انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-06-2010, 04:28 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




3agek13 أسس اختيار الزوجة الصالحة

 

تزوجوا الودود الولود

للشيخ ابى اسحاق الحوينى
الأسرة هي اللبنة الأولى التي يتكون منها المجتمع، فإن صلحت صلح المجتمع، وإن فسدت فسد المجتمع، وقد وضع الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام
أسساً وضوابط لرعاية هذه الأسرة التي تبدأ تكوينها بالزواج، فحث الرجل على اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين والخلق، ولا عليه أن
يراعي بعد ذلك الجمال والحسب والمال فهو مباح ..
وحث الإسلام ولي المرأة أن يتحرى في الخاطب: الدين والخلق. وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة، وحين تكون المرأة الصالحة ودوداً ولوداً فيكون
قد اجتمع للزوج سعادة الدنيا، واستعان بها على نيل سعادة الآخرة.

أسس اختيار الزوجة الصالحة
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له،
ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[النساء:1] .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة،
وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فإن أجل غراس هو غراس الإنسان، قال الله تعالى:
وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا[نوح:17]،
فهذا هو أجل غراس يغرسه الإنسان في حياته، ومعلوم أن الزرع لا يستغني عنه الإنسان في حياته، والزرع لا يطيب إلا بثلاثة أشياء:
بخصوبة الأرض، وعذوبة الماء، ومهارة الأيدي العاملة، فخصوبة الأرض بالنسبة للإنسان هو أن يختار الرجل أم ولده، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(تخيروا لنطفكم)، لا تضع نطفتك إلا في أرض صالحة، فإذا ضممنا هذا مع الثنتين الأخريين؛ فهذا هو الطريق إلى جيل التمكين. إن أجل غراس هو الإنسان،
ولذلك قرن الله عز وجل بين مراحل خلق الإنسان وبين الزرع؛ لتعتبر بما شاهدته على ما لم تشاهده:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا [الحج:5]،
هذا هو غراس الإنسان
وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الحج:5-6] ،
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[فصلت:39].
فهذا قران ما بين خلق الإنسان وما بين الزرع، فأنت أيها الرجل زرعت الزرع ولاحظت نموه، واشتريت الأرض الخصبة بأغلى الأثمان،
ورغبت عن الأرض التي لا تخرج الزرع، هذا كله مشاهد، وأنت ترتكبه، فكيف عندما جاء أجل الغراس أهملت خصوبة الأرض؟!
إن المقصود الأعظم من الزواج هو: الذرية، وكل شيءٍ يأتي بعد ذلك. روى
ابن أبي الدنيا في كتاب العيال عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
(إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله من صلبي نسمة توحده
فهذا هو المقصود الأعظم: بقاء النسل لاستمرار العبودية. تقوم البيوت في الأصل على عبودية الله عز وجل، ويدل على ذلك قول الله تبارك وتعالى:
فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ[البقرة:230]
المرأة التي طُلّقت طلاقاً بائناً لا تحل لزوجها حتى تنكح رجلاً آخر، فإذا نكحت رجلاً آخر نكاحاً شرعياً كاملاً، ثم طلقها الرجل الآخر،
وأرادت أن ترجع إلى زوجها الأول، قال تبارك وتعالى:
فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ[البقرة:230]
فهذا أولى من أن تقول المرأة: أرجع إلى زوجي الأول رعاية للأولاد.. لا،
إذا كانت سترجع إلى زوجها الأول رعاية للأولاد ولا ترعى حدود الله فلا ترجع، فمراعاة حدود الله عز وجل أولى وأهم من رعاية حقوق الأولاد.
فأنت أيها الرجل: إذا رغبت في النساء فارغب بهذه النية، لأن النية تسبق الذرية، ولذلك وضع الله عز وجل أصولاً لطلب المرأة. ......

أهمية اختيار زوجة ذات دين
النبي صلى الله عليه وسلم حث على اختيار ذات الدين، فقال:
(فاظفر بذات الدين تربت يداك) ،
ولا مانع أن تضم صفة أو صفتين أو أكثر إلى الدين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
(تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)
فذات دين جميلة أفضل من ذات دين فقط، وذات دين جميلة وغنية أفضل من ذات دين جميلة.. فقط وهكذا.
ثم نحن نذكر صفتين ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم في حديث
معقل بن يسار ، الذي رواه النسائي وأبو داود ، قال عليه الصلاة والسلام:
(تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) ، (الودود الولود)
وانظر إلى هذا الجمع!
إن هناك ارتباطاً قوياً جداً بين الود وبين ولادة المرأة، إن الرجل قد يحب المرأة لأجل أولادها،
ويحب الأولاد لأجل أمهم، والعلاقة بين الرجل والمرأة إذا أنجب منها الولد أقوى وأمتن من العلاقة بين رجل وامرأة لا ينجب منها،
ولذلك جمعهما معاً (الودود الولود) الودود:
كثيرة الود، محبة لزوجها، لا تنغصه ولا تكدره. وإنه ليطول عجبي أن تدفع المرأة زوجها دفعاً إلى العمل فترة وفترتين وثلاثاً، ويأتي الرجل في
آخر اليوم يشتكي من مفاصله ظهره وصداعاً في رأسه، ومع ذلك لا ترضى المرأة..!
أي ود هذا، وأي وفاء؟!
كيف تسعد المرأة بحياتها وهي ترى زوجها يعاني هذه المعاناة، ولا تعيش معه على ذات يده؟!!

الأخلاق المثالية للزوجة
إن النبي عليه الصلاة والسلام امتدح نساء قريش -كما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه- قال:
(خير نساء ركبن الإبل نساء قريش: أحناه على ولد، وأرعاه على زوج في ذات يده) لذلك كن خير النساء. تريد أن تعرف المرأة الودود؛
اعتبر بحال
خديجة رضي الله عنها، سيدة النساء، فقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة، وذكرت بدء الوحي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحنث في غار حراء،
ولما جاءه الملك وقال له: اقرأ؟ قال: ما أنا بقارئ، وهزه هزاً عنيفاً، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى داره يرجف فؤاده،
وقال: زملوني .. زملوني، وقال لـ
خديجة: لقد خشيت على نفسي، قالت: كلا، والله لا يخزيك الله أبداً، وفي رواية وقعت في بعض روايات صحيح البخاري قالت:
كلا، والله لا يحزُنك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتساعد الضعيف، وتعين على نوائب الحق،
فانظر إلى كمال عقلها ولطفها، وحسن مواساتها لزوجها! أما كمال عقلها: فلأن الإنسان إذا أصابه الروع والفزع احتاج أن يذكره أحد بمآثره وصفاته.
رجع النبي صلى الله عليه وسلم وفؤاده يرجف مما رأى، وهو يقول:
(لقد خشيت على نفسي) ،
فقالت
خديجة -وأكدت ذلك بالقسم-: (كلا -والله- لا يخزيك الله أبداً)
واستدلت على كريم شمائله وجميل نعوته أنه لا يُخزى:
(إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل -أي: العالة يحمله حملاً- وتساعد الضعيف، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)
فكيف تُخزى. أيها الرجال! أعينوا النساء على البر، إن الصدق هو أقصر طريق للإقناع، كن رجلاً في بيتك، لا تسقط من عين امرأتك بالكذب
ولا بالخداع ولا بالمماراة، الصدق أقصر طريق للإقناع، إنك ترفع امرأتك رفعاً إذا كنت على هذا المستوى، إن صدق الرجل له أثر عظيم
في استقامة المرأة، ما فسدت نساؤنا إلا بعد أن فسد رجالنا، ما نشزت امرأة في الغالب إلا كان الرجل سبباً في نشوزها؛ لم يقم عليها بحق القوامة.
نظرت
خديجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرأته رجلاً أميناً صادقاً وفياً، كان كثير الثناء عليها بعدما ماتت، حتى قالت عائشة رضي الله عنها -كما رواه البخاري وغيره- :
( ما غرت على امرأة قط غيرتي على
خديجة )
يقول الإمام
الذهبي رحمه الله: وهذا أعجب شيء: أن تغار من امرأة ميتة، ولا تغار من نسوة يشركنها فيه صلى الله عليه وسلم!
لا تغار من
أم سلمة ، ولا تغار من أم حبيبة ولا من حفصة ولا من زينب، وهذا من لطف الله بنبيه؛ حتى لا يتكدر عيشه، لا تغار من نظيرتها
وتغار من
خديجة ؛ لكثرة ما كان يذكرها ويثني عليها، (كان يذبح الذبيحة فيقطعها أعضاء، ثم يرسل إلى صدائق خديجة -أي: صديقاتها- فقلت له يوماً:
كأنه ليس في الدنيا امرأة إلا
خديجة . فقال لي: إنها كانت وكانت، وكان لي منها الولد) أي: جعل يثني عليها ويذكر شمائلها. وذات
مرة كما في صحيح البخاري استأذنت
هالة بنت خويلد -أخت خديجة - وكان صوتها يشبه صوت خديجة ، واستئذانها يشبه استئذان خديجة ،
وذلك بعد موت
خديجة رضي الله عنها بزمان، فلما سمع صوتها ارتاع لذلك -أي: يعني فزع، وهذا هو فزع الشوق واللهفة- وفي الرواية الأخرى:
(قال: اللهم
هالة !) أي: اللهم اجعلها هالة ، قالت عائشة : فغرت، فمجرد الصوت يذكره بها، وطريقة الاستئذان تذكره بها، فقلت له: وما تفعل بعجوز حمراء الشدقين هلكت في الدهر أبدلك الله خيراً منها، تستنكر وكأنها تقول: ما هذا الكلام؟!
وما هذا الثناء؟! وما هذا الذكر المستمر؟!
أتذكر امرأة عجوزاً، وقولها: (حمراء الشدقين): كناية عن سقوط أسنانها، حيث لم يبق في فيها إلا حمرة اللثة، فهي تقول: فما تفعل بامرأة سقطت أسنانها عجوز
(هلكت في الدهر، أبدلك الله خيراً منها؟!)
تقصد نفسها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم وهذا خارج
البخاري ، قال: (لا والله، ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي إذ كذبني الناس،
وأعطتني إذ حرمني الناس، وواستني بمالها إذ منعني الناس، ورزقني الله منها الولد إذ حرمني أولاد النساء). فانظر إلى هذا الوفاء! كثير الثناء والذكر لها، وهي تستحق ذلك، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع:
خديجة ومريم وفاطمة وامرأة فرعون)
أربع نساء في ملايين النساء منذ خلق الله آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لها الشرف أنها تأخذ أجر كل مؤمنة بعدها إلى يوم القيامة،
لها الشرف في ذلك؛ لأنها أول من آمنت مطلقاً قبل
أبي بكر الصديق ؛ لأنها أول من علمت ببعثته صلى الله عليه وسلم، وبأنه نُبئ فآمنت به،
فلها أجر كل مؤمن يأتي إلى يوم القيامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)
وهذه سنت سنة الإيمان، وقال صلى الله عليه وسلم مؤكداً هذه القاعدة:
(ما من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها؛ لأنه أول من سن القتل)،
ابن آدم الأول الذي قتل أخاه يحمل كفلاً وتبعة كل رجل قتل ظلماً إلى قيام الساعة؛ لأنه أول من قتل واستن القاتلون به؛ فيحمل هذه التبعة. كذلك الذي يسن الخير،
وينشر الدين والعلم والسنة في بلد ليس فيها شيءٌ من ذلك، له أجر الدعاة إلى هذا الدين إلى يوم القيامة، كذلك
خديجة :
آمنت بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ كذبه الناس. هي هذه الودود، صاحبة الدين المتين.

المرأة الودود جوهرة الحياة

الودود: المحبة لزوجها، قال الله تبارك وتعالى:
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34] ثم ذكر، أمام هذه القوامة صنفي النساء:
فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء:34]
هذا هو الصنف الأول، أما الصنف الثاني فهن:
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34] ،
فانظر بعدما ذكر القوامة قال: (( فَالصَّالِحَاتُ )):
أي اللواتي لا يهدرن قوامة الرجل، ويطعن أزواجهن، ووصفهن بذلك، وقرن وصفهن بالفاء العاطفة التي تفيد الترتيب مع سرعة المبادرة،
(( فَالصَّالِحَاتُ )) أي: اللاتي يمتثلن مباشرة إذا أمر الزوج بالمعروف وفي قدر الاستطاعة.
(( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ )) أي: طائعات لربهن، والمرأة التي تعصي ربها، يسهل عليها أن تعصي زوجها، كيف تطيع زوجها وقد نشزت على ربها؟
لذلك ذكر أول صفة فيها تستقيم بقية الصفات فيها بعد ذلك:
(( قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ )) .
تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فسئل: من خير النساء يا رسول الله؟ قال: (التي إذا نظرت إليها سرتك،
وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك).
قال تعالى: (( حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ ))
أي: لغيبة أزواجهن، إذا غاب الزوج تحفظ ماله وتحفظ عرضه. وقوله: (إذا نظرت إليها سرتك) وليس المقصود به جمال الوجه، إنما المقصود به جمال الروح؛
لأن هناك نساء طبعهن التنكيد، لا يرى الرجل منهن إلا تكشيرة الوجه، الدائمة التي تنبي عن عدم الرضا. وقوله:
(وإذا أقسمت عليها أبرتك)
أي: لا تحنثك في يمينك أبداً، مهما كان الذي حلفت عليه شاقاً عليها.. هذه هي خير النساء التي يجمعها قوله صلى الله عليه وسلم:
(الودود) كثيرة الود، دائمة البٍشْر.
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى عن المرأة التي ينبغي أن يبحث عنها من هي؟ قال:
(وامرأة تعين زوجها على أمر الآخرة)،
هذه هي المرأة التي ينبغي أن يبحث الرجل عنها. وهناك من النساء من هي كالعدو اللدود،
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ [التغابن:14]
(عدواً لكم) المرأة التي ترهق زوجها وتتعبه، وتضطره أن يعمل وردية واثنتين وثلاثاً ليقضي حاجتها وحاجة الأولاد عدوة لزوجها، لأنها ضيعت عمر زوجها في طلب المال،
ويمتحن الرجل أشد الامتحان، ويذل أعظم الذل، ويصيبه الكمد أنه بعد هذا المجهود الهائل لا تشكر المرأة سعيه وجهده،
ولا ترى أن الرجل فعل لها شيئاً، وتجدها دائماً متذمرة شاكية، يموت الرجل من الكمد أمام هذا الصنف من النساء، ضيع عمره في طلب
المال ثم هي لا تشكر. ليس معنى العداوة أن تحمل المرأة سلاحاً وتحارب، العداوة: أن تصدك عن الذكر والعبادة، وعن طلب الآخرة..
هذه هي العداوة الحقيقية.
وتأمل قوله تعالى:
إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ [التغابن:14]
إذ قدّم الزوجة على الولد؛ لأن الزوجة التي يكون هذا شأنها ترضع أولادها هذه الخصلة الذميمة، فتكون دائمة التشكي، والولد كثير الحنين
والتأثر بدموع أمه، الرجل يعمل في الخارج مثل الطاحونة، وهي تظل طوال النهار والليل تبكي وتشكو للولد من أبيه، وتقول له:
أنا لم أر معه يوماً راحة، ما رأيت معه إلا الذل. ولولاك لطلبت الطلاق، أنا أعيش معه لأجلك أنت فقط. فالولد يرى أن الأم مضحية
لأجله والرجل دوماً يذل الأم ويرعرع ويشب على ذلك، مثل هذه الأم لا تنجب ذرية صالحة، الذرية منها تكون في الكفران وجحود الجميل مثلها تماماً، إذ هي الأصل والولد الفرع،
و(الحية لا تلد إلا حية).
إذاً: أول شيء يحرص عليه المرء في المرأة أن تكون ذات دين، وهذه الخصلة هي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)
ورعايتها لزوجها ودوام إرضائه والتودد له هو من معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (الودود). وخصلة أخرى تدخل تحت هذا النعت الجميل (الودود: كثيرة الود)
ما رواه الإمام
النسائي رحمه الله من حديث ابن عباس، قال صلى الله عليه وسلم:
(خير نسائكم من أهل الجنة الودود الولود العئود -وهذه خصلة أخرى- التي إذا غضب منها زوجها أخذت بيده، وقالت له: لا أذوق غُمضاً حتى ترضى)
ولك أن تقف متأملاً قوله عليه الصلاة والسلام: (لا أذوق غمضاً) والغمض: هو النوم، أي: لا أنام، ولا ألتذ بمنام إلا أن ترضى، هذه هي خير نسائنا
من أهل الجنة جعلنا الله وإياكم وأزواجنا من أهلها ..
ونفهم من كلمة (من أهل الجنة) أن المرأة إذا أحبها زوجها في الدنيا كانت زوجته في الآخرة. (العئود): أي التي يعود نفعها على زوجها،
فإذا كانت غنية أنفقت على زوجها وعلى عيالها. ويدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: (العئود) المرأة المدبرة، التي لا تتلف متاع زوجها وماله، لأنها إذا أتلفت متاعه استبدله الزوج بمتاع آخر وبمال جديد؛ مما يزيد من معاناته ويعقبه الفقر،
فهي إذا وفرت له ذلك كأنما أعطته مالاً، و(العئود) فرع من (الودود) فهذه الصفة من أجمل الصفات (الودود)! فالمرأة الودود تتودد إلى زوجها؛
لأنها تبتغي رضا ربها برضاه، حتى إن الزوج قد يظلمها وقد يضربها وقد يهينها، فتذهب إليه وهو المخطئ فتأخذ بيده وترضيه، وتقول له:
لا أكتحل بغُمض حتى ترضى، فهي تتودد إليه وهي المظلومة.. فهذا الود له طعم ومذاق وجمال! مع أن هذا الود ممن يحتاج إلى رزقك، فكيف
لو كان هذا المتودد إليك لا يحتاج إليك في قليل ولا كثير، ويظهر الفرق في مثل الصورتين التاليتين: رجل فقير يتودد لغني، الغني لا يكاد يقدر هذا الود، لماذا؟
يقول: هو يحتاجني، كأن يريد مالاً أو مساعدة. إما إذا جاء الغني وتودد إلى الفقير، فالفقير يسأل نفسه: هذا الرجل لِمَ يتودد إلي وهو لا يحتاجني؟!
لا دافع لذلك إلا أنه إنسان نبيل، شريف، حسن الخلق.. هذا هو الفرق بين ود المستغني وود المحتاج. ولله المثل الأعلى،
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ [البروج:14]،
لماذا يتودد إليك بنعمه ومغفرته زلاتك ومضاعفته لأجرك وحسناتك، وهو مستغن عنك، ولا يحتاج إليك، وأنت المحتاج إليه، ولفظ (ودود) على
وزن (فعول) -صيغة مبالغة- أي: كثير الود؟!
لأنه الرب الغفور الرحيم المتفضل، فهو يتودد إليك برغم معاصيك، وبرغم أنه لا يحتاج إليك. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

الخصال التي تراعى في الزوجة
الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ[الأحزاب:4] ،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. فأول شرط في البحث عن خصوبة الأرض: أن تكون الأرض
صالحة لوضع النطفة، والصلاح للأرض (المرأة) هنا إنما يقصد به صلاح الدين، فإذا صلح دين المرأة زكت كل خصالها، وأما الصفات الأخرى التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام لو بحثت عنها لم تكن آثماً: المال والجمال والحسب.
وهناك حديث ضعيف جداً أورده الإمام
ابن الجوزي رحمه الله في كتاب الموضوعات -وبعض الناس يحتج بهذا الحديث- ويقول:
(من تزوج امرأة لحسبها لم يزده الله إلا ذلاً، ومن تزوج امرأة لمالها لم يزده الله إلا فقراً ...) إلخ،
فهذا الحديث من جهة السند لا يصح، إذ سنده ساقط، ومن جهة المتن يعارض حديث
عبد الله بن عمرو بن العاص الصحيح:
(تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ...)
وهذا الحديث في الصحيحين، فهنا مباينة ومعارضة صريحة بين هذا الحديث الصحيح وبين ذاك الحديث الذي ذكرنا أن سنده ساقط.
لكن الدين اجعله محور الارتكاز، ثم إن شئت أن تبحث عن المرأة اختر هذه الصفة الأخرى، وهي: أن تكون بكراً؛ لأن للبكارة تأثيراً عجيباً
في استقرار الحياة، والمرأة عندما تتزوج تكون شديدة الوفاء لأول إنسان يدخل في حياتها. قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر ذات الدين:
(تربت يداك) و(تربت يداك): معناها تعلقت يداك بالتراب، وهذا كناية عن البركة، فكل خير من التراب والطين. عبدة الشيطان لا يعرفون
هذه الحقيقة، إبليس -عليه من الله اللعنة المتلاحقة إلى يوم القيامة- قاس قياساً منكوساً معكوساً وهو يحاج الله تبارك وتعالى
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ[الأعراف:12]
فالطين مصدر كل خير، والنار مصدر الدمار والخراب، فانظر إلى هذا الجاهل كيف قاس الشيء على نقيضه! إنما يقبل القياس إذا كان قياس
النظير على النظير، لكن قياس الشيء على نقيضه لا يقبل أبداً إذ هو معكوس منكوس، والطين مصدر الخير والنماء والبركة، لذلك
قال النبي صلى الله عليه وسلم له: (فاظفر بذات الدين بورك لك) ولا مانع أن يراعي الرجل الثلاث الصفات الأخرى، لكن يجعل الدين محور الارتكاز،
فذات دين جميلة أفضل، فإن الجمال يرد ما في نفس الرجل، وعند أن تكون ذات دين وحسب، فالحسب يدل على كرم المحفد، والحسب مطلوب، فعراقة الحسب لها أصل وتأثير في الفرع! ......

(إياكم وخضراء الدمن ...)
هناك حديث موضوع كذب على النبي عليه الصلاة والسلام وهو:
(إياكم وخضراء الدمن، قيل: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء)
وهذا الحديث كذب على الرسول عليه الصلاة والسلام،
لكن لو أجرينا هذا الكلام كحكمة وجدناه سديداً،
(خضراء الدمن: المرأة الحسناء في المنبت السوء)
كما لو كنت: تمشي على مستنقع، مغطياً أنفك من نتن هذا المستنقع، ومع ذلك يلفت نظرك زهرة جميلة اللون خرجت في هذا المستنقع،
لا تراها في الأرض الخصبة الجيدة التي تسقى بالماء العذب، فهذه المرأة الحسناء في المنبت السوء؛ احذرها! وإن كان ظاهرها الالتزام؛
لأن طفولة هذه المرأة ضاعت، فيوم فتحت عينيها على الحياة وجدت أباها لا يصلي، ووجدت أمها لا تلتزم الحجاب، وربما وجدت
أباها يشرب الخمر أو يعاقر النساء، وربما وجدت نتن الخيانة ينبعث من أمها، كل هذا انطبع في قلبها ورأته، وأشربت به في أهم فترات العمر
وهي الطفولة، ثم تداركها الله بلطفه، فلما اختلطت بالفاضلات العفيفات بدأت تقلدهن، لكن على إثر، فعندما تتزوج فإنه يحصل في بيتها
ما يحصل في البيوت عادة من الشجار والنزاع؛ فترجع المرأة إلى أصلها في الشجار، وقد تغضب وتترك بيت الزوجية إلى بيت أبيها، وأبوها لا يعين على البر والتقوى، وأمها كذلك، فتنشز عليه، وهم يزيدون من نشوزها، فلا تغتر -إذاً- بخضراء الدمن!
وقد يعترض معترض فيقول: ما ذنب المرأة؟ ألا ننقذها مما هي فيه؟ فمثلاً: امرأة واحدة ملتزمة تراعي الله عز وجل وفي بيت غير ملتزم، وهي ملتزمة
في وسط هذا المجتمع.. ألا ننقذها؟ فنجيب عليه: نحن ابتداءً لم نقل بتحريم الزواج من هذا النوع من النساء.. لأنك إذا تزوجتها وصلحت هذه المرأة فذلك أمر نادر، والنادر لا يقاس عليه، وكلامنا هنا أغلبي، فلا يعترض على هذه القاعدة
الأغلبية بمثال أو اثنين أو ثلاثة أنه كانت امرأة منبتها سوء ثم أصبحت من خير خلق الله، هذا استثناء، والشاذ لا يقاس عليه، إنما نقيس على
الأعم الأغلب، فكذلك الأعم الأغلب بالنسبة للأبكار الاستقرار ، فالمرأة الوفية البكر إذا صادفت رجلاً نبيلاً تأثرت به غاية التأثر، يحفر سيرته في مجرى حياتها. فراع الحسب، وراع أصالة المنبع وكرم المحفد؛ لأن هذا يعينك على الاستمرار
في الحياة، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر الحسب وأقر، ولكنه حث على ذات الدين: (تنكح المرأة لجمالها ولحسبها ولمالها ...)
لا مانع أن يتزوج الرجل المرأة لمالها، وليس على الرجل غضاضة أن يستفيد من مال امرأته، لكن أحياناً الرجل لا يأخذ المال من امرأته لعلة عنده،
لكن إذا انتفت العلل لا غضاضة عليه أن يستفيد من مال امرأته كما استفاد
ابن مسعود من مال امرأته، ومن قبله سيده وسيدنا
صلى الله عليه وسلم لما استفاد من مال
خديجة . وعليه: فأنت إذا كنت لا تخشى من امرأتك المن والأذى اقبل رفدها.

التعرف على صفات الزوجة قبل الاختيار
حسناً.. إذا كان الود بهذه المثابة، وله كل هذا الثقل في استقرار الحياة الزوجية، فكيف لي أن أعرف أن المرأة ودود، ولا يكتشف الود وجميل الخصال إلا بالعشرة..؟
أقول لك: كما تعرف أن المرأة ولود تعرف أنها ودود.. من أين علمت أنها ولود؟ بالنظر إلى أمها وأختها وعمتها وخالتها، فيندر
أن تكون الأم ولوداً والأخت والعمة والخالة وهي تكون عقيمة، يندر، قد تقع هذه الحالات لكن نادراً، ومعروف أن الشاذ النادر لا يقاس عليه،
إنما يقاس على الأعم الأغلب، فأنت إذا أردت أن تتزوج فانظر، إذا وجدت أمها وأختها وخالتها وعمتها كذلك فإنك تستنتج أنها ولود.
كذلك إذا رأيت أمها تحب أباها وتكرمه وترفعه؛ فاعلم أن ابنتها تكون مثلها. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، اللهم اغفر
لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين. اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر. اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا،
ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا. رب آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها
ومولاها. اللهم اغفر لنا هزلنا وجدنا، وخطأنا وعمدنا، وكل ذلك عندنا.

المقصود الأعظم من العشرة الزوجية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين: أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى،
وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. فإن زواج الرجل من
المرأة المقصود منه: هو إقامة العبودية لله تبارك وتعالى، وقد ذكر ربنا عز وجل طلاق المرأة طلاقاً بائناً، فقال تبارك وتعالى:
فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ[البقرة:230]
إذا طلقت المرأة طلاقاً بائناً، ثم رزقها الله زوجاً آخر،
قال عز وجل: (( فَإِنْ طَلَّقَهَا )) أي: الزوج الآخر، فأرادت أن تعود إلى زوجها الأول؛ فثمة شروط، قال تبارك وتعالى:
فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ[البقرة:230]
أما أن يكون الأولاد فقط فليس لهم دخل في الموضوع، حتى لو قلت: أنا أرجع للمرأة الأولى لأجل أنني خلفت منها خمسة أو ستة أولاد،
ولأجل أن يتربى الأولاد بيننا..! أولاد يتربون بين رجل وامرأة لا يتقيان الله عز وجل.. ما قيمة هؤلاء الأولاد؟ لم يذكر الله تعالى في الآية
من شرط إلا شيء واحد فقط وهو
إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ[البقرة:230]
فإذا كان هذا في المرأة التي طلقت طلاقاً بائناً، فتزوجت ثم طلقت، ثم تريد أن ترجع إلى زوجها الأول، فمن باب أولى أن يقيما حدود الله قبل أن تطلق،
هذا هو المقصود الأعظم من الزواج: (أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ). إذاً: الحياة الزوجية قائمة على هذا الشعار: إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ[البقرة:230]،
فالرجل عندما يتقدم لابنتك أو لأختك أو لموليتك -من لك عليها ولاية- لا تقل له: أشترط أن تعمل المرأة؛ لأن عمل المرأة جناية من أعظم الجنايات
في حق الأسرة والأولاد، إذ أي قضية لابد من النظر إلى حكم الله عز وجل فيها، لم أر أحداً حتى الآن -على مدار (20) سنة- امرأته تعمل ناقشته في هذا الحكم وأتى لي بحجة، إلا أن تكون ضرورة كأن يكون الرجل مرض وأقعد ولا أحد
يعينه ولا يعاونه؛ فتعمل المرأة. لكن ينبغي في هذه الظروف أن ننظر إلى عمل المرأة وطبيعة عملها. لذلك كله كان النظر إلى الكفاءة
في الديانة مسألة في غاية الأهمية، وليس معنى ذلك أنك لا تنظر إلا إلى الدين فقط، راعِ الدين أولاً، ثم لك أن تراعي أي صفة من الصفات الأخرى، واجعل الدين مناط الأمر، فالمرأة التي لا تطيع ربها لا ينتظر منها أن ترضي زوجها.
فإذا كان الدين هو الركن المشترك بين الرجل والمرأة؛ فإنه لا يجوز لولي المرأة إذا تقدم إليه رجل ليخطب ابنته أو أخته
أن يتهاون في هذا الشرط، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي حسنه
الترمذي وغيره: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وقال الحسن رحمه الله: (من زوج ابنته إلى فاسق فقد قطع رحمها).
فالرجل الصالح ملاك خصاله في خصلتين. ......

نصيحة لولي المرأة لاختيار الخاطب لابنته

يا ولي الأمر! أرعني سمعك وقلبك: إذا تقدم رجل لابنتك فراعِ شيئين، ولا عليك أن تهمل باقي الصفات؛ فإنها فرع على هاتين، قالت المرأة لأبيها
يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26]،
القوة والأمانة، وكل صفة تأتي بعد ذلك فهي فرع على هاتين. القوي: أي الرجل الذي يقوم بما يجب عليه تجاه المرأة من النفقة عليها، ومن الدفاع عنها،
ومن إعفافها، وهو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
(يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة)
(الباءة): هي قوة الرجل، ويلتحق بذلك قوة العقل والتفكير السوي، فإن المرأة إذا تزوجت الأحمق فكأنه لا زوج لها، وأحمق الرجال من يعرض
امرأته للنار، لا يصونها، يأخذها لحفلات الاختلاط، ويسمح لها بالعمل في وسط الرجال، ويعرضها للنار، والله تبارك وتعالى يقول:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6]،
فالذي يعرض امرأته للنار أحمق، ليس أميناً. لا يكون الزوج وفياً إلا إذا كان قوياً وأميناً، (قوياً) يقوم بكفايتها ولا يلجئها للعمل. لماذا تعمل المرأة؟
وتشارك زوجها في الحياة؟
قلنا: إن الله تبارك وتعالى جعل القوامة للرجل على المرأة لشيئين:
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:34]
وهذا داخل فيه القوة
وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34]،
فحق على المرأة أن تعيش مع زوجها في رخائه وفي شدته، مرتبه (100) جنيه تعيش معه على الكفاف، ولا تطالبه فوق ذلك أبداً، الإطعام بالمعروف والعشرة بالمعروف،
فهذه قوته وطاقته فتعيش معه على
ذلك صابرة راضية طيبة النفس، إن انفرد عنها بطعام وشراب وكساء ومتعة؛ لها أن تعترض.

من الحقوق الزوجية
جاء الصحابي معاوية بن حيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له:
(ما حق زوج أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت)
فإذا انفرد الرجل عنها بشيءٍ من ذلك فلها الحق أن تعترض، أما إذا قام بما يجب عليه في حدود طاقته فلا يحل لها أن تعترض، فقوله عليه الصلاة والسلام:
(من استطاع منكم الباءة -هي النفقة والقيام بحق الزوجة- فليتزوج، ومن لم يستطع -أي: لا أحل له أن يتزوج- فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)،
فالمرأة عرفت أنه قوي لما سقى لهما، وقوته التي فاقت كل الحاضرين، فكيف عرفت أنه أمين؟! ذكر المفسرون أنه كان يمشي أمامها وهي توجهه بالحصى. ولكن هناك معنى أشمل من هذا، وهو أنه عليه الصلاة والسلام لما سقى لهما تولى إلى الظل،
وقال: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24] ،
أنا فقير، وأحتاج أن تنزل إلي أي شيء،
فما سألهما أجراً، هذه أمانته، الذي يعمل العمل لله لا ينتظر عليه أجراً من الخلق، أما ما نراه من التفاني في طلب الأجر من بعض الناس فهو مضاد للإخلاص، فأنت -يا أخي الكريم- انظر في هذه المشكلة، والمرأة عليها أن تتقي الله عز وجل، وتعيش
مع زوجها حسب استطاعته، لا تكلفه فوق طاقته، وإذا علم الله منها صدقاً وصبراً ورضاءً بمقدور الله أبدلها حالاً خيراً من حالها دنيا وأخرى. أحدهم يقول: اشترط عليّ ولي المرأة أن تعمل، وأنا لا أريد، فما هو الحكم؟ أقول له: هذا شرط فاسد،
لا قيمة له، ولا يجب عليك أن تنفذه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط).
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.

خطبه مفرغه للشيخ ابى اسحاق الحوينى حفظه الله تعالى.
إسلام ويب
لا تنسونا من صالح دعائكم
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مشش, الصالحة, الزوجة, اختيار


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 12:27 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.