ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة لرد الشبهات ، ونصح من خالف السنة ، ونصرة منهج السلف |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
كُـلُّـكَ عَــوْرات
ما أكثر ما نشتغل بعيوب الناس ، ناسين أو متناسين أموراً مهمة : الأولى : أنهم بشر مثلنا ، وأنهم يقعون في الخطأ ويقع منهم الخطأ . الثاني : أننا مُـلئنا عيوباً لو اشتغلنا بها وبإصلاحها لأشغلتنا عن عيوب الناس . الثالث : أن من تتبّع عورات الناس تتبّع الله عورته ، فالجزاء من جنس العمل . الرابع : أننا أغرنا على الإنصاف فقتلناه غيلة ! فنظرنا في سيئات أقوام وأكبرناها وأعظمناها ، وكتمنا حسناتهم . وقديماً قيل : أرى كل إنسان يرى عيب غيره *** ويعمى عن العيب الذي هو فيه وما خير من تخفى عليه عيوبه *** ويبدو له العيب الذي لأخيـه روى ابن جرير في تفسيره عن قتادة في قوله تعالى : {بل الإنسان على نفسه بصيرة } قال : إذا شئت والله رأيته بصيراً بعيوب الناس وذنوبهم ، غافلا عن ذنوبه . ومن كان كذلك فقد تمّت خسارته ، كما قال بكر بن عبد الله : إذا رأيتم الرجل موكلا بعيوب الناس ، ناسيا لعيبه ، فاعلموا أنه قد مُكِـرَ بِهِ . وكم هو قبيح أن ينسى الإنسان عيوب نفسه ، وينظر في عيوب إخوانه بمنظارٍ مُكبِّر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { يبصر أحدكم القـذاة في عين أخيه وينسى الجذل أو الجذع في عين نفسه }. قال أبو عبيد : الجـذل الخشبـة العالية الكبيرة . رواه البخاري في الأدب المفرد مرفوعاً وموقوفاً ، وصحح الشيخ الألباني وقفـه على أبي هريرة ، ورواه ابن حبان مرفوعاً - أي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم - . ولنتذكّر في هذه العجالة أن الجزاء من جنس العمل . روى الدَيْلِمي في مسند الفردوس عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : كان بالمدينة أقوام لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس ، فأسكت الله الناس عنهم عيوبهم ، فماتوا ولا عيوب لهم ، وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم ، فتكلموا في عيوب الناس ، فأظهر الله عيوباَ لهم ، فلم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا . وروى الجرجاني في تاريخ جرجان عن أحمد بن الحسن بن هارون أنه قال : أدركت بهذه البلدة أقواما كانت لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس ، فـنُـسيَت عيوبهم . قال ابن رجب – رحمه الله – : وقد روى عن بعض السلف أنه قال : أدركت قوما لم يكن لهم عيوب ، فذكروا عيوب الناس فذكر الناس لهم عيوبا ، وأدركت قوما كانت لهم عيوب ، فكفوا عن عيوب الناس فـنُـسيت عيوبهم ، أو كما قال . وشاهد هذا حديث أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : يا معشر من آمن بلسانه ، ولم يدخل الإيمان في قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوارتهم ، فإنه من اتبع عوراتهم ، تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته . خرجه الإمام أحمد وأبو داود ، وخرج الترمذي معناه من حديث ابن عمر . واعلم أن الناس على ضربين : أحدهما : من كان مستوراً لا يُعْرَفُ بشيءٍ من المعاصي ، فإذا وقعت منه هفوة أو زلَّة ، فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها ؛ لأن ذلك وهذا هو الذي وردت فيه النصوص وفي ذلك قال الله تعالى : { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة } . والمراد إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه ، واتّهم به مما بريء منه كما في قضية الإفك . قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف : اجتهد أن تستر العصاة ، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام ، وأولى الأمور ستر العيوب . ومثل هذا لو جاء تائبا نادما وأقر بحده لم يفسره ولم يستفسر بل يؤمر بأن يرجع ويستر نفسه ، كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماعزاً والغامدية ، وكما لم يستفسر الذي قال : أصبت حدا فأقِمْهُ عليّ ، ومثل هذا لو أخذ بجريمته ولم يبلغ الإمام ، فإنه يشفع له لا يبلغ الإمام ، وفي مثله جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : {أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم }. خرجه أبو داود والنَّسَائي من حديث عائشة . والثاني : من كان مشتهراً بالمعاصي معلناً بها ولا يبالي بما ارتكب منها ولا بما قيل له ؛ هذا هو الفاجر المُعْلِن ، وليس له غيبة كما نصّ على ذلك الحسن البصري وغيره ، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره لتقام عليه الحدود ، وصرح بذلك بعض أصحابنا واستدل بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : {واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها} . انتهى كلامه – رحمه الله – . قال القرطبي في التفسير : قال بكـر بن عبد الله المُزَنِيّ : إذا أردت أن تنظـر العيوب جملةً فتأمل عيّـاباً ، فإنه إنما يعيب الناس بفضل ما فيه من العيب … وقيل : من سعادة المرء أن يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره … لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا *** فيهتك الله سترا عن مساويكا انتهى .واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكـروا ***ولا تعـب أحداً منهم بما فيكا فيا أخي : ويا أختي : كيف إذا كان من يُوقع في عرضه من أهل العلم والصلاح ؟ ثم نرميه بالبدعة أو المروق من الدّين دون بيِّنةٍ ولا تَثَبّت . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : {من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله رَدْغَةَ الخَبالِ حتى يخرج مما قال} . رواه أبو داود ، وغيره ، وصححه الألباني – رحم الله الجميع – فليحذر الذين يخوضون في أعراض عباد الله ، خاصة الصالحين والمُصلحين . فيا إخوتاه : نحن – بَـعْـدُ - ما فرغنا من عيوب أنفسنا حتى نشتغل بعيوب غيرنا ! ولعل من اشتغل بعيوب الخلق ، يُبتلى بالانشغال عن عيب نفسه حتى تعطب . ويا أخي الحبيب : ويا أختي الكريمة : إذا شئت أن تحيا سليماً مـن الأذى *** ودينك موفورٌ وعِرْضُكَ صيّـنُ لسانك لا تذكـر به عورة امـرئٍ *** فكلّـكَ عوراتٌ وللناسِ ألسنُ وعينكَ إن أبدت إليكَ معايبـــاً *** فدعها وقل: يا عينُ للناسِ أعينُ وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى *** وفارق ولكن بالتي هي أحسـنُ وصية مُحب : أن نُقبل على أنفسنا فنـزكّيها بالعلم النافع ، والعمل الصالح ، ونترك الاشتغال بعيوب الناس ، فإننا لن نُسأل في قبورنا إلا عن رجل واحد : ( ما هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيكم ؟ ) وإني لأحسب أنه سلِم منّـا اليهودَ والنصارى ، ولم يسلم مِنّـا إخواننا ، كما قال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – . وتقبلوا تحيات أخيكم المحب . عبد الرحمن السحيم |
#2
|
|||
|
|||
بارك الله فيكم
|
#3
|
|||
|
|||
اقتباس:
|
#4
|
|||
|
|||
للرَفعِ رَفَعَ اللهُ قَدْرَ أَهْلِ السُنَّة
|
#5
|
|||
|
|||
أحسنتــم ،، أحــسن الله إليكم
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|