انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


واحة أصحاب المواهب الأدبية إن كنتَ صاحبَ موهبة أدبية من شعر أو نثر أو كتابة قصصية فشاركنا بإنتاجاتك في هذا القسم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-11-2015, 01:25 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي الترجيح بين المعانى

 

ما لا يسع طالب العلم جهلة
الترجيح بين المعاني
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف
من كتاب
المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر
تأليف
نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني، الجزري، أبو الفتح، ضياء الدين، المعروف بابن الأثير الكاتب
(المتوفى: 637هـ)
1436هـ ــــ 2014م
(الطبعة الأولي)
الترجيح بين المعاني
إن صاحب هذا العلم من شأنه أن يرجح بين حقيقة ومجاز أو بين حقيقتينأو بين مجازين.‏
والترجيح بين الحقيقتين أو بين المجازين يحتاج إلى نظر وأما الترجيح بين الحقيقة والمجاز فإنه يعلم ببديهة النظر فالشيئان المختلفان يظهر الفرق بينهما بخلاف ما يظهر بين الشيئين المشتبهين‏.‏
مثال الحقيقة والمجاز
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فصلت: 19، 20].
فالجلود ههنا تفسر حقيقة ومجازاً‏:‏
· أما الحقيقة فيراد بها الجلود مطلقاً.
· وأما المجاز فيراد بها الفروج خاصة وهذا هو الجانب البلاغي الذي يرجح جانب المجاز على الحقيقة لما فيه من لطف الكناية عن المكنى عنه.
وقد يسأل ههنا في الترجيح بين الحقيقة والمجاز من غير الجانب البلاغي ويقال‏:‏ ما بيان هذا الترجيح فيقال‏:‏ طريقه لفظ الجلود عام فلا يخلو إما أن يراد به الجلود مطلقاً أو يراد به الجوارح التي هي أدوات الأعمال الخاصة ولا يجوز أن يراد به الجلود على الإطلاق لأن شهادة غير الجوارح التي هي الفاعلة شهادة باطلة إذ هي شهادة غير شاهد والشهادة هنا يراد بها الإقرار فتقول اليد‏:‏ أنا فعلت كذا وكذا وتقول الرجل‏:‏ أنا مشيت إلى كذا وكذا وكذلك الجوارح الباقية تنطق مقرةً بأعمالها فترجح بهذا أن يكون المراد به شهادة الجوارح وإذا أريد به الجوارح فلا يخلو إما أن يراد به الكل أو البعض فإن أريد به الكل دخل تحته السمع والبصر ولم يكن لتخصيصهما بالذكر فائدة وإن أريد به البعض فهو بالفرج أخص منه بغيره من الجوارح لأمرين:
أحدهما‏:‏ أن الجوارح كلها قد ذكرت في القرآن الكريم شاهدة على صاحبها بالمعصية ما عدا الفرج فكان حمل الجلد عليه أولى ليستكمل ذكر الجميع.
الآخر‏:‏ أنه ليس في الجوارح ما يكره التصريح بذكره إلا الفرج فكني عنه بالجلد لأنه موضع يكره التصريح فيه بالمسمى على حقيقته‏.‏
فإن قيل‏:‏ إن تخصيص السمع والبصر بالذكر من باب التفصيل كقوله تعالى {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } [الرحمن: 68] والنخل والرمان من الفاكهة‏.‏
قيل: هذا القول عليك لا لك لأن النخل والرمان إنما ذكر التفضيل لهما في الشكل أو في الطعم والفضيلة ههنا في ذكر الشهادة إنما هي تعظيم لأمر المعصية وغير السمع والبصر أعظم في المعصية لأن معصية السمع إنما تكون في سماع غيبة أو في سماع صوت مزمار أو ما جرى هذا المجرى ومعصية البصر إنما تكون في النظر إلى محرم وكلتا المعصيتين لا حد فيهما وأما المعاصي التي توجد من غير السمع البصر فأعظم لأن معصية اليد توجب القطع ومعصية الفرج توجب جلد مائة أو الرجم وهذا أعظم فكان ينبغي أن تخص بالذكر دون السمع والبصر وإذا ثبت فساد ما ذهبت إليه فلم يكن المراد بالجلود إلا الفروج خاصة‏.‏
مثال المعنيين المجازيين
قول أبي تمام‏:‏
قد بلونا أبا سعيدٍ حديثاً وبلونا أبا سعيدٍ قديماً ووردناه ساحلاً وقليباً ورعيناه بارضاً وجميماً فعلمنا أن ليس إلا بشق النفس صار الكريمُ يدعى كريماً.
فالساحل والقليب يستخرج منهما تأويلان مجازيان‏:‏
· أحدهما: أنه أراد بهما الكثير والقليل بالنسبة إلى الساحل والقليب.
· والآخر: أنه أراد بهما السبب وغير السبب فإن الساحل لا يحتاج في ورده إلى سبب والقليب يحتاج في ورده إلى سبب.
وكلا هذين المعنيين مجاز فإن حقيقة الساحل والقليب غيرهما.
والوجه هو الثاني لأنه أدل على بلاغة القائل ومدح المقول فيه:
· أما بلاغة القائل فالسلامة من هجنة التكرير بالمخالفة بين صدر البيت وعجزه فإن عجزه يدل على القليل والكثير لأن البارض هو أول النبت حين يبدو فإذا كثر وتكاثف سمي جميما فكأنه قال‏:‏ أخذنا منه تبرعاً ومسألة وقليلاً وكثيراً
· وأما المدح المقول فيه فلتعداد حالاته الأربع في تبرعه وسؤاله وإكثاره وإقلاله وما في معاناة هذه الأحوال من المشاق‏.‏

الترجح بين معنيين‏ أحدهما تام والآخر مقدر
المعنى التام هو الذي يدل عليه لفظه ولا يتعداه.
وأما المقدر فهو الذي لا يدل عليه لفظه بل يستدل عليه بقرينة أخرى وتلك القرينة قد تكون من توابعه وقد لا تكون‏.‏
فمما جاء من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ في سائمة الغنم زكاة ‏"‏ فهذا اللفظ يستخرج منه معنيان‏:‏ أحدهما‏‏ تام والآخر‏‏ مقدر.
فالتام دلالته على وجوب الزكاة في السائمة لا غير.
والمقدر دلالته على سقوط الزكاة عن المعلوفة إلا أنه ليس مفهوماً من نفس اللفظ بل من قرينة أخرى هي كالتابعة له وهي أنه لما خصت السائمة بالذكر دون المعلوفة علم من مفهوم ذلك أن المعلوفة لا زكاة فيها وللفقهاء في ذلك مجاذبات جدلية يطول الكلام فيها.
وأما ما يستدل عليه بقرينة ليست من توابعه فإن ذلك أدق من الأول وألطف مأخذاً‏
فمما ورد منه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من ولي القضاء أو جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين" [رواه أبو داود والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن غريب وابن ماجه والحاكم وقال صحيح الإسناد؛ تحقيق الألباني :صحيح ، ابن ماجة ( 2308 )صحيح الترغيب والترهيب (2/ 253)]
فهذا يستخرج منه المعنيان المشار إليهما فالتام منهما يدل على أنه من جعل قاضياً فقد أمر بمفارقة هواه وهذا لا يدل عليه اللفظ بنفسه بل يستدل عليه بقرينة أخرى ولكنها ليست من توابعه ووجه ذلك أن لفظ الحديث عام يشمل القضاة على الإطلاق ولا يخلو إما أن يراد به عذاب الآخرة أو عذاب الدنيا ولا يجوز أن يكون المراد به عذاب الآخرة لأنه ليس كل قاض معذباً في الآخرة بل المعذب منهم قضاة السوء فوضح بهذا أن المراد بالحديث عذاب الدنيا وعلى هذا فلا يخلو إما أن يكون العذاب صورةً أو معنى ولا يجوز أن يكون صورة لأنا نرى الإنسان إذا جعل قاضياً لا يذبح ولا يناله شيءٌ من ذلك فبقي أن يكون المراد به عذاباً معنوياً وهو الذبح المجازي غير الحقيقي وفحوى ذلك أن نفس الإنسان مركبة على حب هواها فإذا جعل قاضياً فقد أمر بترك ما جبل على حبه‏:‏ من الامتناع عن الرشوة والحكم لصديقه على عدوه ورفع الحجاب بينه وبين الناس والجلوس للحكم في أوقات راحته وغير ذلك من الأشياء المكروهة التي تشق على النفس وتجدد لها ألماً مبرحاً والذبح هو قطع الحلقوم والألم الحاصل به وهو كالذبح الحقيقي بل أشد منه لأن ألم الذبح الحقيقي يكون لحظة واحدة ثم ينقضي ويزول وألم قطع النفس عن هواها يدوم ولا ينقضي وهو أشد العذاب‏.‏
قال الله تعالى في عذاب أهل النار‏:‏ ‏{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } [سبأ: 54] وقال في نعيم أهل الجنة‏:‏ {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } [فصلت: 31] {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [الزخرف: 71] وكثيرا ما رأينا وسمعنا من حمله حب الشيء على إتلاف نفسه في طلبه وركوب الأهوال من أجله فإذا امتنع عنه مع حبه إياه فقد ذبح نفسه‏:‏ أي قطعها عنه كما يقطع الذابح حلق الذبيحة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ انتقلنا عن الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ‏"‏ فسمى جهاد الكفار الجهاد الأصغر وجهاد النفس الجهاد الأكبر فكما أن مجاهدة النفس عن هواها قتال بغير سيف فكذلك قطعها عن هواها ذبح بغير سكين.
مثال لمعنيين أحدهما مناسباً لمعنى تقدمه أو لمعنى تأخر عنه والآخر غير مناسب
فما كان مناسباً لمعنى تقدمه
قوله تعالى‏:‏ {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] ‏ فالدعاء ههنا يدل على معنيين‏:‏
أحدهما‏:‏ النهي أن يدعى الرسول باسمه فيقال يا محمد كما يدعو بعضهم بعضاً بأسمائهم وإنما يقال له‏:‏ يا رسول الله أو يا نبي الله.
الآخر‏:‏ النهي أن يجعلوا حضورهم عنده إذا دعاهم لأمر من الأمور كحضور بعضهم عند بعض بل يتأدبون معه بأن لا يفارقوا مجلسه إلا بإذنه وهذا الوجه هو المراد لمناسبة معنى الآية التي قبله وهو قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62]
وما كان مناسباً لمعنى تأخر عنه
قوله تعالى‏:‏ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2)} [التين: 1، 2] فالتين والزيتون هما هذا الشجر المعروف وهما اسما جبلين أيضاً وتأويلهما بالجبلين أولى للمناسبة بينهما وبين ما أتى بعدهما من ذكر الجبل الذي هو الطور‏.‏
وعلى هذا ورد قول الشاعر في أبيات الحماسة‏:
ولو كنت مولى قيس عيلان لم تجد
علي لإنسانٍ من الناس درهما
ولكنني مولى قضاعــــــــــــــــــــــــــــــــة كلها
فلست أبالي أن أدين وتغرما
فإذا نظرنا إلى البيت الأول وجدناه يحتمل مدحاً وذماً أي أنهم كانوا يغنونه بعطائهم أن يدين أو أنه كان يخاف الدين حذر أن لا يقوموا عنه بوفائه لكن البيت الثاني حقق أن الأول ذم وليس بمدح فهذا المعنى لا يتحقق فهمه إلا بآخره
مثال للترجيح بسبب خارج عن مفهوم اللفظ
فقوله تعالى‏:‏ {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} [الأنعام: 3] فهذا مستنبط منه معنيان‏:‏
أحدهما: أن الله يعلم السر والجهر في السموات والأرض وفي ذلك تقديم وتأخير‏:‏ أي يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض.
والآخر: أنه في السموات وأنه يعلم السر والجهر في الأرض من بني آدم لأن الوقف يكون على السموات ثم يستأنف الكلام فيقول‏:‏ يعلم سركم وجهركم في الأرض
"قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَهُوَ اللَّهُ فِي السموات وَهُوَ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَهُوَ الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض فلا يخفى عليه شي، قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِيهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: وَهُوَ اللَّهُ في السموات وَيَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ فِي الْأَرْضِ" [تفسير القرطبي 6/ 390]

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 07:37 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.