انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-18-2015, 10:34 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي عقيدة السلف والأئمة الأربعة

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

أخرج الترمذي وأبو داود والإمام أحمد والحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك و تعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم مَنْ في السماء“.. وإسناده صحيح.. وكذلك أخرجه الطبراني في الكبير بلفظ: ”ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء“.. وروى ذلك اللفظ الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه..

وأخرج مسلم في صحيحه.. والإمام مالك في الموطأ وغيرهما.. أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الجارية: ”أين الله؟“ فقالت: «في السماء».. قال: ”من أنا؟“.. قالت: «رسول الله».. فقال لصاحبها: ”أعتقها فإنها مؤمنة“.. وقد تقدم ذكر معنى كون الله في السماء.. أي فوق السماء.. أو معناه أن الله في العلو..

وأخرج البخاري ومسلم وأحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”ألا تأمنوني وأنا أمين مَنْ في السماء؟ يأتيني خبر السماء صباحًا ومساء“..

وأخرج ابن ماجة بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قال: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يُعرج [أي يُصعد] بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقول: فلان، فيقال: مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله تبارك وتعالى..“..

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه، فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها“..

وأخرج البخاري عن أنس بن مالك قال: «فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: (زوجكن أهاليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات)..».. انتهى من صحيح البخاري..

وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ”لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي“..

وقد أخرج ابن أبي شيبة بإسناد صححه الذهبي وابن القيم أن حسان بن ثابت أنشد النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً:
«شهدت بإذن الله أن محمدًا رسول الذي فوق السموات من عل، وأن أبا يحيى ويحيى كلاهما له عمل في دينه متقبل، وأن أخا الأحقاق إذ قام فيهم، يقول بذات الله فيهم ويعدل»..

وأخرج النسائي في السنن الكبرى بإسناد صحيح أو حسن على أقل تقدير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن معاذ: ”حكمت فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سموات“..

وفي حديث المعراج المشهور: ”فأوحى الله إليّ ما أوحى، ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم و ليلة; فنزلت إلى موسى فقال: (ما فرض ربك على أمتك؟) قلت: خمسين صلاة قال: (ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم) فرجعت إلى ربي فقلت: يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا..“ الحديث.. وفيه دليل على علو الله عز وجل..

وفي حديث الملائكة السياحين المشهور.. رواه البخاري ومسلم وأحمد.. وفيه: ”فإذا تفرقوا عرجوا أو صعدوا إلى السماء فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم: من أين جئتم؟“..

وأخرج البخاري عن أبي هريرة عن النبي: ”من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يصعد إلى الله إلا طيب، فإنها يتقبلها بيمينه ويربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل“.. ويدل على علو الله جل وعلا..

وفي حديث الشفاعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي“.. ويدل أن الله سبحانه فوق العرش..

وفي الحديث الذي رواه مسلم: ”أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء“..

وفي حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم عرفة: ”ألا هل بلغت“.. فقالوا: (نعم).. يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إليهم ويقول: ”اللهم اشهد“..

وفي الحديث المشهور: ”إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه يدعوه، أن يردهما صفرًا ليس فيهما شيء“.. وهو صحيح..

إليكم الآيات التي استدل بها العلماء على علو الله على خلقه.. وكونه جل وعلا فوق عرشه فوق سماواته.. وفيها الكفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

الآية الأولى: قوله تعالى: ï´؟..ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ..ï´¾ ووردت في أكثر من موضع، وقوله تعالى: ï´؟الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىï´¾:

قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسير الآية الأولى: «وأما قوله: ï´؟ثم استوى على العرشï´¾ فإنه يعني: علا عليه».. وذلك في تفسيره لسورة الرعد..

وأما الآية الأخرى.. فقال فيها: «وقوله: ï´؟الرحمن على العرش استوىï´¾ يقول تعالى ذكره: الرحمن على عرشه ارتفع وعلا».. وذلك في سورة الرحمن..

وروى البخاري في صحيحه عن مجاهد أنه قال: «استوى: علا على العرش».. ففسر استواء الرب على عرشه بالعلو.. وذلك في كتاب التوحيد من صحيح البخاري.. باب: ï´؟وكان عرشه على الماءï´¾..

وأخرج اللالكائي عن بشر بن عمر أنه قال: «سمعت غير واحد من المفسرين يقولون ï´؟الرحمن على العرش استوىï´¾ على العرش استوى: ارتفع».. وإسناده صحيح.. وبشر بن عمر هذا ثقة جليل روى له البخاري ومسلم وباقي الستة.. توفي بالبصرة عام 207هـ..

الآية الثانية: قال تعالى: ï´؟أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور.. أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبًاï´¾:

قال ابن جرير الطبري المفسر المشهور: «وهو الله».. وذلك في تفسيره لهذه الآية..

وقال البيهقي في كتاب الاعتقاد: «وقال ï´؟أأمنتم من في السماءï´¾ وأراد: مَنْ فوق السماء، كما قال ï´؟ولأصلبنكم في جذوع النخلï´¾ يعني على جذوع النخل، وقال ï´؟فسيحوا في الأرضï´¾، يعني على الأرض، وكل ما علا فهو سماء، والعرش أعلى السماوات، فمعنى الآية والله أعلم: أأمنتم مَنْ على العرش كما صرح به في سائر الآيات»..

ولقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الجارية: ”أين الله؟“ فقالت: «في السماء».. وهذا في صحيح مسلم.. ورواه غيره أيضًا..

ومعنى كونه تعالى في السماء أي: على السماء أو فوق السماء.. وهذا مشهور في لغة العرب.. ومثال ذلك قوله تعالى: ï´؟قل سيروا في الأرضï´¾ أي: على الأرض.. وقوله: ï´؟ولأصلبنكم في جذوع النخلï´¾ أي: على جذوع النخل..

أو أن تكون السماء بمعنى العلو.. فإن كل ما علاك فهو سماء.. فيكون معنى كون الله في السماء أي في العلو.. وكلا التفسيرين صحيح وهما بنفس المعنى..

الآية الثالثة: قال تعالى: ï´؟إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعهï´¾:

قال ابن جرير الطبري: «وقوله ï´؟إليه يصعد الكلم الطيبï´¾ يقول تعالى ذكره: إلى الله يصعد ذكر العبد إياه وثناؤه عليه»..

الآية الرابعة: قال تعالى: ï´؟يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليهï´¾.. والعروج هو الصعود..

الآية الخامسة: قوله تعالى: ï´؟تعرج الملائكة والروح إليهï´¾:

قال ابن جرير الطبري: «وقوله: ï´؟تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنةï´¾ يقول تعالى ذكره: تصعد الملائكة والروح -وهو جبريل عليه السلام- إليه، يعني إلى الله عز وجل، والهاء في قوله ï´؟إليهï´¾ عائدة على اسم الله، ï´؟في يوم كان مقداره خمسين ألف سنةï´¾ يقول: كان مقدار صعودهم ذلك في يوم لغيرهم من الخلق حمسين ألف سنة، وذلك أنها تصعد من منتهى أمر من أسفل الأرض السابعة إلى منتهى أمره من فوق السموات السبع»..

الآيتين السادسة والسابعة: قوله تعالى لعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام: ï´؟إني متوفيك ورافعك إليّï´¾، وقوله تعالى: ï´؟بل رفعه الله إليهï´¾..

الآية الثامنة: قوله تعالى: ï´؟وهو القاهر فوق عبادهï´¾..

الآية التاسعة: قوله تعالى: ï´؟يخافون ربهم من فوقهمï´¾:

ويمتنع حملها [أي الآية] على علو القهر أيضًا؛ إذ أن العرب إذا وضعت حرف الجر (من) قبل كلمة (فوق) دل ذلك على الفوقية الحقيقية، كقوله تعالى: ï´؟فخر عليهم السقف من فوقهمï´¾.. ومثله قول أم المؤمنين زينب بنت جحش (زوجني الله من فوق سبع سماوات) رواه البخاري..

الآية العاشرة: قوله تعالى حكاية عن فرعون: ï´؟وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب..أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباï´¾:

ففي هذه الآية يحكي الله عن فرعون -لعنه الله- أنه يكذب موسى صلى الله عليه وسلم أن إلهه في السماء.. وهذا معناه أن موسى عليه الصلاة والسلام قد أخبره أن ربه في السماء..

يقول ابن جرير الطبري: «وقوله: ï´؟وإني لأظنه كاذباï´¾ يقول: إني لأظن موسى كاذباً فيما يقول ويدعي مِنْ أن له في السماء ربًا أرسله إلينا، وقوله: ï´؟وكذلك زين لفرعون سوء عملهï´¾ يقول الله تعالى ذكره: وهكذا زين اللهُ لفرعون حين عتا عليه وتمرد قبيحَ عمله، حتى سولت له نفسه بلوغ أسباب السموات ليطلع إلى إله موسى».. انتهى من تفسيره عند هذه الآية..

فهذه الآية والله من أعظم الحجج الدامغة على كون الله فوق سماواته على عرشه.. ومن كابر بعد ذلك فهو كفرعون حين قال: وإني لأظنه كاذبًا..! ومن تلقى ذلك بالقبول والتسليم لرب العالمين وأيقن بما جاء به موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام فهو المؤمن حقًا..

لمن يزعم أننا خالفنا السلف الصالح.. هذه نقول عن العلماء والأئمة من السلف الصالح تثبت أن الله فوق عرشه.. فوق سماواته.. وللتوسع راجعوا كتاب إثبات صفة العلو لابن قدامة.. وكتاب العلو للعلي الغفار للذهبي.. وراجعوا مصنفات أهل السنة في العقيدة بصفة عامة..

قول الإمام الأوزاعي:

والأوزاعي هذا من أئمة السلف الكبار.. توفي عام 157هـ.. وقال عنه الحافظ المزي: (إمام أهل الشام فى زمانه فى الحديث و الفقه).. وقال عبد الرحمن بن مهدى: (الأئمة فى الحديث أربعة: الأوزاعي، و مالك، و سفيان الثوري، و حماد بن زيد).. وقال أيضًا: (ما كان بالشام أحدا أعلم بالسنة من الأوزاعي).. وقال ابن حبان: (كان من فقهاء أهل الشام وقرائهم وزهادهم).. وقال النسائي: (إمام أهل الشام وفقيههم)..

وقد اهتممت بذكر ترجمته لأن مدافع عن الحق -زعم- ذكرت له ذات مرة الإمام الآجري.. فلم يعرفه.. فلهذا التزمت بإذن الله بترجمة كل من أنقل عنهم في هذا الباب..

يقول الإمام الأوزاعي: «كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله عز وجل فوق عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته».. قال ابن حجر الحافظ: (أخرج البيهقي بسند جيد عن الأوزاعي).. وذلك في فتح الباري..

قول مقاتل بن حيان:

قال عنه ابن حجر أنه صدوق فاضل.. وقال يحيى بن معين أنه ثقة.. وقال الذهبي أنه ثقة عالم صالح.. وقد ذكره السيوطي أيضًا في طبقات الحفاظ..

قال مقاتل بن حيان: «هو على عرشه وعلمه معهم».. ذكره عنه الحافظ الذهبي في كتابه العلو..

وقال الحافظ الذهبي: «وروى البيهقي بإسناده عن مقاتل بن حيان قال: (بلغنا والله أعلم في قوله تعالى: ï´؟هو الأول والآخرï´¾ هو الأول قبل كل شيء والآخر بعد كل شيء ï´؟والظاهرï´¾ فوق كل شيء ï´؟والباطنï´¾ أقرب من كل شيء، وإنما قربه بعلمه وهو فوق عرشه)..».. وإسناده ليس بذاك..

قول الإمام مالك بن أنس:

والإمام مالك لا يخفى.. فلذلك لن أترجم له..

صح عن الإمام مالك بن أنس أنه قال: «الله في السماء، وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء».. أخرجه ابن قدامة في كتابه إثبات العلو.. وأخرجه اللالكائي أيضًا.. وإسناده صحيح..

وصح عنه أنه قال: «الاستواء معلوم.. والكيف مجهول».. وهذه أخرجها جمع من الأئمة عنه.. واشتهرت جدًا.. حتى غدت قاعدة أهل السنة في صفات الله..

ويعقب الحافظ الذهبي قائلاً: «وهو قول أهل السنة قاطبة: أن كيفية الإستواء لا نعقلها، بل نجهلها، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نعمق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفيا ولا إثباتا، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقينا مع ذلك أن الله جل جلاله لا مثل له في صفاته ولا في إستوائه ولا في نزوله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا»..

قول حماد بن زيد:

وهو من الأئمة.. تقدم معنا ذكر قول عبد الرحمن بن مهدي: (الأئمة فى الحديث أربعة: الأوزاعي، و مالك، و سفيان الثوري، وحماد بن زيد).. وقال أيضًا: (ما رأيت أعلم من حماد بن زيد، ولا من سفيان، ولا من مالك).. وقال: (ما رأيت أحدا لم يكتب الحديث أحفظ من حماد بن زيد).. وكان رحمه الله ضريرًا.. وقال عنه ابن حجر: (ثقة ثبت فقيه).. وأثنى عليه الذهبي قائلاً: (الإمام.. أحد الأعلام)..

قال حماد بن زيد: «إنما يدورون [أي الجهمية وأضرابهم كالأحباش] على أن يقولوا ليس في السماء إله».. ذكر ذلك عنه البخاري في خلق أفعال العباد.. وهو صحيح عنه.. قال الذهبي: (هذا إسناد كالشمس وضوحًا وكالإسطوانة ثبوتًا عن سيد أهل البصرة وعالمهم).. وأخرجه ابن بطة في الإبانة كذلك..

قول جرير بن عبد الحميد:

قال عنه ابن حجر: (ثقة صحيح الكتاب).. قال عنه السيوطي: (القاضي.. أحد الأعلام.. وكان ثقة كثير العلم)..

وقال جرير بن عبد الحميد الضبي: «كلام الجهمية أوله عسل وآخره سم، وإنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله».. ذكره الذهبي.. وإسناده جيد كما قال الألباني رحمه الله..

قول الإمام شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك:

قال عنه المزي: (أحد الأئمة الأعلام و حفاظ الإسلام).. وقال ابن حجر: (ثقة ثبت فقيه جواد عالم مجاهد).. وقال عبد الرحمن بن مهدي: (ما رأيت مثله).. وقال النسائي: (لا نعلم فى عصر ابن المبارك أجل من ابن المبارك).. ولو تتبعنا ثناء الأئمة عليه لما انتهينا..

لما قيل لعبد الله بن المبارك: (كيف نعرف ربنا عزوجل؟).. قال: «في السماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض».. فقيل هذا لأحمد بن حنبل فقال: «هكذا هو عندنا».. أخرجه الدارمي وابن بطة وغيرهما.. وإسناده صحيح عنه..

وقال ابن المبارك أيضًا عن الجهمية: «..فإنهم يزعمون أن إلهك الذي في السماء ليس بشيء».. في سنده رجل لم يسمَّ..

قول عباد بن العوام:

وعباد هذا ذكره السيوطي في طبقات الحفاظ.. وقال ابن حجر هو ثقة.. قال عباد بن العوام: «كلمت بشرا المريسي وأصحابه فرأيت آخر كلامهم ينتهي إلى أن يقولوا ليس في السماء شيء».. وإسناده صحيح أو حسن على أقل تقدير..

قول سعيد بن عامر:

وهو عالم البصرة.. قال عنه ابن حجر: (ثقة صالح).. وقال قال زياد بن أيوب: (ما رأيت بالبصرة مثل سعيد بن عامر).. وذكره السيوطي ضمن الحفاظ..

قال عالم البصرة سعيد بن عامر عن الجهمية: «هم شر قولا من اليهود والنصارى، قد اجتمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين على أن الله عز وجل على العرش وقالوا هم ليس على شيء».. ذكره عنه البخاري في خلق أفعال العباد..

قول الإمام عبد الرحمن بن مهدي:

وعبد الرحمن بن مهدي من أئمة السلف.. توفي عام 198هـ.. قال صدقة بن الفضل المروزى: (أتيت يحيى بن سعيد القطان أسأله عن شىء من الحديث، فقال لى: الزم عبد الرحمن بن مهدى).. ولما تُكلم فيه أمام أحمد بن حنبل قال: (يجىء إلى إمام من أئمة المسلمين يتكلم فيه؟!).. وقيل له: (كان عبد الرحمن حافظا؟) فقال: (حافظ، وكان يتوقى كثيرًا، كان يحب أن يحدث باللفظ).. وقال: (إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن بن مهدى، فعبد الرحمن أثبت).. وقال الشافعى: (لا أعرف له نظيرا فى الدنيا)..

قال الإمام عبد الرحمن بن المهدي: «إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى وأن يكون على العرش، أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم».. وصحح إسناده الحافظ الذهبي.. وصححه ابن القيم كذلك.. وذكره البخاري في خلق أفعال العباد..

قول العابد الزاهد محمد بن مصعب:

وهو وإن كان ضعيفًا في الرواية.. لكنه كان من العباد.. ولقي الأوزاعي وطبقته.. فهو يعبر عن عقيدة العلماء في ذلك الزمان..

قال محمد بن مصعب العابد: «من زعم أنك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك، أشهد أنك فوق العرش، فوق سبع سموات، ليس كما تقول أعداء الله الزنادقة».. رواه الدارقطني في الصفات بإسناد صحيح.. ورواه غيره كذلك..

قول الإمام قتيبة بن سعيد:

قال عنه ابن حجر أنه ثقة ثبت.. وقال عن السيوطي أنه أحد أئمة الحديث..

قال الإمام قتيبة بن سعيد: «هذا قول الأئمة في الإسلام والسنة والجماعة، نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه، كما قال جل جلاله ï´؟الرحمن على العرش استوىï´¾..».. ذكره الذهبي عن أبي أحمد الحاكم وأبي بكر النقاش -وفيهما ضعف- عن أبي العباس السراج -الحافظ الثقة- عن قتيبة بن سعيد..

قول الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة.. طيب الله ثراه:

وبالطبع لن أترجم له.. فمثله لا يخفى أبدًا.. رحمه الله كان ناصر السنة وأهلها..

قيل لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل: (الله فوق السماء السابعة على عرشه، بائن من خلقه، وقدرته وعلمه بكل مكان؟) قال: «نعم، هو على عرشه ولا يخلو شيء من علمه».. أخرجه اللالكائي وابن بطة وغيرهما..

وقال الإمام أحمد في رده على الجهمية (عندي منه نسخة مخطوطة وأنا أنقل منها): «باب ما أنكرت الجهمية أن يكون الله على العرش، وقد قال الله جل ثناؤه: ï´؟الرحمن على العرش استوىï´¾، وقال: ï´؟خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرشï´¾، فقالوا هو تحت الأرضين السبع كما هو فوق العرش وفي السماوات والأرض وفي كل مكان ولا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان، وتلوا آية من القرءان: ï´؟وهو الله في السماوات وفي الأرضï´¾، فقلنا: قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظم الرب شيء، فقالوا: أي مكان؟ فقلنا: أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة، ليس فيها من عظم الرب شيء، وقد أخبرنا أنه في السماء، فقال: ï´؟أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرضï´¾، ï´؟أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباï´¾، وقال: ï´؟إليه يصعد الكلم الطيبï´¾، وقال: ï´؟إني متوفيك ورافعك إليّï´¾، وقال: ï´؟بل رفعه الله إليهï´¾، وقال: ï´؟وله من في السموات والأرض ومن عندهï´¾، وقال: ï´؟يخافون ربهم من فوقهمï´¾، وقال: ï´؟ذي المعارجï´¾، وقال: ï´؟وهو القاهر فوق عبادهï´¾، وقال: ï´؟وهو العلي العظيمï´¾، فهذا خبر الله، أخبرنا أنه في السماء».. انتهى..

قول ابن الأعرابي إمام اللغة في زمانه:

قال أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: «أخبرني الأزهري أنبأنا محمد بن العباس أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي حدثنا داود بن علي قال كان عند ابن الأعرابي، فأتاه رجل فقال: (يا أبا عبد الله ما معنى قوله تعالى ï´؟الرحمن على العرش استوىï´¾..؟ قال: (هو على عرشه كما أخبر) فقال الرجل: (ليس كذاك إنما معناه استولى).. فقال: (اسكت ما يدريك ما هذا؟ العرب لا تقول للرجل استولى على الشيء حتى يكون له فيه مضاد، فأيهما غلب قيل استولى، والله تعالى لا مضاد له وهو على عرشه كما أخبر».. ورواه الذهبي بإسناد آخر..

قول الإمام البخاري.. إمام الدنيا في الحديث:

وأما الإمام البخاري فقد بوب في صحيحه ضمن كتاب التوحيد: «باب: ï´؟وكان عرشه على الماءï´¾، ï´؟وهو رب العرش العظيمï´¾.. قال أبو العالية: ï´؟استوى إلى السماءï´¾: ارتفع، ï´؟فسواهنï´¾ فخلقهن، وقال مجاهد: ï´؟استوىï´¾: علا ï´؟على العرشï´¾..»..

وفي هذا الباب روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات».. انتهى من صحيح البخاري..

وأما في كتابه (خلق أفعال العباد) ففيه الكثير الطيب في إثبات علو الله على خلقه.. وقد نقلت منه في ردي على المدعو الأشعري هداه الله.. ولا مانع من إعادته..

قال في كتابه هذا في باب: (باب ما ذكر أهل العلم للمعطلة الذين يريدون وأن يبدلوا كلام الله عز وجل):

«وقال وهب بن جرير: الجهمية الزنادقة إنما يريدون أنه ليس على العرش استوى»..

وقال: «وقال حماد بن زيد: القرآن كلام الله نزل به جبرائيل، ما يجادلون إلا أنه ليس في السماء إله»..

وقال: «وقال ابن المبارك: (لا نقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض ههنا بل على العرش استوى).. وقيل له: كيف تعرف ربنا؟ قال: (فوق سماواته على عرشه)..»..

وقال أيضًا: «وقال سعيد بن عامر: الجهمية أشر قولا من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى على العرش، وقالوا هم ليس على العرش شيء»..

وقال البخاري أيضًا: «وقال الفضيل بن عياض: إذا قال لك جهمي أنا أكفر برب يزول عن مكانه فقل أنا أومن برب يفعل ما يشاء»..

وقال البخاري: «وقال عبد الله بن أنيس رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ”إن الله يحشر العباد يوم القيامة فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك وأنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة“..».. وهذا ليس في موضوعنا لكن الأحباش ينكرونه أيضًا..فلا بأس من ذكره..

وقال: «وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لما كلم الله موسى كان النداء في السماء وكان الله في السماء»..

وقال: «وقال ابن مسعود في قوله ï´؟ثم استوى على العرشï´¾ قال: العرش على الماء، والله فوق العرش، وهم يعلم ما أنتم عليه».. وقد تقدم معنا..

وقال: «وقال علي: (..وأنا كلمت أستاذهم جهما فلم يثبت لي أن في السماء إلها)..»..

فهذه النقول توضح عقيدة البخاري أن الله في السماء على عرشه.. وعقيدة السلف الصالح ممن نقل هو عنهم رضي الله عنه وعنهم..

قول الإمامين أبي زرعة وأبي حاتم الرازيان:

وهما من أشهر الأئمة الكبار.. ولكن لا أستبعد أن يتبجح حبشي جاهل ويقول أنه لا يعرفهما.. قال الحافظ المزي عن أبي زرعة: (أحد الأئمة المشهورين، والأعلام المذكورين، والجوالين المكثرين، والحفاظ المتقنين).. وقال النسائي أنه ثقة.. وقال أبو بكر الخطيب: (كان إمامًا ربانيًا حافظًا متقنًا مكثرًا صادقًا).. وقال أحمد بن حنبل: (ما جاوز الجسر أفقه من إسحاق بن راهويه، و لا أحفظ من أبى زرعة).. وأما أبو حاتم فقال عنه المزي والخطيب: (كان أحد الأئمة الحفاظ الأثبات المشهورين بالعلم المذكورين بالفضل).. وقال ابن حجر: (أحد الحفاظ)..

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: «سألت أبي [أي أبا حاتم] وأبا زرعة رحمهما الله تعالى عن مذهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك، فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا كيف أحاط بكل شيء علما».. وهذان الإمامان الجليلان ينقلان الإجماع على كون الله على عرشه.. بائن من خلقه.. وإسناده عنهما صحيح ثابت..

قول الإمام العلامة ناصر السنة عثمان بن سعيد الدارمي:

رحمة الله عليه.. كان شوكة في حلوق المبتدعة.. ذكره السيوطي في طبقات الحفاظ.. وقال: (الإمام الحافظ الحجة).. ونقل عن أبي الفضل يعقوب القراب قال: (ما رأينا مثل عثمان بن سعيد ولا رأى هو مثل نفسه).. وقال السيوطي: (وله تصانيف في الرد على الجهمية)..

ومن هذه التصانيف كتابه (النقض على المريسي).. قال فيه: «اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته».. وهاهو ينقل الإجماع على ذلك..

وقال الدارمي فيه أيضًا: «وكان الله بكماله على عرشه».. وقال أيضًا: «وهو على عرشه فوق سماواته»..

ومن تصانيفه (الرد على الجهمية).. قال فيه: «فادعت هذه العصابة أنهم يؤمنون بالعرش ويقرون به، لأنه مذكور في القرآن، فقلت لبعضهم: ما إيمانكم به إلا كإيمان الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، وكالذين إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون، أتقرون أن لله عرشا معلوما موصوفا فوق السماء السابعة تحمله الملائكة والله فوقه كما وصف نفسه، بائن من خلقه..؟ فأبى أن يقر به كذلك وتردد في الجواب وخلط ولم يصرح».. وما أوضحه من كلام من إمام من أئمة السلف..

وبوب في كتابه هذا فقال: «باب استواء الرب تبارك وتعالى على العرش، وارتفاعه إلى السماء، وبينونته من الخلق، وهو أيضا مما أنكروه».. وذكر فيه آيات العلو والاستواء..

وقال في كتابه هذا ردًا على الجهمية في استدلالهم بآية النجوى: «قلنا هذه الآية لنا عليكم، لا لكم، إنما يعني: أنه حاضر كل نجوى ومع كل أحد من فوق العرش بعلمه، لأن علمه بهم محيط، وبصره فيهم نافذ، لا يحجبه شيء عن علمه وبصره، ولا يتوارون منه بشيء، وهو بكماله فوق العرش بائن من خلقه يعلم السر وأخفى»..

وقال: «وعلمنا يقينا بلا شك أن الله فوق عرشه فوق سمواته كما وصف، بائن من خلقه»..

وقال: «فالله تبارك وتعالى فوق عرشه فوق سمواته، بائن من خلقه فمن لم يعرفه بذلك لم يعرف إلهه الذي يعبد».. رحمة الله عليه.. كان شوكة -ولا زال- في حلوق أهل التعطيل..

وروى بإسناد صحيح عن قتادة أنه قال: «قالت بنو إسرائيل يا رب أنت في السماء ونحن في الأرض فكيف لنا أن نعرف رضاك وغضبك قال إذا رضيت عنكم استعملت عليكم خياركم وإذا غضبت عليكم استعملت عليكم شراركم».. وما كان ليحدث عن بني إسرائيل بما هو كفر وتشبيه وهو من التابعين.. أفادني هذا المعنى أخي الحبيب الفاضل عبد الله الخليفي حفظه الله ونفعني به..

وقال أيضًا ذلك الإمام الجليل: «والأحاديث عن رسول الله وعن أصحابه والتابعين ومن بعدهم في هذا أكثر من أن يحصيها كتابنا، هذا غير أنا قد اختصرنا من ذلك ما يستدل به أولوا الألباب أن الأمة كلها والأمم السالفة قبلها لم يكونوا يشكون في معرفة الله تعالى أنه فوق السماء بائن من خلقه، غير هذه العصابة الزائغة عن الحق المخالفة للكتاب وأثارات العلم كلها».. ثم قال: «وظاهر القرآن وباطنه كله يدل على ذلك لا لبس فيه ولا تأول إلا لمتأول جاحد يكابر الحجة وهو يعلم أنها عليه»..

وقال: «ففي قوله تبارك وتعالى: ï´؟لا تفتح لهم أبواب السماءï´¾ دلالة ظاهرة أن الله عز وجل فوق السماء؛ لأن أبواب السماء إنما تفتح لأرواح المؤمنين ولرفع أعمالهم إلى الله عز وجل»..

وقال أيضًا رحمه الله: «فمن آمن بهذا القرآن الذي احتججنا منه بهذه الآيات، وصَدَّق هذا الرسول الذي روينا عنه هذه الروايات، لزمه الإقرار بأن الله بكماله فوق العرش فوق سماواته وإلا فليحتمل قرآنا غير هذا فإنه غير مؤمن بهذا»..

وقال: «والآثار التي جاءت عن رسول الله في نزول الرب تبارك وتعالى تدل على أن الله عز وجل فوق السموات على عرشه بائن من خلقه»..

وقال رحمه الله: «ونكفرهم أيضا أنهم لا يدرون أين الله، ولا يصفونه بأين، والله قد وصف نفسه بأين ووصف به الرسول، ï´؟الرحمن على العرش استوىï´¾، ï´؟وهو القاهر فوق عبادهï´¾، وï´؟إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفرواï´¾، وï´؟يخافون ربهم من فوقهمï´¾، ï´؟أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرضï´¾، ونحو هذا، فهذا كله وصف بأين، ووصفه رسول الله بأين فقال للأمة السوداء: ”أين الله؟“ قالت في السماء»..

وقال: «وإله المصلين من المؤمنين الذين يقصدون إليه بعبادتهم الرحمنُ، الذي فوق السماء السابعة العليا وعلى عرشه العظيم استوى»..

قول الإمام ابن قتيبة صاحب التصانيف:

وكذلك يقول الإمام ابن قتيبة: «وكيف يسوغ لأحد أن يقول إن الله سبحانه بكل مكان على الحلول فيه مع قوله ï´؟الرحمن على العرش استوىï´¾ ومع قوله ï´؟إليه يصعد الكلم الطيبï´¾، كيف يصعد إليه شيء هو معه وكيف تعرج الملائكة والروح إليه وهي معه، ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرتهم وما ركبت عليه ذواتهم من معرفة الخالق لعلموا أن الله عزوجل هو العلي وهو الأعلى وأن الأيدي ترفع بالدعاء إليه والأمم كلها عجميها وعربيها تقول إن الله في السماء ما تركت على فطرها»..

قول الإمام الترمذي صاحب السنن:

قال الإمام الترمذي في سننه: «وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه»..

قول إمام الأئمة.. العالم الجليل.. الحبر.. محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله:

قال عنه السيوطي في طبقات الحفاظ: (الحافظ الكبير الثبت إمام الأئمة شيخ الإسلام).. وقال عنه ابن حبان: (وكان رحمه الله أحد أئمة الدنيا علما وفقها وحفظا وجمعا واستنباطا حتى تكلم في السنن بإسناد لا نعلم سبق إليها غيره من أئمتنا مع الإتقان الوافر والدين الشديد)..

قال هذا الإمام ابن خزيمة في كتابه التوحيد: «من لم يقر بأن الله على عرشه استوى فوق سبع سمواته بائن من خلقه فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقي على مزبلة لئلا يتأذى بريحته أهل القبلة وأهل الذمة»..

وقال في مقدمة كتابه الجليل ذاك: «علا ربنا، فكان فوق سبع سمواته عاليا، ثم على عرشه استوى»..

وقال فيه أيضًا: «فسمع الله جل وعلا كلام المُجادِلةِ وهو فوق سبع سموات مستو على عرشه»..

وبوّب فيه قائلاً: «باب ذكر استواء خالقنا العلي الأعلى، الفعال لما يشاء، على عرشه، فكان فوقه وفوق كل شيء عاليا، كما أخبر الله جلا وعلا»..

وقال أيضًا: «فنحن نؤمن بخبر الله جل وعلا، أن خالقنا مستو على عرشه، لا نبدل كلام الله ولا نقول قولا غير الذى قيل لنا، كما قالت المعطلة الجهمية إنه استولى على عرشه لا استوى، فبدلوا قولا غير الذى قيل لهم، كفعل اليهود كما أمروا أن يقولوا حطة فقالوا حنطة مخالفين لأمر الله جل وعلا، كذلك الجهمية».. أقول: رحمة الله على ابن خزيمة الإمام.. وكذلك الأحباش..

وبوّب بابًا آخر فقال: «باب ذكر البيان أن الله عز وجل في السماء، كما أخبرنا في محكم تنزيله، وعلى لسان نبيه، وكما هو مفهوم في فطرة المسلمين، علمائهم وجهالهم أحرارهم ومماليكهم ذكرانهم وإناثهم بالغيهم وأطفالهم، كل من دعا الله جل وعلا فإنما يرفع رأسه إلى السماء ويمد يديه إلى الله إلى أعلاه لا إلى أسفل»..

وقال أيضًا: «فاسمعوا الآن ما أتلو عليكم من كتاب ربنا، الذى هو مسطور بين الدفتين، مقروء في المحاريب والكتاتيب، مما هو مصرح في التنزيل أن الرب جل وعلا في السماء، لا كما قالت الجهمية المعطلة إنه في أسفل الأرضين، فهو في السماء عليهم لعائن الله التابعة.
قال الله تعالى: ï´؟أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرضï´¾، وقال الله تعالى: ï´؟أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباï´¾، أفليس قد أعلمَنا -يا ذوي الحجا- خالقُ السموات والأرض وما بينهما في هاتين الآيتين أنه في السماء؟
وقال عز وجل: ï´؟إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعهï´¾، أفليس العلم محيطا يا ذوي الحجا والألباب أن الرب جل وعلا فوق من يتكلم بالكلمة الطيبة؛ فتصعد إلى الله كلمته لا كما زعمت المعطلة الجهمية أنه تهبط إلى الله الكلمة الطيبة كما تصعد إليه.
ألم تسمعوا يا طلاب العلم قوله تبارك وتعالى لعيسى ابن مريم: ï´؟يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليï´¾، أليس إنما يرفع الشيء من أسفل إلى أعلى لا من أعلى إلى أسفل؟ وقال الله عز وجل: ï´؟بل رفعه الله إليهï´¾، ومحال أن يهبط الإنسان من ظهر الأرض إلى بطنها أو إلى موضع أخفض منه وأسفل
فيقال رفعه الله إليه؛ لأن الرفعة في لغة العرب الذين بلغتهم خوطبنا لا تكون إلا من أسفل إلى أعلى وفوق.
ألم تسمعوا قول خالقنا جل وعلا يصف نفسه ï´؟وهو القاهر فوق عبادهï´¾؟ أو ليس العلم محيطا إن الله فوق جميع عباده من الجن والإنس والملائكة الذين هم سكان السموات جميعا؟
أو لم تسمعوا قول الخالق البارئ ï´؟ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرونï´¾؟
فأعلمنا الجليلُ جل وعلا في هذه الآية أيضًا أن ربنا فوق ملائكته، وفوق ما في السموات وما في الأرض من دابة، وأعلمنا أن ملائكته يخافون ربهم الذي فوقهم، والمعطلة تزعم أن معبودهم تحت الملائكة.
ألم تسمعوا قول خالقنا: ï´؟يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليهï´¾؟ أليس معلوما في اللغة السائرة بين العرب -التي خوطبنا بها وبلسانهم نزل الكتاب- أن تدبير الأمر من السماء إلى الأرض إنما يدبره المدبر وهو في السماء لا في الأرض؟ كذلك مفهوم عندهم أن المعارج: المصاعد، قال الله تعالى: ï´؟تعرج الملائكة والروح إليهï´¾، وإنما يعرج الشيء من أسفل إلى أعلى وفوق، لا من أعلى إلى دون وأسفل، فتفهموا لغة العرب لا تغالطوا.
وقال جل وعلا: ï´؟سبح اسم ربك الأعلىï´¾، فالأعلى مفهوم في اللغة أنه أعلى كل شيء وفوق كل شيء، والله قد وصف نفسه في غير موضع من تنزيله ووحيه وأعلمنا أنه العلي العظيم.
أفليس العلي -يا ذوى الحجا- ما يكون عليا؟ لا كما تزعم المعطلة الجهمية أنه أعلى وأسفل ووسط ومع كل شيء وفي كل موضع من أرض وسماء وفي أجواف جميع الحيوان.
ولو تدبروا آية من كتاب الله ووفقهم الله لفهمها لعقلوا أنهم جهال لا يفهمون ما يقولون وبأن لهم جهل أنفسهم وخطأ مقالتهم»..

قول الإمام الطحاوي رحمه الله:

الأحباش لا يحفظون من العقيدة الطحاوية إلا قوله رحمه الله: «لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات»..

والإمام الطحاوي لا يعني بتلك العبارة نفي علو الله عز وجل وفوقيته.. بل ينفي أن تكون الجهات حاويةً لله.. ويدل على ذلك قوله في موضع آخر: «والعرش والكرسي حق، كما بين في كتابه، وهو مستغن عن العرش وما دونه، محيط بكل شيء وفوقه»..

قول الإمام الفقيه المجتهد ابن قدامة المقدسي.. صاحب المغني:

صنف هذا الإمام الجليل كتابه إثبات صفة العلو، وهو كتاب نافع في بابه.. جمع فيه الأدلة على علو الله على خلقه.. واستوائه على عرشه.. وذكر أقوال الصحابة والتابعين والأئمة..

قال فيه: «..فإن الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء، ووصفه بذلك رسوله محمد خاتم الأنبياء، وأجمع على ذلك جميع العلماء، من الصحابة الأتقياء، والأئمة من الفقهاء، وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين، وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين، وجعله مغروزًا في طباع الخلق أجمعين، فتراهم عند نزول الكرب بهم، يلحظون السماء بأعينهم، ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم، وينتظرون مجئ الفرج من ربهم، وينطقون بذلك بألسنتهم، لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته، أو مفتون بتقليد واتباعه على ضلالته»..

قول الإمام حافظ المغرب في زمانه أبي عمر بن عبد البر:

قال عنه السيوطي: (الحافظ الإمام).. وقال: (وساد أهل الزمان في الحفظ والإتقان).. وثناء الأئمة عليه مشهور متوافر..

قال الحافظ ابن عبد البر في كتابه التمهيد عقب حديث النزول: «وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات، كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم إن الله عز وجل في كل مكان وليس على العرش، والدليل على صحة ما قاله أهل الحق في ذلك..» ثم سرد الآيات والأدلة على ذلك..

وقال مبطلاً تهريف المعتزلة وتابعيهم من الأحباش: «وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء وقولهم في تأويل استوى استولى فلا معنى له؛ لأنه غير ظاهر في اللغة، ومعنى الاستيلاء في اللغة المغالبة، والله لا يغالبه ولا يعلوه أحد وهو الواحد الصمد»..

وقال في كلام جليل عظيم نافع لمن تدبره: «ومن الحجة أيضًا في أنه عز وجل على العرش فوق السموات السبع أن الموحدين أجمعين، من العرب والعجم، إذا كربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك وتعالى، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته؛ لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم»..

وقال: «وكذلك ليس جهلنا بكيفية [استوائه] على عرشه يوجب أنه ليس على عرشه»..

وقال في كتابه الآخر الاستذكار: «ولولا أن موسى عليه السلام قال لهم: (إلهي في السماء) ما قال فرعون: يا هامان بن لى صرحًا لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموت فأطلع إلى إله موسى..»..

روى البزار في مسنده بإسناد صحيح.. وكذلك روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال يوم أن مات النبي صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس إن كان محمد إلهكم الذي تعبدون فإن إلهكم قد مات، وإن كان إلهكم الله الذي في السماء فإن إلهكم حي لا يموت»..

ولما قدم عمر رضي الله عنه الشام استقبله الناس، وهو على بعيره، فقالوا: (يا أمير المؤمنين لو ركبت برذونًا يلقاك عظماء الناس ووجوههم)، فقال عمر رضي الله عنه: «ألا أريكم ههنا..؟ إنما الأمر من ههنا» فأشار بيده إلى السماء.. قال الحافظ الذهبي: إسناده كالشمس..

وصح عنه أيضًا أنه قال: «ويل لديان الأرض من ديان السماء يوم يلقونه، إلا من أمر بالعدل فقضى بالحق».. وفي رواية: سلطان بدلاً من ديان..

وروى الدارمي بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات.. هذه خولة بنت ثعلبة»..

وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا، فخلق الخلق فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة».. أخرجه اللالكائي والطبري في تفسيره..

وكذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه: «والعرش فوق الماء، والله عز وجل فوق العرش، ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم».. أخرجه اللالكائي بسند صحيح..

وقالت عائشة رضي الله عنها: «وايم الله إني لأخشى لو كنت أحب قتله لقتلت -يعني عثمان رضي الله عنه- ولكن علم الله فوق عرشه أني لم أحب قتله».. أخرجه عنها الدارمي في رده على الجهمية.. وإسناده صحيح..

وقال زيد بن أسلم: مر ابن عمر براعٍ فقال: «هل من جزرة؟» فقال: (ليس هاهنا ربها) قال ابن عمر: «تقول له أكلها الذئب» فرفع رأسه إلى السماء وقال: (فأين الله؟).. فقال ابن عمر: «أنا والله أحق أن أقول أين الله».. واشترى الراعي والغنم فأعتقه وأعطاه الغنم..

وقال ابن عباس لعائشة رضي الله عنهما وهي تموت: «كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يحب إلا طيبًا، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات».. رواه الدارمي بإسناد صحيح..
منقول ملتقى السنة
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-18-2015, 10:36 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين، اللهم فصل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعلى آلهم وصحبهم أجمعين صلاة وسلاما دائمين متلازمين أبد الآبدين آمين.

وبعد،

فهذا مختصر في عقيدة الأئمة الأربعة رحمة الله عليهم ورضوانه، نتبين من خلاله بطلان قول كثير من أهل الزيغ والبدع - أخزاهم الله - الذين انتسبوا إلى بعض من الأئمة الأربعة كالماتريدية والأحباش وغيرهم، ونسبوا إليهم عقيدة التعطيل بالتأويل الباطل، وهذا فرية بلا مرية، ومن شك في ذلك، فليطالع "أصول البزدوي" و"مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" و"روح المعاني" و"الفقه الأبسط" و"شرح العقيدة الطحاوية" و"الجواهر المنفية في شرح وصية الإمام" و"ذم الكلام" و"الصفات" و"الشريعة" و"الأعتقاد" و"التمهيد" و"عقيدة السلف أصحاب الحديث" و"الفتح" و"ترتيب المدارك" و"آداب الشافعي" و"الحلية" و"السنن الكبرى" و"الأسماء والصفات" و"شرح السنة" و"إثبات صفة العلو" و"العلو" و"مختصر العلو" و"مجموع الفتاوى" و"الرسالة" و"الانتقاء" و"اللسان" و"ذم التأويل" و"الطبقات" و"اجتماع الجيوش الاسلامية" و"السير" و"كتاب المحنة" و"مناقب الشافعي" و"السنة" و"سير أعلام النبلاء" و"تهذيب التهذيب" و"مناقب الإمام" و"درء تعارض العقل والنقل" و"طبقات الحنابلة" وأخيراً "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" يظهر له أن زعمه موقع له في خسران، وإن ليس كل من انتسب إلى الإمام أبي حنيفة وبقية أئمة أهل السنة والجماعة - رضوان الله عليهم - يعدُّ موافقاً له في أصول الدين وفروعه، بل هناك من كبار المبتدعة من انتسب إلى الإمام أبي حنيفة، وأبو حنيفة بريء منهم كبراءة الذئب من دم يوسف، فبالمقارنة بين الإمام أبي حنيفة وأبي منصور الماتريدي والماتريدية يظهر إنَّهما مختلفان في المنهج متباعدان في التطبيق في كثير من مسائل الاعتقاد. فلم يكن الماتريدي والماتريدية على منهج الإمام أبي حنيفة في الاعتقاد وإن انتسبوا إليه في الفروع، وإنه ليس من منهج الإمام أبي حنيفة نوع من التشبيه أو التعطيل، وكذلك لا يوجد في كلام الإمام تفويض مطلق، بل الذي في كلام أبي حنيفة تفويضٌ مقيَّدٌ بنفي العلم بالكيفيَّة فقط لا المعنى، فقد أثبت الإمام جميع الصفات: ذاتيَّة كانت أو فعليَّةً بدون تأويلٍ، أو تحريفٍ، وظلَّ ملتزماً بمنهجه هذا أثناء التطبيق؛ فأبى أن يُؤوِّل اليد بالقدرة أو النعمة، والرضا بالثواب، والغضب بالعقاب.
وكذلك يزعم الأحباش أنهم على مذهب الإمام الشافعي في الفقه والاعتقاد ولكنهم في الحقيقة أبعد ما يكونون عن مذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه، فهم يُأولون صفات الله تعالى بلا ضابط شرعي فيُأولون الاستواء بالاستيلاء كالمعتزلة والجهمية، والإمام الشافعي يثبت صفات الله بلا كيف ولا تعطيل، وهذا هو الصراط المستقيم في باب صفات الله إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل. فعقيدة الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد - رضوان الله عليهم - اعتقاد واحدٌ في أصول الدين. و هذا جمع لنصوص الأئمة الأربعة الواضحة في بيان عقيدتهم ليعرف القارئ الكريم أنهم متفقون في باب الاعتقاد. والحمد لله الذي يسَّر وأعان على إتمام هذا، فللَّهِ وحده الفضل والمنَّة.

--------------------------------------------------------------------------------

إمام المسلمين أبو حنيفة النّعمان رضي الله عنه



ترجمة الإمام أبو حنيفة
هو النعمان بن ثابت بن زوطي, التيمي بالولاء. أبو حنيفة. فقيه العراق وإمام الحنفية وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. ولد ونشأ بالكوفة, ولما شب تلقى الفقه على حماد بن أبي سليمان الأشعري وسمع كثيرا من علماء التابعين وروى عنهم كعطاء ابن أبي رباح ونافع مولى ابن عمر والشعبي والزهري وغيرهم. وروى عنه جماعة منهم ابنه حماد وزفر والهذيل ومحمد بن الحسن الشيباني وأبو يوسف القاضي وغيرهم. كان زاهدا ورعا, أراده يزيد بن هبيرة, أمير العراق, أيام مروان بن محمد أن يلي القضاء فأبى وأراده بعد ذلك المنصور العباسي على القضاء فامتنع وقال: لن أصلح للقضاء, فحلف عليه المنصور ليفعلن, فحلف أبو حنيفة أنه لن يفعل, فحبسه المنصور إلى أن مات, وقيل إنه قتله بالسم وقيل إنه توفي وهو يصلي. كان واسع العلم في كل العلوم الإسلامية وهو الذي تجرد لفرض المسائل وتقدير وقوعها وفرض أحكامها بالقياس وفرع للفقه فروعاً زاد في فروعه, وقد تبع أبا حنيفة جل الفقهاء بعده ففرضوا المسائل وقدروا وقوعها ثم بينوا أحكامها. وكان أبو حنيفة يتشدد في قبول الحديث ويتحرى عنه وعن رجاله, فلا يقبل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا رواه جماعة عن جماعة, أو إذا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به . توفي في بغداد عن سبعين سنة. [الأعلام ج9 ص4، تاريخ بغداد ج13 ص323- 378، وفيات الأعيان ج5 ص405، المسعودي ج3 ص304، البداية والنهاية ج10 ص107، تذكرة الحفاظ ج1ص168 العبر ج1 ص214، النجوم الزاهرة ج2 ص12، مروج الذهب ج3 ص304، المعارف ص495، دائرة المعارف الإسلامية: مادة أبو حنيفة]

عقيدة الإمام أبو حنيفة في التوحيد:

1) قال الإمام أبو حنيفة: لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو يغضب ويرضى ولا يقال: غضبه عقوبته، ورضاه ثوابه. ونصفه كما وصف نفسه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، حي قادر سميع بصير عالم، يد الله فوق أيديهم، ليست كأيدي خلقه، ووجهه ليس كوجوه خلقه. [الفقه الأبسط ص56]

2) قال الإمام أبو حنيفة: وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال… [الفقه الأكبر ص302]

3) قال البزدوي: العلم نوعان علم التوحيد والصفات، وعلم الشرائع والأحكام. والأصل في النوع الأول هو التمسُّك بالكتاب والسُّنة ومجانبة الهوى والبدعة ولزوم طريق السنُّة والجماعة، وهو الذي عليه أدركنا مشايخنا وكان على ذلك سلفنا أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وعامة أصحابهم. وقد صنف أبو حنيفة - رضي الله عنه - في ذلك كتاب الفقه الأكبر، وذكر فيه إثبات الصفات وإثبات تقدير الخير والشر من الله. [أصول البزدوي ص3، كشف الأسرار هن أصول البزدوي ج1 ص7، 8]

4) قال الإمام أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء، بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئاً تبارك الله تعالى ربّ العالمين. [شرح العقيدة الطحاوية ج2 ص427 تحقيق د. التركي وجلاء العينين ص368]

5) سئل الإمام أبو حنيفة عن النزول الإلهي، فقال: ينزل بلا كيف. [عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42، الأسماء والصفات للبيهقي ص456، وسكت عليه الكوثري، شرح الطحاوية ص245، شرح الفقه الأكبر للقاري ص60]

6) قال الملاَّ علي القاري بعد ذكره قول الإمام مالك: "الاستواء معلوم والكيف مجهول…": اختاره إمامنا الأعظم – أي أبو حنيفة – وكذا كل ما ورد من الآيات والأحاديث المتشابهات من ذكر اليد والعين والوجه ونحوها من الصفات. فمعاني الصفات كلها معلومة وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذْ تَعقُّل الكيف فرع العلم لكيفية الذات وكنهها. فإذا كان ذلك غير معلوم؛ فكيف يعقل لهم كيفية الصفات. والعصمة النَّافعة من هذا الباب أن يصف الله بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يثبت له الأسماء والصفات وينفي عنه مشابهة المخلوقات، فيكون إثباتك منزهاً عن التشبيه، ونفيك منزَّهاً عن التعطيل. فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطل ومن شبَّهه باستواء المخلوقات على المخلوق فهو مشبِّه، ومن قال استواء ليس كمثله شيء فهو الموحِّد المنزه. [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج8 ص251]

7) قال الإمام أبو حنيفة: ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته لأنَّ فيه إبطال صفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال. [الفقه الأكبر ص302]

8) قال الألوسي الحنفيُّ: أنت تعلم أن طريقة كثير من العلماء الأعلام وأساطين الإسلام الإمساك عن التأويل مطلقاً مع نفي التَّشبيه والتجسيم. منهم الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والإمام أحمد، والإمام الشافعيَّ، ومحمد بن الحسن، وسعد بن معاذ المروزيُّ، وعبد الله بن المبارك، وأبو معاذ خالد بن سليمان صاحب سفيان الثوري، وإسحاق بن راهُويه، ومحمد بن إسماعيل البخاري، والترمذي، وأبو داود السجستاني.. [روح المعاني ج6 ص156]

9) قال الإمام أبو حنيفة: ولا يشبه شيئاً من الأشياء من خلقه، ولا يشبهه شيء من خلقه، لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته... [الفقه الأكبر ص301]

10) قال الإمام أبو حنيفة: وصفاته بخلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا، ويسمع لا كسمعنا، ويتكلَّم لا ككلامنا... [الفقه الأكبر ص302]

11) قال الإمام أبو حنيفة: لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين. [الفقه الأبسط ص56]

12) قال الإمام أبو حنيفة: وصفاته الذاتية والفعلية: أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع والبصر والإرادة، وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته. [الفقه الأكبر ص301]

13) قال الإمام أبو حنيفة: ولم يزل فاعلاً بفعله، والفعل صفة في الأزل، والفاعل هو الله تعالى، والفعل صفة في الأزل والمفعول مخلوق وفعل الله تعالى غير مخلوق. [الفقه الأكبر ص301]

14) قال الإمام أبو حنيفة: من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر، وكذا من قال إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض. [الفقه الأبسط ص49، مجموع الفتاوى لابن تيمية ج5 ص48، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص139، العلو للذهبي ص101، 102، العلو لابن قدامة ص116، شرح الطحاوية لابن أبي العز ص301]

15) قال الإمام أبو حنيفة للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده؟ قال: إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض، فقال رجل: أرأيت قول الله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [سورة الحديد: الآية 4] قال: هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه. [الأسماء والصفات ص429]

16) قال الإمام أبو حنيفة: والقرآن غير مخلوق. [الفقه الأكبر ص301]

17) قال الإمام أبو حنيفة: ونقر بأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق. [الجواهر المنفية في شرح وصية الإمام ص10]

18) قال الإمام أبو حنيفة: ونقر بأن الله تعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة. [شرح الوصية ص10]

--------------------------------------------------------------------------------

الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه



ترجمة الإمام مالك
هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، ينتهي نسبه إلى ذي أصبح، وهي قبيلة من اليمن. أبو عبد الله. قدم أحد أجداده من اليمن إلى المدينة وسكنها، وكان جده أبو عامر من أصحاب رسول الله، شهد معه المغازي كلها ما عدا بدرا. هو أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليه تنسب المالكية. أخذ العلم عن نافع مولى عبد الله بن عمر، وأخذه عن ابن شهاب الزهري، وأما شيخه في الفقه فهو ربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي. كان مالك إماما في الحديث، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم، وكان رجلا مهيبا، ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط. حدث عنه كثير من الأئمة، منهم ابن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي. قال البخاري. أصح الأحاديث عن مالك عن نافع عن ابن عمر. كان يعتمد في فتياه على كتاب الله ثم على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما ثبت عنده منهما، وكان يعطي لما جرى عليه العمل في المدينة أهمية كبرى، ولا سيما عمل الأئمة وفي مقدمتهم الشيخان: أبو بكر وعمر. حمل إلى جعفر بن سليمان العباسي، والي المدينة فضربه سبعين سوطا لأنه أفتى بعدم لزوم طلاق المكره، وهي فتوى ذات وجه سياسي، لأنها تسري إلى أيمان البيعة التي أحدثوها، وكانو يكرهون الناس على الحلف بالطلاق عند المبايعة، فرأوا أن فتوى مالك تنقض البيعة وتهون الثورة عليهم. سئل مالك عن البغاة أيجوز قتالهم؟ فقال: يجوز قتالهم إن خرجوا على خليفة مثل عمر بن عبد العزيز، فقيل له: إن لم يكن مثله، قال: دعهم ينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم من كليهما، فكانت هذه الفتوى سبب محنته. استند في إبطال يمين المكره على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ‌‌‌‌‌‌‌‌‌ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه. ولما بلغ الخليفة ما فعل والي المدينة بمالك أنكره وعزل جعفر بن سليمان عن المدينة وأمر أن يؤتى به إلى بغداد محمولا على قتب (أي على جمل) . ثم لقي المنصور مالكا في موسم الحج سنة 163هـ واجتمع به في منى واعتذر إليه وطلب منه أن يدون علمه في كتاب يتجنب فيه شدائد عبد الله بن عمر ورخص عبد الله بن عباس وشواذ عبد الله بن مسعود، وأن يقصد إلى أواسط الأمور وما اجتمع عليه من الأئمة والصحابة، وأمر له بألف دينار وكسوة، فصنف مالك الموطأ وهو أول كتاب ظهر في الفقه الإسلامي. ومن كتبه (المدونة) وهي مجموعة رسائل من فقه مالك جمعها تلميذه أسد بن الفرات أقام مالك بالمدينة ولم يرحل منها إلى بلد آخر، وقد وجه إليه الرشيد ليأتيه فيحدثه، فقال: العلم يؤتى، فقصده الرشيد إلى منزله، وجلس بين يديه فحدثه. أكثر من رحل إليه المصريون والمغربيون من أهل أفريقية والأندلس، وهم الذين نشروا مذهبه في شمال أفريقية وفي الأندلس، ثم ظهر مذهبه في البصرة وبغداد وخراسان بواسطة فقهاء رحلوا إليه من تلك البلاد. توفي في المدينة عن 86 عاما ودفن بالبقيع. [الأعلام ج6 ص128، البداية والنهاية ج10 ص174، الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج2 ص178-180، تذكرة الحفاظ ج1 ص207، شذرات الذهب ج1 ص289، الفهرست ص 286، وفيات الأعيان ج4 ص135، المعارف ص 498]

عقيدة الإمام مالك في التوحيد:

1) سئل مالك عن الكلام والتوحيد؛ فقال مالك: محال أن يُظنَّ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه علَّم أمَّته الاستنجاء، ولم يعلمهم التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فما عُصم به المال والدم حقيقة التوحيد. [ذم الكلام ق - 210]

2) عن وليد بن مسلم قال: سألت مالكاً، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات؛ فقالوا أمِرّوها كما جاءت. [الصفات للدارقطني ص75، الشريعة للآجري ص314، الأعتقاد للبيهقي ص118، التمهيد لابن عبد البر ج7 ص149]

3) قال ابن عبد البر: سئل مالك أيُرى الله يوم القيامة؟ فقال: نعم يقول الله عزَّ وجلَّ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [سورة القيامة: الآيتان 22، 23] وقال لقوم آخرين: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [سورة المطففين: الآية 15]. [الانتقاء ص36]

4) عن ابن نافع، وأشهب، وأحدهما قال: يزيد على الآخر: يا أبا عبد الله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [سورة القيامة: الآيتان 22، 23]، ينظرون إلى الله؟ قال: نعم بأعينهم هاتين؛ فقلت له: فإن قوماً يقولون: لا ينظر إلى الله، إنَّ {نَاظِرَةٌ} بمعنى منتظرة الثواب. قال: كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلام: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} [سورة الأعراف: الآية 143] أفترى موسى سأل ربه محالاً؟ فقال الله: {لَن تَرَانِي} [سورة الأعراف: الآية 143] أي في الدنيا لأنها دار فناء ولا ينظر ما يبقى بما يفنى فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى إلى ما يبقى وقال الله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [سورة المطففين: الآية 15]. [ترتيب المدارك للقاضي عياض ج2 ص42]

5) عن جعفر بن عبد الله قال: كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه: الآية 5] كيف استوى؟ فما وجد - جاء في لسان العرب ج3 ص446: وجد عليه في الغضب يُجِدُ وجداً ومَوْجِدَة ووجداناً غضب، وفي حديث الإيمان، إني سائلك فلا تجد عليَّ أي لا تغضب من سؤالي - مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض، وجعل ينكت بعودٍ في يده علاه الرحضاء - يعني العرق - ثم رفع رأسه ورمى بالعود، وقال: الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج. [الحلية لابي نعيم ج6 ص325، عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني ص17-18، التمهيد ج7 ص151، الأسماء والصفات للبيهقي ص407، قال الحافظ ابن حجر في الفتح ج13 ص406، 407: إسناده جيد. وصححه الذهبي في العلو ص103]

6) عن يحيى بن الربيع قال: كنت عند مالك ابن أنس، ودخل عليه رجل فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق؟ فقال مالك: زنديق فاقتلوه. فقال: يا أبا عبد الله، إنما أحكي كلاماً سمعته. فقال: لم أسمعه من أحد، إنما سمعته منك، وعظَّم هذا القول. [الحلية لابي نعيم ج6 ص325، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج1 ص249، ترتيب المدارك للقاضي عياض ج2 ص44]

7) عن عبد الله بن نافع قال: كان مالك بن أنس يقول: من قال القرآن مخلوق، يوجع ضرباً، ويحبس حتى يتوب. [الانتقاء ص35]

8) عن عبد الله بن نافع قال: قال مالك: الله في السماء، وعلمه في كل مكان. [مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص263، السنة لعبد الله بن أحمد ص11 (الطبعة القديمة)، التمهيد لابن عبد البر ج7 ص138]

--------------------------------------------------------------------------------

الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه



ترجمة الإمام الشافعي
هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب القرشي، بن عبد المطلب بن مناف. أبو عبد الله. موطن أبيه مكة خرج أبوه إلى غزة فولد له ابنه محمد، فعادت به أمه إلى مكة وهي يمانية من الأزد، وهو ابن سنتين بعد وفاة أبيه. استظهر القرآن في صباه، ثم خرج إلى قبيلة هذيل بالبادية، وكانوا من أفصح العرب، فحفظ كثيرا من أشعارهم، ثم عاد إلى مكة وقد أفاد فصاحة وأدبا. لزم مكة وقرأ على مسلم بن خالد الزنجي، وهو يومئذ شيخ الحرم المكي ومفتيه، حتى أذن له أن يفتي. ثم أتى الإمام مالكا في المدينة فقرأ عليه الموطأ فاكتسب فقها من مسلم وحديثا من مالك. رحل إلى اليمن وولي عملا لقاضيها مصعب بن عبد الله القرشي، وكانت اليمن مهدا لكثير من الشيعة، فاتهم بالتشيع، وكان الخليفة آنئذ هارون الرشيد، فحمل إليه، وهو في مدينة الرقة مع جماعة من المتهمين، وقد تعرض بهذه التهمة لخطر شديد، لولا لطف الله ثم شفاعة الحاجب الرشيد الفضل بن الربيع، فدافع عنه حتى أثبت براءته، وتكلم الشافعي أمام الرشيد فأعجب به وأمر بإطلاقه ووصله، وكان ذلك عام 184 هـ. انتهز الشافعي فرصة وجوده بالعراق فدخل بغداد واتصل بمحمد بن الحسن الشيباني، صاحب أبي حنيفة، فأنزله عنده وأخذ الشافعي عنه واطلع على كتب فقهاء العراق واكتسب من فقههم، فجمع بين طريقة الفقهاء وطريقة أهل الحديث وكانت له مناظرات مع محمد بن الحسن مملوءة بكتب الشافعي. عاد بعد ذلك إلى مكة وكانت محجة العلماء من سائر الأقاليم، فاستفاد وأفاد وناظر وأخذ عنه كثيرون، ثم رحل إلى بغداد سنة 195 هـ في خلافة الأمين، وأخذ عنه علماء العراق، وأملى هناك كتبه في مذهبه (العراقي أو القديم) ، واجتمع بعلماء بغداد وأئمتها ومنهم الإمام أحمد بن حنبل، ثم عاد إلى مكة وقد انتشر ذكره في بغداد وانتحل طريقته كثير من علمائها. في سنة 198 هـ عاد إلى العراق في رحلته الثالثة إليه، ومكث في العراق قليلا وسافر منه إلى مصر، فنزل بالفسطاط ضيفا على عبد الله بن عبد الحكم، وكان من أصحاب مالك، وكانت طريقة مالك منتشرة بين المصريين، وفي مصر صنف كتاب (الأم) وهو من كتبه الجديدة التي أملاها مع كتابه (الرسالة) في الأصول. والشافعي هو أحد الأئمة الأربعة. وقد نشر مذهبه بنفسه بما قام به من رحلات، وهو الذي كتب كتبه بنفسه وأملاها على تلاميذه ولم يعرف هذا لغيره من كبار الأئمة. والشافعي شاعر مقل، قريب المعاني، سهل الأسلوب، نجد في بعض مقطوعاته روح الشاعر. هو أول من صنف في أصول الفقه وأول من قرر ناسخ الحديث من منسوخه. من تصانيفه: كتاب الأم، رسالة في أصول الفقه، سبيل النجاة، ديوان شعره وغير ذلك. توفي في مصر عن 54 سنة. [الأعلام ج6 ص249، تاريخ بغداد ج2 ص56-73، وفيات الأعيان ج4 ص163، تذكرة الحفاظ ج1 ص361، شذرات الذهب ج2 ص9، حسن المحاضرة ج1 ص303، البداية والنهاية ج10 ص251، العبر ج1 ص243، حلية الأولياء ج9 ص63، طبقات الشافعية ص 6، معجم الأدباء ج6 ص367، الفهرست ص294]

عقيدة الإمام الشافعي في التوحيد:

1) عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي: من حلف باللهِ، أو باسم من أسمائه، فحنث؛ فعليه الكفارة. ومن حلف بشيء غير اللهِ، مثل أن يقول الرجل: والكعبة، وأبي، وكذا وكذا ما كان، فحنث؛ فلا كفارة عليه. ومثل ذلك قوله: لعمري.. لا كفارة عليه. ويمين بغير اللهِ فهي مكروهة، منهي عنها من قبل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم: إن اللهَ عزَّ وجلَّ نهاكم أن تحلِفوا بأبائكم، فمن كان حالفاً فليحلِف بالله أو ليسكت. [مناقب الشافعي ج1 ص405] وعلل الشافعي ذلك بأن أسماء اللهِ غير مخلوقة؛ فمن حلف باسم اللهِ، فحنث؛ فعليه الكفارة. [آداب الشافعي لابن أبي حاتم ص193، الحلية لابي نعيم ج9 ص112، السنن الكبرى للبيهقي ج10 ص28، الأسماء والصفات للبيهقي ص255، 256، شرح السنة للبغوي ج1 ص188، والعلو للذهبي ص121، ومختصره للألباني ص77]

2) عن الشافعي أنه قال: القول في السنة التي أنا عليها، ورأيت أصحابنا عليها، أهل الحديث الذين رأيتهم، وأخذت عنهم مثل سفيان، ومالك، وغيرهما: الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن اللهَ تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وأن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء. [اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص165، إثبات صفة العلو ص124، مجموع الفتاوى ج4 ص181-183، والعلو للذهبي ص120، ومختصره للألباني ص176]

3) عن المزني قال: قلت إن كان أحد يخرج ما في ضميري، وما تعلَّق به خاطري من أمر التوحيد؛ فالشافعي، فصرت إليه وهو في مسجد مصر، فلما جثوت بين يديه، قلت: هجس في ضميري مسألة في التوحيد، فعلمت أن أحداً لا يعلم علمك، فما الذي عندك؟ فغضب ثم قال: أتدري أين أنت؟ قلت: نعم. قال: هذا الموضع الذي أغرق اللهُ فيه فرعون، أبلغك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر بالسؤال عن ذلك؟ قلت: لا، قال: هل تكلم فيه الصحابة؟ قلت: لا، قال: أتدري كم نجماً في السماء؟ قلت: لا، قال: فكوكب منها تعرف جنسه، طلوعه، أفوله، ممَّ خُلِق؟ قلت: لا، قال: فشيءٌ تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها، ففرَّعها على أربعة أوجهٍ، فلم أصب في شيء منه، فقال: شيءٌ تحتاج إليه في اليوم خمس مرات؛ تدع عِلْمَهُ وتتكلف علم الخالق إذا هجس في ضميرك ذلك. فارجع إلى قول اللهِ تعالى: {وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ {163} إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ} [سورة البقرة: الآيتان 163، 164] فاستدل بالمخلوق على الخالق، ولا تتكلف على ما لم يبلغه عقلك. [سير أعلام النبلاء ج10 ص31]

4) عن يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت الشافعي يقول: إذا سمعت الرجل يقول الاسم غير المُسمى، أو الشيء غير الشيء، فاشهد عليه بالزندقة. [الانتقاء ص79، مجموع الفتاوى ج6 ص187]

5) قال الشافعي في كتابه الرسالة: والحمد لله... الذي هو كما وصف به نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه. [الرسالة ص7، 8]

6) عن الشافعي أنه قال: نثبت هذه الصفات التي جاء بها القرآن، ووردت بها السنة، وننفي التشبيه عنه، كما نفى عن نفسه، فقال: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [سورة الشورى: الآية 11] [السير للذهبي ج20 ص341]

7) عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول في قول الله عزَّ وجلَّ: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [سورة المطففين: الآية 15] أعلمنا بذلك أن ثم قوماً غير محجوبين، ينظرون إليه، لا يضامون في رؤيته. [الانتقاء ص79]

8) عن الربيع بن سليمان قال: حضرت محمد ابن إدريس الشافعي، جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [سورة المطففين: الآية 15] قال الشافعي: فلما حجبوا هؤلاء في السخط؛ كان هذا دليلاً على أنه يرونه في الرضا. قال الربيع: قلت يا أبا عبد الله وبه تقول؟ قال: نعم به أدين اللهَ. [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج2 ص506]

9) عن الجارودي قال: ذُكر عند الشافعي، إبراهيم بن إسماعيل بن عُلَيَّة [قال عنه الذهبي: جهمي هالك كان يناظر ويقول بخلق القرآن. ميزان الاعتدال ج1 ص20، وانظر ترجمته في لسان الميزان ج1 ص34، 35] فقال: أنا مخالف له في كل شيء، وفي قوله لا إله إلا الله، لست أقول كما يقول. أنا أقول: لا إله إلا الله الذي كلَّم موسى عليه السلام تكليماً من وراء حجاب، وذاك يقول لا إله إلا اللهُ الذي خلق كلاماً أسمعه موسى من وراء حجاب. [الانتقاء ص79، والقصة ذكرها الحافظ عن مناقب الشافعي للبيهقي، اللسان ج1 ص35]

10) عن الربيع بن سليمان، قال الشافعي: من قال القرآن مخلوق؛ فهو كافر. [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج1 ص252]

11) عن أبي محمد الزبيري قال: قال رجل للشافعي، أخبرني عن القرآن خالق هو؟ قال الشافعي: اللهم لا، قال: فمخلوق؟ قال الشافعي: اللهم لا. قال: فغير مخلوق؟ قال الشافعي: اللهم نعم، قال: فما الدليل على أنه غير مخلوق؟ فرفع الشافعي رأسه وقال: تقر بأن القرآن كلام الله؟ قال: نعم. قال الشافعي: سبقت في هذه الكلمة، قال الله تعالى ذكره: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ} [سورة التوبة: الآية 6] {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [سورة النساء: الآية 164] قال الشافعي: فتقر بأن الله كان، وكان كلامه؟ أو كان الله، ولم يكن كلامه؟ فقال الرجل: بل كان الله، وكان كلامه. قال: فتبسم الشافعي وقال: يا كوفيون إنكم لتأتوني بعظيم من القول إذا كنتم تقرُّون بأن الله كان قبل القبل، وكان كلامه. فمن أين لكم الكلام: إن الكلام اللهُ، أو سوى اللهِ، أو غير اللهِ، أو دون اللهِ؟ قال: فسكت الرجل وخرج. [مناقب الشافعي ج1 ص407، 408]

12) وفي جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي - من رواية أبي طالب العُشاري - ما نصه قال: وقد سئل عن صفات الله عزَّ وجلَّ، وما ينبغي أن يؤمن به، فقال: للهِ تبارك وتعالى أسماء وصفات، جاء بها كتابه وخبَّر بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - أمته، لا يسع أحداً من خلق الله عزَّ وجلَّ قامت لديه الحجَّة أن القرآن نزل به، وصحَّ عنده قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عنه، العدل خلافه، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجَّة عليه، فهو كافر بالله عزَّ وجلَّ. فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر؛ فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالدراية والفكر. ونحو ذلك إخبار الله عزَّ وجلَّ أنه سميع وأن لد يدين بقوله عزَّ وجلَّ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [سورة المائدة: الآية 64] وأن له يميناً بقوله عزَّ وجلَّ: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [سورة الزمر: الآية 67] وأن له وجهاً بقوله عزَّ وجلَّ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [سورة القصص: الآية 88] وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [سورة الرحمن: الآية 27] وأن له قدماً بقوله - صلى الله عليه وسلم: "حتى يضع الرب عزَّ وجلَّ فيها قدَمه." يعني جهنم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي قُتِل في سبيل الله عزَّ وجلَّ أنه: "لقي الله عزَّ وجلَّ وهو يضحك إليه." وأنه يهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا، بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وأنه ليس بأعور لقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ ذكر الدجال فقال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور"، وأن المؤمنين يرون ربهم عزَّ وجلَّ يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر، وأن له إصبعاً بقوله - صلى الله عليه وسلم: "ما من قلب إلاَّ هو بين إصبعين من أصابع الرحمن عزَّ وجلَّ" وإن هذه المعاني التي وصف الله عزَّ وجلَّ بها نفسه، ووصفه بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تُدرَك حقيقتها تلك بالفكر والدراية، ولا يكفر بجهلها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه به، وإن كان الوارد بذلك خبراً يقول في الفهم مقام المشاهدة في السَّماع؛ وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته والشهادة عليه، كما عاين وسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ولكن نثبت هذه الصفات، وننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [سورة الشورى: الآية 11]... آخر الاعتقاد. [ذم التأويل لابن قدامة ص124، الطبقات لابن أبي يعلى ج1 ص283، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص165، السير للذهبي ج10 ص79]

--------------------------------------------------------------------------------

الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه



ترجمة الإمام أحمد بن حنبل
هو أحمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني المروزي البغدادي. أبو عبد الله. أصله من مرو ولد في بغداد وفيها تعلم. رحل إلى الكوفة و البصرة وإلى الشام والحجاز واليمن، وعني في هذه الأسفار بطلب الحديث، ثم عاد إلى بغداد. ولما قدم الشافعي إلى بغداد تفقه عليه، ثم اجتهد لنفسه. صاحب المذهب الحنبلي والإمام في الحديث والفقه. وقف وقفته المشهورة في المحنة بخلق القرآن، وتزعم الفريق الذي عارض هذه الفكرة واحتمل مع أصحابه كثيرا من الأذى والضرر، فقد أمر المعتصم بضربه بالسياط، فضرب حتى تمزق جسمه وحبس نحو ثمانية وعشرين شهراً وهو في العذاب، ثابت محتسب، فلما علموا أنه لا يجيب أطلقوا سراحه. في عهد الخليفة الواثق بالله منع من الفتيا وأمر أن يختفي، فلزم بيته حتى مات الواثق فارتفعت المحنة في عهد الخليفة المتوكل وتلاشت فكرة خلق القرآن وقد أظهر المتوكل إكرامه له، فاستدعاه إليه وأكرمه وأمر له بجائزة كبيرة فلم يقبلها، وخلع عليه خلعة سنية فاستحيا منه أحمد فلبسها إلى الموضع الذي كان نازلا فيه، ثم نزعها نزعاً عنيفاً وهو يبكي، وجعل المتوكل يرسل إليه في كل يوم من طعامه الخاص ويظن أنه يأكل منه، ولكنه كان صائماً طاوياً تلك الأيام حتى غادر سامراء وعاد إلى بغداد. سمع الحديث من أكابر المحدثين وشيوخ بغداد وروى عنه البخاري ومسلم وطبقتهما، وكان إمام أهل الحديث في عصره، وعداده في رجال الحديث أثبت منه في عداد الفقهاء. من تصانيفه: المسند ويحتوي على نيف وأربعين ألف حديث. كتاب طاعة الرسول. كتاب الناسخ والمنسوخ. كتاب العلل، كتاب الجرح والتعديل، وغير ذلك. توفي عن 77 سنة. [الأعلام ج1 ص192، تاريخ بغداد ج4 ص412، البداية والنهاية ج10 ص316، شذرات الذهب ج2 ص96، وفيات الأعيان ج1 ص63، العبر ج1 ص435، الفهرست ص320، دائرة المعارف الإسلامية: مادة ابن حنبل]

عقيدة الإمام أحمد بن حنبل في التوحيد:

1) إن الإمام أحمد سئل عن التوكل، فقال: قطع الاستشراف بالإياس من الخلق. [طبقات الحنابلة ج1 ص416]

2) قال الإمام أحمد: لم يزل الله عزَّ وجلَّ متكلماً، والقرآن كلام الله عزَّ وجلَّ، غير مخلوق، وعلى كل جهة، ولا يوصف الله بشيءٍ أكثر مما وصف به نفسه، عزَّ وجلَّ. [كتاب المحنة لحنبل ص68]

3) عن أبي بكر المروذي قال: سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش فصححها، وقال: تلقتها الأمة بالقبول وتمر الأخبار كما جاءت. [مناقب الشافعي لابن أبي حاتم ص182]

4) قال عبد الله بن أحمد: إن أحمد قال: من زعم أن الله لا يتكلم فهو كافر، إلاَّ أننا نروي هذه الأحاديث كما جاءت. [طبقات الحنابلة ج1 ص56]

5) عن حنبل أنه سأل الإمام أحمد عن الرؤية فقال: أحاديث صحاح، نؤمن بها، ونقر، وكل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر. [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج2 ص507، السنة ص71]

6) أورد ابن الجوزي في المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمسدَّد وفيه: صفوا الله بما وصف به نفسه، وانفُوا عن الله ما نفاه عن نفسه... [سير أعلام النبلاء ج10 ص591، تهذيب التهذيب ج10 ص107]

7) قال الإمام أحمد: وزعم - جهم بن صفوان - أن من وصف الله بشيءٍ مما وصف به نفسه في كتابه، أو حدَّث عنه رسوله كان كافراً وكان من المشبِّهة. [مناقب الإمام أحمد ص221]

8) قال الإمام أحمد: نحن نؤمن بأن الله على العرش، كيف شاء، وكما شاء، بلا حد، ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد؛ فصفات اللهِ منه وله، وهو كما وصف نفسه، لا تدركه الأبصار. [درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ج2 ص30]

9) قال الإمام أحمد: من زعم أن اللهَ لا يُرى في الآخرة فهو كافر مكذب بالقرآن. [طبقات الحنابلة ج1 ص59، 145]

10) عن عبد الله بن أحمد، قال: سألت أبي عن قوم يقولون: لما كلم اللهُ موسى، لم يتكلم بصوت فقال أبي: تكلم اللهُ بصوت، وهذه الأحاديث نرويها كما جاءت. [طبقات الحنابلة ج1 ص185]

11) عن عبدوس بن مالك العطار، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: ... والقرآن كلام اللهِ، وليس بمخلوق، ولا تضعف أن تقول ليس بمخلوق؛ فإن كلام اللهِ منه، وليس منه شيء مخلوق. [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج1 ص157]

--------------------------------------------------------------------------------

نسأل الله أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يوفقنا جميعاً لهدي كتابه والسير على سنَّة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


عن الشيخ أبو إبراهيم الرئيسي العماني بتصرف
منقول ملتقى السنة
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 11:14 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.