انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > القرآن الكريم

القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-25-2009, 01:05 AM
العائد إلى الله حسن العائد إلى الله حسن غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




I15 أحسن القصص أرجو التثبيت للأهمية

 

طالوت وجالوت<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
قال: بلى..
قالوا: ألسنا مشردين؟
قال: بلى..
قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحترايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
قال نبيهم وكان أعلم بهم: هلأنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟
قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيلالله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟
قال نبيهم: إن اللهاختار لكم طالوت ملكا عليكم.
قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناءالأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنىمنه؟
قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
قالوا: ما هيآية ملكه؟
قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.<o:p></o:p>
ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيشطالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادفنهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبقمعي في الجيش..<o:p></o:p>
وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعدهذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحملالعطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكنجميعهم من الشجعان.<o:p></o:p>
كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيشالجبار..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍!<o:p></o:p>
قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصرمن عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةًكَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.<o:p></o:p>
وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كانداود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأنالعبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.<o:p></o:p>
وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوجابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوترجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..<o:p></o:p>
وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمهاالرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحكمنه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوتفقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.<o:p></o:p>
بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع اللهعلى يديه النبوة والملك مرة أخرى. وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أناشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذهالأمور. لكننا لا نود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
أصحابالفيل<o:p></o:p>
كانت اليمن تابعة للنجاشي ملك الحبشة. وقام والي اليمن (أبرهة) ببناء كنيسة عظيمة، وأراد أن يغيّر وجهة حجّ العرب. فيجعلهم يحجّون إلى هذه الكنيسة بدلا من بيت الله الحرام. فكتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك, ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب. إلا أن العرب أبوا ذلك، وأخذتهم عزتهم بمعتقداتهم وأنسابهم. فهم أبناء إبراهيم وإسماعيل، فكيف يتركون البيت الذي بناه آباءهم ويحجّوا لكنيسة بناها نصراني! وقيل أن رجلا من العرب ذهب وأحدث في الكنيسة تحقيرا لها. وأنا بنو كنانة قتلوا رسول أبرهة الذي جاء يطلب منهم الحج للكنيسة.
فعزم أبرهة على هدم الكعبة. وجهّز جيشا جرارا، ووضع في مقدمته فيلا مشهورا عندهم يقال أن اسمه محمود. فعزمت العرب على تقال أبرهة. وكان أول من خرج للقاءه، رجل من أشراف من اليمن يقال له ذو نفر. دعى قومه فأجابوه، والتحموا بجيش أبرهة. لكنه هُزِم وسيق أسيرا إلى أبرهة.<o:p></o:p>
ثم خرج نفيل بن حبيب الخثعمي، وحارب أبرهة. فهزمهم أبرهة وأُخِذَ نفيل أسيرا، وصار دليلا لجيش أبرهة. حتى وصلوا للطائف، فخرج رجال من ثقيف، وقالوا لأبرهة أن الكعبة موجودة في مكة –حتى لا يهدم بيت اللات الذي بنوه في الطائف- وأرسلوا مع الجيش رجلا منهم ليدلّهم على الكعبة! وكان اسم الرجل أبو رغال. توفي في الطريق ودفن فيها، وصار قبره مرجما عند العرب. فقال الشاعر:<o:p></o:p>
وأرجم قبره في كل عام * * * كرجم الناس قبر أبي رغال<o:p></o:p>
وفي مكان يسمى المغمس بين الطائف ومكة، أرسل أبرهة كتيبة من جنده، ساقت له أموال قريش وغيرها من القبائل. وكان من بين هذه الأموال مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، كبير قريش وسيّدها. فهمّت قريش وكنانة وهذيل وغيرهم على قتال أبرهة. ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك .<o:p></o:p>
وبعث أبرهة رسولا إلى مكة يسأل عن سيد هذا البلد, ويبلغه أن الملك لم يأتلحربهم وإنما جاء لهدم هذا البيت, فإن لم يتعرضوا له فلا حاجة له في دمائهم! فإذاكان سيد البلد لا يريد الحرب جاء به إلى الملك. فلما أخب الرسول عبد المطلب برسالة الملك، أجابه: والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة. هذا بيت الله الحرام. وبيتخليله إبراهيم عليه السلام.. فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه, وإن يخل بينه وبينهفوالله ما عندنا دفع عنه.<o:p></o:p>
ثم انطلق عبد المطلب مع الرسول لمحادثة أبرهة. وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم. فلما رآه أبرهةأجله وأعظمه, وأكرمه عن أن يجلسه تحته, وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سريرملكه. فنزل أبرهة عن سريره, فجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جانبه. ثم قال لترجمانه: قل له: ما حاجتك? فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي. فلما قال ذلك, قال أبرهة لترجمانه: قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك, ثم قد زهدتفيك حين كلمتني! أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قدجئت لهدمه لا تكلمني فيه? قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل. وإن للبيت ربسيمنعه. فاستكبر أبرهة وقال: ما كان ليمتنع مني. قال: أنت وذاك!.. فردّ أبرهة على عبد المطلب إبله.<o:p></o:p>
ثم عاد عبد المطلب إلى قريش وأخبرهم بما حدث، وأمرهم بالخروج من مكة والبقاء في الجبال المحيطة بها. ثم توجه وهو ورجال من قريش إلى للكعبة وأمسك حلقة بابها، وقاموا يدعون الله ويستنصرونه. ثم ذهب هو ومن معه للجبل.<o:p></o:p>
ثم أمر أبرهة جيشه والفيل في مقدمته بدخول مكة. إلا أن الفيل برك ولم يتحرك. فضربوه ووخزوه، لكنه لم يقم من مكانه. فوجّهوه ناحية اليمن، فقام يهرول. ثم وجّهوه ناحية الشام، فتوجّه. ثم وجّهوه جهة الشرق، فتحرّك. فوجّهوه إلى مكة فَبَرَك.<o:p></o:p>
ثم كان ما أراده الله من إهلاك الجيش وقائده, فأرسل عليهم جماعات من الطير، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار: حجر في منقاره, وحجران في رجليه, أمثال الحمص والعدس, لا تصيب منهم أحدا إلا هلك. فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة. فهاج الجيش وماج، وبدوا يسألون عن نفيل بن حبيب; ليدلهم على الطريق إلى اليمن. فقال نفيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:<o:p></o:p>
أين المفر والإله الطالب * * * والأشرم المغلوب ليس الغالب<o:p></o:p>
وقال أيضا:<o:p></o:p>
حمدت الله إذ أبصرت طيرا * * * وخفت حجارة تلقى علينا<o:p></o:p>
فكل القوم يسأل عن نفيـل * * * كأن علي للحبشان دينـا<o:p></o:p>
وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم يتساقط لحمه قطعا صغيرة تلو الأخرى،حتى وصلوا إلى صنعاء, فما مات حتى انشق صدره عن قلبه كما تقول الروايات.<o:p></o:p>
إن لهذه القصة دلالات كثيرة يصفا الأستاذ سيّد قطب رحمه الله في كتابه (في ظلال القرآن):<o:p></o:p>
فأما دلالة هذا الحادث والعبر المستفادة من التذكير به فكثيرة . . <o:p></o:p>
وأول ما توحي به أن الله - سبحانه - لم يرد أن يكل حماية بيته إلى المشركين، ولو أنهم كانوا يعتزون بهذا البيت, ويحمونه ويحتمون به. فلما أراد أن يصونهويحرسه ويعلن حمايته له وغيرته عليه ترك المشركين يهزمون أمام القوة المعتدية. وتدخلت القدرة سافرة لتدفع عن بيت الله الحرام, حتى لا تتكون للمشركين يد على بيتهولا سابقة في حمايته, بحميتهم الجاهلية.<o:p></o:p>
كذلك توحي دلالة هذا الحادث بأن الله لم يقدر لأهل الكتاب - أبرهة وجنوده - أنيحطموا البيت الحرام أو يسيطروا على الأرض المقدسة. حتى والشرك يدنسه, والمشركون هم سدنته. ليبقي هذا البيت عتيقا من سلطان المتسلطين, مصونا من كيد الكائدين.<o:p></o:p>
ونحن نستبشر بإيحاء هذه الدلالة اليوم ونطمئن, إزاء ما نعلمه من أطماع فاجرةماكرة ترف حول الأماكن المقدسة من الصليبية العالمية والصهيونية العالمية, ولا تني أو تهدأ في التمهيد الخفي اللئيم لهذه الأطماع الفاجرة الماكرة. فالله الذي حمى بيته من أهل الكتاب وسدنته مشركون, سيحفظه إن شاء الله, ويحفظ مدينة رسوله من كيدالكائدين ومكر الماكرين!<o:p></o:p>
والإيحاء الثالث هو أن العرب لم يكن لهم دور في الأرض. بل لم يكن لهم كيان قبل الإسلام. كانوا في اليمن تحت حكم الفرس أو الحبشة. وكانت دولتهم حين تقوم هناك أحيانا تقوم تحت حماية الفرس. وفي الشمال كانت الشام تحت حكم الروم إما مباشرة وإما بقيام حكومة عربية تحت حماية الرومان. ولم ينج إلا قلب الجزيرة منتحكم الأجانب فيه. ولكنه ظل في حالة تفكك لا تجعل منه قوة حقيقيةفي ميدان القوى العالمية. وكان يمكن أن تقوم الحروب بين القبائل أربعين سنة, ولكنلم تكن هذه القبائل متفرقة ولا مجتمعة ذات وزن عند الدول القوية المجاورة. وما حدث في عام الفيل كان مقياسا لحقيقة هذه القوة حين تتعرض لغزو أجنبي.<o:p></o:p>
وتحت راية الإسلام ولأول مرة في تاريخ العرب أصبح لهم دور عالمي يؤدونه. وأصبحتلهم قوة دولية يحسب لها حساب. قوة جارفة تكتسح الممالك وتحطم العروش, وتتولى قيادة البشرية, بعد أن تزيح القيادات الضالة. ولكن الذي هيأ للعرب هذا لأول مرة في تاريخهم هو أنهم نسوا أنهم عرب! نسوا نعرة الجنس, وعصبيةالعنصر, وذكروا أنهم ومسلمون. مسلمون فقط. ورفعوا راية الإسلام, ورايةالإسلام وحدها. وحملوا عقيدة ضخمة قوية يهدونها إلى البشرية رحمةبرا بالبشرية; ولم يحملوا قومية ولا عنصرية ولا عصبية. حملوا فكرة سماوية يعلمونالناس بها لا مذهبا أرضيا يخضعون الناس لسلطانه. وخرجوا من أرضهم جهادا في سبيلالله وحده, ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية ينعمون ويرتعون في ظلها, ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها, ويخرجون الناس من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب وإلىحكمهم أنفسهم! إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعا إلى عبادة اللهوحده. عندئذ فقط كان للعرب وجود, وكانت لهم قوة, وكانت لهم قيادة. ولكنها كانتكلها لله وفي سبيل الله. وقد ظلت لهم قوتهم. وظلت لهم قيادتهم ما استقاموا علىالطريقة. حتى إذا انحرفوا عنها وذكروا عنصريتهم وعصبيتهم, وتركوا راية اللهليرفعوا راية العصبية نبذتهم الأرض وداستهم الأمم, لأن الله قد تركهم حيثما تركوه،ونسيهم مثلما نسوه!<o:p></o:p>
وما العرب بغير الإسلام? ما الفكرة التي قدموها للبشرية أو يملكون تقديمها إذاهم تخلوا عن هذه الفكرة? وما قيمة أمة لا تقدم للبشرية فكرة? إن كل أمة قادتالبشرية في فترة من فترات التاريخ كانت تمثل فكرة. والأمم التي لم تكن تمثل فكرة كالتتار الذين اجتاحوا الشرق, والبرابرة الذين اجتاحوا الدولة الرومانية في الغربلم يستطيعوا الحياة طويلا, إنما ذابوا في الأمم التي فتحوها. والفكرة الوحيدةالتي تقدم بها العرب للبشرية كانت هي العقيدة الإسلامية, وهي التي رفعتهم إلى مكان القيادة, فإذا تخلوا عنها لم تعد لهم في الأرض وظيفة, ولم يعد لهم في التاريخ دور.وهذا ما يجب أن يذكره العرب جيدا إذا هم أرادوا الحياة, وأرادوا القوة،وأرادوا القيادة. والله الهادي من الضلال.<o:p></o:p>
أصحاب الكهف<o:p></o:p>
في زمان ومكان غير معروفين لنا الآن، كانت توجد قرية مشركة. ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع الله مالا يضرهم ولا ينفعهم. عبدوهم من غير أي دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء. ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها.
في هذه المجتمع الفاسد، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء. ثلة قليلة حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير خالقها، الله الذي بيده كل شيء. فتية، آمنوا بالله، فثبتهم وزاد في هداهم. وألهمهم طريق الرشاد.<o:p></o:p>
لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلا، ولم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل في دعوة أقواهم. إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، وطلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله. ثم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه. فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون.<o:p></o:p>
عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة الواسة، للكهف الضيق. تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا. زهدوا في الأسرّية الوثيرة، والحجر الفسيحة، واختاروا كهفا ضيقا مظلما.<o:p></o:p>
إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه. ويرى الكهف قصرا، إن اختار الله له الكهف. وهؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، وإنما خرجوا طمعا في رضى الله. وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله ونيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها.<o:p></o:p>
استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسه. وهنا حدثت معجزة إلاهية. لقد نام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار. وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب. يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم.<o:p></o:p>
بعد هذه المئين الثلاث، بعثهم الله مرة أخرى. استيقضوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم.<o:p></o:p>
فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت.<o:p></o:p>
خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيّرت البضائع والنقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صبعا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها.<o:p></o:p>
لقد آمن المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح. لقد فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. لقد هاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم. وها هم قد عادوا. فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم.<o:p></o:p>
وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات. وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث من يموت، برؤية مثال واقي ملموس أمامهم. أخذ الله أرواح الفتية. فلكل نفس أجل، ولا بد لها أن تموت. فاختلف أهل القرية. فمن من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد، وغلبت الفئة الثانية.<o:p></o:p>
لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى عليه السلام، أم كانوا بعده. هل آمنوا بربهم من من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان. هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم. كل هذه أمور مجهولة. إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله. فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر. فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أقامهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.<o:p></o:p>
أصحابالأخدود<o:p></o:p>
إنها قصة فتاً آمن، فصبر وثبت، فآمنت معه قريته.
لقد كان غلاما نبيها، ولم يكن قد آمن بعد. وكان يعيش في قرية ملكها كافر يدّعي الألوهية. وكان للملك ساحر يستعين به. وعندما تقدّم العمر بالساحر، طلب من الملك أن يبعث له غلاما يعلّمه السحر ليحلّ محله بعد موته. فاختير هذا الغلام وأُرسل للساحر.<o:p></o:p>
فكان الغلام يذهب للساحر ليتعلم منه، وفي طريقه كان يمرّ على راهب. فجلس معه مرة وأعجبه كلامه. فصار يجلس مع الراهب في كل مرة يتوجه فيها إلى الساحر. وكان الساحر يضربه إن لم يحضر. فشكى ذلك للراهب. فقال له الراهب: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر.<o:p></o:p>
وكان في طريقه في أحد الأيام، فإذا بحيوان عظيم يسدّ طريق الناس. فقال الغلام في نفسه، اليوم أعلم أيهم أفضل، الساحر أم الراهب. ثم أخذ حجرا وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. ثم رمى الحيوان فقلته، ومضى الناس في طريقهم. فتوجه الغلام للراهب وأخبره بما حدث. فقال له الراهب: يا بنى، أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإذا ابتليت فلا تدلّ عليّ.<o:p></o:p>
وكان الغلام بتوفيق من الله يبرئ الأكمه والأبرص ويعالج الناس من جميع الأمراض. فسمع به أحد جلساء الملك، وكان قد فَقَدَ بصره. فجمع هدايا كثرة وتوجه بها للغلام وقال له: أعطيك جميع هذه الهداية إن شفيتني. فأجاب الغلام: أنا لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن جليس الملك، فشفاه الله تعالى.<o:p></o:p>
فذهب جليس الملجس، وقعد بجوار الملك كما كان يقعد قبل أن يفقد بصره. فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ فأجاب الجليس بثقة المؤمن: ربّي. فغضب الملك وقال: ولك ربّ غيري؟ فأجاب المؤمن دون تردد: ربّي وربّك الله. فثار الملك، وأمر بتعذيبه. فلم يزالوا يعذّبونه حتى دلّ على الغلام.<o:p></o:p>
أمر الملك بإحضار الغلام، ثم قال له مخاطبا: يا بني، لقد بلغت من السحر مبلغا عظيما، حتى أصبحت تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل. فقال الغلام: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى. فأمر الملك بتعذيبه. فعذّبوه حتى دلّ على الراهب.<o:p></o:p>
فأُحضر الراهب وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الراهب ذلك. وجيئ بمشار، ووضع على مفرق رأسه، ثم نُشِرَ فوقع نصفين. ثم أحضر جليس الملك، وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى. فَفُعِلَ به كما فُعِلَ بالراهب. ثم جيئ بالغلام وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الغلام. فأمر الملك بأخذ الغلام لقمة جبل، وتخييره هناك، فإما أن يترك دينه أو أن يطرحوه من قمة الجبل.<o:p></o:p>
فأخذ الجنود الغلام، وصعدوا به الجبل، فدعى الفتى ربه: اللهم اكفنيهم بما شئت. فاهتزّ الجبل وسقط الجنود. ورجع الغلام يمشي إلى الملك. فقال الملك: أين من كان معك؟ فأجاب: كفانيهم الله تعالى. فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة، والذهاب به لوسط البحر، ثم تخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه.<o:p></o:p>
فذهبوا به، فدعى الغلام الله: اللهم اكفنيهم بما شئت. فانقلبت بهم السفينة وغرق من كان عليها إلا الغلام. ثم رجع إلى الملك. فسأله الملك باستغراب: أين من كان معك؟ فأجاب الغلام المتوكل على الله: كفانيهم الله تعالى. ثم قال للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به. فقال الملك: ما هو؟ فقال الفتى المؤمن: أن تجمع الناس في مكان واحد، وتصلبي على جذع، ثم تأخذ سهما من كنانتي، وتضع السهم في القوس، وتقول "بسم الله ربّ الغلام" ثم ارمني، فإن فعلت ذلك قتلتني.<o:p></o:p>
استبشر الملك بهذا الأمر. فأمر على الفور بجمع الناس، وصلب الفتى أمامهم. ثم أخذ سهما من كنانته، ووضع السهم في القوس، وقال: باسم الله ربّ الغلام، ثم رماه فأصابه فقتله.<o:p></o:p>
فصرخ الناس: آمنا بربّ الغلام. فهرع أصحاب الملك إليه وقالوا: أرأيت ما كنت تخشاه! لقد وقع، لقد آمن الناس.<o:p></o:p>
فأمر الملك بحفر شقّ في الأرض، وإشعال النار فيها. ثم أمر جنوده، بتخيير الناس، فإما الرجوع عن الإيمان، أو إلقائهم في النار. ففعل الجنود ذلك، حتى جاء دور امرأة ومعها صبي لها، فخافت أن تُرمى في النار. فألهم الله الصبي أن يقول لها: يا أمّاه اصبري فإنك على الحق.<o:p></o:p>
قارون<o:p></o:p>
يروي لنا القرآنقصة قارون، وهو من قوم موسى. لكن القرآن لا يحدد زمن القصة ولا مكانها. فهل وقعتهذه القصة وبنو إسرائيل وموسى في مصر قبل الخروج؟ أو وقعت بعد الخروج في حياة موسى؟أم وقعت في بني إسرائيل من بعد موسى؟ وبعيدا عن الروايات المختلفة، نورد القصة كماذكرها القرآن الكريم.<o:p></o:p>
يحدثنا الله عن كنوز قارون فيقول سبحانه وتعالى إن مفاتيح الحجراتالتي تضم الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء. ولو عرفنا عنمفاتيح الكنوز هذه الحال، فكيف كانت الكنوز ذاتها؟! لكن قارون بغى على قومه بعد أنآتاه الله الثراء. ولا يذكر القرآن فيم كان البغي، ليدعه مجهلايشمل شتى الصور. فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم. وربما بغى عليهمبحرمانهم حقهم في ذلك المال. حق الفقراء في أموال الأغنياء. وربما بغى عليهم بغيرهذه الأسباب.<o:p></o:p>
ويبدو أن العقلاء من قومه نصحوهبالقصدوالاعتدال، وهو المنهج السليم. فهم يحذروه من الفرح الذي يؤدي بصاحبه إلى نسيان منهو المنعم بهذا المال، وينصحونه بالتمتع بالمال في الدنيا، من غير أن ينسى الآخرة،فعليه أن يعمل لآخرته بهذا المال. ويذكرونه بأن هذا المال هبة من الله وإحسان،فعليه أن يحسن ويتصدق من هذا المال، حتى يرد الإحسان بالإحسان. ويحذرونه من الفسادفي الأرض، بالبغي، والظلم، والحسد، والبغضاء، وإنفاق المال في غير وجهه، أو إمساكهعما يجب أن يكون فيه. فالله لا يحب المفسدين.<o:p></o:p>
فكان رد قارون جملة واحد تحمل شتىمعاني الفساد (قَالَإِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي). لقد أنساه غروره مصدر هذه النعمة وحكمتها، وفتنه المال وأعماه الثراء. فلم يستمعقارون لنداء قومه، ولم يشعر بنعمة ربه.<o:p></o:p>
وخرج قارون ذات يوم على قومه،بكامل زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا أنهفي نعمة كبيرة. فرد عليهم من سمعهم من أهل العلم والإيمان: ويلكم أيها المخدوعون،احذروا الفتنة، واتقوا الله، واعلموا أن ثواب الله خير من هذه الزينة، وما عند اللهخير مما عند قارون.<o:p></o:p>
وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها،وتتهافت أمامها النفوس وتتهاوى، تتدخل القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الناسالضعاف من إغراءها، وتحطم الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسما (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِالْأَرْضَ) هكذا في لمحة خاطفة ابتلعتهالأرض وابتلعت داره. وذهب ضعيفا عاجزا، لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه أومال.<o:p></o:p>
وبدأ الناس يتحدثون إلى بعضهمالبعض في دهشة وعجب واعتبار. فقال الذين كانوا يتمنون أن عندهم مال قارون وسلطانهوزينته وحظه في الدنيا: حقا إن الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويوسععليهم، أو يقبض ذلك، فالحمد لله أن منّ علينا فحفظنا من الخسف والعذاب الأليم. إناتبنا إليك سبحانك، فلك الحمد في الأولى والآخرة.<o:p></o:p>
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-25-2009, 01:16 AM
العائد إلى الله حسن العائد إلى الله حسن غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




افتراضي

بقرة بنيإسرائيل<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتويةبشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإنالموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كلهذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهلهولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمرهأن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا،واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن فيذبح بقرة.<o:p></o:p>
إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أوالمعتاد بين الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمةالغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرةأمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.<o:p></o:p>
لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي فيذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمرمن أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثمينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعةالمراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرةعادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربهليبين ما هي. ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل،بأنها بقرة وسط. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.<o:p></o:p>
إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزلمستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لونالبقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات الأدبوالوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا منتكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجةوالمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها بقرةصفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.<o:p></o:p>
وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلىاللجاجة والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسىأن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدةلحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهماللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة. أخيرا وجدوها عنديتيم فاشتروها وذبحوها.<o:p></o:p>
وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض منموته. سأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوابآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهموتعنتهم. <o:p></o:p>
نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم،ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهميقصرون ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلىالآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم: (الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهمبسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد اللهعليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقرعادة.<o:p></o:p>
ساعتها قالوا له: "الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ". كأنه كان يلعب قبلها معهم، ولم يكن ما جاءهو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْيَفْعَلُونَ) ألا توحي لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهمفي الحق؟ هذه اللوحة الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهمعلى مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.<o:p></o:p>
هابيل وقابيل<o:p></o:p>
يروي لنا القرآنالكريم قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمة قتل في الأرض. وكانت قصتهما كالتالي.<o:p></o:p>
كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابناوبنتا. فيحل زواج ابن البطن الأول من البطن الثاني.. ويقالأنقابيل كانيريد زوجةهابيللنفسه.. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهماقربانا، فتقبل الله منهابيلولم يتقبل منقابيل. قال تعالى في سورة (المائدة):<o:p></o:p>
وَاتْلُعَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَمِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27)لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَلِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَإِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُاللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) (المائدة)<o:p></o:p>
لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهلتماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء:<o:p></o:p>
إِنِّيأُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِوَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ(29) (المائدة)<o:p></o:p>
انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخ الطيب نائما وسط غابة مشجرة.. فقام إليه أخوه قابيل فقتله. قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدمالأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقهالملقى على الأرض. كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت علىالأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثم رأىالقاتل غرابا حيابجانبجثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأيحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب.. بعدها طار في الجووهو يصرخ.<o:p></o:p>
اندلع حزنقابيلعلى أخيههابيلكالنار فأحرقه الندم. اكتشف أنه وهو الأسوأ والأضعف، قدقتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتزجسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه.<o:p></o:p>
قال آدم حين عرف القصة: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِإِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) وحزن حزناشديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني. صلى آدم على ابنه،وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظ أبنائه وأحفادهويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هونفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه.<o:p></o:p>
الخضر<o:p></o:p>
قال تعالى:<o:p></o:p>
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُحَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) (الكهف)<o:p></o:p>
كان لموسى -عليه السلام- هدف من رحلته هذه التي اعتزمها،,وأنه كان يقصد من ورائها امرا، فهو يعلن عن تصميمه على بلوغمجمع البحرين مهما تكن المشقة، ومهما يكن الزمن الذي ينفه في الوصول. فيعبر عن هذاالتصميم قائلا (أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا).<o:p></o:p>
نرى أن القرآن الكريم لا يحدد لنا المكانالذي وقت فيه الحوادث، ولا يحدد لنا التاريخ، كما أنه لم يصرح بالأسماء. ولم يبينماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أمولي؟<o:p></o:p>
اختلف المفسرون في تحديدالمكان، فقيل إنه بحر فارس والروم، وقيل بل بحر الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة،وقيل في أفريقيا، وقيل هو بحر الأندلس.. ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذهالأمكنة، ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى.. وإنما أبهم السياقالقرآني المكان، كما أبهم تحديد الزمان، كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمةعليا.
إن القصة تتعلق بعلم ليسهو علمنا القائم على الأسباب.. وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي.. إنما نحنأمام علم من طبيعة غامضة أشد الغموض.. علم القدر الأعلى، وذلك علم أسدلت عليهالأستار الكثيفة.. مكان اللقاء مجهول كما رأينا.. وزمان اللقاء غير معروف هوالآخر.. لا نعرف متى تم لقاء موسى بهذا العبد.
وهكذا تمضي القصة بغير أنتحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث، ولا زمانه، يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهمأبطالها.. يشير إليه الحق تبارك وتعالى بقوله: (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَاآتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّاعِلْمًا) هو عبد أخفى السياق القرآنياسمه.. هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم منه.
لقد خص الله تعالى نبيهالكريم موسى -عليه السلام- بأمور كثيرة. فهو كليم الله عز وجل، وأحدأولي العزممن الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذيأنزلت عليه التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليما.. هذا النبي العظيم يتحول فيالقصة إلى طالب علم متواضع يحتمل أستاذه ليتعلم.. ومن يكون معلمه غير هذا العبدالذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه هو الخضر -عليهالسلام- كما حدثتنا أن الفتى هويوشع بن نون، ويسير موسىمع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها.
ومع منزلة موسى العظيمةإلا أن الخضر يرفض صحبة موسى.. يفهمه أنه لن يستطيع معه صبرا.. ثم يوافق على صحبتهبشرط.. ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه.
والخضر هو الصمت المبهمذاته، إنه لا يتحدث، وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة.. إن هناك تصرفات يأتيهاالخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث.. وهناك تصرفاتتبدو لموسى بلا معنى.. وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته.. ورغم علم موسىومرتبته، فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنهعلما.
وقد اختلف العلماء فيالخضر: فيهم من يعتبره وليا من أولياء الله، وفيهم من يعتبره نبيا.. وقد نسجتالأساطير نفسها حول حياته ووجوده، فقيل إنه لا يزال حيا إلى يوم القيامة، وهي قضيةلم ترد بها نصوص أو آثار يوثق فيها، فلا نقول فيها إلا أنه مات كما يموت عبادالله.. وتبقى قضية ولايته، أو نبوته.. وسنرجئ الحديث في هذه القضية حتى ننظر فيقصته كما أوردها القرآن الكريم.
قام موسى خطيبا في بنيإسرائيل، يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق، ويبدو أن حديثه جاء جامعا مانعا رائعا.. بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين من بني إسرائيل: هل على وجه الأرض أحداعلم منك يا نبي الله؟
قال موسى مندفعا: لا..
وساق الله تعالى عتابه لموسىحين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبريل يسأله: يا موسى ما يدريك أين يضع اللهعلمه؟
أدرك موسى أنه تسرع.. وعاد جبريل، عليه السلام، يقول له: إن لله عبدابمجمع البحرين هو أعلم منك.
تاقت نفس موسى الكريمة إلىزيادة العلم، وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيلإليه.. فأمر أن يرحل، وأن يحمل معه حوتا في مكتل، أي سمكة في سلة.. وفي هذا المكانالذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.. انطلق موسى -طالب العلم- ومعه فتاه.. وقد حمل الفتى حوتا في سلة.. انطلقا بحثا عن العبد الصالحالعالم.. وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياةللسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.
ويظهر عزم موسى -عليهالسلام- على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقاباوأحقابا. قيل أن الحقب عام، وقيل ثمانون عاما. على أية حال فهو تعبير عن التصميم،لا عن المدة على وجه التحديد.
وصل الاثنان إلى صخرة جوارالبحر.. رقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا.. وألقت الرياح إحدى الأمواجعلى الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى البحر.. (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).. وكان تسربالحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل الحكيم الذيجاء موسى يتعلم منه.
نهض موسى من نومه فلميلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر.. ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت.. وسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما.. ثم تذكر موسى غداءه وحلعليه التعب.. (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْلَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا).. ولمع في ذهن الفتى ماوقع.
ساعتئذ تذكر الفتى كيفتسرب الحوت إلى البحر هناك.. وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أنيذكر له ما وقع، رغم غرابة ما وقع، فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُفِي الْبَحْرِ عَجَبًا).. كان أمرا عجيبا ما رآهيوشعبن نون، لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى علىالرمال.
سعد موسى من مروق الحوتإلى البحر و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا ماكنا نريده.. إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم.. ويرتد موسىوفتاه يقصان أثرهما عائدين.. انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض،مبهمة أعظم الإبهام.
أخيرا وصل موسى إلى المكانالذي تسرب منه الحوت.. وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت منالسلة إلى البحر.. وهناك وجدا رجلا.
يقول البخاري إن موسىوفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه.. وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.
فسلم عليهموسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟
قال موسى: أنا موسى.
قالالخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.
قال موسى: وماأدراك بي..؟
قالالخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟
قال موسى ملاطفا مبالغافي التوقير: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِمِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).
قال الخضر: أمايكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا).
نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظالفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب.. ورد الخضر الحاسم، الذي يفهم موسىأن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه، كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر.. يقولالمفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله.. ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهرالتي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا، وربما رأيت في تصرفاتي مالا تفهم له سببا أو تدري له علة.. وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.
احتمل موسى كلمات الصدالقاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه.. وقال له موسى فيما قال إنهسيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.
تأمل كيف يتواضع كليم اللهويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.
قال الخضر لموسى -عليهماالسلام- إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيءحتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط وانطلقا..
انطلق موسى مع الخضريمشيان على ساحل البحر.. مرت سفينة، فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما، وعرفأصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حينرست السفينة وغادرها أصحابها وركابها.. فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابهايبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة.. اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحرفحملته الأمواج بعيدا.
فاستنكر موسى فعلةالخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر.. أكرمونا.. وها هو ذا يخرق سفينتهمويفسدها.. كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا.. وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه،كما حركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطهعليه: (قَالَأَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).
وهنا يلفت العبد الربانينظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه، لأنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَصَبْرًا)، ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْأَمْرِي عُسْرًا).
سارا معا.. فمرا على حديقةيلعب فيها الصبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلمللنعاس.. فوجئ موسى بأن العبد الرباني يقتل غلاما.. ويثور موسى سائلا عن الجريمةالتي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا.. يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنهلن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَنتَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا).. ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذاسأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه(قَالَ إِن سَأَلْتُكَعَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّيعُذْرًا).
ومضى موسى مع الخضر.. فدخلا قرية بخيلة.. لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية، ولا يعرف لماذا يبيتانفيها، نفذ ما معهما من الطعام، فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما.. وجاءعليهما المساء، وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض.. جدار يتهاوى ويكاديهم بالسقوط.. وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجداروبنائه من جديد.. ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية بخيلة، لا يستحق منفيها هذا العمل المجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَعَلَيْهِ أَجْرًا).. انتهى الأمر بهذه العبارة.. قال عبد الله لموسى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ).
لقد حذر العبد الربانيموسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..
إن كل تصرفات العبدالرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره.. كان ينفذ إرادةعليا.. وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية، وكانت التصرفات تشي بالقسوةالظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية.. وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنياجوهر الرحمة، وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر، وهكذا يتناقض ظاهر الأمروباطنه، ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد الرباني، ولا يعلمالعبد الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر،من ماء البحر..
كشف العبد الرباني لموسىشيئين في الوقت نفسه.. كشف له أن علمه -أي علم موسى- محدود.. كما كشف له أن كثيرامن المصائب التي تقع على الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.
إن أصحاب السفينة سيعتبرونخرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة.. نعمة لن تكشفالنقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثميفلت هذه السفينة التالفة المعيبة.. وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلايموتون جوعا.
أيضا سيعتبر والد الطفلالمقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء.. غير أن موته يمثلبالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهماولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول.
وهكذا تختفي النعمة فيثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتجنبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرفومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.
أما الجدار الذي أتعب نفسهبإقامته، من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية، كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمينضعيفين في المدينة. ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أنيدفعا عنه.. ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما،فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.
ثم ينفض الرجل يده منالأمر. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف. وهو أمر الله لا أمره. فقد أطلعه علىالغيب في هذه المسألة وفيما قبلها، ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه منغيبه.
واختفى هذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول.. إلا أن موسى تعلم من صحبته درسينمهمين:
تعلم ألا يغتر بعلمه فيالشريعة، فهناك علم الحقيقة.
وتعلم ألا يتجهم قلبهلمصائب البشر، فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ، والإيناسوراء أقنعة الحزن والآلام والموت.
هذه هي الدروس التي تعلمهاموسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء.
والآن منيكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..؟
يرى كثير من الصوفية أنهذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه الله على جزء من علمه اللدنيبغير أسباب انتقال العلم المعروفة.. ويرى بعض العلماء أن هذا العبد الصالح كاننبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن سياق القصة يدل على نبوته من وجوه:
1. أحدها قولهتعالى:
فَوَجَدَاعَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنلَّدُنَّا عِلْمًا(65) (الكهف)
2. والثاني قول موسىله:
قَالَلَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا(66)قَالَ إِنَّكَ لَنتَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا(67)وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا(68)قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُصَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا(69)قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىأُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا(70) (الكهف)
فلو كان وليا ولم يكن نبي،لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد. ولو أنه كان غير نبي،لكان هذا معناه أنه ليس معصوما، ولم يكن هناك دافع لموسى، وهو النبي العظيم، وصاحبالعصمة، أن يلتمس علما من ولي غير واجب العصمة.
3. والثالث أن الخضر أقدمعلى قتل ذلك الغلام بوحي من الله وأمر منه.. وهذا دليل مستقل على نبوته، وبرهانظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى فيخلده، لأن خاطره ليس بواجب العصمة.. إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق.. وإذن ففي إقدامالخضر على قتل الغلام دليل نبوته.
4. والرابع قول الخضرلموسى:
رَحْمَةًمِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي
يعني أن ما فعلته لم أفعلهمن تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به من الله وأوحي إلي فيه.
فرأى العلماء أن الخضرنبيا، أما العباد والصوفية رأوا أنه وليا من أولياء الله.
ومن كلماتالخضر التي أوردها الصوفية عنه.. قول وهب بن منبه: قال الخضر: يا موسى إن الناسمعذبون في الدنيا على قدر همومهم بها. وقول بشر بن الحارث الحافي.. قال موسى للخضر: أوصني.. قال الخضر: يسر الله عليك طاعته.
ونحننميل إلى اعتباره نبيا لعلمه اللدني، غير أننا لانجد نصا في سياق القرآن على نبوته، ولا نجد نصا مانعا من اعتباره وليا آتاه اللهبعض علمه اللدني.. ولعل هذا الغموض حول شخصه الكريم جاء متعمدا، ليخدم الهدف الأصليللقصة.. ولسوف نلزم مكاننا فلا نتعداه ونختصم حول نبوته أو ولايته.. وإن أوردناه فيسياق أنبياء الله، لكونه معلما لموسى.. وأستاذا له فترة من الزمن.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-25-2009, 01:22 AM
العائد إلى الله حسن العائد إلى الله حسن غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




افتراضي

ذو القرنين<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
لا نعلم قطعا من هو ذو القرنين. كل ما يخبرنا القرآن عنه أنه ملك صالح، آمن بالله وبالبعث وبالحساب، فمكّن الله له في الأرض، وقوّى ملكه، ويسر له فتوحاته.
بدأ ذو القرنين التجوال بجيشه في الأرض، داعيا إلى الله. فاتجه غربا، حتى وصل للمكان الذي تبدو فيه الشمس كأنها تغيب من وراءه. وربما يكون هذا المكان هو شاطئ المحيط الأطلسي، حيث كان يظن الناس ألا يابسة وراءه. فألهمه الله – أو أوحى إليه- أنه مالك أمر القوم الذين يسكنون هذه الديار، فإما أن يعذهم أو أن يحسن إليهم.<o:p></o:p>
فما كان من الملك الصالح، إلا أن وضّح منهجه في الحكم. فأعلن أنه سيعاقب المعتدين الظالمين في الدنيا، ثم حسابهم على الله يوم القيامة. أما من آمن، فسيكرمه ويحسن إليه.<o:p></o:p>
بعد أن انتهى ذو القرنين من أمر الغرب، توجه للشرق. فوصل لأول منطقة تطلع عليها الشمس. وكانت أرضا مكشوفة لا أشجار فيها ولا مرتفات تحجب الشمس عن أهلها. فحكم ذو القرنين في المشرق بنفس حكمه في المغرب، ثم انطلق.<o:p></o:p>
وصل ذو القرنين في رحلته، لقوم يعيشون بين جبلين أو سدّين بينهما فجوة. وكانوا يتحدثون بلغتهم التي يصعب فهمها. وعندما وجدوه ملكا قويا طلبوا منه أن يساعدهم في صد يأجوج ومأجوج بأن يبني لهم سدا لهذه الفجوة، مقابل خراج من المال يدفعونه له.<o:p></o:p>
فوافق الملك الصالح على بناء السد، لكنه زهد في مالهم، واكتفى بطلب مساعدتهم في العمل على بناء السد وردم الفجوة بين الجبلين.<o:p></o:p>
استخدم ذو القرنين وسيلة هندسية مميزة لبناء السّد. فقام أولا بجمع قطع الحديد ووضعها في الفتحة حتى تساوى الركام مع قمتي الجبلين. ثم أوقد النار على الحديد، وسكب عليه نحاسا مذابا ليلتحم وتشتد صلابته. فسدّت الفجوة، وانقطع الطريق على يأجوج ومأجوج، فلم يتمكنوا من هدم السّد ولا تسوّره. وأمن القوم الضعفاء من شرّهم.<o:p></o:p>
بعد أن انتهى ذو القرنين من هذا العمل الجبار، نظر للسّد، وحمد الله على نعمته، وردّ الفضل والتوفيق في هذا العمل لله سبحانه وتعالى، فلم تأخذه العزة، ولم يسكن الغرور قلبه.<o:p></o:p>
يقول سيّد قطب رحمه الله: "وبذلك تنتهي هذه الحلقة من سيرة ذي القرنين. النموذج الطيب للحاكم الصالح. يمكنه الله في الأرض, وييسر له الأسباب; فيجتاح الأرض شرقا وغربا; ولكنه لايتجبر ولا يتكبر, ولا يطغى ولا يتبطر, ولا يتخذ من الفتوح وسيلة للغنم المادي،واستغلال الأفراد والجماعات والأوطان, ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق;ولا يسخر أهلها في أغراضه وأطماعه.. إنما ينشر العدل في كل مكان يحل به, ويساعدالمتخلفين, ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل; ويستخدم القوة التي يسرها الله له فيالتعمير والإصلاح, ودفع العدوان وإحقاق الحق. ثم يرجع كل خير يحققه الله على يديهإلى رحمة الله وفضل الله, ولا ينسى وهو في إبان سطوته قدرة الله وجبروته, وأنهراجع إلى الله." (في ظلال القرآن).<o:p></o:p>
أما ماهيّة يأجوج ومأجوج، وموطنهم وصفتهم، فالأحاديث فيها كثيرة، ومنها ما هو صحيح ومنها ما هو مرفوع وغير ذلك. لذا نتوقف عن الخوض في هذا الموضوع. وقد نخصص له موضوعا آخر يتحدث عنهم بالتفصيل.<o:p></o:p>
أصحاب السبت<o:p></o:p>
أبطال هذه الحادثة، جماعة من اليهود، كانوا يسكنون في قرية ساحلية. اختلف المفسّرون في اسمها، ودار حولها جدل كثير. أما القرآن الكريم، فلا يذكر الاسم ويكتفي بعرض القصة لأخذ العبرة منها.<o:p></o:p>
وكان اليهود لا يعملون يوم السبت، وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله. فقد فرض الله عليهم عدم الانشغال بأمور الدنيا يوم السبت بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوما للراحة والعبادة، لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة.<o:p></o:p>
وجرت سنّة الله في خلقه. وحان موعد الاختبار والابتلاء. اختبار لمدى صبرهم واتباعهم لشرع الله. وابتلاء يخرجون بعده أقوى عزما، وأشد إرادة. تتربى نفوسهم فيه على ترك الجشع والطمع، والصمود أمام المغريات.<o:p></o:p>
لقد ابتلاهم الله عز وجل، بأن جعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل، وتتراءى لأهل القرية، بحيث يسهل صيدها. ثم تبتعد بقية أيام الأسبوع. فانهارت عزائم فرقة من القوم، واحتالوا الحيل –على شيمة اليهود- وبدوا بالصيد يوم السبت. لم يصطادوا السمك مباشرة، وإنما أقاموا الحواجز والحفر، فإذا قدمت الحيتان حاوطوها يوم السبت، ثم اصطادوها يوم الأحد. كان هذا الاحتيال بمثابة صيد، وهو محرّم عليهم.<o:p></o:p>
فانقسم أهل القرية لثلاث فرق. فرقة عاصية، تصطاد بالحيلة. وفرقة لا تعصي الله، وتقف موقفا إيجابيا مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المكر، وتحذّر المخالفين من غضب الله. وفرقة ثالثة، سلبية، لا تعصي الله لكنها لا تنهى عن المكر.<o:p></o:p>
وكانت الفرقة الثالثة، تتجادل مع الفرقة الناهية عن المنكر وتقول لهم: ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم لن يتوفقوا عن احتيالهم، وسيصبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم. فلا جدة من تحذيرهم بعدما كتب الله عليهم الهلاك لانتهاكهم حرماته.<o:p></o:p>
وبصرامة المؤمن الذي يعرف واجباته، كان الناهون عن المكر يجيبون: إننا نقوم بواجبنا في الأمر بالمعروف وإنكار المنكر، لنرضي الله سبحانه، ولا تكون علينا حجة يوم القيامة. وربما تفيد هذه الكلمات، فيعودون إلى رشدهم، ويتركون عصيانهم.<o:p></o:p>
بعدما استكبر العصاة المحتالوا، ولم تجد كلمات المؤمنين نفعا معهم، جاء أمر الله، وحل بالعصاة العذاب. لقد عذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. أما الفرقة الثالثة، التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المكر، فقد سكت النصّ القرآني عنها. يقول سيّد قطب رحمه الله: "ربما تهوينا لشأنها -وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب-إذ أنها قعدت عن الإنكار الإيجابي, ووقفت عند حدود الإنكار السلبي. فاستحقتالإهمال وإن لم تستحق العذاب" (في ظلال القرآن).<o:p></o:p>
لقد كان العذاب شديدا. لقد مسخهم الله، وحوّلهم لقردة عقابا لهم لإمعانهم في المعصية.<o:p></o:p>
وتحكي بعض الروايات أن الناهون أصبحوا ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد. فتعجبوا وذهبوا لينظرون ما الأمر. فوجودا المعتدين وقد أصبحوا قردة. فعرفت القردة أنسابها من الإنس, ولم تعرف الإنس أنسابهم من القردة; فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي; فيقول: ألم ننهكم! فتقول برأسها نعم.<o:p></o:p>
الروايات في هذا الشأن كثيرة، ولم تصح الكثير من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنها. لذا نتوقف هنا دون الخوض في مصير القردة، وكيف عاشوا حياتهم بعد خسفهم.<o:p></o:p>
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:06 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.