انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-19-2009, 05:34 AM
قلب ينبض قلب ينبض غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




Tamayoz فصل فى تفسير غنى النفس

 

من كتاب طريق الهجرتين و باب السعادتين
للامام العلامة ابن القيم الجوزية

قبل أن أنقل لكم نفائس هذا الكتاب فنصيحة لكل من لا يمتلك هذا الكتاب أن يبادر باقتنائه فهو من درر ابن القيم , و من يقتنيه و لم يقرؤه فسارع بقراءته و اسبح فى هذا البحر و أما من قرأه فأعد قراءته فستكتشف لآلئ جديدة لم تكتشفها من قبل .


فصل فى تفسير غنى النفس

قوله فى غنى النفس أنه :"استقامتها على المرغوب و سلامتها من الحظوظ و براءتها من المراءاة " يريد استقامتها على الأمر الدينى الذى يحبه الله و يرضاه و تجنبها لمناهيه التى يسخطها و يبغضها, و أن تكون هذه الاستقامة على الفعل و الترك تعظيما لله سبحانه و أمره و ايمانا به و احتسابا لثوابه و خشية من عقابه لا طلبا لتعظيم المخلوقين له و مدحهم, و هربا من ذمهم و ازدرائهم, و طلبا للجاه و المنزلة عندهم, فان هذا دليل على غاية الفقر من الله و البعد عنه و أنه أفقر شئ الى المخلوق.
فسلامة النفس من ذلك و اتصافها بضده دليل غناها ,لأنها اذا أذعنت منقادةلأمر الله طوعا و اختيارا و محبة و ايمانا و احتسابا بحيث تصير لذاتها و راحتها و نعيمها و سرورها بعبوديته كما كان النبى يقول :"يا بلال أرحنا بالصلاة " و قال :" حبب الى من دنياكم النساء و الطيب و جعلت قرة عينى فى الصلاة " فقرة العين فوق المحبة , فجعل النساء و الطيب مما يحب , وأخبر أن قرة العين التى يطمئن القلب بالوصول اليها و محض لذته و فرحه و سروره و بهجته انما هو فى الصلاة التى هى صلة بالله و حضور بين يديه و مناجاة له و اقتراب منه , فكيف لا تكون قرة عين؟ و كيف تقر عين المحب بسواها؟
فاذا حصل للنفس هذا الحظ الجليل فأى فقر يخشى معه, و أى غنى فاتها حتى تلتفت اليه؟ و لا يحصل لها هذا حتى ينقلب طبعها و يصير مجانسا لطبيعة القلب , فتصير بذلك مطمئنة بعد أن كانت لوامة , وانما تصير مطمئنة بعد تبادل صفاتها و انقلاب طبعها , لاستغناء القلب بما وصل اليه من نور الحق جل جلاله, فجرى أثر ذلك النور فى سمعه و بصره و شعره و بشره و عظمه و لحمه و دمه و سائر مفاصله , و أحاط بجهاته من فوقه و تحته و يمينه و يساره و خلفه و أمامه , و صارت ذاته نورا و صار عمله نورا و قوله نورا و مدخله نورا و مخرجه نورا و كان فى مبعثه ممن انبهر له نوره فقطع به الجسر .
و اذا وصلت النفس الى هذه الحال استغنت بها عن التطاول الى الشهوات التى توجب اقتحام الحدود المسخوطة , و التقاعد عن الأمور المطلوبة المرغوبة , فان فقرها الى الشهوات هو الموجب لها التقاعد عن المرغوب المطلوب , و أيضا فتقاعدها عن المطلوب بينهما موجب لفقرها الى الشهوات ,فكل منهما موجب للآخر . و ترك الأوامر أقوى لها من افتقارها الى الشهوات , فانه بحسب قيام العبد بالأمر تدفع عنه جيوش الشهوة , كما قال تعالى :" ان الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر " و قال تعالى : " ان الله يدافع عن الذين آمنوا " و فى القراءة الأخرى ( يدفع ) فكمال الدفع و المدافعة بحسب قوة الايمان و ضعفه , فاذا صارت النفس حرة طيبة غنية بما أغناها به مالكها و فاطرها من النور الذى وقع فى القلب ففاض منه اليها استقامت بذلك الغنى على الأمر الموهوب , و سلمت به عن الأمر المسخوط و برئت من المراءاة , و مدار ذلك كله على الاستقامة باطنا و ظاهرا , و لهذا كان الدين كله فى قوله تعالى :" فاستقم كما أمرت " و قال سبحانه :" ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون"
و هذه الاستقامة ترقيها الى درجة ثالثة من الغنى , و هو الغنى بالحق تبارك و تعالى عن كل ما سواه ,و هى أعلى درجات الغنى
وهذا فصل آخر من فصول هذا البحر نكمله لاحقا و هو :
فصل فيما يغنى القلب و يسد الفاقة




ملحوظة :
الى من قرأ لابن القيم بالله عليكم قولوا لى كيف استطاع أن يصل الى هذا الحس العالى و الى هذه الكلمات الرقيقة التى تمس القلب برفق و تجعله يقف حائرا مراجعا نفسه فى كل خطاه . كيف نصل الى هذه الدرجة فى ظل ارهاق القلب الذى نمر به؟
صدق هذا القول : لو لم يكن لابن تيمية حسنة الا تلميذه ابن القيم لكفى.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-20-2009, 04:00 AM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

اسال الله يرحمهم برحمته وان يلحقهم بالشهداء والصدقين - اللهم آمين
في كلامهم درر عليهم رحمة الله
جزاكِ الله خيراً
وبارك الله فيكِ
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 12:33 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.