أدبُ المناظَرة ::فوائد من نونية القحطاني :: متجدد ::

[جمال سام]

جزاك الله كل خير

[قـَسْوَرَةُ الأَثَرِيُّ]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومالك

جزاكم الله خيراً أخى الحبيب

و جزاك خيرا منه يا مالك القلب
نفع الله بك

[قـَسْوَرَةُ الأَثَرِيُّ]

السّلامُ عليكُم من بعد غياب عن هذا الموضوع طال لكن ها قد عدتّ و العودُ كما يقُولون أحمدُ .

أبدءُ بعون الله الإختلاج و الإستطراد حول البيتين الأوّلين و فيهما يقول النّاظمُ :

أَوَّلُهما :

لاَ تُشْغَلَنَّ بِـعَـيْبِ غَيْـرِكَ غَافِلاً ¤¤¤ عَنْ عَيْبِ نَفْسِــكَ إِنَّّــهُ عَيْبَــانِ .

افتتاحا معَ معاني الكلمات :

* لا : حرفُ نهيٍ يفيدُ طلبَ عدم الفعل او طلب الازدجار عن الفعل .

* تشغلنّ : النون للتّوكيــد و تُشغلُ : من جذرِ ( ش , غ , ل ) شُــغِــلَ يُـشْـغَلُ أنتَ تُشْــغـَـلُ . و معناه كما في القاموس هو '' ضِدّ الفراغِ '' و الصفة منهُ شَغِل و مُشتَغِل .

* الباء حرفُ جرّ و معناهُ هنا التعدية و يُفرق عن باقي المعاني لكونه وسيلة لجعل الفعل اللازم متعدّيا فشُغِل فعل لازم لكن بالباء عُدِّي لمفعول أوّل .

* عيب : من جذر ( ع , ي , ب ) عاب يعيبُ عيبا و العيبُ هو الوصمة او مكمن النقص . و يقال فلان معيب و معيوب .

* غيرِكَ : غيرُ اسم و لكن لماذا قلنا أنّها اسم و لم نقل انها حرف او أداة لسبب بسيط كونها كما هو معلوم من علامات الإسم ان يكون مشتقّا و هي كذلك و أيضا من علامات الإسم كونه يقبل دخول حروف الجرّ عليه و هي كذلك و غيرها من العلامات تنطبق عليه .
و هو بمعنى سِوَى في هذا الموضع أي سِواكَ .
الكاف ضمير متّصل للمخاطب .

* غافلا : من جذر ( غ ,ف , ل ) غَفَلَ يَغْفُلُ فهو غَافِلٌ بمعنى سها و ترك ناسيا .و هنا نُصبت لأنها حال و منهُ يزيد المعنى فيكون الانشغال مصاحبا للغفلة .

* عَــن : حرف جرّ للتعويض .



* نفسِكَ : نفس الشيءِ أي عينُهُ و ذاتُهُ . و الكاف سبقت .

* إنَّــهُ : إنَّ ناسخ يفيد التوكيد . و الهاءُ ضمير اسم للناسخ في محلّ نصب مبنيّ على الرفع و هنا محذوف مقدّر و هو '' في فعلِكَ ''

* عيبان : مثنّى عيب و قد سبق مرفوع لأنّه خبر إنّ .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

و مع الاستطراد في معاني البيت :

يقول القحطاني في هذا البيت كلاما هو أقربُ للحكمة او بما يُعرفُ بشعرِ الحكمة
و هذا الصنف او الغرض الشعري ان صح الوسم بكلمة '' غرض '' لكونه يأتي بين طييات القصائد كالدرّ يزين الحليّ و هو في أغلب ما يوجدُ منه انّما هو اجتهاد من الشاعر لحكمة سمعها منثورة فنظمها و ليس من السرقة الشعرية و كان الشعراء يتساهلون في الحكمة خلاف باقي الشعر فيأتون على المعاني المعهودة و ينظمونها يحلون بها القصائد و كنتُ قرأتُ كلاما مستفيضا عن هذا للرّافعي فاُعجبتُ بجميل فهمه و واسع ادراكه و جمعه فلعلّي أنشط و افرّغه من الكتاب و الآن نكمل مع لطائف أنقلها من خضم هذا البحر الملئ بالدرر كي نلمس روعة هذا الفنّ و رَونَقَهُ :

يَقول الإمام محمّد بن ادريس رحمه الله :

إذا حار أمرك في معنيين¤¤¤ولم تدرِ أين الخطا والصواب

فخالف هواك فإن الهوى¤¤¤يقود النفوس إلى ما يعاب

لله ما أجملها من كلمات

و هذا أشعر الإنس و الجنّ المتنبّي يقول :

ذو العقل يشقى في النعيم بعقلِهِ¤¤¤وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ

والناس قد نبذو الحفاظ , فمطلق¤¤¤ينسى الذي يولي , وعاف يندم

غفر الله له

و نعود لبيت الإمام القحطاني حيث يقول '' لا تُشغلَنّ عن عيبِك '' أي ان ذِكْــركَ لعيبِ غيرِك ملهٍ لك عن ذِكرِ عيبك و تصليحه و ترقيعه و تلميع قلبه وصقله و قد ألّف القدامى في هذا الباب قديما كمثل رسالة عنونها كاتبها '' إضاعة الأعمار في اصطناع المعروف في الأنذال '' و خصّه الخطابي في كتابه العزلة بإسهاب جليل و ذكر في مرويات عن فوائد اجتناب الإنشغال بالنّاس و عيوبهم و منه ما رُوي عن الإمام الشافعي و عن غيره أنه قال '' رِضَى النَّاسِ غَايَةٌ لَا تُدْرَكُ لَيْسَ إلَى السَّلَامِ مِنْ النَّاسِ سَبِيلٌ فَانْظُرْ مَا فِيهِ صَلَاحُ نَفْسِك فَالْزَمْهُ وَدَعِ النَّاسَ وَمَا هُمْ فِيهِ .''وَعَنْهُ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ :'' أَصْلُ كُلِّ عَدَاوَةٍ الصَّنِيعَةُ إلَى الْأَنْذَالِ .'' نعم أصل كلّ عداوة اضاعة العمر في تقليب عيوب الغير و إن كانت الغاية معرفَتُها للنصحهم باجتنابها

و لأنّي ساعتمد اسلوب الاختلاج و الإستطراد في الكلام حول قصيدة الامام القحطاني لا بأس ببعض النقولات عن حال السلف في عدم الإنشغال بالغير فقد جاء عن الخطّــابي في كتابه العزلة السّابق ذكرُهُ ( الص 97 ) انه أنشد :

تسامح ولا تستوف حقك كله¤¤¤ وأبق فلم يستوف قط كريم
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد¤¤¤ كلا طرفي قصد الأمور ذميم

وقال: عن زيد بن سلمة عن أبيه أن عمر رضي الله عنه قال: [[لا يكن حبك كلفاً، ولا يكن بغضك تلفاً]]..



......و ذكر في صفحة [63]

أن أعرابياً كان في الكوفة وكان له صديق يظهر له المودة والنصيحة، فاتخذه هذا الأعرابي من عُدَده للنوائب، فأتاه فوجده بعيداً مما كان يظهر له، فأنشأ هذا الأعرابي يقول:

إذا كان ود المرء ليس بزائدٍ على مرحباً أو كيف أنت وحالكا
ولم يك إلا كاشراً أو محدثاً فأفٍ لودٍ ليس إلا كذلكا
لسانك معسولٌ ونفسك بشة وعند الثريا من صديقك مالكا
وأنت إذا همت يمينك مرة لتفعل خيراً قاتلتها شمالكا

و هذا هو مُقابل معنى بيتنا الذي حوله نحوم فالامام القحطاني يُرشِد لعدم اضاعة الوقت في تتبع عيب الغير و مثالب المحاجَجِ لأن من لوازم المحاججة إسقاط الخصم و الإعتناء ببيان نقائصه و جهله و عدم فهمه فالنصيحة هنا تحذّر من تضييع الوقت و العمر لا من الفعل ذاته عندما يكون محدّدا بزمان قصير ميسور و الأعرابي هنا يفيدك أنّ من أعدّ لك لسانا رطبا عسولا هو كذلك إحذره واعلم أنّه إلتَهَى بمدحك عن عيبه و استغرق في التلطف للناس عن التلطف بنفسه و الرّفق بها فكلاهما ضاعت نفسُه مشتغلا بغيره !!!

ودَعُـــونا نضع اليد على الجمرة كما يُقال ..


أين هذا من واقعنا !!!


و أنا أكتُبُ هذه الاختلاجات لم يغب عن ذهني طرفةَ عين حال إخواننا من الغافلين مَن شغلتهم عيوب و سقطات و هفوات غيرهم عن طلب العلم و تحصيل العلوم و إعمال الذهن في إدراك معقَّدِ المسائل و نفع المؤمنين بأوقاتهم ...


كم هو عدد الشباب من طلبة العلم الذين يوما إليهم بالبنان سَبقا لهذا الفضل العميم من التبرُّؤِ من الشرك و الإعتناء بالتوحيد و اجتناب الابتداع و العتناء بالاتباع للسف الصّالحين كم هو عددهم الذين بدؤوا الإلتزام بحفظ المتون و تدارس الكتب و المختصرات ثم توقّف حمارُ الشيخ في العقبة و كما قيل في سالفة الأُمم '' ذهب الحمارُ بامّ عمرٍو فلا رجعت و لا رجع الحمار '' فذهبت هذه الزّهور اليانعة التي كانت الأُمّــة و لا زالت تتوق لنتاجها ذهبت لتغوص في وحول تتبع العثرات و الزلاّت و تصيّد الأخطاءِ و الهفوات من فلان و علاّن ينشرون الفتن و القلاقل و يبثون العصبية و الحزبية بين بني الصفّ الواحد و العقيدة الواحدة ...

تركوا رايه التوحيد و السنّة و رفعوا ألف راية لألف شيخ و مشيخة و مدرّس و مدرسة و اللهُ المستعان ..


تقولُ لأحدِهم فلان عندَه مجهود مبارك في الدّعوة و عنده كتب مليئة بالعلوم و الكنوز و منذ 30 سنة و هو يجالد المصاعب لنبذ البدعة و اتّباع السنّة ...يجيبك بكلّ استعلاء فلان عليه ملاحظات و ما عنده عند غيره و أنا شخصيا لا اخذ الا من فلان و فلان ...تقول له طيّب أنا لا أجد مانعا ان أخذ منه العلم ...فيأتي أوان الصّدمة ويقول لك ...إذن أنت مثله وكل ملاحظاته تَركَبُك و تتوالى السلسلة العفنة إلى ما لا يَعلمه الا الله سبحانه ...


رجال ونساء طلاب علم من بني منهج الحق اشتغلوا بعيوب غيرهم فضاقت مُقلهم عن عييوبهم و نسوا كون الناقد بصير و نسوا كون المرء يرى القذاة في عين غيره و يغْفُلُ عن الجذع في عين نفسه والله المستعان ...

تصّيد الأخطاء ....وَباء و دسيسة سوء و حالقةٌ عافانا الله و إخواني منها


و أعود لبيت الإمام القحطاني و لعلّنا نحفظُهُ :

لاَ تُشْغَلَنَّ بِـعَـيْبِ غَيْـرِكَ غَافِلاً ¤¤¤ عَنْ عَيْبِ نَفْسِــكَ إِنَّّــهُ عَيْبَــانِ .


و مع البيت القادم و لعله يكون في قريب بإذن الله و إختلاجات اُخرى والله المستعان

[أبو عمر الأزهري]

تصّيد الأخطاء ....وَباء و دسيسة سوء و حالقةٌ عافانا الله و إخواني منها

صدقتَ وربَّ الكعبة
باركَ الله فيكَ أخي الحبيب
تسجيل مُتابعة إن شاء اللهُ تعالى وفي انتظار تفصيل باقي الأبيات
نفعَ اللهُ بك .

[قـَسْوَرَةُ الأَثَرِيُّ]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عمر الأثري

صدقتَ وربَّ الكعبة
باركَ الله فيكَ أخي الحبيب
تسجيل مُتابعة إن شاء اللهُ تعالى وفي انتظار تفصيل باقي الأبيات
نفعَ اللهُ بك .

صدقك الله يا حبيب

اسعدني مرورك العطر

[أبو أنس الأنصاري]

باركَ اللهُ في مولانا .
تسجيل مُتابعة .
دعواتك النت يصل قريباً .