:: مصطفى حسني بين السُنن الكونية والردود الشرعية ::

[أبو مصعب السلفي]

 

الحمد لله الموفق إلى مايحب ويرضى
والصلاة والسلام على من اتبعناه سنجد ما به نرضى
وبعد,

بدون كثير مُقَدِّمات مُطَوَّلات.. وببعض الكلامات اليسيرات; تتضح سنة رب البريات
مصطفى حسني سنة كونية
فالصراع بين الحق والباطل حقيقة مُسَلَّمٌ بها عند العالمين.. فمن بداية الإسلام والكفر.. إلى أن ظهرت الفرق الضالة من روافض ومعتزلة وأشعرية وصوفية... فقيّد الله من أهل الحق من يتصدون لهم ويُظهرون زيفهم وإفكهم وضلالهم
فعندما ظهر الخوارج تصدى لهم الصحابة الأبرار.. وعندما ظهر الإعتزال والكلام في القرآن تصدى ابن حنبل ومن معه.. وعندما ظهر الأشاعرة والمتصوفة ظهر لهم ابن تيمية وابن القيم ومن معهم...
وهذه الإفتراقات التي حدثت في صدر الإسلام هم أصل البدع.. فتَفَرَّع عنهم كل فرقة إلى يومنا هذا, فالإعتزال لم ينقرض; فهناك معاصرين ينبنون فكرهم, والأشاعرة لم تنقرض; فلهم معاصرين يحملون فكرهم ويتبجحون به ويفترون أنهم "أهل السنة والجماعة".
وبم أنّ أهل البدع ليس لهم أساس ليقفوا عليه فتجدهم يتخبطون كتخبط من مسّته الشياطين -عياذاً بالله-.. لذا تجد قوم عندما أرادوا أن يوفقوا بين المعتزلة وأهل السنة = خرجوا لنا ببدعة جديدة تحت اسم "الأشاعرة"... وهكذا, فصاروا يخرجون من بدعة إلى بدعة بسبب عدم انسياقهم لنصوص الوحيين بفهم السلف الصالح(1) -رضوان الله عليهم-
هذا الأصل الأصيل.. والركيزة التي إذا تمسّك بها المرأ نجا, وإن تَمَلَّصَ منها هلك ولا بد.
فظل أُناس يخرجون عن هذا الأصل ويبتدعون في الدين إلى أن وصلنا إلى بدعة جديدة في هذا العصر وهي:
الدُعاة الجُدد.. الذين يحملون الفكر المستنير.
فإذا سألت عن الفكر المستنير تُجاب بـ: أنه إسلام مُوَلَّف وفق المصالح الأمريكية, ففيه تجد تمييع لأصول الدين.. وإبعاد الناس عن قضاياهم الأساسية, مع ضربهم للولاء والبراء,
باختصارٍ تستطيع أن تقول أن منهجهم صُنِعَ على عين الأمريكان.. وربنا الرحمن المستعان.
ولعل من أبرز ممثلي الدعاة الجدد في العصر الحاضر هو عمرو خالد -هداه الله-.. ظهر في وقت قصير واشتهر شهرة عريضة, وبم أنه كان واقف على أرض هَشّه ليس لها أساس فما أن بدأ انطفاءه بفضل الله ثم دعاة الحق ممن يُظهرون زيفه وضلاله..
وبهذا يكن أصحاب "الفكر المستنير" خسروا أشهرهم وأصبح "كارت محروق".. ففزعوا وخططوا ودبروا بأن يدفعوا بـ مصطفى حسني -هداه الله- ليُكمل المسيرة النَتِنه في تحقيق أغراض الأمريكان -شعروا أم لم يشعروا.. عرفوا أم لم يعرفوا-

فما مصطفى حسني -ومن هم على دربه- إلا أداة لتحقيق السنة الكونية التي قضاها الله تبارك وتعالى; لتظهر سنة التدافع التي قال فيها سبحانه
" .. ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض ولكنّ الله ذو فضل على العالمين "
بهذا أكن قلت باختصار ما تيسر لي في الشطر الأول من الموضوع لأصبّر إخواني على الإبتلاءات التي تقع واحدة تلو أخرى من هؤلاء القوم.. وأعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر, والله المستعان.

كلامه في المولد النبوي
وأنا على الشبكة وجدتُ موضوع لأخي الحبيب أبي عمر الأندلسي -حفظه الله- يرد فيه على بعض كلام له على هذا الرابط, وعندما مررتُ على الكلام الذي اقتبسه أبي عمر من كلام مصطفى أحببتُ أن أعلق عليه لأبين بطريقة علمية خلط مصطفى في ضبط تعريف السلف, وعلى إثره لا ينضبط القيد الذي يتشدق به ولا يُطَبِّقْه وهو "أنه يتبع قرآن وسنة بفهم سلف الأمة" وسيتضح هذا في الأسطر القادمة إن شاء الله

فقال " فى كل سنة بيحصل جدال ... نحتفل أو منحتفلش
اللى بيحتفل بيقول هى دى هدى السلف والسلف كانوا بيحتفلوا
واللى مش بيحتفل بيقول السلف مش بيحتفلوا
طيب ما تيجى نرجع للسلف ونشوف "

وبعد أن قال هذا جاء بكلام عن ابن حجر والعز بن عبد السلام وغيرهم في كلام يُريد أن يؤصِّل بمشروعية الإحتفال بالمولد النبوي.. وكلامه هذا يوجد على موقعه في قسم لا يوجد فيه إلا موضوعاته ومُغلق (!!)

وقديماً قالوا "ثبِّت العرش ثم انقش عليه"
فتعالوا نُؤصِّل معنى "السلف" لغة وشرعاً

"معنى السلف لغة:
السلف: جمع سالف على وزن حارس وحرس, وخادم وخدم, والسَّالِف المُتقدِّم, والسلف.. الجماعة المتقدمون.(2)...

معنى السلف اصطلاحاً:
تعددت أقوال العلماء في تحديد ذلك من حيث المدى الزمني:
1- فمن العلماء من قصر ذلك على الصحابة -رضوان الله عليهم- فقط.
2- ومن العلماء من قال بأنهم هم: الصحابة والتابعون.
3- ومن العلماء من قال بأنهم هم: الصحابة والتابعون وتابعوا التابعين.
والقول الصحيح المشهور الذي عليه جمهور أهل السنة هو أن المقصود بالسلف الصالح هم القرون الثلاثة المفضلة الذين شهد لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالخيرية حيث قال " خير القرن القرن الذي بُعثتُ فيهم, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم" متفق عليه. فالسلف الصالح هم الصحابة والتابعون وتابعو التابعين"(3)

فعلى هذا التأصيل يتضح أن القيد الشرعي الموجود في "قرآن وسنة بفهم سلف الأمة" هم الثلاثة قرون المفضلة الأُوَل, فهذا ما تعبدنا الله به.

وهنا يأتي السؤال.. هل يؤثر عن أحد في هذه القرون المفضلة أنه احتفل بالنبي -عليه الصلاة والسلام-..؟!
هذا وقد ألزمتَ نفسك في بداية كلامك بالنظر في أحوال السلف.. أليس كذلك..؟!

فإن قلتَ: ما يُقال على ابن حجر والسيوطي والعز بن عبد السلام...إلخ
أقول لك: أن هؤلاء يُطلق عليهم السلف لغة لا شرعاً.. أما اللفظ الشرعي لهم فهو: أننا نحسبهم ممن قال فيهم ربنا " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانٍ رضي الله عنهم ورضوا عنه..."

فإن قلتَ: وإن كان ذلك كذلك; أليس كلامهم معتبر ويؤخذ به..؟!
أقول لك: أن الكلام الغير مُصاحب بدليل ومعارض لما كان عليه القرون الثلاثة الأُوَل غير مُعتبر -هذا إن سلّمنا صحة نقولاتك(4)-, والدليل على ذلك: أنه ليس معهم دليل.

وتعالوا معي إلى هذه الحسبة البسيطة = الأن معنا السلف -وهم الثلاثة قرون الأُول- لم يرد عنهم أنهم احتفلوا بمولد النبي عليه الصلاة والسلام,
ثم نأتي لمن اتبعوهم بإحسان.. فنجد أن بعض منهم قال بأن هذا مشروع -على حد نقل مصطفى حسني- والجمهور من العلماء إلى يومنا هذا على أنه ليس من السنة.
فيا تُرى: أي كِفَّةٍ تُرَجَّح..؟!

فيا مصطفى ياحسني -وفقني الله وإياك إلى مرضاته-
أنت قلتَ
" علشان تقرب لربنا لازم تمشى على القرأن والسنة بفهم سلف الأمة .. متفسرش الكتاب والسنة بعقلك ولكن امشى ورى الناس اللى الأمة شهدوا لهم انهم "
وقواعد هذه المقولة التي قلتها أنتَ.. التي تتلخص في :المنهج السلفي" هي:
" أولاً: ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها
ثانياً: التَقَيُّد في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم في معاني القرآن والسنة...
ثالثاً: العمل بذلك والإستقامة عليه اعتقاداً وتفكيراً وسلوكاً وقولاً, والبُعد عن كلِّ ما يخالفه ويُناقضه
رابعاً: الدعوة إلى ذلك باللسان والبنان.
فمن التزم هذه القواعد في الاعتقاد والعمل فهو على النَّهج السلفي بإذن الله"(5)

الله الله في دينك يا مصطفى
ولا يسعني إلى أن أقول الكلمة التي قيلت لخير البشرية -عليه الصلاة والسلام
إتَّقِ الله

هذا وإن كان فيما قلتُ من خطأٍ فهو من نفسي ومن الشيطان.. فكتبته ارتجالاً دون سابق تحضير, وودتُ أن تكون الكلمات قليلات المباني موصلة لما أريد من معاني ولكن قدّر الله وما شاء كان.
وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى.. وأسأله سبحانه أن يُلهمنا رشدنا وأن يقينا شرور أنفسنا

ولله الحمد والمنة
على القرآن والسنة
وعلى فهم سلف الأمة
" فستذكرون ما أقول لكم, وأفوض أمري إلى الله, إن الله بصيرٌ بالعباد "
..

----
(1) وسيأتي الكلام عن هذه النقطة في الرد على مسألة المولد -إن شاء الله-.
(2) لسان العرب 9/158
(3) عن كتاب معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات, للدكتور محمد بن خليفة التميمي (48:47) طـ أضواء السلف.
(4) فللأسف هناك الكثير ممن يقومون ببتر سياق الكلام عن لاحقه وسابقه ليأتي به على مُراده.. كما فعل مفتي مصر عندما نقل عن مالك في مسألة النقاب بأنه يقول: بأنه لا يجوز!!.. وعندما جاء الشيخ أحمد النقيب بسياق الإمام مالك وجد السياق فيه: لا يجوز النقاب للمُحرمة!, فقد قام المفتي ببتر كلمة "للمحرمة" ليضحك على عقول السذج -للأسف- ممن يستمعون له!, ويُرجع إلى آخر محاضرات للشيخ النقيب بهذا الصدد على موقعه لمن أراد.
(5) معتقد أهل السنة... صـ (49:48).