انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-28-2008, 08:18 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي أقوال أهل العلم في كفر من ظاهر الكافرين على المسلمين

 

السلام عليكم


الإخوة الأفاضل أقدم لكم مجموعة من أقوال أهل العلم المعتبرين في كفر من ظاهر المشركين و الكفار على المسلمين و أعانهم عليهم بالقول و القلب و العمل,مع العلم أن أغلب النقول إقتبستها من كتاب الشيخ ناصر الفهد فك الله أسره {التبيان في كفر من أعان الأمريكان}

{مع العلم أني لم أراعي ترتيب أقوال أهل العلم حسب وفياتهم}



سليمان بن ناصر العلوان
وأما مناصرة الكفار على المسلمين بأي نوع من أنواع النصرة؛ فهي النفاق والردة عن الدين؛ قال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [النساء: 139]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، أي كافر مثلهم، ولا يختلف في ذلك أهل العلم.

فحذار حذار من مناصرة الكفار على المسلمين بأي نوع من أنواع النصرة، فهذا: كفرٌ، ونفاقٌ، ومرضٌ في القلوب، وفسقٌ.

وليس من شروط الكفر؛ أن تكون مظاهرته للكفار محبة لدينهم ورضى به، فهذا الشرط ليس بشيء؛ لأن محبة دين الكفار والرضى به كفر أكبر بإجماع الناس دون مظاهرتهم على المسلمين فهذا مناط آخر في الكفر، ولو زعم المظاهر محبة الدين وبغض الكفار والمشركين، فإن كثيراً من الكفار والمرتدين لم يتركوا الحق بغضاً له ولا سخطاً لدينهم وإنما لهم عرض من عروض الدنيا فآثروه على الدين، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [النحل: 107].
{مقدمة كتاب التبيان}
الشيخ علي الخضير
ومن شبه المرجئة اليوم؛ هو تقييد المظاهرة ببغض الإسلام أو لأجل كفرهم، فيقول؛ إنه إذا ظاهر الكفار بغضاً للإسلام، أو ظاهر الكفار من أجل كفرهم هذا الذي يكفر، وما عداه فلا، وهذا قول باطل، ومصادم للنصوص.

قال تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، ووجه الدلالة؛ أنه علق وربط الحكم بالفعل وهو توليهم، والتولي؛ فعل ظاهر، وتعليقه بالاعتقاد عموماً أو بمسائل معينة منه، كبغض الإسلام أو من أجل كفرهم ونحوه، تعليق بما لم يعلق الله به.

الدليل الثاني: ما سبق ذكره من قصة العباس والنفر من المسلمين الذين شاركوا ضد المسلمين في غزوة بدر، فلم يستفصل الرسول صلى الله عليه وسلم منهم، ولم يقل هل تعتقد ذلك أم لا؟ بل عُلق الحكم بالعمل الظاهر فقال: (ظاهرك علينا).

الدليل الثالث: إطلاقات أهل العلم وهي كثيرة جداً تفوق الحصر، وكلهم بالإجماع لم يقيدوا ذلك بالاعتقاد في هذه المسألة، ولا كانوا يسألون من فعل ذلك؛ ما هو اعتقادك؟ وفي الحديث: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، بل هذا بدعة ورثها مرجئة اليوم عن مرجئة الأمس.
بل إن المسلمين لو ظاهروا أو استعانوا بالكفار الأقوياء الذين يدهم ظاهرة وحاربوا مسلمين ليس بغضاً للإسلام ولا من أجل كفر الكافر ولا نية اعتقاد فاسد، بل ظاهروا الكفار أو استعانوا بهم لمقصد حسن عندهم؛ لكانت هذه مظاهرة بالإجماع، خصوصاً إذا جمعوا مع ذلك مدح الكفار، كأن يقولوا؛ إنهم أهل عدل وإنصاف - كما يُقال اليوم في مدح أمريكا بأنهم أهل عدل وإنصاف ويحملون لواء العدل ورفع الظلم ونحو ذلك –
{مقدمة كتاب التبيان}


العلامة ابن حزم رحمه الله في "المحلى" [11/138]: (صح أن قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين).

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمهم الله [الدرر: 8/326] - بعد كلام له عن وجوب معاداة الكفار والبراءة منهم - : (فكيف بمن أعانهم، أو جرهم على بلاد أهل الإسلام، أو أثنى عليهم، أو فضلهم بالعدل على أهل الإسلام، واختار ديارهم ومساكنتهم وولايتهم وأحب ظهورهم، فإن هذا ردة صريحة بالاتفاق [11]، قال الله تعالى: {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين}).

وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله [الدرر: 15/479]: (وأما التولي؛ فهو إكرامهم، والثناء عليهم، والنصرة لهم والمعاونة على المسلمين، والمعاشرة، وعدم البراءة منهم ظاهراً، فهذا ردة من فاعله، يجب أن تجرى عليه أحكام المرتدين، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة المقتدى بهم).
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في "فتاواه" [1/274]: (وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، كما قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]
قال ابن جرير رحمه الله 6/277: (يعني تعالى ذكره بقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}؛ ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، يقول؛ فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه).
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ [الدرر: 8/127] فيها أيضاً: (فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان، فهو منهم).
وقال ابن جرير رحمه الله تعالى "تفسيره" [6/276] أيضاً في هذه الآية: (والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال؛ إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعاً أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أنه من اتخذهم نصيراً وحليفاً وولياً من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان).
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله [الدرر: 8/288]: (فتأمل قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فإن هذا الحرف - وهو "إن" الشرطية - تقتضي نفي شرطها إذا انتفى جوابها، ومعناهح أن من اتخذهم أولياء فليس بمؤمن).
قال ابن جرير رحمه الله تعالى [3/228]: (ومعنى ذلك؛ لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهوراً وأنصاراً توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني فقد بريء من الله، وبريء الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر، {إلا أن تتقوا منهم تقاة}؛ إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله [الدرر: 8/138]: (فإذا كان من وعد المشركين في "السر" بالدخول معهم ونصرهم والخروج معهم إن جلوا؛ نفاقاً وكفراً وإن كان كذباً، فكيف بمن أظهر ذلك صادقاً؟).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله [الدرر: 8/128]: (فذكر تعالى أن موالاة الكفار موجبة لسخط الله والخلود في النار بمجردها وإن كان الإنسان خائفاً، إلا المكره بشرطه).

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله [الدرر: 8/129]: (فذكر تعالى؛ أن موالاة الكفار منافية للإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه، ثم أخبر أن سبب ذلك؛ كون كثير منهم فاسقين، ولم يفرق بين من خاف الدائرة ولم يخف، وهكذا حال كثير من هؤلاء المرتدين قبل ردتهم؛ كثير منهم فاسقون، فجر ذلك إلى موالاة الكفار والردة عن الإسلام، نعوذ بالله من ذلك).

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ [الدرر: 8/324 - 326]: (وما جاء في القرآن من النهي والتغليظ الشديد في موالاتهم وتوليهم، دليل على أن أصل الأصول؛ لا استقامة له ولا ثبات له إلا بمقاطعة أعداء الله وحربهم وجهادهم والبراءة منهم، والتقرب إلى الله بمقتهم وعيبهم، وقد قال تعالى لما عقد الموالاة بين المؤمنين وأخبر أن الكافرين بعضهم أولياء بعض قال: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [لأنفال: من الآية 73]، وهل الفتنة إلا الشرك؟ والفساد الكبير هو انتثار عقد التوحيد والإسلام وقطع ما أحكمه القرآن من الأحكام والنظام؟).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله [الدرر: 8/124]: (فأخبر تعالى؛ أن المؤمنين إن أطاعوا الكفار فلا بد أن يردوهم على أعقابهم عن الإسلام، فإنهم لا يقنعون منهم بدون الكفر، وأخبر أنهم إن فعلوا ذلك صاروا من الخاسرين في الدنيا والآخرة، ولم يرخص في موافقتهم وطاعتهم خوفاً منهم، وهذا هو الواقع؛ فإنهم لا يقنعون ممن وافقهم إلا بالشهادة أنهم على حق، وإظهار العداوة والبغضاء للمسلمين، وقطع اليد عنهم، ثم قال تعالى: {بل الله مولاكم وهو خير الناصرين}؛ فأخبر تعالى أنه ولي المؤمنين وناصرهم، وهو خير الناصرين، ففي ولايته وطاعته كفاية وغنية عن طاعة الكفار).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله [الدرر: 8/136]: (فإذا كان من وعد المشركين الكارهين لما أنزل الله طاعتهم في بعض الأمر؛ كافراً، وإن لم يفعل ما وعدهم به، فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما أنزل الله؟).
وقال عبد الله بن أحمد أبو البركات النسفي [ت: 710] في تفسيره [1/287]: (ونزل نهياً عن موالاة أعداء الدين؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} [المائدة: من الآية 51]، أي لا تتخذوهم أولياء؛ تنصرونهم، وتستنصرونهم، وتؤاخونهم، وتعاشرونهم معاشرة المؤمنين، ثم علل النهى بقوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، وكلهم أعداء المؤمنين، وفيه دليل على أن الكفر كله ملة واحدة، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}؛ من جملتهم وحكمه حكمهم، وهذا تغليظ من الله وتشديد في وجوب مجانبة المخالف في الدين، {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}؛ لا يرشد الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفرة).

قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره [6/217]: (قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ}، أي يعضدهم على المسلمين، {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}؛ بيّن تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم ابن أبي، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة).
وفي كتاب "القضاء" من "نوازل" الإمام البرزلي رحمه الله؛ أن أمير المسلمين يوسف بن تاشفين اللمتوني رحمه الله استفتى علماء زمانه - وهم من المالكية - في استنصار ابن عباد الأندلسي "حاكم أشبيلية" بالكتابة إلى الإفرنج على أن يعينوه على المسلمين، فأجابه جلهم بردته وكفره، وهذا في حدود عام 480 تقريباً، كما في "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى" [2/75].
وتكرّرت نحو هذه الحادثة عام [984] من "محمد بن عبد الله السعدي" حاكم "مراكش" الذي استعان بملك "البرتغال" ضد عمه "أبي مروان المعتصم بالله"، فأفتى علماء المالكية بكفره وردته، كما في "الاستقصا" [2/70]
وسئل فقيه المغرب أبو الحسن علي بن عبد السلام التسولي المالكي [ت: 1311] عن بعض القبائل الجزائرية التي كانت تمتنع من النفير للجهاد، وكانوا يخبرون الفرنسيين بأمور المسلمين، وربما قاتلوا أهل الإسلام مع النصارى الفرنسيين، فأجاب: (ما وصف به القوم المذكورون يوجب قتالهم كالكفار الذين يتولونهم، ومن يتول الكفار فهو منهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، وأما إن لم يميلوا إلى الكفار، ولا تعصبوا بهم، ولا كانوا يخبرونهم بأمور المسلمين، ولا أظهروا شيئاً من ذلك، وإنما وجد منهم الامتناع من النفير؛ فإنهم يقاتلون قتال الباغية)، كما في "أجوبة التسولي على مسائل الأمير عبد القادر الجزائري" [ص210].
قال عبد الله بن عمر أبو سعيد البيضاوي [ت: 685] في تفسيره [2/334]: ({وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، أي ومن والاهم منكم فإنه من جملتهم، وهذا التشديد في وجوب مجانبتهم، كما قال صلى الله عليه وسلم "لا تتراءى ناراهما"، أو لأن الموالي لهم كانوا منافقين، {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}؛ أي الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفار، أو المؤمنين بموالاة أعدائهم).
وقال الحافظ ابن كثير [ت: 774] في تفسيره [1/358]: (نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك فقال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْء} [آل عمران: من الآية 28]، أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله).
وقال الحافظ ابن حجر [ت: 852] في [الفتح: 13/61] في شرح حديث ابن عمر مرفوعاً: (إذا أنزل الله بقومٍ عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم): (ويستفاد من هذا مشروعية الهرب من الكفار ومن الظلمة؛ لأن الإقامة معهم من إلقاء النفس إلى التهلكة، هذا إذا لم يُعِنْهم ولم يرض بأفعالهم، فان أعان أو رضي فهو منهم).
ومما قاله شيخ الإسلام
[28/530]: (كل من قفز إليهم - يعني إلى التتار - من أمراء العسكر وغير الأمراء؛ فحكمه حكمهم، وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام، وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين - مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين - فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلاً للمسلمين؟).

وقال ابن القيم في "أحكام أهل الذمة" [1/242]: (وقد حكم تعالى بأن من تولاهم فإنه منهم، ولا يتم الإيمان إلا بالبراءة منهم، والولاية تنافي البراءة، فلا تجتمع البراءة والولاية أبداً، والولاية إعزاز، فلا تجتمع هي وإذلال الكفر أبداً، والولاية صلة، فلا تجامع معاداة الكافر أبداً).
وقال أيضاً [أحكام أهل الذمة: 1/195]: (أنه سبحانه قد حكم ولا أحسن من حكمه؛ أنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}).

قال ابن حزم [ت: 456] في "المحلى" [11/204: (أخبر الله تعالى عن قوم يسارعون في الذين كفروا حذراً أن تصيبهم دائرة، وأخبر تعالى عن الذين آمنوا أنهم يقولون للكافرين: {أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ}، يعنون الذين يسارعون فيهم قال الله تعالى: {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِين}، فهذا لا يكون إلا خبراً عن قوم أظهروا الميل إلى الكفار، فكانوا منهم كفاراً خائبي الأعمال).
وقال أيضاً في " المحلى" [12/126]، تحت مسألة: (من صار مختاراً إلى أرض الحرب، مشاقاً للمسلمين أمرتد هو بذلك أم لا؟ ومن اعتضد بأهل الحرب على أهل الإسلام - وإن لم يفارق دار الإسلام - أمرتد هو بذلك أم لا؟)، فقال بعد كلام: (قال أبو محمد رحمه الله: فصح بهذا أن من لحق بدار الكفر والحرب مختاراً محارباً لمن يليه من المسلمين، فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها، من وجوب القتل عليه، متى قدر عليه، ومن إباحة ماله، وانفساخ نكاحه، وغير ذلك، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبرأ من مسلم).

ثم قال: (فإن كان هناك محارباً للمسلمين معيناً للكفار بخدمة أو كتابة؛ فهو كافر - وإن كان إنما يقيم هنالك لدنيا يصيبها، وهو كالذمي لهم، وهو قادر على اللحاق بجمهرة المسلمين وأرضهم، فما يبعد عن الكفر، وما نرى له عذرا - ونسأل الله العافية، فإن كان هناك محاربا للمسلمين معينا للكفار بخدمة، أو كتابة؛ فهو كافر، وإن كان إنما يقيم هنالك لدنيا يصيبها، وهو كالذمي لهم، وهو قادر على اللحاق بجمهرة المسلمين وأرضهم، فما يبعد عن الكفر، وما نرى له عذراً، ونسأل الله العافية).

وقال [فتح القدير: 1/331] في قوله تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران: من الآية 28]: (قوله: {لا يتخذ} فيه النهي للمؤمنين عن موالاة الكفار لسبب من الأسباب، ومثله قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ... الآية} [آل عمران: من الآية 118]، وقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: من الآية 51]، وقوله: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ... الآية} [المجادلة: من الآية 22]، وقوله: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} [المائدة: من الآية 51]، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: من الآية 1]، وقوله: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}؛ في محل الحال أي متجاوزين المؤمنين إلى الكافرين استقلالاً أو اشتراكاً، والإشارة بقوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ}، إلى الاتحاد المدلول عليه بقوله: {لا يتخذ}، ومعنى قوله: {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}، أي من ولايته في شيء من الأشياء، بل هو منسلخ عنه بكل حال).

وقال محمد بن علي الشوكاني [ت: 1255] في "فتح القدير" [2/50] في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]: (والمراد من النهي عن اتخاذهم أولياء؛ أن يعاملوا معاملة الأولياء في المصادقة والمعاشرة والمناصرة، وقوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، تعليل للنهي، والمعنى أن بعض اليهود أولياء البعض الآخر منهم، وبعض النصارى أولياء البعض الآخر منهم، وليس المراد بالبعض إحدى طائفتي اليهود والنصارى، وبالبعض الآخر الطائفة الأخرى، للقطع بأنهم في غاية من العداوة والشقاق، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة: من الآية 113]، وقيل؛ المراد أن كل واحدة من الطائفتين توالي الأخرى وتعاضدها وتناصرها على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وعداوة ما جاء به، وإن كانوا في ذات بينهم متعادين متضادين، ووجه تعليل النهي بهذه الجملة أنها تقتضي أن هذه الموالاة هي شأن هؤلاء الكفار لا شأنكم، فلا تفعلوا ما هو من فعلهم فتكونوا مثلهم، ولهذا عقب هذه الجملة التعليلية بما هو كالنتيجة لها، فقال: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، أي فإنه من جملتهم وفى عدادهم، وهو وعيد شديد؛ فإن المعصية الموجبة للكفر هي التي قد بلغت إلى غاية ليس وراءها غاية، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، تعليل للجملة التي قبلها؛ أي أن وقوعهم في الكفر هو بسبب عدم هدايته سبحانه لمن ظلم نفسه بما يوجب الكفر كمن يوالي الكافرين).
قال الشيخ جمال الدين القاسمي [ت: 1332] في تفسيره [6/240] على قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}: ({فإنه منهم}؛ أي من جملتهم، وحكمه حكمهم، وإن زعم أنه مخالف لهم في الدين).

وسئلت لجنة الفتوى في الأزهر عن مساعدة اليهود وإعانتهم في تحقيق مآربهم في فلسطين، فأجابت اللجنة برئاسة الشيخ عبد المجيد سليم في 14 شعبان 1366 إجابة طويلة، ومما قال: (فالرجل الذي يحسب نفسه من جماعة المسلمين إذا أعان أعداءهم في شيء من هذه الآثام المنكرة وساعد عليها مباشرة أو بواسطة؛ لا يعد من أهل الإيمان، ولا ينتظم في سلكهم، بل هو بصنيعه حرب عليهم، منخلع من دينهم، وهو بفعله الآثم اشد عداوة من المتظاهرين بالعداوة للإسلام والمسلمين).

إلى أن قال: (ولا يشك مسلم أيضاً أن من يفعل شيئاً من ذلك؛ فليس من الله ولا رسوله ولا المسلمين في شيء، والإسلام والمسلمون براء منه، وهو بفعله قد دل على أن قلبه لم يمسه شيء من الإيمان ولا محبة الأوطان، والذي يستبيح شيئاً من هذا بعد أن استبان له حكم الله فيه؛ يكون مرتداً عن دين الإسلام، فيفرق بينه وبين زوجه، ويحرم عليها الاتصال به، ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وعلى المسلمين أن يقاطعوه، فلا يسلموا عليه، ولا يعودوه إذا مرض، ولا يشيعوا جنازته إذا مات حتى يفيء إلى أمر الله، ويتوب توبة يظهر أثرها في نفسه وأحواله وأقواله وأفعاله) [فتاوى خطيرة في وجوب الجهاد الديني المقدس: ص 17 - 25].

وقال الشيخ أحمد شاكر في فتوى له طويلة [كلمة حق: ص 126 - 137]، تحت عنوان "بيان إلى الأمة المصرية خاصة وإلى الأمة العربية والإسلامية عامة" في بيان حكم التعاون مع الإنجليز والفرنسيين - أثناء عدوانهم على المسلمين - : (أما التعاون مع الإنجليز، بأي نوع من أنواع التعاون، قلّ أو كثر، فهو الردّة الجامحة، والكفر الصّراح, لا يقبل فيه اعتذار, ولا ينفع معه تأول, ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء، ولا مجاملة هي النفاق، سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء، كلهم في الكفر والردة سواء، إلا من جهل وأخطأ، ثم استدرك أمره فتاب وأخذ سبيل المؤمنين، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم، إن أخلصوا لله، لا للسياسة ولا للناس.

وأظنني قد استطعت الإبانة عن حكم قتال الإنجليز وعن حكم التعاون معهم بأي لون من ألوان التعاون أو المعاملة، حتى يستطيع أن يفقهه كل مسلم يقرأ العربية، من أي طبقات الناس كان، وفي أي بقعة من الأرض يكون.

وأظن أن كل قارئ لا يشك الآن؛ في أنه من البديهي الذي لا يحتاج إلى بيان أو دليل؛ أن شأن الفرنسيين في هذا المعنى شأن الإنجليز، بالنسبة لكل مسلم على وجه الأرض، فإن عداء الفرنسيين للمسلمين، وعصبيتهم الجامحة في العمل على محو الإسلام، وعلى حرب الإسلام، أضعاف عصبية الإنجليز وعدائهم، بل هم حمقى في العصبية والعداء، وهم يقتلون إخواننا المسلمين في كل بلد إسلامي لهم فيه حكم أو نفوذ، ويرتكبون من الجرائم والفظائع ما تصغر معه جرائم الإنجليز ووحشيتهم وتتضاءل, فهم والإنجليز في الحكم سواء، دماؤهم وأموالهم حلال في كل مكان، ولا يجوز لمسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يتعاون معهم بأي نوع من أنواع التعاون، وإن التعاون معهم حكمه حكم التعاون مع الإنجليز؛ الردة والخروج من الإسلام جملة، أيا كان لون المتعاون معهم أو نوعه أو جنسه).

إلى أن قال: (ألا فليعلم كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض؛ أنه إذ تعاون مع أعداء الإسلام مستعبدي المسلمين، من الإنجليز والفرنسيين وأحلافهم وأشباههم، بأي نوع من أنواع التعاون، أو سالمهم فلم يحاربهم بما استطاع، فضلاً عن أن ينصرهم بالقول أو العمل على إخوانهم في الدين، إنه إن فعل شيئاً من ذلك ثم صلى فصلاته باطلة، أو تطهر بوضوء أو غسل أو تيمم فطهوره باطل، أو صام فرضاً أو نفلاً فصومه باطل، أو حج فحجه باطل، أو أدى زكاة مفروضة، أو أخرج صدقة تطوعاً فزكاته باطلة مردودة عليه، أو تعبد لربه بأي عبادة فعبادته باطلة مردودة عليه، ليس له في شيء من ذلك أجر بل عليه فيه الإثم والوزر.

ألا فليعلم كل مسلم؛ أنه إذا ركب هذا المركب الدنيء حبط عمله، من كل عبادة تعبد بها لربه قبل أن يرتكس في حمأة هذه الردة التي رضي لنفسه، ومعاذ الله أن يرضى بها مسلم حقيق بهذا الوصف العظيم يؤمن بالله وبرسوله، ذلك بأن الإيمان شرط في صحة كل عبادة، وفي قبولها، كما هو بديهي معلوم من الدين بالضرورة، لا يخالف فيه أحد من المسلمين، وذلك بأن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: من الآية 5]، وذلك بأن الله سبحانه يقول: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: من الآية 217]، وذلك بأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ، وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِين}، وذلك بأن الله سبحانه يقول: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُم ْ، فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ، أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ، وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم ْ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 25 - 35].

إلا فليعلم كل مسلم وكل مسلمة؛ أن هؤلاء الذين يخرجون على دينهم ويناصرون أعداءهم، من تزوج منهم فزواجه باطل بطلاناً أصلياً، لا يلحقه تصحيح، ولا يترتب عليه أي أثر من آثار النكاح، من ثبوت نسب وميراث وغير ذلك، وأن من كان منهم متزوجاً بطل زواجه كذلك وأن من تاب منهم ورجع إلى ربه وإلى دينه، وحارب عدوه ونصر أمته، لم تكن المرأة التي تزوجها حال الردة ولم تكن المرأة التي ارتدت وهي في عقد نكاحه زوجاً له، ولا هي في عصمته، وأنه يجب عليه بعد التوبة أن يستأنف زواجه بها فيعقد عليها عقداً صحيحاً شرعياً، كما هو بديهي واضح.

ألا فليحتط النساء المسلمات، في أي بقعة من بقاع الأرض، ليتوثقن قبل الزواج من أن الذين يتقدمون لنكاحهن ليسوا من هذه الفئة المنبوذة الخارجة عن الدين، حيطةً لأنفسهن ولأعراضهن، أن يعاشرن رجالاً يظنونهن أزواجاً وليسوا بأزواج، بأن زواجهم باطل في دين الله، ألا فليعلم النساء المسلمات، اللائي ابتلاهن الله بأزواج ارتكسوا في حمأة هذه الردة، أنه قد بطل نكاحهن، وصرن محرمات على هؤلاء الرجال، ليسوا لهن بأزواج، حتى يتوبوا توبة صحيحة عملية ثم يتزوجوهن زواجاً جديداً صحيحاً.

ألا فليعلم النساء المسلمات؛ أن من رضيت منهن بالزواج من رجل هذه حالة وهي تعلم حاله، أو رضيت بالبقاء مع زوج تعرف فيه هذه الردة، فإن حكمها وحكمه في الردة سواء، ومعاذ الله أن ترضى النساء المسلمات لأنفسهن ولأعراضهن ولأنساب أولادهن ولدينهن شيئاً من هذا.

ألا إن الأمر جد ليس بالهزل، وما يغني فيه قانون يصدر بعقوبة المتعاونين مع الأعداء، فما أكثر الحيل للخروج من نصوص القوانين، وما أكثر الطرق لتبرئة المجرمين، بالشبهة المصطنعة، وباللحن في الحجة، ولكن الأمة مسؤولة عن إقامة دينها، والعمل على نصرته في كل وقت وحين، والأفراد مسؤولون بين يدي الله يوم القيامة عما تجترحه أيديهم، وعما تنطوي عليه قلوبهم.

فلينظر كل امرئ لنفسه، وليكن سياجاً لدينه من عبث العابثين وخيانة الخائنين، وكل مسلم إنما هو على ثغر من ثغور الإسلام، فليحذر أن يؤتى الإسلام من قبله، وإنما النصر من عند الله، ولينصرن الله من ينصره).

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي [ت: 1393] رحمه الله في "أضواء البيان" [2/111] - بعد أن ذكر مجموعة من الآيات التي تنهى عن تولي الكفار - : (ويفهم من ظواهر هذه الآيات؛ أن من تولى الكفار عمداً اختياراً رغبة فيهم، أنه كافر مثلهم).

فتوى الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك بتاريخ 20/7/1422، ومما قاله فيها: (فإنه مما لا شك فيه أن إعلان أمريكا الحرب على حكومة "طالبان" في أفغانستان ظلم وعدوان وحرب صليبية على الإسلام، كما ذُكر ذلك عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تخلي الدول في العالم الإسلامي عن نصرتهم في هذا الموقف الحرج مصيبة عظيمة، فكيف بمناصرة الكفار عليهم، فإن ذلك من تولي الكافرين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]، وقد عدّ العلماء مظاهرة الكفار على المسلمين من نواقض الإسلام لهذه الآية).

فتوى الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان بتاريخ 29/7/1422، ومما قاله فيها: (وأما الوقوف مع دول الكفر على المسلمين ومعاونتهم عليهم؛ فإنه يجعل فاعل ذلك منهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]، والآيات في هذا كثيرة).

فتوى الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي بتاريخ 28/7/1422، ومما قال فيها: (إن نصرة الكفار على المسلمين - بأي نوع من أنواع النصرة أو المعاونة ولو كانت بالكلام المجرد - هي كفر بواح، ونفاق صراح، وفاعلها مرتكب لناقض من نواقض الإسلام - كما نص عليه أئمة الدعوة وغيرهم - غير مؤمن بعقيدة الولاء والبراء).

فتوى الشيخ بشر بن فهد البشر بتاريخ 1/8/1422، ومما قال فيها: (حذر الله تعالى في آيات كثيرة من كتابه الكريم من موالاة الكفار والركون إليهم، وأبدى في ذلك وأعاد، وبين تعالى أن الكفرة بعضهم أولياء بعض، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، وأن من صفات المنافقين وعلاماتهم الظاهرة موالاتهم للكفرة دون المؤمنين، والموالاة تعني المحبة والمودة والميل، كما تعني النصرة والعون والتأييد) - ثم ذكر أدلة كثيرة ومجموعة من كلام أهل العلم –

ثم قال: (ومما سبق يتبين أن التعاون مع أمريكا في العدوان على أفغانستان - سواء كان بالرجال أو المال أو السلاح أو الرأي - هو من قبيل مظاهرة الكفار على المسلمين، وهو كفر وردة عن الإسلام، وهذا الحكم يشمل الأفراد والجماعات وغيرهم).

فتوى الشيخ نظام الدين شامزي - مفتي باكستان - بتاريخ 8 أكتوبر 2001م، ومما قال فيها: (لا يجوز لمسلم في أي بلد كان سواء كان موظفاً حكوميا أو غير ذلك أن يقدم أي مساعدة كانت ومن أي نوع كان للعدوان الأمريكي على أفغانستان، خاصة وأن الهجوم يشكل حملة صليبية على أفغانستان المسلمة، وأي مسلم يقدم المساعدة في هذا العدوان؛ يعتبر مرتدًا عن الدين).

) قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله [ت: 1206] في نواقض الإسلام [الدرر: 10/92]: (الناقض الثامن؛ مظاهرة المشركين ومعونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].

2) وقال أيضاً [8/113]: (إن الإنسان لا يستقيم له دين ولا إسلام، ولو وحّد الله وترك الشرك، إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء، كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ... الآية} [المجادلة: من الآية 22].

3) وقال أيضاً [الدرر: 10/8]: (واعلموا أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح: إذا أشرك بالله، أو صار مع المشركين على الموحدين - ولو لم يشرك - أكثر من أن تحصر، من كلام الله، وكلام رسوله، وكلام أهل العلم كلهم).

4) وقال أيضاً [الدرر: 10/38]: (أن الرضا بالكفر؛ كفر، صرّح به العلماء، وموالاة الكفار؛ كفر).

5) وقال الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله [ت: 1226} [الدرر: 9/277] في رسالة له بعد كلام: (والذي يدعي أنه لم يفعل من ذلك شيئاً - يعني الشرك والآثام - فهو كما قدمنا؛ لم ينكر، ولم يفارق أهله، بل هو قائم بنصرتهم بماله ولسانه، فهو وإن لم يفعل ذلك، فهو وهم سواء، كما قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} [النساء: من الآية 140]، وقال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: من الآية 22]، وقال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [هود: 113].

6) وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله [ت: 1233] في أول كتاب "الدلائل" [الدرر: 8/121]: (اعلم رحمك الله؛ أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفاً منهم ومداراة لهم ومداهنة لدفع شرهم؛ فإنه كافر مثلهم، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين، هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك، فكيف إذا كان في دار منعه واستدعى بهم ودخل في طاعتهم، وأظهر الموافقة على دينهم الباطل، وأعانهم عليه بالنصرة والمال، ووالهم وقطع الموالاة بينه وبين المسلمين، وصار من جنود القباب والشرك وأهلها، بعد ما كان من جنود الإخلاص والتوحيد وأهله، فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عداوة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستثنى من ذلك إلا المكره، وهو الذي يستولى عليه المشركون فيقولون له؛ اكفر أو افعل كذا وإلا فعلنا بك وقتلناك، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم، فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان، وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلا؛ أنه يكفر، فكيف بمن أظهر الكفر خوفًا وطمعاً في الدنيا؟ وأنا أذكر بعض الأدلة على ذلك بعون الله وتأييده) - ثم ذكر واحداً وعشرين دليلاً -

7) وقال أيضاً [الدرر: 8/127]: (فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان، فهو منهم).

وقال أيضاً [الدرر: 8/141]: (قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة: 1]، أي أخطأ الصراط المستقيم، فأخبر تعالى أن من تولى أعداء الله - وإن كانوا أقرباء وأصدقاء - فقد ضل سواء السبيل، أي؛ أخطأ الصراط المستقيم، وخرج عنه إلى الضلال، فأين هذا ممن يدعي أنه على الصراط المستقيم لم يخرج عنه؟ فإن هذا تكذيب لله، ومن كذب الله فهو كافر، واستحلال لما حرم الله من ولاية الكفار، ومن استحل محرماً فهو كافر).

8) وقال الشيخ محمد بن أحمد الحفظي رحمه الله [الدرر: 8/257] في تعداد "أمور عظام هي أكبر الذنوب وأعظم الآثام"، ذكر منها: (ومنهم؛ من رضي بذلك وعزم عليه، ومن أعان بنفسه أو ماله أو لسانه، وقد ورد الوعيد الشديد فيمن أعان - ولو بشطر كلمة في قتل مسلم - فكيف الإعانة على حرب الإسلام والمسلمين؟).

إلى أن قال: (وهذه الأمور كلها جرت بغير إكراه ولا تعيين، وكل واحدة منها تخدش في وجه إيمان فاعلها، وتفت في عضد إسلام عاملها، وهي من المعاند ردة عن الإسلام، وإما نفاق في الدين).

9) وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ [ت: 1285} [المورد العذب الزلال، ضمن القول الفصل النفيس: ص 237 - 238]: (فمن أعظمها - يعني نواقض التوحيد - أمور ثلاثة)، ثم قال: (الأمر الثالث؛ موالاة المشرك والركون إليه ونصرته وإعانته باليد أو اللسان أو المال، كما قال تعالى: {فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكَافِرِينَ} [القصص: من الآية 86]، وقال: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 9]، وهذا خطاب الله تعالى للمؤمنين من هذه الأمة، فانظر أيها السامع أين تقع من هذا الخطاب وحكم هذه الآيات).

10) وقال أيضاً [الدرر: 8/173]: (وقال تعالى فيمن سلك غير سبيلهم - يعني أهل التوحيد - بارتكاب ما نهى الله عنه: {تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [المائدة: 80]، فسجل تعالى على من تولى الكافرين بالمذمة وحلول السخط عليهم، والخلود في العذاب، وأكد ذلك بنوعي التوكيد، ثم ذكر أن هذا الذي وصفهم به ينافي الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه، ولها نظائر، كقوله: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنينَ... الآيات} [النساء: 138 - 140].

11) وقال أيضاً [الدرر: 8/188]: (ومثل هذه الآية التي تقدم ذكرها - يعني قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ... الآية} - قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً... الآية} [المائدة: 57]، وقال تعالى في الآيات قبلها؛ {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ... الآية} [المائدة: من الآية 51]، وهذه الآية وأمثالها تعرف بعظم هذا الذنب، ووصف الفاعل بالظلم، فسماهم الظالمين، وفي هذه السورة وغيرها قبلها وبعدها في السور ما يدل على أن هذا ردة عن الإسلام، يظهر هذا لمن تدبر).

12) وقال أيضاً [الدرر: 8/190]: (وقد فرض الله تعالى البراءة من الشرك والمشركين، والكفر بهم وعداوتهم، وبغضهم وجهادهم، {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [البقرة: من الآية 59]، فوالوهم وأعانوهم، وظاهروهم واستنصروا بهم على المؤمنين، وأبغضوهم وسبوهم من أجل ذلك، وكل هذه الأمور تناقض الإسلام، كما دل عليه الكتاب والسنة في مواضع، وذكره العلماء رحمهم الله في كتب التفسير والفقه وغيرها، وعند هؤلاء وأمثالهم؛ أنهم على الدين الذي كانوا عليه لم يفارقوه، وهذا ليس بعجب! فقد بين القرآن العزيز أن هذه الحال هي طريقة أمثالهم كما في قوله تعالى: {فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [لأعراف: 30].

13) وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ [ت: 1293] [الدرر: 8/324 - 326]: (وما جاء في القرآن من النهي والتغليظ الشديد في موالاتهم وتوليهم، دليل على أن أصل الأصول؛ لا استقامة له ولا ثبات له إلا بمقاطعة أعداء الله وحربهم وجهادهم والبراءة منهم، والتقرب إلى الله بمقتهم وعيبهم، وقد قال تعالى لما عقد الموالاة بين المؤمنين وأخبر أن الكافرين بعضهم أولياء بعض، قال: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: من الآية 73]، وهل الفتنة إلا الشرك؟ والفساد الكبير هو انتثار عقد التوحيد والإسلام وقطع ما أحكمه القرآن من الأحكام والنظام؟)، ثم ذكر بعض الآيات التي تنهى عن اتخاذ الكافرين أولياء.

ثم قال: (فليتأمل من نصح نفسه هذه الآيات الكريمات، وليبحث عما قاله المفسرون وأهل العلم في تأويلها، وينظر ما وقع من أكثر الناس اليوم، فإنه يتبين - إن وفق وسدد - أنها تتناول من ترك جهادهم، وسكت عن عيبهم، وألقى إليهم السلم، فكيف بمن أعانهم؟ أو جرهم على بلاد أهل الإسلام؟ أو أثنى عليهم؟ أو فضلهم بالعدل على أهل الإسلام؟ واختار ديارهم ومساكنتهم وولايتهم؟ وأحب ظهورهم؟ فإن هذا ردة صريحة بالاتفاق، قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: من الآية 5].

14) وقال أيضاً [الدرر: 8/360]: (وتعزيرهم وتوقيرهم - يعني الكفار - تحته أنواع أيضاً؛ أعظمها رفع شأنهم، ونصرتهم على أهل الإسلام ومبانيه، وتصويب ما هم عليه، فهذا وجنسه من المكفرات، ودونه مراتب من التوقير بالأمور الجزئية، كلياقة الدواة ونحوه).

15) وقال أيضاً [الدرر: 8/288]: (فعليكم بالجد والاجتهاد فيما يحفظ الله به عليكم الإيمان والتوحيد، وينجيكم من الركون إلى أهل الكفر والإشراك والتنديد) - ثم ذكر عدداً من الآيات التي تنهى عن تولي الكفار –

ثم قال: (وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57]، فتأمل قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فإن هذا الحرف - وهو "إن" الشرطية - تقتضي نفي شرطها إذا انتفى جوابها، ومعناه؛ أن من اتخذهم أولياء فليس بمؤمن).

16) وقال أيضاً [الدرر: 9/24]: (وأفضل القرب إلى الله: مقت أعدائه المشركين، وبغضهم وعداوتهم وجهادهم، وبهذا ينجو العبد من توليهم من دون المؤمنين، وإن لم يفعل ذلك فله من ولايتهم بحسب ما أخل به وتركه من ذلك، فالحذر الحذر مما يهدم الإسلام ويقلع أساسه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57]، وانتفاء الشرط يدل على انتفاء الإيمان بحصول الموالاة، ونظائر هذا في القرآن كثير).

17) وقال أيضاً [8/396]: (والمرء قد يكره الشرك ويحب التوحيد، لكن يأتيه الخلل من جهة عدم البراءة من أهل الشرك، وترك موالاة أهل التوحيد ونصرتهم، فيكون متبعاً لهواه، داخلاً من الشرك في شعبٍ تهدم دينه وما بناه، تاركاً من التوحيد أصولاً وشعباً، لا يستقيم معها إيمانه الذي ارتضاه، فلا يحب ويبغض لله، ولا يعادي ولا يوالي لجلال من أنشأه وسوّاه، وكل هذا يؤخذ من شهادة أن لا إله إلا الله).

18) وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله [ت: 1301] [الدرر: 9/263]: (قد دل القرآن والسنة على أن المسلم إذا حصلت منه موالاة أهل الشرك والانقياد لهم؛ ارتد بذلك عن دينه، تأمل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25]، مع قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: من الآية 51]، وأمعن النظر في قوله تعالى: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُم} [النساء: من الآية 140]، وأدلته كثيرة).

19) وقال أيضاً في "الدفاع عن أهل السنة والاتباع" [ص: 31]: (إن مظاهرة المشركين، ودلالتهم على عورات المسلمين، أو الذب عنهم بلسان، أو رضي بما هم عليه، كل هذه مكفرات، فمن صدرت منه - من غير الإكراه المذكور - فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يبغض الكفار ويحب المسلمين).

20) وقال أيضاً في "سبيل النجاة والفكاك" [ص: 89]: (اعلم أن إظهار الموافقة للمشركين له ثلاث حالات)، ثم قال: (الوجه الثاني؛ أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن وهو ليس في سلطانهم، وإنما حمله على ذلك إما طمعاً في رئاسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيال أو خوف مما يحدث في المآل؛ فإنه في هذه الحال يكون مرتداً، ولا تنفعه كراهته لهم في الباطن).

21) وسئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله [ت: 1339] كما في "الدرر السنية" [8/422] عن الفرق بين موالاة الكفار وتوليهم؟ فأجاب: (التولي؛ كفر يخرج من الملة، وهو كالذب عنهم، وإعانتهم بالمال والبدن والرأي، والموالاة؛ كبيرة من كبائر الذنوب كبلّ الدواة، أو بري القلم، أو التبشبش لهم لو رفع السوط لهم).

22) وقال أيضاً عن إعانة المشركين على المسلمين [10/429]: (ومن جرهم وأعانهم على المسلمين بأي إعانة؛ فهي ردة صريحة).

23) وله رسالة طويلة إلى أهل الجزيرة وعمان في التحذير من موالاة النصارى والأمر بجهادهم [8/11 - 22]، ومما قاله: (والمقصود بهذا؛ ما قد شاع وذاع، من إعراض المنتسبين إلى الإسلام، وأنهم من أمة الإجابة، عن دينهم وما خلقوا له، وقامت عليه الأدلة القرآنية، والأحاديث النبوية، من لزوم الإسلام ومعرفته، والبراءة من ضده، والقيام بحقوقه، حتى آل الأمر بأكثر الخلق إلى عدم النفرة من أهل ملل الكفر، وعدم جهادهم، وانتقل الحال حتى دخلوا في طاعتهم، واطمأنوا إليهم، وطلبوا صلاح دنياهم بذهاب دينهم، وتركوا أوامر القرآن ونواهيه، وهم يدرسونه آناء الليل والنهار، وهذا لا شك أنه من أعظم أنواع الردة، والانحياز إلى ملة غير ملة الإسلام، ودخول في ملة النصرانية - عياذاً بالله من ذلك كأنكم في أزمان الفترات، أو أناس نشئوا في محلة لم يبلغهم شيء من نور الرسالة، أنسيتم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]، وقوله تعالى: {تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 80، 81]، وقوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} [البقرة: 120]؟ والدخول في طاعتهم اتباع لملتهم وانحياز عن ملة الإسلام، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} [المائدة: 57 - 58]، وقال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً، وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} [النساء: 138 - 140]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}، آل عمران: 118]، والآيات القرآنية في تحريم موالاة الكفار والدخول في طاعتهم أكثر من أن تحصر).

إلى أن قال [8/15]: (وهذه الطائفة الملعونة - الطائفة النصرانية التي حلت بفنائكم، وزحمتكم عند دينكم، وطلبت منكم الدخول في طاعتها - هم الذين نوه الله بذكرهم في القرآن، فقال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} [المائدة: من الآية 73]، وقال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: من الآية 72] - وذكر آيات أخرى -

ثم قال: (فهل بعد هذا غلظة وزجر وإنذار؟ وهل يشك بعد هذا ممن له فطرة وسمع وبصر؟ اللهم إلا من ركن إلى الدنيا وطلب إصلاحها ونسي الآخرة؛ فهذا لا عبرة به، لأنه أعمى القلب مطموس البصر).

إلى أن قال [8/22]: (وكل من استطاع لهم [كذا ولعله: استكان لهم] ودخل في طاعتهم، وأظهر موالاتهم، فقد حارب الله ورسوله، وارتد عن دين الإسلام، ووجب جهاده ومعاداته، ولا تنتصروا إلا بربكم، واتركوا الانتصار بأهل الكفر جملة وتفصيلاً).

24) وقال المشايخ عبد الله بن عبد اللطيف وإبراهيم بن عبد اللطيف وسليمان بن سحمان رحمهم الله [الدرر: 10/435 - 436]: (وأما قوله؛ وتجوز حماية الكفار، أو نائبهم، وأخذ علم منهم، لسلامة المال والسفينة، وأن هذا بمنزلة الخفير الذي هو الرفيق.

فالجواب أن يقال؛ هذا قياس باطل، فإن أخذ الخفير لسلامة المال جائز إذا ألجأ الحال إليه، والخفير مسلم ظالم أو فاجر فاسق، وأما الدخول تحت حماية الكفار؛ فهي ردة عن الإسلام، وأخذ العلم منهم لا يجوز إذا كانوا لم يدخلوا تحت حمايتهم وولايتهم، وليس بمنزلة أخذ الخفير لحماية المال، فإن هذا علم، وعلامة على أنهم منقادون لأمرهم، داخلون في حمايتهم، وذلك موافقة لهم في الظاهر).

25) وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله [ت: 1369] [الدرر: 8/456، 457]: (وقال صلى الله عليه وسلم "من جامع المشرك أو سكن معه فإنه مثله"، فلا يقال: إنه بمجرد المجامعة والمساكنة يكون كافراً، بل المراد أن من عجز عن الخروج من بين ظهراني المشركين وأخرجوه معهم كرهاً، فحكمه حكمهم في القتل وأخذ المال، لا في الكفر، وأما إن خرج معهم لقتال المسلمين طوعاً واختياراً، أو أعانهم ببدنه وماله، فلا شك أن حكمه حكمهم في الكفر).

26) وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله [ت: 1349] [الدرر: 8/494]: (وأما الولاة المذكورون؛ فإنهم قد حصل منهم موالاة وتول للكفار وموافقة، ومظاهرة على المسلمين، فلا شك في ردتهم).

27) وقال أيضاً في ديوانه [ص 131]:
[FONT='Times New Roman','serif']ومن يتول الكافرين فمثلهم[/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif']ولا شك في تكفيره عند من[FONT='Times New Roman','serif']عقل[/FONT][/FONT]

28) وقال بعض أئمة الدعوة [9/292]: (الأمر الثالث مما يوجب الجهاد لمن اتصف به؛ مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين، بيدٍ، أو بلسانٍ، أو بقلبٍ، أو بمالٍ، فهذا كفر مخرج عن الإسلام، فمن أعان المشركين على المسلمين، وأمد المشركين من ماله بما يستعينون به على حرب المسلمين اختياراً منه؛ فقد كفر).


[FONT='Arial','sans-serif']قال الشيخ حمود التويجري
الآية الرابعة: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} ثم حذر تبارك وتعالى من موالاتهم بأبلغ التحذير وتوعد على ذلك بأشد الوعيد فقال تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنّه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}، قال بعض المفسرين: فيه زجر شديد عن إظهار صورة الموالاة لهم وإن لم تكن موالاة في الحقيقة.

قلت: وأقل الأحوال في هذه الآية أنها تقضي تحريم موالاة أعداء الله تعالى وإن كان ظاهرها يقتضي كفر من تولاهم، ولهذا روي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر، وتلا هذه الآية.
[FONT='Arial','sans-serif']قال الشيخ حمد الريس[/FONT]
مظاهرة الكفار ومعاونتهم على قتال المسلمين؛ كفر مخرج عن الملة، حيث أنه ناقض من نواقض الإسلام العشرة، التي أجمع عليها أهل العلم، استناداً إلى ما ورد في الكتاب والسنة من وجوب معاداة الكفار وبغضهم وعدم مناصرتهم على المسلمين، ولو بأقل قليل، ولقد نهى الله سبحانه وتعالى عن الركون إليهم، وجعل جزاء من فعل ذلك عذاب النار، كما قال تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون}، وقال في حق نبيه: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا}.
[FONT='Arial','sans-serif']قال الشيخ حامد العلي[/FONT]
إذا أعان المسلم الكافر على غزو بلاد المسلمين، صار ذلك المسلم؛ كافرا مرتدا، باتفاق العلماء، كما دلت على ذلك النصوص القطعية المبيّّنة؛ أن من يوالي الكفار فهو كافر مثلهم.
[FONT='Arial','sans-serif']قال الشيخ عبد العزيز الطريفي[/FONT]
ولا يُعذر مسلم بتوليه الكافرين، ومناصرته لهم على المؤمنين، فمصلحة التوحيد أعظم مصلحة ترجى للأمة، ومفسدة الشرك أعظم مفسدة تُدرأ عنها، فلا يحل مظاهرة الكافرين على المؤمنين لأجل طمع في الدنيا يرجى، من عصمة مال أو رياسة وغيرها، بل ولا عصمة الدم، حيث عُلم أن مظاهرة الكافرين كفر وردة عن الدين.

وقد أجمع أهل العلم على أن من ظاهر الكفار من أهل الكتاب وغيرهم من الملل الكفرية على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.
[FONT='Arial','sans-serif']قال الشيخ عبد الله السعد[/FONT]
وأما ما يتعلق بالمعاونة والمظاهرة للكفار على المسلمين فهذه في الحقيقة أحد أنواع الموالاة كما تقدم لنا أن من معاني الموالاة النصرة والتأييد ، فمن ناصر وأيد الكفار على المسلمين فهذا عافانا الله وإياكم ردة وخروج عن ملة الإسلام ، كما قال تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جنهم ) ، فأخبر الله عز وجل بأن هؤلاء مأواهم جنهم عافانا الله وإياكم من ذلك ، وذلك أن هذه الآية نزلت في أناس قد أسلموا ولكنهم لم يهاجروا من مكة إلى المدينة ، بل بقوا في مكة ، وعندما جاءت غزوة بدر خرجوا مع المشركين وكانوا كارهين لذلك ... وكانوا كارهين لذلك ... كانوا كارهين لذلك ، ولكنهم عندما خرجوا هنا كثَّروا سواد المشركين على المسلمين ، وحصل منهم مظاهرة ومعاونة لهؤلاء الكافرين على المسلمين ، فحكم الله عز وجل بأن مأواهم جنهم عافانا الله وإياكم من ذلك ، فكل من والى وظاهر وعاون الكفار على المسلمين
فهذا ردة منه ، فهذا ردة وخروج عن الإسلام وأحد نواقض الإيمان .
[FONT='Arial','sans-serif']قال الشيخ عبد العزيز الراجحي[/FONT]
المظاهرة والمعاونة بمعنى واحد، مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين يعني: يساعد المشركين على المسلمين كأن يكون هناك قتال بين المسلمين والكفار ثم يعين الكفار على المسلمين
يساعدهم بأي شيء: بالمال أو بالسلاح أو بالرأي، فإذا ساعد الكفار على المسلمين فإنه يكفر لأنه فضّل المشركين على المسلمين وهذا التفضيل يستلزم أنه يبغض الإسلام ويبغض الله ورسوله، وهذا كفر وردة.
[FONT='Arial','sans-serif']قال الشيخ المحدث عبد الله السعد[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']وليعلم كل مسلم أن التعاون مع أعداء الله ضد أولياء الله بأي نوع من أنواع التعاون والدعم والمظاهرة يعد ناقضا من نواقض الإسلام ، دلّ على ذلك كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ونص عليه أهل العلم رحمهم الله ، فليحذر العبد أن يسلب دينه وهو لا يشعر[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']قال الشيخ عبد الرحمان البراك[/FONT]
والذي يظهر أن توليهم هو معنىاتخاذهم أولياء، وفسر "التولي" في قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْفَإِنَّهُ مِنْهُمْ" بنصرتهم على المسلمين، ولهذا كانت مظاهرة الكفار ومعاونتهم ضدالمسلمين من أنواع الردة، لأن ذلك يتضمن مقاومة الإسلام، والرغبة في اضمحلاله، وذلأهله .

[FONT='Arial','sans-serif']العلامة محمد بن مصطفى الطرابلسي رحمه الله[/FONT]
[/FONT] :
[FONT='Arial','sans-serif']جاء في النوازل الكبرى[/FONT] (3/78-81) :
(
[FONT='Arial','sans-serif']وسئل أيضا عن بلدة استولى عليها الكفار وتمكنوا منها فانضم إليهم[FONT='Arial','sans-serif']بعض القبائل والعشائر ، وصاروا يقاتلون معهم المسلمين وينهبون مالهم ، وينصحون[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']الكفار ويعينونهم على أذى المسلمين ، فكانوا أشد ضررا على المسلمين من الكفار ، فما[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']الحكم فيهم وهذا حالهم؟[/FONT][/FONT][FONT='Arial','sans-serif']فأجاب : إني لم أقف على حكم هؤلاء في كتب مذهبنا معشر[FONT='Arial','sans-serif']الحنفية ولكن وقفت على حكمهم في كتب بعض السادات المالكية، قال في فتح الثغر[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']الوهراني[/FONT][/FONT]:
[FONT='Arial','sans-serif']لما دعا الناس سلطان الجزائر إلى جهاد الكفار الذين استولوا على ثغر[FONT='Arial','sans-serif']وهران ، جاءوا إليه من كل فج عميق ، وكان هذا غير حال القبائل العامرية ، وأما بنو[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']عامر فإنهم كانوا في ذلك على فرق، منهم من نجا بحصون العدو مدافعا عن نفسه ومعينا[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']للعدو بسيفه وفلسه ، فكانوا يقاتلون المسلمين مع عدوهم ويدفعون عنه ، ويغزون على[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']الحجلة المنصورة بالله تعالى، حتى إنهم كانوا على المسلمين أشد ضررا من الكافرين ،[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']وهكذا كان بعض القبائل ؛ والظاهر أن حكم هؤلاء حكم أهل دار الحرب في قتلهم وأخذ[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']مالهم …) إلى أن قال : ( ومنه تعلم أن من يدخل تحت جوارهم وأمانهم من غير إعانة لهم[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']بنفسه ولا بماله ، ولا يكون لهم عينا ولا ردءا دونهم ، لا يباح قتله ، وإنما هو عاص[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']بمعصية لا تبيح ما عصمه الإسلام من دمه وماله[/FONT][/FONT])
[FONT='Arial','sans-serif']إلى أن قال ( ومنهم من لجأ[FONT='Arial','sans-serif']للمسلمين وصار يقاتل العدو معهم وهو مع ذلك يعين العدو خفية ، ويعلمه بأحوال عساكر[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']المسلمين ، ويطلعه على عوارتهم ، ويتربص بهم الدوائر ، وقد اطلع لهم على كتب كتبها[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']في ذلك الوقت كثير من مشايخهم المعروفين عندهم بالأجداد ، يذكرون العدو وعهده ،[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']ويعلمونه ببقائهم عليه ، وانتظارهم الفرج ، مع تضعيفهم لجيوش المسلمين وتوهينهم[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']إياهم؛ وحكم أولئك حكم الزنادقة ، إن اطلع عليهم قتلوا وإلا فأمرهم إلى الله[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']تعالى[/FONT][/FONT]).
[FONT='Arial','sans-serif']قال الطرابلسي تعليقا : (فليحفظ فإنه مهم ، وقواعد مذهبنا لا تأباه ،[FONT='Arial','sans-serif']والله تعالى أعلم[/FONT].).[/FONT]

[FONT='Arial','sans-serif']الشيخ صالح الفوزان حفظه الله</SPAN>[/FONT] :
(
[FONT='Arial','sans-serif']ومن مظاهر موالاة الكفار إعانتهم[FONT='Arial','sans-serif']ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم وهذا من نواقض الإسلام وأسباب الردة نعوذ[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']بالله من ذلك). الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص 351[/FONT][/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']وقال الشيخ سفر الحوالي حفظه الله</SPAN>[/FONT]:
(
[FONT='Arial','sans-serif']إن نصرة
[FONT='Arial','sans-serif']الكفار على المسلمين بأي نوع من أنواع المناصرة ولو كانت بالكلام المجرد هي كفر[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']بواح ، ونفاق صراح ، وفاعلها مرتكب لناقض من نواقض الإسلام - كما نص عليه أئمة[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']الدعوة وغيرهم - غير مؤمن بعقيدة الولاء والبراء[/FONT]).[/FONT]

[FONT='Arial','sans-serif']وقال الشيخ سلمان بن فهد العودة حفظه الله</SPAN>[/FONT] :
(
[FONT='Arial','sans-serif']الولاء للمؤمنين وعدم إعانة[FONT='Arial','sans-serif']الكافرين عليهم ، إذ أن الحكم في مناصرة الكافرين على المسلمين ، وتولي اليهود[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']والنصارى جليٌّ مُشرق لا لبس فيه ولا غموض ، تواردت عليه آيات الكتاب ، وأبدأَ[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']القرآن فيه وأعاد " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين" وقال تعالى[/FONT] "[FONT='Arial','sans-serif']يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة . . " ولذا[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']عدّ العلماء تولي الكافرين ومظاهرتهم على المسلمين انسلاخاً من الدين ، قال شيخ[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في نواقض الإسلام : "الناقض الثامن[/FONT] : [FONT='Arial','sans-serif']مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله - تعالى - : " ومن يتولهم[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']منكم فإنه منهم" وقال الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله – "الكفار الحربيون لا[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']تجوز مساعدتهم بشيء ، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقض الإسلام لقوله - عز وجل[/FONT] - : " [FONT='Arial','sans-serif']ومن يتولهم منكم فإنه منهم" أ.هـ[/FONT] ).[/FONT]

[FONT='Arial','sans-serif']وقال الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف</SPAN>[/FONT]
(
[FONT='Arial','sans-serif']وأما مظاهرة الكفار على المسلمين ، فالمقصود بها أن يكون[FONT='Arial','sans-serif']أولئك أنصارا وظهورا وأعوانا للكفار ضد المسلمين ، فينضمون إليهم ، ويذبون عنهم[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']بالمال والسنان والبيان ، فهذا كفر يناقض الإيمان . وهذا ما يسميه بعض العلماء[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']ب"التولي" ويجعلونه أخص من عموم الموالاة ، كما هو عند بعض أئمة الدعوة السلفية في[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']نجد ، مع أن جمهورا من المفسرين يفسرون التولي بالموالاة ) إلى أن قال : ( وعلى كل[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']فلا مشاحة في الاصطلاح ، فالمهم أن مظاهرة الكفار ونصرتهم والذب عنهم يناقض الإيمان[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']سواء سمي ذلك توليا أم موالاة . إن مظاهر الكفار ضد المسلمين خيانة لله تعالى[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين[/FONT]).[/FONT]


[FONT='Arial','sans-serif']قال الأمين حاج محمد[/FONT]
أخطر صور الموالاة الكفرية في هذا العصر
صور الموالاة الكفرية كثيرة جداً، ولكن سنشير في هذه العجالة إلى أكثرها ضرراً وأعظمها خطراً، نصحاً لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، لجهل بعض من يمارسها بخطورتها، لعل الله ينفع بذلك، فالذكرى تنفع المؤمنين، وتعذر الناصحين، وترفع غضب رب العالمين.
من ذلكم ما يأتي:
1. القتال معهم، سيما ضد المسلمين.
2. التجسس ضد المسلمين لصالح الكافرين.
3. الدخول معهم في أحلاف، سيما ضد طائفة من المسلمين.
4. السماح لهم بإنشاء قواعد عسكرية في ديار الإسلام.
5. تولي الحكم نيابة عنهم في البلاد التي اغتصبوها من المسلمين، كما هو الحال في أفغانستان، والعراق، والشيشان، وغيرها من البلدان.
6. العمل على تنفيذ مخططاتهم.
7. عقد المؤتمرات والندوات لتهيئة الجو للتعايش السلمي معهم في ديار الإسلام.
8. العمل وتولي المناصب القيادية في المنظمات الدولية التي يهيمن عليها الكفار برئاسة أمريكا، حيث لا يلي ذلك إلا من وثق به الكفار واطمأنوا له.
9. فتح الأجواء والطرق البرية والمياه الإقليمية لطائرات العدو وسفنهم لغزو ديار الإسلام.
10. الخضوع والاستكانة والتنازل لهم مقابل البقاء في الحكم أطول مدة ممكنة
والله أسأل أن ينفعنا بالذكرى، وأن ييسرنا لليسرى، وأن يرينا وجميع إخواننا المسلمين الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يؤلف بين قلوب المسلمين ويهديهم سبل السلام، وأن يردنا إليه رداً جميلاً، وأن ينتقم من أعداء الملة والدين.
وآخر دوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
</SPAN>
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-10-2008, 02:17 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بيان حكم من والى الكفار أو أعانهم في حربهم

الكاتب: مجموعة من العلماء
.poem {font-size:14pt;font-family:'Simplified Arabic';color:rgb(0, 0, 0);}
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما بلا اعوجاج، وجعله عصمة لمن تمسك به واعتمد عليه في الاحتجاج، وأوجب فيه مقاطعة أهل الشرك بإيضاح الشرعة والمنهاج، والصلاة والسلام على محمد الذي مزق الله ظلام الشرك بما معه من السراج، وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا الكفار وباينوهم من غير امتزاج ..

أما بعد :

فإن واجب النصيحة متعين للمسلمين، كما في حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : ( بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ) متفق عليه، ورواه البخاري في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم , وقوله تعالى (إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ) اهـ .

فإن من أعظم البلايا وأكبر الرزايا أن يصاب الرجل في عقيدته , ويسب نبيه , ويهان دينه , ويُقاتل أهلُ ملته , وتداس كرامتهم على يد نصرانيٍّ أغلف يزعم أن لله صاحبة وولداً , أو أنه ثالث ثلاثة تعالى الله الفرد الصمد، ثم بعد ذلك ينساق وراءه، وينظم في لواءه، ليقتل فداءً له، وحماية لمصالحه الدنيوية، فيبيع دينه بدنيا غيره، ثم يدّعي أنه مسلم بعد هذا كله، وأنه محبٌ لله ورسوله وللمؤمنين ...

ولكن الأمر كما قال ابن القيم رحمه الله :


أتُحب أعداءَ الحبيبِ وتدعي حبـاً له مـا ذاك في إمكـان

أو كما قيل :


تُحبُّ عدوي ثم تزعم أنني صديقك إنِّ الوِّدَّ عنك لعازبُ

فهذه رسالة موجهة إلى جميع العاملين من مدنيين وعسكريين ممن أرادوا المشاركة تحت لواء النصارى الأمريكان والإنجليز، بريطانيا، ونحوهم في حملتهم الصليبية ضد إخواننا المسلمين المستضعفين في العراق :

فليعلم كل مسلم أن الدخول تحت راية النصارى الكفار والقتال معهم وإعانتهم بأي نوع من أنواع الإعانة : كالقتال معهم، أو أن يكون قوة إسنادٍ لهم، أو يقوم بتأمين خطوط الإمداد، أو تأمين خطوط التموين وجلب الطعام والشراب لهم، أو يقوم بنقلهم من موضعٍ إلى غيره، أو سهل ذلك لهم، أو قام على حراستهم، أو قام بتحديدأورسم الإحداثيات، أو بإرسال الإشارات وتنسيق الاتصالات، أو غير ذلك، مما يساعد في إدارة العمليات القتالية، أو أشار عليهم برأي، وغير ذلك من أوجه المساعدة والإعانة فقد كفر بالله العظيم، وارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام بالإجماع .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في (فتاواه) (1/274) : "وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، كما قال الله سبحانه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .

وقد ألفّ العلماء في هذه المسألة التآليف وأفردوا لها التصانيف :

فمنهم الشيخ العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه لله حيث ألف كتاب : [ أوثق عرى الإيمان ] ، [ حكم موالاة أهل الإشراك ] .

وأيضا العلامة حمد بن عتيق رحمه الله حيث ألف كتاب [ سبيل النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك ]، وذلك عندما قام كثير من القبائل بمساعدة المشركين والنصارى في القتال ضد المسلمين وإعانتهم على ذلك، فحكموا بكفرهم وردتهم، ولنكتف ببعض ما نقلاه :

أولا : قال العلامة سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله في مقدمة رسالته : [ حكم موالاة أهل الإشراك ] :

( اعلم رحمك الله أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفا منهم , ومداراة لهم , ومداهنة لدفع شرهم، فإنه كافر مثلهم , وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين , هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك , فكيف إذا كان في دار منعة واستدعى بهم ودخل في طاعتهم وأظهر الموافقة على دينهم الباطل وأعانهم عليه بالنصرة والمال ووالاهم وقطع الموالاة بينه وبين المسلمين وصار من جنود، لقباب والشرك وأهلها بعد ما كان من جنود الإخلاص والتوحيد وأهله، فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عداوة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم , ولا يستثنى من ذلك إلا المكره وهو : الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له اكفر أو افعل كذا وإلا فعلنا بك وقتلناك , أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان , وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلا أنه يكفر , فكيف بمن أظهر الكفر خوفا وطمعا في الدنيا وأنا أذكر بعض الأدلة بعون الله على ذلك وتأييده :

الدليل الأول :
قوله تعالى (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) فأخبر تعالى أن اليهود والنصارى وكذلك المشركون لا يرضون عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتبع ملتهم , ويشهد أنهم على حق ثم قال تعالى (قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ), وفي الآية الأخرى (إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ), فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لو يوافقهم على دينهم ظاهرا من غير عقيدة القلب لكن خوفا من شرهم ومداهنة كان من الظالمين , فكيف بمن أظهر لعباد القبور والقباب أنهم على حق وهدى مستقيم فإنهم لا يرضون إلا بذلك ?.هـ. ونقول كيف بمن أظهر لأمريكا وحلفائها أنهم على حق في حملتهم هذه على المسلمين .

الدليل الثاني :
قوله تبارك وتعالى (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً) فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء وأصدقاء وأصحابا من دون المؤمنين , وإن كانوا خائفين منهم , وأخبر أن من فعل ذلك فليس من الله في شيء , أي : لا يكون من أولياء الله الموعودين بالنجاة في الآخرة , إلا أن تتقوا منهم تقاة وهو أن يكون الإنسان مقهورا معهم لا يقدر عن عداوتهم فيظهر لهم المعاشرة والقلب مطمئن بالبغضاء والعداوة فكيف بمن اتخذهم أولياء من دون المؤمنين من غير عذر, استحبابَ الحياة الدنيا على الآخرة والخوف من المشركين وعدم الخوف من الله , فما جعل الله الخوف منهم عذرا بل قال تعالى (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) . فكيف بمن اتخذ أمريكا وحلفائها أولياء من دون المؤمنين من غير عذر , استحباباً للحياة الدنيا وادعاء الخوف منهم وادعاء المصالح المشتركة أو الشرعية الدولية زعموا .

الدليل الثالث :
قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ , ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ , فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ , ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) فذكر تعالى عن المرتدين على أدبارهم أنهم من بعد ما تبين لهم الهدى ارتدوا على علم ولم ينفعهم علمهم بالحق مع الردة وغرّهم الشيطان بتسويله وتزيين ما ارتكبوه من الردة , وهكذا حال هؤلاء المرتدين في هذه الفتنة غرهم الشيطان وأوهمهم أن الخوف عذر لهم في الردة وأنهم بمعرفة الحق والشهادة به , لا يضرهم ما فعلوه , ونسوا أن كثيرا من المشركين يعرفون الحق ويحبونه ويشهدون به , ولكن يتركون متابعته والعمل به، محبة للدنيا وخوفا على الأنفس والأموال والمآكل والرئاسات .

ثم قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) فأخبر تعالى أن سبب ما جرى عليهم من الردة وتسويل الشيطان وإملاءه لهم هو : قولهم للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر , فإذا كان من وعد المشركين الكارهين لما أنزل الله بطاعتهم في بعض الأمر كافرا , وإن لم يفعل ما وعدهم به , فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما أنزل الله من الأمر بعبادته وحده لا شريك له , وعبادة ما سواه من الأنداد والطواغيت والأموات , وأظهر أنهم على هدى , وأن أهل التوحيد مخطئون في قتالهم , وأن الصواب في مسالمتهم والدخول في دينهم الباطل، فهؤلاء أولى بالردة من ألئك الذين وعدوا المشركين بطاعتهم في بعض الأمر , ثم أخبر عن حالهم الفضيع عند الموت (ذَلِكَ) الأمر الفضيع عند الوفاة (بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ), ولا يستريب مسلم أن اتباع المشركين والدخول في جملتهم والشهادة أنهم على حق ومعاونتهم على زوال التوحيد وأهله ونصرة القباب والقحاب واللواط , من اتباع ما يسخطه الله وكراهة رضوانه , وإن ادعوا أن ذلك لأجل الخوف فإن الله ما عذر أهل الردة بالخوف من المشركين بل نهى عن خوفهم , فأين هذا ممن يقول ما جرى منا شيء ونحن على ديننا اهـ باختصار شديد جدا .

ثانيا : وقال العلامة حمد بن عتيق رحمه الله :

( فأما معاداة الكفار والمشركين , فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك , وأكد إيجابه , وحرم موالاتهم وشدد فيها , حتى إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده ... قال تعالى (تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ , وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) .

قال شيخ الإسلام :

فبين سبحانه أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه ملتزم بعدم ولايتهم , فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان، لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم .
قلت : رتب الله تعالى على موالاة الكافرين سخطه والخلود في العذاب , وأخبر أن ولايتهم لا تحصل إلا ممن ليس بمؤمن وأما أهل الإيمان بالله وكتابه ورسوله فإنهم لا يوالونهم , بل يعادونهم , كما أخبر الله عن إبراهيم والذين معه من المرسلين قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ , فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) فنهى سبحانه وتعالى المؤمنين أن يوالوا اليهود والنصارى , وذكر أن من تولاهم فهو منهم أي : من تولى اليهود فهو يهودي , ومن تولى النصارى فهو نصراني , وقد روى ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : قال عبد الله بن عتبة ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر , قال فضنناه يريد هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء) إلى قوله (فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) وكذلك من تولى المشرك فهو مشرك , ومن تولى الأعاجم فهو أعجمي , فلا فرق بين من تولى أهل الكتابين وغيرهم من الكفار , ثم أخبر تعالى أن الذين في قلوبهم مرض , أي : شك في الدين وشبهة يسارعون في الكفر قائلين : (نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ) أي إذا أنكرت عليهم موالاة الكافرين , قالوا : نخشى أن تكون الدولة لهم في المستقبل , فيتسلطون علينا فيأخذون أموالنا , ويشردوننا من بلداننا , وهذا هو ظن السوء بالله الذي قال فيه (الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) .

ولهذا قال تعالى في هذه الآية : (فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) وعسى من الله واجب , والحمد لله الذي أتى بالفتح فأصبح أهل الظنون الفاسدة على ما أسروا في أنفسهم نادمين , وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) فنهى سبحانه المؤمنين عن موالاة أهل الكتابين وغيرهم من الكفار , وبين أن موالاتهم تنافي الإيمان , وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ , قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) فنهى سبحانه وتعالى المؤمن عن موالاة أبيه وأخيه - اللذين هما أقرب الناس إليه - إذا كان دينهما غير الإيمان وبين أن الذي يتولى أباه وأخاه إذا كانا كافرين فهو ظالم , فكيف بمن تولى الكافرين الذين هم أعداء له ولآبائه ولدينه أفلا يكون هذا ظالم , بلى والله إنه لمن أظلم الظالمين , ثم بين تعالى أن هذه الثمانية لا تكون عذرا في موالاة الكافرين , فليس لأحد أن يواليهم خوفا على أبيه أو أخيه، ? بلاده أو ماله أو مشحته بعشيرته أو مخافته على زوجاته , فإن الله قد سد على الخلق باب الأعذار بأن هذا ليس بعذر ...

ثم قال رحمه الله : والأشياء التي يصير بها المسلم مرتدا , فعد منها الشرك , ثم قال : الثاني : إظهار الطاعة والموافقة للمشركين على دينهم , والدليل قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ , ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ , فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ , ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) ... وكلام العلماء رحمهم الله تعالى في هذا الباب لا يمكن حصره , حتى إن بعضهم ذكر أشياء أسهل من هذه الأمور , وحكموا على مرتكبها بالارتداد عن الإسلام , وأنه يستتاب منها , فإن تاب وإلا قتل مرتدا ولم يغسل ولم يصل عليه ولم يدفن مع المسلمين , وهو مع ذلك يقول لا إله إلا الله , ويفعل الأركان الخمسة , ومن له أدنى اطلاع ونظر على كلام أهل العلم , فلا بد أن يكون قد بلغه بعض ذلك , وأما هذه الأمور التي تقع في بعض الأزمان من المنتسبين إلى الإسلام , بل من كثير ممن ينتسب إلى العلم فهي من قواصم الظهور وأكثرها أعظم وأفحش مما ذكره العلماء من المكفرات , ولولا ظهور الجهل وخفاء العلم وغلبة الأهواء لما كان أكثرها محتاجا لمن ينبه عليه اهـ .باختصار وتصرف .

ويجب على المسلم عسكريا كان أم مدنيا أن لا يُقاتل إلا تحت راية إسلامية لا راية جاهلية، فكيف إذا قاتل تحت راية صليبية حاقدة، وقد جاءت الأحاديث بالوعيد لمن قاتل تحت راية جاهلية :

فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ومن قاتل تحت راية عُمّية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلتة جاهلية ) رواه مسلم , وفي لفظ له ( ليس من أمتي )? والشاهد قوله ( أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية )، ?القتال تحت راية الأمريكان أو هيئة الأمم الطاغوتية المحادة والمحاربة لله ورسوله , ذات الأهداف الصليبية الحاقدة , قتال تحت راية عمية جاهلية ملحدة .

وقد أوجب الله أن يكون القتال لإعلاء كلمة الله , كما في الحديث ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى .

نسأل الله أن يوفق ويهدي ضال المسلمين إلى الحق والأخذ به، وأن ينصر المجاهدين والقائمين في نصرة هذا الدين , وأن يخذل أعداء هذا الدين من النصارى واليهود ومن أعانهم وساعدهم , إنه ولي ذلك والقادر عليه .


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الموقعون
1- علي بن خضير الخضير .
2- ناصر بن حمد الفهد .
3- أحمد بن حمود الخالدي .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-18-2008, 05:23 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم

فتوى علماء المغرب حول دخول المغرب ودول العالم الإسلامي في الحـلف الذي دعت إليه أمريكا ضد الإرهاب


الحمد لله رب العالمين، وصلاة الله وسلامه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد؛ فنظرا لما يجتازه العالم اليوم إثر وقوع الهجمات بالطائرات على عدة مدن أمريكية، والتي تسبب عنها مقتل الآلاف من المدنيين.

ونظرا لعزم الولايات المتحدة الأمريكية على إنشاء حلف عالمي يقوم بمحاربة الإرهاب عالميا وبشتى الوجوه، وإقحام جميع الدول العربية والإسلامية – على الخصوص – في هذا الحلف، جنبا إلى جنب مع العدو الصهيوني الغاشم، وإعلانها على لسان رئيسها جورج بوش بأنها حرب صليبية ضد الإرهاب، كما تناقلت ذلك مختلف وسائل الإعلام العالمية.

ونظرا لجزم الحكومة الأمريكية بنسبة هذا الهجوم إلى جماعات مسلمة تصفها بالإرهابية والمتطرفة، من غير وجود أي دليل على انخراط تلك الجماعات فيه، وعزمها على ضرب عدة دول إسلامية شقيقة وجارة، بحجة إيوائها لتلك الجماعات؛ كأفغانستان واليمن ولبنان، والسودان والعراق والجزائر، حسبما تناقلته مختلف وسائل الإعلام، مما يتسبب عنه مقتل مئات الآلاف من المسلمين الأبرياء.

ونظرا لأن لفظة الإرهاب لفظة مطاطة تشمل جميع من يعمل ضد المصالح الأمريكية والغربية والصهيونية، سواء كان مقاوما لتحرير بلاده ( كحماس والجهاد وحزب الله )، أو كان غير ذلك.

ونظرا لما يقتضيه الدخول في مثل هذا الحلف من وضع الأراضي المغربية والإسلامية تحت تصرف الجيوش الأمريكية، وجعلها قواعد تنطلق منها الطائرات والبوارج الأمريكية ضد إخواننا المسلمين، ما يتسبب عنه أضرار واضطرابات دينية وقومية واجتماعية واقتصادية، ومشاكل غير منتهية مع دول الجوار، وأشقائنا في الدين وفي منظمة المؤتمر الإسلامي، وجامعة الدول العربية..

ونظرا لما قلدنا الله – معشر العلماء – من مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى:  كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله .] آل عمران:110 [، وقال عز من قائل:  وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتب لتبيننه للناس ولا تكتمونه .] آل عمران:187 [، وقال سبحانه:  لعن الذين كفروا من بني إسرئيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون .] المائدة: 78 - 79 [،

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى آله، فيما رواه عنه البزار والطبراني في "الأوسط" بسند حسن عن أبي هريرة – رضي الله عنه: (( لتأمرن بالمــعروف ولتنــهــون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم ))، وأخرج البزار والطبراني – كذلك – عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله؛ أتهلك القرية وفيها الصالحون ؟، قال: ((نعم))، قيل: بم يا رسول الله ؟. قال: (( بتهاونهم وسكوتهم على معاصي الله )).

فنظرا لجميع ما مر، وأن الدخول في حلف مع أمريكا هو استعانة بالكافر على المسلم، بل أفظع منه؛ حيث هو إعانة للكافر على المسلم، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين .] آل عمران:149 [، وقال سبحانه:  لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله .] المجادلة: 22 [، وقال جل أمره:  يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم .] المائدة:51 [، وقال عز من قائل:  ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون .] هود:113 [، وقال جل وعز:  لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء .] آل عمران:28 [، وقال وهو أصدق القائلين:  ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا .] النساء:141 [.

ولقول نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى آله بخصوص عدم جواز الاستعانة بغير المسلم على غير المسلم فأحرى على المسلم، فيما روى الإمام أحمد ومسلم عن عائشة – رضي الله عنها – لما أراد أحد المشركين القتال معه في بعض غزواته: (( ارجع؛ فلن أستعين بمشرك))، وقوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله، فيما أخرجه الإمام مسلم كذلك، وأبو داود وابن ماجه بسند صحيح عن عائشة – رضي الله عنها كذلك: (( إنا لا نستعين بمشرك ))، وفي مستدرك الحاكم وصححه، عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله: (( إنا لا نستعين بالمشركين ))، وقوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله بخصوص عدم جواز خذلان المسلم وتسليمه للظلمة وغير المسلمين، فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه - مرفوعا: (( المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ))، وروى البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر عن نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى آله قوله: (( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ))، وأخرج أحمد وأبو داود بسند حسن عن جابر وأبي طلحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله: (( ما من امريء يخذل امرأ مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته... ))، وقال نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى آله، بخصوص وحدة المسلمين مطلقا، وعدم جواز تفضيل غيرهم عليهم في أي حال من الأحوال، فيما رواه عنه ابن ماجه والطبراني من طريق معقل بن يسار – رضي الله عنه: (( المسلمون يد على من سواهم ))، بل حذر نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى آله، بخصوص هذه النازلة، فيما أخرجه البيهقي من طريق ابن عمر – رضي الله عنهما - بقوله: (( من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة؛ كتب بين عينيه يوم القيامة: آيس من رحمة الله... )). ولا شك أن تعاونا مثل هذا يفضي إلى إزهاق أرواح عشرات الآلاف من المسلمين البرآء.

وقد أجمع علماء المسلمين على وجوب نصرة المسلمين، وعدم التعاون مع غيرهم عليهم، حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنه صلى الله عليه وسلم: (( المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم )).

وعلى هذا المعنى من وجوب التناصر بين المسلمين، وأنهم يد على من سواهم؛ تضافرت الآيات والأحاديث المتواترة، مما هو معلوم من الدين ضرورة، ووقع به الإجماع من سائر علماء الملة؛ لم يخالف فيه أحد.

بل عد جمهور علمائنا المالكية التعاون مع الكافر على المسلم كفرا بالله تعالى، وخروجا من الملة؛ قال شيخ الإسلام جعفر بن إدريس الكتاني في كتابه "الدواهي المدهية للفرق المحمية" ص 110: (( وأما الاستعانة بالمشركين على المسلمين؛ فلا تخطر إلا على بال من قلبه وراء لسانه ))، وقال الإمام محمد بن جعفر الكتاني في كتابه "النصيحة" ص 141: (( وأما الاستعانة بهم – أي: غير المسلمين – على قتال المسلمين؛ فلا يكاد يصدر من مسلم، ولا يخطر جوازه إلا على بال من قلبه وراء لسانه ))، وقال مفتي مراكش وقاضي الجماعة بها أبو مهدي عيسى السكتاني ضمن فتوى حول الاستعانة بالكفار على المسلمين: (( ثم إذا استعان عليهم بالنصارى وعبدة الأوثان – كما ذكر في السؤال – فالأمر أشد وأفظع، وخرق متسع لا يكاد يرقع )) ، ثم نقل فتوى جمهور علماء المالكية في المغرب والأندلس الآتية الذكر. ( المعيار الجديد للوازاني 3/23 طبع وزارة الأوقاف )، قال الإمام خليل بن إسحاق في مختصره عطفا على المحرمات: (( واستعانة بمشرك )) ، وقد ذكر إمام المالكية في زمانه البرزلي في كتاب القضاء من نوازله: أن أمير المؤمنين علي بن يوسف بن تاشفين اللمتوني استفتى علماء زمانه – وهم من هم – في انتصار ابن عباد الأندلسي بالكتب إلى الإفرنج ليعينوه على المسلمين؛ فأجابه جلهم بردته وكفره. فيعد هذا شبه إجماع لجمهور علماء المسلمين في المغرب والأندلس وتونس والجزائر، ولم يخالف أحد في أنه من أعظم الكبائر الموجبة لسخط الله تعالى. وقال إمام المذهب سحنون: (( من أهدى للمشركين سلاحا؛ فقد أعان واشترك في دماء المسلمين)) ، وقال إمام التابعين الحسن البصري: (( من حمل إليهم الطعام فهو فاسق، ومن باع منهم السلاح؛ فليس بمؤمن )). وسئل الإمام السراج عمن يبيع المسلمين للنصارى؛ فأجاب: (( بأن الرجل إذا اطلع عليه أنه يبيع المسلمين للنصارى؛ فإنه يقتل )).( المعيار الجديد: 3/ 43 ).

ونقل هذه الفتاوى كافة علماء ومفتي المغرب عبر التاريخ وأقروها؛ كمفتي المغرب المهدي الوزاني، والزيات في نوازله، وشراح المختصر الذين هم رواد القانون الإسلامي منذ مئات السنين من علماء شمال إفريقيا والحجاز وغيرها، كالحطاب والخرشي والزرقاني، والتاودي ابن سودة وابن الحسن بناني والرهوني... وغيرهم.

هذا هوحكم الله تعالى، وحكم رسوله – صلى الله عليه وسلم وعلى آله – وإجماع أئمة الإسلام، خاصة أئمة مذهبنا المالكي الذي ندين – معشر المغاربة – به منذ ألف ومائتي عام، الذي حذرنا الله من مخالفته بقوله تعالى:  أفحــكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون .] المائدة:50 [، وقوله تعالى:  فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما .] النساء: 65 [، وقولــه جــــل من قائل:  ومن لــم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافــــرون .] المائدة:44 [، وفي أخــرى:  فأولــئــك هم الظالمون .] المائدة: 45 [،وفي آية أخرى:  فأولئك هم الفاسقون .] المائدة:47 [.

وعلى ضوء ذلك نقرر ما يلي:

- لا يجوز دخول المغرب – حكومة وشعبا – في الحلف الذي دعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب، بمفهومها الخاص ذي المعايير المزدوجة، ولا أي حلف من الأحلاف يستهدف العدوان على جماعة أو دولة مسلمة، وأن الدخول في مثل هذا الحلف كبيرة من أعظم الكبائر، بل ردة وكفر حسب الـكتاب والســـنة وجمهــور علــمائنا.

- نعلن حرمة صلاة أي مسلم في كنيسة نصرانية، أو بيعة يهودية، بممارسة طقوسها الدينية، وأن ذلك كبيرة من أعظم الكبائر، وطعن في أهم مقدسات المغرب الذي هو دولة إسلامية بنص الدستور، وبواقع تاريخه منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا.

- ندعوا المغاربة والمسلمين عامة – حكومات وشعوبا – بأن يكونوا في مستوى الوعي الكامل تجاه المخططات الاستعمارية ضد الإسلام والمسلمين، وقد قال تعـالى:  ولن ترضى عنك اليهود ولا النصرى حتى تتبع ملتهم .] البقرة:120 [. وحذرنا منهم بقوله:  قــد بــدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر .] آل عمران:118 [.

- نندين ونستنكر ما قامت به وزارة الأوقاف من قلب النصوص الشرعية، وإلباس الحق بالباطل في خطبة الجمعة السياسية التي أجبرت خطباء مساجد المغرب على إلقائها بتاريخ الجمعة 14 – 9 – 2001 بمناسبة الأحداث التي وقعت في أمريكا، والذي يعتبر عدوانا على حرية الأئمة وخطباء المساجد، وتحريفا لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

- ننعبر عن تأثرنا لما أصاب الشعب الأمريكي من وراء الهجمات على واشنطن ونيويورك، داعين الحكومة الأمريكية إلى البحث عن أسباب كراهية الشعوب لها، وإعادة النظر في سياساتها الدولية بما يحقق الأمن والسلام الحقيقيين لجميع شعوب الأرض...

 هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب 

الرباط في: 29 جمادى الثانية عام 1422 هـ.
الموافق: 18- 9 – 2001 م .
توقيع العلماء

1) الدكتور إدريس بن الشيخ محمد بن جعفر الكتاني.(أحد مؤسسي رابطة علماء المغرب عام 1961، مؤسس وكاتب عام نادي الفكر الإسلامي، أستاذ الجيل، متخصص في العلوم الإسلامية والعلوم الاجتماعية ).

2) عبد الله بن عبد القادر التليدي. (مدير المعهد الإسلامي بطنجة، خادم الحديث النبوي بالديار المغربية ). (أنزل بيانا يتراجع عن الفتوى وينفي توقيعه عليها)

3) مصطفى بن محمد النجار. ( عضو رابطة علماء المغرب، مدرس بالجامع الأعظم وغيره من مساجد سلا).

4) محمد بن الأمين أبو خبزة (خطيب ومدرس بمساجد تطوان).

5) محمد بن الحسن الﮕنوني. ( خريج دار الحديث الحسنية، وعضو المجلس العلمي بسلا، وعضو رابطة علماء المغرب ). (أنزل بيانا يتراجع عن الفتوى وينفي توقيعه عليها)

6) مصطفى بن الحسن الﮕنوني.(خريج دار الحديث الحسنية، وعضو المجلس العلمي بسلا، وعضو رابطة علماء المغرب ). (أنزل بيانا يتراجع عن الفتوى وينفي توقيعه عليها)

7) محمد السعيدي الجردي. (خطيب ومدرس في طنجة). (أنزل بيانا يتراجع عن الفتوى وينفي توقيعه عليها)

8) الحسن بن علي بن المنتصر الكتاني.(ماجستير من جامعة آل البيت بالأردن في الفقه والأصول، خطيب ومدرس بمساجد الرباط وسلا).

9) عمر بن مسعود بن عمر الحدوشي، وله تحفظ على البند الأخير. (خطيب ومدرس في تطوان).

10) البشير بن محمد عصام. وله تحفظ على البند الأخير (خطيب ومدرس ببعض مساجد الرباط وسلا ).

11) هشام بن عبد السلام التمسماني. (خطيب ومدرس ببعض مساجد طنجة والأندلس).

12) عبد القادر بن الصديق الغماري. ( إمام ومدرس وخطيب ببعض مساجد الرباط). (أنزل بيانا يتراجع عن الفتوى وينفي توقيعه عليها)

13) محمد السحابي. ( خريج دار الحديث الحسنية، قائم على مدرسة التوحيد القرآنية، ومدرس بها بمدينة سلا ).

14) أحمد أمزو ( خطيب ومدرس بطنجة ).

15) الفاطمي بن محمد بن إدريس الكتاني. ( من علماء فاس ).

16) عبد العزيز البراق. وله تحفظ على البند الأخير ( خطيب وواعظ ببعض مساجد طنجة ). (أنزل بيانا يتراجع عن الفتوى وينفي توقيعه عليها)
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07-01-2008, 04:23 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي



كلام للشيخ أبو بصير في الموالاة التي تخرج صاحبها من الملة

الموالاة التي تخرج صاحبها من الملة: وصفتها أن يظاهر المشركين
الكافرين بالسنان واللسان ـ مظاهرة صريحة ـ ضد المسلمين، فيعمل على نصرتهم وعلى تقوية شوكتهم ودولتهم ضد المسلمين الموحدين!
فهذا النوع من الموالاة كفر أكبر يُخرج صاحبه من الملة، وإليك الدليل على ذلك:
الدليل الأول: قال تعالى:) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين (المائدة:51.
فدلت الآية أن من يدخل في موالاتهم هو منهم؛ أي كافر مثلهم، قال القرطبي في التفسير:) فإنه منهم ( بين تعالى أن حكمه كحكمهم؛ وهو يمنع الميراث للمسلم من المرتد .. وجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم، فصار منهم أي من أصحابهم ا- هـ.
ومن جملة نواقض الإسلام العشرة التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، واستدل بقوله تعالى:) ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين (.
قال سيد رحمه الله في الظلال: يحسن أن نبين أولاً معنى الولاية التي ينهى الله الذين آمنوا أن تكون بينهم وبين اليهود والنصارى .. إنها تعني التناصر والتحالف معهم، ولا تتعلق بمعنى اتباعهم في دينهم، فبعيد جداً أن يكون بين المسلمين من يميل إلى اتباع اليهود والنصارى في الدين إنما هو ولاء التحالف والتناصر .
وفي قوله تعالى ) فإنه منهم ( قال: فإنه إذا كان اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض فإنه لا يتولاهم إلا من هو منهم . والفرد الذي يتولاهم من الصف الإسلامي يخلع نفسه من الصف، ويخلع عن نفسه صفة هذا الصف " الإسلام "وينضم إلى الصف الآخر.
فما يمكن أن يمنح المسلم ولاءه لليهود والنصارى ـ وبعضهم أولياء بعض ـ ثم يبقى له إسلامه وإيمانه، وتبقى له عضويته في الصف المسلم، الذي يتولى الله ورسوله والذين آمنوا ا- هـ.
الدليل الثاني: قال تعالى:) إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا . إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً . فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفورا ( النساء:97-99.
وقال تعالى:) الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السَّلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون . فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين (النحل:28-29.
والذي عليه جمهور أهل العلم والتفسير أن هذه الآيات نزلت بسبب قومٍ قد أسلموا إلا أنهم آثروا البقاء مع المشركين في مكة ـ شحاً بالموطن والسكن ـ على الهجرة إلى النبي r في المدينة المنورة، فأكرهوا يوم بدر على الخروج لقتال المسلمين، وكان بعضهم قد قتل مع من قتل من مشركي قريش، فماتوا وهم كفار، لقوله تعالى:) فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين ( وهذا وعيد لا يُطلق إلا بحق الكافرين.
أخرج البخاري عن عكرمة مولى ابن عباس، قال: أخبرني ابن عباس أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله r يأتي بالسهم يُرمى به فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب عنقه فيُقتل، فأنزل الله:) إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم .. (.
وقال القرطبي في التفسير5/349: عن عكرمة قال: كان ناس بمكة أقروا بالإسلام ولم يهاجروا، فأخرج بهم كرهاً إلى بدر، فقُتل بعضهم، فأنزل الله فيهم:) الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم .. ( ا- هـ.
فإن قيل: الإكراه يرفع المؤاخذة عن المكره، فعلام الإكراه هنا لم يرفع عنهم المؤاخذة، ولم يمنع عنهم حكم الكفر ووعيده ..؟!
أقول: لأنهم قبل أن يُكرهوا على الخروج لقتال المسلمين .. وعلى الوقوف في صف المشركين وتكثير سوادهم لم يكونوا من المستضعفين المكرهين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً ..!
وبالتالي ما حصل لهم من إكراه على الخروج للقتال هم سببه .. وكانوا يستطيعون تفاديه بالهجرة وما فعلوا .. لذلك لم يُعذروا.
وكان ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان، ممن عذر الله U .
ومن جملة مظاهرة المشركين التي تخرج صاحبها من الملة ما قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأحفاده: أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن، وهو ليس في سلطانهم، وإنما حمله على ذلك إما طمع في رئاسة أو مالٍ أو مشحةٍ بوطنٍ أو عيالٍ أو خوف مما يحدث في المال، فإنه في هذه الحال يكون مرتداً ولا تنفعه كراهته لهم في الباطن، وهو ممن قال الله فيهم:) ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، وأن الله لا يهدي القوم الكافرين (.[ مجموعة التوحيد:296 ].
الدليل الثالث: قال تعالى:) فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يُضلل فلن تجد له سبيلا . ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يُهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً (النساء:88-89.
أي إن تولوا عن الهجرة إلى المسلمين، وأبوا إلا مظاهرة المشركين وموالاتهم، فخذوهم واقتلوهم .. وإن أظهروا الإسلام، وتكلموا بشهادة التوحيد؛ فإن ما يظهرونه من موالاة ومظاهرة للمشركين يكذب زعمهم بأنهم مسلمون مؤمنون.
وفي سبب نزول الآية ذكر ابن كثير في التفسير عن ابن عباس قوله: أنها نزلت في قوم كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام، وكانوا يُظاهرون المشركين، فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم، فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا منهم بأس . وإن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الجبناء فاقتلوهم، فإنهم يُظاهرون عليكم عدوكم. وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله أو كما قالوا، أتقتلون قوماً قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ولم يتركوا ديارهم نستحل دماءهم وأموالهم ؟ فكانوا كذلك فئتين والرسول عندهم لا ينهى واحد من الفريقين عن شيء، فنزلت:) فما لكم في المنافقين فئتين ( ا- هـ.
فإن قيل: هؤلاء منافقون .. ولا خلاف في كفر المنافق؟!
أقول: هؤلاء منافقون وفي الدرك الأسفل من النار يوم القيامة .. ولكن بما حُكم عليهم بالكفر في الحياة الدنيا، وحُلت دماؤهم وأموالهم لأجله ؟
الجواب: حُكم عليهم بالكفر في الدنيا لمظاهرتهم للمشركين على المسلمين .. بدليل أنهم لو تركوا مظاهرة المشركين على المسلمين، وهاجروا إلى المسلمين لتعين على المسلمين موالاتهم على أنهم مسلمون لمجرد ذلك، وإن كانوا في الباطن لا يزالون منافقين ..!
فدل أن مظاهرة المشركين على المسلمين كفر أكبر مستقل لذاته من وقع فيه وقع في الكفر البواح، وخرج من الملة ولا بد.
قال سيد في الظلال 2/731: إنهم كفروا على الرغم من أنهم تكلموا بما تكلم به المسلمون ونطقوا بالشهادتين نطقاً يكذبه العمل في مظاهرة أعداء المسلمين ا- هـ.
الدليل الرابع: قال تعالى:) ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون . ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون (المائدة:80-81.
أي لو صدقوا في إيمانهم بالله والنبي وما أنزل إليه من الحق لما اتخذوا الكافرين أولياء .. ولما اتخذوهم أولياء دل على كذب ادعائهم ـ بلسانهم ـ أنهم يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ..!
قال ابن تيمية رحمه الله: فبين سبحانه الإيمان بالله والنبي، وما أنزل إليه ملتزم بعدم ولايتهم، فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم


وقال في الفتاوى7/17: فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب. ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه.
ومثله قوله تعالى:) لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم (، فإنه أخبر في تلك الآية أن متوليهم لا يكون مؤمناً وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم، فالقرآن يصدق بعضه بعضاً ا- هـ.
الدليل الخامس: قال تعالى:) لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين . ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ( آل عمران:28.
قال ابن جرير الطبري في التفسير:) فليس من الله في شيء ( يعني بذلك فقد برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ا- هـ.
الدليل السادس: قال تعالى:) أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نُزُلا ( الكهف:102.
وهذا سؤال تقريعي يفيد الاستنكار والتعجب؛ أي أيحسب الكفار أنه يمكنهم أن يتخذوا عباد الله المؤمنين أولياء .. فهذا لا يمكن أن يقع .. ولو وقع لزم خروج من اتخذتموهم أولياء من دائرة عباد الله المؤمنين .. لأن عباد الله المؤمنين ـ بنص كلام الله ـ لا يمكن أن تتخذوهم أولياء!
والقول بإمكانية أن يجمع العبد بين الإيمان وبين اتخاذ الكافرين أولياء .. من لوازمه تكذيب القرآن، ورد هذا النص الصريح الذي يفيد أن الكافر لا
يمكنه أن يتخذ المؤمن ولياً .. ولو استطاع وتمكن من ذلك فهو في حقيقته يتخذ ولياً كافراً مثله .. وليس مؤمناً.
الدليل السابع: قال تعالى:) واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين . ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثلُه كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون (الأعراف:175-176.
وهذه آيات نزلت في رجل من بني إسرائيل زمن موسى u يُقال له " بلعام بن عوراء " قد آتاه الله تعالى العلم والآيات فانسلخ منها وكفر بسبب أنه نصر الكافرين من قومه بالدعاء لهم على المؤمنين المسلمين الذين كانوا مع موسى u ..!
أخرج الطبري في كتابه الجامع عن ابن عباس قال: لما نزل موسى u يعني بالجبارين ومن معه، أتاه ـ يعني بلعام ـ بنو عمه وقومه، فقالوا: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة، وإنه إن يظهر علينا يُهلكنا، فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه، قال: إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخه الله مما كان عليه ـ من الصلاح والعلم ـ فذلك قوله:) فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ( ا- هـ.
وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، قال ابن مسعود وابن عباس: هو بلعام بن عوراء من بني إسرائيل في زمن موسى u ا- هـ.
قلت: إذا كان هذا الرجل " بلعام " قد كفر وانسلخ من آيات الله بعد
أن آتاه الله العلم .. بسبب مناصرته ومظاهرته للكافرين من قومه بالدعاء .. فكيف بمن يناصرهم بالسلاح، ويجعل من بلاد المسلمين قواعد عسكرية للكافرين تنطلق منها طائراتهم وصواريخهم لقتل المسلمين .. وقتل أطفال ونساء المسلمين .. لا شك أنه أولى بالكفر والارتداد عن الدين، وإن زعم بلسانه أنه حامي الحرمين ومن المسلمين!
وممن يُحمل عليهم كذلك حكم الموالاة الكبرى أولئك الذين يُقسمون الأيمان المغلظة ـ من غير إكراه معتبر ـ على الولاء والطاعة للطاغوت الحاكم، ولنظامه، ولدستوره الكافر .. فهؤلاء مثلهم في الكفر والخروج من الدين .. ليسوا من الله، ودينه، وذمته في شيء ..!
قال الشيخ سليمان آل الشيخ في رسالته القيمة " أوثق عرى الإيمان ": من يشير بكف المسلمين عنهم ـ أي عن أهل الكفر والشرك ـ إن كان المراد به أن لا يتعرض المسلمون لهم بشيء لا بقتال، ولا نكال وإغلاظ ونحو ذلك، فهو من أعظم أعوانهم، وقد حصلت له موالاتهم مع بعد الديار، وتباعد الأقطار.
أما قول السائل: هل يكون هذا موالاة نفاق أم يكون كفراً؟
إن كانت الموالاة مع مساكنتهم في ديارهم، والخروج معهم في قتالهم ونحو ذلك، فإنه يحكم على صاحبها بالكفر، كما قال تعالى:) ومن يتولهم منكم فإنه منهم ( ا- هـ.
وقال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في الرسائل المفيدة، 64: وأكبر ذنب وأضله وأعظمه منافاة لأصل الإسلام نصرة أعداء الله ومعاونتهم والسعي فيما يظهر به دينهم وما هم عليه من التعطيل والشرك والموبقات العظام، وكذلك انشراح الصدر لهم وطاعتهم والثناء عليهم، ومدح من دخل تحت أمرهم وانتظم في سلكهم، وكذلك ترك جهادهم ومسالمتهم، وعقد الأخوة والطاعة لهم ا- هـ.
وقال ابن حزم في المحلى 12/33: وصح أن قول الله تعالى:) ومن يتولهم منكم فإنه منهم ( إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين ا- هـ.

{أعمال تخرج صاحبها من الملة}
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-02-2008, 09:34 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

حكم مظاهرة الأمريكان على المسلمين
العراق وغزو الصليب؛ دروس وتأملات
الكاتب: أبو عمر السيف

.poem {font-size:14pt;font-family:'Simplified Arabic';color:rgb(0, 0, 0);}
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد...

فإن الله تعالى أوجب على المسلمين؛ أن يوالي بعضهم بعضاً، وحرم عليهم موالاة الكافرين ومناصرتهم ومظاهرتهم على المسلمين، وجعل موالاة الكافرين ومظاهرتهم على المسلمين؛ من الكفر الأكبر، الذي يخرج صاحبه من الإسلام.

ومن صور هذه الموالاة؛ ما نشاهده اليوم من موالاة البعض للأمريكان ومظاهرتهم على المسلمين، وإعانتهم على احتلال العراق.

فكل من يقاتل بجانب النصارى الأمريكان، أو يقدم لهم التسهيلات، والقواعد التي تنطلق منها القوات الأمريكية لغزو العراق؛ فقد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام.

وقد قال الله تبارك وتعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وقال تبارك وتعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ}، وقال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ 54 إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 55 وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ 56 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.

فنهى الله تعالى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وبين أن بعضهم أولياء بعض، وأنهم متحالفون متعاونون فيما بينهم، وأن من تولاهم من المسلمين؛ فهو كافر مثلهم.

قال ابن جرير رحمه الله: (إن الله تعالى ذكرُه، نهى المؤمنين جميعاً أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر؛ أنه من اتخذهم نصيرا وحليفاً من دون الله ورسوله والمؤمنين، فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين, وأن الله ورسوله منه بريئان).

وقال: (فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين؛ فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍ أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راضٍ، وإذا رضيه ورضي دينه؛ فقد عادى ما خالفه وسخطه).

وقال القرطبي: ({ومن يتولهم منكم}، أي يعضدهم على المسلمين، {فإنه منهم}، بين تعالى أن حكمه كحكمهم).

وقال الشوكاني: ({ومن يتولهم منكم فإنه منهم}؛ أي فإنه من جملتهم وفي عدادهم، وهو وعيدٌ شديدٌ، فإن المعصية الموجبة للكفر هي التي قد بلغت إلى غاية ليس وراءها غاية})، انتهى كلامه.

ثم بيّن تعالى؛ أن الذين في قلوبهم شك ونفاق يسارعون في موالاتهم والدخول في حلفهم، ويحتجون بالخوف من دائرة قد تصيبهم، وهذه الدائرة التي دفعتهم إلى المسارعة في موالاة اليهود والنصارى هي ظنهم؛ بأن اليهود والنصارى سوف ينتصرون على المسلمين، فيسارعون بموالاتهم، لينتفعوا من هذه الموالاة بعد الانتصار، فلا يتعرض النصارى لهم بسوء.

وقد تكون المسارعة في الموالاة لطلب حماية اليهود والنصارى من عدو آخر.

والقول الثاني؛ هي الخوف من الفقر والحاجة - وهو الخوف الاقتصادي - فيسارعون بموالاتهم لأجل الأطماع الاقتصادية والتعامل في البيع والشراء.

ولا تخرج الدول المتحالفة في المنطقة مع الأمريكان ضد المسلمين عن هذين القولين.

فهذه الأعذار التي يدعونها والحجج التي يسوقونها عن موالاتهم للكافرين؛ لم يجعلها الله تعالى عذرا يسقط عنهم وصف الردة عن الإسلام.

ثم قال تعالى: {فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ}.

فإذا جاء الفتح والنصر من الله لعباده، أصبح هؤلاء المنافقون على ما أسروا في أنفسهم من النفاق نادمين، فقد خاب ظنهم، وأخطأ حسبانهم، وانكشف أمرهم ونفاقهم في هذه الأحداث للمسلمين.

ولهذا تعجب أهل الإيمان منهم بعدما رأوا من نفاقهم وظهور أمرهم للجميع، فقالوا؛ أهؤلاء الذين كانوا يدعون أنهم مؤمنون ويقسمون على ذلك الأيمان؟! لقد حبطت أعمالهم لردتهم وكفرهم، فأصبحوا خاسرين.

ثم بين تعالى؛ أن الذين يرتدون عن دينهم بموالاة الكافرين - أو بأي ناقض من نواقض الإسلام - فسوف يأتي الله بخير منهم من المؤمنين الصادقين، الذين أحبهم الله تعالى لمحبتهم الصادقة التي صدقوها بالأعمال الصالحة، كالذلة للمؤمنين، والعزة على الكافرين، والجهاد في سبيل الله، وعدم الخوف من لوم اللائمين.

فهذه صفات المؤمنين الصادقين، في مقابل صفات المرتدين الموالين للكافرين.

وهكذا انقسم الناس في قضية العراق - ومن قبلها في قضية أفغانستان - إلى منافقين موالين للكافرين ومؤمنين صادقين.

وهذه الصفات الصالحة التي يحبها الله تعالى، يحب على كل مسلم أن يتصف بها في مثل هذه الأحداث، وفي كل وقت:

أولها؛ الذلة للمؤمنين، بالتواضع لهم ورحمتهم ونصرتهم وبذل الخير لهم.

والثانية؛ العزة على الكافرين والشدة عليهم.

والثالثة؛ الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال.

والرابعة؛ أنهم لا يخافون لوم اللائمين.

فلا تخيفهم وسائل إعلام الكافرين والمنافقين، ولا تصدنهم عن وجهتم وطريقهم الذي أمرهم الله تعالى بالسير فيه، فإن الأمريكان ومن والاهم من الأنظمة المرتدة، قد سخروا؛ من وسائل الإعلام ومن المنافقين من صحفيين ومحللين ومذيعين وغيرهم، لصد المسلمين عن الإسلام، وعن الجهاد في سبيل الله، وبث روح الهزيمة والتبعية للكافرين بين المسلمين.

وقد قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}، وقال تبارك وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ * أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}.

فشياطين الإنس والجن؛ هم المجرمون، أعداء الأنبياء وأعداء دعوتهم، وهم المردة الذين تمردوا على دين الله، فيوحون من خلال مجالس تآمرهم، ومن خلال وسائل إعلامهم؛ الكلام المزخرف المحلى، المزين بالألفاظ الكاذبة الخادعة، كـ "حقوق الإنسان"، و "الديمقراطية" و "الحرية"، وغيرها من الألفاظ المزينة التي يغتر بها من سمعها.

وإنما تميل إلى هذه الأقوال وتصغي إليها؛ أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، فهم الذين يخدعون بأقوال الكافرين، وبزخرفتهم الإعلامية، وبأساليبهم البراقة، فيتأثرون بأقوالهم وأكاذيبهم، ويستجيبون لهم، وينقادون لأقوالهم، فيقترفون - بسبب هذا الإصغاء - ما هم مقترفون من المعاصي والذنوب.

فإذا كانت شياطين الجن يسعون لصد الناس عن دين الله وإدخالهم في الكفر، ويعادون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعادون دعوته، فكذلك شياطين الإنس، فإنهم يقومون بمثل هذه الأعمال.

ثم أمر الله تعالى؛ بالإنكار عليهم ما يطالبون به من التحاكم إلى غير الله، كالذي ينادي به الكفار اليوم من التحاكم إلى طواغيتهم، كـ "الأمم المتحدة" وسياساتهم وآراءهم الفاسدة.

فإن الله تعالى جعل كتابه مفصّلاً مستوفياً لكل ما يحتاج إليه المسلمون في أحوالهم من أحكام، فمن ابتغى غيره وتحاكم إلى الطواغيت ورضي بها؛ فقد كفر بكتاب الله تعالى.

ثم بيّن تعالى؛ أن كتابه العظيم قد تمت كلماته، صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأحكام، فعلى المسلم أن يتمسك بكتاب الله، وأن لا يغتر بكثرة أهل الباطل - الذين هم أَكْثَرُ مَنْ في الأرض - وأن لا يطيعهم في ظنونهم وأفكارهم التي يستحسنونها.

وبعد أن بيّن الله تعالى حال المرتدين، وبيّن صفات الصادقين، الذين جمعوا اللين للمؤمنين والعزة على الكافرين والجهاد في سبيل الله، وعدم الخوف من لوم اللائمين، بيّن تعالى؛ أن الموالاة الواجبة على كل مسلم هي لله ولرسوله وللمؤمنين، وأن أهل هذه الولاية هم حزب الله تعالى، الذين لهم العاقبة الحميدة والنصر على الكافرين، فقال تبارك تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.

ثم نفّر تعالى المسلمين من موالاة من يسخرون ويستهزئون بدينهم من اليهود والنصارى والكفار، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين}.

فهؤلاء الأمريكان يستهزئون بالإسلام والمسلمين، ويطعنون بالقرآن الكريم، وبأفضل المرسلين نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، في وسائل إعلامهم، فكيف يرضى مسلم بعدها أن يوالي أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم؟!

وهذه الحملة الأمريكية الصليبية على العراق، يقصد منها تحقيق عدة أهداف، منها:

أولاً: محاربة الإسلام في عقر داره - وهي جزيرة العرب وما حولها - وفرض النظام الأمريكي الديمقراطي الكافر على المسلمين، بدلاً من الإسلام.

ثانياً: احتلال العراق ونهب خيراته - كالبترول - والسيطرة على جزيرة العرب، وتشكيل المنطقة من جديد.

ثالثا: حماية إسرائيل من الجهاد في فلسطين ومن أي قوة عسكرية في المنطقة تهدد دولة إسرائيل.

رابعا: استخدام العراق كمنطلق للاعتداء على دول أخرى في المنطقة.

خامساً: التغطية على الفشل والهزيمة المتوقعة في أفغانستان.

وهذه الأهداف لا تخفى على حلفاء الأمريكان، الذين يشابهون الطوائف التي حالفت التتار في الغزو الأول لبغداد.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن التتار وحلفائهم: (عسكرهم مشتمل على أربع طوائف؛

كافرة باقية على كفرها.

وطائفة كانت مسلمة، فارتدت عن الإسلام، وانقلبت على عقبيها، من العرب والفرس والروم وغيرهم، وهؤلاء أعظم جرماً عند الله وعند رسوله والمؤمنين من الكافر الأصلي.

وفيهم أيضاً من كان كافرا فانتسب إلى الإسلام، ولم يلتزم شرائعه، من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت،والكف عن دماء المسلمين وأموالهم.

وفيهم صنف رابع؛ وهو قوم ارتدوا عن شرائع الإسلام، وبقوا مستمسكين بالانتساب إليه.

فهؤلاء الكفار والمرتدون والداخلون فيه من غير التزام لشرائعه، والمرتدون عن شرائعه، لا عن سمته، كلهم يحب قتالهم بإجماع المسلمين، حتى يلتزموا بشرائع الإسلام، وحتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، وحتى تكون كلمة الله - التي هي كتاب الله وما فيه من أمره ونهيه وخبره - هي العليا.

هذا إذا كانوا قاطنين في أرضهم، فكيف إذا استولوا على أراضي الإسلام من العراق وخراسان والجزيرة؟! فكيف إذا قصدوكم وصالوا عليكم بغياً وعدواناً؟! {ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشونهم إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين}) اهـ

ومثلهم الأمريكان وحلفائهم في الغزو الثاني لبغداد، فهم ينقسمون أيضاً إلى عدة طوائف:

أولها: الكفار الأصليين - كالأمريكيين والبريطانيين والأستراليين، وغيرهم من النصارى -

والثانية: الطائفة المرتدة عن الإسلام، من العلمانيين - كبعض العرب والأكراد في داخل العراق، الذين جمعوا بين العلمانية والقومية الجاهلية، التي فرقوا بها المسلمين –

فإن الله جعل الموالاة بين المسلمين بحسب الإيمان والتقوى، وليس بالعصبية والقومية الجاهلية، فقد قال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أسود على أبيض، ولا أبيض على أسود، إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب).

وأما الطائفة الثالثة: فهم الرافضة في العراق، الذين سوف يقاتلون بجانب الأمريكان، كما قاتل أسلافهم من الرافضة بجانب التتار.

وأما الطائفة الرابعة: فهي من المنافقين الأتباع ومن الجنود الفجار المضللين المسخرين لخدمة الأمريكيين وحلفائهم ونصرتهم بالكلمة والقتال.

والواجب على المسلمين جهاد الكفار الأمريكان وحلفائهم إذا اعتدوا على العراق، فإن الجهاد يصبح فرض عين على أهل العراق ومن حولهم.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 08:04 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.