كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
يا أمة الفرقان؛ إحذروا واحفظوا بصدوركم القرآن
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين، ومالك يوم الدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كلمة قامت بها الأرض السماوات وخلقت لأجلها جميع المخلوقات وبها أرسل الله تعالى رسله وأنزل كتبه وشرع شرائعه ولأجلها نصبت الموازين ووضعت الدواوين وقام سوق الجنة والنار وبها انقسمت الخليقة إلى المؤمنين والكفار والأبرار والفجار وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، أرسله الله رحمة للعالمين وإماما للمتقين وحجة على الخلائق أجمعين * صلى عليه الله وعلى آله وأصحابه أجمعين، ... أما بعـــد ... فيقول ربنا تبارك وتعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } الحجر: 9 قال الإمام السعدي رحمه الله: أي: القرآن الذي فيه ذكرى لكل شيء من المسائل والدلائل الواضحة، وفيه يتذكر من أراد التذكر، {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} أي: في حال إنزاله وبعد إنزاله، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، وفي قلوب أمته، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص، ومعانيه من التبديل، فلا يُحرِّف مُحرِّف معنى من معانيه إلا وقيَّضَ الله له من يُبيّن الحقِّ الْمُبين، وهذا من أعظم آيات الله ونعمه على عباده المؤمنين، ومن حفظه أن الله يحفظ أهله من أعدائهم، ولا يُسلط عليهم عدوا يجتاحهم. وقال الإمام الشعراوي رحمه الله: والقرآن قد جاء بعد كُتب متعددة، كل كتاب منها يحمل منهج الله؛ إلا أن أيَّ كتاب منها لم يَكُنْ معجزة؛ بل كانت المُعْجزة تنزل مع أيِّ رسول سبق سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعادة ما تكون المعجزة من صنف ما نبغ فيه القوم الذين نزل فيهم. فالحق سبحانه وتعالى كلَّف أهل الكتاب بحفظ كتبهم التي تحمل المنهج؛ وهذا التكليف عُرْضة أنْ يطاع، وعُرْضة أنْ يُعصى؛ لكنهم عَصَوا أمر الحق سبحانه وتكليفه بالحفظ؛ فحرّفوا وبدَّلوا وحذفوا من تلك الكتب الكثير، فقال الحق سبحانه عنهم: { ... وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق وَهُمْ يَعْلَمُونَ} البقرة: 146 بل وأضافوا من عندهم كلاماً وقالوا: هو من عند الله؛ لذلك قال فيهم الحق سبحانه: { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِندِ اللَّـهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ} البقرة: 79 وهكذا ارتكبوا ذنوب الكذب وعدم الأمانة، ولم يحفظوا الكتب الحاملة لمنهج الله كما أنزلها الله على أنبيائه ورُسله السابقين على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلم يترك الحق سبحانه مهمة حفظ القرآن كتكليف منه للبشر؛ لأن التكليف عُرْضة أن يطاع وعُرْضة أنْ يُعصى، وأنَّ القرآن يتميز عن الكتب السابقة في أنه يحمل المنهج، وهو المعجزة الدالة على صِدْق بلاغ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في نفس الوقت. ولذلك قال الحق سبحانه: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } والصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يكتبون القرآن فَوْرَ أن يُنَزَّل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وشاء المولي سبحانه بحفظ القرآن على مر العصور من بعدهم، حتى وجدنا في عصرنا من هم غير مؤمنين بالقرآن؛ لكنهم يتفنّنون في وسائل حفْظه؛ فهناك مَنْ طبع المصحف في صفحة واحدة؛ وسخَّر لذلك مواهب أُناسٍ غير مؤمنين بالقرآن. وتَمّ تسجيل المصحف بوسائل التسجيل المعاصرة، وفي ألمانيا مثلا توجد مكتبة يتم حِفْظ كل ما يتعلق بكل آية من القرآن في مكان مُعيّن مُحدّد. أما في بلادنا المسلمة فنجد مَنْ ينقطع لحفظ القرآن منذ الطفولة، ويُنهي حِفْظه وعمره سبع سنوات؛ وإنْ سألته عن معنى كلمة يقرؤها فقد لا يعرف معناها. ومن أسرار عظمة القرآن أن البعض مِمَّنْ يحفظونه لا يملكون أية ثقافة، ولو وقف الواحد منهم عند كلمة؛ فلا يستطيع أن يستكملها بكلمةٍ ذات معنى مُقَارب لها؛ إلى أنْ يردّه حافظٌ آخر للقرآن،ومن دِقّة حِفْظ الحق سبحانه لكتابه الكريم؛ فجاءوا إلى قول الحق سبحانه: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ... } الفتح: 29 وأدخلوا في هذه الآية كلمة ليست فيها، وطبعوا مصحفاً غيَّروا فيه تلك الآية بكتابتها: «محمد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم» وأرادوا بذلك أن يسرقوا عواطف المسلمين، ولكن العلماء عندما أمسكوا بهذا المصحف أمروا بإعدامه وقالوا: «إن به شيئاً زائداً» ، فردَّ مَنْ طبع المصحف «ولكنها زيادة تحبونها وتُوقّرونها» ، فردَّ العلماء: «إن القرآن توقيفيّ؛ نقرؤه ونطبعه كما نُزِل». وقامت ضَجَّة؛ وحسمها العلماء بأن أيّ زيادة حتى ولو كانت في توقير رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومحبته لا تجوز في القرآن، لأن علينا أن نحفظ القرآن كما لقَّنه جبريل لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (منقول بتصرف من تفسير الإمام الشعراوي رحمه الله) والآن أيها الكرام الأفاضل؛ ومن أول بعثة سيدنا رسول الله صلى عليه وسلم، وعلى مر العصور القادمة بما شاء الله سبحانه، ستظل محاولات أعداء الله لتحريف القرآن قائمة ومستمرة؛ لكنَّ الله سبحانه سيفضحهم بحوله وقوته ويرد عليهم كيدهم في نحورهم فاحذروا كل الحذر يا أمة القرآن، وداوموا على حفظكم للقرآن، وتمسكوا بما فيه من البيان واحفظوه بصدوركم فهماً لكلِّ معان؛ قربا لله العزيز الرحمن، وقاوموا أعداء الله الحفيظ المنان فاحـذروا وحـاذروا؛ يا أمـة الفـرقـان والتـوحيـد قُرْآنُـكُم قُرْآنُكُم يَا أُمَّة الإِسْلَامِ تَحَرّوُا حِفْظَهُ ... بِصُدُورِكُمُ إحْفَظُوهُ وانْشُرُوا صَحِيحَ التَّوْحِيد قُرْآنُكُم أَعْدَاؤكُـم بِحِقْـدِهِم يَبْغُونَ تَحْرِيفَاً لَهُ ... وَيُنْكِـرُونَ بِعِوَجِهِم قَوْلَ الإلَهِ الْعَزِيزِ الْمَجِـيد أَنَّ الْكِتَـابَ ذِكْـرٌ مُنَـزَّلٌ شَـاءَ الْحَفِيِـظُ حِفْظهُ ... سُبْحَانَهُ قَضَيَ الْأُمُورَ بِحُكْمِهِ يَفْعَلُ مَا يُرِيد لَوْ شَاءَ يَهْدي النَّاسَ جَمِيعُهُم فَذَاكَ شَأْنُـهُ ... لا رَادَّ لِقَضَائِهِ سُبْحَانَهُ هُوَ يَحْكُمُ بَيْنَ الْعَبِيد الكرام الأفاضل يا من نحسبكم من أهل القرآن بإذن الله تعالى.. ويا من تحبون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. يامن تغارون على دينكم إحـذروا وحـاذروا جيـدا مما هو آت؛ ..... وللحديث بقية بأمر الله رب البرية؛ إذا كان في العمر بقية، فيما تجابهه أمة الإسلام من أعداء تكالبوا عليها كضحية، يحاربون ويكيدون سعياً لسلخ الهوية، وهذه النقاط الهامة الجلية: 1- أعداؤنا من بني جلدتنا يحرفون القرآن 2- أعـداؤنا من الخـارج يحرفون القرآن 3- نداء عـام ليتناقله الجميع، وننشره بيننا قدر ما نستطيع بإذن الله تعالى --------------------------------------------------------------- * إستهلال للموضوع، منقول بتصرف من استفتاح مقدمة كتاب: - زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم الجوزية رحمه الله.
|
#2
|
|||
|
|||
1- أعداؤنا من بني جلدتنا يحرفون القرآن عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تكونُ دعاةٌ على أبوابِ جهنمَ، مَنْ أجابَهم إليها قذفوه فيها، هم قومٌ مِنْ جِلْدَتِنا، يَتَكَلَّمُونَ بألسنتِنا، فالزمَ جماعَةَ المسلمينَ وإمامَهم، فإِنْ لم تَكُنْ جماعَةٌ ولَا إمامٌ فاعتزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّها ، ولَو أنْ تَعَضَّ بأصلِ شجَرَةٍ حتى يُدْرِكَكَ الموتُ وأنتَ كذلِكَ ) صححه الإمام الألباني في صحيح الجامع والحديث واضح جَليِّ يُبيِّن حال الأمة الآن بعدما تعاقب عليها مختلف أحوال الخير والشر، ولا خلاف هناك بين أهل العلم على ذلك، فهذا حالنا الآن، بيَّنهُ لنا النبي صلى الله عليه وسلم، هم دعاة على أبواب جهنم ليسوا بعيدين عنّا، بل منّا؛ من أمة الإسلام، يخرجون في هذه الأمة يدعون إلى خلاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، دعاة يدعون إلى مختلف أنواع الفواحش، بداية من سعيهم لنزع الدين من القلوب لإفساد أخلاق الناس بأعمالهم لا بأقوالهم وصولا إلى شيوع الفواحش بين المسلمين، ليكون المآل والجزاء دخول جهنم من أحد أبوابها عياذا بالله وقانا الله وإياكم شرور الفتن والفواحش ما ظهر منها ومابطن، وأعاذنا وإياكم بفضله من نار جهنم، وأدخلنا وإياكم برحمته الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب ومن أمثلة الدعاة على أبوابِ جهنمَ من بني جلدتنا؛ هؤلاء العلمانيون... العلمانيون العـرب المسلمون!! الذين يحملون أسماء المسلمين فقط، هم يدَّعون أنهم دعاة التنوير في الديار العربية والإسلامية، ويصل بهم غرورهم إلى وصف المتدينين من المسلمين بالظلاميين أخذوا كل رذيلة ساقطة من الغرب وصاروا معول هدم للدين والقيم والأخلاق، فَجَرُّوا شعوبهم للهلاك والدمار ليتحقق فيهم قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩)}سورة إبراهيم شأنهم شأن الكفار والمشركين الذين كذّبوا بنعمة بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم هداية للعالمين، وبدَّلوا عبادة الله الحق التي هى أعلى وأفضل خيرات الدنيا والآخرة، فردّوها وكفروا بها وصدّوا عنها بأنفسهم، ليدفعوا بأتباعهم وشركائهم إلى الكفر والعناد حتى ماتوا على ذلك. الكرام الأفاضل ______________________________ أعرض على حضراتكم قولا لأحد سفهائهم المنافقين ممن كفروا بآيات الله فحرَّفوها، وأعلم أنكم متابعين لهم جيدا وتشاهدون وتسمعون بأنفسكم ما يحدث، لكني أكرر عرض كلام أحدهم لتوضيح رؤية أُحذر بها نفسي وإياكم من أحداث فتن متلاحقة ومتسارعة نتعرض لها، عافانا الله وإياكم أن نُفتن بها، ووقانا برحمته أن نفتن في ديننا عياذا به سبحانه الحافظ، وقانا وإياكم شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه ولي ذلك ومولاه فاحــذروا وحـاذروا جيـدا ممَّـا هـو آت؛ أعـداؤنا يتربصون بنا من كل الجهات مـن الخـارج والـداخــل فقد ازاداد أعداء الله في مجتمعاتنا الإسلامية سفهاً وفُجُورا، وازدادوا كُفرَا وخُتورا، وجهروا بالعداء وبيِّنُوا الكُفُوُرَا، وامتلأت عقولهم حِقداً وقُصُوُرَا، فانقضُّوا هجوماً بمُجَاهَرَةِ الواثق من نفسه فُجُورا، تحديِّاً لله كُفراً بَواحَاً بقلوبٍ تحجَّرت حُجُوُرَا !! وهذا أحدهم من الشعراء المصريين الغاويين، ممن يحملون الإسم الإسلامي فقط!! ولا يعنيني ذكر اسمه -عليه من الله ما يستحق- لكنه محسوبا على المسلمين، يتكلم بلسان المنافقين الكافرين كفرا بواحاً على مسمع ومرأى من الجميع، في خبر نُشر منذ عدة أشهر، بتاريخ 26 سبتمبر 2013 -نقلا عن أحد المواقع الإخبارية-، وانتشر على المواقع فيديو مسجلا عليه مادار من كلام سفيه مثله، فحرَّف الآية رقم 17 من سورة الحج، قائلا: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصائبين والمجوس والذين أشركوا الله يفصل بينهم والله على كل شيء شهيد" حَرَّفَ الآية ليوالي أوليائه وأولياء الشيطان من النصارى، ليدعمهم بفرض رأي فصل الدين تماماً عن السياسة، فغيَّر النص القرآني الذي أنزله الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } حيث حذف لفظ النصارى من الآية، وغير اللفظ القرآني في آخر الآية الكريمة لمعنىً خبيثاً أراده في نفسه بما خَبُثَ به قلبه عياذا بالله قال بن القيم رحمه الله في كتابه، زاد المعاد: [ إن الله سبحانه وتعالى جعل للسعادة والشقاوة عنوانًا يعرفان به، فالسعيد الطيب لا يليق به إلا طيب، ولا يأتي إلا طيبًا، ولا يصدر منه إلا طيبًا، ولا يلابس إلا طيبًا، والشقي الخبيث لا يليق به إلا الخبيث، ولا يأتي إلا خبيثًا، ولا يصدر منه إلا الخبيث، فالخبيث يتفجر من قلبه الخبث على لسانه وجوارحه، والطيب يتفجر من قلبه الطيب على لسانه وجوارحه ] فهذا الشاعر منافق خبيث لا يليق به حقا سوى الخبث والعناء، إن ظلَّ على عنادٍ وكفرٍ يُوالي كافرين أعداء، ولم يتُب ويعُد للحقِّ مُستَغفراً ربِّ السماء؛ فلن يرى بأمر الله سعادة في الدنيا أو هناء، ومآله في الأخرة دَرَكِ الشَّقاء قَاتَلَهُ اللهُ فَقَدْ غَوىَ وأضَلَّ، وأغْوَىَ أمثَالهُ وسَلَّمَ نَفْسهُ للشَّيطَانِ وأَزَلَّ، وكُلُّ هَؤُلاءِ هُمُ السُّفَهَاءُ جَمِيعُهُم مُضْمَحِلّ إنه شاعر أفاك أثيم ممن ذكرهم ربنا تبارك وتعالى في سورة الشعراء، قائلاً سبحانه: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... (٢٢٧)} قال الشيخ سيد طنطاوي رحمه الله، نقلا من تفسيره بتصرف: والشعراء : جمع شاعر، والغاوون : جمع غاو وهو الضالّ عن طريق الحق . أى : ومن شأن الشعراء أن الذين يتبعونهم من البشر، هم الضالون عن الصراط المستقيم، وعن جادة الحق والصواب . وقوله تعالى: ( أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ) تأكيد لما قبله ، من كون الشعراء يتبعهم الغاوون . والخطاب لكل من تتأتى منه الرؤية والمعرفة . والوادى: هو المكان المتسع. والمراد به هنا: فنون القول وطرقه، ويهيمون: من الهيام وهو أن يذهب المرء على وجهه دون أن يعرف له جهة معينة يقصدها. والهيام داء يستولى على الإبل فيجعلها تشرد عن صاحبها بدون وقوف فى مكان معين ، ومنه قوله تعالى: ( فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهيم ) أى: الجِمَالُ العِطَاش قال صاحب الكشاف: ذكر الوادى والهيوم: فيه تمثيل لذهابهم فى كل شعب من القول واعتسافهم وقلة مبالاتهم بالغلو فى المنطق ومجاوزة حد القصد فيه، حتى يُفَضِّلُوا أَجْبَن النَّاسِ على عَنْتَرَة وأَشّحَهُم على حَاتم ، وأن يَبهتوا البرىء، ويُفَسِّقُوا التَقِيِّ. ونحن الآن أيها الكرام نتعرض لأمثال هؤلاء في كل يوم وليلة مِمَّنْ بَهَتوا المْؤمِنينَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ الْوَاحِد الحْقّ، سَبْحَانَهُ وتَعَالىَ هُوَ النَّصِيرُ الْحَقُّ، وَعْدُهُ حَقُّ ولِقَاؤُهُ حَقُّ، والْجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ والسَّاعَةُ حَقٌّ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْمَلِكُ سُبْحَانَهُ الْحَقُّ، أَوْلَىَ بِنَا وَأَحَقّ؛ أَنْ نَأْتَمِرَ أَوَامِرَهُ ونَتَجَنَبَ نَواهَيِهِ بِكُلِّ حَقٍّ، ونَعَمَلَ بِكِتَابِهِ وسُنّةِِ نَبِيِّهِ الْأَمِينُ الْحَقُّ، لِنُعْلِيَ كَلِمَةَ الدِّينِ الْقَويمِ الْحَقِّ، فَالْحَقُّ إتِّبَاعَهُ أَوْلَىَ وَأَحَقُّ، كَمَا قَالَ رَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ الْحَقُّ شعراء هائمين، وأتباعهم غاوين، وكل من على شاكلتهم كافرين ومنافقين، تكَالبُوا على الإسلام بشراسةِ وفُجرِ الأعداء المجرمين، وأجتمعوا محاربين فالشعراء الهائمين ليسوا وحدهم الأعداء المعنيين، بل كل أعداء الدين الذين يسعون لنزع الهوية الدينية من قلوب المسلمين المؤمنين الموحدين يشتركون في هدف واحد بمنهج واحد هو أسلوب أعداء الدين، في حربهم على الإسلام، وجميعهم أعداء الله وكلهم من الغاوين فَسَّقُوا كُلَّ تَقيٍّ وشَوَّهُو صورته مُكابرِينَ مُستكبرين، وبَهتوا العديد من أبرياءٍ أتقياءٍ وأطهارٍ من المسلمين فهُم لا يريدون لنا عُلواً بالدين، ويريدوننا مثلهم من الغاويين؛ قاتلهم الله القـوي المتين فأقرب السبل لهم كغاويين واهمين؛ هو تحريفـا لكتـاب الله رب العالمين ثم تشكيكا لصحيح أقوال النبي محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى عليه الله وسلم، وعلى آله الطاهرين كُلُّ هذهِ مُعْطياتٍ رَسَخَتْ بأذْهَانِنا وصَارَتْ لنَا بَدِيهِيَات لَكِنْ لنَا دَوْرٌ واجِبٌ وفَرْضٌ نُؤَدِّيهِ بأمرِ اللهِ رَبُُ الْبَريَّات أعداؤنا يكيدون لنا ويريدن بنا تشردا عن ثوابتنا وعن ديننا الذي هو في الحياة هويتنا وغايتنا فإذا كان من معاني الهيام أنه داء يستولى على الإبل فيجعلها تشرد عن صاحبها بدون وقوف فى مكان معين، كما ذكر الشيخ طنطاوي رحمه الله كناية عن معنى حال هيام الشعراء؛ فالهدف لديهم واضح تماما، ولن يستكينوا أبدا حتى نكون مثلهم؛ شاردين عن الحق، تعالوا معا ندقِّق ونتدبر قول الله تعالى: { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } النساء: 140 فقد أمر الله تعالى المؤمنين بالإعراض عن الكافرين المستهزئين بآياته سبحانه، وإلا سنكون مثلهم مشتركين معهم في المعصية، حيث يجمع المنافقين والكافرين في نار جهنم جميعا -أعاذنا الله وإياكم منها-، وبتدبر أمر الله تعالى للمؤمنين في هذا الحال، لمجرد استهزاء الكافرين بآيات الله تعالى -وهو من أشد جرم المشركين قطعا-، فلنقف مع أنفسنا نتسائل؟ ما بالنا بمن يُحرِّف آيات الله تعالى؟... هل نُعرض عنه فقط، ونتركه يخوض في تحريفه؟ أم نتصدى له بمختلف الوسائل، كلُّ بحسب موقعه ومسئوليته، أمـا نحـن؛ فدورنا هام جدا، بإرشاد المسلمين أولا بأول، وقبل ذلك هو تعليمهم بعدما نعاهد الله تعالى أن نكون حاملين للقرآن عاملين به حافظينه في صدورنا، ثم نُحفزّ المسلمين قدر ما نستطيع أن يتعلموا القرآن جيدا ويحفظونه جيدا حتى لا يقعوا فريسة لأعداء الله الذين في هيامهم وتشردهم وبعدهم عن الحق يريدون بنا -كيدا منهم وحقدا وحسدا- أن نكون مثلهم؛ شاردين عن الحق متفرقين عن عقيدتنا مصابين بأشد الأدواء هلكةً ومصيراً هذا الداء الخطير الذي نجح أعداء الله بإفشائه عند المسلمين فيما بينهم من فرقة وتفرق وشرود وبعد عن ثوابتنا، ومازالوا يخططون لما هو أبعد؛ نزع الدين من قلوب المسلمين فالقرآن العظيم هو مبتغاهم دوما بأن يحرفونه، ولكن هيهات بإذن الله تعالى الذي تكفل بحفظه من أيدي البشر، ونحن نوقن بذلك ونؤمن به ولله الحمد؛ لكن هل نترك لأعدانا التحريف من وقت لآخر دون التصدي لهم؟! وهل نكتفي بعدد من أهل العلم يدافعون ويجاهدون كل مُستَجدٍّ من التحريف؟! فأين نحن إذن من نصرة ديننا الحنيف ونصرة الإسلام؟! ما هو دورنا في تلك النصرة، التي ترتبط بأناس آخرون قد يقعوا فريسة سهلة عن جهل، ويأخذوا بالمحرَّف من الآيات بأيدي الكافرين؟! ألا يستوجب ذلك علينا نشر تعليم الناس وتوجيههم إلى التمسك بكتاب الله تعالى والحرص على حفظه بالصدور؟! وكيف نؤدي هذا الدور إلا بعد أن نسارع نحن بحفظ القرآن، ثم العمل به؟!! لـذا فأنصح نفسي أولا، ثم أدعوكم معي للإسراع والمسارعة أدعوكم جميعا للتصدي لأعدائنا مثابرين صابرين، بكل حزم صارمين، وعن هويتنا بعون الله مدافعين رجوعا للدين وكتاب رب العالمين؛ بحفظنا للقرآن ليس كحفظ العابرين، بـل بالوقوف على معناه تـدبـرا، وفهمـا وعمـلا ونشـرا للناس أجمعين، حتى إذا رأينا تحـريفا له كنَّـا على الفـور مدركـين، دون الرجوع للعلماء الربانيين فالكل مأمور بفهم القـرآن الكـريم، وبالعلم أيضا ليستبين؛ طريق الحـق وطريق الضلال المبين هدانا الله وإياكم إلى طريق الحق وإلى صراطه المستقيم، صراط الله الذي ارتضاه لنا برحمته هو أرحم الراحمين تابعونا بإذن الله تعالى
|
#3
|
|||
|
|||
|
#4
|
|||
|
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|