أمور الكفر بحيث أنه ترك الحق وتنكب الصراط ، فأعظم الفساد مع أعظم المخالفات وأعظم المخالفة هى الكفر وأعظم الصلاح مع أعظم الموافقة وأعظم الموافقة هى الإيمان ، ولذلك أصلح الناس المؤمنون وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كان على قدر عظيم من هذا السبب وهو سبب الصلاح وهو الإيمان ، بل كان إماماً فى الإيمان عليه الصلاة والسلام ومن بعده ممن آمنوا وأتبعوا سبيله 0 وسبب صلاح هذه الحياة كلها هو الإيمان بالله عز وجل وبما نزل منه والالتزام بإرادته وأمره فى أوضاع الإنسان كلها 0 ولذلك قال عز من قائل :" فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى "

طه 123 - 124 هذه الآية أجملت فى سياق بديع جداً بيّنت حقيقة الأمر ومآل الأمر إذا وافق وإذا خالف ، فمن وافق فإن له الهدى وإن له الخير والسعة وصلاح القلب والاطمئنان كما قال تعالى :" الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ، ومن أعرض سيكون المقابل كما بينت الآية أيضاً "ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى " والمعيشة الضنك هى حياة المركب على خلاف ما جُعل له ، لما تستخدم العين فى النظر للمحرمات والعورات يكون هذا ضنك ، ولما تستخدم الأذن فى سماع الموبقات والفحش من القول والأغانى يكون هذا ضنك ، لما تستخدم القلب فى الهم بالدنيا وعبادة الدرهم والدينار وعشق النساء والتعلق بالمردان والتدنى فى الشهوات فهذا ضنك ، لما تستعمل اليد فى الظلم والسرقة والغصب ودفع الحق والنيل من الأعراض ومس العورات يكون هذا ضنك ، لما تستعمل اللسان فى الفحش والزور وقول الباطل والخناء والسب يكون هذا ضنك 00 لماذا ؟ لأنك استعملت هذه الأشياء فى غير ما يُصلحها وفى غير ما فُطرت له 0 الناس تفهم أن الضنك معناه الفقر : أن شخص مرتبه قليل أنه يلبس المرقع والبالى من الثياب ويأكل الخشن من الطعام وغير متنعم ، بالعكس لقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يلبس المرقع ويأكل الخشن من الطعام وغير متنعم بالدنيا حتى كان ينام صلى الله عليه وسلم على وسادة من ليف أثرت فى جنبه صلى الله عليه وسلم وعلمت فيه من شدة الشظف وقلة العيش وخشونة الحياة ، وهل هناك أسعد من محمد صلى الله عليه وسلم ولا أهنأ ولا أنعم عند الله من محمد صلى الله عليه وسلم لو كان هذا هو الضنك لكان إذن يعيش فى ضنك وهذا غير حقيقى 0 لكن الضنك هو استعمال ما خلقه الله وما فطره لأمور معينة فى غير ما هو ، فالرجل مثلاً المشهور فى الخنا وإمام فى الغناء وغير ذلك من أسباب الإفساد فى الأرض ويأخذ على ذلك الأموال الكثيرة ويعيش ليل نهار فى هذه الموبقات والمعاصى هذا هو الذى فى ضنك هذا هو الضنك لأن لو أنك مثلاً أتيت بحمامة وأدخلتها عرين الأسد وقدمت لها طعام الأسد وعاشـــت فى ظــروف الأســد ماذا يحــدث للحمامة ؟ ستموت لأنها لن تجد لها لا مكان مناسب ولا طعام مناسب ، هذا المكان وهذا الطعام بالنسبة للحمامة تعتبر ضنك حسى لماذا ؟ لأنها لم تجد ما يلائمها 00 لو أتيت بأسد وبنيت له عش فوق شجرة وأتيت له بكثير من الحبوب أيضاً سيكون بالنسبة له ضنك لأنه خلاف ما فُطر عليه 0 العين مفطورى على أن تنظر فى ملكوت الله وتتفكر فى خلق الله وتنظر فى بديع صنع الله فتلتمس من ذلك آيات وحدانية 0 والأذن مفطورة على أن تسمع الهدى وكلام الحق والقرآن وآيات رب العالمين وكلام سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام فيحدث به نشوة ورقة فــى القلوب ، والقلوب مفطورة مثل الحمامة التى تأكل الحَب على أن تستقى من معانى التقوى وتوجل مما تسمع من ذكر الله ، وكذلك الألسنه ، وكذلك الأيدى ، وكذلك الأرجل ، كل منها مفطور ومركب على أشياء معينة مثلاً : لو أحضرت جهاز تسجيل ضخم وعملته كرسى وجلست عليه مرة ثانية وأخرى سوف ينكسر لأنه غير مصنوع لهذا ، وأنت نفس الأمر تستخدم عينك مثل استخدام التسجيل كرسى ، يعنى قلب الأمور واستخدام الأشياء فى غير ما جُعلت له وفى قلب أوضاعها وفى الوقت ذاته لا تعود بفائدة من استخدامها فيها فيكون ضنك على هذا العضو 0" ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً 00 " فى عينه وأذنه ولسانه ويده وقدمه كل شيء فيه ضنك ، ولذلك يدخل يسمع الأغانى فتجره إلى المخدرات تجره إلى الزنا والموبقات وفى النهـــاية حالة نفسية سيئة ثم انتحار ، أليست هذه السعادة فى نظرهم ؟ والرجل المؤمن يجره إيمانه إلى الاعتقال ، ومن الاعتقال للضرب ، ومن الضرب إلى الضيق وتضييق فى المعايش ، ومع ذلك مسـرور ويضحك لأن الأول فى ضنك والآخر فى هُدى ، فالضنك إذن ليس ضيق العيش إنما هو استخدام المخلوقات فى غير ما جُعلت له00

" ونحشره يوم القيامة أعمى 00 " بالطبع 00 لماذا ؟ لأنه لم يستبصر فى الدنيا ولم يستعمل أدواته فى الدنيا على ما استعملت له بل استعملها استعمالاً أفسدها وأعماها وخرّبها ، ولا يتبع هُداه إلا من آمن به وذكره وأستشعر وجوده وصفاته وعظمته سبحانه لا يمكن أن يؤمن به إلا من عرفه، لأن الإيمان فرع عن المعرفة ، فرع عن العلم فلا يمكن أبداً أن يؤمن الإنسان بمن لا يعرف ، ولابد أن يعرفه المعرفة الصحيحة ، المعرفة التى تليق به ، فإن من الناس من أرادوا السعادة فعرفوا أن ربهم إنسان فعبدوه أو شجر أو حجر حتى إن منهم من عبد البقر !!! ليس هذا هو الله 00 وليس هذا هو المعبود 00 وليس هذا هو الهُـدى بل هو عين الضلال وأولئك أيضاً لهم الضنك لماذا ؟ لأنهم لم يؤمنوا به وإن ظنوا أنهم آمنوا به00
إذن لابُد أن تعرفه على حقيقته من حيث كنهه وأسمائه وصفاته ثم تؤمن به إيماناً مبنياً على معرفة صحيحة حقيقية ، ولذلك عندما ندرس ونتعلم نجد أن التوحيد ينقسم إلى قسمين : -
توحيد الربوبيـــة : -


• عبارة عن تعريف بالله أنه إله له ذات له أسماء له صفات ، هذه الذات لها مكون معين يليق بجلاله جل وعلا على الوجه الذى يتقدس ويتنزل بما يليق به جل وعلا له وجه له يد له عين سبحانه وتعالى وله صفات معنوية كثيرة من الرحمة والحكمة والعلم وما شابه ، كل توحيد الربوبية وما يدور فيه يدور فى فلك التعريف بالله حتى إذا آمنت تكون آمنت بناء على معرفى حقيقية 00 آمنت بمن ؟ بالله الواحد الأحد الفرد الصمد الملك الجبار الحكيم العليم آمنت بمن له ذات بمن هو مستوى على عرشه بائن من لقه فوق السموات ، آمنت بمن بيديه الأمر وهو على كل شيء قدير ، آمنت بمن يحيى ويميت ، آمنت بمن خلقنى ويدبر أمرى ويملك إيجادى ويملك فنائى ويملك حياتى وموتى ونشورى ، كل هذه الحقائق متعلقة به جل وعلا لابد أن تعرفها كى تؤمن 0 فأنا لا أعرف أؤمن بماذا ، فى الماضى النبى صلى الله عليه وسلم فى قضية الحديبية قال : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم قالوا : ما ندرى ما الرحمن الرحيم 00 لا يعرفوه 0 أكتب باسمك اللهم 0 ما ندرى ما الرحمن الرحيم ولذلك أنزل الله تعالى قوله : " وذر الذين يُلحدون فى أسمائه 00 " كانوا لا يعرفون غير إسم الله بالرغم أنهم كانوا يؤمنون بالله ولم يكونوا ينكروا الوجود ولا ينكروا الحقيقة لكن كانوا لا يعرفون عنه إلا القليل جداً حتى أسمائه لا يعرفون منها إلا أسماً واحداً هو الله .

و من نسى ذكر الله اعرض عن هُداه 00طبعاً من لا يعرف لا يذكر ، ومن لا يذكر لا يؤمن ، ومن لا يؤمن لا يهتدى ، ومن لا يهتدى فله الضنك 00 محصلة مربوطة ببعضها 0
والإنسان ممتحن فى هذه الدنيا بهذين الأمرين : ذكر الله ، وإتباع هُداه ، الإنسان مختبر أى مكلف مسئول فى الدنيا فى هذين الأمرين : ذكر الله وإتباع هُداه ، يعنى يعرف ربه ويؤمن بربه ويتبع الحق الذى جاء من عنده 0 " فمن اتبع هُداى فلا يضل ولا يشقى 00 " إتبــاع الهُدى فرع عن معرفة الهادى أين الهدى من هو الذى يهدى ؟ الله 00 من هو الله ؟ وهكذا فيكون مطلوباً منك فى النهاية إتباع الهُدى ، وإتباع الهُدى يبدأ من أين ؟ من معرفة الهادى ، من معرفة من يهدى سبحانه وتعالى 0 " ومن أعرض 00" لم يتبع الهُدى 0 لماذا لم يتبع الهُدى ؟ لأنه قد يكون لا يعرفه ، وإما عرفه وأستكبر ، إما لا يعرف الهادى إما يعرف الهادى ويستكبر عليه 0 فإما أن يذكر الله ويهتدى وإما أن ينسى ويضل أو بنسيانه والضلال ، فهو على مفترق طريقين لا ثالث لهما " فهديناه النجدين 00 " إما مهتد وإما ضال ، إما متذكر وإما ناسى 00 هما طريقان لا ثالث لهما هُدى أو ضلاض ، وإن كان مراتب الهدى متعددة 0 المهم أنه على الإيمان على العقيدة لأن صف الهدى طويل ومراتبه متعددة هناك من يكون فى أول الصف وهناك من يكون فى آخرة لكن المهم أنه فى صف المهتدين أما بدون عقيدة بغير إيمان فيكون داخلاً فى الكافرين 0 فهو على مفترق طريقين لا ثالث لهما : طريق الإيمان والهُدى والسعادة فى الدنيا والآخرة ، وطريق الكفر والضلال والشقاء فى الدارين عفانا الله وإياكم من الشقاء وجعلنا الله وإياكم من المهتدين 0 لذا كان أشرف ما يتعلمه الإنسان ويُعلمه لغيره أمور الإيمان وأركانه ومقتضياته ، وأحوط ما يحتاط ويتسلح به معرفة معالم الكفر وأسبابه ومقتضياته 0
طبعاً تعلم الحق لابُد فيه من قضيتين : (1) معرفة الحق (2) معرفة ما يهدمه0
لأن الإنسان قد يعرف الحق ثم لا يعرف ما يهدمه فينهدم منه ، إذن الهُدى يحتاج أن تعرف الإيمان وضوابطه لتقوم عليه 0 هل المطلوب فى الإيمان أن تقوم به مرة فى العمر أم تظل عليه حتى الموت ؟ أن تظل عليه حتى الموت 0 إذن قد أقوم به ثم يضيع منى 00إذن المطلوب فى الإيمان هو أن أؤمن وأن أظل على الإيمان 0 شخص يقول أنا أريد أن أهتدى وألتزم جديد وأريد الاستقامة 00 حسن 00 هذه الخطوة الأولى 0 المطالب به ماذا ؟ : أن يستقيم على ما بدأه وليس لفترة صغيرة ثم انتهى واكتفى بهذا 00 لا 00 إنما الأعمال بالخواتيم ، وإذا آمن العبد عمره كله ثم كفر 00 أن يموت بساعةٍ مات على الكفر والعياذ بالله عفانا الله وإياكم نسأل الله العافية والسلامة لأن العبرة بالخواتيم 0

المهم أن تعرف أن المطلوب هو الإيمان والدوام على الإيمان ، أن تؤمن وأن تظل مؤمناً0
إذن أنت تؤمن أى أعرف الإيمان وضوابطه وأن تظل مؤمناً 0 كيف ؟ أعرف النواقض ، أعرف الهوادم لأن المبنى الذى بنيته إن لم أكن أحافظ وأبعد عنه الأشياء التى تهدمه كان وارد أن يُهدم ، أن تؤمن يتطلب معرفة الإيمان ، وأن تدوم على الأيمان يتطلب معرفة ما يهدم الإيمان 0

إذن مطلوب فى المعتقد أن يعرف الإنسان الأمرين 0
فإن كان على بصيرة من هذين الأمرين الخطيرين عرف الإنسان طريق سعادته فألتزمه ولم يحد عنه ، لم يمل ولم يبعد ، وطريق شقائه فأجتنبه 0
هذا كلام فى المقدمة طيب قرأته عليكم 0 بالنسبة لترتيب التعامل مع الكتاب :
ترتيب التعامل مع الكتاب : -
الكتاب ثلاثة أقسام : قسمان رئيسيان وقسم فاصل بينهما صغير ،
أما القسم الأول : فهو ترتيب الكتاب نفسه - أركان الإيمان 0
القسم الثانـــــى : حقيقة الإيمــــــــان 0
القسم الثالـــــث : نواقض الإيمـــــان 0

• الطبعة التى نقرأ منها هى طبعة مكتبة السنة و
أعتقد أن معظم الطبعات قريبة من بعضها ستجد من البداية وحتى صــ 133 هذا هو القسم الأول ، من صــ 136 القسم الثانى ، من صــ 145 القسم الثالث وهو نواقض الإيمان ، والكتاب عنوانه الإيمان أركانه وحقيقته ونواقضه 0 الحقيقة أن ترتيب الكتاب ليس ترتيب رصين ولا هو الترتيب الذى صار عليه المصنفون وإن كان هذا لا يعيب الكتاب إطلاقاً لكن من الجهة العلمية ينبغى أن يقدم بالكلام عن الحقيقة قبل الكلام عن الأركان لكن الترتيب لا يستطيع أحد أن يلوم فيه أحد ولا يعيب على أحد فيه لأن هذا على سبيل الاصطلاح ولا يوجد نص يُلزم بترتيب معين بحيث تقول : إن فلان خالف لكن هى طريقه 0 لذلك وانسجاماً مع الطريقة العلمية سأبدأ بالجزء الصغير الذى هو حقيقة الإيمان 0 لماذا ؟ لأننا لما نتكلم عن الإيمان لابد أن نتكلم عن تعريفه وحقيقته ونتكلم عن حده قبل أن نتكلم عن مكوناته 0 أليس كذلك ؟ لما أتحدث عن الأركان قبلاً ما هو الإيمان أصلا ً ؟ وما حده فى الشرع ؟ ثم أقول فى النهاية أركانه 00 آخر شيء يُذكر فى الأيمان أركانه بعد أن أتكلم على الحقيقة لعله يكون أجود لو قدم بالحقيقة ثم الأركان ثم النواقض لكن كما قلت هذا لا يعيب لكن للترتيب الذهنى والاستقبال العلمى على أى كتاب تقرأه بعد ذلك ، ولو أنت بحثت فى أى موضوعات إيمانية وقرأت كتب أكبر من هذا ستجد دائماً الطريقة تكون بذكر التعريفات وذكر الحقيقة والماهية والحد ثم الكلام على الأركان ثم الكلام على المخالفات والنواقض ، وإن كان بعض الكتب يمكن أن تدخل الموضوعات داخل بعضها من باب المناقشة والرد على المخالف وما شابه 0 فى الكلام على حقيقة الإيمان سأملى عليك لأنه للأسف فى الكتاب كتبه باختصار مما أخلّ0 وبالطبع الاختصار مطلوب وأنا حريص فى هذا الدرس على أن يكون مختصراً لكن اختصار غير مُخلّ لأننا مازلنا فى البداية ونحتاج للتعلم ونحتاج الاختصار لكن لابد أن يكون اختصار غير مُخلّ0 ونصيحة لله تعالى لكى نتعلم لابد أن يكون معك كل أدوات التعلم مع مكافحة منك ومجاهدة
ومع كل ذلك الصياد يخرج بالشباك والسهام والرماح ويرجع بشاة صغيرة م' أنه كان فى أرض مملوءة 0 فما بالك بحالتنا نحن : نحضر دون شباك ولا رماح ولاشيء على الإطلاق ونريد أن نرجع بالأسود فهذا خيال 0 وهذه الأمور نحن نحتاج بشدة إلى تعلمها فساعد نفسك فى التعلم ، فلا يمكن بغير كتاب ولا كتابة ولا مجاهدة نفس وصبر على مرارة العلم لا يمكن أبداً ، والعلم له مرارة لا يُذاق حلاوته إلا لمن عرفه فإنه له مرارة وليس حلاوة لا يمكن أن تذوق حلاوته إلا بعد أن تذوق مرارته 0 فأين مرارة العلم ؟ فى التقييد والمتابعة وكثرة التركيز ولا أفهم هذه العبارة وقرأتها أكثر من مرة ، فهذه مرارة لا يستطيع أن يبلعها ، حتى إذا ما فهمها وتعلمها يجد له حلاوة وكل الناس تجرى وراءه وتريد أن تأخذ جزء من الحلاوة التى يملكها بسبب صبره على مرارتها أولاً 00 أما من لا يصبر على مرارة العلم و ولا يتقبله لا يجد حلاوته ولا أحد يطلبه منه لأنه لم يفهمه 0 فلتصبر إن الحلاوة تجدها حين يصنعونه فى البداية مُرة ثم بعد تسخينها والصبر عليها تجدها حلوة فى النهاية 0 ولذلك أذكـّــر وإن لم يستجب أحد إلا قليلاً ولكن لابد من التذكرة وجاهد نفسك وخذ بيد نفسك 0

أولاً : القســم الأول
حقيقة الإيمان
(1) الإيمان :
لغة ً : التصديق ( ليس ترادفاً ) أى ليس مرادفاً له بحيث تستطيع أن تضعه بدلاً عنه ، ولكنه أقرب الألفاظ الموافقة لمعنى الإيمان فى اللغة 0
فالمعانى اللغوية لما نقول مثلاً " الظلم " : التعدى على الحد أو وضع الشيء فى غير نصابه ،
أو الإيمان : التصديق ، الكفر : الستر ، هذا إما أن يكون مرادف أو معنى أضيق أو أوسع 0
وآمن به إيماناً : صدقه ، والإيمان الثقة وإظهار الخشوع وقبول الشريعة ( فى القاموس )
شرعاً : تصديق الرسول فيما أخبر به عن ربه لكن هذا التعريف غير كاف ، وإن كان قاله البعض إلا أن الآخرون قالوا : لا هذا غير كاف 0
قال بن تيمية : ومعلوم أن الإيمان هو الإقرار لا مجرد التصديق ، والإقرار يتضمن قول القلب الذى هو التصديق وعمل القلب الذى هو الانقياد 0 وتصديق الرسول فيما أخبر والانقياد له فى ما أمر كما أن الإقرار بالله هو الاعتراف به والعبادة0

ما معنى هذا ؟
• أى لو قلنا إن الإيمان هو التصديق يكون مجرد المعرفة وسنفهم جزئية مهمة أيضاً وباختصار لأن هذا الكلام مذكور فى مواطنه بطريقة مطولة جداً لكن نحن سوف ننتقى العبارات التى تكون مختصرة لكن كما قلنا دون إخلال 00

خريطة الإيمان فى القلب :
• لابُد من فهم هذه الجزئية لأنها سوف تفك إشكالاً كبيراً معك :
• الإيمان الشرعى عبارة عن استقبال مكونات الشريعة 0 ما هى مكونات الشريعة ؟
• الشريعة تتكون من شقين مكونين ليس لهما ثالث ( خبـر و أمـر )0

مكونات الشريعة
خبـــــــــــر أمـــــــر
وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم - أقم الصـــــــــــــــــلاة
الرحمن على العرش إستوى - أقيموا الصلاة وأتوا الزكاة
لهم فيها ما تشتهى أنفسهم - أعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا0ً
ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد - كتب عليكم الصيام كما كتب على
يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار الذين من قبلكم
ففتحنا أبواب السماء بماءٍ منهمر - قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم.

- وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه
وبالوالدين إحساناً 0

خبر : سواء خبر عن الله ، عن الغيب ، عن اليوم الآخر ، أو خبر عن السابقين ( الهالكين – الناجين) .
أمـر : أوامر من الله عز وجل 0
أى آية فى القرآن ستجدها إما تمس خبر أو تمس أمر ، الخبر والأمر يأتوا فيستقبلهم الإنسان
فيقبلهم : عرف أن هناك جنة ونار ، فرعون ، قوم عاد وثمود ، ناجين وهالكين ، وأن هناك الله 0 خبر فيقبله هذا القبول يترتب عليه تصديق لو ترتب عليه كذب كان من البداية كفر 0 ترتب عليه تصديق أى تصديق أن هذا خبر وأن هذا أمر وأن هذا خبر صدق وأن هذا أمر صدق حتى الآن لم يحدث إيمان شرعى :
خبر ثم قبول ثم تصديق : لأن هذا الحد موجود عند أبو طالب 0
أمر ثم قبول ثم تصديق : وموجود عند إبليس وموجود عند فرعون إبليس لم يكفر لأنه كان مكذباً ، بالعكس إبليس لديه إيمان أكثر من كثير جداً من المسلمين لكن لما جمع معه كفر أحبطه . إيمانه بأن الأمر بيد الله لذلك لا يقسم بغير الله : لم يقل والنعمة ككثير من المسلمين ولم يُقسم برحمة أمه ، إنما قال فبعزتك لم يقل وشرفى مع أنه كان متكبر ، والمتكبر يقسم بشرفه ويقول لك هذا غالى وهو أصلاً فى الوحل لكنه متكبر 0

وإبليس رغم أنه متكبر وكفره كفر كِبر لم يُقسم بغير الله ولم يحلف بغير الله ، إنما قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين 0 ويُقسم قسماً يدل على إيمانه ، ولما جاء يطلب لم يقل ألم اٌطرد أنا سأريك ، إما أنا وإما أنت 00 أبداً 00 قال : فأنظرنى إلى يوم يُبعثون 0 إذن أنت تطلب وتعرف أن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى ، فهو عنده قبول وتصديق ، ولذلك قال الله تعالى فى حق قوم فرعون وأمثالهم وجحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم " 0

إذن متى يبدأ الإيمان ؟
• فى المرحلة الرابعة مع إن كل هؤلاء مطلوبين ، يعنى لو شخص لم يقبل الخبر من الأصل ، كفر من البداية لكن قصة الإيمان هناك جزء منها يحسب فى الإيمان وجزء لا يُحسب وإن كان لابد أن تمشـيه0 فهو جزء ضرورى فى المبنى لكن ليس له حُكم كأن يقولوا فى تصحيح الاختيارات الذى درجته أقل من 40% لا ننظر فيه نرميه مثله مثل الذى لم يدخل الامتحان أصلاً ، كيف وهذا درجته 30% ، 35 % لا يحسب له ، مثله مثل الذى لم يدخل 0
فهذا الجزء موجود عند الخلق جميعاً ، أبو طالب قال : لقد علمت أن دين محمد خير أديان البرية ديناً ، فلولا الملامة أو مخافة لوجدتنى سمحاً بذلك مبيناً 0 لولا أنى أخاف من بعض الملامة ودين الآباء 000 إذن هو مصدق أن هذا رسول لكن لم ينفعل قلبه وهى المرحلة التى تليها وهى أعمال القلب : ما معنى أعمال القلب ؟

معناه : الانفعال القلبى المتوافق ونوع الخبر أو الأمر 0 مثلاً : لما يأت خبر :" يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد " يحدث ماذا ؟ أن هناك نار ، وهذه النار تـَسَــــع ويُلقى فيها الناس وتأكلهم ، يحدث قبول وتصديق ، يحدث انفعال قلبى 0 ما الانفعال القلبى؟ هل سيقول يا بخته باريت أروح ؟ هل سيعمل هذا ؟ لا 0الانفعال القلبى الخوف والوجل من أن يصيبه عذابها 0
ولما يأتيه الخبر :" وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أوّاب حفيظ من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ، أدخلوها بسلام ذلك يوم الخلود لهم ما يشاءون ولدينا مزيد " لما يأتيه هذا الخبر ماذا يحدث ؟ يحدث استبشار ، يقول ياليتنى أكون منهم0
ياليتنى أنال هذا النعيم 0 هذا معنى عمل القلب 0 أى انفعال القلب ، والانفعال القلبى : خوف رجاء ، محبة ، توكل ، إنابة 00 الانفعال القلبى المربوط بنوع الخبر هنا مبدأ الإيمان ، لما يأتى الخبر يحدث قبول ثم يحدث تصديق ثم يحدث انفعال قلبى"الرحمن على العرش استوى" ثم قبول ثم تصديق( عمل القلب وقول القلب ) ثم انفعال قلبى [ قول اللسان الله فوق السموات فوق العرش بائن من خلقه ،، عمل الجارحة تتحرك ] لما يأتى الأمر يحدث قبول ثم يحدث تصديق ثم يحدث انفعال قلبى " أقيموا الصلاة " : يحدث قبول ثم يحدث تصديق ( عمل القلب وقول القلب ) ثم يحدث انفعال قلبى [ قول اللسان الصلاة واجبة ،، عمل الجارحة ] إذن أول شيء يحسب فى الإيمان هو الانتقال القلبى ، سنكمل باقى الأسهم لكن المهم افهم هذا أولاً ، فأول شيء يحسب فى الإيمان هو الانفعال القلبى مضافاً إليه باقى الأمور 0
مثلاً : أقيموا الصلاة يحدث قبول ثم تصديق ( إن هذا أمر يلزم فيه العمل إنه واجب ) ثم انفعال قلبى
( عزم على الأداء ) ولذلك إنما الأعمال بالنيات 00 تبدأ بالنية 00 متى ؟ قبل أن تعرف أم بعدها ؟ بعد العلم ، ولذلك لا تكليف إلا بعد العلم ، شخص لا يعلم هذا الأمر فى الدين أصلاً فلا يكون آثماً ولا مخالف إذا لم يفعله 0
فلما يسمع الخبر ويقبله ويصدقه وينفعل قلبه بالعزم على الأداء أو بالعزم على الترك إن كان نهياً 0 بالعزم على سرعة الاستجابة ، ولذلك لما عـرّف العبادة قال ماذا ؟
طاعة الله بامتثال ما أمر على ألسنة الرسل 0 الامتثال هو الذى يبدأ بعمل القلب ويترجم بعد ذلك بعمل الجارحة 0 وتكمله للأسهم يخرج من عمل القلب قول اللسان وعمل الجارحة 0
عمل القلب يحرك السهم الأعلى فيتكلم ويحرك الأسفل فيعمل 0 ولما يدفع الاثنين يحدث القول والعمل وهذه نقطة هامة ، ولذلك جعلوا الأعمال والأقوال من الإيمان ، سنفهم ذلك عند الوصول للحد لكن افهم الآن قصة تعريف الإيمان كتعريف إذن لو قلت الإيمان هو التصديق فلا تعريف أبداً ، لا ينفع لأن حتى هذا ليس إيمان وإنما الإيمان يبدأ بعد منها 0
اللسان ماذا يفعل ؟ يقر قول اللسان أسمه إقرار 0 الصلاة واجبة ؟ نعم واجبة ، ماذا وراء الصلاة واجبة ؟ وراءها عمل قلب ووراءها تصديق ووراءه قبول ، وراء القبول الأمر الذى هو أقيموا الصلاة 0 أسألك : أين الله ؟ فوق السموات فوق عرشه بائن من خلقه هذا إقرار جاء من أين ؟ من
انفعال قلبى 0 من أين جاء انفعال القلب ؟ من التصديق ، والتصديق جاء من أين ؟ من القبول ، والقبول لماذا ؟ لخبر ، ما هو الخبر ؟ الرحمن على العرش استوى 0
وبالتالى إذا قال شخص الإيمان هو التصديق يكون غير دقيق لأنه ذكر شيء ليس لها أصلاً فى الإيمان ، وحتى إن كانت موجودة بل هى موجودة عند الكفار ، لو كان الإيمان هو التصديق لكان فرعون مؤمن وإبليس مؤمن وأبو طالب مؤمن ، لأن المعرف موجود إذن ماذا يقال ؟ يقال الكلام الذى كتبته ، ومعلوم أن الإيمان هو الإقرار لا مجرد التصديق ، الإقرار يتضمن قول القلب 0 أين موقعها فى الأسهم ؟ لدينا أمرين فى القلب :( يتكلم - يعمل) لكن لا يتكلم باللسان كلام القلب خاطر التصديق أو التكذيب ، وعمل القلب الانفعال بالخاطر 0 خاطر التصديق أو التكذيب 0 إذن فى الأسهم التى عملناها أين قول القلب ؟ التصديق 00 كلام القلب تصديقاً أو تكذيباً 00 إذن انفعال القلب بالتصديق أنه صدق فقط ، يسمى قول القلب لما يصدق وينفعل يكون أسمه قال وعمل ، فالقلب له قول وعمل ، قوله التصديق وعمله الانفعال الموافق للخبر من خوف ، من رجاء، من محبة ، من توكل ، من إنابة ، من عزم على الأداء ، من عزم على الترك ، من الانقياد 00 فهذه هى أعمال القلوب الإيمانية 0
فهو يقول والإقرار يتضمن قول القلب الذى هو التصديق و عمل القلب الذى هو الانقياد وهذا عرفته ، طيب لما نأتى للإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم نريد أن نقول الإيمان بالرسول ، إيمان بالرسول معناه ماذا ؟ معناه الخبر " محمد رسول الله " ثم قبول الخبر ثم تصديق الخبر ثم الانفعال القلبى ، ما هو الانفعال القلبى ؟ إتباعه ، هذا رسول من عند المعبود ، يدل على ما يُرضى المعبود 0 أنت صدقت بهذا فما العمل القلبى الموافق للخبر المصدق به ؟ يتناسب معه ألم نقول أن عمل القلب هو الانفعال القلبى الذى يتوافق والخبر ؟ مثل أن أقول لك نجحت فتجد نفسك فرحان جداً ، ولما أقول لك : سقطت تجد نفسك حزين جداً ، حصل انفعال قلبى متوافق والخبر.
إذن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم يستلزم الإتباع ، القلب نفسه ينفعل الإتباع ينطق اللسان بالاعتراف بأنه رسول وينطق اللسان الإتباع ، وتتحرك الجوارح بالإتباع : كيف يأكل فيأكل مثله ، كيف ينام فينام مثله ، والذى أكبر منها : كيف يصلى فيصلى مثله ، كيف يحج فيحج مثله 00 كل هذا تحقيق الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وبالتالى لما يعرف شخص الإيمان بأنه التصديق هذا كلام غير منضبط ولا يصلح ، فإذا حصل إيمان القلب حصل إيمان الجوارح ضرورة الأسهم التى كتبتها ، ضرورة يعنى لازم لكن لو شخص صدق آمن قلبه ؟ لا ممكن ألا ينفعل قلبه ونحن قلنا أن إبليس عنده تصديق لكن لم يكن عنده إيمان ، وفرعون كان عنده التصديق ولم يكن عنده إيمان 0 لكن لو شخص انفعل قلبه يكون آمن ضرورى سيحرك الجوارح ، ولذلك قال ضرورة والنصوص تقول هذا فأنتبه 00 وإيمان القلب لا بد فيه من تصديق القلب وانقياد الإيمان وراءه ماذا ؟ لو شخص قال : هذا الرجل تحقق عنده إيمان القلب يكون بدون أن تسأل تحقق عنده ماذا ؟
تحقق عنده ما وراءه تصديق وقبول الخبر وأما ورود الخبر ليس من عملنا ولكنه يأتينا إذن نحن نعمل قبول ثم تصديق ثم إيمان القلب الذى هو عمل القلب 0 فلو شخص آمن قلبه لا بد أن يكون مـرّ بمرحلة التصديق ، لابد فيه من تصديق القلب وانقياده ( الذى هو عمل القلب)
وألا فلو صدق قلبه بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبغضه ويحسده ويستكبر فى متابعته لم يكُ قد آمن قلبه لو شخص جاءه الخبر وسار المرحلة الأولى وهى القبول وسار المرحلة الثانية وهى التصديق وجاء عند انفعال القلب لم ينفعل بما وافق التصديق لم يكن مؤمناً وهذا ليس معناه أنه ليس مصدق 0 ستعرف النصوص وتعرف أنه سوف يكون مصدق لكنه غير مؤمن لماذا ؟ لأن الإيمان يبدأ بعد التصديق وليس قلبه وإن كان التصديق لا بد منه لأنه غير ممكن أن يؤمن بدون تصديق لكن لو سار شخص حتى مرحلة التصديق لا يصير مؤمن حتى ينفعل قلبه بمقتضى التصديق 0
أى أن شخص قالوا له محمد رسول عليه الصلاة والسلام قال نعم ، قالوا : مصدق قال: مصدق ، قالوا : إذن اتبعه قال : لا إنى أكرهه 0 فيقول شخص أنه آمن فقد قبل وصدق أقول له : لا لأنك عرفت أن الإيمان يبدأ من أعمال القلب وليس من التصديق ، فلما لم ينفعل القلب بما وافق التصديق لم يكُ مؤمناً 0

والإيمان وإن تضمن التصديق فليس هو مرادفاً له فهمنا مما سبق أن الإيمان لا بد له من التصديق حتى وإن كان غير محسوب ، فمثلاً لن يصل أحد إلى 70 % إلا لما يجــــاوز الــ 30 % إذاً الـ 30 % هذه مهمة لكنها بمفردها ليس لها قيمة ، فهو يقول أن الإيمان وإن كان يتضمن التصديق لأنه ينبنى عليه انفعال القلب لكنه ليس هو الإيمان وليس مرادفاً بحيث تقول الإيمان هو التصديق فيكون كلمة تصديق هى إيمان وكلمة إيمان هى تصديق 0
فلا يُقال لكل مصدق بشيء أنه مؤمن به فنحن قلنا أنه ممكن يكون عنده التصديق ولكنه غير مؤمن فلا يُقال لمجرد أنه صدق أنه مؤمن 0

فلو قال أنا أصدق بأن الواحد نصف الاثنين ، وأن السماء فوقنا والأرض تحتنا ونحو ذلك مما يشاهده الناس ويعلمونه لم يقل لهذا أنه مؤمن بذلك ويعلمونه بمعنى إذا قيل لشخص الواحد نصف الاثنين قال : نعم ، قالوا له : السماء فوق والأرض تحت قال : نعم السماء فوق والأرض تحت وقال أنا مصدق بهذا لا يقال له : أنت مؤمن بأن السماء فوق والأرض تحت لا يقال : فلان مؤمن بأن الواحد نصف الاثنين وإن كانت الدنيا كلها تصدق بأن الواحد نصف الاثنين فيقول أن لا أحد أبداً يقول لا لغة ً ولا شرعاً أن مثل هذا هو مؤمن بأن الواحد نصف الاثنين والسماء فوق والأرض تحت ، بل يستعمل لفظ الإيمان إلا فيما أخبر بشيء من الأمور الغائبة كقول إخوة يوسف عليه السلام : " وما أنت بمؤمن لنا " فإنهم أخبروه بما غاب عنه 0
بعض الــفِـرق كما ستعرف قالوا : إن الإيمان هو التصديق واستدلوا بالآية قالوا إن الله قال حاكياً عن إخوة يوسف فى القرآن أنهم قالوا لأبيهم :" وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" أى وما أنت بمصدق ، فهذا دليل على أن الإيمان هو التصديق ، قال لهم : لا فإن لفظ الإيمان هنا أستعمل فى قضية غائبة ولم يُستعمل فى قضية شاهدة 0 ( القضية الغائبة هى قتل أخوهم أو رميه فى البئر فهى بالنسبة لأبيهم شيء غير مرئى أى غيب ) مثل أن يُقال يوجد جنة فهذا غيب
وهم ( أى أهل اللغة ) يفرقون بين من آمن له وآمن به - أى أن لفظ الإيمان يستخدم بمعنى آمن به بينما لفظ التصديق لا يستخدم إلا صدق به وليس صدق له 0 آمن له بمعنى ماذا ؟ أى اتبعه ، وآمن به بمعنى صدق بمنزلته مثلا ً : شخص يقول لك أنا أبوك 0 فلما تصدق أنه أبوك فتكون آمنت له أى آمنت لكونه أبيك وإطمئننت لذلك ، لكن لو استعمل لفظ مصدق يقال : صدق به ولا يقال صدق له وهذا فارق فى الاستعمال للفظ الإيمان يدل على أن لفظ الإيمان ليس هو التصديق ، وبالتالى تعريف الإيمان بأنه التصديق باطل حتى من حيث اللغة . تركيب الشرعى عرفناه وهى التى وضحناها بالأسهم فأجعلها دائماً فى رأسك حتى إذا ما ذكرنا أى قضية فى الإيمان أو القول أو العمل والاعتقاد سوف نحتاج لها فدائماً تكون أمامك وهم يفرقون بين من آمن له وآمن به فالأول يقال للمخبر المخبر أسم فاعل من الخبر وهو الذى يأتى بالخبر 0 تقول : إذا تكلمت عنه هو أمت له ، وإذا تكلمت عن ما أتاه تقول آمنت بما أتى به 0 قد يؤمن بالإنسان بالشيء ولا يؤمن بحامله النبى صلى الله عليه وسلم قال لأبى هريرة صدقك وهو كذوب أى آمن بما قله لك وأعرف أنه كاذب لا تؤمن له بحيث كلما قال لك شيء صدقته ، إذن هو جعله يؤمن بالخبر ويكذب المخبر لكن نحن مع الإيمان مع الرسل ماذا نفعل ؟ استعمل فى القرآن وسوف تأتى الآيات أننا آمنا للرسل وآمنا بالرسل نعم تصديق وإتباع 0 آمنا بالرسل : أى بما أتوا به ، وآمنا للرسل : أى اتبعناهم فأصبحنا مصدقين بالخبر ومصدقين بالمخبر ( الذى جاء بالخبر )0
والثانى يقال للمخبر به للخبر نفسه كما قال إخوة يوسف " وما أنت بمؤمن لنا " ولم يقولوا وما أنت بمؤمن بنا إنما لنا ، هم جاءوا بخبر : هل هو يشك فى الخبر أم فى الذين يتكلموا؟
فيهم هم ، هو قال لهم : فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون 0 أنتم تمكرون مكر معين إذن هو يتكلم عليهم أم على الخبر ؟ عليهم هم 0 ولذلك قالوا له " وما أنت بمؤمن لنا " أى أنك تشك فى أشخاصاً فأستعمل هنا لفظ لنا وليس بنا ، لو قالوا بنا يعنى بالكلام بالخبر الذى أتوا به وهم صادقين 00 لا 00 ولكن هو شك فيهم هم أنهم يكذبوا 0 وقال تعالى : " فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه 00" لموسى ولم يقل بموسى رغم أنه فى مواطن أخرى يوجد ( به ) هنا آمن له أى اتبعه ، تعامل مع الشخص لا الذين تعاملوا مع الشخص كم شخص ؟ مع أن هؤلاء الأشخاص يعلمون أن كلامه صحيح فكثير منهم آمن به حتى فرعون نفسه كما سترى من الآيات لكن مع إيمانه به لم يؤمن له : ما معنى إيمانه به ؟ لإيمانه بأن الرب رب العالمين ورب السموات والأرض وأنك يا فرعون تمكر ( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر 00 ) الآية 0 لقد علمت إذن قد عرف لكن ليس هناك انفعال قلبى بالطبع فيع معرفة فيه تصديق لكن لا يوجد إيمان 0 وقـــــــال تعالى :" ومنهم الذين يؤذون النبى ويقولون هو أذُن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين أصبح عندنا الاثنين يؤمن بـ 00 ويؤمن لــ 00 ( ويقولون هو أذن ) سماعه يسمع لكل واحد ( قل أذن خير لكم ) سماعه للخير سماعه للوحى ( يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ) ففرق بين إيمانه بالله وإيمانه للمؤمنين لأن المراد يصدق المؤمنين إذا أخبروه ، وأما إيمانه بالله فهو إيمان من باب الإقرار به ، أليس هو القائل لا إله إلا الله ، أليس هو أول من صدع بلا إله إلا الله إذن هو أقر بهذه الحقيقة إذن خبر ، قبول ، تصديق ، انفعال قلب : فتحقق عنده الإيمان بالله وإيمانه للمؤمنين يصدق المؤمنين ، من يأت إليه قائلاً : أنا مؤمن يصدقه حتى ولو كان منافق يصدقه ويعامله على أنه مؤمن بل لما علم المنافقين إستسر به ولم يكن يأخذ أحد بالظنة مع أنه كان أفرس الناس عليه الصلاة والسلام وأحكمهم 0 ما معنى الظنة ؟ أى أن يقول فلان هذا شكله ليس سليم ، منظره لا يريحنى ولا يطمئنى أبداً ، بل كان يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين بالطبع الانشغال بالقاعدة أو القضية وهى استعمال لفظ الإيمان فى آمن به وآمن له ، بينما استعمال لفظ التصديق فى صدق به فقط هو الذى يهم فى مسألتنا أكثر من الانشغال بمعنى الآية 0 ومنه قوله تعالى عن فرعون وملأيه : " أنؤمن لبشرين مثلنا 00
" قالوا هنا أنؤمن لــ ..

وهو الإتباع ، أى نقر لهما ونصدقهما ، ومنه قوله :" أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلون وهم يعلمون 00" ومنه قولــه:
أى من هذا الإستعمال وهذا المعنى " فآمن له لوط " 000 الآية ، ومن المعنى الآخر الذى هو آمن به فالآيات السابقة كانت فى آمن لـــ 000
قوله تعالى : يؤمنون بالغيب 00 فى وصف المؤمنين أنهم يؤمنون بالغيب وليس للغيب ، وقوله " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون 00 " الآية قال بما وليس لــ 000
وقوله تعالى :" ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر " آمن بالله بـ00
هذا فى تعريف الإيمان 00 عرفنا تعريف الإيمان لغةً وشرعاً 0

حـــد الإيمـــــان :
ما معنى حد ؟ حد الشيء هو كنهه المكون له 0
• أليس نقول أرضنا حدها من الشرق كذا ومن الغرب كذا ومن الشمال 000 الخ ، هذا يُسمى الكنه المكون لهذه الأرض 00 حد هذا المسجد من هذه الناحية كذا ومن هذه الناحية كذا 00
والسقف كذا فهذا كنهه المكون له 0
فالإيمان ماهو حده ؟ طوله وعرضه ومساحته كم ، لكن فى الشرع اختلف الناس فى حد الإيمان اختلافاً واسعاً يتلخص فيما يلى : -
(1) قول الجهمية ( أتباع جهم بن صفوان ) ولذلك سموا بالجهمية لأن الإمام لهم الذى اخترع لهم هذه الأمور وأصل ونظر فيها أسمه جهم فسموا الجهمية ، وهؤلاء قالوا أن الإيمان هو التصديق واستدلوا بمثل قوله تعالى :" وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين 00
وغيره
(2) قول الكـرّامية ( وهم أتباع محمد بن محمد بن كرام السجستانى ) وهؤلاء قالوا أن الإيمان هو الإقرار: النطق فقط - أى كسروا كل الذى وراءه غير مهم عندهم ، المهم الكلمة الإيمان عندهم هو الكلمة ، وللأسف هذا منتشر عند الصوفية وكثير من الأزهرية الذى هو الكرامية فيقولون لك يا بختنا من قال لا إله إلا الله 00 انتهى طالما قلتها لن تغرق 0
(3) قول عموم المرجئة والماتردية ( نسبة إلى محمد بن محمد بن محمد الماتردى ) وهو قول أبو حنيفة وغالب الأشاعرة ، وهؤلاء قالوا : الإيمان هو التصديق وما يلزم له من إقرار 0 ولم يدخلوا الأعمال فى الإيمان 0
(4) قول أهل السنة : وهؤلاء قالوا : أن الإيمان تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح 0
هناك جزئية صغيرة أريدك أن تفهمها بخصوص الأسهم التى عملناها نحن قلنا :
خبر قبول تصديق عمل القلب وسمينا التصديق قول القلب00 طيب عمل القلب يسمى ماذا ؟ يسمى تصديق أيضاً ، وهذا معناه أن التصديق نوعان سيأتى شرح ذلك فى وقته لكن أبين فقط حتى
لا يشكل عليك حينها : عندنا تصديق المعرفة وعندنا تصديق الإيمان ( عمل القلب ) فالتصديق ينقسم إلى قسمين قول القلب وعمل القلب ، لكن هذا نوع وهذا نوع 0000سيأتى بعد ذلك بالتفصيل فالمهم أن تعرف عندما تسمع الإيمان تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان فتقول أين عمل القلب ؟ عمل القلب داخل فى كلمة تصديق ( تصديق الإيمان ) وهذا يجعلنا نفهم أن كلمة تصديق لما نضعها مع عمل القلب تسمى تصديق ، لكن لما تطلق يكون داخل فيها قول القلب وعمل القلب التصديق وعمل القلب فالتصديق وعمل القلب يسموا تصديق لما أضعهم مع بعض ، التصديق وعمل القلب يكون هذا التصديق وهذا الذى بعده أى الإيمان وبالتالى لما أوصف الإيمان أقول : الإيمان تصديق وقول وعمل - اعتقاد وقول وعمل - البعض يخرج من هذه الأزمة ويقول : اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان -
عبارة محفوظة قالها المتقدمين وهى صحيحة لكن لما قالوا اعتقاد بالجنان خرجوا من لفظ تصديق ، لأن لفظ تصديق ليس داخل فى حدود الإيمان 0 ما هو الاعتقاد بالجنان ؟
هو الانفعال القلبى ، لكن افهم الآن حتى أكثر فيما بعد - أنه ممكن يسمى قول القلب وعمل القلب أو يسمى تصديق وأعمال القلوب يمكن الاثنين يسموا تصديق اصطلاحاً 0 لكن لما كلمة تصديق يكون فى المقابل لكلمة عمل القلب يكون المقصود بالتصديق هنا المعرفة 0
فيكون : خبر قبول معرفة ( العلم ) ـــــــ لا إيمان حتى ينفعل القلب انفعال القلب مع المعرفة يسموا تصديق وممكن أسمى هذا تصديق وهذا اعتقاد أو انفعال قلبى أو عمل القلب ، هذه اصطلاحات أقولها لكى إذا سمعت أو قرأت لا تشعر أن هناك اختلاف 0
(5) قول الخوارج والمعتزلة والشيعة : قالوا أن الإيمان تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان والفارق بينهم وبين أهل السنة هو أنهم جعلوا الأعمال شرط فى صحة الإيمان فجعلوا مرتكب الكبيرة كافر ، وأهل السنة يجعلون مرتكب الكبيرة فى المشيئة بمعنى إن شاء الله عذبه وإن شاء عفا عنه وليس بكافر 00 هذا الفارق ما بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة والشيعة 0
لأن أهل السنة قالوا : الإيمان تصديق وقول وعمل ، والخوارج والمعتزلة والشيعة قالوا:
الإيمان تصديق وقول وعمل 00 أى أنهم مثل بعض 00 لا 00 هذا من حيث العنوان مثل بعض لكن من حيث المضمون فلا 0

هؤلاء ( الخوارج والمعتزلة والشيعة ) جعلوا الأعمال شرط صحة ، وبالتالى مرتكب الكبيرة كافر ، وأهل السنة جعلوا الأعمال شرط كمال إلا ما دل الدليل على أنه شرط صحة ، كل هذا سيأتى بالتفصيل مثل السب والاستهزاء وهدم الكعبة وإلقاء المصحف فى النجاسات وترك الصلاة مع الخلاف 0 كل هذا سيأتى له بيان 0
وبالتالى صار صاحب الكبيرة عند الخوارج والمعتزلة والشيعة كافر ، بينما هو عند أهل السنة فى المشيئة إن لم يكفر 0 ومعنى أنه فى المشيئة أى إن شاء الله عذبه وإن شاء عفا عنه 000 نكمل المرة القادمة بإذن الله تعالى 0
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-19-2008, 03:00 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

11 محرم 1423 هـ الاثنين 25 مارس 2002 م

الدرس رقم (3)


لازال الكلام متعلق بالمقدمات وكان آخر ما وقفنا عليه فى الدرس السابق هو مذاهب الناس فى حد الإيمان ، واجتمع عندنا جملة فى مذاهب الناس فى حد الإيمان خمسة : -
• الجهمية : وقالوا: إن الإيمان هو التصديق

• الكرامية : وقالوا: أن الإيمان هو الإقرار فحسب

• عموم المرجئة وقول أبو حنيفة والأشاعرة منهم فريق وافق الجهمية ومنهم فريق وافق

• الكرامية: وقالوا: أن الإيمان هو التصديق والإقرار 0

• ثم أهل السنة الذين قالوا: إن الإيمان إعتقاد وقول وعمل ، والأعمال شرط كمال إلا ما دل

الدليل على أنه شرط صحة 0
• الخوارج والمعتزلة والشيعة : قالوا : أن الإيمان إعتقاد وقول وعمل إلا أنهم جعلوا الأعمال شرط فى صحة الإيمان ، ومعنى ذلك أن مرتكب الكبيرة كافر 0

• وذكرنا الفارق بين الخوارج والمعتزلة والشيعة ، وبين أهل السنة فى حد الإيمان : وهو أن
أهل السنة يجعلون مرتكب الكبيرة فى المشيئة وهذا الفارق بينهم وبين المرجئة لأن المرجئة
يقولون : لا يضر مع الإيمان ذنب ومرتكب الكبيرة عندهم هو كامل الإيمان وهم فى الجنة0
فأهل السنة لا يُكفرون أصحاب الكبائر كما قالت الخوارج ، ولا يقولون كما قالت المرجئة أنهم
فى الجنة وأنه لا يضرهم معصيتهم 00 لا 00 لأنهم كما قلنا أن الأعمال مؤثرة فى الإيمان 0
قال بن تيمية : اعلم يرحمنا الله وإياك أن الإيمان تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح وذلك أنه ليس بين العلم خلاف فى رجل قال : أشهد أن لا إله إلا الله عز وجل واحد وأن ما جاءت به الرسل حق وأقر بجميع الشرائع ثم قال : ما عقد قلبى على شيء من هذا ولا أصدق به - أنه ليس بمسلم ، ولو قال : المسيح هو الله وجحد أمر الإسلام ثم قال : لم يعقد قلبى على شيء من هذا - أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن 00

ما معنى ذلك ؟ وما معنى الحد ؟
• قلنا الحد هو الكنه والماهية المكون للشيء ، فلما نقول حد الإنسان نقول رأس وذراعان وقدمان وصدر وجذع الذى هو الماهية المكونة للإنسان 0
ما هى الماهية المكونة للإيمان شرعاً ؟

• اختلف الناس فى ذلك : منهم من قال التصديق ، طبعاً أنت عرفت قصة الإيمان وعرفت أن خبر ـــــ يتبعه قبول ــــ هذا القبول يتبعه انفعال قلبى الذى هو التصديق الإيمانى ، وهذا الانفعال القلبى والتصديق الإيمانى الذى هو عمل القلب يتبعه عمل جارحى من كلام وعمل وبالتالى يكون الإيمان التصديق ( الاعتقاد ) والقول والعمل 0
لما نتكلم عن الإيمان الشرعى نتكلم عنه من ثلاث زوايا :
الزاوية الأولى : ما يتكون منه الإيمان كله أى المكون الكلى للإيمان : بمعنى سبحان الله تدخل فى الإيمان ، الصلاة تدخل فى الإيمان ، الصيام يدخل فى الإيمان ، النظر والفكر يدخل فى الإيمان ، الشهادتين تدخل فى الإيمان 000 كل ما هو شرعى من اعتقاد أو كلام أو أفعال يدخل فى الإيمان ، ولذلك لما نقول حد الإيمان : اعتقاد وقول وعمل يكون الكلام على الإيمان من الجهة الأولى وهى الكلام على كل ما يتكون منه الإيمان 00

الزاوية الثانية : الكلام على أصل الإيمان الذى خرمُه ( هدمه ) كفر : أى الجزء الضرورى الذى يتكون منه الأصل الذى يجعل العبد مسلم لا كافر 0 لا شك أن هذا الجزء الضرورى هذا أنقص من المكون الكلى للإيمان 0 بمعنى لو قلت المكون الكلى للمبنى يدخل فيه النافذة والحنفية ، ولكن لما أتكلم عن أصل المبنى يكون القواعد والأعمدة والجدر الأساسية وهذه الكمليات كلها لا تدخل لأنها ممكن أن تخرج ويصبح المبنى بدون نافذة أو صنبور أو باب والمبنى موجود : فالخرسانة والأعمدة والجدار هى أصل المبنى ، فلما نتكلم عن المبنى وندخل فيه كل حاجة حتى المصباح نكون نتكلم عن المكون الكلى أى كل جزئية فيه ، لما نتكلم عن الحد الضرورى الذى هو الفرق بين وجود المبنى وعدمه ، الذى هو الفرق بين المؤمن والكافر يبقى الكلام على الخرسانة والقواعد والأعمدة فقط ، هذا يسمونه " أصل الإيمان " الذى خرمه معناه هدمه لو نزعت الأعمدة والقواعد موجودة والســــــقف موجود المبنى ينهدم ، ولو نزعت القواعد وتركت الأعمدة صحيحة والأسقف موجودة ينهدم لماذا ؟ لأن هذه أصول 0

الزاوية الثالثة : الجزء الذى يحكم به فى الدنيا 0 مثلا ً ممكن يكون هذا المبنى آيل للسقوط ولو حدث هزة يكون كوم تراب لكن الذى يمر عليه يراه ماذا ؟ مبنى 0 يقول عارف هذا المبنى بجوار هذا المبنى 000 الخ وهذا المبنى لو أحد دفعه دفعة يسقط 0 مثل إيمان المنافق شكلاً مؤمن 00 مبنى قائم وحوائط وخرسانة لكن القواعد لا هو ؟ الفرعى الذى هو الحد الأصلى له بينما هو بعضه الذى يترتب عليه الحكم الدنيوى 0

وكل جهة من هذه الجهات الثلاثة فى الكلام على الإيمان لها موضوع فى الدراسة لكن إفهم:- لما نقول اختلف الناس فى حد الإيمان قال بعضهم أنه تصديق فقط وهذا مردود عليهم كما قلنا وشرحنا أنهم يلزمهم أن يكون فرعون مؤمن 00 وإبليس مؤمن 00

- وناس قالت : أنه مجرد كلمة يتكلم بهم ، وهذا أيضا مردود عليهم وستأتى الإجابة فى حينها إن شاء الله، ويلزمهم أن يقولوا أن المنافقين كاملى الإيمان لأنهم يأتوا بالكلمة ،
- وناس قالت : هو التصديق والكلمة ولم يدخلوا الأعمال وانقسموا قسمين : فريق أدخل الأعمال وقالوا أى شخص يترك أى عمل يكون كافر ، والثانى قال : لا هذه الأعمال منها ما يكفر ومنها ما يكمل بحيث لو تركها ينقص كأنه نزع نافذة من المبنى أو باب لكن لم ينزع أعمدة 0
يبقى لما نتكلم عن الإيمان على كل ما فيه أكون أتكلم على أى جهة من الثلاثة ؟
الجهة الأولى التى هى الكلام على الإيمان بكل ما فيه ، هنا لما قال بن تيمية أن الإيمان تصديقاً بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان ، هنا الإيمان من أى جهة ؟
من حيث التكوين الكلى فكأنه يريد أن يقول : اعلم يرحمنا الله وإياك أن الإيمان من حيث التكوين الكلى من حيث كل شيء داخل فيه :

- اعتقاد : أى كل الاعتقادات من خوف ورجاء ، من محبة ، من حسن ظن بالله ، من يقين ، من توكل ، من فرحه بالخير ، من استبشار بما عند الله ، من عدم قنوط من رحمة الله 000 الخ سواء كان الاعتقاد شيء كبير أو بسيط ،

- وقول : أى الشهادتين ، وذكر وتلاوة القرآن ، وشهادة الحق ، والصدق فى القول ،،
- وعمل : أى سجود لله سبحانه وتعالى والصيام والجهاد والصلاة والبر والإحسان والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر 00 هذا معناه اعتقاد وقول وعمل كأنه أدخل كل ما يمكن أن يدخل فى الإيمان 0 حسن الظن بالمؤمن مثلاً يكون ماذا ؟ اعتقاد ، سبحان الله : قول ،
إماطة الأذى فى الطريق : عمل ، مع أن هذه كلها فروع أى لو واحد أساء الظن بمسلم لا يكفر مع أنها من الاعتقاد ، ولو واحد لم يقل سبحان الله لا يكفر ، ولو واحد لم يمط الأذى لا يكفر لكنه يتكلم عن مكون الإيمان الكلى لا يتكلم عن أصله أو ما يحكم به فى الدنيا 0 لكن يتكلم عن المكون الكلى الذى شرعه ربنا ، لذلك يقولوا أن الكلام على الإيمان - الذى هو الجهة الأولى - أصلاً وكمالاً - مادام أدخل فيه كل شىء - إذن المبنى بقواعده وأعمدته ونوافذه وأبوابه وكل حاجة الأصل والكمال لذلك يريد أن يوضح لك هذا المبنى فيقول لو أن واحد قال أشهد أن الله واحد وأن ما جاء به الرسل حق وأقر بجميع الشرائع : فيه صلاة؟ نعم 0 فيه صيام وحج وبر الوالدين ؟ نعم 0 ثم قال : أنا معترف بهذا وأقول به لكنى غير معتقد هذا فى قلبى 0 فيقول لا يوجد خلاف بين المسلمين ، إن مثل هذا ليس بمسلم لأنه أزال من المبنى جزء داخل فيه كثير جداً من الأصول حتى وإن كان معه من الفروع . أى كأنه أزال من المبنى الأساسات وكأنه وضع فى الأساسات ديناميت وأزالها حتى وإن ترك الجدار والنوافذ ، فيقول أن مثل هذا الذى أقر أن الله حق وأن الرسول حق وأن الشرائع حق ثم قال لا صدق بشيء ولا عقد قلبى على شيء من هذا ، فمثل هذا ليس بمسلم لأنه نزع جزء أساسى من مكون الإيمان ، وفى المقابل لو واحد تكلم بالكفر وقال : لا يوجد شيء أسمه دين وأن الله هو المسيح أو زيد أو عبيد - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - وقال أنا لا أعتقد هذا أنا أقوله فقط ، فمعناه أنه أفسد ماذا هنا ؟ افسد القول ، وفى المثال الأول أفسد ماذا ؟ العقيدة ، فهو فى المثال الثانى معتقد أن الله واحد ولا يعتقد جحود الأوامر لكن قالها ،فكونه أنكرها هذا معناه أنه هدم ركن الإقرار فيقول بن تيمية أن أهل العلم لم يختلفوا فى أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن 0 فلما لم يكن بالإقرار إذا لم يكن معه التصديق مؤمنا ، ولا بالتصديق إذا لم يكن معه الإقرار مؤمنا حتى يكون مصدقاً بقلبه مُـقر بلسانه ، فإذا كان تصديقاً بالقلب وإقرار باللسان كان عندهم مؤمناً ( المرجئة ) وعند بعضهم ( أهل السنة ) لا يكون مؤمناً حتى يكون مع التصديق عمل فيكون بهذه الأشياء إذا اجتمعت مؤمناً (الفتاوى ج 7 صـ 388) والمقصود من هذا الكلام هو تقرير أن الإيمان مبنى يتركب من الاعتقاد والقول والعمل ، وكل جزء من هذا المبنى منه ما هو أصل للإيمان ومنه ما هو كمال للإيمان ، فالاعتقاد مثلاً منه ما هو أصل فى الإيمان من ذلك الحب ( حب الله تعالى ورسوله ) والخوف والرجاء واعتماد القلب على الله وحسن الظن بالله واليقين 000 الخ ومنه ما هو كمال للإيمان كانعدام الغل على المؤمنين وانعدام الحسد وحسن الظن بالمؤمن والتفاؤل وعدم التطيـّـر 0

* ما الفرق بين الأصل والكمال ؟
الأصل : هو المسئول عن الدخول فى الإيمان وعدمه أى الجزء المسئول عن أن تكون مؤمن أو كافر يسمى أصل 0 الجزء المسئول عن زيادة الإيمان ونقصانه ، أن تكون رجل بر تقى أو فاجر ، فاسق هذا يسمى كمــال 000 هذا باختصار شديد الفرق بين الأصل والكمال ، لو شخص ليس عنده يقين ولا خوف من الله أو رجاء فى الله أو محبة لله يكون أنخرم دينه ، لكن لو شخص عنده حسد وعنده غل لا يكون كافر ولكن على نقص فى الدين لأن هذه أحوال للفاسقين الفاجرين لكن ليست كفر 0 إذن الاعتقاد جزء من مركب الإيمان لكن منه ما هو أصل ومنه ما هو كمال ، وكذلك العمل فإن منه القول باللسان والقول باللسان منه ما هو أصل كالنطق بالشهادتين ومنع اللسان من الاستهزاء والتنقيص فى شأن الله والرسول صلى الله عليه وسلم ومنه ما هو كمال كقول الصدق والعدل فى الحكم وشهادة الحق وعدم الغيبة والنميمة 000 الخ 0
طبعاً لو واحد آمن وتيقن ولم ينطق بالشهادتين مع القدرة ليس بمسلم لأن هناك جزء أصلى أنخرم، لكن ممكن إنسان يكون عنده الأصل فى الاعتقاد وينطق الشهادتين لكنه كذاب مغتاب نمام يكون حدث ماذا ؟ لم يحقق بلسانه الكمال 0

ومنه أيضاً عمل الجوارح ( أى أن العمل ينقسم إلى قول باللسان وعمل بالجوارح ) : وعمل الجوارح غالبه ومعظمه مكمل للإيمان لكن هناك أمور من الأصل وإن قلـّــت كإقامة الصلاة مع الخلاف فى ذلك ، تعرفون أن الفقهاء اختلفوا فى إقام الصلاة : منهم من جعل إقام الصلاة شرط فى صحة الإيمان وبالتالى تركها كفر ، ومنهم من جعل إقام الصلاة مكمل للإيمان وتركها ليس كفر على الخلاف المشهور فى تارك الصلاة ، ومنها ما هو متفق عليه ومجمع عليه كالكف عن السجود لغير الله والكف عن السحر الذى فيه عبادة الجن (لأن السحر أنواع ) والكف عن امتهان المقدسات المعظمة كالمصحف وغيره والكعبة000
إنى أبســّــط المسائل وأقربها حتى لا تكون العبارات مغلقة بالنسبة لك وتكون فاهم أنه اعتقاد وقول وعمل ، جمل محفوظة ، وأخطر ما فى العقيدة أننا تعودنا من صغرنا أن من يعلمنا إياها يعلمنا عبارات محفوظة وتكون كالعلب المغلقة التى لا نستطيع أن نفهم لها معنى وطيلة عمرنا يُقال لنا التوحيد هو العقيدة ، والتوحيد ينقسم إلى ربوبية وإلهية 000 الخ وتشعر أنك تحفظها جيداً لكن لا تعرف لها معنى وهذا خطير جداً لأنك تظن أنك عرفت شيء فى العقيدة أو قرأت أو أخذت منهج لكن فى الحقيقة أنت أخذت علب مغلقة لا تنسجم معها عقدياً وبحيث أنها تكون قد شكلت تصوراتك ومنظورك العقدى كمحقق أو قائم بمقتضى العقيدة الإسلامية 0 فلابد أن تكون كل عبارة تقرأها أو تكتبها ولو بمفهوم بسيط تفهم معناها 0 ونحن عرفنا الإيمان لغة ً وشرعـاً ، وحــدّه واختلاف الناس فيه 0 ما معنى حدّه ؟ المكون 0 وما هو المكون ؟ أى كل ما يدخل فيه 0

ماذا يدخل فيه ؟ أمور عقدية وقوليه وعملية ، فأنت كإنسان ليس لك تفاعلات غير هذا إما اعتقاد وظنون ، والظنون عقائد قال الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم ، وإما أقوال وحديث ، وإما بطش وأفعال فإن كان على وفق الحق كان إيمان وإن كان على وفق الباطل كان كفران 0 ومثل الإيمان له أصل وكمال ، الكفران أيضاً له أصل وكمال فى المخالف سنعرف أن الكفر كفرين والشرك شريكين أى هناك أكبر وأصغر : -
* الكفر الأكبر الذى هو ضد أصل الإيمان
* الكفر الأصغر الذى هو ضد الكمال



تنبيـــه :
• المقصود بكمال الإيمان هو الكمال الواجب الذى يأثم تاركه ويُثاب فاعله ، وليس الكمال المستحب الذى يُثاب فاعله ولا يأثم تاركه ، لما نقول أصل وكمال : كلمة كمال الإيمان عرفنا أنها الأعمال التى من تركها لا يكفر ، وأصل الإيمان الأمور ( عقائدية - قوليه - عملية ) من تركها كفر 00 كلمة كمال دائماً نسمع أنها شيء كامل أى تحسينى 00 لا 00 لابد أن تعرف أن الكمال نوعين 0 لكن كلام العلماء الذى تقرأه فى أى مكان ويقول هذا من أصل الإيمان وهذا من كمال الإيمان 0 المقصود بكمال الإيمان ( الأصل فى كلامهم ) هو ما يُثاب فاعله ويأثم تاركه لأنه واجبات ، لو قلنا أن الزكاة والصيام من كمال الإيمان ومعروف أن ترك الزكاة مهلك ومتوعد عليها بأن يُحمى - والعياذ بالله - على الأموال والكنوز التى إكتنزوها فى نار جهنم وتكوى بها جباههم وجينوبهم والعياذ بالله 0 وهذا ليس معناه أن ترك الزكاة شيء تكميلى أو تحسينى لأننا التحسين والتكميل لا يُعاقب عليه 0 مثل المستوى الرفيع تأخذ عليه درجات ولو سقطت لا يُخصم منك لكن هناك سقوط ونجاح هذه أصل المادة ، وفيه أشياء ترفدك تُخرجك نهائياً 00 والإيمان كذلك ولله المثل الأعلى 00

هناك أمور تُخرج الإنسان وهناك أمور تـُرسبه وإن كان لم يخرج ومازال أسمه فلان لكنه بليد لكن لم يخرج وهناك أشياء عبارة عن درجات تجعله يعلو ويكون من الأوائل الســابقين ولذلك يقول ربنا " ثم أورثنا الكتاب الذين إصطفينا من عبادنا " ( منهم صاحب ملاحق سماه ظالم لنفسه مع أنه سماه من عبادنا أى لم يكفر مازال موجود فى حظيرة الإيمان ، ومنهم من أخذ جيد لا هُم ضعاف ولا هُم أوائل ( منهم مقتصد ) ومنهم الأوائل ( ومنهم سابق بالخيرات ) هذا التقسيم قائم على الأصل أم على الكمال؟ على الكمال ، لأنه لو كان قائم على الأصل كان سيكون فمنهم كافر ومنهم مؤمن ، كما قال فى آية أخرى ، هذا على الأصل ، أما على الكمال : فمنهم بالملاحق ومنهم من ليس بالأوائل لكن مضبط نفسه مقتصد ، وهناك الأوائل اللهم يعلينا عنده ويرفعنا فى الإيمان خير ما يرفع فيه العبد الإيمان
" يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات " أرفع مرتبتين يرتفع فيهما العبد الإيمان والعلم هما هذان الوظيفتان الذان من رضا الله عز وجل على عبده يرفعه فيهما إن كان صاحب علم يزيده ، وإن كان صاحب إيمان يزيده ، قد يكون أمى وليس بصاحب علوم ولا قراءة وفهوم ولكن صاحب إيمان وتقوى فتجده مرفوع الذكر فى الإيمان ويعلو وإن كان ليس عنده علوم ، وتد آخر عنده العلم وعنده الفهم فيفتح الله عليه ويرفع ذكره ويندى أسمه فى الخلق بالعلم ، هذه مسائل ينبغى أن تفهمها وتعرف ما معنى كمال لأننا دائماً نسمع : أصل وكمال .. كمال مين ؟ كمال إبراهيم ؟ لا كمال واجب.

خلاصـــة : مذاهب الناس فى الإيمان تتلخص فى ما يلى : -
1) الجهمية ـــــــــ التصديق فحسب
2) الكرامية ــــــــ الإقرار فحســـب
3) عموم المرجئة ـــــ تصديق وإقرار
4) أهل السُــــــنة ــــــ اعتقاد وقول وعمل ( العمل شرط كمال على الغالب )
5) الخوارج والمعتزلة والشيعة ــــ اعتقاد وقول وعمل ( العمل شرط صحة )
ملحوظة :
• الجهمية والكرامية والمرجئة : هؤلاء كلهم مرجئة ولكن يسمونهم مرجئة وغلاة المرجئة لم يقولوا المرجئة يقصدون بها عموم المرجئة وغلاة المرجئة يقصدوا بهم الكرامية ، أما الجهمية وإن كانوا من المرجئة ولكن لأنهم أفحش مذهب وأشنع من تكلم فى مسائل الإيمان فدائماً يُقال عليهم الجهمية لكن الثلاثة أصولهم ترجع إلى المرجئة 0

• لا تتعجب عندما يقال مثل ابن تيمية وابن حزم من الذين يفصلون يقولون المرجئة ثلاث أقسام ويذكر ما عند الجهمية والكرامية والمرجئة 0 ولذلك بعض الناس لما يتكلموا فى الإيمان يقول اختلف الناس فى الإيمان على ثلاث مذاهب( المرجئة -أهل السنة - الخوارج) التفصيل فى الكلام العلمى والمناظرات فى إثبات أن الأعمال من الإيمان دائماً يتكلموا عن الثلاث مذاهب 0
ما معنى الأعمال شرط كمال ، وما معنى الأعمال شرط صحة ؟

• معنى الأعمال شرط صحة : أى يُشترط لكى يكون إيمانه صحيح أن يأتى بالأعمال 0

• ومعنى الأعمال شرط كمال : أى يُشترط لكى يكمل إيمانه أن يأتى بالأعمال 0

ما هى الأعمال ؟
الأعمال هى : العمل منه قول اللسان وفعل الجارحة ، العمل ( قول اللسان - فعل الجارحة) .
• الخوارج والمعتزلة والشيعة قالوا أن أى أمر يأمر به ربنا - ما معنى أمر ؟ يعنى أقيموا الصلاة ، أتوا الزكاة، كتب عليكم الصيام ، قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ، لا تقربوا الزنا ، إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه 000 الخ سواء التى جاءت فى الكتاب أو السنة، قالوا : إن الأعمال التى جاءت كلها يشترط أدائها لصحة الإيمان فجعلوا الباب مثل العمود مثل القاعدة الخرسانية مثل النافذة كله مثل بعضه لو نزعت نافذة كأنك نزعت عمود فيكفروا بالمعصية فلو واحد فعل معصية بمعنى ترك أمر بمعنى ترك عمل يكفر هذا معنى شرط صحة 0

• أهل السنة يقولوا : لا العمل الذى لم يقل الشرع أنه كفر ويبين أنه عمود مثل الشهادتين مثلا ً يصير أبواب ونوافذ وإن كانت فى المبنى مهمة لكن لو خُـلعت لا ينهدم المبنى لكن المبنى يخرب ، ينقص ، فنقول فلان دينه خرب عنده دين لكن خربان ، عنده دين ناقص كأن يكون زانى ، سارق ، مرتشى ، كذاب ، عاقا لوالديه ، متطلع للعورات ، مرابى ، يأكل حرام ، كل هذا نقص يقول لك هذا مبنى خربان لاباب ولا نافذة والبلاط مخلوع لكن المبنى موجود فدين العبد منا يأخذ هذه الصور 0 مثلا ً شخص يأخذك لتسكن فى بيت فتجده بدون أبواب ولا نوافذ ولا بلاط ولا صنبور 00 تجد نفسك تجرى ، خربان هكذا بعض الدين منا خربان بنفس الصورة لكن المبنى نفسه موجود لكن المكملات مفقودة طبعاً فقد المكونات أو خراب المبنى ليس على صورة واحدة هناك شخص كل الأمر أن باب الشقة منزوع والبلاط موجود وكله ، وشخص آخر الباب والنوافذ و الباقى موجود ، وشخص ثالث الباب والشباك والبلاط ، إذن خراب الدين ونقصه على درجات لا يحصيها إلا الله وجود هذه الأعمال الأبواب والنوافذ والبلاط 000 الخ التى هى الصيام والزكاة والحج وبر الوالدين والإحسان إلى الجيران هذه هى الأبواب والنوافذ والبلاط التى تكمل المبنى ، إذن وجودها شرط لكمال المبنى إلا بعضها مثلها مثل الأعمدة : مثل الصلاة والشهادتين لو لم يقل شخص الشهادتين كان البيت منهدم لكن غالبها أبواب ونوافذ وبلاط 00 الخ أى أن غالبها مكمل ، وهذا الذى جعل أهل السُـنة يقولون أن الأعمال شرط كمال 0
هل فهمت ما معنى شرط كمال ؟

• أى أن الإنسان لديه خراب فى دينه بقدر ما يترك من الأعمال ، ولديه زيادة وتكميل فى دينه بقدر ما يعمل من أعمال ، فلو شبهت دينك بالمبنى تستطيع أن تعرف مدى الخراب الـــذى فيه لماذا ؟ بحيث إذا جعلت كل عمل بمثابة جزء مكمل من المبنى وليس من الأساسات فتقول : أولا ً لا أدفع زكاة - أى أن الباب منزوع ، ثانيا : لايوجد صيام - أى هذا الباب الثانى ، ثالثا ً : ليس عندى بر والدين : إذن النافذة الأساسية منزوعة ، رابعاً :ليس عندى إحسان إلى الجيران : فالباب الثالث مخلوع ، خامسا ً : ليس عندى مال حلال إنما آكل ربا هذا البلاط منزوع 000 وهكذا ، وهو فى النهاية أسمه مسلم لم يكفر لكن هناك نقص شديد شديد والمبنى إذا نُزعت أبوابه وشبابيكه إذن الهدم له قريب لأنك تفك فيه جزء ، ولذلك المعاصى بريد الكفر 0 أصحاب الكبائر قريبين من الكفر : البيت ممكن يقع بسهولة لأن حياتهم خربانة ، أصحاب الطاعات مثل الذين يرمموا كلما سقطت جزئية يرمّـها حتى لو كان باب مخلـّـع أو نافذة مكسورة لكن هو يرمم 0 وأصحاب الإحسان والبر بيوتهم حسنة تشعر أنه منور ويشرح الصدر من كثرة الطاعات ، لكن فى الغالب أن كل بيوتنا تحتاج الى أن تذهب البلدية - نسأل الله العافية والسلامة ونسأل الله أن يُصلحنا 0

المهم أن تعرف أن هذا التركيب مهم جداً 00
1) الجهمية 2) الكرامية 3) عموم المرجئة : لا يدخلون الأعمال فى الإيمان لأن آخر ما عندهم الذين هم عموم المرجئة هو تصديق وإقرار0
4) أهل السـُنة 5) والخوارج والمعتزلة والشيعة : يدخلون الأعمال فى الإيمان 0
4) أهل السنة يدخلون الأعمال فى الإيمان على وجه الكمال إلا ما دل الدليل أنه شرط صحة
5) الخوارج والمعتزلة والشيعة : يدخلون الأعمال فى الإيمان على أنها شرط فى صحة الإيمان 0
[ اعلم أن للعلم مرارة لأتذوق حلاوته إلا إذا ذقته ، تصبر على مرارته ثم تجنى بعد ذلك منه حلاوة شديد أسأل الله أن يعلمنى وإياك فأصبر ولا تيأس فنحن نحاول أن نُـبسـّـط لتفهم فنحن لا نكتب إحصاء بحيث تكتب دون أن تفهم أو تقول معادلات لا أفهمها ، لا ذها كلام سهل وبسيط وكلما وجدت أنك لا تفهم لا ترمى الكراسة لكن شـغّـل الفهامة ولا تيأس 00 ]
الفارق بين ( أهل السـنة ) و ( الخوارج والمعتزلة والشيعة ) : -

• لما يسأل شخص ويقول : الخوارج يقولون الإيمان اعتقاد وقول وعمل ، وأهل السنة يقولون الإيمان اعتقاد وقول وعمل فما الفارق ؟
• لابد أن تفهم هذا الفارق أن الخوارج يعتبرون الأعمال شرط صحة ، لذلك يروا أن تارك أى عمل أى أمر قد كفر ولذلك أصحاب الكبائر عندهم كفار 0
• أهل السنة يقولون : أصحاب الكبائر دينهم ناقص وليسوا كفار ، لو زنى لا يكون كافر ، لو سرق لا يكون كافر ، لو أخذ شوة لم يكن كافرا وإن كان خلع من المبنى أشياء وخرّب المبنى وإن كان المبنى مازال موجود فإذن الفارق بينهما هو : -
1) أن الإيمان عند أهل السنة يزيد وينقص ، بينما الخوارج والمعتزلة والشيعة عندهم الإيمان كلُُ لا يتجزأ.. ماذا يعنى هذا ؟ الخوارج يقولون الإنسان إما مؤمن وإما كافر أهل السنة يقولوا : إما مؤمن ، إما ناقص الإيمان ، إما كافر 0
2) الناس عند (1) و (2) و (3) و (5) إما مؤمن كامل الإيمان وإما كافر ، بينما الناس عند أهل السنة عند (4) مؤمن كامل الإيمان ، مؤمن ناقص الإيمان ، كافر . إذن أهل السنة فقط هم الذين جعلوا الناس ثلاث مراحل لكن الجهمية والكرامية وعموم المرجئة ، الخوارج والمعتزلة والشيعة جعلوا الناس إما مؤمن كامل أو كافر على تفصيل فيما بينهم فى أشياء تفريقية لا تسعنا كمبتدئين 0 كالتفريق بين الكبيرة واعتقادها ، وعدمها والصغيرة وهل هذا فى الصغائر فقط أم الصغائر والكبائر أم الكبائر فقط ، وهل يسمى صاحب الكبيرة كافر أم لا والمعتزلة يسمونه فاسق لكنهم يروا له الوعد والوعيد ، موضوعات نظرية بسطوها فى مواطن بحثها لكن لا تهمنا نحن كمبتدئين 0 لكن إحتياجنا لمعرفة أصول المخالفين هى أحد أسباب تأصيل مذهب الحق ، نحن لا ندرس دراسة متخصصة فى معرفة مذاهب المخالفين إنما يهمنى أن يتأصل عندى مذهب الحق ، وفى كثير من الأحيان تحتاج لمعرفة مذهب الحق أن تتعرض للمذهب المخالف حتى يتأصل عندك المذهب الحق0

الرد على الكــــرّاميــــة
• تعرضنا للرد على الجهمية عندما تكلمنا عن الإيمان وقلنا : خبر ـ ثم قبول ـ ثم تصديق وأن القبول نوع من التصديق لكن لو لم يكن معه انفعال قلب لا يصلح ، وقلنا أن لفظ الإيمان أكبر من لفظ التصديق وأنه يتعدى آمنا له وآمنا به 0 المهم أن هذه الجزئية تعتبر رد على الجهمية لكن الذين قالوا أن الإيمان هو القول وهم الكرامية والحقيقة أنهم مشكلتهم إفهم أنهم وقفوا عند بعض العمومات التى يمكن أن يعترض بها البعض قالوا إن الله سبحانه وتعالى قال : " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً 00 " وبالتالى فالإيمان هو الكلمة لأنه قال لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ، والسلام كلام سواء أنهم تأولوا السلام على أنه الاستسلام أو بمعنى التحية ، والصحيح أنه بمعنى التحية لكن كانت عنوان الإسلام وأيضاً قالوا : أ ن النبى صلى الله عليه وسلم قال : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة فإن هم فعلوا عصموا منى دمائهم وأموالهم وحسابهم على الله "0
وإن كان النص نفسه فيه قرينة ترد ما عندهم وهى قول وحسابهم على الله إلا أنهم غفلوا عن هذه القرينة وقالوا : لم يقاتل النبى صلى الله عليه وسلم الآخرين إلا على الكلمة وبالتالى فالإيمان هو الكلمة 0 وأشياء أخر أريدك أن تفهمها ما لذى يجعل الجهمية يقولون بما قالوه والكرامية يقولوا بما قالوه والخوارج يقولوا بما قالوه ؟ فى القرآن عمومات وفى القرآن مخصصات وفى القرآن إطلاقات وفى القرآن مقيدات فمن أخذ بالعمومات دون المخصصات وقع فى شطط بعيد ، كنت فى الماضى عندما كنت أتعلم وأسمع هذا الكلام كنت أتعجب وأقول لماذا قالوا بهذا والقرآن أمامهم خاصة أن الإنسان قبل أن يتعلم ويُخالط المتعلمين يستقر عنده قول الحق ولو إجمالاً 0 فأنت قبل أن تحضر هذا الدرس عقيدتك صحيحة ولو إجمالاً صحيح أنك فى التفضل والعلم لا يوجد لكن إجمالا تعرف أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل وأن الكبائر لا يكفر صاحبها كلام بالإجمال لكن لما تقرأ فى أى كتاب أو تتعلم وتعرف أن الجهمية قالوا كذا والكرامية قالوا كذا 000 يحدث عندك نوع من الاستفهام الشديد لماذا قالوا بهذا والقرآن موجود والآيات موجودة ، أنت تتعجب لأنك فاهم الحق لكن هو لما تعامل لم يتعامل بعد أن تعلم الحق 0 هو تعامل مع المسألة من الأول بهوى فوقف بنظرته الضالة على بعض العمومات مثل ما نقول فى الكرامية يقف على بعض العمومات ويعتبرها الأصل ويقول هذا هو الدليل مثل الجهمية " وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين " هل هم عموا عن باقى الآيات ؟ لماذا هذه الآية فقط ؟ والآية طبعاً لا شىء فيها لكن هم قالوا :" وما أنت بمؤمن " أى بمصدق فالإيمان هو التصديق ، والكرامية : مسكوا فى هذه الآية وغيرها والحديث وقالوا : الإيمان هو الكلمة 0 وعموم المرجئة :
وبالذات قول أبى حنيفة وهذه سوف يأت لها تفصيل بعد ذلك والماتردية : ما الذى جعلهم
قالوا : إن الإيمان هو التصديق والقول ولم يُدخلوا العمل ؟ قالوا : مامن موطن إلا ويقول الله تعالى : [ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ] فجعل الإيمان غير العمل( شبهة ) فظنــــــوا أن الإيمان هو التصديق والإقرار والعمل شىء آخر فلم يجعلوه من الإيمان 0 هــذا هــــــــو ســببها 0

الخوارج : قالوا : إن الله تعالى سمى هذه الأعمال " إيمان " والإيمان ضده كفر ، ومن ترك الإيمان كفر 0 قالوا : عندنا أمرين :
1) أن الله تعالى سمى هذه الأعمال "إيمان" [ إنما المؤمنون الذين إذا ُذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تـُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون 0 الذين يُقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا ً ] فضلاً عن النصوص الأخرى التى نفت الإيمان عن مخالف العمل كقول النبى عليه الصلاة والسلام: { لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ، لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن } فقالوا نفى عنه الإيمان وســماها إيمان والإيمان ضد الكفر ومن ترك الإيمان كفر ولما خاصموهم قالوا : هذا هو أى معصية كفر قال تعالى : ( بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) 0 بلى من كسب سيئة إذن من يعمل سيئة أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون0
ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده فإن له نار جهنم خالداً فيها 0 يعصى أى يفعل معصية فالجهمية لهم حجتهم والكرامية لهم حجتهم 0 سائل يقول : طيب هو فعلاً كلامهم صحيح بالمناقشة0 هذا الكلام مضبوط بغمضة عين لكن حين تفتح عينيك تجده باطل 0 كيف ؟ هذه عمومات إذا أنزلتها على مخصصها مثل قوله تعالى :{ إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء } عُرف أن السيئة فى الآية والمعصية فى الآية الثانية متى يكون الخلود فى النار ؟ الشرك وأن مادون الشرك لا يستوجب الخلود فى النار وحتى ما استدلوا به من وصف الأشياء بالإيمان عرف أنها مكملة بدليل أن العقوبات والمخالفات حتى مثلا حديث " لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن " فى الحديث من حديث أبو هريرة عند البخارى أتانى آت فبشرنى وفى لفظ أخبرنى أن من شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه دخل الجنة 0 قال : يا رسول الله وإن زنا وإن سرق ؟ قال وإن زنى وإن سرق ، قال :
وإن زنى وإن سرق ؟ قال : وإن زنا وإن سرق 0 وكان المعارض له أبو ذر فقال له : رغم أنف أبو ذر ، لكن فى رواية البخارى من رواية أبو هريرة 0
المهم : إن هذا يهدم بالخصوص فالنصوص الأخرى تبين 0 والجهمية فى التصديق عرفنا أن لفظ الإيمان يدخل فيه الأعمال وأنه هناك آمنت به وآمنت له ، وأنه ليس مجرد تصديق بل هو أعم من التصديق وجعله الشرع يدخل فيه الأقوال والأعمال وسمى الأعمال إيماناً وسمى الدين كله عمل كما فى قوله تعالى : [ تلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون ] .
فائدة : - الرد على الكرامية وإثبات مذهب أهل السنة :

• أننا لما نرد على الكرامية أو الجهمية أو الخوارج هل هذا ما نريد أن نتعلمه الرد على الخوارج والكرامية والجهمية أم نريد أن نتعلم مذهب أهل الحق ؟ نتعلم مذهب الحق 0
• وبالطبع وبالضبط تظهر أشياء وإبطال المخالف إقامة للموافق نحن نبطل مذاهب الباطل بدليل الشرع لتعميق مذهب أهل السنة 0
• قال القرطبى عند بيان آية البقرة 8 عند قوله تعالى :{ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين } قوله وما هم بمؤمنين فيه رد على الكرامية حيث قالوا أن الإيمان قول باللسان وإن لم يعتقد بالقلب واحتجوا بقوله تعالى : { فأثابهم الله بما قالوا } المائدة 85 قالوا : ربنا بيقول فأثابهم الله بما قالوا إذن المطلوب هو الكلام فقط ولم يقل بما قالوا وأضمروا أى اعتقدوا ، واستدلوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم 00 } وهذا منهم قصور وجمود أى الاستدلال بالآية والحديث وما فى معناها وترك نظر أى ترك التفكر والفهم لما نطق به القرآن والسنة من العمل مع القول والاعتقاد أنتبه هو يرد عليهم بالآية { ومن الناس من يقولوا آمنا } لو كان الإيمان هو القول فلا يقال وما هم بمؤمنين كيف أنهم أتوا بحد الإيمان وكيف وما هم بمؤمنين ؟ لإذن هذا هدم بيـــّـــن لمذهبهم لأنهم أتوا بالكلمة لكنهم لم يأتوا معها ببقية الشروط فإنهدم 0

" ومن الناس من يقولوا آمنا بالله واليوم الآخر " إذن هم قالوا أشهد أن لا إله إلا الله وأؤمن باليوم الآخر والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم إنتهى قالوا وخلاص 00
ورغم أنهم بيقولوا قال الله تعالى وماهم بمؤمنين ، لم يقل لأنهم إمتنعوا عن القول إذن نفى عنهم الإيمان مع قولهم إذن هذا دليل قاطع على أن الإيمان ليس كلمة فما ذهب إليه 00
"ما" هنا موصولة بمعنى الذى أى فالذى ذهب إليه حتى لا يعتقد أحد أنها نفى فيختلط عليه الكلام فما ذهب إليه محمد بن كرام السجستانى الذى هو إمام الكرامية وأصحابه هو النفاق وعين الشقاق ونعوذ بالله من الخزلان وسوء الاعتقاد 0 وقال الطبرى فى آية البقرة 45
بدلاً من ذكر الصفحات لأن الطبعات تختلف فالإحالة لها طرق : -
أ - إما بذكر الجزء والصفحة 0
ب - وإما مع كتب السنة ذكر الباب وبالتالى اختلاف الطبعة لا يضر لأن الأبواب لن تختلف قال عند بيان الآية 45 من سورة البقرة وذلك أن الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح فمن لم يصبر على العمل بجوارحه لم يستحق الإيمان بالإطلاق ( بالكمال) وهذه مناسبة أن نعرف عبارة دائما يذكرونها فى العقيدة ، يذكرونها فى كل قضاياها سواء فى الكفر ، الإيمان ، فى الشرك ، عبارة مشهورة الإيمان المطلق ومطلق الإيمان 0
ما الفرق بين الشيء المطلق ومطلق الشيء ؟
مطلق الشيء : جنسه والشيء المطلق : الكامل

• مثال : إذا قلت لك احضر لى أى طعام فهذا أسمه مطلق الطعام فلو قطعة خبز بدون أدم تسمى مطلق الطعام لأنها من جنس الطعام ، لكن لو قلت احضر لى أكمل الطعام وأحسنه فيكون هذا الطعام المطلق الذى جمع كل صفات الكمال فى الطعام ، فلما يقال مطلق الإيمان يكون أى شيء من الإيمان : تسبيحة ، تهليلة ، سجدة ، هذا يسمى مطلق الإيمان 0 لما نقول الإيمان المطلق أى الإيمان الكامل لو شخص ترك الأعمال لم يكن مستحق الإيمان بالإطلاق فلا يقال عليه مؤمن كامل 0

• فالصبر على العمل بالشرائع نظير الرأس من الجسد للإنسان 0 بمعنى لو نزعت رأس الإنسان من جسده والذراعين موجودة والجسد موجود سيموت بالطبع ، ولذلك يقول : لو تركتم الأعمال ويقصد أعمال القلوب والجوارح فهم دائماً يعرفون الإيمان يقولون : الإيمان قول وعمل وهذا كلام السلف القدامى ، أما المتأخرون فهم يُعرفون الإيمان بالعبارة المشهورة عندنا : الإيمان اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان ، والبخارى يقول قابلت فى الأمصار أكثر من ألف رجل كلهم لا يختلف أحد منهم على أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص 0 أين الاعتقاد ؟ كل القدامى كانوا يقولون قول وعمل ولم يكونوا يقولون اعتقاد وقول وعمل ، يقصدوا بالقول : قول القلب واللسان ، ويقصدوا بالعمل : عمل القلب واللسان ، ونحن قلنا فيما سبق أن القلب له قول وعمل :
* قول : وهو القبول تصديق المعرفة
* عمل : وهو انفعال القلب
* اللسان له قول ، الجوارح لها عمل

• فكانوا يغطوا المعنى باللفظين ولذلك لا تتعجب عندما تسمع هذه العبارة ، والبخارى بـّوب أول باب فى الإيمان باب ( بُنى الإسلام على خمس والإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) هذه مقولة السلف لكن نظراً لقلة فهمنا وضحوا لنا العبارة وقالوا مبينين : اعتقاد وقول وعمل حتى لا نقول قولوا عمل إذن لا يوجد اعتقاد 0 لأنهم لما قالوا : الإيمان قول وعمل أدخلوا الاعتقاد مرتين بالقول والعمل قالوا قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح0 قال الأصفهانى فى مفردات ألفاظ القرآن : ويقال لكل واحد من الاعتقاد والقول الصدق والعمل الصالح إيمان 0

• وهذه فائدة جميلة جداً ، نادرة ، هامة ، ما معنى ذلك ؟ القرآن والسنة ســمُّوا كل جزء من الإيمان إيمان وإن كان الإيمان الشرعى لا يقوم إلا بالثلاثة عما عرفنا ، لكن هنا لطيفة جميلة وهى بيان كيف أن الاعتقاد يسمى إيمان فى القرآن والقول يسمى إيمان والعمل يسمى إيمان : قال تعالى { وما كان الله ليضيع إيمانكم } البقرة 143 - أى صلاتكم إذن الشرع سمى العمل إيمان وهذه الآية مجمع على تفسيرها أن الإيمان فى هذه الآية هى الصلاة ، وهذه الآية لها قصة وهى باختصار شديد : كان المسلمون يصلون فى أول الأمر إلى بيت المقدس موافقة ً لليهود ثم شرع الله سبحانه وتعالى التميز للمسلمين فى كل شأنهم حتى ميـّزهم بقبلتهم فأمرهم أن يصلوا إلى البيت الحرام ، فقال بعض الصحابة : كيف بإخواننا الذين صلوا ببيت المقدس ؟ فأنزل الله تبارك وتعالى :" ما كان الله ليضيع إيمانكم " أى صلاتكم إلى بيت المقدس 0 وجعل الحياء وإماطة الأذى من الإيمان ، طيب الحياء شيء فى النفس وإماطة الأذى شيء محسوس عملى كما قال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم وغيره { الإيمان بضع وسبعون شعبة وأفضلها قول لا إله إلا الله 0 وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان } هكذا سمى الاعتقاد والعمل 0 طيب والتصديق ؟ أيضاً يُسمى إيمان 0 وقال تعالى { وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين } قيل معناه بمصدق لنا أهـ .

فائدة :
• وهذا بين فى أن كل مكونات الإيمان تُسمى بدليل الشرع إيمان وفى ذلك أبلغ الرد على المرجئة بطوائفها ( الجهمية - الكرامية - عموم المرجئة ) نقرأ من صــ 136 فى الكتاب هو جمعهم فى صفحتين ما قلناه نحن فى درسين فقد أجملهم ونحن قد فصلناهم فيقول :
تلك هى الأمور التى يجب أن نؤمن بها ، يُشير هنا إلى الأركان حيث أنه بدأ بها ، ووصلاً للكلام قال تلك هى الأمور التى يجب أن نؤمن بها 0 ولكن ما معنى الإيمان بها ؟ إذن سيذكر فى الصفحتين القادمتين معنى الإيمان التى كتبنا فيها هذه المقدمات وكيف يكون ؟ وما الشيء الذى يصدق عليه هذا الاسم ؟ طبعاً معنى الإيمان عرفناه أليس كذلك ؟


..........يتبع.....تابعوا معنا.......

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-08-2008, 05:39 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي



ما شاء الله كلام جميل جدا

بارك الله فيك على الموضوع المتميز
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-08-2008, 05:45 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

جزاك الله خيرا
اشكر لك مرورك وقراءتك
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-20-2012, 01:13 AM
أم سُهَيْل أم سُهَيْل غير متواجد حالياً
" منْ أراد واعظاً فالموت يكفيه "
 




افتراضي

رحمكِ الله ياأمي وغفر لكِ ورفع قدركِ ويمن كتابكِ وأثقل ميزانكِ
وجعل الفردوس الأعلى داركِ ومستقركِ من غير حساب ولا سابقة عذاب
اللهم آآآآآآآآآآآآآمين
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 10:31 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.