انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-06-2008, 01:18 AM
الشافعى الصغير الشافعى الصغير غير متواجد حالياً
لا تهاجم الناجح وتمتدح الضعيف .. لا تنتقد المجتهد الذي يعمل وتربت علي كتف الكسول
 




Tamayoz الدرس السابع ـ شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى

 

شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى
ـ لفضيلة الشيخ أحمد النقيب ـ
الدرس السابع
لدرس الصوتى

للاستماع
الدرس مرئى
للمشاهدة

الإعتقاد بالقدر
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه ومن اتبع هداه ثم أما بعد.
فمجلس اليوم - بإذن الله تعالى- يتعرض لقضية عظيمة وأصل كبير من أصول الإسلام وهو الاعتقاد بالقدر و- بإذن الله تعالى- سنحاول أن نستعرض هذه القضية في مقدمة ثم بعد ذلك أصول لابد من معرفتها، ثم بعد ذلك نتعرض لكلام الإمام العلامة ابن أبي زيد -عليه رحمة الله- ونسأل الله – تعالى- أن يوفقني إلى توضيح ما قد يكون فيه مُشكلاً.
فبداية: الإيمان بالقضاء والقدر لابد أن نعلم أنه ركن كبير من أركان الإسلام، يدل على ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- وهو حديث جبريل المشهور من طريق عبد الله بن عمر وهذا الحديث أصله أيضًا مُخَرَّج في الصحيحين وفي غيرهما من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أعني: حديث جبريل المشهور، لكن سأتعرض لهذا السياق الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وفيه: (أن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن الحميري أتيا عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- ليسألاه عما أحدث هؤلاء في شأن القدر فوجدا عبد الله بن عمر خارجاً من المسجد فيقول عبد الرحمن: فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قِبلنا ناس بالبصرة- ويقصد بهؤلاء الناس مَعبد الجهمي- يزعمون ألا قدر وأن الأمر أُنف) وذكر من صفتهم أنهم يتقعرون العلم، أو يتقفون العلم أو يتفقهون العلم- وكل واحدة من هذه الألفاظ وغيرها لها معنى. يتقعرون العلم، أي: يطلبون قَعر العلم، وهذا فيه تشبيه رائق جميل لأن قعر الآبار لا تكون صافية، وإنما قعرها يكون مَشُوباً بالأكدار والعُكارات ومنه قول الشاعر:
ونشرب إن وردنا الماء صفواً *** ويشرب غيرنا كدراً وطين
فالآبار علوها يكون صافيًا نقيًا فهذه الطائفة النابتة في البصرة التي تطلب العلم لا تطلبه من العلم الناقي منه والصافي والمُجمع عليه وإنما تُنقر في هذه المسائل التي لا يترتب عليها عظيم اعتقاد ويخوضون فيها من غير آلة ولا برهان فيكون الفساد حليفًا لهم، وهذا أيضًا قريب من معنى يتقفرون العلم، ويتقفرون: من القِفَار وهي الصحراء، فعندما يسيرون لا يسيرون في الطرق الآهلة المزروعة المباركة، وإنما يسلكون الطرق الوعرة الضيقة التي لا تسلكها السابلة، أي: الذين لا يمشون فيها، فهم متكلفون في طلب العلم، مُتقاعرون في طلبه غير مستفيرين في طلبه، فطلبهم للعلم لا يحور عليهم إلا بالندامة والخزي وهذه طائفة من أهل الأهواء لا يزدادون بطلب العلم إلا فجوراً أو كبراً- والعياذ بالله- لماذا؟ لأنه لم يطلب العلم للعمل وقديمًا قالوا: «من طلب العلم للعمل كسره علمه، ومن طلب العلم لغير ذلك لم يزدد به إلا فخرًا أو فجورًا».
أيضًا هؤلاء القوم يزدادون بالعلم بعداً عن الله -عز وجل- فتدك معاني القلوب من قلوبهم، فيكون حالهم كحال هذا الجبل عندما ينزل عليه المطر فإنه يدك دكاً، كما يقول الشاعر:
والعلم حرب للفتى المتعالي *** كالسيل حرب للمكان العالي
فهذه نابتة السوء التي نبتت في البصرة هذه النابتة مع أنهم يزعمون أنهم يطلبون العلم ويتلمسون مسالكه إلا أنهم قالوا مقالة عظيمة أو قالوا مقولة عظيمة هذه المقولة: أنه لا قدر، وأن الأمر أُنف، أنف بمعنى: مستأنف، أي: إن الله –تعالى- لا يعلم الأمور إلا عند حصولها، أي إن الله –تعالى- لا يعلم أني سآتي إلى هذا المكان إلا عندما أتيت، - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- وربي- سبحانه- وهو الجليل لا يعلم أن إنساناً سيتزوج امرأة ما إلا عندما يتقدم ويحدث هناك العقد والبناء، فينفون علم الله –تعالى- الأول عن الله -سبحانه وتعالى- فقال عبد الله بن عمر: (إذا لقيتم أولئك فأخبروهم أني بريء مني وأنهم برءاء مني ووالذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبًا ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر سمعت عمر بن الخطاب) ثم ساق حديث جبريل المشهور.
هنا فائدة عظيمة في قوله: إنه لن يُقبل به حتى يؤمن بالقدر ثم ساق حديث جبريل وفيه سؤال جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما الإيمان؟ فقال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) إذن: الإيمان بالقدر أصل من أصول الدين وركن ركين من أصول الاعتقاد إن اهتز أو اختل يختل هذا البنيان الاعتقادي العظيم. أرأيتم كيف أن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه وعن أبيه- كَفَّرَ هؤلاء القدرية الأُول الذين نفوا علم الله -عز وجل-؟! فهذا دليل واضح على أن هدم هذا الركن هدم للإيمان، إذن: الإيمان بالقدر ركن من أركان الدين.
النقطة الثانية: قبل أن أخوض فيها، أريد أن أبين مسألة ربما تلتبس على أذهان بعض إخواني الفضلاء، مسألة القضاء والقدر، والعلاقة بين القضاء والقدر هل القضاء هو القدر أم أن هناك الفارق بين القضاء والقدر؟ هذان قولان موجودان، فهناك من سوى بين القضاء والقدر بأن الكل بمعنى واحد ويقصد بالقضاء كما يقصد بالقدر: حكم الله -عز وجل- وتقديره أو تقدير الله -سبحانه وتعالى- وحكمه على عباده. فالله -تبارك وتعالى- قدر شيئًا ما على عباده وحكم به عليهم فهذا قضاء وهذا أيضًا قدر، وهذا المفهوم هو ما يمكن أن نتلمسه ونقف عليه جليًا في كتاب القضاء والقدر للحافظ البيهقي- عليه رحمة الله- وكذلك يمكن أن نتلمسه في غير موضع في كتاب العلامة ابن القيم- عليه رحمة الله- وكتابه: شفاء العليل.
المعنى الثاني: أن القضاء أسبق، فالقضاء هو الحكم العام المتعلق بعلم الله -عز وجل- إذن: الحكم العام الإجمالي المتعلق بعلم الله -عز وجل- هذا هو القضاء، أما القدر هذا متعلق بمشيئة الله -عز وجل- فإيجاد أفراد هذا الحكم العام بإذن الله وبمشيئة الله هذا يسمى القدر، وهذا الكلام نقله ابن حجر في الفتح ويمكن أن نتلمس مثل هذه المعاني في رسالة أبي بكر الإسماعيلي وهي رسالة في الاعتقاد أرسلها إلى أهل الجبل وهي رسالة مشهورة معلومة، إذن: الحكم العام المجمل الذي يندرج تحته الأفراد والأنواع والأجناس هذا مُتعلق بالعلم ويسمى قضاءً. أفراد هذا الحكم أو أعيان هذا الحكم أو الموجودات في هذا الكون المتعلقة بهذا الحكم هذا يسمى القدر. وهذه مسألة مسألة علمية ليس لها أثر كبير في أمور الاعتقاد يعني: من قال القضاء هو القدر أو القدر هو القضاء هذا الأمر لن يفيد كثيراً فهي مسألة علمية ولكن أردت التنويه عليها.
القدر مثبت في الكتاب والسنة، هذه هي النقطة الثانية أن القدر مثبت في الكتاب والسنة قال الله -عز وجل-: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وقال الأصوليون واللغويون بأن لفظة "كل" أبلغ صيغ العموم، فقوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ فكل شيء خلقه الله –تعالى- بقدر وقال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التغابن: 11]، قال بعض السلف هو الرجل تنزل عليه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويُسَلِّم، وقال الله -سبحانه وتعالى- أيضًا ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء: 105]، نسأل الله –تعالى- أن يورث الأرض عباده الصالحين ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ﴾ قيل: الزبور وهو الكتاب، كتاب داود، وقيل: الزبور الكتب التي أنزلها الله –تعالى- على أنبيائه، هذه تسمى الزبور: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ ﴾ وقراءة حمزة ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزُّبُورِ ﴾، والمقصود بالزبور الكتب المُنَزلة، فهي جمع زِبْر والزبر هو الكتاب، ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ﴾ الذكر هو اللوح المحفوظ أم الكتاب كما أخبر ربنا -سبحانه وتعالى- فالذكر هو أم الكتاب، الذي عند الله -عز وجل- في السماء ﴿لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى ﴾ [طه: 52]، وفي صحيح مسلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير) اسمع هذا الحديث: المؤمن القوي والمؤمن الضعيف، فالمؤمن القوي خير وأحب خير من صيغة تفضيل، ولكن لا تُصاغ إلا على هذه الصيغة: (المؤمن القوي خير وأحب) والمقصود بالقوة هنا هي القوة القلبية والعملية لا يقصد بذلك مجرد القوة البدنية قال بعض السلف: « قوة المؤمن في قلبه وقوة المنافق في بدنه»، وليس معنى ذلك أن المؤمن بالضرورة لابد أن يكون ضعيف البدن كليلاً مريضًا، حتى يكون أحب إلى الله –تعالى- وأرضى، أبدًا، فلو جمع مع قوة قلبه وقوة عمله القوة البدنية التي بها يستطيع أن يقوم ويجاهد ويدعو ويتحرك لكان ذلك خيراً له وأسد، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وفي كل خير) وأنتم تعرفون حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- عندما صعد إلى شجرة ليجتني عوداً من أراك فتكفأته الريح فتعجب الصحابة من دقة ساقيه وكان ضعيفاً دقيق الساقين فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أتعجبون من دقة ساقيه؟!! والذي نفسي بيده إنهما عند الله –تعالى- لأثقل من جبل أحد)، إذن: ليست المسألة متعلقة بضعف البدن أو قوة البدن، وإنما القوة المقصودة قوة القلب وقوة العمل، فـ (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله – تعالى- من المؤمن الضعيف، وفي كل خير) قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك) وهذا منهج حياة (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، لابد أن يكون ديدنك وأن تكون سنتك في الحياة (احرص على ما ينفعك) فكل ما فيه حرص أنت تتمسك به لابد أن يكون هذا الحرص متوجهاً إلى النفع (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، لا تعجز، لا تفتر، ولا تهدأ ولا تكل، ولا تمل، ولابد أن تمارس وتعالج الأسباب لتفضي بذلك إلى النتائج التي تريدها- بإذن الله عز وجل- ولا تعجز (واستعن بالله ولا تعجز)، هذا حديث رائق لابد أن يكون عُمدة لنا في ذلك الباب، وعند الترمذي بإسناد صحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعبد الله بن عباس: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) إذن: كل الأمور من النفع وغير النفع مقدرة مكتوبة.
إذن: محصلة القول بأن القدر ركن من أركان الإسلام الأمر الثاني: أن النصوص أتت متوافرة على إثبات القدر.
ماذا يُعنى بالقدر؟
يُعنى بالقدر: إثبات عدة أمور:
الأمر الأول: إثبات علم الله –تعالى- الأول، التام، المحيط.
الأمر الثاني: كتابة الله –تعالى- مقادير الخلق.
الأمر الثالث: بعد ذلك: مشيئة الله –تعالى- وإرادته.
الأمر الرابع: خلق الله –تعالى- لكل شيء.
إذن: العلم- والكتابة- والمشيئة- والخلق.
قال الله –تعالى- في مسألة العلم: ﴿أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْم ﴾ [الطلاق: 12]، والآن سمعتم كيف أن الصحابة كفَّروا الذين أنكروا علم الله –تعالى- الأول، وهم القدرية الأُول، عندما أنكروا علم الله –تعالى- الأول، كفَّرهم عبد الله بن عمر، فلابد أن تثبت أن لله -تعالى- علماً أحاط به كلَّ شيء وهذا العلم علم تام، عَلِمَ الله –تعالى- به الخلائق قبل خلقها، وعلم به الخلائق قبل وجودها، هذا أولاً.
الأمر الثاني: -عُجالات يسيرة سريعة- كتابة الله – تعالى- مقادير الخلق، وفي حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنه وعن أبيه- والحديث في الصحيح: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (إن الله –تعالى- كتب مقادير الخلق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)، يعني: المقادير الخلائق كتبت قبل إيجادها بخمسين ألف سنة -سبحان الله- يعني: حركة يدك هذه كتبها الله –تعالى- في الزبور قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، -سبحان الله- كل شيء كتبه الله –تعالى- في كتاب ﴿لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى ﴾ [طه: 52].
المرتبة الثالثة: مشيئة الله –تعالى- وإرادته، والمشيئة هنا هي المشيئة النافذة، التامة المشيئة النافذة وهي مشيئة كونية تحيط بكل شيء، قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الإنسان: 30]، فما من شيء في هذا الكون إلا - بإذن الله تعالى- ومشيئته، قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]، أما إرادته فهي على قسمين: إرادة دينية وإرادة كونية.
الإرادة الدينية: هي المتعلقة بمحاب الله ومراضيه، إذن: كل ما يحبه الله –تعالى- ويرضاه فهي متعلقة بماذا؟ بإرادته الشرعية الدينية فالله- تعالى- عندما تصلي أراد لك الصلاة لأنه أمرك بالصلاة فأحبك عندما صليت فالصلاة محبوبة إلى الله -عز وجل- فمن صلى فإنما صلى بإرادة الله -عز وجل- الدينية الشرعية.
ثم هناك الإرادة الكونية: وهي المتعلقة بسلطان الله -عز وجل- وملك الله -عز وجل- وقيوميته على هذا الكون كله فلا يحدث شيء في هذا الكون إلا بإرادة الله -عز وجل- إذن: الأكل والشرب وطاعة المطيع ومعصية العاصي وكفر الكافر وجحد الجاحد وإيمان المؤمن هذا كله بماذا؟ بإرادة الله –تعالى- الكونية العامة، ومن هنا فإن الإرادة الكونية هي المشيئة الكونية، فكل ما تعلق بسلطانه وقيوميته، فما ينسب إلى ذلك كله قريب يعني: الأمر الكوني والإذن الكوني والإرادة الكونية والمشيئة الكونية هذا كله بمعنى واحد، لماذا؟ لأن الكل يرجع لملك الله -عز وجل- وسلطانه على هذا الكون، لأنه لا يمكن أن يحدث شيء في هذا الكون من غير إرادة الله، من غير مشيئة الله, من غير أن يأذن الله –تعالى- به، من غير أن يأمر الله –تعالى- به أمراً كونياً حركات السحاب ووقع الرمال وطاعة المطيعين وكفر العاصين والكافرين هذا كله متعلق بأمر الله الكوني بمشيئته الكونية, بإذنه الكوني, بأمره الكوني, بقضائه الكوني هذا كله لابد أن يعلم، أما ما كان متعلقاً بطاعة المكلفين وطاعة المكلفين محبوبة إلى الله -عز وجل- يرضى الله –تعالى- عنها فهذا مما أذن الله –تعالى- فيه دينا، فالدين والشرع ما يحبه الله –تعالى- فبالتالي كل من فعل شيئًا يحبه الله –تعالى- ويرضاه فقد أتى بالمراد الديني، ولذلك نحاول أن نتأمل هذه الآيات ونحاول أن نسألكم في هذه الآيات: هذه الآية يا ترى يمكن أن حملها على أي وجه الوجه الشرعي أم الوجه الكوني في قول الله -عز وجل- ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ﴾ [النساء: 28]، يريد الله، إذن: هذه إرادة ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيف ﴾، يا ترى هذه الآية إذا أردنا أن نجعلها نجعلها تحت الإرادة الكونية أم الشرعية؟ ولماذا؟ من يعرف.
تندرج تحت الإرادة الدينية الشرعية
نعم، لماذا؟
لأنها تتعلق بالدين والشرع بما يحبه الله -عز وجل
فمن محاب الله -عز وجل- إرادة اليسر للمكلفين، ولذلك قال بعض الأصوليين: « حيثما كان اليسر كانت المصلحة، وحيثما كانت المصلحة فثم شرع الله » إذن هذه آية متعلقة بالإرادة الدينية، طيب، في قول الله -عز وجل- ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ﴾ [الأنعام: 125]، انظر كلمة يشرح الحاء كذا يعني: تشعر بأن هناك بحبوحة عندما تقرؤها، وهناك أريحية، وكذلك الهداية، ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ﴾ ومن يرد أن يضله ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاًّ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125]، يا ترى هذه الآية يعني ما نوع الإرادة هنا؟ تفضل:
بسم الله الرحمن الرحيم. هي المقصود هنا إرادة كونية
في قوله؟
﴿ فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ
طب كونية بأي اعتبار؟
لا.. آسف، هي إرادة دينية شرعية،
هي إرادة دينية ويمكن أن تكون إرادة كونية باعتبار أنها حدثت في الكون أو تحدث في الكون، لكنها - في الأصل- إرادة دينية، أما قوله: يضله ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ ﴾ هذه إرادة كونية، لأنه لا يمكن أن يحدث في ملك الله ما لا يريده الله، لا يمكن، فما يحدث في هذا الملك إنما هو بإرادة الله -عز وجل- ولكنها الإرادة الكونية.
ثم بعد ذلك المرتبة الرابعة: أن الله -تعالى- خلق كل شيء، إما ابتداءً، وإما توفيقاً وابتلاءً، خلقنا الله -عز وجل- ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴾ [فاطر: 3]، عندما ذكر الله -عز وجل- خلق السماوات والأرض وما إلى ذلك في سورة لقمان قال: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ﴾ [لقمان: 11]، ماذا خلق الذين من دونه؟ لم يخلقوا شيئاً وتحدى الله –تعالى- الخلق جميعاً أن يخلقوا ذباباً فلم يقدروا على ذلك الأمر, فالله -تبارك وتعالى- هو الذي خلق الخلق وأوجدهم، ولم يخلقهم غيره، كما خلق من الخلق خلقاً غير البشر كالإنسي والجني والملكي والجبلي والسهلي والوحشي والعوالم التي تجري في الماء إلى غير ذلك، هذا كله خلق الله -عز وجل- ابتداءً، وهناك خلق الله -عز وجل- توفيقاً وابتلاءً، الإنسان عندما صنع الثلاجة، من الذي وفقه إلى صناعة الثلاجة؟ الله -عز وجل- إذن: في الحقيقة الذي أوجد الثلاجة وأعان الإنسان على صنعها وإيجادها هو الله -عز وجل- إذن: الله -عز وجل- خلق الثلاجة توفيقاً، ولو أن الله -عز وجل- قطع توفيقه عن العبد ما صنع هذه الثلاجة، هذه الطائرة التي تحمل أطناطاً وتطير فوق المدن، هذه الطائرة صنعها الإنسان لكن هل صنعها الإنسان بفكره وعلمه ولباقته وما إلى ذلك أم صنعها الإنسان بتوفيق الله -عز وجل- له؟
بتوفيق الله -عز وجل- له.. فلا يحدث شيء في هذا الكون إلا بالله -عز وجل- فالله تعالى هو الذي خلق الطائرة. خلقها ماذا؟ توفيقاً أن وفق صانعها إلى صنع الطائرة ولولا هذا التوفيق لما كانت الطائرة, وهكذا في كل نظير فما من شيء في هذا الكون إلا خلقه الله –تعالى- ابتداءً وإما توفيقاً وهذا التوفيق فيه معنى الابتلاء لأن الإنسان عندما يصنع كل شيء ويقدر على كل شيء هذا فيه الابتلاء ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَ ﴾ [يونس: 24]، ماذا يحدث بعد هذا؟ ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24]، قال الله –تعالى- ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16]، بكل شيء إذن: الطائرة شيء خلقها الله -عز وجل- وأنت شيء خلقك الله -عز وجل- والقلم والورقة والسماء والجبال والوحش والسهل والجبل والشجرة كل هذا من جملة الأشياء التي خلقها الله -عز وجل.
كما خلق الله -عز وجل- مع الماديات المعنويات، الحب خلقه الله -عز وجل- والخوف من خلق الله -عز وجل- والذل من خلق الله -عز وجل- فكل شيء سواء كان مادياً أو معنوياً فهو خلق خلقه الله -عز وجل- وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 96]، إذن: ما تعملونه إنما هو منسوب أيضًا إلى الله -عز وجل.
هناك أصول لابد أن نذكرها بعد هذه المقدمة، وبعد هذه الأصول لو قرأنا كلام ابن أبي زيد فقط مجرد قراءة لكان الكلام واضحاً بإذن الله -عز وجل.
الأصل الأول: القدر سر من أسرار الله وغيب من جملة غيبه، فكما أن الله –تعالى- لا يطلع على غيبه أحدًا، فإن الله –تعالى- لا يطلع على حكمة القدر إلا من شاء، وهذه مسألة لابد أن تفهمها وأن تعيها جيداً، فالقدر غيب من غيب الله -عز وجل- ولا يطلعه إلا على من يشاء من عباده، في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يخطب وكان بجواره ابن ابنته الحسن، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إن ابني هذا سيد) ويشير إلى الحسن، (إن ابني هذا سيد) الحسن بن علي، -رضي الله تعالى عنه- (وسيصلح الله –تعالى- على يديه بين طائفتين عظيمتين من أمتي)، هذا كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- العجيب في سنة واحد وأربعين من الهجرة أتى معاوية في جند كثيف من أهل الشام، وخرج الحسن بن علي في جند كثيف من أهل العراق وما حولها، في ساحة المعركة عشرات الآلاف أكثر من مائة وخمسين ألفاً مثلا، عندما نظر الحسن بن علي وكان أميراً لمؤمنين بايعه أهل العراق وأهل مصر وأهل الجزيرة وأهل اليمن وأهل إفريقيا هؤلاء كلهم بايعوا من؟ بايعوا الحسن بن علي، ومعاوية ليس معه إلا الشام فقط، لكن عندما نظر الحسن بن علي، فوجد أن دماء المسلمين ستسفك من أجل الإمارة ماذا حصل؟ راسل معاوية وتنازل له عن إمرة المؤمنين وسمي هذا العام بعام الجماعة، وصدق ما قال النبي -عليه الصلاة والسلام.
الغيب غيبان وسأذكر هذا في محله مرة أخرى: غيب مطلق وغيب نسبي.
الغيب المطلق: لا يعلمه أحد إلا الله، قال الله -عز وجل- ﴿وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾ [الأعراف: 188]، فالله -عز وجل- لم يطلع أحداً على غيبه أحداً أبداً ﴿إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَد ﴾ [الجن: 27]، فالله- تعالى- قد يطلع على بعض غيبه من شاء من خلقه، فهذا هو الغيب المطلق هذا غيب مطلق، من جملة هذا الغيب:
القبر، علامات الساعة، ما يكون بعد لحظة أمور المستقبل كلها من أمور الغيب، كلها أمور مستقبلة لا يعلمها أحد.
أما الغيب النسبي ما تفاوت الناس في دركه، اليوم ماذا أكلت قبل أن آتيكم؟ هل أكلت أم لم آكل؟ أنتم لا تعلمون شيئًا، لكن أنا أعلم من نفسي، إذن: ما غاب عنكم من حالي هو بالنسبة لي شهادة، ولكن بالنسبة لكم غيب، أخي الحبيب ماذا صنعت قبل أن تأتي هنا؟ أنا لا أدري ولكن أنت تعلم، أنت تعلم لكن أنا لا أعلم، فأنا لا أعلم فهذا غيب بالنسبة لي، ولكن هذا شهادة بالنسبة لك، هذا يسمى بالغيب النسبي وهنا الكهان والعرافون إنما يتحركون في هذه الدائرة دائرة الغيب النسبي يأتي الرجل إلى الكاهن يدق عليه الباب يقول له: ادخل يا محمد، كيف علم أن اسمي محمد؟ يقول: تعالَ ادخل زوجتك اسمها كذا وأولادك أسماؤهم كذا وكذا وكنت تفعل كذا، كل هذه المعلومات حصلت، عرفها الجن وأبلغها لهذا الكاهن، لكن هل هذا الدجال يعلم شيئًا في الغيب؟ لا يعلم شيئًا في الغيب؟ فالقدر من جملة الغيب المطلق الذي لا يعمله إلا الله -عز وجل- هذا هو الأصل أول.
الأصل الثاني: أن الله تعالى لا يظلم أحداً ﴿وَمَا رَبُّكُ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]، الله –تعالى- ليس بظلام للعبيد، ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 57]، فالله- تعالى- لا يظلم أحداً، فالله -سبحانه وتعالى- في قدره وحكمه وأمره وجزائه هو -سبحانه وتعالى- لا يظلم أحداً.
الأصل الثالث: لا يحتج بالقدر في المعائب وإنما يحتج في القدر في المصائب، ما الفرق بين المصائب والمعائب؟ المعائب من جنس الذنوب والمعاصي. أما المصائب فهي الأمور التي تنزل عليك اضراراً دون دخل منك، رجل ماشٍ في الشارع وقع عليه قطعة من الحديد فشجت رأسه يا ترى هذا ذنب أم مصيبة؟ مصيبة، إذن: يرضى بهذه المصيبة، وهكذا في كل حال، وكما قلت لكم: إن بعض السلف قالوا: إن الرجل لتنزل عليه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، وهذا باب عظيم والكلام فيه واسع، فلا يجوز الاحتجاج بالقدر في ذنب أو معصية يشرب سجائر أو مثلا يشرب حشيشاً أو يزني أو ما إلى ذلك يقول: هذا بأمر الله لما ربنا يشاء أترك هذه المعصية. لا يقبل منه ذلك، لأن هذا من جنس احتجاج المشركين بمشيئة الله -عز وجل- على الشرك ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَ ﴾ [الأنعام: 148]، فهذا لا يجوز شرعاً وهذا المحتج بالقدر بمشيئة الله وإرادة الله -عز وجل- على فعل المعصية لو أنا أمسكت قطعة من حديد وضربت بها رأسه وتألم إيلاماً شديداً فقلت: اصبر فهذا قدر الله هل يقبل ذلك مني؟! -سبحان الله- إذن: كيف يفرق بين هذا وذاك؟! إذن: لا يجوز الاحتجاج بالقدر إلا عند المصائب، أي مصيبة، مثلا- لا نريد أن نمثل أمثلة قريبة جداً -، أي مصيبة تنزل عليك اعلم أنها من عند الله فارضَ حتى يرضى الله عنك.
الأمر الرابع: أن الله – تعالى- ﴿لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ﴾ [الأنبياء: 23]،أليس القدر سراً من أسرار الله, ومن جملة غيب الله ونرى القدر في الصفحات المنشورة والمرئية, نرى اثنين يسيران في سيارة واحدة تنقلب بهما السيارة أحدهما يموت والثاني لا يخدش- سبحان الله- هذا كله بقدر الله -عز وجل- نشاهد ذلك، نشاهد أموراً عجيبة جداً في هذا الكون بقدر الله -عز وجل- مثلا نقرأ في القرآن قصة يوسف تصور لو أن يوسف لم يخطفه إخوته، ولم يرموه في البئر وكان لصيقاً بوالده يا ترى هل كانت هذه القصة ستبلغ مداها كما قص ربنا -عز وجل- وأخبر؟ أبداً، فمشاهدة القدر تعطي الإنسان قوة وأماناً وطمأنينة وراحة وتعطيه- بإذن الله تبارك وتعالى- معاني لو تأملها ما ترك هذا التأمل, فسبحانه وتعالى ﴿لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23]، لمَ تعمل ذلك يا رب؟!! هذا خطأ لا يجوز أن تسأل عن شيء فعله الله -عز وجل- فكل شيء في هذا الكون إنما خلقه الله, إنما أوجده الله, إنما أنشأه الله فلا تسأل ربك شيئًا شاءه هذه أصول لابد أن تكون بينة.
بعد هذه المقدمة وبعد هذه الأصول التي هي شرح لما قاله ابن أبي زيد، نحاول أن نقرأ ما قاله العلامة ابن أبي زيد القيرواني- عليه رحمة الله- ونحاول أن نربط بين ما سمعناه وبين ما قاله- عليه رحمة الله-.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (والإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره كل ذلك قد قدره الله ربنا ومقادير الأمور بيده ومصدرها عن قضائه علم كل شيء قبل كونه فجرى على قدره لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه وسبق علمه به، قال الله –تعالى-: ﴿أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]، يضل من يشاء فيخذله بعدله ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله فكل ميسر بتيسيره إلى ما سبق من علمه وقدره من شقي أو سعيد تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد أو يكون لأحد عنه غنى أو يكون خالقاً لشيء إلا هو, رب العباد، ورب أعمالهم والمقدر لحركاتهم وآجالهم ).
سبحانه- سبحانه- سبحانه ربي الجليل، يقول ابن أبي زيد- عليه رحمة الله-: (والإيمان بالقدر خيره وشره ) هذه الجملة المنصوص عليها في حديث جبريل المشهور المُخَّرَج في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر عن أبيه، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة وفي غيرهما وقوله: (حلوه ومره ) هذه رواية موجودة عند الترمذي من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقول: (لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره) وكان يقبض بعد ذلك -عليه الصلاة والسلام- على لحيته، قال أنس وهو راوي الحديث ورأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- ( قبض على لحيته)، هذا الحديث أخرجه الترمذي ولكنه ضعيف، لأن يزيد الرقاشي وهو راوي الحديث عن أنس ضعيف.
وهنا مسألة خيره وشره، هل القدر فيه شر؟ الجواب: أن القدر كله خير، لا شر فيه، وإنما الشر سمي شراً، لانقطاعه عن الله، فالله -تبارك وتعالى- هو الذي قدر هذا القدر، وهو الذي أذن فيه، فالخير فيما أذن الله –تعالى- فيه فالخير إلى الله -سبحانه وتعالى- والشر لا ينسب إليه - سبحانه وتعالى- وما قد يتصور من شر فلا يوجد شر تام من كل وجه، وإنما هو شر في وقت دون وقت، في حال دون حال في عين دون آخر، فما قد تجده شراً قد يكون خيرًا بالنسبة لك في وقت آخر، وما تجده شراً لك قد يكون خيراً لغيرك، ومثال ذلك: لو قلت لك: إن قوماً أخذوا أخاً لهم ليقتلوه فجعلوه في جب عميق مظلم، وتركوه وانصرفوا ماذا تقول في هؤلاء الإخوة ؟ تقول: ما أظلمهم ما أفظ أخلاقهم، وما أقسى قلوبهم، لو قلت لك بأن هذا الشر بالنسبة لهذا الغلام كان خيراً له، يعني: هذا الشر بالنسبة لهذا الغلام كان خيراً له، ماذا حدث؟ أتت قافلة التقطته ثم بعد ذلك باعته، طيب، أيضًا كونه يكون عبداً بعد أن كان حراً هذا شر ولكنه بعد ذلك سيكون خيراً، ماذا حدث بعد ذلك؟ راودته امرأة العزيز, تأبى, دخل السجن ثم فتح الله عليه بتأويل الرؤى، ماذا حدث بعد ذلك؟ عرف الملك بحاله ثم استدعاه ثم قربه ثم صار عزيز مصر، ثم بعد ذلك أرسل إلى أبيه وإخوته فأدخلهم مصر وأقام العدل ونشره إذن: هذا الخير كله إنما أتى بعد ماذا؟ بعد ما يتوهم أنه شر، لكن ليس هناك شر مطلق، لو قلت لك: إن هناك امرأة أخذت وليدها, رضيعها فجعلته في صندوق فرمت به في الماء، -سبحان الله- لا يمكن, امرأة تأخذ صغيرها وتجعله في صندوق وترمي به في الماء، كيف يكون ذلك الأمر؟!! طب ربما أي إنسان يأخذه هذا الأمر لا يمكن هذا الأمر الذي يتصور أنه شر بالنسبة للغلام، لهذا الرضيع، هو في عينه تمام الخير، ماذا حدث؟ ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ ﴾ [القصص: 8]، ، فلما التقطه آل فرعون ربي هذا الغلام في قصر الفرعون وكانت نهاية الفرعون على يديه -سبحان الله- المرض يؤلمك وينهكك ولكنه خير لك فهو شر لك من جهة الألم من جهة النفقة من جهة الضعف من جهة الخور، ولكنه خير لك قربة إلى الله -عز وجل- ودرجات وحسنات وسيئات تمحى إذن: هذه كلها خيرات، حتى الدجال، وهو أعظم شر أوجده الله –تعالى- على الأرض، أعظم شر الدجال، وجود الدجال مع أنه شر إلا أنه أيضًا خير، لأن وجود الدجال فيه امتحان للخلق فيثبت المؤمن على إيمانه ويرتكس الكافر بكفره، فهذه الفتنة العظيمة لم تكن شراً من كل وجه، وهكذا كل الأمور ربما وهذه أمور أنت تجدها حتى مع نفسك، أنت تذهب إلى الامتحان لكي تمتحن ثم بعد ذلك تتعطل السيارة تفوت عليك هذه المادة، تفويت هذه المادة شر بالنسبة لك، ستضطر أن تمتحن- دور ثاني- ثم بعد ذلك يحدث خير عظيم، ينزل إعلان نريد حديث التخرج ومواصفات كذا وكذا، وهذه المواصفات لا تنطبق إلا عليك، فيفتح الله –تعالى- باباً لك من أبواب الرزق، لأنك تأخرت في هذه المادة، التي ظننت أنها شر وهكذا في كل حال، فعندما يقول:( خيره وشره) فالخير هو الخير المطلق والشر هو الشر النسبي، فالخير هنا والخير مطلق والشر هنا والشر نسبي، الشر النسبي المتفاوت بتفاوت الأحوال الأشخاص الأوقات الأوضاع، إلى غير ذلك، لكن أن يكون الشر مطلقاً، لا... ليس هناك شر مطلقاً، وعلى قوله: ( حلوه ومره ) الحلاوة والمرارة لا تتعلق بالعاقبة وإنما تتعلق بالمبتدأ تتعلق بمباشرة الأسباب فالعاقبة عند الله -عز وجل- وهي أعظم من أن توصف بالحلاوة أو المرارة وإنما الحلاوة والمرارة إنما هي عند معالجة الأسباب قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسول)، ذاق طعم الإيمان إذن: هذا التذوق إنما كان نتيجة بذل السبب الذي هو أنه رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا، فالمرارة والحلاوة إنما تكون بمباشرة الأسباب وهذا فيه مَلْمَح عظيم كأن الشيخ يريد أن يشير إليه، أنه لابد للمكلف ألا يدفع الأسباب ولكن لابد أن يباشر الأسباب.
قوله: ( قدر الله -تبارك وتعالى- كل شيء، فكتبه في اللوح المحفوظ) اللوح المحفوظ كتب الله –تعالى- فيه كل شيء ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَبْرَأَهَ ﴾ [الحديد: 22]، كل شيء موجود في كتاب وكون كل شيء موجود في الكتاب ليس معناه أن الإنسان يترك العمل ولقد فهم الصحابة شيئًا من ذلك، فقال لهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: (اعملوا فكل ميسر لما خُلق له)، ولا يعارض نصوص إثبات القدر قول النبي -عليه الصلاة والسلام- عند الترمذي وهو حديث حسن: ( لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر) لا يرد القضاء إلا الدعاء: ليس هناك تعارض لأن المقصود بالقضاء المقضي أي ما قضى الله –تعالى- به أي المقدر أي لا يرد المقدر إلا الدعاء، فالدعاء مقدر ولا يرد مقدر إلا بمقدر فلا تعارض في ذلك الأمر وهذا ما يسميه العلماء بتدافع الأسباب أو معالجة الأقدار بالأقدار، أي أنك تدفع قدراً بقدر ليثبت ما أراد الله -عز وجل- تدفع قدراً بقدر ليثبت ما أراد الله، لو أن اليهود أرادوا أن يحاربونا وتحركت جيوش اليهود نحو مصر إذن: هذا الأمر بقدر الله -عز وجل- ماذا نقول؟ نقول: نرضى ونؤمن بالقدر ونتركهم يدخلون بلادنا ليقتلونا ويستولون على ديارنا وأموالنا؟ أبداً، ماذا نصنع؟ نعد العدة لقتالهم، إذن: قتالهم من جملة القدر، وقتالهم لنا من جملة القدر، فندفع هذا القدر بالقدر ليحدث ما أراد الله -عز وجل-، المرض قدر، إذا مرضت المرض قدر هل عندما تمرض تقول: هذا قدر استسلم لهذا القدر أم تدفع هذا القدر بالدعاء بالرقية الشرعية بالذهاب إلى الأطباء ؟ فهذه كلها أقدار فتدفع هذا القدر بالقدر فلا يرد القضاء الذي هو المقدر إلا الدعاء لأنه أيضًا مقدر ليتم ما أراد الله -عز وجل- والإنسان المسلم إذا لم يدافع الأقدار بالأقدار يهدم الدين، فإنما يتم الدين قوة وعزاً وشرفاً بمدافعة الأقدار، بعد هذا يكون كلام الإمام القيرواني واضحًا، ولا يحتاج إلى تعليق بفضل الله -عز وجل- إذن: الجملة التي علقت عليها مسألة: حلوه ومره والجملة الثانية: هي جملة مدافعة الأقدار وبذلك يكون كلام الإمام القيرواني كلاماً واضحًا تامًا شافياً كافيًا يطابق ما قال إخوته الأئمة من قبله وصل الله وسلم على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي للشيخ عندما قال: من اتهم الله -عز وجل- بأن قدره سيء كفر، أو قال يكون كافراً، فهذه كلمة كافر، هل من عمل بذلك من الأعمال هذه أو من اعتقد يقال له: كافر؟ أم هناك قيود يجب أن يعلمها أو يجهلها أو من هذا القبيل؟
الأخت الكريمة من مصر تقول: أسأل بعض الأسئلة الخاصة بموضوع القدر:
أولاً: سؤال بالنسبة للعبارة التي قالها: ليس هناك شر مطلق، طيب: بالنسبة للكافر أليس كفره هذا شراً له؟ أي نعم هو يمكن يكون بالنسبة لوجوده في البشرة كفر بيفرق الكفر والإيمان والجنة النار؟
السؤال الثاني: حديث: (لا يرد القضاء إلا القدر)هل الإنسان مكتوب له في اللوح المحفوظ أنه لو مرض بمرض معين إنه سيرد هذا القدر بأن يدعو الله -عز وجل- أنه يشفى من هذا المرض؟
السؤال الثالث: ما الفرق بين القضاء وبين القدر؟ وفي الحديث:( لا يرد القضاء إلا الدعاء) هل الدعاء أيضًا يرد القدر؟
الأخ الكريم من مصر يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي الأول: كما هو معلوم فضيلة الشيخ أن الإيمان بالقضاء والقدر واجب وهو ركن من أركان الإيمان ولكن إذا حصل في النفس بغض أو كره وعدم رضا بالمقدور مع الإيمان بأن ذلك من عند الله هل يقدح ذلك في أصل الإيمان؟
سؤالي الثاني: ذكرتم فضيلة الشيخ أنه لا يجوز الاحتجاج بالقضاء والقدر في المعائب فكيف نرد بالحجة والدليل على من يحتج على فعل المعاصي بأن هذا مقدر ومكتوب عليه ويحتج بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُو ﴾ [الأنعام: 107]، حيث إن هذا السؤال يتردد كثيرا من تاركي الصلاة وغيرهم من أهل الضلال والعصاة؟
الأخ الكريم من الإمارات كان يسأل عن حديث عبد الله- من اتهام القدرية أو قوله بالكفر فما هي قيود التكفير من مسألة الاعتقاد؟

بسم الله الرحمن الرحيم.
ينبغي للمسلم بداية ألا يجزم في مسائل رمي أعيان المسلمين بشيء من الكفر أو النفاق أو البدعة أو الفسق أو نحواً من ذلك حتى تقام عليه الحجة الرسالية التي يؤاخذ من تركها يؤاخذ بتكفيره أو تفسيقه أو تبديعه من تركها. وأقول: الحجة الرسالية فهي حجة إذن: متعلقة بالعلم هناك علم وهناك برهان ورسالية لأنها شافية كافية كأن الذي يقيمها يقوم مقام النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالذي كفر القدرية الأول هو عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمر هذا من سادات الصحابة ومن أوعية العلم فيهم -رضي الله تعالى عنه- فعندما كفرهم ليس معنى ذلك أن ينفتح الباب واسعاً في مسألة التكفير ولكن كما قلت دائماً أنه لا يجوز تكفير أي معين أي مسلم إلا بعد استيفاء الشروط وامتناع الموانع قد يكون جاهلاً فيعلم قد يكون متأولاً فيوقف على وجه الحق في المسألة قد يكون مكرهاً قد يكون مخطئاً قد يكون غير قاصد قد يكون ناسياً قد يكون نائماً قد يكون مريضاً قد يكون ذاهلاً فهذه كلها أعذار تمنع من وقوع التكفير-والله تعالى أعلى وأعلم-.
الأخت الكريمة من مصر كان لها سؤالين: الأول: ليس هناك شر مطلق، مقولة: ليس هناك شر مطلق، وكفر الكافر أليس الكفر شراً مطلقاً؟
جميل هذا سؤال وجيه.
الكافر هل هو بمفرده في هذا الكون أم إن هذا الكافر معه من المؤمنين ما معه؟ وكانت حكمة الله -سبحانه وتعالى- أن الصراع لا يكون بين جنس ونظيره وإنما الصراع بين جنس وضده ، فالصراع بين الإيمان والكفر, بين الكفار والمؤمنين فعندما يكون الرجل كافراً هذا شر بالنسبة له لكن خير بالنسبة للمؤمن كيف ذلك؟ أن المؤمن سيدعوه إلى الله -عز وجل- إذن: هذا خير لهذا المؤمن فالمؤمن يقوم بمقام الدعوة إلى الله -عز وجل- والإرشاد والتوضيح وما إلى ذلك وهذا خير للمؤمن. الأمر الثاني: أن هذا الكفار قد يتأثر بهذه الدعوة فيكون بعد ذلك مؤمناً. الأمر الثالث: أن هذا الكافر قد لا يتأثر بالدعوة وقد يكون هذا المؤمن من القوة بمكان بحيث يقاتل هذا الكافر فإذا قوتل هذا الكافر كان ماله وكان ولده وكان ما يملكه خيراً للإسلام والمسلمين فيكون ذلك من جملة الخير، وقال النبي-عليه الصلاة والسلام-: (وجعل رزقي تحت ظل رمحي) فكيف يكون الرزق تحت ظل الرمح دون أن يوجد حرب مع الكفار؟!! فهذه مسألة موجودة، فهذه كلها وجوه من وجوه الخير قد تكون موجودة في وجود الكافر، فالكافر إن كان كفره شراً له لكن قد يكون خيراً بالنسبة لغيره- والله تعالى أعلى وأعلم- وهذه بعض الوجوه.
سؤالها الثاني فضيلة الشيخ عن حديث: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) هل كل هذا مكتوب في اللوح المحفوظ؟
أي نعم، الكتابة هناك كتابة أولى موجودة في أم الكتاب في اللوح المحفوظ في كتاب عند ربي ﴿لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى ﴾ [طه: 52]، فهو فوق السماء هذا الكتاب، وهناك كتابة عمرية فالله -تبارك وتعالى- قبل أن توجد وعندما دُبت فيك الروح أمر الملك أن يكتب جملة أشياء من هذه الأشياء أن يكتب أجلك وأن يكتب عمرك وأن يكتب شقي أو سعيد، ثم هناك الكتابة السنوية، وهذه الكتابة تكتب في ليلة القدر، وهناك الكتابة اليومية، فإذن: هناك كتابة يومية وهناك كتابة حولية وهناك كتابة عمرية وهناك كتابة أولى، فعندما يقول: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) ربما يكون ذلك فيما دون الكتابة الأولى- كما رجح بعض أهل العلم والله تعالى أعلى وأعلم-.
فضيلة الشيخ الأخ الكريم من مصر كان سؤاله الأول: الإيمان بالقضاء والقدر واجب ولكن النفس قد يصيبها عدم رضا بالقضاء والقدر هل يقدح ذلك في صلب الإيمان؟
أخرج الإمام أحمد بإسناد رجاله ثقات والحديث حديث صحيح: (أن عبادة بن الصامت لما مرض قال لولده: أي بني أجلسني، فأجلسه، ثم قال له: أي بني إنك لن تذوق طعم الإيمان ولن تبلغ حقيقته حتى تؤمن بالقدر فقال: أي أبتِ وكيف أومن بالقدر؟ قال: أن تعلم ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: (أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة)، أي بني إنك إن مت على غير هذا دخلت النار) والمقصود أن الإنسان إذا تسخط بالقدر مع إيمانه به، هذا قادح في الإيمان بالقدر ولا يكون بذلك كافراً، ولكن هذا قادح يحتاج هذا الرجل إلى أن يجدد عهده بالإيمان مرة ثانية وألا يحدث في هذا الباب إلا ما يحبه ربنا – تعالى- ويرضاه.
كان سؤال الثالث: فضيلة الشيخ على من يحتج بالقضاء والقدر بالمعاصي ويحتج بقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُو ﴾ [الأنعام: 107]؟
هذا الاحتجاج من جنس احتجاج المشركين، لا يجوز للمسلم أن يحتج بالقدر في باب المعاصي، لا يجوز لماذا؟ لأن المعصية تجرؤ على الله -عز وجل- والله -تبارك وتعالى- لا يرضى عن المعصية وإنما يرضى عن شكره لطاعته كما قال الله -عز وجل-: ﴿وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزمر: 7]، يعني: ﴿وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزمر: 7]، إذن: لا يرضى الكفر، وأصل المشكلة أن الناس يخلطون بين إرادة الله -عز وجل- الكونية وبين محابه ورضاه، فيظنون أن كل ما أوجده الله –تعالى- في الكون بالضرورة يكون الله –تعالى- قد أحبه ورضي عنه، لا أبدًا، فالله- تعالى- لا يحب الزنا ولا يحب القتل ولا يحب شرب الخمر، ولا يحب الاعتداء على الآمنين ولا يحب هذه الأشياء لماذا يحب هذه الأمور؟ طيب من فعل ذلك، فعلها رغماً عن الله أم بإرادة الله؟ بإرادة الله -عز وجل- طيب، فعلها بإرادة الله -عز وجل- الإرادة الكونية، ولكن لا يرضى الله –تعالى- عنها، ولا يحبها الله -عز وجل- طيب لو أنك دخلت المسجد فتوضأت وصليت وقرأت القرآن هذه الأشياء فُعلت بإرادة الله أم بغير إرادة الله؟ بإرادة الله، طيب هذه الأشياء موجودة في الكون أم غير موجودة في الكون؟ إذن: عندما تصلي إذن: أنت تصلي لأن الله –تعالى- أراد لك ذلك في كونه، ثم بعد ذلك الصلاة يحبها الله –تعالى- ويرضاها؟ نعم يحبها الله –تعالى- ويرضاها، إذن: هي من الشرع، إذن: هي من محاب الله ومراضيه إذن: هذه إرادة دينية، إذن: المطيع عندما يطيع تجتمع فيه إرادتان الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، أما العاصي فليس له إلا إرادة واحدة وهي الإرادة الكونية، فلا يجوز الاحتجاج بالقدر في مسألة الذنوب والمعاصي.
الأخ الكريم من مصر يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف نفهم احتجاج سيدنا آدم بالقدر في الحديث المشهور مع سيدنا موسى؟
السؤال الثاني: الشيخ ذكر في الدرس أنه من ضمن أسباب دفع المرض هو الذهاب إلى الطبيب، يعني: التداوي، كنا سمعنا أحد المشايخ في شرح حديث الـ (سبعين ألفاً يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، منهم الذين لا يسترقون) ففسر الشيخ الذين لا يسترقون: الذين لا يأخذون دواءً، وقال: إن التداوي منافٍ لتمام الإيمان وليس منافياً للإيمان ولكن منافٍ لتمام الإيمان فكيف نفهم ذلك؟

فضيلة الشيخ الأخ الكريم سؤاله الأول كيف نفهم احتجاج سيدنا آدم مع سيدنا موسى بالقدر؟
هذه الحديث حديث ثابت صحيح،أن ( موسى -عليه السلام- قال لآدم: أنت أبونا ضيعتنا وأخرجتنا من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى كليم الله -عز وجل- ألم تجد أن الله –تعالى- قد كتب ذلك عنده، فحاجَّ آدم موسى)، وأصل المسألة أن ليس فيها احتجاج بالقدر، موسى يقول لآدم: يا آدم أنت خلقك الله –تعالى- بيده ونفخ فيك من روحه، ثم ضيعتنا وأخرجتنا من الجنة، إذن: هنا يحتج عليه بماذا؟ بمصيبة، يعني: تصور لو أنك مثلاً كنت في الجنة تتنعم فيها وتأكل من أكلها وشربها وملاذها نعمة سابغة، وبعد ذلك خرجت منها إلى الدنيا، إذن: هذه مصيبة أم ليست مصيبة؟ إذن: مصيبة فحاجه آدم بالقدر، فاحتج بالقدر على المصيبة فليس هناك من ذنب، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. والله -تبارك وتعالى- تاب عن آدم عندما عصى آدم ربه ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾ [طه: 122]، فكيف بعد أن يتوب عليه ويهديه إلى التوبة بعد ذلك يكون أيضًا عاصياً؟ كيف يكون ذلك؟ فلو أن رجلاً من عصاة الناس تاب ما جاز لأحد أن يعيره بمعصيته، فكيف بنبيٍّ من أنبياء الله -عز وجل-، فليس هذا من باب الاحتجاج بالمعصية، ولكن هذا من باب الاحتجاج بالقدر على المصيبة - بإذن الله تعالى- واضح يا إخواني.
سؤاله الثاني: فضيلة الشيخ، عن قولكم دفع المرض بالتداوي، وحديث (السبعين ألفاً يدخلون الجنة ومنهم الذين لا يسترقون
هذا الحديث حديث ثابت صحيح وهو حديث عكاشة بن محصن -رضي الله تعالى عنه- عندما رفع سواد عظيم فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (هؤلاء أمتي) حديث عبد الله بن عباس، (هؤلاء أمتي فقيل: لا، ثم رفع سواد أعظم منهم حتى قيل: هؤلاء أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب، فقام رجل يسمى عكاشة بن محصن فقال يا رسول الله ادعُ الله أن أكون منهم، فقال: أنت منهم ثم بعد ذلك قام آخر فقال: يا رسول الله ادعُ الله أن أكون منهم، فقال: سبقك بها عكاشة) هذا الحديث أما الصحابة عندما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- (ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب، بات الصحابة يلوكون بينهم: من هؤلاء؟ هل هؤلاء؟ الذين لم يشركوا أصلاً؟ هؤلاء هم ذريتنا الذين لم يدركوا الجاهلية؟ من هؤلاء؟ فخرج عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) الاسترقاء هو طلب الرقية، والاكتواء طلب الكي، والتطير معلوم، وهو نوع من التشاؤم الإشكال في الأمرينك اللذين هما الاكتواء والاسترقاء، لأن الكي والرقية اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافاً بيناً لو قلنا بأن الرقية من باب التداوي هل تركها هو الأصل أم فعلها هو الأصل؟ فعلها الأصل أو تركها الأصل؟ لقد ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يرقي نفسه، فلما مرض كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ترقيه عائشة -رضي الله تعالى عنها- وثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رقى الحسن والحسين فالمشكلة ليست في الرقية ولكنها في طلب الرقية، فالرقية صحيحة ثابتة، ولكن الإشكال في طلب الرقية، إن الإنسان يكون مريضاً ويطلب من الآخر أن يرقيه، الكلام الصحيح- والله تعالى أعلى وأعلم- أن طلب الرقية بالفعل مناف لكمال الإيمان لا لأصل الإيمان يعني: لا يقدح في أصل الإيمان ولكنه مناف لكمال الإيمان لماذا؟ لأن القلب عندها يلتفت لغير الله -عز وجل- يعني: واحد مثلاً مريض يقول للآخر: أنا مريض ضع يدك هنا وارقيني، كأنه بذلك يكون ملتفتاً بقلبه عن الله -عز وجل- ولو عرض فقال إني مريض ادعُ الله -عز وجل- أن يشفيني، فتحرك الآخر ورقاه لكان ذلك أوفق وأحسن، وأحسن من الاثنين ألا يعرض ولا يستشرف وأن يترك الأمر لله -عز وجل- ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر الحديث: (وعلى ربهم يتوكلون) لكن هل يؤسس على ذلك قياس التداوي على الرقية؟ هذه مسألة أخرى، يعني: نحن قلنا إن الرقية مشروعة، والإشكال في طلب الرقية، وإن طلب الرقية مناف ليس لأصل إيمان ولكن لكمال الإيمان وفيه هناك ثلاثة حاجات حتى أبين كلمة يسيرة فيه هناك أصل إيمان وهناك الإيمان الواجب وهناك الإيمان المستحب أو كمال الإيمان، أصل الإيمان كالرأس بالنسبة للجسد إذا انتفى انتفى الجسد وهو شهادة الحق، عندنا بعد ذلك الإيمان الواجب ، كالمباني الأربعة والصلاة فيها نزاع وحالها بالنسبة لبقية الدين، كحال اليد بالنسبة للبدن فاليد لو قطعت لكان البدن قائماً ولكنه مع العجز والنقص أما بالنسبة للإيمان المستحب فحاله كحال شعر الرأس مثلاً بالنسبة للبدن، فيكمل الإنسان بشعر رأسه ويجمل، ولذلك يحلق هذا الشعر ذلاً لله -عز وجل- عند المشاعر فطلب الرقية ليس قادحاً في أصل الإيمان وليس قادحاً في الإيمان الواجب وإنما هو قادح في ماذا؟ في الإيمان المستحب أو كمال الإيمان.
المسألة التي أثارها الأخ وهي قياس التداوي على الرقية، أظن أن هذا القياس يحتاج إلى تأمل لأن التداوي يا ترى هل هو من جنس المشروع أم هو من جنس المباح؟ المسألة هذه فيها نزاع، فلا نريد أن نحسم مسألة وقع فيها نزاع، والذي أميل إليه أن التداوي مباح، فمن تداوى جاز له ذلك، ومن ترك التداوي لم ينكر عليه، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تداووا عباد الله)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (شفاء أمتي في ثلاث: في شرطة محجم وكية نار، وشربة عسل) وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالحجام فاحتجم النبي -عليه الصلاة والسلام- كما ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر بعض الصحابة أن يكوي غيره حسمًا لجرح أو طلباً لشفاء أو نحواً من ذلك، هذا كله ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالتداوي أصله مباح، وقياس التداوي على الرقية هذا يحتاج إلى تأمل- والله تعالى وأعلم-.

إجابات الحلقة الماضية:
كان السؤال الأول: اثبت أن كلام الله حقيقة بصوت وحرف؟
وكانت الإجابة:
مما يدل على أن كلام الله بصوت وحرف أنه تعالى كلم الملائكة: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30]، وأنه كلم آدم -عليه السلام-: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ ﴾ [الأعراف: 19]، وأنه كلم إبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾ [الأعراف: 12]، وأنه كلم موسى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ﴾ [الأعراف: 143]، وأنه كلم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء والمعراج.
السؤال الثاني: دلل على أن القرآن منزل من عند الله ليس بمخلوق؟
وكانت الإجابة: مما يدل على أن القرآن منزل من عند الله ليس بمخلوق كلام أهل السنة والجماعة: « القرآن كلام الله حقيقة منه بدء وإليه يعود فكلم الله موسى وكلم نبيه سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، والقرآن ليس بمخلوق فيبيد أي لا ينتهي وينقرض، ولا صفة لمخلوق فينفد، القرآن محفوظ من الله -عز وجل- قال الله –تعالى-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، القرآن نزل به جبريل من عند الله على نبينا محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- بلسان عربي مبين، قال الله –تعالى-: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ ﴿192 ﴾ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ﴿193 ﴾ [الشعراء: 192، 193]، إلى آخر الآيات
.
معنا سؤال فضيلة الشيخ من الأخت الكريمة من مصر تقول: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته قرأت في تفسير الآية: ﴿لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ [المجادلة: 22]، أنها رد على القدرية، أرجو توضيح ذلك؟
هذه الآية ﴿لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ ﴾ [المجادلة: 22]، هنا موضع الاحتجاج ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ ﴾، فالكتابة لا تكون إلا بعلم فلما علم الله - تعالى- فيهم الإيمان كتبه فهذا هو موضع الشاهد ليس صدر الآية- والله تعالى أعلى وأعلم.
فضيلة الشيخ الأخ الكريم من الولايات المتحدة الأمريكية يقول: هل هذه الجملة صحيحة أن الله يقضي في كل ليلة برد الأنفس أو إمساكها وهي من قوله تعالى: ﴿فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ ﴾ [الزمر: 42]، إلى نهاية الآية فهل الله -عز وجل- يقضي في الليلة ذاتها أم أنه قد قضي وانتهى الأمر؟
لا تعارض بين الاثنين لأن هناك القضاء الذي قضى الله -تعالى- به وهو القضاء الأول، ثم هناك الكتابة اليومية- والله تعالى أعلى وأعلم.
فضيلة الشيخ الأخ الكريم من المغرب يقول: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، ما معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) وهل هذا يعني أن أهل الشقاء ميسرون لعمل أهل الشقاء وعكس ذلك صحيح؟
المقصود من ذلك ألا تفكر إلا فيما يصلحك وينفعك فأنت عبد فافعل كما يفعل العبيد, أمرك سيدك أن تؤدي عملاً فلا تفكر عندما أؤدي هذا العمل ماذا أصنع ولكن يكن كل تفكيرك أن ترضي سيدك بإنجاز هذا العمل حتى يوفقك الله -تعالى.
فضيلة الشيخ هلا تفضلتم بإلقاء أسئلة هذه المحاضرة:
هناك سؤال واحد فقط.
هذا السؤال: تصور مناظرة بين مؤمن بالقدر ومنكر له أو مشكك فيه؟ فقط هذا هو السؤال.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-06-2008, 10:45 PM
أبو مصعب السلفي أبو مصعب السلفي غير متواجد حالياً
الراجي سِتْر وعفو ربه
 




افتراضي

الله أكبر, أول مره أعلم أنها فُرغت... جزاك الله خيراً يا أستاذى.
التوقيع

قال الشاطبي في "الموافقات":
المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبداً لله اختيارًا, كما هو عبد لله اضطراراً .
اللـــه !! .. كلام يعجز اللسان من التعقيب عليه ويُكتفى بنقله وحسب .
===
الذي لا شك فيه: أن محاولة مزاوجة الإسلام بالديموقراطية هى معركة يحارب الغرب من أجلها بلا هوادة، بعد أن تبين له أن النصر على الجهاديين أمر بعيد المنال.
د/ أحمد خضر
===
الطريقان مختلفان بلا شك، إسلام يسمونه بالمعتدل: يرضى عنه الغرب، محوره ديموقراطيته الليبرالية، ويُكتفى فيه بالشعائر التعبدية، والأخلاق الفاضلة،
وإسلام حقيقي: محوره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأساسه شريعة الله عز وجل، وسنامه الجهاد في سبيل الله.
فأي الطريقين تختاره مصر بعد مبارك؟!
د/أحمد خضر

من مقال
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-05-2008, 05:09 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

ماشاء الله
بارك الله في الشيخ
وبارك في اخونا الفاضل
الشافعي
جعل كل حرف تكتبه في موازين حسناتك
تتضاعف كلما قرأها احد
وكلما انتفع بها احد
نشكرك شكرا كثيرا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-06-2008, 11:42 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


جزاك الله خيراً ياشافعي
دائماً تأتي بالنفع ياحبيب زادكَ الله فضلاً وتوفيقاً .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 12:03 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.