انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > الملتقى الشرعي العام

الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-25-2008, 05:17 AM
سلسبيله هارون سلسبيله هارون غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




Icon37 هادم اللذات والبعث والحساب

 

هادم اللذات والبعث والحساب







الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق أجمعين والمرسل رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم وعلى آله
الاطهار وأصحابه الاخيار من المهاجرين والانصار
اخى الحبيب أختى الحبيب هذا موضوع هادم اللذات والبعث والحساب أتمنا من الله أن ينتفع الجميع به وأن يذكرن هذا
بالموت وسكرته والقبروظلمتة والصراط وزلته جعلنا الله أجمعين مع حبيبه صلى الله عليه وسلم فى الفردوس الاعلى
هادم اللذات




(1)-الموت :
ــــــــــــــــــــ


ليس له صاحب , فإذا جاء انتهى كل شيء .
ليس له مكان , فالعالم كله بأسره مكانه .
لا تستطيع الهروب منه أو الاختباء ولو كنت في بروج مشيدة.
ليس له زمان , فهو يعمل طوال اليوم على مدار العام .
لا ينتظر أحد ولكن الكل ينتظره.
هادم الآمال والطموحات والأحلام .
قبله شيء وبعده شيء آخر .
فهو نهاية المرحلة الأولى للإنسان .
قال الله تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{9} وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ{10} وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{11})) المنافقون
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
أكثروا ذكر هازم اللذات ... الموت ( الترمذي ) .
روى ابن ماجه مختصرا بإسناد جيد والبيهقي في الزهد ولفظه :
أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أي المؤمنين أفضل:
قال : أحسنهم خلقا .
قال : فأي المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الأكياس .
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده .
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
( أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعدّ نفسك من أصحاب القبور ) أي لا تركننّ إليها ولا تتخذها وطناً ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا بالاعتناء بها ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه. لا تشتغل فيها به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول:
إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك.


---------------------------------------------------
(2)- حضور الموت:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ


قال الله تعالى:
(( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ{99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{100} فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ{101}))المؤمنون

وعن أنس رضي الله عنه قال:
خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وقال هذا الإنسان وخط إلى جنبه خطا وقال هذا أجله وخط آخر بعيدا منه فقال هذا الأمل فبينما هو كذلك إذ جاءه الأقرب (أي جاءه أجله) (رواه البخاري واللفظ له والنسائي بنحوه)
وعن بريدة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تدرون ما مثل هذه وهذه ورمى بحصاتين قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا الأمل وذاك الأجل (رواه الترمذي) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا وخط خطا في الوسط خارجا منه وخط خطوطا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط فقال هذا الإنسان وهذا أجله محيط به أو قد أحاط به وهذا الذي هو خارج أمله وهذه الخطط الصغار الأعراض فإن أخطأه هذا نهشه هذا وإن أخطأه هذا نهشه هذا (رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه)
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل وهو يعظه: اغتنم خمسا قبل خمس:
شبابك قبل هرمك.
وصحتك قبل سقمك.
وغناك قبل فقرك.
وفراغك قبل شغلك.
وحياتك قبل موتك . (رواه الحاكم)
قال اللّه تعالى:
((مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ{15} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{16}))هود.
وقال الله تعالى:
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الجمعة8
و قال الله تعالى:
((أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ{205} ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ{206} مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ{207})) الشعراء
وقال الله عزِ وجلّ :
{وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً }النساء131
وقال اللّه تعالى:
((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ{16} ))الحديد
عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال :
أخوف ما أخاف عليكم اثنان:طول الأمل و إتباع الهوى .
ألا إن :
طول الأمل ينسي الآخرة .
وإتباع الهوى يصدك عن الحق .
فإذن يصير فكرك في حديث الدنيا وأسباب العيش في صحبة الخلق نحوها فيقسو القلب فبسبب طول الأمل:
1- تقل الطاعة .
2- وتتأخر التوبة .
3- وتكثر المعصية.
4- ويشتد الحرص .
5- ويقسو القلب .
6- وتعظم الغفلة .
وإنما رقة القلب وصفوته تكون:
1- بذكر الموت ومفاجأته .
2- والقبر .
3- والثواب والعقاب .
4- وأحوال الآخرة .
قال اللّه تعالى:
{مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً }الإسراء18
وقال اللّه تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ }لقمان33
وقال اللّه تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ}فاطر5
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون اتقوا الدنيا واتقوا النساء .
(رواه مسلم)
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الدنيا حلوة خضرة فمن أخذها بحقها بارك الله له فيها ورب متخوض فيما اشتهت نفسه ليس له يوم القيامة إلا النار .
(رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات)
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال إن مما أخاف عليكم ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها (رواه البخاري ومسلم)
وعن كعب بن عياض رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال .
(رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يريد حرث الآخرة الآية قال :
يقول الله ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك (رواه ابن ماجه والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن وابن حبان في صحيحه باختصار إلا أنه قال ملأت يدك شغلا والحاكم والبيهقي في كتاب الزهد وقال الحاكم صحيح الإسناد).


---------------------------------------------------

(3)- الموت وسكراته:
ـــــــــــــــــــــــــــــــ


قال اللّه تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران185
وقال اللّه تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
وقال اللّه تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }العنكبوت57
وقال تعالى:
{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }ق19
وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت:
إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان بين يديه علبة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول لا إله إلا اللّه إن للموت لسكرات ثم نصب يديه فجعل يقول إلى الرفيق الأعلى حتى قبض (صحيح البخاري).
وفي صحيح البخاري:
لما ثقل صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فجعلت فاطمة رضي اللّه عنها تقول واكرب أبتاه فقال صلى الله عليه وسلم لا كرب على أبيك بعد اليوم .
وقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه :
يا كعب حدثنا عن الموت فقال نعم يا أمير المؤمنين . هو كغصن كثير الشوك أدخل في جوف رجل فأخذت كل شوكة بعرق ثم جذبه رجل شديد الجذب فأخذ ما أخذ وأبقى ما أبقى .
ويروى أن إبراهيم عليه السلام لما مات :
قال اللّه عز وجل له : كيف وجدت الموت.
قال :كسفود جعل في صوف رطب ثم جذب.
فقال الله تعالى له : أما إنا قد هونا عليك .
وعن موسى صلوات اللّه عليه:
أنه لما صارت روحه إلى اللّه عز وجل قال له :
يا موسى كيف وجدت الموت قال: وجدت نفسي كشاة حية بيد القصاب تسلخ.
وكان عمرو بن العاص رضي اللّه عنه يقول:
لوددت لو أني رأيت رجلاً لبيباً حازماً قد نزل به الموت فيخبرني عن الموت فلما أنزل به الموت قيل له يا أبا عبد اللّه كنت تقول أيام حياتك لوددت أني رأيت رجلاً لبيباً حازماً قد نزل به الموت يخبرني عن الموت وأنت ذلك الرجل اللبيب الحازم وقد نزل بك الموت فأخبرنا عنه.
فقال: أجد كأن السماوات انطبقن على الأرض وأنا بينهما وكأن نفسي تخرج على ثقب إبرة.
روى عن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما قال:
* إذا بقي على المؤمن من ذنوبه شيء لم يبلغه عمله شدد عليه الموت ليبلغ بسكرات الموت وشدته درجته في الجنة.
* وإن الكافر إذا كان عمله معروفاً في الدنيا هون عليه الموت ليستكمل ثواب معروفه في الدنيا ثم يصير إلى النار.
وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :
الأمراض والأوجاع كلها بريد الموت ورسل الموت فإذا حان الأجل أتى ملك الموت بنفسه وقال أيها العبد كم خبر بعد وكم رسول بعد رسول وكم بريد بعد بريد أنا الخبر ليس بعدي خبر وأنا الرسول ليس بعدي رسول أجب ربك طائعاً أو مكروهاً فإذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال على من تصرخون وعلى من تبكون؟ فو اللّه ما ظلمت له أجلاً ولا أكلت له رزقاً بل دعاه ربه فليبك الباكي على نفسه فإن لي فيكم عودات وعودات حتى لا أبقي منكم أحداً (الوسيط للواحدي بإسناده عن ابن عباس )
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر (رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن)

--------------------------------------------------
(4)- ماذا يحدث في القبور:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال اللّه سبحانه وتعالى:
{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }غافر46
وقال تعالى:
{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ }الشورى45
وعن هانىء مولى عثمان بن عفان قال :
كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر يبكي حتى يبل لحيته فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتذكر القبر فتبكي فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول القبر أول منزل من منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعده أشد قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما رأيت منظرا قط إلا والقبر أفظع منه .
( رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قبر الميت أو قال أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول ما كان يقول هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول هذا ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ثم ينور له فيه ثم يقال له نم فيقول أرجع إلى أهلي فأخبرهم فيقولان نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك .
وإن كان منافقا قال سمعت الناس يقولون قولا فقلت مثله لا أدري فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك .
( رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب وابن حبان في صحيحه)
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا النبي محمد فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين . (رواه البخاري واللفظ له ومسلم).
وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فيقول له ما كنت تعبد فإن الله هداه قال كنت أعبد الله فيقول له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول هو عبد الله ورسوله فما يسأل عن شيء بعدها فينطلق به إلى بيت كان له في النار فيقال له هذا كان لك ولكن الله عصمك فأبدلك به بيتا في الجنة فيراه فيقول دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي فيقال له اسكن قال وإن الكافر أو المنافق إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له ما كنت تعبد فيقول لا أدري فيقال لا دريت ولا تليت فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول كنت أقول ما يقول الناس فيضربه بمطراق بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين. (ورواه أبو داود نحوه والنسائي باختصار).
وفي رواية ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له :
- من ربك ؟ فيقول ربي الله فيقولان له:
- وما دينك ؟ فيقول ديني الإسلام فيقولان له :
- ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هو رسول الله
فيقولان له وما يدريك فيقول قرأت كتاب الله وآمنت وصدقت - زاد في رواية - فذلك قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة , فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره .
وإن الكافر فذكر موته قال فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان:
- من ربك ؟ فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان
- ما دينك ؟ فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له
- ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هاه هاه لا أدري
فينادي مناد من السماء أن قد كذب فافرشوه من النار وألبسوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه .
زاد في رواية ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابا فيضربه بها ضربة يسمعها من بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير ترابا ثم تعاد فيه الروح.
رواه أبو داود ( صحيح ).
ورواه أحمد بإسناد رواته محتج بهم في الصحيح أطول من هذا ولفظه قال:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله إلى أن قال فرفع رأسه فقال استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا ثم قال :
* إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ويجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منه كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض قال فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب فيقولان فلان ابن فلان بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان :
- من ربك ؟ فيقول ربي الله فيقولان :
- ما دينك ؟ فيقول ديني الإسلام فيقولان :
- ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هو رسول الله فيقولان :
- ما يدريك ؟ فيقول قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقته .
فينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه الحسن يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
*وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح وتخرج منها كأنتن جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملاء من الملائكة إلا قالوا ما هذه الريح الخبيثة فيقولون فلان ابن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ثم تطرح روحه طرحا ثم قرأ ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له :
- من ربك ؟ فيقول هاه هاه لا أدري قال فيقولان له :
- ما دينك ؟ فيقول هاه هاه لا أدري قال فيقولان له
- ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هاه هاه لا أدري
فينادي مناد من السماء أن كذب فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه القبيح يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة.
وعن أبي سعيد الخدري قال :
دخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لصلاة فرأى ناساً كأنهم يكثرون قال:
أما إنكم لو أكثرتم ذكر هازم اللذات لشغلكم عما أرى فأكثروا ذكر هازم اللذات الموت فإنه لم يأتِ على القبر يوم إلا تكلم فيه فيقول :
أنا بيت الغربة .
وأنا بيت الوحدة .
وأنا بيت التراب .
وأنا بيت الدود .
فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر :
مرحباً وأهلاً أما إن كنت لأحب من يمشي على ظهري إلي فإذا وليتك وصرت إلي فسترى صنعي بك قال فيتسع له مد بصره ويفتح له باب من الجنة.
وإذا دفن العبد الفاجر أو الكافر قال له القبر :
لا مرحباً ولا أهلاً أما إن كنت لأبغض من يمشي على ظهري إلي فإذا وليتك اليوم صرت إلي فسترى صنعي بك قال فليتم عليه حتى يلتقي عليه وتختلف أضلاعه ( صحيح الترمذي).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إن المؤمن في قبره لفي روضة خضراء فيرحب له قبره سبعون ذراعا وينور له كالقمر ليلة البدر أتدرون فيما أنزلت هذه الآية (فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) قال أتدرون ما المعيشة الضنك قالوا الله ورسوله أعلم قال عذاب الكافر في قبره والذي نفسي بيده إنه يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا أتدرون ما التنين سبعون حية لكل حية سبع رؤوس يلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة (رواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه واللفظ له كلاهما من طريق دراج عن ابن حجيرة عنه)
ويروى أن رجلاً دخل على عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه :
فرآه قد تغير لونه من كثرة العبادة فجعل يتعجب من تغير لونه واستحالة صفته :
فقال له عمر: يا ابن أخي وما يعجبك مني فكيف لو رأيتني بعد دخول قبري بثلاث وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الخدين وتقلصت الشفتان عن الأسنان وخرج الصديد والدود من المناخر والفم وانتفخ البطن فعلا على الصدر وخرج الدبر من الصلب لرأيت إذ ذاك شيئاً أعجب مما رأيته الآن.
وكان بكر العابد يقول لأمه :
يا أمه ليتك كنت بي عقيماً إن لابنك في القبر حبساً طويلاً وإن له من بعد ذلك رحيلاً.
وقال حاتم الأصم :
من مر بفناء القبور ولم يتفكر في نفسه ولم يدع لهم فقد خان نفسه وخانهم.
قال القشيري :
سمعت أبا علي الدقاق يقول دخلت على الإمام أبي بكر بن فورك عائداً فلما رآني دمعت عيناه فقلت له إن اللّه يعافيك ويشفيك فقال لي تراني أخاف من الموت إنما أخاف مما وراء الموت.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة .
(رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت .
( رواه مسلم وغيره)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على قبرين فقام فقمنا معه فجعل لونه يتغير حتى رعد كم قميصه.
فقلنا : ما لك يا رسول الله.
فقال: أما تسمعون ما أسمع.
فقلنا :وما ذاك يا نبي الله.
قال :هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابا شديدا في ذنب هين قلنا فيم ذلك .
قال :كان أحدهما لا يستنزه من البول .وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه ويمشي بينهم بالنميمة .
فدعا بجريدتين من جرائد النخل فجعل في كل قبر واحدة قلنا وهل ينفعهم ذلك قال نعم يخفف عنهما ما دامتا رطبتين (رواه ابن حبان في صحيحه ).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور .
( رواه الترمذي وابن ماجه أيضا وابن حبان في صحيحه كلهم من رواية عمر بن أبي سلمة وفيه كلام عن أبيه عن أبي هريرة وقال الترمذي حديث حسن صحيح).
ويقصد بالحديث النساء اللاتي تداومن على زيارة القبور بصورة دائمة
.
*********************


(5)- قيام الساعة و الحساب:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قال اللّه تعالى:
((اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ{1} مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ{2} لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ{3}))الأنبياء.
وقال تعالى:
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }الرعد41
وقال تعالى:
{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ }إبراهيم41
وقال تعالى:
{لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }إبراهيم51وقال تعالى:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }النور39
وقال تعالى:
{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }الزمر10
وقال تعالى:
{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }غافر17
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
بين يدي الساعة يظهر الربا والزنا والخمر . (رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقوم الساعة وثوبهما بينهما لا يبايعانه ولا يطويانه ولتقوم الساعة وقد انصرف بلبن لقحته لا يطعمه ولتقوم الساعة يلوط حوضه لا يسقيه ولتقوم الساعة وقد رفع لقمته إلى فيه لا يطعمها (رواه أحمد وابن حبان في صحيحه)
وعن أنس رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استحلت أمتي خمسا فعليهم الدمار:
1- إذا ظهر التلاعن .
2- وشربوا الخمور .
3- ولبسوا الحرير .
4- واتخذوا القينات .
5- واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء. (رواه البيهقي)
6- وروي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:
1- إذا اتخذ الفيء دولاً .
2- والأمانة مغنماً .
3- والزكاة مغرماً .
4- والتعلم لغير دين اللّه .
5- وأطاع الرجل امرأته .
6- وعق أمه .
7- وأدنى صديقه .
8- وأقصى أباه .
9- وظهرت الأصوات في المساجد.
10- وساد القبيلة فاسقهم .
11- وكان زعيم القوم أرذلهم .
12- وأكرم الرجل مخافة شره .
13- وظهرت القينات والمعازف .
14- وشربت الخمور .
15- ولعن آخر هذه الأمة أولها
فارتقبوا ريحاً حمراء وزلزلة وخسفاً وقذفاً وآيات تتابع كنظام قطع سلكه فتتابع .
وعن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال:
ذكر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بلاء يصيب هذه الأمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم فيبعث اللّه رجلاً من عترتي وأهل بيتي فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا تدع السماء من قطرها شيء إلا صبته مدراراً ولا تدع الأرض من نباتها شيئاً إلا أخرجته حتى يتمنى الأحياء الموت، يعيش في ذلك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين.
وفي صحيح مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال:
أطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال : ما تذاكرون ؟ قالوا نذكر الساعة قال : إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر:
1- الدخان .
2- والدجال .
3- والدابة .
4- وطلوع الشمس من مغربها .
5- ونزول عيسى بن مريم .
6- ويأجوج ومأجوج .
7- وثلاثة خسوف خسف في المشرق .
8- وخسف في المغرب .
9- وخسف بجزيرة العرب .
10- وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم .
وفي صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل:
1- طلوع الشمس من مغربها .
2- والدجال .
3- ودابة الأرض.
واختلف في أول الآيات فقيل أولها طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وجاء من رواية ابن أبي شيبة عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
وأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها .
ودابة الأرض طولها ستون ذراعاً ذات قوائم ووبر وقيل مختلفة الخلقة تشبه عدة من الحيوانات تتصدع بجبل الصفا فتخرج منه ليلة جمع والناس نزول إلى منى وقيل تخرج من أرض الطائف ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام لا يدركها طالب ولا يعجزها هارب تضرب المؤمن بالعصا فينكت في وجهه مؤمن وتطبع الكافر بالخاتم فينكت في وجهه كافر.
وفي صحيح مسلم عن النواس بن سمعان قال :
وذكر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الدجال:
فقال :إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه واللّه خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط عينه طافية كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن أدركه منكم فليقرأ عليه بفواتح سورة الكهف فإنها جوازكم من فتنته انه خارج خِلَّةٌ بين الشام والعراق فعاث يميناً وعاث شمالاً يا عباد اللّه فاثبتوا . قلنا: يا رسول اللّه وما لبثه في الأرض.
قال : أربعون يوماً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم . قلنا:فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم .
قال : لا أقدروا له قدره .
قلنا :يا رسول اللّه وما إسراعه في الأرض .
قال : كالغيث استدبرته الريح فيأتي القوم فيدعوهم فيؤمنون به فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى وأسبغه ضروعاً وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك فبينما هو كذلك إذ بعث اللّه المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعاً كفيه على أجنحة ملكين إذ طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه مثل جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ثم يأتي عيسى قوم قد عصمهم اللّه منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم في الجنة بدرجاتهم فبينما هو كذلك إذ أوحى اللّه إلى عيسى أني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم فأحرز عبادي إلى الطور ويبعث اللّه يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقول لقد كان بهذه مرة ماء ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر وهو جبل بيت المقدس فيقولون قد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد اللّه إليهم نشابهم مخضوبة دماً ويحصر نبي اللّه وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب اللّه عيسى وأصحابه فيرسل اللّه عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي اللّه وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم (وهي الريح المنتنة ) ونتنهم فيرغب نبي اللّه عيسى وأصحابه إلى اللّه فيرسل عليهم طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء اللّه - ويروي تطرحهم بالسهيل - ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعباتهم سبع سنين ثم يرسل اللّه مطراً لا يكن منه بيت مد ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض انبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة منت الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث اللّه ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وتبقي شرار الناس يتهارجون تهارج الحمير فعليهم تقوم الساعة "


-----------------------------------------------------




(6)- النفخ في الصور:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ


قال اللّه تعالى:
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }الأنعام73
وقال اللّه تعالى:
{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً }الكهف99
وقال اللّه تعالى:
{يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً }طه102
وقال اللّه تعالى:
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ }المؤمنون101وقال اللّه تعالى:
{وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ }النمل87
وقال اللّه تعالى:
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }يس51
وقال اللّه تعالى:
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ{68} وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ{69} وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ{70} الزمر
وقال اللّه تعالى:
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ }ق20
وقال اللّه تعالى:
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ }الحاقة13
وقال اللّه تعالى:
{يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً }النبأ18

وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال :
قال :رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر فينفخ , فكأن ذلك ثقل على أصحابه فقالوا :فكيف نفعل يا رسول الله أو نقول.
قال : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا وربما قال توكلنا على الله.
(رواه الترمذي واللفظ له وقال حديث حسن وابن حبان في صحيحه)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يحشر الناس حفاة عراة غرلا قالت عائشة : فقلت الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض .
قال : الأمر أشد من أن يهمهم ذلك .
وفي رواية من أن ينظر بعضهم إلى بعض.
( رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه)
وعن سودة بنت زمعة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث الناس حفاة عراة غرلا قد ألجمهم العرق وبلغ شحوم الآذان.
فقلت : يبصر بعضنا بعضا .
فقال : شغل الناس لكل أمرىء منهم يومئذ شأن يغنيه .
( رواه الطبراني ورواته ثقات)
وعن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه:
أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يحشر الله العباد يوم القيامة أو قال الناس عراة غرلا بهما .
قال : قلنا وما بهما .
قال : ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الديان أنا الملك لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقصه منه ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حق حتى أقصه منه حتى اللطمة .
قال : قلنا كيف وإننا نأتي عراة غرلا بهما .
قال : الحسنات والسيئات . (رواه أحمد بإسناد حسن)
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء
عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد (صحيح الترغيب والترهيب).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق :
- راغبين .
- وراهبين .
- واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير .
ويحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا . (رواه البخاري ومسلم ).
وعن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه:
أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب قالوا لا يا رسول الله قال هل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا قال فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيدعوهم ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل وسلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم شوك السعدان قالوا نعم قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم بآثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار وقد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل النار دخولا الجنة مقبل بوجهه قبل النار فيقول يا رب اصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاها فيقول هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك فيقول لا وعزتك فيعطي الله ما شاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال يا رب قدمني عند باب الجنة فيقول الله أليس قد أعطيت العهد والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت فيقول يا رب لا أكون أشقى خلقك فيقول فما عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غير هذا فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا بلغ بابها رأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول يا رب أدخلني الجنة فيقول الله ويحك يا ابن آدم ما أغدرك أليس قد أعطيتني العهود أن لا تسأل غير الذي أعطيت فيقول يا رب لا تجعلني أشقى خلقك فيضحك الله منه ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول تمن فيتمنى حتى إذا انقطعت أمنيته قال الله تمن من كذا وكذا يذكره ربه حتى إذا انتهت به الأماني قال الله لك ذلك ومثله معه قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة رضي الله عنهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله لك ذلك وعشرة أمثاله قال أبو هريرة رضي الله عنه لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله لك ذلك ومثله معه قال أبو سعيد رضي الله عنه أشهد أني سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ذلك وعشرة أمثاله قال أبو هريرة وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة .
( رواه البخاري ) .
وعن أنس رضي الله عنه:
أن رجلا قال يا رسول الله :
قال الله تعالى (الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم) .
أيحشر الكافر على وجهه ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادر على أن يمشيه على وجهه قال قتادة حين بلغه بلى وعزة ربنا .
(رواه البخاري ومسلم).
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف:
صنفاً مشاة .
وصنفاً ركباناً .
وصنفاً على وجوههم .
قيل يا رسول اللّه وكيف يمشون على وجوههم قال: إن الذي أمشاهم في الدنيا على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أما أنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك .
وفي صحيح مسلم عن المقداد بن الأسود قال:
سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون كمقدار ميل. قال سليم بن عامر فو اللّه ما أدري ما يعني بالميل المسافة الأرض أو الميل الذي يكتحل به العين قال: فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق :
فمنهم من يكون إلى كعبيه .
ومنهم من يكون إلى ركبتيه.
ومنهم من يكون إلى حقويه.
ومنهم من يلجمهم العرق إلجاماً وأشار بيده صلى الله عليه وسلم إلى فيه .
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
منهم من تأخذه النار إلى كعبيه.
ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه .
ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته .
ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه .
ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته . ( رواه مسلم )

وفي رواية له :
منهم من تأخذه النار إلى كعبيه.
ومنهم من تأخذه إلى حجزته .
ومنهم من تأخذه إلى عنقه .
وفي مسند أبي بكر البزار عن جابر بن عبد اللّه قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إن العرق يلزم المرء في الموقف حتى يقول يا رب إرسالك بي إلى النار أهون علي مما أجد وهو يعلم ما فيها من شدة العذاب.
وقال بعض السلف:
لو طلعت الشمس على الأرض كهيئتها يوم القيامة لأحرقت الأرض وأذابت الصخر ونشفت الأنهار.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سبعة يظلُّهم اللّه تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله :
1- إمام عادل .
2- وشاب نشأ في عبادة اللّه .
3- ورجل قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه .
4- ورجلان تحابا في اللّه اجتمعا عليه وتفرقا عليه .
5- ورجل ذكر اللّه تعالى خالياً ففاضت عيناه .
6- ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إني أخاف اللّه .
7- ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .
(رواه البخاري ومسلم وغيرهما)
قال الحسن البصري رحمه اللّه :
فما ظنكم بيوم قاموا فيه على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة لم يأكلوا فيها أكلة ولم يشربوا شربة حتى انقطعت أعناقهم عطشاً واحترقت أجوافهم جوعاً ثم انصرف بهم إلى النار فسقوا من عين آنية أي متناهية في الحرارة أوقدت عليها جهنم منذ خلقها.
-----------------------------------------------------
(7)- الشفاعة:
ــــــــــــــــــــــ



قال اللّه تعالى:
{اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }البقرة255
قال اللّه تعالى:
{يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً }طه109
أي في ذلك اليوم لا تنفع الشفاعة أحدًا من الخلق, إلا إذا أذن الرحمن للشافع, ورضي عن المشفوع له, ولا يكون ذلك إلا للمؤمن المخلص.
قال اللّه تعالى:
{وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }سبأ23
أي ولا تنفع شفاعة الشافع عند الله تعالى إلا لمن أذن له.
قال اللّه تعالى:
{قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }الزمر44
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: لله الشفاعة جميعًا, له ملك السموات والأرض وما فيهما, فالأمر كله لله وحده, ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه, فهو الذي يملك السموات والأرض ويتصرف فيهما, فالواجب أن تُطلب الشفاعة ممن يملكها, وأن تُخلص له العبادة.
قال اللّه تعالى:
((وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ{94}))الانعام
قال اللّه تعالى:
{وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }الزخرف86ولا يملك الذين يعبدهم المشركون الشفاعة عنده لأحد إلا مَن شهد بالحق, وأقر بتوحيد الله وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمون حقيقة ما أقروا وشهدوا به.
قال اللّه تعالى:
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }الأعراف53
قال اللّه تعالى:
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ }الأنبياء28
وما من أعمال الملائكة عمل سابق أو لاحق إلا يعلمه الله سبحانه وتعالى, ويحصيه عليهم, ولا يتقدمون بالشفاعة إلا لمن ارتضى الله شفاعتهم له, وهم من خوف الله حذرون من مخالفة أمره ونهيه.قال اللّه تعالى:
{وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ }الروم13
ولم يكن للمشركين في ذلك اليوم من آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله شفعاء, بل إنها تتبرأ منهم, ويتبرؤون منها. فالشفاعة لله وحده, ولا تُطلَب من غيره.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كنا مع النبي في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة وقال أنا سيد الناس يوم القيامة هل تدرون مم ذاك يجمع لله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو منهم الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس ألا ترون إلى ما أنتم فيه وإلى ما بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم :
فيقول : بعض الناس لبعض أبوكم آدم فيأتونه .
فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا .
فقال : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله وإنه نهاني عن الشجرة فعصيت نفسي نفسي نفسي ذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحا .
فيقولون : يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك لله عبدا شكورا ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما بلغنا ألا تشفع لنا إلى ربك .
فيقول : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه قد كان لي دعوة دعوت بها على قومي نفسي نفسي نفسي ذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم .
فيقولون : أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول لهم إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني كنت كذبت ثلاث كذبات فذكرها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى. فيقولون : يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك أما ترى إلى ما نحن فيه فيقول إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسا لم أوامر بقتلها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى فيأتون عيسى .
فيقولون : يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه .
فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ولم يذكر ذنبا نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد فيأتوني .
فيقولون : يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه .
فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول أمتي يا رب أمتي يا رب أمتي يا رب فيقال يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى. ( رواه البخاري ومسلم).
وعن أنس رضي الله عنه قال :
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة.
فقال : أنا فاعل إن شاء الله تعالى .
قلت: فأين أطلبك .
قال : أول ما تطلبني على الصراط .
قلت : فإن لم ألقك على الصراط .
قال : فاطلبني عند الميزان .
قلت : فإن لم ألقك عند الميزان .
قال : فاطلبني عند الحوض .
فإني لا أخطىء هذه الثلاثة مواطن .
(رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب والبيهقي في البعث وغيره)
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته .
(رواه أبو داود وابن حبان في صحيح)
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا أو سبعمائة ألف متماسكون آخذ بعضهم ببعض لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم وجوههم على صورة القمر ليلة البدر. (رواه البخاري ومسلم)
ذكر أبو بكر البزار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يحمل الناس يوم القيامة على الصراط فيتفادع بهم جنبا الصراط تفادع الفراش في النار ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء والصالحين فيشفعون ويخرجون من في النار .
وروي في الصحيح:
إن أول من يشفع المرسلون ثم النبيون ثم العلماء .
وعن عبد الله بن شقيق قال :
جلست إلى قوم أنا رابعهم فقال أحدهم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم قلنا سواك يا رسول الله قال سواي قلت أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم فلما قام قلت من هذا قالوا ابن الجدعاء أو ابن أبي الجدعاء .
(رواه ابن حبان في صحيحه وابن ماجه إلا أنه قال عن شقيق عن عبد الله بن أبي الجدعاء ).
وفي مسند البزار:
قال: رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: إن من أمتي من يشفع للفئام من الناس ومنهم من يشفع للعصبة ومنهم من يشفع للقبيلة، ومنهم من يشفع للرجل وأهل بيته .
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي :
1- جعلت لي الأرض طهورا ومسجدا .
2- وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي كان قبلي .
3- ونصرت بالرعب مسيرة شهر على عدوي .
4- وبعثت إلى كل أحمر وأسود .
5- وأعطيت الشفاعة وهي نائلة من أمتي من لا يشرك بالله شيئا .
(رواه البزار وإسناده جيد إلا أن فيه انقطاعا )
وروى الدارقطني عن أبي أمامة قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: نعم الرجال أنا لشرار أمتي .
قالوا : كيف لخيارها.
قال: أما خيارها فيدخلون الجنة بأعمالهم، وأما شرار أمتي، فيدخلون الجنة بشفاعتي .
وروي عن عوف بن مالك قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أتاني آت من عند اللّه فيخبرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة وهي لمن مات لا يشرك باللّه شيئاً .

وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال:
إن ناساً قالوا يا رسول اللّه هل نرى ربنا يوم القيامة.
قال: رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " نعم " .
قال : هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب، وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب .
قالوا: لا يا رسول اللّه.
قال : ما تضارون في رؤية اللّه تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير اللّه سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللّه من بر وفاجر وغُبَّرِ أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟
قالوا: كنا نعبد عزير بن اللّه .
فيقال: كذبتم ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد فماذا تبغون؟ .
قالوا: عطشنا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار، ثم يدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ .
قالوا: كنا نعبد المسيح ابن اللّه.
فيقال لهم : كذبتم ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد.
فيقال لهم: ماذا تبغون، فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا قال فيشار إليهم ألا تردون فيحشرهم إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللّه تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رواه فيها.
قال : فما تنتظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد .
قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم.
فيقول: أنا ربكم .
فيقولون: نعوذ باللّه منك لا نشرك باللّه شيئاً - مرتين أو ثلاثاً - حتى أن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها .
فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد للّه من تلقاء نفسه إلا أذن اللّه له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء، إلا جعل اللّه ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة.
فقال : أنا ربكم .
فيقولون : أنت ربنا، قد أخذت النار إلى نصف ساقية وإلى ركبتيه ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة، ويقولون اللهم سلم سلم.
قيل يا رسول اللّه وما الجسر؟ قال: دَحضٌ مزلة فيه خطاطيف، وكلاليب وحسكٌ تكون بنجد فيه شويكة يقال لها السعدان، فيمر المؤمنون كطرفة العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدش مرسل ومكدوس في نار جهنم حتى إذا خلص المؤمنون من النار فو الذي نفسي بيده ما منكم من أحد منكم بأشد منشدة للّه في استقصاء الحق من المؤمنين للّه يوم القيامة لإِخوانهم الذين في النار يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال لهم أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه.
ثم يقولون: ربنا ما بقى فيها أحد ممن أمرتنا به.
فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه خلقاً كثيراً.
ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا .
ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيراً .
فيقول اللّه: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط، قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له نهر الحياة،فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض.
فقالوا : يا رسول اللّه كأنك كنت ترعى بالبادية .
قال: فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتمن فيعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء اللّه الذين أدخلهم اللّه الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه.
الشفاعات خمس:
أولها: الإِراحة من هول الموقف وتعجيل الحساب وهي مختصة بمحمد صلى الله عليه وسلم.
والثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهي أيضاً وردت له صلى الله عليه وسلم.
والثالثة: قوم استوجبوا النار فيشفع فيهم نبيا ومن شاء اللّه يشفع له.
والرابعة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها.
والخامسة: فيمن دخل النار من المذنبين فيشفع فيهم نبياً وغيره من الأنبياء والملائكة وإخوانهم المؤمنين، ثم يخرج اللّه كل من قال لا إله إلا اللّه من غير شفاعة شافع حتى لا يبقى فيها إلا الكافرون .
كما في حديث عن أنس:
ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخرُّ له ساجداً، فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع، فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا اللّه، قال ليس ذلك إليك لكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبروتي، لأخرجن من قال لا إله إلا اللّه - أي أتفضل بإخراجهم دون شفاعة شافع- فهؤلاء هم الذين معهم مجرد الإيمان وهم الذين لم يؤذن في الشفاعة فيهم وإنما دلت الآثار أنه أذن لمن عنده شيء زائد على الإيمان :
من عمل صالح .
أو ذكر خفي .
أو عمل من أعمال القلب.
من شفقة على مسكين .
وخوف من اللّه .
ونية صادقة في عمل فاته . وجعل للشافعين من الملائكة والنبيين دليل عليه، وتفرد اللّه بعلم ما تكنه القلوب، والرحمة لمن ليس عنده سوى الإيمان، فقوله مثقال ذرة من إيمان ومن خير الصحيح أن معناه شيء زائد على مجرد الإيمان لأن مجرد الإيمان الذي هو تصديق لا يتجزأ، فعليك يا أخي بالإيمان، بأن تعتقد بقلبك دين الإسلام وتنطق مع ذلك بالشهادتين، فإن اقتصرت على أحدهما خلدت في نار جهنم التي وقودها الناس والحجارة، ولا تنفعك شفاعة شافع ثم عليك أن تحترز من المعاصي فإن المعاصي بريد الكفر.
قال بعضهم:
إذا أبقيت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بضائر


-----------------------------------------------







(8)- الحساب:
ــــــــــــــــــــــ



قال اللّه تعالى:
{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }غافر17
قال اللّه تعالى:
((وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ{90} وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ{91} وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ{92} مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ{93} فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ{94} وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ{95} قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ{96} تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{97} إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ{98} وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ{99} فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ{100} وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ{101}))الشعراء.
وقال اللّه تعالى:
((فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ{6} فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ{7} وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{8} وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ{9}))الأعراف.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها (رواه مسلم والترمذي).
وفي صحيح البخاري :
يجاء بنوح يوم القيامة فيقال هل بلغت.
فيقول : نعم يا رب .
فيسأل أمته :هل بلغكم .
فيقولون : ما جاءنا من نذير .
فيقال : من شهودك .
فيقول : محمد وأمته .
فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: فيجاء بكم فتشهدون ثم قرأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) قال : أي : عدولاً، (لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً).
وقال مقاتل في قوله تعالى:
(وَامْتَازُواْ الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) أي اعتزلوا اليوم يعني في الآخرة من الصالحين وقال السدي كونوا على حدة.
وفي الصحيحين :
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: يقول اللّه يا آدم قم فابعث بعث النار .
فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك وما بعث النار؟
فيقول :من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين .
قال : فحينئذ يشيب الوليد وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما
هم بسكارى ولكن عذاب ربك شديد . فاشتد ذلك عليهم.
فقالوا : يا رسول اللّه أين ذلك الرجل .
فقال : رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ( تسعمائة وتسعة وتسعون من يأجوج ومأجوج ومنكم واحد ).
فقال الناس : اللّه أكبر .
فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: واللّه إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة واللّه إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة والله إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة , فكبر الناس .
فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ما أنتم يومئذ في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء . (رواه مسلم والترمذي)
ورواه أحمد ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
يقتص للخلق بعضهم من بعض حتى للجماء من القرناء وحتى للذرة من الذرة .
(ورواته رواه الصحيح).
وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن:
1- عمره فيم أفناه .
2- وعن علمه فيم فعل فيه .
3- وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه .
4- وعن جسمه فيم أبلاه . ( رواه الترمذي )
وعن أنس رضي الله عنه قال:
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك.
فقال : هل تدرون مم أضحك .
قلنا : الله ورسوله أعلم .
قال : من مخاطبة العبد ربه فيقول يا رب ألم تجرني من الظلم يقول بلى فيقول إني لا أجيز اليوم على نفسي شاهدا إلا مني فيقول كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا والكرام الكاتبين شهودا قال فيختم على فيه ويقول لأركانه انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلي بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل.
(رواه مسلم)
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه:
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة وفي رواية من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل . (رواه البخاري ومسلم)
وعن ابن الزبير رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نوقش الحساب هلك .
( رواه البزار والطبراني في الكبير بإسناد صحيح)

وعن عائشة رضي الله عنها:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب فقلت أليس يقول الله فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا فقال إنما ذلك العرض وليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك .
(رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي).


----------------------------------------------------


(9)- الميزان:
ـــــــــــــــــــــــ


قال اللّه تعالى:
{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ }الأعراف 8-9
قال اللّه تعالى:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَأَبِطَتْ اعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً }الكهف105
قال اللّه تعالى:
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }الأنبياء47
قال اللّه تعالى:
{فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ }المؤمنون 102-103
قال اللّه تعالى:
((الْقَارِعَةُ{1} مَا الْقَارِعَةُ{2} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ{3} يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ{4} وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ{5} فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ{6} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{7} وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ{8} فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ{9} وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ{10} نَارٌ حَامِيَةٌ{11}))القارعة.
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك .
( رواه مسلم )

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى يا عبدي أنفق أنفق عليك وقال يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما بيده وكان عرشه على الماء وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع.
(رواه البخاري ومسلم).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم .
( رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه) .
وعن أبي سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان :
لا إله إلا الله .
وسبحان الله .
والحمد لله .
والله أكبر .
والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه .
(رواه النسائي واللفظ له وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه)
وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يستخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر.
ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا أظلمك كتبتي الحافظون .
فيقول : لا يا رب .
فيقول : أفلك عذر .
فقال : لا يا رب .
فيقول الله تعالى : بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول احضر وزنك فيقول : يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات.
فقال : فإنك لا تظلم .
فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء .
(رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم).
وذكر أبو بكر البزار رضي اللّه عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ملك موكل بالميزان فيؤتي بابن آدم فيوقف بين كفتي الميزان :
* فإن ثقل ميزانه نادى ملك بصوت يسمع الخلائق سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً .
* وإن خفت ميزانه نادى ملك بصوت يسمع الخلائق شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبداً
عن عائشة رضي اللّه عنها أنها ذكرت النار فبكت:
فقال صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك ؟
قالت : ذكرت النار فبكيت فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة.
فقال صلى الله عليه وسلم: أما ثلاثة مواطن فلا يذكر فيها أحد أحداً:
1-عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل .
2-وعند الكتاب حين يقال هاؤم أقرؤا كتابيه حتى يعلم أين يقع كتابه أفي يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره .
3-وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم. (سنن أبي داود)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس .
قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.
فقال : المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.
(رواه مسلم والترمذي )
وروي عن عبد اللّه بن مسعود قال:
إذا كان يوم القيامة جمع اللّه الأولين والآخرين ثم نادى مناد من كان يطلب مظلمة فليجئ إلى حقه فليأخذه فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته أو أخيه فيأخذ منه وإن كان صغيراً ومصداق ذلك في كتاب اللّه عز وجل: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ. فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَلِدُونَ.). معالم التنزيل)
ويؤتى بالعبد وينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت إلى حقه ثم يقال آت هؤلاء حقوقهم فيقول يا رب من أين وقد ذهب الدنيا فيقول اللّه عز وجل للملائكة انظروا في أعماله الصالحة فأعطوهم منها فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة يا ربنا بقي له مثقال ذرة من حسنة فيقول اللّه عز وجل ضعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة ومصداق ذلك في كتاب اللّه عز وجل: (إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَعِفْهَا).
وإن كان عبداً شقياً قالت الملائكة إلهنا فنيت حسناته وبقي طالبون فيقول اللّه عز وجل خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صكوا له صكاً إلى النار.
وذكر الترمذي من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:
إن اللّه سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر ثم يقول اللّه أتنكر من هذا شيئاً،أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول لا يا رب فيقول اللّه أفلك عذر فيقول لا يا رب فيقول بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمداً رسول اللّه فيقول أحضر وزنك فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقال: إنك لا تظلم قال فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة قال فلا يثقل مع أسم اللّه شيء: أي من كان معه ذكر اللّه فلا يقاومه شيء يترجح من المعاصي بل يترجح الذكر على المعاصي.
وقيل إذا تعلق المظلوم بالظالم الأواب وهو الذي أقلع عن الذنب فلم يعد إليه ولم يتمكن من الاستحلال :
قال اللّه للمظلوم : ارفع رأسك فيرفع رأسه فإذا بقصر عظيم يلوح .
فيقول: ما هذا يا رب ؟
فيقول: إنه للبيع فاشتره مني .
فيقول :ما معي ثمنه .
فيقول: أن تبرئ مظلمة أخيك فالقصر لك.
فيقول قد فعلت يا رب.
وحكي أنه لما حضرت لقمان الحكيم الوفاة بكى :
فقال له ابنه : ما يبكيك يا أبت؟
فقال :يا بني لست أبكي على الدنيا ولا على نعيمها ولكن على ما أمامي من:
الشقة البعيدة .
والمفازة السحيقة .
والعقبة الكئود .
والزاد القليل .
والحمل الثقيل .
ولا أدري أيحط عني ذلك الحمل حتى أبلغ الغاية .
أم أثقل حتى أساق إلى النار فلهذا أبكي..... فمات رحمه اللّه.

-----------------------------------------------------


(10)- الصراط :
ـــــــــــــــــــــــــ


قال اللّه تعالى:
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً{68} ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً{69} ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً{70} وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً{71} ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً{72}مريم.
وعن عبد الرحمن بن بشير الأنصاري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم يرد النار إلا عابر سبيل يعني الجواز على الصراط . (رواه الطبراني)
ومن مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزول الأقدام .
(رواه ابن أبي الدنيا والأصبهاني)
وعن عبد الله بن مسعود أيضا رضي الله عنه عن النبي قال :
يجمع الله عز وجل الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء فذكر الحديث إلى أن قال ثم يقول يعني الرب تبارك وتعالى ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم :
فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه .
ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك .
ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده .
ومنهم من يعطى أصغر من ذلك .
حتى يكون آخرهم رجلا يعطى نوره على إبهام قدميه يضيء مرة ويطفأ مرة فإذا أضاء قدم قدمه وإذا أطفئ قام فيمرون على قدر نورهم :
منهم من يمر كطرفة العين .
ومنهم من يمر كالبرق .
ومنهم من يمر كالسحاب .
ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب .
ومنهم من يمر كالريح .
ومنهم من يمر كشد الفرس .
ومنهم من يمر كشد الرجل .
حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر يد وتعلق يد وتخر رجل وتعلق رجل وتصيب جوانبه النار فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها فقال الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعط أحدا إذ نجاني منها بعد إذ رأيتها .
قال :فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم فيرى ما في الجنة من خلل الباب .
فيقول :رب أدخلني الجنة .
فيقول له : أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار .
فيقول : رب جعل بيني وبينها حجابا لا أسمع حسيسها .
قال : فيدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه إليه حلم .
فيقول : رب أعطني ذلك المنزل .
فيقول له : لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره .
فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره وأي منزل أحسن منه فيعطاه فينزله ويرى أمام ذلك منزلا كأن ما هو فيه إليه حلم .
قال : رب أعطني ذلك المنزل .
فيقول الله تبارك وتعالى له : فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره .
فيقول : لا وعزتك يا رب وأي منزل أحسن منه فيعطاه فينزله ثم يسكت .
فيقول لله جل ذكره : ما لك لا تسأل .
فيقول : رب قد سألتك حتى استحييتك وأقسمت حتى استحييتك .
فيقول الله جل ذكره : ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه .
فيقول : أتهزأ بي وأنت رب العزة .
فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من الحديث ضحك . فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن . . قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان ضحكت ؟ فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه . قال :
فيقول الرب جل ذكره : لا ولكني على ذلك قادر سل .
فيقول : ألحقني بالناس .
فيقول : الحق بالناس فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا .
فيقال له : ارفع رأسك ما لك .
فيقول : رأيت ربي أو تراءى لي ربي .
فيقال : إنما هو منزل من منازلك .
قال : ثم يلقى رجلا فيتهيأ للسجود له .
فيقال له : مه .
فيقول : رأيت أنك ملك من الملائكة .
فيقول : إنما أنا خازن من خزانك وعبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على ما أنا عليه قال فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر قال وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون بابا كل باب يفضي إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها كبدها مرآته وكبده مرآتها إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا .
فيقال له : شرف فيشرف .
فيقال له : ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك قال:
فقال عمر: ألا تسمع ما يحدثنا بن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم قال يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت إن الله جل ذكره خلق دارا جعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة ثم قرأ كعب فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون . قال وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه.ثم قال من كان كتابه في عليين نزل في تلك الدار التي لم يرها أحد حتى إن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فلا تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون بريحه فيقولون واها لهذا الريح هذا ريح رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه قال ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها فقال كعب إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر لركبتيه حتى إن إبراهيم خليل الله ليقول رب نفسي نفسي حتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أن لا تنجو .
(رواه ابن أبي الدنيا والطبراني والحاكم هكذا عن ابن مسعود مرفوعا وآخره من قوله إن الله جل ذكره خلق دارا إلى آخره موقوفا على كعب وأحد طرق الطبراني صحيح واللفظ له وقال الحاكم صحيح الإسناد وهو في مسلم بنحوه).
وعن حذيفة وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الله تبارك وتعالى الناس :
قال :فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم .
فيقولون : يا أبانا استفتح لنا الجنة .
فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله قال .
فيقول إبراهيم : لست بصاحب ذلك إنما كنت خليلا من وراء وراء اعمدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليما قال فيأتون موسى .
فيقول : لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه .
فيقول عيسى : لست بصاحب ذلك فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم .
فيقوم فيؤذن له وترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا فيمر أولكم كالبرق قال قلت بأبي وأمي أي شيء كالبرق قال ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم أعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به فمخدوش ناج ومكدوش في النار والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعين خريفا . ( رواه مسلم)
وفي صحيح البخاري قال:
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فو الذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى لمنزلة في الجنة منه لمنزلة كان في الدنيا.
وفي رسالة القشيري قال معاذ بن جبل:
إن المؤمن لا يطمئن قلبه ولا تسكن روعته، حتى يخلف جسر جهنم.
وكان أبو ميسرة رضي اللّه عنه:
إذ أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمي لم تلدني، ثم يبكي، فقيل ما يبكيك؟ فقال: أخبرنا أنا واردوها ولم نخبر أنا صادرون عنها.
وبكى عبد اللّه بن رواحة وقال:
آية أنزلت ينبئني فيها ربي، إني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها، فذلك الذي أبكاني.
وقال الحسن:
كيف لا يحزن المؤمن وقد حدث عن اللّه أنه وارد جهنم ولم ينبئه بأنه صادر عنها.

----------------------------------------------------


(11)- الحوض:
ــــــــــــــــــــــــــ


وفي صحيح مسلم عن أنس قال:
بينما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسماً:
فقيل: ما أضحكك يا رسول اللّه؟
قال: نزلت على آنفاً سورة يقرأ فيها: بسم اللّه الرحمن الرحيم: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ.) .
ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟
فقلنا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: فأنه نهر وعدنية ربي عليه خير كثير، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم (أي يعدل به عن الحوض، وهو إما المرتد وإما العاصي) فأقول ربي إنه من أمتي فيقول: ما تدري ما حدث بعدك .
وعن سمرة بن جندب قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي حوضاً وإنهم ليتباهون أيهم أكثر واردة وأني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة :
فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم عن قريب لاحقون وددت أنا قد رأينا إخواننا .
قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله .
قال : أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد .
قالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله .
قال : أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله .
قالوا : بلى يا رسول الله .
قال : فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض. ( رواه مسلم )
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني ممسك بحجزكم عن النار هلم عن النار وتغلبونني تقاحمون فيه تقاحم الفراش أو الجنادب فأوشك أن أرسل بحجزكم وأنا فرطكم على الحوض فتردون علي معا وأشتاتا فأعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريبة من الإبل في إبله ويذهب بكم ذات الشمال وأناشد فيكم رب العالمين فأقول أي رب أمتي فيقول يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى على أعقابهم فلا أعرفن أحدكم يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء فينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغتك فلا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل بعيرا له رغاء فينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغتك فلا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة ينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغتك فلا أعرفن أحدكم يوم القيامة يحمل سقاء من أدم ينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغتك .
(رواه أبو يعلى والبزار إلا أنه قال قشعا مكان سقاء وإسنادهما جيد إن شاء الله)
ومن حديث كعب بن عجرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعيذك بالله يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي فمن غشي أبوابهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض ومن غشي أبوابهم أو لم يغش فلم يصدقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض.
(ورواه الترمذي والنسائي)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا آخذ بحجزكم أقول إياكم وجهنم إياكم والحدود إياكم وجهنم إياكم والحدود إياكم وجهنم إياكم والحدود ثلاث مرات فإذا أنا مت تركتكم وأنا فرطكم على الحوض فمن ورد أفلح .
(الحديث رواه من رواية ليث بن أبي سليم)

وعن يحيى بن جعدة قال :
عاد خبابا ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أبشر يا أبا عبد الله ترد على محمد صلى الله عليه وسلم الحوض فقال كيف بهذا وأشار إلى أعلى البيت وأسفله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يكفي أحدكم كزاد الراكب.
( رواه أبو يعلى والطبراني بإسناد جيد)
وعن ثوبان رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حوضي ما بين عدن إلى عمان أكوابه عدد النجوم ماؤه أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل وأكثر الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين قلنا يا رسول الله صفهم لنا قال شعث الرؤوس دنس الثياب الذين لا ينكحون المتنعمات ولا تفتح لهم السدد الذين يعطون ما عليهم ولا يعطون ما لهم .
(رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح وهو في الترمذي وابن ماجه بنحو).
وعن أبي سلام الأسود أنه قال لعمر بن عبد العزيز:
سمعت ثوبان رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوضي ما بين عدن إلى عمان البلقاء ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وأوانيه عدد النجوم من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا وأول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين الشعث رؤوسا الدنس ثيابا الذين لا ينكحون المنعمات ولا تفتح لهم السدد .
قال عمر : لكني قد نكحت المنعمات فاطمة بنت عبد الملك وفتحت إلي السدد لا جرم أني لا أغسل رأسي حتى يشعث ولا ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ .
(رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم واللفظ له وقال صحيح الإسناد).
قيل إن اللّه ستر أربعاً في أربع :
1- ستر رضاه في طاعته :
فلا يحقرن أحدكم من الطاعة شيئاً , فرب محتقر من الطاعة فيه رضا اللّه.
2- وستر غضبه في معصيته :
فلا يحقرن أحدكم شيئاً من المعصية ، فرب محتقر من المعصية فيه غضب اللّه.
3- وستر وليه في خلقه :
فلا يحقرن أحدكم أحداً من خلق اللّه ، فرب من لا يؤبه له وهو ولي اللّه.
4-وستر الإِجابة في الدعاء:
فلا يحقرن أحدكم شيئاً من الدعاء ، على أي حال كان، وفي أي موطن كان.

--------------------------------------------------







(12)- النار:
ــــــــــــــــــــــــــ


قال اللّه تعالى:
{وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَاقال الله تعالى : خَالِدُونَ }البقرة39
وقال الله تعالى:
((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً{103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً{104} أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً{105} ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً{106}))الكهف
وقال اللّه تعالى:
((إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ{39} فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ{40} عَنِ الْمُجْرِمِينَ{41} مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ{42} قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ{43} وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ{44} وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ{45} وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ{46} حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ{47}))المدثر
وقال اللّه تعالى:
{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ }الحج19
وقال اللّه تعالى:
{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ }المؤمنون104
تَحْرقُ النار وجوههم، وهم فيها عابسون تَقَلَّصَتْ شفاههم، وبرزت أسنانهم.
وقال الله تعالى :
{وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ }الرعد5
و قال اللّه تعالى:
{ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ }{فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ }
غافر 71-72
و قال اللّه تعالى:
{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ }يس8
إنا جعلنا هؤلاء الكفار الذين عُرض عليهم الحق فردُّوه, وأصرُّوا على الكفر وعدم الإيمان, كمن جُعِل في أعناقهم أغلال, فجمعت أيديهم مع أعناقهم تحت أذقانهم, فاضطروا إلى رفع رؤوسهم إلى السماء, فهم مغلولون عن كل خير, لا يبصرون الحق ولا يهتدون إليه.
و قال اللّه تعالى:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ{36} وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ{37}فاطر
و قال اللّه تعالى:
((إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ{43} طَعَامُ الْأَثِيمِ{44} كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ{45} كَغَلْيِ الْحَمِيمِ{46} خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ{47} ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ{48})) الدخان
إن شجرة الزقوم التي تخرج في أصل الجحيم, ثمرها طعام صاحب الآثام الكثيرة, وأكبر الآثام الشرك بالله. ثمر شجرة الزقوم كالمَعْدِن المذاب يغلي في بطون المشركين, كغلي الماء الذي بلغ الغاية في الحرارة. خذوا هذا الأثيم الفاجر فادفعوه, وسوقوه بعنف إلى وسط الجحيم يوم القيامة. ثم صبُّوا فوق رأس هذا الأثيم الماء الذي تناهت شدة حرارته, فلا يفارقه العذاب.
و قال الله تعالى:
((وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ{41} فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ{42} وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ{43} لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ{44} إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ{45} وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ{46} وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ{47} أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ{48} قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ{49} لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ{50} ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ{51} لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ{52} فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ{53} فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ{54} فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ{55} هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ{56}))الواقعة.
وقال الله تعالى :
((وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ{25} وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ{26} يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ{27} مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ{29} خُذُوهُ فَغُلُّوهُ{30} ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ{31} ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ{32} إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ{33} وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ{34} فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ{35} وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ{36} لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ{37})) الحاقة.
وقال الله تعالى :
((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ{1} وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ{2} عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ{3} تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً{4} تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ{5} لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ{6} لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ{7}))الغاشية.
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
لما خلق اللّه الجنة قال لجبريل :
اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد اللّه لأهلها فيها، ثم جاء فقال أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفها بالمكاره، ثم قال يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء، فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد.
قال فلما خلق اللّه النار، قال يا جبريل :
اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فحفها بالشهوات، ثم قال يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها.
وفي صحيح مسلم :
قال : رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ناركم هذه التي يوقدها ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم .
قالوا : واللّه إن كانت لكافية يا رسول اللّه.
قال: إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها .
وفي رواية للبيهقي :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحسبون أن نار جهنم مثل ناركم هذه هي أشد سوادا من القار هي جزء من بضعة وستين جزءا منها أو نيف وأربعين شك أبو سهيل
وذكر سفيان بن عيينة عن أبي هريرة:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ولولا أنها ضربت بالماء مرتين ما كان لأحد فيها منفعة .
وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
كنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة :
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما هذا؟
قال: قلنا اللّه ورسوله أعلم .
قال: هذا حجر رُميَ به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها فسمعتم وجبتها .
وفي صحيح البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يقول اللّه:لأهون أهل النار عذاباً يوم القيامة، لو أن لك ما في الأرض من شيء، أكنت تفتدي به؟ فيقول نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك .
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن أهون أهل النار عذابا رجل في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقمقم .
( رواه البخاري ومسلم )ولفظه إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا وإنه لأهونهم عذابا.
و عن سمرة بن جندب أنه سمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول:
إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى عنقه .
وفي مسند البزار عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون ثم تنفس رجل من أهل النار لأحرقهم .
و عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه؟ .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يخرج عنق من النار يتكلم يقول وكلت اليوم بثلاثة بكل جبار عنيد ومن جعل مع الله إلها آخر ومن قتل نفسا بغير حق فينطوي عليهم فيقذفهم في حمراء جهنم . (رواه أحمد والبزار ) ولفظه تخرج عنق من النار تتكلم بلسان طلق ذلق لها عينان تبصر بهما ولها لسان تتكلم به فتقول إني أمرت بمن جعل مع الله إلها آخر وبكل جبار عنيد وبمن قتل نفسا بغير نفس فتنطلق بهم قبل سائر الناس بخمسمائة عام .
و عن أبي أمامة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
(وَيُسْقَى مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ. يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ).
قال يقرب إلى فيه فإذا أدنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره. (الترمذي).
يقول اللّه تعالى:
(وَسُقُواْ مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ).
ويقول جل وعلا:
(وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الْوُجُوهَ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان .
( رواه الترمذي والبيهقي)
وفيه عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وهم فيها كالحون: قال تشويه النار فتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته .
وفي رواية للترمذي قال :
إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا وإن ضرسه مثل أحد وإن مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة . ( حديث حسن غريب صحيح )
ورواه ابن حبان في صحيحه قال :
جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا بذراع الجبار وضرسه مثل أحد . ( حسن )
ورواه الحاكم وصححه وهو رواية لأحمد بإسناد جيد قال :
ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعرض جلده سبعون ذراعا وعضده مثل البيضاء وفخذه مثل ورقان ومقعده من النار ما بيني وبين الربذة .
قال أبو هريرة وكان يقال بطنه مثل بطن إضم الجبار ملك باليمن له ذراع معروف المقدار كذا قال ابن حبان وغيره وقيل ملك بالعجم .
وفي كتاب الترمذي وغيره عن أنس قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:
أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم على وجوههم كأنها جداول حتى تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون فلو أن سفناً أجريت فيها لجرت .
وحكي عن شقيق البلخي أنه كان يوماً يعاتب نفسه ويوصيها ويقول:
يا شقيق :
لا تعص اللّه إلا على حسب ما تطيق من عذابه .
واعمل لآخرتك على قدر حوائجك إليها.
واطلب الرزق على قدر مقامك في الدنيا.
واعمل لدار لا نفاذ لها فسوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار.
وروي أن الربيع بن خثيم :
كان يذهب إلى ابن مسعود فمر بحانوت حداد فرأى الحديدة المحماة في الكير فغشي عليه، ولم يفق إلى الغد، فلما أفاق سئل عن ذلك؟ فقال: تذكرت كون أهل النار في النار.
وعن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: يلقى على أهل النار الجوع فيعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب، فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم فيقولون ادعوا خزنة جهنم، فيقولون أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات، قالوا: بلى، قالوا: فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ظلال، قال: فيقولون ادعوا مالكاً فيقولون يا مالك ليقض علينا ربك، قال فيجيبهم إنكم ماكثون.
قال الأعمش:
ثبت أن بين دعائهم وإجابة مالك إياهم ألف عام، قال: فيقولون ادعوا ربكم، فلا أحد خير من ربكم فيقولون ربنا غلبت شقوتنا وكنا قوماً ضالين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون، قال فيجيبهم: (اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ) قال: فعند ذلك يئسوا من كل خير وعند ذلك يأخذون في الزفير والحسرة والويل.
وروى أن لهب النار يرفع أهل النار حتى يطيروا كما يطير الشرر فإذا رفعهم أشرفوا على الجنة وبينهم حجاب فنادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ قالوا: نعم، فأذن مؤذن بينهم أن لعنة اللّه على الظالمين ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللّه قالوا: إن اللّه حرمها على الكافرين، فتردهم ملائكة العذاب بمقامع الحديد إلى قعر جهنم.
قال: بعض المفسرين: هو معنى قول اللّه عز وجل: (كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ).
وفي الكشاف وأنوار التنزيل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما:
إن لهم ست دعوات إذا دخلوا النار:
1- يقولون ألف سنة: (رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَلِحاً).
فيجابون: (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي).
2- فيقولون ألفاً: (قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ).فيجابون: (ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ).
3- فيقولون ألفاً: (يَمَلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ).
فيجابون: (إِنَّكُم مَّاكِثُونَ).
4- فيقولون ألفاً: (رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ).فيجابون: (أَوَ لَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبلُ مَالَكُم مِّن زَوَالٍ).
5- فيقولون ألفاً: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَلِحاً).فيجابون: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ).
6- فيقولون ألفاً: (رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحَاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا).
فيجابون: (اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ).
ثم لا يكون لهم فيها إلا زفير وشهيق وعواء.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي به مناد يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم ينادي مناد يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيذبح بين الجنة والنار ثم يقول يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون وأشار بيده إلى الدنيا
(رواه البخاري ومسلم والنسائي)
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقالوا ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه من أهل النار وفي رواية فقالوا أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار فقال رجل من القوم أنا صاحبه أبدا قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه حتى جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة . (رواه البخاري ومسلم)
وقال حاتم الأصم:
* لا تغتر بموضع صالح فلا مكان أصلح من الجنة ، فلقي آدم فيها ما لقي.
* ولا تغتر بكثرة العبادة فإن إبليس بعد طول تعبده لقي ما لقي.
* ولا تغتر بكثرة العلم فإن بلعام كان يحسن اسم اللّه الأعظم، فانظر ماذا لقي.
* ولا تغتر برؤية الصالحين فلا شخص أكبر من المصطفى فلم ينتفع بلقائه أقاربه وأعداؤه.
وعن أبي بكر الوراق رحمه اللّه، أنه قال:
أكثر ما ينزع الإِيمان من العبد عند الموت، فنظرنا في الذنوب فلم نجد أنزع للإِيمان من ظلم العباد.
وذكر عن الحسن :
أن آخر من يخرج من النار يقال له هناد عذب ألف عام ينادي: يا حنان، يا منان، فبكى الحسن وقال: يا ليتني كنت هناداً، فتعجبوا منه، فقال: ويحكم أليس يوماً يخرج .
وقال يحيى بن معاذ:
لا تدري أي المصيبتين أعظم، أفوت الجنان، أم دخول النيران، أما الجنة فلا صبر عنها وأما النار فلا صبر عليها وعلى كل حال، فوت النعيم أيسر من مقاساة الجحيم ، ثم الطامة الكبرى، والمصيبة العظمى هي في الخلود إذ أي قلب يحتمله وأي نفس تصبر عليه.
---------------------------------------------------




(13)- الجنة:
ـــــــــــــــــــــــ



قال اللّه تعالى:
((وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{25}))البقرة
قال اللّه تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة82قال اللّه تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران185
قال اللّه تعالى:
{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً }النساء124
قال اللّه تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }الأعراف42
قال اللّه تعالى:
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الأعراف43
قال اللّه تعالى:
{لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }يونس26
للمؤمنين الذين أحسنوا عبادة الله فأطاعوه فيما أمر ونهى, الجنةُ, وزيادة عليها, وهي النظر إلى وجه الله تعالى في الجنة, والمغفرةُ والرضوان, ولا يغشى وجوههم غبار ولا ذلة, كما يلحق أهل النار. هؤلاء المتصفون بهذه الصفات هم أصحاب الجنة ماكثون فيها أبدًا.
قال اللّه تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }هود23
قال اللّه تعالى:
{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ }هود108
وأما الذين رزقهم الله السعادة فيدخلون الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض, إلا الفريق الذي شاء الله تأخيره, وهم عصاة الموحدين, فإنهم يبقون في النار فترة من الزمن, ثم يخرجون منها إلى الجنة بمشيئة الله ورحمته, ويعطي ربك هؤلاء السعداء في الجنة عطاء غير مقطوع عنهم.
قال اللّه تعالى:
{مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ }الرعد35
صفة الجنة التي وعد الله بها الذين يخشونه أنها تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار, ثمرها لا ينقطع, وظلها لا يزول ولا ينقص, تلك المثوبة بالجنة عاقبة الذين خافوا الله, فاجتنبوا معاصيه وأدَّوا فرائضه, وعاقبة الكافرين بالله النار.
قال اللّه تعالى:
{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل32
الذين تقبض الملائكةُ أرواحَهم, وقلوبُهم طاهرة من الكفر, تقول الملائكة لهم: سلام عليكم, تحية خاصة لكم وسلامة من كل آفة, ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون من الإيمان بالله والانقياد لأمره.
قال اللّه تعالى:
{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً }مريم60
لكن مَن تاب منهم مِن ذنبه وآمن بربه وعمل صالحًا تصديقًا لتوبته, فأولئك يقبل الله توبتهم, ويدخلون الجنة مع المؤمنين ولا يُنقَصون شيئًا من أعمالهم الصالحة.
قال اللّه تعالى:
{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً }مريم63
تلك الجنة الموصوفة بتلك الصفات, هي التي نورثها ونعطيها عبادنا المتقين لنا, بامتثال أوامرنا واجتناب نواهينا.
قال اللّه تعالى:
{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً }الفرقان24
أصحاب الجنة يوم القيامة خير مستقرًا من أهل النار وأحسن منازل في الجنة, فراحتهم تامة، ونعيمهم لا يشوبه كدر.
قال اللّه تعالى:
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ }الشعراء90
وقُرِّبت الجنة للذين اجتنبوا الكفر والمعاصي، وأقبلوا على الله بالطاعة.
قال اللّه تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }العنكبوت58
قال اللّه تعالى:
{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ }يس55
إن أهل الجنة في ذلك اليوم مشغولون عن غيرهم بأنواع النعيم التي يتفكهون بها.
قال اللّه تعالى:
{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }الزمر73
وسيق الذين اتقوا ربهم بتوحيده والعمل بطاعته إلى الجنة جماعات, حتى إذا جاؤوها وشُفع لهم بدخولها، فتحت أبوابها, فترحِّب بهم الملائكة الموكَّلون بالجنة, ويُحَيُّونهم بالبِشر والسرور; لطهارتهم من آثار المعاصي قائلين لهم: سلام عليكم من كل آفة, طابت أحوالكم, فادخلوا الجنة خالدين فيها.
قال اللّه تعالى:
{مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ }غافر40
من عصى الله في حياته وانحرف عن طريق الهدى, فلا يُجْزى في الآخرة إلا عقابًا يساوي معصيته, ومَن أطاع الله وعمل صالحًا بامتثال أوامره واجتناب نواهيه, ذكرًا كان أو أنثى, وهو مؤمن بالله موحد له, فأولئك يدخلون الجنة, يرزقهم الله فيها من ثمارها ونعيمها ولذاتها بغير حساب.
قال اللّه تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }فصلت30
إن الذين قالوا ربنا الله تعالى وحده لا شريك له, ثم استقاموا على شريعته, تتنزل عليهم الملائكة عند الموت قائلين لهم: لا تخافوا من الموت وما بعده, ولا تحزنوا على ما تخلفونه وراءكم من أمور الدنيا, وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون بها.
قال اللّه تعالى:
{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الزخرف72
وهذه الجنة التي أورثكم الله إياها؛ بسبب ما كنتم تعملون في الدنيا من الخيرات والأعمال الصالحات, وجعلها مِن فضله ورحمته جزاء لكم.
قال اللّه تعالى:
{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ }الحشر20
قال اللّه تعالى:
((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ{10} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{11} فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{12} ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ{13} وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ{14} عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ{15} مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ{16} يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ{17} بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ{18} لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ{19} وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ{20} وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ{21} وَحُورٌ عِينٌ{22} كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ{23} جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{24} لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً{25} إِلَّا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً{26}))الواقعة
والسابقون إلى الخيرات في الدنيا هم السابقون إلى الدرجات في الآخرة, أولئك هم المقربون عند الله, يُدْخلهم ربهم في جنات النعيم. يدخلها جماعة كثيرة من صدر هذه الأمة, وغيرهم من الأمم الأخرى, وقليل من آخر هذه الأمة على سرر منسوجة بالذهب, متكئين عليها يقابل بعضهم بعضًا. يطوف عليهم لخدمتهم غلمان لا يهرمون ولا يموتون, بأقداح وأباريق وكأس من عين خمر جارية في الجنة, لا تُصَدَّعُ منها رؤوسهم, ولا تذهب بعقولهم. ويطوف عليهم الغلمان بما يتخيرون من الفواكه, وبلحم طير ممَّا ترغب فيه نفوسهم. ولهم نساء ذوات عيون واسعة, كأمثال اللؤلؤ المصون في أصدافه صفاءً وجمالا؛ جزاء لهم بما كانوا يعملون من الصالحات في الدنيا. لا يسمعون في الجنة باطلا ولا ما يتأثمون بسماعه, إلا قولا سالمًا من هذه العيوب, وتسليم بعضهم على بعض.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها إن شئتم فاقرؤوا وظل ممدود وماء مسكوب . (رواه البخاري والترمذي)
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام لا يقطعها . (رواه البخاري ومسلم والترمذي)
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر سدرة المنتهى فقال يسير الراكب في ظل الفنن منها مائة سنة أو يستظل بها مائة راكب شك يحيى فيها فراش الذهب كأن ثمارها القلال .
(رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر اقرؤوا إن شئتم وظل ممدود وموضع سوط من الجنة خير من الدنيا وما فيها واقرؤوا إن شئتم فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز .
(رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وروى البخاري ومسلم بعضه)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر واقرؤوا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين . (رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه)
و عن أبي هريرة قال:
قلت يا رسول اللّه مم خلق الخلق ؟ قال: من الماء . قلنا الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا ييأس، ويخلد ولا يموت ولا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم . ( الترمذي)
وعن أنس رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعطيت الكوثر فضربت بيدي فإذا هي مسكة ذفرة وإذا حصباؤها اللؤلؤ وإذا حافتاه أظنه قال قباب تجري على الأرض جريا ليس بمشقوق.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أول زمرة يدخلون الجنة كأن وجوههم ضوء القمر ليلة البدر والزمرة الثانية على لون أحسن كوكب دري في السماء لكل واحد منهم زوجتان من الحور العين على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ سوقهما من وراء لحومهما وحللهما كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء . (رواه الطبراني بإسناد صحيح والبيهقي بإسناد حسن )
عن جابر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يمتخطون ولا يتغوطون ولا يبولون طعامهم ذلك جشاء كريح المسك يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس .
( رواه مسلم وأبو داود)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين وهم على خلق آدم ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع .
(رواه أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني والبيهقي كلهم من رواية علي بن زيد بن جدعان عن ابن المسيب عنه)
وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون آنيتهم فيها الذهب أمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك لكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا.
(رواه البخاري ومسلم واللفظ لهما والترمذي وابن ماجه )
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهم قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين . ( رواه البخاري ومسلم) .
وفي رواية لهما كما تراءون الكوكب الغارب بتقديم الراء على الباء.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه :
أن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الطير من طيور الجنة فيقع في يده منفلقا نضجا .
( رواه ابن أبي الدنيا موقوفا)
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها فقال أبو مالك الأشعري لمن هي يا رسول الله قال لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائما والناس نيام .
( رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن والحاكم وقال صحيح على شرطهما)

عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوهم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فتقول لهم أهلوهم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا فيقولون وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا . (رواه مسلم)
عن داود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده رضي الله عنهم:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أن ما يقل ظفر مما في الجنة بدا لتزخرف له ما بين خوافق السموات والأرض ولو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدا سواره لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم . (رواه ابن أبي الدنيا والترمذي وقال حديث حسن غريب)
وعن عبد الرحمن بن ساعدة رضي الله عنه قال:
كنت أحب الخيل فقلت يا رسول الله هل في الجنة خيل فقال إن أدخلك الله الجنة يا عبد الرحمن كان لك فيها فرس من ياقوت له جناحان تطير بك حيث شئت . ( رواه الطبراني)
وعن سليمان بن بريدة عن أبيه :
أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هل في الجنة من خيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء تطير بك في الجنة حيث شئت إلا كان قال وسأله رجل فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل قال فلم يقل له ما قال لصاحبه قال إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك . (رواه الترمذي )
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين بني ثلاث وثلاثين.
( رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين وهم على خلق آدم ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع .
(رواه أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني والبيهقي )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام .
( رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب والطبراني في الأوسط إلا أنه قال ما بين كل درجتين مسيرة خمسمائة عام)
وفي كتاب الترمذي قال:
إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة، منها تفجر أنهار الجنة الأربعة ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس .
وحكي أن أصحاب الثوري :
كلموه فيما كانوا يرون من خوفه واجتهاده ورثة حاله، فقالوا: يا أستاذ لو نقصت من هذا الجهد نلت مرادك أيضاً إن شاء اللّه تعالى، فقال سفيان كيف لا أجتهد وقد بلغني أن أهل الجنة يكونون في منازلهم فيتجلى لهم نور يضيء له الجنان الثمان فيظنون أن ذلك نور من عند الرب سبحانه وتعالى فيخرون ساجدين فينادون أن ارفعوا رؤوسكم ليس الذي تظنون إنما هو نور جارية تبسمت في وجه صاحبها .
وقيل لوهب بن منبه:
أليس لا إله إلا اللّه مفتاح الجنة؟ قال بلى ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك. ( ذكره البخاري في صحيحه)
وروي أن اللّه عز وجل أوحى إلى موسى:
(ما أقل حياء من يطمع في جنتي بغير عمل، كيف أجود برحمتي على من يبخل بطاعتي....).
وعن شهر بن حوشب:
طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب.
وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور.
وارتجاء الرحمة ممن لا يطاع حمق وخذلان.
وعن رابعة البصرية أنها كانت تنشد:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ............ إن السفينة لا تجري على اليبس

وقال الشيخ اليافعي رحمة اللّه عليه:
فيا عجباً ندري بنار وجنة ............... وليس لذي نشتاق أو تلك نحذر
إذا لم يكن خوف وشوق ولا حيا ........... فماذا بقي فينا من الخير يذكر
ولسنا لحر صابرين ولا بلى ................ فكيف على النيران يا قوم نصبر
وفوت جنان الخلد أعظم حسرة ............... على تلك فليتحسر المتحسر
فأف لنا أف كلاب مزابل ....................... إلى نتنها نغدو ولا نتدبر
نبيع خطيراً بالحقير عماية ....................... وليس لنا عقل وقلب منور
فطوبى لمن يؤتى القناعة والتقى ................... وأوقاته في طاعة اللّه يعمر


---------------------------------------------------



(14)- الحور العين:
ــــــــــــــــــــــــــــــ


قال الله تعالى:
{كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الدخان54
كما أعطينا هؤلاء المتقين في الآخرة من الكرامة بإدخالهم الجنات وإلباسهم فيها السندس والإستبرق, كذلك أكرمناهم بأن زوَّجناهم بالحسان من النساء واسعات الأعين جميلاتها.
قال الله تعالى:
{مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الطور20
وهم متكئون على سرر متقابلة, وزوَّجناهم بنساء بيض واسعات العيون حسانهنَّ.
قال الله تعالى:
{حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ }الرحمن72
حور مستورات مصونات في الخيام.
قال الله تعالى:
{وَحُورٌ عِينٌ }الواقعة22
ولهم نساء ذوات عيون واسعة.
قال الله تعالى:
((فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ{56} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{57} كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ{58}))الرحمن
في هذه الفرش زوجات قاصرات أبصارهن على أزواجهن, لا ينظرن إلى غيرهم متعلقات بهم, لم يطأهن إنس قبلهم ولا جان. فبأي نِعَم ربكما- أيها الثقلان- تكذِّبان؟كأن هؤلاء الزوجاتِ من الحور الياقوتُ والمَرْجانُ في صفائهن وجمالهن.
وقال تعالى:
((إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء{35} فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً{36} عُرُباً أَتْرَاباً{37} لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ{38}))الواقعة
إنا أنشأنا نساء أهل الجنة نشأة غير النشأة التي كانت في الدنيا, نشأة كاملة لا تقبل الفناء, فجعلناهن أبكارًا, متحببات إلى أزواجهن, في سنٍّ واحدة, خلقناهن لأصحاب اليمين.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنات عدن . (رواه البخاري واللفظ له ومسلم والترمذي)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوهم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فتقول لهم أهلوهم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا فيقولون وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا . (رواه مسلم)
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أول زمرة يدخلون الجنة كأن وجوههم ضوء القمر ليلة البدر والزمرة الثانية على لون أحسن كوكب دري في السماء لكل واحد منهم زوجتان من الحور العين على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ سوقهما من وراء لحومهما وحللهما كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء .
(رواه الطبراني بإسناد صحيح والبيهقي بإسناد حسن )
وفي كتاب النسائي عن أنس قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع .
قيل يا رسول اللّه أو يطيق ذلك قال: يعطى قوة مائة .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
إن في الجنة نهرا طول الجنة حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين بأحسن أصوات يسمعها الخلائق حتى ما يرون أن في الجنة لذة مثلها قلنا يا أبا هريرة وما ذاك الغناء قال إن شاء الله التسبيح والتحميد والتقديس وثناء على الرب عز وجل . (رواه البيهقي موقوف)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس أحدكم من الجنة أو موضع قيد يعني سوطه خير من الدنيا وما فيها ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها. (رواه البخاري ومسلم وغيرهم)
ومن حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
... قال فينطلق أمامه حتى يفتح له باب القصر قال وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلافها ومفاتيحها منها يستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون بابا كل باب يفضي إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها كبدها مرآته وكبده مرآتها إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك فيقول لها والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا وتقول له وأنت لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا فيقال له أشرف أشرف فيشرف فيقال له ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك قال فقال له عمر ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم قال يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت فذكر الحديث .
(رواه ابن أبي الدنيا والطبراني من طرق أحدها صحيح واللفظ له والحاكم وقال صحيح الإسناد)
وفي كتاب الترمذي قال:
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت، كما بين الجابية إلى صنعاء .
وفي مسند البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قيل يارسول الله انفضي إلى نسائنا في الجنة؟ فقال : أي والذي نفسي بيده إن الرجل ليفضي في اليوم الواحد إلى مائة عذراء .
وعن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكاراً .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون وأي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا .
( رواه البخاري ومسلم والترمذي)
وروي عن مالك بن دينار رضي الله عنه :
أنه كان يوماً ماشياً في أزقة البصرة، فإذا هو بجارية من جواري الملوك راكبة ومعها الخدم، فلما رآها مالك نادى أيتها الجارية: أيبيعك مولاك؟ فقالت: كيف قلت يا شيخ؟ قال: أيبيعك مولاك؟ قالت: ولو باعني أكان مثلك يشتريني قال: نعم وخيراً منك، فضحكت وأمرت به أن يحمل إلى دارها، فحمل فدخلت إلى مولاها فأخبرته فضحك وأمر أن يدخل به إليه، فأدخل، فألقيت له الهيبة في قلب السيد، قال: ما حاجتك، فقال بعني جاريتك، قال: أو تطيق أداء ثمنها؟ قال ثمنها عندي نواتان مسوستان فضحكوا، قال وكيف كان ثمنها عندك هذا؟ قال: لكثرة عيوبها، قال: وما عيوبها. قال:
إن لم تتعطر دفرت.
وإن لم تستك بخرت.
وإن لم تتمشط وتدهن قملت وشعنت.
وإن تعمرت عن قليل هرمت.
ذات حيض وغائط وبول وأقذار وحزن وغم وأكدار.
ولعلها أن لا تودك إلا لنفسها.
ولا تحبك إلا لتنعمها.
لا تفي بعهدك.
ولا تصدق في ودك.
ولا يخلف عليها أحد بعدك إلا رأته مثلك.
وأنا آخذ بون ما سألت في جاريتك من الثمن جارية خلقت من سلالة الكافور ومن المسك والجوهر والنور :
لو مزج ريقها أجاج البحر لطاب.
ولو دعي بكلامها ميت لأجاب.
ولو بدا معصمها للشمس لأظلمت دونه وكسفت.
ولو بدا في الظلماء لأنارت به وأشرقت.
ولو واجهت الآفاق بحليها وحللها لتعطرت به وتزخرفت.
نشأت من بين رياض المسك والزعفران وقضبان الياقوت والمرجان.
وقصرت في خيام النعيم وغذيت بماء التسنيم.
لا تخلف عهدها.
ولا تبدل ودها .
فأيهما أحق برفع الثمن؟ قال التي وصفت، قال فإنها الموجودة الثمن القريبة الخطب من كل زمن قال فما ثمنها رحمك الله؟ قال أيسر المبذول لنيل الخير المأمول:
أن تتفرغ ساعة في ليلك فتصلي ركعتين تخلصهما لربك.
وأن يوضع طعامك فتذكر جائعاً فتؤثره للّه تعالى على شهوتك.
وأن ترفع حجراً أو قذراً وأن تقطع أيامك بالبلغة والقلة.
وترفع همك عن دار الغرور والغفلة فتعيش الدنيا بعز القناعة .
وتأتي إلى موقف الكرامة آمناً غداً وتنزل الجنة دار النعيم في جوار المولى الكريم مخلداً.
فقال يا جارية أسمعت ما قال شيخنا هذا ؟ قالت نعم قال أفصدق أم كذب قالت: بل صدق وبر ونصح قال : فأنت إذاً حرة للّه تعالى، وضيعة كذا وكذا دقة عليك، وأنتم أيها الخدم أحرار وضيعة كذا وكذا لكم، وهذه الدار بما فيها صدقة مع جميع مالي في سبيل اللّه، ثم مد يده إلى ستر خشن كان على بعض أبوابها فاجتذبه وخلع جميع ما كان عليه واستتر به فقالت الجارية: لا عيش بعدك يا مولاي فرمت بكسوتها ولبست ثوباً خشناً وخرجت معه فودعهما مالك بن دينار ودعا لهما وأخذ طريقاً وأخذا طريقاً غيره فتعبدا جميعاً حتى جاء الموت فنقلهما على حال العبادة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



(15)- رؤية اللّه تعالى:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ



قال الله تعالى:
((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ{22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ{23} ))القيامة
وجوه أهل السعادة يوم القيامة مشرقة حسنة ناعمة, ترى خالقها ومالك أمرها, فتتمتع بذلك.
وعن صهيب رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله عز وجل تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ثم تلا هذه الآية (لِلَّذينَ أحْسَنُوا الحُسْنى وَزِيَادَةٌ) .
( رواه مسلم والترمذي والنسائي)
قال العلماء الحسنى هي الجنة والزيادة هي النظر إلى وجه اللّه تعالى الكريم .
وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وزوجاته ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على اللّه من ينظر إلى وجهه تعالى غدوة وعشية ثم قرأ:
(وُجُوهٌ يَوْمِئّذٍ نَاضِرَةٌ. إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ).
وفي الصحيحين عن جرير بن عبد اللّه قال:
نظر رسول اللّه إلى القمر ليلة البدر قال إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوه ثم قرأ:
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا).
و عن سعيد بن المسيب أنه لقي أبا هريرة فقال:
اسأل اللّه أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة فقال سعيد أفيها سوق؟ قال نعم أخبرني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم ثم يؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون ربهم لهم عرشه ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة فتوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من ياقوت ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ويجلس أدناهم وما فيهم دنئ على كثبان المسك والكافور ما يرون أن أصحاب
الكراسي بأفضل منهم مجلساً منابر .
قال أبو هريرة:
قلت :يا رسول اللّه وهل نرى ربنا .
قال : نعم هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر؟
قلنا : لا.
قال :كذلك لا تتمارون في رؤية ربكم ولا يبقى في ذلك المجلس إلا حاضرة اللّه محاضرة حتى يقول للرجل منهم يا فلان ابن فلان أتذكر يوم قلت كذا وكذا فيذكره ببعض غدراته في الدنيا فيقول أفلم تغفر لي فيقول فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيباً لم يجدوا مثل ريحه شيئاً قط ويقول ربنا قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم فيأتون سوقاً قد حفت بهم الملائكة فيها ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب فيجمع لنا ما اشتهينا ليس يباع فيها ولا يشتري وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضاً .
قال : فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة فيلقى من دونه وما فيهم دنئ فيروعه ما يرى من اللباس فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل عليه ما هو أحسن منه، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها ثم ننصرف إلى منازلنا فتتلقانا أزواجنا.
فيقلن : مرحباً وأهلاً لقد جئت وإن بك من الجمال أفضل مما فارقنا .
فنقول : إنا جالساً اليوم ربنا الجبار ويحق لنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا.
قال بعض السادات رأيت غلاماً في البرية وهو قائم يتعبد وليس معه أحد قد انقطع عن العمارة والناس فسلمت عليه :
وقلت له : يا فتى أنت بلا معين ولا رفيق.
فقال : بلى وعزته معي المعين والرفيق.
فقلت : فأين المعين والرفيق؟
فقال : هو فوقي بقدرته ومعي بعلمه وحكمته وبين يدي بهدايته وعن يميني بنعمته وعن شمالي بعصمته.
قال : فلما سمعت منه هذا الكلام قلت له هل لك في المرافقة .
فقال : هيهات مرافقتك تشغلني عن خدمته وما أحب أن يكون هذا لي ولي ملك الدنيا من شرقها إلى غربها .
فقلت له : أما تستوحش في هذا المكان .
فقال لي : يا هذا من كان المولى حبيبه وأنيسه كيف يستوحش.
فقلت :من أين تأكل ؟
فقال : يا هذا الذي غذائي برفقه في ظلمة الأحشاء صغيراً تكفل بي كبيراً ولي عنده رزق معلوم وله وقت محتوم فسألته الدعاء .
فقال لي : - حجب اللّه طرفك عن معصيته.
- وملأ قلبك بخشيته .
- ولا جعلك ممن يشتغل بغيره عن خدمته .
ثم ذهب ليقول فتعلقت به :
وقلت له : يا أخي متى ألقاك .
فتبسم وقال : أما بعد يومك هذا فلا تحدث به نفسك في الدنيا ويوم القيامة يوم يجتمع فيه الناس فإن كنت ممن تلقاني فاطلبني في جملة الناظرين إلى اللّه .
فقلت له: ومن أين عرفت ذلك؟
فقال :به وعدني ربي، ذلك أني - غضضت طرفي عن النظر إلى المحرمات .
- ومنعت نفسي من تناول الشهوات .
- وخلوت بخدمته في الليالي المظلمات.
ثم غاب عني فما رأيته.
اللهم اجعلنا ممن ينظر إلى وجهك الكريم آمين آمين يارب العالمين
وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
نسألكم الدعاء


منقول
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-25-2008, 05:40 AM
أم هارون السلفية أم هارون السلفية غير متواجد حالياً
مالي إلا أنت يا خالق الورى
 




افتراضي

جزاك الله خير الجزاء
التوقيع

أما جاءكم عن ربكم: (وَتَزَوَّدُوْا) .. فما عُذر من وافاهُ غيرَ مُزَوِّدِ ..!!
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-25-2008, 08:05 AM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

ماشاء الله يا حبيبة
لو لأنك قسمت المشاركة إلى مشاركات لكان افضل بإذن الله
حتى تتيسر القراءة - والله أعلم
جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتكِ
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 05:34 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.