انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة لرد الشبهات ، ونصح من خالف السنة ، ونصرة منهج السلف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-02-2013, 06:31 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي الأحزاب أم أحد ؟!

 



د. راغب السرجاني


بين التاريخ والواقع


21/07/2013 - 11:16am







دومًا أنظر إلى السيرة النبوية على أنها نور يهدي في ظلمات الحياة.. إننا نحتار كثيرًا، ونضطرب مرارًا، ونختلف في الرؤى والتحليل بشكل متكرر، وهذا ليس عيبًا، إنما هي السُنَّة الماضية التي وضعها الله عز وجل في خلقه.. قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118].. فعند هذه الحيرة أو الاضطراب أو الاختلاف يجدر بنا أن نعود سريعًا إلى السيرة النبوية فنبحث بإخلاص عن قراره صلى الله عليه وسلم في مثل موقفنا، ونتخيل أنه بين أظهرنا، أو نفترض بناءً على ما توافر لنا من مصادر حكت لنا قصته صلى الله عليه وسلم أنه كان سيفعل كذا وكذا، ثم نُقْدم بلا تردد على فعل ما نتوقع أنه كان يفعله، وعندها سنجد الخير كل الخير، وسيشرح الله صدورنا لطرق حل هذه الأزمة، وسينير الله لنا الطريق المظلم، وسنهتدي بعد الحيرة دون قلق أو اضطراب.

وأنا أعلم أن الأمر ليس سهلاً ميسورًا، إنما يحتاج إلى كثرة علم، وإحاطة بأحداث السيرة النبوية، وفهم دقيق لها، كما يحتاج إلى دراسة وافية للواقع الذي نعيشه، حتى يمكن لنا أن نسقط موقفًا معينًا من مواقف السيرة على ما نمر به من أحداث.
كما أنني أدرك أن كثيرًا من المواقف التي أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثناء قصته كانت مع الكفار الذين يصدون عن سبيل الله، بينما تحدث مثل هذه المواقف في زماننا الآن مع مفسدين ومجرمين من المسلمين وليسوا كفارًا، فنحن نختار رد فعل معين لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مقاومته للظلم، أو في حربه للفساد، أو في دفاعه عن الشريعة، ولكن دون أن نسقط أحكام الكفر والإيمان على الطرف الآخر الذي يصد الآن عن سبيل الله، فهذا ميدان آخر له فقهاؤه وعلماؤه، ويحتاج إلى معايير أخرى لسنا بصدد الحديث عنها الآن..

أقول هذا الكلام لأنني عندما أصف ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقاومة المشركين في مكة، أو في غزواته الكثيرة بعد ذلك، لا أعني وصم المفسدين الذين يقاومون أهل الدين، ويحاربون الفضيلة والشريعة، لا أعني وصمهم بالكفر، إنما فقط آخذ النور الذي يخرجنا من أزمتنا عندما أشاهد ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تعرض للأذى من قومه..

ولنأخذ مثالاً واقعيًا يوضح لنا أن الحركة الإسلامية يمكن لها أن تأخذ مواقف متباينة ومختلفة إذا ما رجعت إلى السنة النبوية، وفهمت الفرق بين ردود أفعاله صلى الله عليه وسلم حسب الظرف والزمن.
لقد رأينا أعداء الإسلام يحاربون رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحزاب، ورأيناهم كذلك يحاربونه قبلها بسنتين في أحد، هذا غير المواقع الأخرى الكثيرة التي حدث بينهما فيها صدام.
وقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم ردود أفعال مختلفة تمام الاختلاف في كلا الموقفين، الأحزاب وأحد، بناءً على تقييمه للحادثة التي يمر بها..

في غزوة الأحزاب حاصر المشركون المسلمين حصارًا طال مع مرور الوقت حتى وصل شهرًا، وكان الاختيار النبوي هو الثبات، والدفاع عن الخندق، واستمرار الصدام، مع توقع النصر أن يأتي بين لحظة وأخرى في الوقت الذي يريده رب العالمين..


أما في غزوة أحد، فبعد تغير مسار المعركة، ونزول الرماة من فوق الجبل، وحدوث أخطاء جسيمة من الحركة الإسلامية، حدثت المصيبة، وسيطر المشركون على الموقف، وأصيب المسلمون، وجُرح قائدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقُتل بعض القادة الكبار، فكانت حسابات الرسول صلى الله عليه وسلم مغايرة تمامًا لحساباته التي ستكون بعد ذلك في غزوة الأحزاب.


لقد قرر الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينسحب من أرض القتال إلى جبل أحد، هو ومن معه من المؤمنين العظام، أمثال أبي بكر وعمر وعلي وأبي عبيدة وطلحة رضي الله عنهم جميعًا، وقرر الاختفاء في الجبل، بل وعدم الرد على استفزازت أبي سفيان زعيم المشركين آنذاك.

لقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لأن الثبات في أرض أحد إلى نهاية المطاف يعتبر مفسدة كبيرة، لأنه يعني قتل مزيد من المسلمين، دون إحداث نكاية في العدو، ولذلك انسحب الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم ليعلمنا الواقعية في مثل هذا الموقف، وليتجهز بعد علاج الأخطاء لجولة جديدة يكون له فيها النصر بإذن الله.

كان هذا هو اختياره صلى الله عليه وسلم، مع أن هذا الاختيار كان من الممكن أن يتبعه غزو من المشركين للمدينة المنورة الخالية من الجند الآن، وكان من الممكن أن يتبعه قتل وسبي ونهب، وكان من الممكن أن يتبعه أسر لعدد كبير من المسلمين تتم المساومة عليهم فيما بعد.

كل هذه سلبيات كان من الممكن أن تحدث، لكن لم يكن في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم آنذاك حل آخر، فاختار ما رآه أحلى الاختيارات، مع أن كل الاختيارات مُرَّة!

ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم اختار الاختيار الأنسب والأصلح فإن الله عز وجل حفظ المؤمنين مع أنهم أخطأوا، فليس من الممكن أن يوجد مؤمنون بلا أخطاء، لأنهم من البشر، والبشر - بخلاف الأنبياء - ليسوا بمعصومين، فإذا اختارت الجماعة المؤمنة عند حدوث الخطأ الحل الأصلح في مثل هذا الموقف حفظها الله من كيد أعدائها مهما كان، وهذا ما حدث مع المسلمين في أحد، فقد ألقى الله في روع المشركين أن يعودوا إلى مكة دون تفكير في حصار الجبل الذي يختبئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ودون تفكير في غزو المدينة، أو التصعيد بشكل أكبر.

ثم بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في التفتيش عن الأخطاء القلبية التي قادت إلى المصيبة، وقام بالعلاج، فعادت الغلبة مرة ثانية للمسلمين.

ولعله من المهم جدًا أن ندرك أن انسحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن معناه أنَّه تخلى عن نصرة الحقِّ، أو أنه شكِّ في كون الحقِّ معه أو مع عدوه، ولكن كل ما في الأمر أنه وجد أن انسحابه الآن سيكون أحفظ للحق بحفاظه على بعض المؤمنين الذين يمكن أن يعيدوا الكرَّة مرة أخرى في المستقبل في ظروف أفضل، فلم يكن الأمر إذن هروبًا من الميدان، ولكن كان تحرُّفًا لقتال، وتحيُّزًا إلى فئة..


ويبقى السؤال الذي يجب أن تجيب عنه الحركة الإسلامية بمنتهى الوضوح والشفافية:
هل نحن في الأحزاب فنثبت حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً؟
أم نحن في أحد فننسحب ونُهدِّئ من الأمور، ونتحمل النتائج الصعبة لأننا كنا السبب فيها، ونفتش عن أمراضنا القلبية ونعالجها، ثم نعيد الكرَّة مرة أخرى على منهاج النبوة؟
المسألة في رأيي اجتهادية، وإجابة هذا السؤال هي التي ستحدد المسار، وهذا لا يحتاج إلى علم فقط، بل يحتاج كذلك إلى ورع وتقوى وقدرة على تحمل المسئولية، وشجاعة في اتخاذ القرار المناسب ولو كان شديد المرارة.
ونسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين..
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 08-02-2013 الساعة 06:34 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 07:18 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.