انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-01-2008, 10:04 AM
الشافعى الصغير الشافعى الصغير غير متواجد حالياً
لا تهاجم الناجح وتمتدح الضعيف .. لا تنتقد المجتهد الذي يعمل وتربت علي كتف الكسول
 




Tamayoz الدرس السادس ـ شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى

 

شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى
ـ لفضيلة الشيخ أحمد النقيب ـ
الدرس السادس

لدرس الصوتى
للاستماع
الدرس مرئى
للمشاهدة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وأحبابه ومن والاه ثم أما بعد.
تكلمت مع حضراتكم في اللقاء الفائت عن الأسماء والصفات وبعض القواعد الحاكمة والضابطة لهذه المسألة مثل: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات. وكذلك تكلمت عن بعض المسائل العلمية التي بينتها في اللقاء الفائت مثل: معنى الإحصاء في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من أحصاها دخل الجنة) وكذلك قضية العلاقة بين اللفظ والمعنى وبيان أثر ذلك في قضية الأسماء والصفات. واليوم - بإذن الله –تعالى- ومشيئته وعونه وفضله سيكون الحديث حول عدة نقاط:
النقطة الأولى: أسماؤه وصفاته أزلية، وهذا هو العنصر الأول أو النقطة الأولى.
العنصر الثاني: إثبات صفة الكلام لله -عز وجل- طبعاً.
أما العنصر الثالث: فهو أن القرآن كلام الله –تعالى- حقيقة منه بدأ وإليه يعود.
ولنسمع - بإذن الله –تعالى- وتوفيقه- إلى ما قاله العلامة الإمام ابن أبي زيد وبسطه لهذه العناصر:
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: ( لم يزل بجميع صفاته وأسمائه، تعالى أن تكون صفاته مخلوقة وأسماؤه محدثة، كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته لا خلق من خلقه وتجلى للجبل فصار دكاً من جلاله، وأن القرآن كلام الله ليس بمخلوق فيبيد ولا صفة لمخلوق فينفد).
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
قال ابن أبي زيد - عليه رحمة الله-: (لم يزل) أي: لم يزل ربنا - سبحانه وتعالى- (بجميع صفاته وأسمائه) فأسماء الله –تعالى- وصفاته أبدية لا بداية لها، والمقصود بالصفات هنا: صفات الذات؛ لأن صفات الفعل هناك كلام لبعض أهل العلم في هذه المسألة فأسماء الله –تعالى- أذلية أي: لا بداية لها وكذلك صفاته -سبحانه وتعالى- أذلية أي: لا بداية لها، فالكلام في الذات أمر عظيم وكذلك الكلام في الصفات، إذ الصفة فرع عن الذات، فقوله( لم يزل بجميع صفاته وأسمائه تعالى) أي: تقدس وتنزه (أن تكون صفاته مخلوقة) أي: تقدس ربنا -سبحانه وتعالى- أن تكون صفاته مشابهة لصفات خلقه- تعالى الله عن ذلك- فكما قلت وسيكون هذا القول مركوزاً في أفئدتكم- بإذن الله تعالى- بأن الكلام عن الصفات فرع عن الكلام عن الذات، فلابد لنا ألا نتصور كيفية معينة لهذه الصفة، فتقدس ربنا -سبحانه وتعالى- وتنزه أن تكون صفته مشابهة لصفة خلقه من حيث الخلق تعالى أن تكون صفاته مخلوقة وتعالى أيضاً أن تكون أسماؤه محدثة والمحدثة أي: المبتدعة وأسماؤه -سبحانه وتعالى- ليست مخلوقة إذ لو كانت مخلوقة لكانت محلاً للعوارض والحوادث كما يقول المتكلمون- وحاشا لله تعالى أن يكون الأمر كذلك- إذن: أسماؤه وصفاته -سبحانه وتعالى- أذلية، أذلية ما معنى أذلية؟ أي لا بداية له أذلية أبداً، وهذا باختصار العنصر الأول أو الفكرة الأولى التي تدور حول أن أسماء الله –تعالى- وصفاته أذلية أي أبدية أي: لا أول لها ولا منتهى.
كذلك قال ابن زيد- وهذا في العنصر الثاني الذي يثبت عنصر الكلام- قال:( كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته) كلم موسى أي: كلم الله – تعالى- موسى فموسى هنا مفعول،(كلم الله موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته لا خلق من خلقه) أي: ليس كلام الله -عز وجل- خلقاً من خلقه (وتجلى ربنا -سبحانه وتعالى- للجبل) تجلى أي: ظهر (فجعله دكاً من جلاله) وإليكم بسط هذا الكلام.
لما كان الله – تعالى- هو الأول الذي لا ابتداء له وهو الآخر الذي لا انتهاء له كانت كذلك أسماؤه وصفاته، الجملة هذه مرة ثانية: لما كان الله أول لا بداية له وهو آخر لا نهاية له فكذلك أسماؤه وصفاته، فأسماء الله –تعالى- وصفاته لا بداية لها ولا نهاية لها، ومن جملة صفات الله -عز وجل-: الكلام، وصفة الكلام صفة ذاتية أثبتها أهل السنة مع اختلاف أضباطهم يعني أهل السنة: سواء أهل الأثر والحديث، سواء كان منهم المتشبهون بالمتسننين من الأشاعرة والكلابية، كل هؤلاء يثبتون صفة الكلام لله -عز وجل- فكلام الله -سبحانه وتعالى- لا بداية له وكذلك لا نهاية له ؟ لأن الكلام على الصفات فرع عن الكلام في الذات، فإذا كان الله -عز وجل- لا أول له ولا آخر فكذلك صفاته لا أول لها ولا آخر، ومن هذه الصفات: الكلام.. هذا من حيث النوع، من حيث الإجمال، لكن الله -سبحانه وتعالى- أثبت أنه يتكلم وقتما شاء، إذا شاء، كيف شاء، فيتكلم في وقت دون وقت، ويتكلم مع بعض عباده دون البعض وهذا كله ثابت فقد ثبت أن الله –تعالى- كلم آدم -عليه السلام- وكلم الملائكة وكلم بعضاً من النبيين وكلم موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- وكلم نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كلم الله –تعالى- الملائكة في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30]، والقول: كلام ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ ﴾ قال ماذا؟ ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ فجملة"إني" ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ جملة مقول القول، إذن: حدث القول ووقع القول وهو كلام ربنا -سبحانه وتعالى- للملائكة والملائكة خاطبت ربها -سبحانه وتعالى- وسياق هذه القصة موجود في سورة البقرة، أيضاً كلم الله –تعالى- آدم في قوله تعالى: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ ﴾ [الأعراف: 19]، يعني: هذا نداء من الله -عز وجل- وخطاب من الله –تعالى- لمن؟ لآدم -عليه السلام- أيضاً كلم الله –تعالى- إبليس وذلك في قول الله -عز وجل- عندما قال ربنا لإبليس: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾ [الأعراف: 12] لماذا لم تسجد إذ أمرتك؟ فرد عليه إبليس فقال: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴾ [الأعراف: 12]، إذن: كلم الله –تعالى- إبليس، كلم الله- تعالى- موسى ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيم ﴾ [النساء: 164]، بضم لفظ الجلالة ليس وكلم اللهَ ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيم ﴾ فثبت أن الله كلم موسى تكليماً وسيأتي الحديث حول هذه الآية لاحقاً -إن شاء الله عز وجل- وكلم ربنا -سبحانه وتعالى- نبينا ومصطفانا وحبيبنا -صلى الله عليه وسلم- وحديث الإسراء والمعراج ثابت في هذا الشأن أخرجه الإمام البخاري وغيره:( أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما عُرج به إلى السماء الدنيا ثم الثانية ثم الثالثة، ثم الرابعة، والخامسة والسادسة ثم عُرج به بعد ذلك إلى السابعة ثم بعد ذلك إلى سدرة المنتهى ورقي به بعد ذلك وفرض الله –تعالى- عليه خمسين صلاة، ثم بعد ذلك خففها عليه إلى خمس صلوات فلما طلب النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يخفف الله -عز وجل- عنه هذه الصلوات ناداه ربه فقال: يا محمد فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: لبيك وسعديك، فقال الله -عز وجل-: إني لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب كل حسنة بعشرِ أمثالها فهي خمس صلوات ولكن بخمسين ضعف) إذن: هذا خطاب الله -عز وجل- للنبي -صلى الله عليه وسلم- هذا كلام واضح ومعلوم، إذن: هذا كلام كلم الله- تعالى- الملائكة وكلم النبيين وكلم الله -عز وجل- محمداً وكلم إبليس وقال الله –تعالى- ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 253] إذن: من النبيين من كافحه الله -عز وجل- وكلمه فهذا أمر ثابت والآية التي قلناها منذ قليل: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيم ﴾ [النساء: 164] كلمة: تكليماً مصدر فهذا تأكيد بالمصدر، وكما يقول الأصوليون: بأن التأكيد بالمصدر قد يكون آكد من التأكيد بالفعل، فهذا تأكيد بالمصدر؛ حتى لا يظن الظان أن هذا كلام مجازي، هذا كلام نفساني أو كلام معنوي أو يحمل الكلام على معنى وإن وجد اللغة لكن لا تحتمله هذه الآية كأن يقول: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيم ﴾ أي جرحه تجريحاً أي: جرحه بنور الحكمة، ومنه: لا يقال: فلان شهيد فالله أعلم بمن يكلم في سبيله. يكلم أي: يجرح أو يقتل في سبيله وعلى ذلك يؤولون قول الله -عز وجل- ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيم ﴾ هذا كلام فيه تكلف شديد والأصل -كما قلت لكم في الحلقة قبل الماضية-: إن الأصل أن يجرى الكلام على ظاهره ولا يحاد عن هذا الظاهر إلا بقرينة، هذا كلام واضح قلته لكم من قبل وأكرره اليوم - بإذن الله عز وجل-.
كلمات الله -عز وجل- منها الشرعي ومنها الكوني، فكلمات الله –تعالى- الشرعية كأمره -سبحانه وتعالى- بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، فهذا كله من جملة الكلمات الشرعية المحبوبة لدى الله -عز وجل- ومن كلمات الله –تعالى- الكونية: أنه -سبحانه وتعالى- ﴿إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82] حركة يدك إنما حدثت بكلمة الله -عز وجل- كن، كتابتك بالقلم حدثت بأمر الله -عز وجل- كن، حركة النملة إنما هي بكلمة الله كن فتحركت، حركة الصاروخ في الفضاء إنما هي بأمر الله -عز وجل- بكلمته كن فتحرك الصاروخ، حركة الجنين في بطن الأم إنما هي بكلمة الله كن فتحرك الجنين، فكل هذا الكون إنما يتحرك ساكنه ويسكن متحركه وكل شيء فيه إنما هي بأمر الله -عز وجل- ﴿كُن ﴾ ومن هنا فكلمات الله- تعالى- الكونية لا تنفد ولا تنتهي قال الله -عز وجل-: ﴿قُل لَّوْ كَانَ البَحْرُ مِدَاد ﴾ [الكهف: 109] المداد بمعنى: الحبر الذي يكتب به ﴿قُل لَّوْ كَانَ البَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي ﴾ [الكهف: 109] لو أن هذا البحر جعل مداداً تكتب به كلمات الله -عز وجل- ﴿لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَد ﴾ [الكهف: 109] لو أن الله –تعالى- جعل هذا البحر المحيط، والبحر يمثل أربعة أخماس المعمورة، المعمورة إنما تسكن على خمسها، والأخماس الباقية بحر فلو أن هذا البحر الكبير هذا جعل مداداً، ثم سجلنا كلمات الله -عز وجل- في هذا الكون بتحريك النملة وتطيير الطائر وتحريك كذا وتسكين كذا لنفد هذا البحر قبل أن تنفد هذه الكلمات، ولو جئنا ببحور مثله تمده مداداً هذا يدل على ماذا؟ على سعة ملك الله -عز وجل- وعلى كثرة كلمات الله -عز وجل- ومن ذلك أيضاً قوله- سبحانه-: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ ﴾ [لقمان: 27] لو أن أشجار الأرض جعلت أقلامًا ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾ [لقمان: 27]، أي: ما انتهت كلمات الله ﴿وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَد ﴾ [الكهف: 109]- سبحان الله- فكلمات الله -عز وجل- كثيرة ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [لقمان: 27] هذه عزة الله -عز وجل- وهذا ملك الله -عز وجل- وهذه حكمة الله -عز وجل- إذن: نثبت أن لله –تعالى- كلاماً وهذا الكلام صفة ذاتية لله -عز وجل- لا بداية لها ولا نهاية باعتبار نوع الكلام، باعتبار أصل هذا الكلام أما أفراد هذا الكلام، فإن الله –تعالى- يكلم بعض خلقه كما كلم النبيين كما كلم محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كما كلم آدم كما كلم إبليس كما كلم الملائكة ومعلوم أن هذا الكلام يكون في وقت دون وقت أي الوقت الذي كلم الله –تعالى- فيه موسى ليس هو الوقت الذي كلم فيه النبي محمداً -صلى الله عليه وسلم- والوقت الذي نادى الله- تعالى- فيه آدم ليس هو الوقت الذي كلم فيه موسى فدل ذلك على أن الكلام من حيث النوع أذلي ذاتي فالكلام من حيث النوع صفة ذاتية ولكن باعتبار أن هذا الكلام يحدث في وقت دون وقت لفرد دون فرد لطائفة دون أخرى، فهذه صفة فعل إذن: الكلام صفة ذات باعتبار وصفة فعل باعتبار آخر.
وكلام الله –تعالى- حقيقة ليس مخلوقًا كما قالت الجهمية والمعتزلة، الجهمية: نسبة إلى الجهم بن صفوان وأصل مذهبه ينتهي إلى اليهود - عليهم لعائن الله- والمعتزلة: هم الذين اعتزلوا مجلس الحسن البصري وخالفوه في مسائل الاعتقاد -لاسيما مسألة الأسماء والأحكام- خالفوه في مسألة مرتكب الكبيرة واعتزلوا مجلسه فسموا بالمعتزلة. الجهمية قالت: بأن كلام الله –تعالى- مخلوق ليس حقيقة إنما هو مخلوق شأنه في ذلك شأن كل المخلوقات وإنما يخلقه الله –تعالى- في المحل الذي يحدث فيه الصوت يعني: إذا أراد الله –تعالى- أن يكلم موسى في الوادي خلق الله –تعالى- الكلام في الشجرة وأحدث في الشجرة صوتاً فسمع موسى كلام الشجرة، إذن: كلام الله تعالى مخلوق وهذا كلام فاسد جدًا وقالوا: بأن الله تعالى عندما سمى كلامه كلاماً ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 6]، فليست هذه إضافة تدل على شيء أكثر من دلالته على التشريف مجرد تشريف، كقوله تعالى: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَ ﴾ [الشمس: 13]، وكقولنا: هذا بيت الله، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من بنا لله بيت) إذن: هذا بيت الله ، الإضافة هنا إضافة تشريف ليس إلا... فيرد عليهم برد بسيط جداً: أن الله -تبارك وتعالى- خاطب موسى في الوادي أليس كذلك؟ وقال له الله: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14]، أعيروني قلوبكم وأسماعكم وأفهامكم عباد الله انتبهوا معي.
لو أن الله -عز وجل- خلق الكلام في شجرة فصارت الشجرة هي التي تكلمت بالصوت هل تقول الشجرة: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ ﴾ فيكون موسى عابداً لشجرة هل يمكن أن يتصور هذا؟ ينفع هذا؟ - يا رجل يا طيب- لا ينفع أبداً ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ ﴾ - سبحان الله- هذه الآية ترتعش منها القلوب ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَ ﴾ بالله عليكم هل مخلوق يقول هذا الكلام؟ ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ ﴾ ويقول: ﴿لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَ ﴾ وبعد ذلك يقول: ﴿فَاعْبُدْنِي ﴾ وبعد ذلك يقول: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ﴾ هذا كله من مخلوق ﴿وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُواًّ كَبِير ﴾ [الإسراء: 43] إذن: يرد عليهم بهذه الآية فحسب ولا داعي أن نتكلف ردوداً عقلية على هؤلاء؛ لأن كثرة الردود العقلية في الأمر الواضح البين قد يشكل الأمر ويلبسه عندما يكون الأمر بيناً واضحاً لا ترد لأن الأمر بين واضح إنما ترد عند حصول الإشكال أو حدوث اللبس أمر واضح جداً ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14].
أيضاً كلام الله –تعالى- حقيقة ليس معنى شأنه شأن العلم يعني: لا نقول: بأن القرآن أو بأن كلام الله –تعالى- كالعلم أو أن كلام الله –تعالى- كالإرادة، لأن الإرادة لا يتصور فيها أفرادًا لا يتصور في الإرادة أو في العلم ما يتصور في الكلام فالكلام إذا قلنا: بأنه أذلي وذاتي باعتبار النوع، أما باعتبار الأفراد فهو صفة فعل فهذا لا يتصور في باب العلم ولا في باب الإرادة ولا في باب القوة ولا في باب الحياة، فيتصور بأن الله –تعالى- في الأصل هو حي ولكن ربما لا يكون حياً في بعض المواطن لا يتصور هذا، لا يتصور هذا فالحياة صفة ذات ليس لها أفراد، صفة ذات وأفرادها ينزه عنها الله -عز وجل- وكذلك صفة الكلام لا تشابه صفة الحياة أو صفة الإرادة أو صفة القوة، فالكلام - كما قلت- من حيث النوع هو ذاتي أذلي من حيث الأفراد كلم الله –تعالى- خلقاً دون خلق كلم ناساً في زمن دون زمن فهذا خلاف بين بين الصفة التي هي ذاتية وبين الصفة التي هي فعلية وإن كانت في أصلها ذاتية، فهؤلاء القوم ومنهم الكلابية وهذا هو النطق الصحيح الكلابية، الكلابية قالوا هذا الكلام: بأن كلام الله -عز وجل- صفة معنوية، صفة معنى شأنها في ذلك شأن الصفات المعنوية التي يثبتونها لله -عز وجل- لأنهم قسموا صفات الله -عز وجل- إلى صفات معنوية وصفات خبرية، الصفات المعنوية قالوا: هي الصفات العقلية، وجعلوها سبع صفات، منها: العلم والحياة والقوة والسمع والبصر والإرادة والكلام، هذه سبع صفات ومنهم من زادها ثمانية: قال: هي ثمانية فزاد عليها صفة البقاء؛ فجعلها ثمانية ومنهم من زادها صفة تاسعة وهي صفة الإدراك فقالوا: هذه الصفات المعنوية وسموها: صفات عقلية الصفات الأخرى جعلوها صفات نقلية، أو خبرية، فقالوا: بأن الكلام صفة معنوية أو صفة عقلية شأنها في ذلك شأن العلم، وهذا كلام لا يصح لماذا؟ لأن النصوص أتت متضافرة متعاضدة مبينة: أن الله –تعالى- كلم خلقاً دون خلق وكلم خلقاً في وقت دون وقت فهذا يجعل صفة الكلام تفارق غيرها من الصفات.
أيضاً كلم الله –تعالى- خلقه بصوت وحرف هذه مسألة مهمة جداً كلم الله –تعالى- من كلمه بصوت وحرف، وهذا الصوت يناسب جلاله، وقدره، وكماله بكيف نحن لا ندركه، ولا نتصوره، ولكن نثبته إذن: تكلم الله –تعالى- بصوت نثبت ذلك، كيفية هذا؟ الله أعلم لا ندري لأن كل شيء ثابت لابد أن تكون له كيفية- هذه قاعدة مهمة جداً- كل أمر ثابت له كيفية، ولكن نحن نجهل هذه الكيفية وإنما يعلمها من؟ عالم الغيب، انتبه لهذه المسألة، إذن: الله -عز وجل- ينزل وهذا النزول له كيفية، ولكن نحن نجهلها. ربي -سبحانه وتعالى- يعلمها، يتكلم ربي -عز وجل- وله كيفية، الصوت يشبه صوت من بالضبط؟ وعندما تكلم هل هناك أحبال صوتية؟ وهل وهل وهل؟؟؟ إلى غير ذلك الله أعلم، نمسك، نمسك لا نتكلم، نمسك، فالكلام لابد أن تكون له كيفية نحن نجهلها ولكن نرد علمها لمن؟ لله -عز وجل- يضحك ربنا -عز وجل- ولكن كيف يضحك؟ الضحك له كيفية ولكن نحن نجهلها يعملها من؟ يعلمها الله -عز وجل- الله -عز وجل- له قدم وهذه القدم لها كيفية، ولكن نحن نجهلها فنقول: الله أعلم بهذه الكيفية، ولكن قدم حقيقية، الله -عز وجل- استوى وهذا الاستواء له كيفية، ولكن هذه الكيفية نحن لا نعلمها، نجهلها وهكذا في كل نظير، فكل أمر ثابت لابد أن تكون له كيفية نحن نجهل هذه الكيفية ونرد علمها لمن؟ لله -عز وجل-.
ومما يدل على أن كلام الله – تعالى- بصوت: لازم ما ذكرنا من قبل في مناداته للملائكة لآدم، في كلامه مع إبليس، في كلامه لموسى، للنبي -عليه الصلاة والسلام- فلا يعقل أن يكون هذا الكلام من غير صوت، فلازم الحق حق، فهذا كلام حقيقة وهذا الكلام سمعه من سمعه فلا يمكن أن يكونوا سمعوا تخييلاً أو سمعوا تمويهاً أو سمعوا معنى يسيح في الهواء وإنما سمعوا كلاماً حقيقة بصوت الله -عز وجل- ليس بصوت غيره، ومما يدل على إثبات الصوت أيضاً لله -عز وجل- قول الله- تعالى- في موسى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِي ﴾ [مريم: 52]، وأيضاً ما أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه-:( أن الله – تعالى- يقول لآدم: يا آدم، فيقول آدم: لبيك وسعديك) لبيك وسعديك أي: إجابة بعد إجابة وطاعة بعد طاعة، وهذا دلالة على المسارعة في الإجابة، عندما واحد ينادي عليك فتقول له: لبيك وسعديك، معناه: سأسارع في إجابة ما تقول، فنادى الله تعالى: (يا آدم، فقال آدم: لبيك وسعديك، فقال الله –تعالى- [بصوت]: يا آدم أخرج بعث النار) إذن: نادى الله –تعالى- آدم بصوت والحديث موجود في البخاري.
أيضاً ما أخرجه البخاري تعليقاً، ووصله الإمام أحمد وإسناده صحيح من حديث عبد الله بن أنيس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (يحشر الله –تعالى- الخلائق يوم القيامة فينادي بصوت يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قرب فيقول: أنا الملك، أنا الملك، أنا الديان)، (فينادي الله -عز وجل- بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب) فهذا نص واضح على إثبات الصوت لله -عز وجل-.
والقرآن أو كلام الله -عز وجل- حروف فالصوت إنما يكون صوتاً منبئاً عن حرف، ولذلك أخرج ابن أبي شيبة عن علي -رضي الله تعالى عنه- وهذا الأثر من طريق إبراهيم النخعي قال: « من كفر بحرف منه فقد كفر بكلامه كله » من كفر بحرف منه أي: بحرف من كلام الله -عز وجل- من القرآن الكريم فقد كفر به كله أي فقد كفر بالقرآن كله.
وأيضاً نقل ابن قدامة الإجماع على أن من جحد حرفاً من القرآن فقد كفر، لماذا؟ لأن القرآن كلام الله فمن جحد حرفاً في القرآن أي: من جحد شيئاً من كلام الله فقد كفر.
إذن: محصلة هذا القول- وهو العنصر الثاني- أن الكلام صفة ثابتة لله -عز وجل- وهي صفة ذاتية باعتبار ماذا؟ من يذكرني، صفة ذاتية باعتبار؟ باعتبار النوع
باعتبار النوع نعم، هذا كلام جميل وهي صفة فعل باعتبار؟ تفضل؟
باعتبار الأفراد.
باعتبار المواضع أو المواطن التي تكلم فيها الله -عز وجل-
هذا جيد، وتتميم ذلك قول ابن زيد - عليه رحمة الله- ( وتجلى للجبل) تجلى للجبل أي: تجلى ربنا -سبحانه وتعالى- للجبل فصار دكاً من جلاله " من" هنا بمعنى السبب أي: بجلاله بسبب جلاله وهذا مشهور في لغة العرب، تقول: دفعت هذا المال من أجل فلان، أي بسبب فلان، وهذه الجملة وتجلى للجبل فصار دكاً من جلاله، هذه الجملة من قول الله -عز وجل-: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾ [الأعراف: 143] ذات الكلام هذا، وكلمه ربه أنا أريد أن تنتبهوا إلى كلام الله -عز وجل- وعندما تسمعون آية أو حديثاً فعوها جيداً ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ﴾ قال الله الجليل: ﴿لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الجَبَلِ ﴾ هذا الجبل - ما شاء الله- جبل شامخ صلب أصم انظر إلى هذا الجبل الأصم الشامخ، متناهي السموق والعلو وكما يقولون: إن كل جبل طوله في الهواء مقداره وأكثر عمق في الأرض، يعني: كل جبل يتطاول في الهواء بمقدار هذا الطول وبمقدار هذا الارتفاع بمقدار العمق في الأرض، هذا الجبل ﴿لَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ ﴾ جعله أي: صيره ﴿دَك ﴾ دكاً أي: مدكوكاً الدك هنا مصدر، بمعنى مفعول دكاً أي: مدكوكاً والمدكوك كالمدقوق والمدقوق أي التراب فالكاف كالقاف، تشابهتا لقرب المخرج، واقتراب الدلالة، -سبحان الله- الدك بمعنى الدق، والدك: مصدر دك دكاً، مثل مشى مشياً وأكل أكلاً ودك دكاً إذن: دك مصدر والمصدر هنا بمعنى المفعول وهذا من باب تبادل الصيغ وقلت ذلك من قبل: تأتي الصيغة بمعنى صيغة أخرى: فاعل تأتي بمعنى كذا وفعيل تأتي بمعنى كذا وفعل تأتي بمعنى كذا، وفعل تأتي بمعنى كذا، قلت لكم بعض الأمثلة على هذا الأمر، ﴿جَعَلَهُ دَك ﴾ أي مدكوكاً أي مدقوقاً أي جعله كالتراب وهذه قراءة والقراءة الثانية: جعله دكاء، بإثبات الهمزة، أي: جعله مستوياً، لا ارتفاع فيه، انظر إلى هذا الجبل العالي عندما تجلى، وتجلى أي: ظهر ربنا له وبرز لما ظهر ربنا – تعالى- للجبل ومنه انجلى الأمر أي: انكشف وظهر أي: فلما ظهر ربنا للجبل ﴿جَعَلَهُ دَك ﴾ جعله مدكوكاً كالتراب وعند ذلك ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِق ﴾ وقع مغشياً عليه فلما أفاق من غشيته قال: ﴿سُبْحَانَكَ ﴾ تقدست وتعاليت ﴿إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ ﴾ من إساءتي الأدب معك يا مولاي ﴿إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ ﴾ من إساءتي الأدب ومن تجاوزي الحد فكيف أطلب أن أراك؟ ﴿إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ ﴾ هنا قال: وتجلى للجبل فصار دكاً من جلاله -سبحانه- إذن: ما نستفيده من هذه الفقرة؟ أنه كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته انظر، صفة ذاته، إذن: الكلام صفة ذاته لا خلق من خلقه أي: ليس الكلام خلقاً من خلقه، وربنا-سبحانه وتعالى- في عليائه لما تجلى للجبل صار دكاً وخرَّ موسى صعقاً وهذا كله من جلاله -سبحانه وتعالى-.
الفقرة الثالثة: وهي متعلقة بأن القرآن كلام الله -تعالى- حقيقة منه بدأ وإليه يعود، وهذا اعتقاد أهل السنة والجماعة، وعندما نقول: أهل السنة والجماعة فيقصد بهم أهل الحديث الذين يعظمون الحديث ويصيرون إلى حيث انتهى الحديث لا يتجاوزون قول الله ولا قول رسول الله ولا قول السلف من الصحابة والتابعين، لا يتجاوزون ذلك أبداً، فكلامهم منعقد على أن القرآن كلام الله -تعالى- حقيقة، ليس مجازاً وليس معنوياً وليس نفسانياً وليس مخلوقاً حقيقة منه بدأ أي تكلم الله -تعالى- بالكلام فكان مبتدأ الكلام من الله -عز وجل- وإليه يعود في آخر الزمان عندما يرفع الله -تعالى- القرآن من على الأرض يعود القرآن إلى الله -عز وجل- كيف يعود؟ ومتى يعود؟ هذا كله أمر غيبي لا يعلمه إلا ربه سبحانه.
فالقرآن كلام الله حقيقة منه بدأ وإليه يعود، قال المصنف - عليه رحمة الله-: « وأن القرآن كلام الله » إذن: هذا القرآن كلام الله -تعالى- كلم الله –تعالى- موسى تكليماً وكلم الله -تعالى- نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وتكلم الله -تعالى- حقيقة بهذا القرآن، ولذلك عندما تقرأ القرآن لابد أن يكون هذا المعنى ثابتاً عندك في قلبك يعني: هذا المعنى لابد أن يكون من الثبوت عندك بمكان فالقرآن كلام الله -عز وجل- (ليس بمخلوق فيبيد) يبيد: من الفعل باد يبيد، بمعنى: ينتهي وينقرض فالقرآن لا ينتهي ولا ينقرض، سبحانه، لا ينتهي ولا ينقرض، فكلام البشر ينقرض وينتهي، أين كلام الله البشر مثلاً منذ ألفي سنة؟ خلاص انتهى ونحن بعد ألف سنة كلامنا ينتهي أما كلام الله -عز وجل- لا ينتهي لأنه لا يبيد أي لا يهلك ولا ينتهي ويقول المصنف: « ولا صفة -أي: ليس صفة- ولا صفة لمخلوق فينفد » ينفد: من نفد الشيء بمعنى ذهب وفني، إذن: القرآن لا يذهب ولا يفنى ولا يطرأ عليه ما يطرأ على كلام البشر أبدًا، جماعة الشعراء يحتمل أن يكون شعرهم هذا منحولاً أليس كذلك؟ يحتمل. انظر إلى امرئ القيس أو زهير بن أبي سلمة أو طرفة بن العبد أو غيره كل هؤلاء الشعراء هناك أناس تكلموا على مسألة الانتحال في أشعارهم وشككوا في مصداقية هذا الشعر الذي وصل إلينا من الشعراء القدماء وهذه المسألة فيها كلام كثير، نعم هذا كلام يحتاج إلى دراسة والحق أن كثيراً من الشعر الجاهلي وصل إلينا حقيقة دون انتحال لأن علم العرب كان متعلقاً بالسمع وكانوا إذا سمعوا شيئاً ضبطوه ضبطاً متقنناً والذين أرادوا أن يطعنوا في الشعر الجاهلي إنما أرادوا أن يطعنوا في الشعر الجاهلي ليتوسلوا بذلك إلى الطعن في القرآن والحديث، وهيهات له ذلك، وإذا تنزلنا معهم وقلنا: بإمكانية أن توجد بعد القصائد المنحولة، وأن بعض الرواة كخلف الأحمر وغيره تعملوا في هذه المرويات زادوا ونقصوا فهذا لا يمكن أبداً مع كتاب الله -عز وجل- قال الله -تعالى-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، انظر لهذه الجملة ﴿إِنَّ ﴾ يعني: الجملة فيها ضمائر التأكيد كثيرة مع الرغم من أنها جملة صغيرة جداً ﴿إِنَّ ﴾ وبعد ذلك انظر إلى- نحن- ﴿إِنَّا نَحْنُ ﴾ وبعد ذلك ﴿نَزَّلْنَ ﴾ وبعد ذلك النون في نزلنا والنون الثانية في آخر نزلنا ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَ ﴾ وبعدها قال: الذكر؛ ليذكر فلا يغفل عنه، انتبه لهذه الدلالة. لم يقل: إنا نحن نزلنا القرآن ولكن قال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ﴾ ليذكر لا ليغفل ولا ليلعب به، ولا ليطعن فين وقال بعد هذا: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾-سبحان الله- من الذي يستطيع بعد ذلك أن يطعن في القرآن هذا كلام ربنا -عز وجل- لا أحد يستطيع بعد ذلك أن يطعن في كلام ربه- سبحانه-.
إذن: القرآن كلام الله -تعالى- حقيقة، حقيقة، حقيقة، هذا الكلام لا ينفد ولا يبيد ولا يطرأ عليه ما يطرأ على كلام البشر من الاضطراب والتناقض والتعاكس وإقامة الأمور التي يحتاج من أجلها إلى الاحتراز أبداً أبداً قال الله -تعالى-: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِير ﴾ [النساء: 82]، إذن: أي كلام ليس من عند الله يمكن أن تجد فيه اختلافاً كثيرا، وما عند الله -تعالى- الوحي، والوحي وحي بالمباشرة والقرآن والثاني بالواسطة وهي سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- إذن: القرآن والسنة ليس فيها اضطراب وليس فيهما تناقض وإنما الإشكال إشكال المكلف الذي لا يعي ما يقرأ والذي يضع التناقضات أثناء النص عند قراءته وإلا لا تناقض ﴿رَّبُّ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ﴾ [المزمل: 9]، عندما أثبت المشرق والمغرب، أن هناك مشرق وهناك مغرب ﴿رَبُّ المَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ المَغْرِبَيْنِ ﴾ [الرحمن: 17]، نعم الشمس عندنا تزول من عندنا تشرق في بلد أخرى فهناك مشرقان وعندما تغرب الشمس هنا تشرق في أخرى فهناك مغربان ﴿رَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ﴾ [المعارج: 40] - سبحان الله- هل صلاة العشاء اليوم كصلاة العشاء منذ أسبوع؟ صلاة الفجر الآن كصلاة الفجر منذ يومين أو ثلاثة أيام والذي يختلف الميقات؟ يختلف الميقات إذن: هناك مشارق كثيرة وهناك مغارب كثيرة وبناء على كثرة المشارق تتعدد المواقيت وتتفاوت المواقيت أين الاضطراب في ذلك؟ يقول القرآن مضطرب، مرة يقول: ﴿رَّبُّ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ﴾ ﴿رَبُّ المَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ المَغْرِبَيْنِ ﴾ ﴿رَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ﴾ فالقرآن متناقض. وليس القرآن بالمتناقض، فالقرآن كلام الله -تعالى- قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ ﴾ [التوبة: 6] إن أي إنسان، أحد هنا: نكرة أتت في سياق الشرط للدلالة على العموم ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 6]، حتى يسمع ماذا؟ كلام الله وحتى هنا بمعنى الغاية بمعنى: لغاية ما يسمع كلام الله -عز وجل- والقرآن له سحر - كما يقولون- له سلطان على القلب، ما من امرئٍ يسمع القرآن بقلبه إلا تحرك هذا القلب للقرآن؛ ولذلك كان المطلوب أن نسمع الناس القرآن، إلى الآن نحن لا نُسمع الناس القرآن ولا يَسمَع الناس القرآن إلا في المناسبات في المآتم وبعض الناس في الأفراح في البداية كذا يعني بعض الدقائق من باب البركة فقط، أما القرآن كلام الله، فلا يسمعه الناس ولا يتوافرون على سماعه، (كان الواحد من الصحابة يأخذ بيد أخيه فيقول: هيا بنا نؤمن ساعة فيجلسان فيقرآن القرآن ويذكران الله -عز وجل-) هذا الحديث أخرجه البخاري تعليقاً ووصله غيره، من منا أخذ بيد أخ له في الله وقال: هيا بنا نؤمن ساعة، فيجلسان فيقرآن القرآن، فأنت تجد الأخ مع أخيه يمكن أن يجلسا الوقت الطويل لدراسة مسألة لغوية، مسألة أصولية، قراءة قصة، قراءة مسألة في كذا وكذا، لكن يجلسان ليقرآ القرآن الكريم ويفهما القرآن الكريم هذه أمور صارت قليلة في هذه الأزمان- وإلى الله تعالى المشتكى-.
والقرآن – حقيقة- نزل من الله -عز وجل- تكلم الله -تعالى- بالقرآن حقيقة ولما كان الله -تعالى- في السماء أي: على السماء "في" بمعنى: على، لما كان الله -تعالى- على عرشه فوق خلقه، وتكلم بالقرآن، سمع جبرائيل القرآن من الله -عز وجل- انتبه؛؛؛ لأن – للأسف- بعض كتب علوم القرآن تقول: بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سمع القرآن من السماء الدنيا. كلام عجيب. لا يمكن، هذا الكلام موجود في بعض الكتب، لكن هذا الكلام فيه نظر؛ لأن الله -تعالى- أثبت في القرآن أن جبريل هو الذي نزل بالقرآن بعد سماعه من الله -عز وجل- فقال الله -عز وجل- ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ﴿193 ﴾ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ ﴿194 ﴾ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴿195 ﴾ [الشعراء: 193- 195]، إذن: هذه الآيات أفادت عدة أمور أولاً: أن القرآن منزل، ثانياً: أن القرآن أتت به الواسطة الملائكية هو جبريل من الله إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- الأمر الثالث: أن القرآن نزل بلسان عربي مبين ليس بلسان أعجمي، وليس بلسان مختلط ولكن بلسان عربي مبين، وكلمة مبين صفة لم يقل: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ ﴾ ولكن قال: ﴿مُّبِينٍ ﴾، ومبين صفة والصفة قيد للدلالة على أن القرآن إنما نزل فصيحاً, لا اختلاط فيه ولا عجمة فيه، وقال الله –تعالى-: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ ﴾ [الفرقان: 1]، إذن: نزل الفرقان على عبده؟ من الذي نزل الفرقان؟ إذن: تبارك الله الذي نزل الفرقان على عبده، والفرقان: هو القرآن وسمي القرآن فرقاناً؛ لأن الله- تعالى- فرق فيه بين الحق والباطل، إذن: هذا أيضاً نص ودليل على ذلك، قال الله –تعالى-: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [الأعراف: 3] اسمع هذه الآية, نصت المسألة ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ من هنا بمعنى الابتداء عندما تقول: سافرت من القاهرة إذن: بداية السفر من أين؟ من القاهرة، لا يتصور أبداً، أن تقول: سافرت من القاهرة تكون بداية السفر، مثلاً بلدة أخرى، إذن: "من" هنا للابتداء، فلما يقول: ﴿اتَّبِعُو ﴾ هذا أمر من الله -عز وجل- ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ ﴾ "ما" هنا بمعنى الموصولية بمعنى: الذي- اتبعوا الذي أنزل إليكم أيها المكلفون- ﴿مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ ﴿وَلاَ تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ إذن: لا بد أن نؤمن بأن القرآن نزل من الله تكلم الله –تعالى- بالقرآن ونزل به الروح الأمين ليبلغه إلى النبي الحبيب -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وقال الله -تبارك وتعالى-: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ﴾ [البقرة: 23]إذن: من الذي نزل؟ الله -عز وجل- فهذه مسألة مهمة جدأ أن تؤمن إيماناً راسخاً أن الله تعالى تكلم بالقرآن حقيقة، وأن جبرائيل سمع الكلام من ربه وأبلغه للنبي -عليه الصلاة والسلام- تؤمن بذلك.
ويسر الله –تعالى- القرآن: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ ﴾ [القمر: 17]، وجعله عربياً: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴾ [الشعراء: 195]، ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِي ﴾ [الزخرف: 3]، وكذلك أيضاً جعله بيناً قال: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ﴾ [العنكبوت: 49]، وتحدى الله به الإنس والجن: تحداهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن فلم يقدروا، تحداهم أن يأتوا بسورة من سور القرآن فلم يقدروا، تحداهم أن يأتوا بآية واحدة من آيات القرآن فلم يقدروا، أبلسوا وعجزوا تماماً وليس التحدي هنا وليس الإعجاز في القرآن من جهة نظمه فقط، ولا من جهة أسلوبه فقط، ولكن الإعجاز أنه كلام الله فحسب، ولك أن تضع بعد ذلك ما شئت من المعاني والكلمات.
هنا قاعدة يسيرة بسيطة أقولها - سريعاً- هذه القاعدة: أن الكلام إنما يكون لمن ابتداه لا إلى من بلغه وأداه، بمعنى أنك إذا سمعت قول الشاعر مثلاً:
لخولة أطلال ببرقة فاهمدي تلوح كباقي الوشم من ظاهر اليد
مثلاً هذا البيت بيت من؟ طرفة بن العبد أليس كذلك؟ بيت طرفة أنا قلت هذا البيت هل عندما أقول هذا البيت هل ينسب لي أنا؟ لا.. وإنما ينسب هذ البيت لمن؟ لمن ابتداه، عندما أقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) الحديث، هل عندما أقول هذا الحديث إذن: أنسب هذا الحديث لنفسي أم إني أنقله عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ أنقله، إذن: نحن عندما نقرأ القرآن لا ينسب إلينا القرآن وإنما القرآن كلام الله -عز وجل- ولذلك كانت الكلمة الجامعة التي قالها السلف: بأن القرآن كلام الله -تعالى- حقيقة من قال؟ هذا الكلام ثابت عن الإمام أحمد وعن غير الإمام أحمد ولكن هذا الكلام ثبت عن الإمام أحمد بكثرة لأنه هو الذي بلي وابتلي بهذه المسالة بمسألة خلق القرآن على يد ثلاثة خلفاء، الخليفة الأول كان المأمون - سامحه الله- والثاني: هو المعتصم الذي انشغل بالحرب فلم يكن على دراية بالعلم ولا بفهم النص والثالث: كان هو الخليفة الواثق- سامحه الله- ولم يفك هذا الأمر إلا في أيام الخليفة المتوكل الخليفة العباسي الذي كان محباً للسنة مدافعًا عنها إذن: ثلاثة خلفاء كانوا متوافرين على ابتلاء الناس في مسألة خلق القرآن فكان كلام العلماء في ذلك الوقت وعلى رأسهم إمام السنة الإمام أحمد - عليه رحمة الله- قال: من قال بأن القرآن مخلوق فهو كافر؛ لأن القرآن كلام الله -تعالى- حقيقة فلو قال: بأنه مخلوق يكون كافرًا ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع أريد أن أفصل هذه الجملة في دقيقة واحدة لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع لماذا كان مبتدعًا؟ لعدة أمور:
الأمر الأول: أن هذه الكلمة لم تثبت عن أسلافه من الصحابة والتابعين والإمام أحمد عاصر القرن الثاني والثالث.
الأمر الثاني: أن كلمة "لفظ" يمكن أن تأتي بمعنى المصدر ويمكن أن تأتي بمعنى المفعول يعني يمكن أن تأتي بمعنى المصدر الذي هو الكلام بالفعل، ويمكن أن تأتي بمعنى المفعول أي ما خرج من الفم بمعنى الملفوظ إذن: هذه الكلمة صارت كلمة ملبسة، والأصل في العقيدة: عدم استعمال الألفاظ الملبسة، فكل لفظ ملبس محتمل الأصل أن تحيد عنه ولا تستعمله لأنه ليس معقولاً أن كل واحد يقول لفظاً ملبساً نقعد نفصل معه ماذا تقصد؟ وماذا تعني؟ وماذا تريد؟ فالأوفق: الابتعاد عن الألفاظ المجملة الملبسة، ليست المجملة فقط لا.. الملبسة، ولذلك قالوا: ومن قال: بأن لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع. نسأل الله -تعالى- أن يجعلنا أهلاً للقرآن وأن يجعلنا من عباده الصالحين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كنت أريد أن أسأل فضيلة الشيخ في شبهتين كانتا قد عرضتا علي بالنسبة لمسألة استواء الله -عز وجل- على العرش:
الشبهة الأولى: نقطة التنزل- تنزل الله -عز وجل- إلى السماء الدنيا- يوجد أحد المشايخ طلع على المنبر أظن أنه أشعري قال: إن الله -عز وجل- إذا كان يتنزل من السماء إذن: يتنزل في الثلث الأخير من الليل، والكرة الأرضية يختلف فيها الثلث الأخير من بلد إلى بلد، فالثلث الأخير عندنا في مصر غيره في أمريكا غيره في الصين غيره في اليابان، إذن: الله -عز وجل- متنزل في السماء الدنيا طول اليوم؛ لأن الثلث الأخير موجود في جميع البلاد على مدار اليوم؟ هذه الشبهة الأولى كنت أريد أن أعرف الرد عليها؟
أما الشبهة الثانية: فهي مسألة أن الله -عز وجل- وهذه تكلم فيها ابن تيمية وأنا لم أستطع أن أفهم كلامه – صراحة- وهي نقطة أن الله -عز وجل- يتنزل من السماء الدنيا إذن: يترك عرشه -سبحانه وتعالى- فهل يخلو العرش منه والكرسي طبعاً بالتالي؟ أنا لم أفهم هذه النقطة
.
فضيلة الشيخ الأخ الكريم من مصر كان سؤاله الأول: عن الشبهة شبهة التنزل واختلاف الثلث الأخير وأن الله يكون متنزلاً طوال اليوم
بسم الله الرحمن الرحيم، أنا قلت كلمة مجملة في هذه المسألة: إن كل أمر ثابت له كيفية ولكن هذه الكيفية لا ندركها نحن, فلو حاولنا أن نستفصل كيفية معينة لا ندركها لوقعنا في الخطأ، وقلت لكم من قبل: إن الله -سبحانه وتعالى- ﴿ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْم ﴾ [الطلاق: 12] ونحن نعلم لو أن هذه القاعة ملئت رجالاً وكل واحد منهم تكلم بكلام لاقتضى أني لن أفهم كلام أي واحد منهم أبداً يعني: لو أن هذه القاعدة فيها مثلاً ألف إنسان وكل إنسان تكلم بجملة يطلب مني طلباً إذن: هناك ألف طلب في وقت واحد يطلب مني هل أسمع طلباً واحداً؟ لن أسمع طلباً واحداً هذا بمقتضى العقل، فالله -تبارك وتعالى- لا يسمع لألف وإنما يسمع للخلائق كلها إنسها وجنها وملكها وبرها وجوها وبحرها وصالحها وطالحها ومؤمنها وكافرها وشجرها كل هذه العوالم وكل هذا الخلق يسمعه الله -تعالى- في وقت واحد. كيف ذلك؟ بمقتضى عقولنا لا نصدق هذا ولا نسلم بهذا ولكن دائماً نقول: نثبت المعنى وأما الكيف فنترك أمره لله -عز وجل- فلو كنت مؤمناً إيماناً جازماً بأن الله -تعالى- استوى على عرشه استواءً حقيقياً وأن استواءه هذا استواء حق لا مرية فيه إذا كنت تؤمن بذلك. ثانيًا تؤمن بأن الله -تعالى- يتنزل في الثلث الأخير من الليل فينادي ويدعو الناس إذا كنت تؤمن بذلك فإنه لا يمكن أن يكون التنزل هنا تنزل أمر الله -عز وجل- ينزل ربنا في الثلث الأخير من الليل فالمقصود: ينزل أمر ربنا؛ لأنه لو كان يقصد أمر ربنا يعني ينزل أمر ربنا فكيف أن أمر ربنا ينادي الناس؟ ألا من داع فأستجيب له؟ ألا من تائب فأتوب عليه؟ ألا من مستغفر فأغفر له؟ هل أمر الله ينادي؟ -سبحان الله- فهذا أمر لا يمكن أبداً فإذا كنت مؤمناً بالتنزل ومؤمناً باستواء الله على عرشه فحسبك ولا تخض في الكيفية.
أما مسألة التنزل معناها أن العرش يخلو منه. لا.. هذا ليس اعتقاد أهل السلف، أهل السلف يؤمنون بالنزول نزولاً حقيقياً يليق بجلاله -سبحانه وتعالى- ولا يخلو منه عرشه-والله تعالى أعلى وأعلم.

إجابات الحلقة السابقة:
كانت إجابة السؤال الأول:
القاعدة الأولى:أسماء الله توقيفية.
القاعدة الثانية:الكلام عن الصفات كالكلام عن الذات.
القاعدة الثالثة: المماثلة في الإثم لا تقتضي المماثلة في المسمى.
القاعدة الرابعة: أسماء الله كلها مشتقة تدل على معان غاية في الكمال.
القاعدة الخامسة: من أسماء الله ما يسمي به نفسه مطلقاً من غير قيد ومنها ما يُطلق على الله -عز وجل- بالقيد وهو إما يكون قيد إضافة أو قيد جزاء ومقابلة.
القاعدة السادسة: الصفات تنقسم إلى قسمين:صفات ذات وصفات فعل.
القاعدة السابعة: أسماء الله ليست محصورة.
القاعدة الثامنة: الصفات منها الثبوتية، ومنها السلبية

ما شاء الله.
إجابة السؤال الثاني:
من المعاني التي وقفت عليها:عظم وخطورة القول على الله بغير علم
.
ما شاء الله.
من كان مع الله وعلم أسماءه وصفاته وعمل بمقتضاها كان الله معه يؤيده وينصره
والله معاني طيبة نسأل الله تعالى أن نكون أهلا لهذه المعاني.
هناك سؤال يا فضيلة الشيخ من الأخ الكريم من الكويت: أرجو توضيح هذا الإشكال الذي لدي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر) أخرجه مسلم في الصحيح من حديث هشام بن حسان، كيف نوفق بين ذلك وبين أن الله -تعالى- لا يسمى بالدهر، وكيف إذا وجدنا آية أو حديث فيه مثل ذلك أن نعرف أن هذا من أسماء الله أم لا؟ وجزاكم الله خيرا
الجواب: باختصار شديد، من عدة وجوه:
الوجه الأول: أن الدهر اسم ليس بمشتق وقلنا: إن الأصل أن أسماء الله -تعالى- مشتقة، فهذا هو الجواب الأول، الجواب الثاني: أن في النص ما يدل على أن هذا ليس من أسماء الله -عز وجل- قال: (لا تسبوا الدهر فإني أنا الدهر أقلب الليل والنهار) فجملة أقلب الليل والنهار تفسير لمعنى كلمة الدهر، لمعنى كلمة الدهر فليس في النص ما يدل على أنها من أسماء الله -سبحانه وتعالى- وعليه فلا يجوز لأحد أن يسمي نفسه: عبد الدهر.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الدعاء بـ" يا مسهل" ؟ هل يجوز؟
سؤال آخر: إن لله تسعة وتسعين اسماً، هي المفروض شكلاً أنها للحصر، لماذا هي ليست للحصر؟
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، سؤالي الأول: ما حكم من جحد أو عطل أو أول أو مثل أو كيس بعض الأسماء والصفات، هل يخرج بذلك من الملة أو يعتبر من المبتدعة؟
السؤال الثاني: كما هو معلوم من عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته: أن لله تعالى يدين اثنتين وكلتا يديه يمين ويؤيده قوله تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾ [المائدة: 64]، فكيف نجمع بين هذه الآية والآية الأخرى في سورة الذاريات ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ﴾ [الذاريات: 47] الآية حيث أنها دليل على الجمع فهل كلمة بأيد تدخل في صفة اليد لله أم لا؟ وجزاكم الله خيراً
الأخت الكريمة من مصر تقول: الدعاء بكلمة: يا مسهل. هل يجوز؟

إذا كانت تقصد الاسم فليس هذا من أسماء الله -عز وجل- وإن كانت تقصد بذلك الإخبار يعني مثلاً: تقول: يا مقلب القلوب والأبصار، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا مقلب القلوب والأبصار) فليس من أسماء الله -عز وجل- المقلب، فهذا يجوز لا بأس.

وكان سؤالها الثاني عن حديث أن لله تسعة وتسعين اسماً وأنها ليست للحصر؟
ما مقصودها بالحصر؟ إن كان مقصودها: المقصود البلاغي البياني، فطبعاً ليس في اللغة والبيان ما يدل على ما تقول، وإن كانت تقصد الإحصاء إن هذه تدل على الإحصاء إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة فتسأل عن معنى الإحصاء فذكرت لكم أن معنى الإحصاء ليس هو مجرد العلم والحفظ، ولكن المقصود بالإحصاء العلم والفهم والعمل، والله تعالى أعلى وأعلم، وإذا كانت تقصد إن هذا النص ليس فيه ما يدل على الإحصاء فأنا أؤيدها في ذلك وهذا اعتقاد أهل السنة أن أسماء الله -عز وجل- ليست محصورة بتسعة وتسعين اسما والله تعالى أعلى وأعلم.

الأخ الكريم من مصر كان سؤال الأول: ما حكم من عطل أو شبه أو كيس أو أول في الأسماء والصفات، هل يخرج بذلك من الملة أو يعتبر من المبتدعة؟
كثير من الذين ركبوا هذا المركب مركب التأويل بالذات أو مركب التشبيه يعني يغلب عليهم الجهل ويغلب عليهم أنهم لا يريدون إلا أن يصلوا إلى الحق فهؤلاء لا أستطيع أن أكفرهم حتى تقام على أبعاضهم مما يتكلمون بالكلام الشديد الحجة النبوية التي يكفر من خالفها، فمثلا لو أن إنساناً أوَّل اسماً أو صفة ليس حاله كحال الذي جحد صفة من صفات الله -عز وجل- يعني: ليس الكلابي كالجهمي فالأخ كان ينبغي أن يفصل في سؤاله فجمع كل الأصناف كلها في سؤال واحد فلكي أجيب على كل هذه الأصناف فلابد أن أفصل كل حاجة وحدها، الممثل كيف يكون وضعه؟ والمشبه كيف يكون وضعه؟ والمكيف كيف يكون وضعه؟ والمؤمل كيف يكون وضعه؟ والمعطل كيف يكون وضعه؟ فهذا سؤال واسع لكن من حيث العموم لا ينسب مسلم إلى بدعة أو إلى كفر أو إلى فسق أو إلى زندقة أو ما إلى ذلك حتى تقام عليه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها، والحجة معناها ماذا ؟ إن هناك شروطاً وهناك موانع الشروط لابد أن تستوفى والموانع لابد أن تنتفى فلو استوفيت الشروط وتمت هذه الشروط، وانتفت هذه الموانع وقام بها العالم الخبير الذي يقيم الحجة فقد وقع الأمر وحكم على هذا المعين إما بالكفر وإما بالفسق وإما بالدعة وإما بالزندقة وإما وإما إلى غير ذلك، ولا أظن أن طلبة العلم مع بساطتتهم وبداية طلبهم أن يكونوا قادرين على إقامة الحجة في المسائل العقائدية الدقيقة التي هي مثل هذا- والله تعالى أعلى وأعلم-.
كان سؤاله الثاني: (إن لله يدين وكلتا يديه يمين) كما في الحديث كيف نجمع بينها وبين قول الله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ﴾ [الذاريات: 47]
هذه الآية ليست من آيات الصفات، لأن المقصود بالأيدي هنا: القوة القوة ومنه قول الله -عز وجل- في إبراهيم وأولاده قال: ﴿أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ ﴾ [ص: 45]، فالمقصود بأولي الأيدي والأبصار أي: أصحاب القوة والأفهام والعلم- والله تعالى أعلى وأعلم- فلا تعارض أصلاً.

الأخت الكريمة من السعودية تقول: شيخنا الفاضل قرأت في بعض الكتب التي تتحدث عن أسماء الله وصفاته ما نصه: " للتسعة والتسعين خواص عجيبة لاسيما حين تقرؤها قبل النوم في خلوة منتظمة راتبة وتكرر كل اسم بضع مرات على حدة ترى عجباً في نومك ويقظتك، ثم ذكر بعض ذلك، تقرؤها مستشعراً مثول روحك بين يدي مولاك متيقظاً لعظمتك وأنه محيط بك وبالسماوات والأرض وسائر الخلائق متحققاً باسمه ممتزجاً بمعناه في نفس الوقت، سؤالي- شيخنا الفاضل-: ما معنى ممتزجاً بمعناه في العبارة السابقة، هل يعني ذلك مستشعراً ؟ أفدنا فتح الله عليك؟
يعني نحن لا نصحح عبارة في جملة لا نوافق عليها أصلاً لأن هذه الجملة في معناها ومن مبناها ليست جملة أثرية ولا سلفية ، لا في المبتدأ ولا في المنتهى ولا في المبنى ولا في المعنى بل هي جملة المتأخرين من أهل الذوق؛ لأن المتقدمين من أهل الذوق كانوا متسننة كأبي محمد الجنيد سيد الطائفة كما كان يطلق عليه شيخ الإسلام ابن تيمية - عليه رحمة الله- كان متسننا وكان يعرض ما يأتيه من الخوطر ونحوها على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة قبله وما كان غير موافق رده أما المتأخرون من أهل الوجد والذوق فإنهم يأتون بمثل هذه الطامات فبداية التسع وتسعين اسماً قلت لكم: بأننا لو أتينا بأهل العلم الذين حصروا التسعة وتسعين سنجد أن كل حصر لعالم يخالف الحصر الآخر للعالم الآخر فيا ترى بأي حصر هي ستقرأ التسع وتسعين اسماً هذا أولاً..
ثانيًا: هذه الطريقة من أين أتت بها؟ أو من أين أتوا بها ؟ هل هي طريقة أتى بها النبي -عليه الصلاة والسلام- أم لم يأت بها النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لو أتى بها النبي -عليه الصلاة والسلام- لبلغها الصحابة ولبلغها عن الصحابة التابعون ولبلغها عن التابعين تابعو التابعين وهكذا إلى أن تصل إلينا، فلما لم نجد طريقاً صحيحة لهذا الكلام فهذه بدعة صلعاء، لا أصل لها في دين الله -عز وجل- والأصل الاتباع لا الابتداع، وقال الله -تعالى-: ﴿لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾ [الأحقاف: 11]، وقول عبد الله بن مسعود: عليك بالعتيق، فإن الإنسان ينبغي عليه أن يتبع ما ثبت عن الله -عز وجل- وما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- وما ثبت عن الصحابة الكرام فهذه جملة بدعية وأنصح بعدم فعلها.

الأخ الكريم من مصر يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل من إشارة إلى اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى وكيفية تعلمه والتعبد به وهل هو الحي القيوم أم هو غير ذلك؟ وجزاكم الله خيرا
هذه المسألة مما تنوع فيها كلام أهل العلم فمنهم بالفعل من قال: هو ﴿الحَيُّ القَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، ومنهم من قال: غير ذلك ولعل عدم العلم بهذا الاسم الأعظم مدعاة إلى أن تعظم أسماء الله –تعالى- جميعاً وتؤمن بقول الله -عز وجل- ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَ ﴾ [الأعراف: 180]، وقول المولى -سبحانه وتعالى-: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَياًّ مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى ﴾ [الإسراء: 110]، فاجعل جهدك في الوقوف على الأسماء الثابتة في القرآن والسنة وادعُ ربك بها لعل الله -تعالى- أن يوفقك إلى اسمه الأعظم في وقت إذا دعوت به أجابك والله المستعان.

الأخ الكريم من الأردن له ثلاثة أسئلة: يقول: شيخنا- بارك الله فيكم- أصلتم في المحاضرة السابقة أن هناك صفات ذاتية وصفات فعلية هل نستطيع القول: إن كل الصفات هي صفات ذاتية في نوعها لأن أصل الضحك موجود لكن أفراده ليست دائمة أم ماذا؟ أرجو ذكر مثال توضيحي؟
هذه القولة يعني دائماً الإنسان عندما يقول يقول الكلمة المجملة الثابتة عن السلف وجملة إن الصفات الفعلية في أصلها ذاتية أو ذاتية النوع ولكنها حادثة أو فعلية الآحاد هذه الكلمة قالها المتأخرون لاسيما من الحنابلة، ثم بعد ذلك وردت إلينا، وهي كلمة أو هذه الجملة جملة ليست أثرية ليست سلفية (كلمة غير مفهوم) النوع والأفراد ليست سلفية ولكن اضطررنا إليها اضطرارا للبيان والتوضيح ولولا ذلك ما تكلمنا بها أصلا، فالأصل الإمساك عما لم يرد به خبر ولا جمل صحيحة عن السلف, والله تعالى أعلى وأعلم.

سؤاله الثاني: أرجو ذكر ضوابط اشتقاق الاسم من الصفة مثلاً، معلوم أن من صفات الله تعالى أنه يمحو ما يشاء ويثبت فهل نستطيع القول: إنه من أسماء الله الماحي، مع أن الماحي من أسماء الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟
جيد ما شاء الله. إذا أردت أن تشتق فأنت تشتق الصفة من الاسم لا تشتق الاسم من الصفة، ولا يجوز أيضاً أن تشتق الاسم من الخبر فلابد أن تنتبه فهو تقريباً عكس الأمر، فيمحو الله ما يشاء ويثبت هذا إخبار فأنت لا تشتق من الخبر مثلاً اسمًا يعني قول المولى -عز وجل-: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ﴾ [الأنفال: 30]، هذا خبر، فلا يجوز أن تشتق من ذلك اسما.


الأخ الكريم من ألمانيا يقول: متى يكون الكلام على صفات الله بمثابة التشبيه؟
إذا شبهت صفة من صفاته كصفة خلقه قلت: بأن الله -تبارك وتعالى- يسمع بأذن كأذني مثلاً، إذن: هذا تشبيه أو تقول: بأن الله- تعالى- إنما ينهض على رجليه كما ينهض الناس على أرجلهم يعني الله -عز وجل- قائم، وهو قائم على رجله كما أقوم على رجلي، فهذا كله تشبيه مقيت وتجسيم فظ لا يجوز.

فضيلة الشيخ هلا تفضلتم بعرض أسئلة هذه الحلقة؟
هناك سؤالان يسيران بسيطان:
السؤال الأول: اثبت أن كلام الله –تعالى- حقيقة بصوت وحرف؟
السؤال الثاني: دلل على أن القرآن منزل من عند الله –تعالى- ليس بمخلوق؟ أسأل الله تعالى أن يوفقكم وأن يعينكم
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-06-2008, 11:55 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


يُرفع
بارك الله فيك .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 01:22 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.