انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 05-02-2012, 08:10 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

{ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } (1) ، فوصف هاهنا بعضه بأنه محكم وبعضه متشابه ، والإحكام الذي عم به الجميع هو الصواب والإتقان اللذان يفضل بهما القرآن كل قول ، وأما موضع الخصوص في قوله تعالى : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب } ، فإن المراد به اللفظ الذي لا اشتراك فيه ولا يحتمل سامعه إلا معنى واحدا (2) .

ويحاول أبو بكر الجصاص في كلامه السابق ، أن يبلور آراء الناس في المحكم والمتشابه ، لأنهم اختلفوا اختلافا عظيما في قضية العلم بتأويل المتشابه بهذا الإطلاق الأخير ، هل هو مقصور على الله تعالى ، أو هو بحيث يتأتى للراسخين في العلم أيضا ؟

ومن أبرز المتشابه بهذا الإطلاق في القرآن ، ما يعرف لدى علماء الخلف والمتكلمين بآيات الصفات الخبرية ، أو متشابه الصفات ، كالآيات التي جاء فيها ذكر صفات الذات والأفعال ، مثل الوجه واليد والجنب والفوقية ، والاستواء والمجيء والرضا والغضب وغير ذلك من الصفات الإلهية .
__________
(1) ال عمران:7.
(2) لجصاص : أبو بكر ، (1405هـ ) أحكام القرآن ، تحقيق محمد الصادق قمحاوي ، بيروت ، نشر دار إحياء التراث العربي 2/286 .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 05-02-2012, 08:13 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

ويهمنا أن نبين مقدمة هامة مبنية على ما سبق من الآراء في المحكم والمتشابه ،
فجميع الأراء في معنى المحكم والمتشابه ، تكاد تتمثل في أن المحكم هو المعلوم الواضح ، الذي يمكن تحديده وتمييزه ، كتمييز الصورة في المرآة المصقولة عند تحديد معالمها ، وضبط ملامحها ، والتمكن من وصفها ، فما لا يحتمل إلا وجها واحدا يصبح معلوما مميزا ، كما أن المتشابه عكس المحكم ، وهو المجهول الذي لا يعلم ، إما من التشابه والتماثل كقوله تعالى : { كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم } (1) ، أي أشبهت قلوب مشركى العرب قلوب من تقدمهم في الكفر والعناد والعتو (2) وإما من الاختلاط وعدم التمييز بين الأشياء كقول الله تعالى عن بنى إسرائيل : { إن البقر تشابه علينا } (3) .

وعلى هذا المعنى السابق للمحكم والمتشابه ، سوف ننظر إلى الآية السابعة من آل عمران والتي هي محل بحثنا في قضية المحكم والمتشابه وأثرها على القول بالتفويض ، يقول تعالى : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب } .

__________
(1) لبقرة:118.
(2) بن كثير : تفسير القرآن العظيم (1401هـ) ، بيروت ، دار الفكر ، 1/163 .
(3) لبقرة:70 .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 05-02-2012, 08:22 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

كثير من علماء الخلف الأشعرية ، يعتبرون معاني نصوص الصفات الإلهية من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله مستدلين بهذه الآية ، وفي هذا نظر ، حيث يترتب علي ذلك من اللوازم الباطلة ما لا يرضاه المسلم على كلام الله ،
يقول أبو محمد بن قدامة المقدسي :
( وكل ما جاء في القرآن ، أو صح عن المصطفي عليه السلام من صفات الرحمن ، وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول ، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل ، وترك التعرض لمعناه ونرد علمه إلى قائله ، ونجعل عهدته على ناقله ، اتباعا لطريق الراسخين في العلم ) (1) .

ويقول الشيخ أحمد الرفاعي معبرا عن فهمه في قضية المحكم والمتشابه : ( فعاملوا الله بحسن النيات ، واتقوه في الحركات والسكنات ، وصونوا عقائدكم من التمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة ، لأن ذلك من أصول الكفر ، قال تعالى : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } ، والواجب عليكم وعلى كل مكلف في المتشابه ، الإيمان بأنه من عند الله ، أنزله على عبده سيدنا رسول الله ، وما كلفنا سبحانه وتعالى تفصيل علم تأويله ، قال جلت عظمته : { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا } ، فسبيل المتقين من السلف تنزيه الله تعالى عما دل عليه ظاهره ، وتفويض معناه المراد منه إلى الحق تعالى وتقدس ، وبهذا سلامة الدين ) (2) .
__________
(1) بن قدامة : أبو محمد المقدسي ، (1406هـ) ، لمعة الاعتقاد الهادي إلي سبيل الرشاد ، ، تحقيق بدر بن عبد الله البدر ، الكويت ، نشر الدار السلفية ، ص 8:7 .
(2) لرفاعي : أحمد بن علي بن ثابت الحسيني ، (1408هـ) البرهان المؤيد ، ، تحقيق عبد الغني نكهمي ، بيروت ، نشر دار الكتاب النفيس ، ص 15.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 05-02-2012, 08:25 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

فهؤلاء يدعون إلى ترك التأويل والبعد عن طريقة الخلف لعدم قناعتهم بها ، لكن الطرح الذي يقدمونه لأتباعهم يزعمون فيه أن طريقة السلف هي الكف معاني نصوص الصفات ومنع البحث عن مدلول الآيات ، ثم يجعلون ذلك سبيل المتقين ، ظنا منهم أن الظواهر تدل على التشبيه والمعاني الكفرية ، فلا هم فهموا طريقة السلف ولا صوبوا طريقة الخلف .

وهؤلاء إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه ، لذلك بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم : { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون } (1) ،

وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات ، فهذا الظن الفاسد أوجب قولهم : طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم ، تلك المقالة التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهر ، وقد تقولوا على طريقة السلف ، ولم يقتنعوا في قرارة أنفسهم بطريقة الخلف (2) .
__________
(1) لبقرة:78 .
(2) نظر في هذا المعني : ابن تيمية : مجموع الفتاوى 5/9 .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 05-02-2012, 08:27 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

يقول شارح الطحاوية في وصف حالهم في باب الصفات : ( يقرون بما يوافق رأيهم من الآيات وما يخالفه إما أن يتأوله تأويلا يحرفون فيه الكلم عن مواضعه وإما أن يقولوا هذا متشابه لا يعلم أحد معناه فيجحدوا ما أنزله من معانيه وهو في معنى الكفر بذلك لأن الإيمان باللفظ بلا معنى هو من جنس إيمان أهل الكتاب ، كما قال تعالى : { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ) (1) ،
وقال تعالى : { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون } (2) أي إلا تلاوة من غير فهم معناه ، وليس هذا كالمؤمن الذي فهم ما فهم من القرآن فعمل به واشتبه عليه بعضه ، فوكل علمه إلى الله كما أمره النبي بقوله : ( فما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه فامتثل ما أمر به ) (3) .
__________
(1) الجمعة:5.
(2) البقرة:78 .
(3) الحنفي : ابن أبي العز ، شرح العقيدة الطحاوية 585 .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 05-02-2012, 08:32 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

وسبب ذلك كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ، اعتقادهم أنه ليس في نفس الأمر صفة دلت عليها هذه النصوص بالشبهات الفاسدة ، فلما اعتقدوا انتفاء الصفات في نفس الأمر ، وكان مع ذلك لابد للنصوص من معنى ، بقوا مترددين بين الإيمان باللفظ وتفويض المعنى - وهي التي يسمونها طريقة السلف - وبين صرف اللفظ إلى معان بنوع تكلف - وهي التي يسمونها طريقة الخلف - فصار هذا الباطل مركبا من فساد العقل وتعطيل السمع ، فإن النفي إنما اعتمدوا فيه على أمور عقلية ظنوها بينات وهي شبهات ، والسمع حرفوا فيه الكلم عن مواضعه ، فلما ابتنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكاذبتين كانت النتيجة استجهال السابقين الأولين واستبلاههم ، واعتقاد أنهم كانوا قوما أميين ، بمنزلة الصالحين من العامة ، لم يتبحروا في حقائق العلم بالله ، ولم يتفطنوا لدقائق العلم الإلهي ، وأن الخلف الفضلاء حازوا قصب السبق في هذا كله (1) .

والحقيقة أن الفهم السلفي لمسألة المحكم والمتشابه التي وردت في آية آل عمران ، يتسم بالدقة ويتسق مع اعتقادهم في التوحيد ، لاسيما في توحيد الصفات ، فهم لما آمنوا بصفات حقيقية جاءت بها الأدلة السمعية ، وفرقوا بين فهم المعنى الذي حواه اللفظ العربي وفهم الكيفية ، وفقوا في تفسير المحكم والمتشابه .

فإذا كان المحكم هو المعلوم الواضح المعنى ، وكان المتشابه عكس المحكم وهو المجهول الذي لا يعلم - على نحو ما تقدم - فإنهم يعتبرون معاني نصوص الصفات محكمات ، والكيفية الغيبية فقط من المتشابهات التي لا يعلمها إلا الله .

أما إذا كان معنى النص معلوما ، والكيفية التي دل عليها معلومة أيضا ، كانت الآية محكمة لأهل العلم على تفاوتهم في المعرفة والفهم ، كما هو الحال في جميع آيات الأحكام ، ولذلك - والله أعلم - سميت نصوص التكليف بما تحويه من أحكام أحكاما ، لوضوح معناها والعلم بكيفية أدائها .
__________
(1) بن تيمية : مجموع الفتاوى 5/9 بتصرف .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 05-02-2012, 08:39 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

وإن كان المعنى معلوما والكيف مجهولا ، كان النص محكم المعنى متشابه الكيف ، وإذا قيل في عرف السلف هذا النص متشابه ، فيحمل على هذا المعنى ، أي أنه متشابه باعتبار الكيف لا المعنى ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله (ت:241هـ) : ( فإن احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عز وجل : { كل شيء هالك إلا وجهه } (1) ، ونحو هذا من متشابه القرآن ) (2) .

وكما روى أبو القاسم بسنده عن سليمان بن يسار ، أن رجلا من بني غنيم يقال له صبيغ بن عسل ، قدم المدينة وكانت عنده كتب ، فجعل يسأله عن متشابه القرآن ، فبلغ ذلك عمر ، فبعث إليه ، وقد أعد له عراجين النخيل ، فلما دخل عليه جلس ، قال : من أنت ؟ ، قال : أنا عبد الله صبيغ ، قال عمر : وأنا عبد الله عمر ، وأومأ عليه فجعل يضربه بتلك العراجين ، فما زال يضربه حتى شجه وجعل الدم يسيل عن وجهه ، فقال : حسبك يا أمير المؤمنين ، فقد والله ذهب الذي أجد في رأسي (3) .

ويقول ابن بطة العكبري (ت: 378هـ) : ( فالجهمي ينكر أن المؤمنين يرون ربهم في القيامة ، فإذا سئل عن حجته في ذلك نزع بآيات من متشابه القرآن ) (4) .
__________
(1) لقصص: من الآية 88 .
(2) حمد بن حنبل : أبو عبد الله الشيباني ، (1408هـ) ، العقيدة رواية أبي بكر الخلال ، تحقيق عبد العزيز عز الدين السيروان ، دمشق ، نشر دار قتيبة ، ص77.
(3) للالكائي : شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 4/635 .
(4) بن بطة : أبو عبد الله عبيد الله بن محمد العكبري الحنبلي (1418هـ) ، الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة ، تحقيق د.عثمان عبد الله آدم الأثيوبي ، الرياض ، نشر دار الراية 3/70 .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 05-02-2012, 08:42 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

فهؤلاء جميعا يقصدون بمتشابه القرآن ، ما يؤدى الخوض فيه إلى الضلال من جهة التجهم على وصف الغيبيات ، وتصوير ما فيها من الكيفيات ، وتمثيلها من خلال الأقيسة التي تحكم سائر المخلوقات ، أو القول بتعطيل الصفات ، وتأويلها على غير مراد الله من الآيات ، والنتيجة التي نصل إليها من هذه الرؤية ، أن القرآن جميعه محكم المعنى لقوله تعالى عن جميع آيات القرآن : { الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } (1) ،
أي أحكمت باعتبار المعنى ، فليس في القرآن كلام بلا معنى ، أما من جهة الكيفية التي دلت عليها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، فبعضها محكم معلوم ، وبعضها متشابه مجهول ، وهذا المقصود بقول الإمام مالك رحمه الله :
( الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ) ، وهو المعنى المشار إليه في قوله تعالى : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } (2) ، فلو سأل سائل عن استواء الله الذي ورد في قوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى } هل هو من المحكمات أم من المتشابهات ؟ قيل له : الاستواء محكم المعنى ، متشابه الكيف .
__________
(1) ود:1.
(2) ل عمران:7 .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 05-02-2012, 08:44 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

فما عاينه الإنسان من الكيفيات التي تتعلق بالمخلوقات ، والتي دلت عليها ألفاظ الآيات ككيفية أداء الصلاة والزكاة والصيام وأفعال الحج وما شابه ذلك ، فهذا محكم المعنى والكيفية ، فلو سأل مسلم أعجمي لا يعرف العربية عن معنى الصلاة في قوله تعالى : { الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } (1) ،
لقيل له بلسانه : الصلاة ، أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم ، فيسأل عن كيفية أدائها ؟ فيقال له : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نحاكيه تماما في الكيفية فقال مبينا ذلك في بعض الأحاديث النبوية : ( وصلوا كما رأيتموني أصلي ، فإذا حضرت الصلاة ، فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) (2) .

أما إذا كان المعنى معلوما ، والكيف الذي دل عليه المعنى مجهولا ، كانت الآية من المتشابه باعتبار الكيف لا المعنى ، كما في جميع الأخبار والنصوص التي وردت في وصف عالم الغيب ، فالجنة مثلا ، سمعنا عن وجود ألوان النعيم فيها ، وأخبرنا الله بذلك في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعلى الرغم من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية ألوان النعيم فيها : ( قال الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فاقرءوا إن شئتم : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } ) (3) .
__________
(1) لبقرة:3 .
(2) خرجه البخاري في كتاب الآذان ، باب من قال فليؤذن في السفر مؤذن برقم (602) 1/226.
(3) لسجدة:17 ، والحديث أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق ، باب ما جاء في صفة الجنة ، برقم (3072) 3/1185.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 05-02-2012, 08:49 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

فتأمل قوله : ( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ) ماذا يعنى ؟ هل يعنى معنى الآيات والنصوص التي وردت عن وصف الجنة ، أم الكيفية التي دلت عليها ؟ فإن قيل المعنى : فخطأ ، لأننا سمعنا به في الكتاب والسنة ، كما أن المعنى لا يرى بعين البصر ، وإنما يدرك بعين البصيرة ، وإن قيل الكيف فصواب ، لأننا لم نره ولم نر له مثيلا .

فالمتشابه كيفية الموجودات في الجنة ، لا المعنى الذي يدل عليها ، وعلى ذلك فجميع آيات الصفات محكمة المعنى متشابهة في الكيفية فقط ، فلا يدخل في المتشابه معاني الآيات التي وصف الله بها نفسه ، كما اعتقد الخلف ذلك في مذهب السلف ، وإلا لكانت الآيات بلا معنى ، وكانت ألفاظها معطلة عن الهداية والبيان ، فقوله تعالى : { وأخر متشابهات } أي باعتبار الكيف لا المعنى .
وجميع آيات القرآن لها معنى معلوم عند الراسخين في العلم ، حسب اجتهادهم في تحصيله ، وعليه جاء قول ابن عباس - رضي الله عنه - في آية آل عمران : ( أنا من الراسخين في العلم ) (1) .

فالمتشابه هو الذي استأثر الله بعلمه من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا هو والتي أخبرنا بها في كتابه ، ومن ثم فإن القرآن كله محكم باعتبار المعنى الذي دل عليه اللفظ وباعتبار الكيفية ففيه المحكم والمتشابه ، قال ابن تيميه رحمه الله معقبا على قوله تعالى : { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب } (2) : ( وهذا يعم الآيات المحكمات والآيات المتشابهات ، وما لا يعقل له معنى لا يتدبر ) (3) .
__________
(1) بن جرير : أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، ، تحقيق الأستاذ محمود محمد شاكر ، مراجعة الشيخ أحمد محمد شاكر ، القاهرة ، طبعة دار المعارف ، 6/170 .
(2) ورة ص:29 .
(3) بن تيمية : رسالة الإكليل ضمن مجموعة الرسائل 2/8 .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 06:03 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.