انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المجتمع المسلم ::. > واحــة الأســـرة المسلمــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-26-2008, 06:21 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




New بدينهن مستمسكات فى زمان المتغيرات

 

الـبـدايـــة




الحمد لله مالك الملك .. باعث رسله لخلقه بالحق ..
الحمد لله ولىّ المؤمنين وناصرهم .
نحمد الله جل وعلا على وفير نعمه التى حبانا سبحانه بها . نعم الله التى ما استطاع ولن يستطيع مخلوق أن يحيط بها أو أن يحصيها عددا .

ومن رحمة الله جل وعلا بنا أن خلق لنا من أنفسنا أزواجا
من رحمة الله أن خلق المرأة لتكون خير معين لزوجها وأبيها وأخيها وولدها فى عمارة الأرض وصيانة الدين والعرض

جعلها الله سبحانه سببا من أشد أسباب قوة الأمة المسلمة
وكيف لا ؟؟

فهى التى أنجبت العلماء العاملين ، وهى أم المجاهدين المخلصين الصادقين .
وهى التى شدت من أزر الزوج وأعانته وكانت له خير رفيق يحمل معه أعباء الحياة دون كلل ولا ملل .
وكذلك هى التى تربت فى كنف الفضيلة والطهر والعفاف والتستر .. فلما آن الأوان لها لتكون أما ؛ إذا بها تنجـب أجيالا عظيمة وتغرس فيهم غرس الإسلام والإيمان .

ولذا فلا يخفى على أحـد ماحباها الله سبحانه به من تكريم وتشريف فى ظـل الإسلام . فجاء الشرع حافلا بالوصايا القرآنية والنبوية التى توصى الرجال بالنساء وحسن معاملتهن ومراعاة حقوقهن والإهتمام بهن فى شتى الجوانب .





ولــمـــا فهم أعداء الأمة وأعداء الله كل هذا وفطنوا لدور المرأة فى قوة وصلابة هذه الأمة ؛ لم يجدوا بُـدّا من ملاحقتها ومحاولة إفسادها وهدمها الفينة بعد الفينة ، وبث السموم فى فكرها القطرة تلو القطرة .. حتى تقـل همتها وتضعف عزيمتها بشكل تدريجى ، ثم فى نهاية المطاف تجد نفسها عاجزة عما كانت تقوم به من ذى قبل ، حينما كانت تدر نفعها على أمتها الجيل فى عقب الجيل .

فراح أعداء الدين يخططون لها بالليل والنهار ، لايشغلهم شىء قدر انشغالهم بالمرأة المسلمة التقية .
كيف نفسدها ؟ كيف نضلها ونغويها ؟ وكيف عن جادة الطريق الحق نبعدها ونثنيها ؟



أرادوا لهذه الزوجة العفيفة التى يفخر بها زوجها فى كل حين ، أن تكون سببا من أسباب انكسار هذا الزوج .. فيضعف ويدب الوهن فى أوصاله ، ويتبدل من حال القوة والعزة وشدة البأس إلى حال الخور والذلة وضعف النفس .

أرادوا لهذه الأم التى جادت على أمتها بهذا الــكــمّ من العلماء والدعاة حتى صار لايمر يوم إلا وتزداد فيه مصادر العلم فى يد المسلمين .. الأم التى جادت على أمتها بأناس يفدون دين الله بالغالى والنفيس .
أرادوا لها أن تجود على أمتها أيضا ، ولكن : أن يتمثل هذا الجود فى ولادة جـيـل ممسوخ الهوية ، غافل عن الدين وعن القضية ، متسربل بسرابيل العلمانية ، فبدلا من أن تنجب رجالا يحملون الأمة مرحلة تلو التى تليها ؛ أرادوا لها أن تنجب أطفالا تحملهم الأمة فيكونون عالة عليها ونقاط ضعف ووهن فى حبات نسيجها .. فلا يعودون على أمتهم إلا بخزى وعار وخسار من بعد شرف وفخار و انتصار .


فصار أمام المرأة طريقان :
الأول : طريق الشرع الحنيف المشتمل على الخيرات أجمع .
الثانى : طريق النتن والجيف المزين من الخارج .



وكما قال الله تعالى :
{وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً }النساء27

فحقا ما أراد الله لنا ولنسائنا إلا مافيه النفع ، و لكن هذا النفع لن يرضى أطرافا أخرى ، فلابد لهذه الأطراف من تدخل لمنع المرأة المسلمة من تأدية دورها ولإيقاف هذا المدّ العفيف الذى تمد به أمتها . [ والتاريخ بهذا حافل ] .

وكذلك لابد لهؤلاء الأوغاد الأخباث من أعوان لهم لايقلون عنهم خبثا ولا عفنا ونتنا .. لكى ييسرون لهم المهمة ويختصرون عليهم السبيل ..

نعم لقد علموا أنه لابد لهم من ناصرين يبايعونهم ويكونون لهم حلفاء فى حربهم ضد الإسلام والمسلمين ..
فهداهم شيطانهم إلى إخوان لهم من شياطين الإنس ، لايقلون عنهم فى شىء ولا يزيدون ، وبالفعل ليس لهم مابه يمتازون ...

ولكن ؛
الميزة الكبيرة فى هؤلاء الأعوان والحلفاء المختارين أنهم من بنى جلدة المسلمين ، فكل منهم يحمل فى أوراق هويته لقب ( مسلم ) ، وكلهم يعيشون بين المسلمين تحت سماء واحدة وفى بقعة واحدة من الأرض ..

إذن فهؤلاء هؤلاء ..
هؤلاء من سييسرون الأمور والمهمات ، حتى يتحقق الهدف المنشود ، ألا وهو : إضعاف أمة الإسلام وكسر شوكتها وإذاقـتــهـا الجرعة تلو الجرعة من شتى صنوف الويلات .





انتشر هؤلاء الجرذان الأنتان فى صفوف الأمة انتشار النار فى الهشيم ، وجاءت الضربة بحقٍّ فى الصميم .

فبدأوا فى نشر الأفكار الهدامة فى صور ملونة وعبارات مموجة بأمواج إعمال العقل متسترة خلف ستار الفكر ، تخاطب المسلمين بنفس ماخاطب إبليس به أبانا آدم ( عليه السلام ) ، كما جاء فى كتاب الله المجيد : { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ }الأعراف21

وكان داخل المجتمع الإسلامى من أمثال هؤلاء الكثير ، ففى كل يوم يخرج أحدهم على المسلمة بقول ، وحينما تشتد الثورات فى وجهه معارضة ، ينبرى أمثاله فى الدفاع عنه وتبرير مقولته وتزيينها بحجة أنها ليست بدعا من القول وليست خروجا عن الدين ؛ وإنما هى نوع من الفهم السليم للدين .. وفى الوقت الذى انبرى هؤلاء الأصحاب فى الدفاع عن رفيقهم فى المخطط القبيح ،، فصاحب المقولة يلتزم الصمت حتى تنكسر الموجة وتهدأ الرياح ويسود الصمت بعد أن علا الصوت ..

ثم يعاود الكرّة هو وغيره على نفس المنوال والمنهاج ..
وفى كل كرّة يُـكِــرّونها على الإسلام ، يسقط أحـد الثوابت .. وثابت بعد ثابت .. ومرة تلو الأخرى .. بدأ الدين يـُـفتقد فى قلوب الناس وفى أعمالهم .. وبدأت الثوابت بدلا من أن تضيع فقط ،، إذا بها تستبدل بغيرها ، فيسقطون الثابت ويضعون آخر مكانه حتى يزيدوا الخسار خسارا والخراب خرابا .

ثم بعدها لم يكتفوا بذلك ،، وإنما من شدة الخبث الذى حوته جوانحهم .. فكروا فى الأمر مَــلـيّـا فوجدوا أنهم بهذا أفسدوا الدين على المعاصرين فقط من العامة .. ولكن ماذا عن الأجيال القادمة ؟؟؟
ولأن هذا السؤال بالنسبة لهم هام جدا ، فكان لابد لهم أن يجيبوا عليه إجابة حاسمة ، وبالفعل وجدوا الجواب ( وبئس الجواب هذا ) .. الجواب أن يتم تلميع الأندال الذين خانوا أمتهم وباعوا دينهم ، حتى تستمر عفاناتهم بعد موتهم ، فيبلى كل كلب ويبقى عـُـواءه .
وكان السبيل لهذا بتزييف تاريخ المسلمين .. فالبطل الحقيقى والشريف يتم تصويره بصورة الخائن ، أما كلاب الأمس وحثالة الماضى يصورهم التاريخ الجديد فى صورة الأبطال العظماء . ولا حول ولا قوة إلا بالله .






المهم :

ضحكوا على المسلمة بعبارات رنانة ، وكل شىء بالتدريج يسهل ويهون .
فتارة تسمعهم يصيحون : إنكِ مظلومة .. مسكينة ياهذه ... أين حقوقك ؟؟
لابد أن تتحررى فأنت كالأسيرة فى يد الرجل .
وبالطبع لم يكونوا بالسذاجة التى تحملهم على مصارحتها بمبتغاهم ،
فلم يقولوا لها [ أتركى الإسلام فإنه المسؤول عما أنتِ فيه الآن ] .

وإنما قالوا : [ إن مايجرى عليكِ ليس من شرعة الإسلام ] ،

حتى إذا انساقت وراءهم وارتضت أفكارهم ؛ ذهبوا معها للخطوة التالية [ ماهذا الكفن الذى تتكفنين فيه ؟؟ ] [ أصرتِ من عداد الأموات ؟؟ ] [ ما أمركِ الله بهذا قط ،، اسمعى لنا ونحن سندلكِ ونهديكِ إلى ماأمركِ الله به ] .. وخطوة بعد خطوة حتى يخرجوها من حصنها ويجردوها من سلاحها . ثم يحرموها ماعاشت تفخر به طيلة عمرها .
وكما أن الخطوات بالتدريج ، فكذلك المراحل تأتى على درجات ، إلى أن يتحقق الهدف ، وينتهى الأمر بالمرأة أن تتصبغ بصبغة أهل الكفر ، فلا يستطيع من يراها أن يميز [ فاطمة ] من [ mari ] ؛ فكلاهما صار كالكـُـل المنقسم لجزئيات ، فتتحد الصور والأفكار والأهداف والأمنيات ... وللأسف كذلك تتحد الرغبات والنزوات والشهوات .

وسبحان الله العظيم الذى وضح لنا حكم أمثال هؤلاء الأخباث فى كتابه ، فقال تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19





ومن هنا كان لابد من ثورة تثورها المسلمة فى وجه كل ذلك ، ويكون شعارها :
[ أنا المستمسكة بدينها وإن رغمت الأنوف ، وإن تلطخت جباه أهل الكفر بالعار والخسار ] .

وليس من سبيل لهذا ، أفضل من سبيل المعرفة ومطالعة الحقائق .. ووضع الأصابع فى فوهة الجراح لمعرفة مدى الألم ، فـتستبصر المسلمة وترى بكل وضوح طريقها ، حتى إذا ماعرفته انساقت فيه مهرولة لتلحق بركب الصالحات السالفات .






ولهذا استعنت بالله الكريم ، وبدأت أخط هذه الكلمات اليسيرة ، وأسأل الله أن ينفع بها كل أخت قرأت منها شيئا .


ولسان حالى يقول :
أخــتاه ياذات الـضمير الحُـرّ والقـلب الحـنون
أخـتاه ياأغلى عـطاءً مـِـن إلــــه العالمين
يامنهل النفس التى تهفو إلى أنقى معين
بالله مهـلا إنـنــى والله مُـرْشِدكِ الأمين ( 1 )


ولأنها رسالة لابد من توجيهها للأبية التقية المستمسكة بدينها وعفافها التى لاترتضى من السبل إلا سبيل الطهر والبراءة والنقاء ..
فقد سميتها : [ بدينهن مستمسكات فى زمان المتغيرات ] .

وقسمتها على أبواب وفصول ، من باب التنظيم وعدم التشتيت .
والحديث فى هذا الموضوع سيستغرق من الوقت الكثير والكثير ، وإن شاء الله تعالى سنسير فيه بالبطء المتناسب مع حجمه ، لا حجم الموضوع ؛ وإنما حجم صاحبة الموضوع .. ألا وإنها المرأة المسلمة .






وسيكون سياق الموضوع كالتالى :



الباب الأول : نساء وفتيات بين شرائع وتصورات .

الفصل الأول : حياتها فى مختلف المجتمعات .
صورة لأحوال المرأة فى العهود التاريخية السابقة .. وما مورس عليها من تقاليد هاوية وأعراف بالية على حسب عدة اعتقادات .
الفصل الثانى : نظرة أهل الكتاب للنساء والفتيات .
صورة المرأة كما تصورها النصوص عند اليهود والنصارى فى كتبهم وفى أقوال حاخاماتهم وقساوستهم .
الفصل الثالث : وفى الإسلام وجدن أنفسهن ملكات .
المرأة فى ظل شرائع الإسلام . وما حباها به الإسلام من تقدير ، وما وجدته فيه من كرامة وحقوق .
الفصل الرابع : أقطيع من الغنمات ؟؟
إلى كل من علمت حالها وحال عزتها ، ثم آثرت تقليد من هن دونها درجة وأحط منها منزلة ورفعة .
إلى كل بناتنا ونساءنا المنساقات إلى مسايرة الغربيات دون وعى ولا فهم ، وكأنهن قطعان من الغنمات تابعات .
أقول لهن : أتستبدلن الذى هو أدنى بالذى هو خير ؟؟؟





الباب الثانى : بذور بنى عـلـمان . ( وقفات مع دور العلمانية )

الفصل الأول : العلمانية وذيولها .
الفصل الثانى : أختاه لاتصدقيهم واتقِ شر الخائنين .
الفصل الثالث : ياأخية فلتتبعى السابقات .
الفصل الرابع :استمسكى بالحياء والعفاف .







الباب الثالث : فليسترح قلب العفيفات .

الفصل الأول :الحجاب .
الفصل الثانى :تعدد الزوجات .
الفصل الثالث :الخلوة والإختلاط .
الفصل الرابع :العــنــــوسة .
الفصل الخامس :الطلاق .
الفصل السادس :المرأة العاملة .
الفصل السابع : كونى فريدة لامنفردة .






الباب الرابع : حلم كل فتاة من الفتيات .

الفصل الأول : أريد زوجا صالحا .
الفصل الثانى : نحو خطبة تليق بكِ .
الفصل الثالث : فى بيت الزوج .






الباب الخامس : التربية فى مصـنـع الأمــهـــــات .

الفصل الاول : عن التربية ومعناها وأهميتها .
الفصل الثانى : من أنواع ووسائل التربية .
الفصل الثالث : معالم ماقبل الولادة .
الفصل الرابع : التربية منذ المهد .
الفصل الخامس : أول مراحل الطفولة .
الفصل السادس : الطفولتان الوسطى والأخيرة .
الفصل السابع : تربية المراهقات .
الفصل الثامن : تربية الراشدات .
الفصل التاسع : نقاط محددة لصناعة الأمهات الملتزمات .






الباب السادس :أختاه كونى من الداعـيات .

الفصل الأول :دور المرأة فى الدعوة إلى الله .
الفصل الثانى :من صفات وأخلاقيات الداعيات .
الفصل الثالث :وسائل لنجاح دعوتكن .
الفصل الرابع :اِعلمى أن الإسلام فى حاجة لجهدِكِ ياأخية .






الــخــاتـــمة

أخـــتــــــــــاه هكذا نريدك .












( 1 )الأبيات للشاعر ( زهير المرزوق ) فى [ قصائد للفتاة المسلمة ] . نقلا عن مقدمة الشيخ _ وحيد بن عبد السلام بالى _ لكتاب [ الحجاب بين الموضة والشرع ] للكاتب _ أبو حمزة محمود حسين الترمذى _ .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 02-04-2008 الساعة 07:05 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-26-2008, 04:11 PM
مع الله مع الله غير متواجد حالياً
مشرفة سابقة-جزاها الله خيرًا .
 




افتراضي

تبارك الله
موضوع رائع وشامل لكل ما يتعلق بالأخت المسلمة
اعانكم الله على اتمامه
وجزاكم الله عنا خيرا وبارك لكم وبكم

متابعة باذن الله
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-26-2008, 06:37 PM
ام حسان ام حسان غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الرائع
و انا ان شاء الله العلي العظيم متابعة معك لاني اريد ان ادعو صديقة لي الى لبس الحجاب و ان شاء الله يكون الموضوع سبب في هدايتها
و جزاك الله الجنة
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-26-2008, 08:24 PM
مع الله مع الله غير متواجد حالياً
مشرفة سابقة-جزاها الله خيرًا .
 




افتراضي

تم نقل الموضوع الى روضة الأخوات لتعم الاستفادة للأخوات جميعا

أسأل الله العلى القدير ان يرزقكن الخير والصلاح والثبات على دينه وعلى نهج نبيه صلى الله عليه وسلم..
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-26-2008, 10:53 PM
أم الزهراء أم الزهراء غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي


جزاك الله خيراً أخى الفاضل
متابعه أن شاء الله

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-26-2008, 11:03 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي











والمشاهد لحال التاريخ وأوضاعه ومافيه من تغيرات ، يلاحظ بوضوح أن المرأة لم تسلم من هذه التغيرات .
فمع كل انتقال من مرحلة تاريخية للتى تليها ، تتغير نظرة أهل ذاك العصر للمرأة طبقا للأحوال والظروف المحيطة بواقعهم . فى خضوع شديد للظروف المكانية والزمنية والمعيشية ، وبإسقاط دقيق لكل هذه الأحوال والظروف إسقاطا مباشرا على المرأة المعاصرة لكل حقبة تاريخية من تلك الحقب .

وكذلك مع كل اعتقاد دينى سائد فى عصر من العصور ، لابد أن تنصبغ المرأة بالصبغات الملازمة لهذه العقيدة أو تلك المفاهيم والأفكار .. وقد يشتمل الحال الواحد أو المعتقد الواحد أو الفترة الزمنية الواحدة على أكثر من حال للمرأة .. فتتبدل أحوال المرأة وتتبدل النظرة الشاملة إليها فى غضون فترة زمنية واحدة أو معتقد سائد واحد .

فحال المرأة نراه متناسبا تناسبا طرديا مع حال كل عصر ، فكلما زادت الظلمات فى عصر وفكر زاد اضطهاد المرأة وازدراؤها .

وفى هذا الفصل سنحاول نبش بضع صفحات من صفحات الماضى .. والنظر لحال المرأة فى كنف ذلك الماضى ، الذى هو وإن كان اليوم بالنسبة لنا تاريخا ماضيا ،، فقد كان فى حينها واقعا معاصرا تعايشه المرأة وتخضع لكل ملابساته من خير أو شر .

فالمرأة على مرِّ العصور والأزمنة كانت تمرّ بمراحل مختلفة من القهر والظلم ، وكانت كل مرحلة من تلك المراحل تنتهى ولكن لاينتهى الظلم الواقع على المرأة ؛ بل يستمر اضظهاد المرأة وينتقل معها للمرحلة التى تليها وقد تزداد وطأته شدة وقسوة .







[ لقد تعرضت المرأة منذ القديم للتنقيص من قدرها حتى تحول دعاء الآباء في الصلوات في بعض الديانات إلى أن يُرزقوا بأبناء ذكور.



فإذا جاءت البشرى بولادة البنت فإنها تعني سواد الوجه وكآبة وحسرة لا يزيلها إلا أن تدفن تلك البنت وهي حية، فإن نجت من الوأد فالكآبة باقية وعلى البنت أن تعيش كسقط المتاع تـُملك ولا تـَملك محجورٌ عليها في تصرفاتها قليلة الحيلة عديمة الرجاء مكسورة البال تبيح بعض الشرائع بيعها كما تباع البهيمة أو يترفق بها فتؤجر لتعود بالأجرة بعد مدة .

وهذه مجتمعات وثنية كانت الأسرة إذا ولد لها بنات كثير وصادفت الأسرة الصعاب في إعالتهن تركتهن في الحقول ليقضي عليهن صقيع الليل أو الحيوانات الضارية دون أن تشعر الأسرة بشيء من وخز الضمير.
فحينئذ لا تسل عن تعليمهن وتثقيفهن فذاك لم يكن يخطر على بال.
حتى إذا حان زواجها زوجت بمن لا ترتضه في أنواع من أنكحة الشغار (وهو النكاح الخالي من المهر) والبدل والاستبضاع (وهو أن يرسل الرجل امرأته لغيره رغبة في نجابة الولد) فضلاً عن بيع بعضهن واستلام بدل عنهن، وماذا يكون ثمن المرأة في تلك المجتمعات؟! إنه عدد من الثيران يقدم للأب على أنه ثمن لابنته .
فكيف تعيش مع من اشتراها ودفع الثيران ثمناً لها ؟!
عليها أن تقوم بالوظيفة من الخدمة وحمل الماء من الأنهار والقيام بشؤون البيت ولا مانع مع هذا كله أن تتجر هي وزوجها وإذا غضب عليها زوجها تركها معلقة فلاهي ذات زوج ولا تستطيع الزواج.
حياة مريرة تعيشها المرأة بعيداً عن شرع الله حتى قال أحد الضالين في شريعته الوضعية: " الرجل رئيس فعليه أن يأمر، والمرأة تابعة فعليها الطاعة ".
ألا ساء مايحكمون.
وإذا كان هذا حال كثير من الزوجات فكيف بالمكرهات منهن على البغاء.
فعفوك ربي عفوك ممن لا يرجون لله وقاراً.
ولك أن تتصور امرأة في مجتمع من المجتمعات جالسة تنتظر الحرق وهي حيَّة.. أما الجريمة التي ارتكبتها فلا شيء سوى أن زوجها قد مات فعليها أن تلحق به طيعة راضية حتى أحرقوا نحواً من ستة آلاف امرأة في عشر سنين.
كل تلك المظالم كان رسل الله كلما أرسلوا دعوا إلى رفعها فالله لا يحب الظالمين ولكن محرفوا شرع الله لم ينفكوا عن تدنيس المرأة بدنسهم حتى حُرِّفت التوراة ونُسب فيها إلى المرأة من الخزي والعار ما شرع الله بريء منه كل البراءة،وقل مثل ذلك في تحريف الإنجيل حتى إذا كان القرن الخامس الميلادي اجتمع مجمع ماكون الذي يقدسه النصارى ليبحث في شأن المرأة، وماذا تراه يكون البحث؟!
لقد اجتمعوا ليبحثوا في حقيقة المرأة هل هي جسم بلا روح أو أن لها روح كالرجال؟ وكان القرار أن لها روح .
ولكن ماذا؟ لم ينتهي الأمر بعد, لقد قرروا أن لها روحاً شريرة غير ناجية من العذاب فيما عدا أم المسيح فإنها وحدها ذات روح ناجية من عذاب النار.
كم وكم تحملت المرأة.
حتى أذن الله لشمس الإسلام أن تُشرق فتنورت الأرض بشرع الله ونوره وهداه ] ( 1 ) .





ولتعلمى أختاه أنى فى هذا الفصل لست أسرد مجموعة من الحكايات المسلية أو أقصّ الأقاصيص من باب الترويح ، وإنما لكِ أن تدققى نظرتك بموضوعية فيما ستمرين عليه من كلمات .. وتتصورينها كأنكِ معاصرة ً لها .. وترَيْن مقدار الذل والهوان الذى عاينته المرأة وقاست من ويلاته وظلماته وتجرعت قهره قبل أن ينقذها الإسلام العظيم .
وبعد هذا فحينما ستقرئين عن حال المرأة فى الإسلام ، لابد لكِ أن تتذكرى حالها قبل الإسلام ، وتعقدى المقارنة المنصفة العادلة ... المقارنة التى تقارن وتفاضل بين نور وظلمة ، بين عدل وقهر ، وبين جمال وقبح .





المرأة عند الآشوريين ( 2 ) ، ( 3 )



(1814 – 626 ق.م.)
والمرأة كانت تعيش فى كنف هذه الدولة كجارية ليس إلا .
فكانت تابعة لزوجها ( سيدها ) فى كل شىء تقريبا ، وليس لها مخالفة أمر من أوامره ولا حتى يقبل منها مجرد التفكير فيه .
فإن ذهب زوجها يوما إلى القاضى وقال فقط أن زوجته تتسم بالتبذير أو الإهمال لشؤون بيتها يتم صدور الحكم فورا دون الإستماع لها ودون سؤالها عن صحة هذا الإدعاء من عدمه . ويكون الحكم هو ( القتل بالغرق فى الماء ) .
وإن غضب الرجل منها فى شىء فله الحق أن يخرجها من بيته ، وحينئذ تفارق حريتها إلى الأبد وتصير فى عداد الإماء وملك اليمين .





المرأة عند الصينيين ( 4 )



وأول مايطالعنا عن حال المرأة فى هذه الدولة .. هو مصطلح ( الــفـــو ) . وهذا يعنى فى اللغة الصينية القديمة ( الخاضعة ) .
وهذا المصطلح كان هو ماتتسمى به المرأة فى بلاد الصين من قديم الزمان .

وكان دورها عندهم أيضا لايعدو كونها تابعة مملوكة ، منعدمة الحقوق مطالبة فقط بتأدية الواجبات . فكان لزوجها من الحقوق مايصل لإمكانية عرضها للبيع فى الأسواق والممرات حسبما شاء ليقبض المال مقابل بيعها .
وإلى جانب هذا فقد كان للزوج الحق إن غضب على امرأته أن يقوم بدفنها حية .

وإن مات زوج المرأة الصينية كانت تمنع من الزواج بعده بأى حال ولأى سبب . فبموت زوجها انتهت حياتها تماما لتجلس تنتظر اللحاق به فقط .
إلى جانب أنها فى هذه الحالة ( موت زوجها ) تكون أشبه بالميراث ، فيمكن لأهل الزوج أن يتملكوها لتقوم بخدمتهم إلى آخر عمرها لأنها من ممتلكات ولدهم التى آلت إليهم بموته .

وكانت الصورة العامة للمرأة الصينية أنها مخلوق قاصر عن الفهم ليس له عقل يمكنه من التفكير .
فكانت موضعا للإحتقار والإمتهان من ذكور مجتمعها كافة .





المرأة عند الفراعنة ( 5 )



ويكفى فى وصف حال هذه المرأة كدليل على امتهانها ، تقديم المرأة قربانا رغبة من المصريين وقتها فى جلب النماء وتحصيل الأرزاق وتنمية الزروع والثمار ، فكانوا فى كل عام يقومون بقذف إحدى الفتيات فى مياه النيل دون أن تقترف أى ذنب أو خطأ فتموت غرقا ، بحجـة أن يرضَ النيل عنهم ويفيض عليهم بمياهه فيجلب لهم الخير .

وبصورة عامة فلم يكن حال المرأة فى هذه العهود الظالمة أفضل حالا من حال المرأة فى الدول الأخرى .
وقد يـُـشكل هذا على البعض ويتساءل فى نفسه ، أن كيف نقول هذا رغم أن هناك من النساء من اعتلت كرسى الحكم فى هذه الفترات ؟؟
ولكن من السهل جدا أن تعلم الفارق الطبقى الذى كانت تضعه مثل هذه الدول بين أفراد الشعب ، فبنات الأسر الحاكمة لهن معاملة مختلفة عن معاملة بنات العمال أو الفلاحين أو غيرهن من بنات أى طبقة من طبقات الشعب الأخرى . فالتكريم يقتصر على بنات الكهنة والملوك والأمراء والوزراء ، وفى المقابل يكون الإمتهان لبنات طبقات الشعب العامة .
ومن أراد أن يُــقـَـيِّـم فترة من الفترات فلا يستخدم المقاييس السارية على الخاصة ،، وإنما يكون الحكم مبنيا على حال العامة .








المرأة عند الـهــــنـــــود



والمرأة الهندية لاقيمة لها بدون زوجها البتة ، فإذا مات زوجها كان يستوجب على المرأة أن تتمدد بجوار زوجها حينما يحرقون جثته لتحرق حية مع زوجها الميت فى مراسم جنازته المعروفة عند الهنود بأنهم يقومون فيها بإحراق جثث الأموات .
فكل امرأة فى التراث الهندى كان موت زوجها بمثابة صدور حكم عليها بالإعدام حرقا رغم أن الحياة مازالت تدب فى أوصالها .

بل كانت المرأة عندهم ينظر إليها نظرة الإمتهان والإحتقار فى كل وقت ، حتى بلغ الحال بأحدهم أن قال أن : " الموت والحجيم والسم والأفاعى ليسوا أسوأ من المرأة " .

فالمرأة عندهم إحدى المصائب التى لاتعلو عليها مصيبة أخرى ، وإلا لما كان لأحمق كهذا أن يصفها بأنها أسوأ من الموت ومن الحجيم ومن كل هذه الكوارث .
وهذا إن دل فإنما يدل على ازدراء المرأة والجنس الأنثوى فى مجتمع قيلت فيه مثل هذه المقولة أو سادت فيه مثل تلك العادات .






المــرأة عند الإغريق والرومان ( 6 )




كانت المرأة فى هذه العصور أيضا كائنا تابعا مجردا من أحقيته فى أى شىء ؛ حتى فى التفكير . فلم يكن لها حق فى استخدام العقل كسائر البشر باعتبارها كائن قاصر لايسمح له عقله بالقدرة على التفكير أو التأمل نظرا لما يعتريه من طيش .
ولذلك فقد كان مجرد اتصاف الإنسان بالأنوثة يكفى لحجب الأهلية عنه . فيكون محجورا عليه فى ماله وفى تصرفاته وفى كل جوانب حياته . فكل امرأة كانت تخضع لمثل هذا لمجرد كونها أنثى .

ولذلك فد كان ممنوعا على المرأة أن تكون مالكة لشىء خاص بها ، أما ماتكسبه من أى وجه فلاتملكه وإنما يتم تمليكه لأسرتها التى تحيا فى كنفها سواء كان بيت أبيها أم زوجها .

بل لقد كان الرومان قديما يعتقدون أن المرأة كائن ليس له روح كسائر البشر أو حتى الحيوانات ، فكان بإمكان الرجل إن غضب عليها أن يذيقها العذاب ألوانا وألوانا ، فتارة يسكب عليها الزيت المغلى فتنسلخ وتموت . وتارة يربطها فى الأعمدة الخشبية أو جذوع النخل ويتركها مقيدة هكذا حتى تهلك ، وأحيانا كان يقوم بربطها فى ذيل خيله ثم يسرع بالخيل إلى أقصى درجة ممكنة حتى تموت تلك المرأة من شدة العذاب .







المـــرأة فى إسْـــــبَــــــرْطـَـــة ( 7 ) ، ( 8 )





وقد كانت هذه الدولة إحدى دول اليونان القديمة فى الفترة مابين عامى ( 700 : 338 ق.م ) .

وما سأحكيه من نظرة مثل هذه الدولة للمرأة ، إنما هو سبيل لكى تتأمل كل أخت مسلمة إلى ماتصير إليه المرأة إذا خضعت وارتضت بقوانين من صنع البشر .. فمما هو معلوم أن تشريعات البشر لابد أن يدخلها القصور ويعتريها الضعف والوهن وتشوبها قلة الحكمة أو انعدامها .

وقد كانت دولة ( إسبرطة ) هذه تسير على وفق تشريع محدد شرعه لها رجل اسبرطى يسمى ( ليكرجس ) فـسَــنّ لها القوانين والتشريعات التى تسير عليها وتكون لها دستورا .

فما هو حال المرأة فى ظل هذه القوانين ؟؟؟

كان هذا المجتمع ينظر للمرأة على أنها ليست إلا وعاء للولادة فحسب .. فدور المرأة وقتها كان قاصرا على الإنجاب .. ولهذا فقد كانت الفتيات الصغيرات يتربين مع أمهاتهن فى المنازل بشكل طبيعى جدا ، ثم :
يتم تقسيمهن إلى قطعان للتدريب الرياضى العنيف البالغ الخشونة ، ويجمعونهن فى الساحات العامة أمام الملأ جميعا ( عــــــــــــــــاريات تمــــــــــاما ) .

فلابد لكل فتاة تخطت مرحلة الطفولة وبدأت تتضح أنوثتها ، أن تتعرى أمام العامة من الرجال وترقص وتهرول وتتدرب أمامهم .

ويبررون مثل هذا التشريع بأنه لابد منه ؛ لكى تتخلى النساء عن حيائهن وخجلهن كصفات ذميمة لايصح تواجدها فى الإنسان السليم .. وبأنه لابد للمرأة الإسبرطية أن تتخلى عن أنوثتها وتنساها ... فالمرأة الإسبرطية عليها أن تنجب رجالا أقوياء فقط ..

وكان هذا هو السبب الوحيد الذى من أجله أوجبوا على الفتاة أن تتدرب على فنون القتال وتحمل الأشياء الثقال ، حتى تتغير معالمها من معالم الأنوثة ، إلى معالم ومظاهر الخشونة التامة ، واعتقدوا أن هذا سيكون سببا لأن يتميز الذكور الذين ستنجبهم بالقوة والصلابة .

فكانت فائدة التدريب نفسه ليست لقصد إفادتها ، بل كانت المرأة لديهم سلما وواسطة للوصول إلى جيل قوى من الرجال ، حسب اعتقادهم .

فكانت المرأة فى هذا العصر عبارة عن كائن متجرد من صفات أنوثته التى خلقه الله عليها ؛ فكانت قاسية الطبع ، منعدمة الحياء ، لاتعرف شيئا يسمى الخجل ، وهذا مضاد لفطرة المرأة السوية .

ولكِ ياأخيتى أن تفهمى مما سبق نظرة هؤلاء للمرأة . فهم جاءوا على أنوثتها وحـرموها منها ، وأوجبوا عليها تضحية لم يكن لها فيها اختيار ... فجـعـلوها تضحى رغما عنها من أجـل قوة النسل .. وفى المقابل لكِ أيتها الأخت أن تتفهمى من هذا مدى ازدراءهم لمعنى الأنوثة ذاتها ؛ فالأنوثة عندهم بهذا المفهوم ليست إلا أمرا مشينا معيبا يلحق النقص بصاحبته . وكأنَّ الإناث عار عليهم يخجلون منه . هذا بالطبع إلى جانب إيجاب التخلى عن الحياء والخجل لكل امرأة .








المرأة فى العصور الأوروبية الوسطى ( 9 )






وكانت هذه الفترة هى الفترة الزمنية مابين عامى ( 476 م : 1453 م ) .
وهذا العصر فى أوروبا كان من العصور التى تدين فيها أوروبا بالنصرانية ، وكان أكبر نفوذ للدولة فى هذا العصر هو نفوذ ( النـظـام البـَـا بَــوى ) ، فكان من يتم تنصيبه لمنصب ( البابا ) عند النصارى فى هذا العصر ، يكون هو رأس النظام السياسى الحاكم ، فكان صاحب هذا المنصب أعلى رتبة من أى حاكم سياسى فى هذا العصر . وكانت سياسة الكنيسة وقتها تقوم على النظام الإقطاعى مما وفــّـرَ لها دخولا ثابتة تغنيها عن الخضوع للحكام بقدر ماتعطيهم نفوذا يربو على نفوذ الحكام الرسميين .

أما عن المرأة فى هذا العصر فقد كان دورها ثانويا منعدما بالفعل ، فلم يكن أحد ليعيرها اهتمامه وقتها ..
فالكنيسة من جهة ، تعتبرها شريكة آدم التى حرضته على المعصية والخطيئة ، ولذلك فهى تستحق كل إهانة ومذلة . ويجب الحذر منها ومن شرورها وأخطارها .
حتى وصل الأمر بالكنيسة أن كانت تنصح رجالها بعدم الزواج ، على اعتبار أن المرأة عامل من عوامل الغواية حتى لو كانت زوجة للرجل .
[فقد كانوا يرون أنها شيطان رجيم، وأنها منبع الخطيئة، ومصدر الشر، وأن من خطرت في قلبه صورة امرأة أو تعلق بها أو اشتهاها، فإنه قد يطرد من ملكوت الله؛ لأنه بذلك يفكر في الدنس والخطيئة ( 10 ) ] .

ومن جانب زوجها ، فقد كانت المرأة تابعة لزوجها ، لاتتمتع بأى حقوق تجاهه .. فهو سيدها الذى له عليها كل الحقوق وهى المملوكة المنعدمة من أى حقوق يعطيها لها الزوج . ولقد وصل هذا الأمر إلى أن تبارى كـُـتـَّـاب هذا العصر فى إطلاق الحرية للرجل فى ضرب الزوجة وإهانتها بالقدر الذى يرتضيه ، كما تركوا له حرية إيذائها بأى صنف من صنوف الإيذاء .
وهذا يثبت حد الإمتهان الذى صاحب المرأة فى نظر وعقول المفكرين والعامة فى هذه العصور المظلمة .
[ فقد كان فلاسفة اليونان يكتبون -وكتاباتهم موجودة إلى اليوم- ويتساءلون هل المرأة إنسان أم لا؟! وهل للمرأة روح أم ليس لها روح؟! ( 11 ) ] .

واقتصر دور الكنيسة إزاء هذه القضية فى شىء واحد فقط ،، وهو : ( تحديد حجم العصا التى ستضرب بها هذه الزوجة التعيسة ) .

كما كان للزوج وقتها الحق فى أن يبيع زوجته إن شاء ووقتما شاء .


وأما عن المرأة وقتها كفتاة مرغوبة للزواج ،، فكان المعيار المتفق عليه والمعروف عند الجميع هو المعيار المادى فقط ، فكان لابد للرجل أن يراعى فى اختياره للزوجة أن تكون وريثة قطاع أو على أقل تقدير تكون وريثة مساحة كبيرة من الأراضى .. وكان من حق الزوج بالطبع أن يستملك منها هذا الميراث نظرا لأنه مالك لها ومالك لما لديها .. وبعد الزواج كان من الواجبات على الزوجة أن تلد مولودا ذكرا ؛ فإن أخفقت الزوجة فى هذه المهمة كان من السهل جدا على زوجها أن يتفق مع الأسقف على أن يفسخ زواجه منها ، مقابل بعض المال الذى يقدم للأسقف كرشوة أو مقابل أى شىء يتم إغراء الأسقف به ، وذلك بالطبع لأنهم كان من دينهم أنه لايوجد شىء اسمه الطلاق أو الإنفصال .

ومن ناحية الميراث هذا ففى الأصل لم يكن للمرأة الحق فى أن ترث أباها أو أمها إلا فى حالة عدم وجود إخوة لها من الذكور ،، ولكن إن كان لها أخ ذكر فليس لها حق فى الميراث ويستحوذ أخوها على الميراث وحده .

فحال النساء فى هذا المجتمع لم يكن أفضل حالا من حال مثيلاتها فى المجتمع اليونانى القديم رغم التفاوت الزمنى الكبير بين المجتمعين واختلاف الديانة .

فالمرأة عند هؤلاء القوم مجرد تابعة ومملوكة لزوجها .. عليها لزوجها كل الحقوق . وليس لها عند زوجها أى حق ، ومن جانب آخر هى رمز الغواية والضلال وسبب الخطيئة ، فهى الكائن الذى لابد من التحذير منه مخافة الوقوع فى الغواية والفساد . وأيضا ليس للمرأة أن ترث إلا حين انعدام وجود الوارث الذكر ، مما يفقدها أحقيتها البشرية والإنسانية كإنسان له حق فى مجتمعه . ومن جانب آخر يمكن للرجل فى أى لحظة أن يخالف اعتقاده ويتبرأ من هذه المرأة فى أى لحظة بمباركة رجال الدين .

فهل تظن الأخت المسلمة أن هذه الصورة فيها جانب واحد مضىء ؟؟
فلله الحمد على نعمة الإسلام .







المرأة عند العرب قبل ظهور الإسلام





والمرأة فى هذه المرحلة تبدأ رحلتها منذ ولادتها . فحينما تولد تكون مهددة بالقتل ، فيما يسمى بــ ( وأد البنات ) .
كما أخبرنا القرآن بذلك فى قوله تعالى : [ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ{8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ{9} ] [ التكوير ] .
فمجرد أن يُـرْزق الرجـل بمولودة أنثى كان هذا هو العار بعينه .. فكانت ولادة الأنثى تمثل فى نظر أبيها قدوم الفقر معها .
كما جاء فى القرآن الكريم : [ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{151} ] [ الأنعام ] .
وكذلك فولادة الأنثى كانت تستصحب بالخوف من المستقبل الذى سيعانيه الأب منها ، فهى فى نظره عالة لاتفيد فى شىء وإنما على العكس تماما ، ستكلفه وتثقل عاتقه بالأعباء ويكون مطالبا بالإنفاق عليها طيلة حياتها .

وبهذا كان شعور من رُزق بمولودة يومها شعورا مختلطا بين الخوف من العار والفضيحة التى ستجلبها له ، وبين عدم نفعها ، فضلا عن تكلفتها بدون جدوى ولا فائدة ، إلى جانب الخوف من الفقر المقبل مع ولادة البنات . فيتسبب هذا فى تعاسة الأب وخجله حتى يظهر ذلك عليه ويتوارى خجلا من قومه .. ويرى السبيل الوحيد لذلك هو وأد هذه المولودة بدفنها حية فى التراب .

كما قال تعالى :
[ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ{58} يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{59} ] [ النحل ] .


ثم مايوضح حال المرأة كذلك فى تلك الحقبة الزمنية ، يمكن أن يُـستفاد مما كان يلحق بالمرأة من جراء هجوم إحدى القبائل على قبيلتها فى غارة خاطفة ، فتكون المرأة وقتها مملوكة كأمة من الإماء عند أحد أفراد هذه القبيلة المعتدية ، فرغم ماكان عند العرب وقتها من كرامة وعزة برغم جاهليتهم ، إلا أنهم لم يعالجوا شيئا مثل هذا فلم يتعارفوا مثلا فيما بينهم على الإبتعاد عن النساء وسط الحروب صيانة لهن ، وإنما سرى أمر مثل هذا على الجميع ، فعاشت المرأة فى الأصل فى انعدام أمن سواء فطنت لذلك أو لم تفطن .

وكذلك فى تصوير أوضاع المرأة عند العرب فى تلك الفترة لايمكن بحال من الأحوال إغفال السوء الموجـود فى ثنايا أنواع النكاح وقتها ، وهو الذى رواه الإمامان البخارى فى صحيحه وأبو داود فى سننه ( رحمهما الله ) من حديث أم المؤمنين أم عبد الله عائشة ( رضى الله عنها ) ، حيث أشار الحديث لأنواع من النكاح تبين مدى الوضاعة والإنحطاط لحال المرأة فى كنف مثل ذاك المجتمع .

وكذلك كانت المرأة لاترث فى هذا العصر الجاهلى ، فقد كانوا يقولون وقتها : [ لايرثنا إلا من يحمل السيف ويحمى البيضة ] .
بل كانت المرأة نفسها ميراثا يُوَرّث كسقط المتاع ، وكان معروفا وقتها أن الرجل من حقه إن مات أبوه أن ينكح امرأة أبيه . إلى أن نهى القرآن عن هذا ، قال الله تعالى : {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً }النساء22

وكان على المرأة إذا مات زوجها أن تبقى فى بيتها عاما كاملا ، لاتلبس ثوبا حسنا ولا تمشط شعرها ولا تقلم أظافرها ، وكذلك لاتمس الطيب .






حــــــــاشية الـفــصــــــل





( 1 ) جزء من محاضرة للشيخ [ أيمن سامى ] .

( 2 ) الدولة الآشورية تتراوح مدتها مابين عامى (1814 – 626 ق.م.) وقد بدأت بمجموعة من القوم الذين كانوا يقطنون جنوب العراق ، ثم هاجروا إلى القسم الشمالى منها وأقاموا فيها دولتهم الآشورية . واستمدوا هذا الإسم من عقيدتهم حيث كانوا يعبدون مايسمى لديهم بـــ ( آشــور الإله ] .

( 3 ) ، ( 4 ) ، ( 5 ) ، (6 ) منقول بتصرف واختصار من رسالة [ المرأة فى الإسلام والنصرانية واليهودية ] للأخ [ مسلم عبد الله أبو عمر ] .

( 7 ) إسبرطة : دولة قامت على أرض اليونان فى قديم الزمان . حيث كانت اليونان تنقسم وقتها إلى دوَيلات صغيرات ومن أشهرها ( أثينا ، اسبرطة ) وكان ذلك فى الفترة مابين ( عام 700 : عام 338 قبل الميلاد ) . وكانت هذه المدينة تقع فى ظروف جغرافية جبلية أشبه ماتكون بمجتمعات البدو والبادية ، حيث كانت عبارة عن منطقة وعرة تحيط بها الجبال من كل اتجاه . وكانت هذه الدولة من الدول الظالمة التى تعتمد على القوة فى كل شىء .. فكانت تفرض سيطرتها وتسلطها على العشائر المجاورة لها وتجمع منهم الضرائب بالقسر والقوة .

( 8 ) ماكتبته من كلمات عن حال المرأة فى ( إسبرطة ) كان اختصارا لما قرأته عن تاريخ هذه الدولة ونُـظم معيشتها السياسية والإجتماعية والإقتصادية فى كتاب [ تاريخ التربية ونظام التعليم فى مصر ] لأعضاء هيئة التدريس بقسم الإدارة والتخطيط والدراسات المقارنة _ كلية التربية _ جامعة الأزهر ،،، صــــ ( 47 : 54 ) .

( 9 ) وحديثى عن المرأة فى ( العصور الأوروبية الوسطى ) منقول اختصارا أيضا من فوائد قراءتى لهذه المرحلة التاريخية العامة بجوانبها كاملة فى ( المصدر السابق ) صــــ ( 89 : 132 ) .

( 10 ) من محاضرة [ قضية المرأة ] للشيخ [ سفر بن عبد الرحمن الحوالى ] حفظه الله .

( 11 ) المصدر السابق .







التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 01-30-2008 الساعة 07:18 AM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-27-2008, 02:19 PM
ام البنين ام البنين غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاك الله خيرا اخي الفاضل وجعله الله في ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10-15-2009, 12:37 AM
رحمة ربى رحمة ربى غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي

جزاك الله خيرا
جعله الله فى ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-28-2008, 01:33 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




Islam













والحديث هنا عن اليهود وعن النصارى . فلقد حفلت الأسفار بكثير مما يصف حال المرأة والنظرة السائدة الموجهة لها فى التوراة المحرفة . وكذلك أقوال الحاخامات وغيرهم من اليهود سواء كانوا عواما أو رجال دين .

ومثل ماجاء فى أسفار اليهود ، جاء قريب منه فى فقرات كتاب النصارى المحرف ، وإن كنت قد جمعت بين اليهود والنصارى فى الحديث عنهما ، فذلك لأن النصارى أنفسهم قد جمعوا أسفار اليهود فى كتابهم كعهد قديم ، ثم ألحقوا بها ما زعموا فيه أنه العهد الجديد للإنجيل . فكان الكتاب الذى أسموه بــ ( الكتاب المقدس ) . والذى جمع بين دفتيه صنوفا من الفضائح التى كان عليهم أن يخجلوا منها بدلا من أن يتعبدوا لربهم بها .
وكذلك لأن كِـليْهما قد اجتمعا فى حرب موحدة ضد الإسلام والمسلمين ، فكان لابد لنا من أن ننظر إليهما على كونهما بوتقة واحدة وجبهة حربية متحدة فهم رغم خلافاتهم إلا أنهم حلفاء فى الحرب على الإسلام .
ومن جانب آخر كان الصواب أن يتم توحيد الحديث عنهما نظرا لتقارب أو تماثل نظرتيهما للمرأة .
النظرة التى اتفقت فيما بينهما على دونية ووضاعة المرأة وانعدام وزنها وقدرها ، كما ستقرئين أيتها الأخت الفاضلة .





فترجع نظرة اليهود والنصارى للمرأة إلى بدء الخليقة ، حين خلق الله آدم وحواء ؛ فتتحد نظرة اليهود والنصارى للمرأة على أنها صورة لحواء التى يعتقدون فيها أنها سبب غواية آدم ( عليه السلام ) ، فهى على حد فـهمهم مَن أغوته وَوَسْـوَسَـتْ له ليعصىَ ربه تعالى ويخالف ما أمره الله به من اجتناب الشجرة ، فأضلته وكانت السبب الرئيسي فى طرده من الجنة ونعيمها وهبوطه إلى الأرض ومعاناتها ومكابدة قسوتها .
فعند اليهود والنصارى تتبلور المرأة فى كونها ( حـواء ) التى كانت على زعمهم مصدر التعاسة لزوجها ( آدم ) .

ثم تأتى بعد ذلك نظرية توريث الذنوب التى تـحـفـل بها عقلية اليهود والنصارى .. فيمتد السياق ليشير إلى كل رجل وامرأة ، فكل رجال الأرض قد ورثوا من ( آدم ) المعصية . فكل مولود ذكر ليس يولد بصفحة بيضاء نقية ؛ وإنما يولد وفى صحيفته معصية الأكل من الشجرة .

أما النســـاء فقد ورثن عن ( حـواء ) صفة الغواية والضلال بزعمهم . فكل امرأة منتظرٌ منها أن تغوى الرجل لأنها ورثت صفة الغواية والوسوسة من ( حـواء ) .

فكانت صورة ( حـواء ) كما يرونها وكما يعتقدونها هى الصورة الحقيقية الأصلية ، التى تم نسخها لصور عديدة اليوم تتمثل فى النساء المعاصرين لكل زمن وكل جـيـل ، فالنساء جميعا متبلورات فى أنـَّـهن أسباب غواية وضلال الرجال ، ولم يستثنوا من ذلك أى امرأة إلا : السيدة [ مريم ] أم رسول الله [ عيسى ] ( عليهما السلام ) .

فمن فكرة المعصية الأولى والخطيئة الأصلية ، تـشكلت لديهم النظرة العامة للمرأة ، وعليها انبنت كل أقاويلهم وأفكارهم تجاه المرأة فيما بعد . فتجد المرأة واقعة فى ظلم بالغ فى الشرائع ، ولم تسلم كذلك فى الإعتقاد من الإزدراء والإنتقاص والتقليل .

فكما قـلـنـا أن حواء عند اليهود والنصارى هى سبب الخطيئة الأصلية حسب اعتقاداتهم . فيعتقدون بأن ( حَـيَّـة ً ) وِسْـوَسَـتْ لـحَـوَّاء بالأكل من الشجرة ، فقامت حــواء بدورها بالوسوسة لزوجها آدم حتى يأكل من الشجرة ويطعمها معه .
وهذا وحـده فيه مافيه من تشبيه المرأة بالحـَـيـَّـةِ الماكرة الخبيثة التى ، دأبت على الغدر ، فجاء تفكيرهم بهذه الصورة ليتمكنوا من إلصاق التهمة بالمرأة ، وهذا إن دلَّ فإنما يدلُّ على سفه العقول وضيقها ، وعلى المسارعة فى التنصل من أى مسؤولية . فرمزوا لها بـهـذا الرمز القبيح الذى يأنف كلّ حُــرٍّ أن يتمثل به لأى سبب .




والقصة فى كتابهم جاءت فى الإصحاح الثالث من سِـفـْـرِ التكوين ، وتحت عنوان ( سـقوط الإنـسـان ) ، كالآتى :
[ و كانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله ، فقالت للمرأة : أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة فقالت المرأة للحية : من ثمر شجر الجنة نأكل وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله : لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا فقالت الحية للمرأة : لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل ، وأنها بهجة للعيون ، وأن الشجرة شهية للنظر . فأخذت من ثمرها وأكلت ، وأعطت رجلها أيضا معها فأكل فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان . فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر وسمعا صوت الرب الإله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار ، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة فنادى الرب الإله آدم وقال له : أين أنت فقال : سمعت صوتك في الجنة فخشيت ، لأني عريان فاختبأت فقال : من أعلمك أنك عريان ؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها فقال آدم : المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت فقال الرب الإله للمرأة : ما هذا الذي فعلت ؟ فقالت المرأة : الحية غرتني فأكلت فقال الرب الإله للحية : لأنك فعلت هذا ، ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية . على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك وأضع عداوة بينك وبين المرأة ، وبين نسلك ونسلها . هو يسحق رأسك ، وأنت تسحقين عقبه وقال للمرأة : تكثيرا أكثر أتعاب حبلك ، بالوجع تلدين أولادا . وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك وقال لآدم : لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا : لا تأكل منها ، ملعونة الأرض بسببك . بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكا وحسكا تنبت لك ، وتأكل عشب الحقل بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها . لأنك تراب ، وإلى تراب تعود ] . [ التكوين : 3 _ 1 : 19 ] .

وهـذه القصة فيها من الهراء مافيها ، ويكفى لتبيان سفهها الإشارة للفقرة التى تجيب فيها حـواء على سؤال الحـية ، فتخبرها بأن الله نهاهما عن الأكل من هذه الشجرة لئلا يموتا ، وبعدها تذكر الفقرات أنهما أكلا بالفعل ؛ ولكنهما لم يموتا ، إذن فالفقرة من جهلهم تدعى أن هذا الإله قد كذب عليهما .. فهل يكذب الإله ؟؟
ولكن ليس هذا بمحل بسط وتفصيل فى مثل هـذا ؛ فلنتأمل سويا ماجاء فى هذه الفقرات :

فانظروا كيف صوروا جواب آدم ؟؟
[المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت ] .
فهذا مايورثونه لأنفسهم اليوم ، المرأة هى المخطئة ، ويتبرأ كل رجل ويتنصل هاربا من مواجهة خطئه ، ليلصق السبب فى من ؟؟ فى المرأة .

ثم لتنظرى أختنا الفاضلة ، لما جاء فى الفقرة من عقوبات :
[ تكثيرا أكثر أتعاب حبلك ، بالوجع تلدين أولادا . وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك ] .

فعلى ماجاء فى هذا الكلام ، فكل امرأة تحمل أو تلد فحملها وولادتها ومخاضها ماهو إلا عقوبة تعاقب بها بسبب معصيتها للرب ، وكذلك فقد جعلوا مجرد اشتياق المرأة لزوجها وحنينها إليه الذى فطرها الله عليه ؛ جعلوا كل هذا نابعا من عقوبة مماثلة تـُـعـَـاقـَـبُ بها المرأة إلى أبد الدهر وحتى تقوم الساعة .

ثم لكِ أختنا الفاضلة أن تتأملى فى العقوبة الواقعة على ( آدم ) :
[ ملعونة الأرض بسببك . بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكا وحسكا تنبت لك ، وتأكل عشب الحقل بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها . لأنك تراب ، وإلى تراب تعود ] .

فعلى هذا أيضا ، فالمرأة سبب فى حلول اللعنات على الأرض جميعها ؛ حيث كانت المرأة سبب هذه الغواية وهذا الإنقلاب .
ليس هذا فحسب ؛ وإنما كل مايعانيه ( آدم ) وبنوه إلى اليوم ( كما زعموا ) من تعب فى المعايش وغيره إلى يوم القيامة ، قد تسببت فيه المرأة أيضا .

فأى تكريم للمرأة فى مثل هذا ؟؟

ولكن :
هل انتهت المسألة عند هذا الحـد ؟

لا لم تنتهِ ؛ وإنما استمرت مع الأجيال جيلا بعد جيل ، وكانت هذه الإهانة التى رأينهاها للمرأة هى لـُـبّ وجوهر قضية الإعتقاد عند النصارى ، فقضيتهم تمثلت فيما سبق من أنه الخطيئة الأصلية التى توارثتها الأجيال ؛ وكان لابد حتى تتحقق المغفرة أن يُـرْسِلَ الله ابنه إلى الأرض ( تعالى الله عن الند والنظير والزوجة والولد وعن كل نقص . سبحانه ) لكى يضحى بنفسه على زعمهم فداء لهم وسببا لتحصيل المغفرة من ذنب كانت بدايته عند حواء التى أضلت آدم على زعمهم .

فاللهم لاحول ولا قوة إلا بك .






ثم هذه المعصية الملتصقة بحــواء استمر توارثها وانتقالها لكل النساء من بعدها إلى يوم القيامة ، فكل مولودة تولد ومعها معصيتها .
وكما قلنا ، من هنا جاء ازدراء اليهود والنصارى للنساء وللجنس الأنثوى بصفة عامة .

ولتوضيح مثل هذا ، يمكـننا أن نتأمل فى ماقاله ( القس ترتوليان ) وهو يخاطب بنات دينه ، فيقول لهن :
[هل تعلمن أن كل واحدة منكن حواء ؟؟ فما كتبه الله عليكن ما زال مستمرا إلى عصرنا هذا ، والخطيئة مستمرة أيضا ، وأنتن الباب الذى يدخل منه الشيطان ، وأنتن السبب فى خطيئة الشجرة المحرمة ، وأنتن أول من ارتكب معصية ، وأنتن اللاتى أغـوين آدم الذى لم يستطع الشيطان أن يغويه ، فأنتن دمرتن العلاقة بين الإنسان والرب ، وبسبب معصيتكن قـُـتِـلَ ابن الإله ] ( 1 ) .

وهذا القول يفسر ماقاله ( ترتوليان ) أيضا فى موضع آخر :
[ إنها – أي المرأة - مدخل الشيطانإلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله، مشوهة لصورة الله (الرجل) ] .

فسبحان الله العظيم ، بلغوا فى تكريمهم للمرأة على حـد زعمهم أن جعلوها هى السبب فى كل شر وبلاء .

بل تمادى ( القس أوجستين ) فى هذا الصدد ، فنفى عن المرأة أى فائدة مرجوة منها إلا : إنجاب الأطفال وكفى . حين قال فى رسالة بعثها لصديق له :
[ ليس هناك فرق بين الزوجة والأم فهى فى كلتا الحالتين حـواء التى غـوت آدم ، ويجب أن نحذر جميعا منها ... لاأعرف مافائدة المرأة بالنسبة للرجل سوى أنها تنجب أطفالا ]( 2 ) .

وهكذا حكم رهبان النصارى على المرأة بأنها صورة من حـواء التى صوروها على أنها سبب الغواية والضلال والمعصية لآدم وبنيه جميعا إلى يوم الدين ، فهى كائن يجب الحذر منه واجتنابه فى جميع الأحوال ... ولا فائدة فيها ولا نفع ؛ فهى كائن اقتصر دوره على الحمل والولادة فقط .


بل جاء بعدها بقرون من بالغ فى هذا أكثر وأكثر كــ ( القس توماس أكويناس ) الذى أكد على عدم جدوى المرأة والنفع فيها . فقال :
[ إن المرأة لافائدة لها ؛ أما الرجل فيولد صالحا ويُـوَرِّثُ هذا لبنى جنسه ؛ لكن المرأة مشوبة بالاخطاء منذ ميلادها ]( 3 ) .

فعقد مقارنة ظالمة بين المرأة والرجل ، وانتهى فيها إلى أن الرجل يولد على الصلاح وينقل الصلاح لذريته ، وأن المرأة على عكس ذلك تولد على المعصية وتنقل معصيتها لذريتها كذلك . ولهذا نفى عنها النفع والفائدة .

وقد أكد الشهير ( مارتن لوثر ) هذا الإعتقاد السائد ، فى عبارته الشهيرة :
[ إذا تعبن أو متن الأمر لايهم ، فليمتن بعد الولادة ؛ فهذه هى وظيفتهن ]( 4 ) .

ويعنى أن المرأة إذا وضعت مولودها لم يعد من المهم أن تحيا أم تموت ، فهى مخلوقة لهذه الوظيفة فقط لاغير ؛ ألا وهى أن تكون وعاء يفيض بالإنجاب ، فإذا أنجبت فقد أدت وظيفتها ودورها وماعاد لوجودها معنى .
حسنا ، ولكن ماذا عن المرأة العقيم التى لاتنجب ؟؟ فهل هذه ليس لها أن تحيا أم ماذا ؟؟

فهذا لون من ألوان تكريم المرأة وتوقيرها ومعرفة قدرها عند أهل الكتاب . والألوان غير ذلك كثيرة وكثيرة .





ومن أجـل هذا المعتقد القبيح الذى اعتقدوه فى الجنس الأنثوى ، فقد أهانوا المرأة وشوهوها فى عقولهم ، حتى اعتبروا مجرد ولادتها دربا من دروب الخزى والعار .

فيأتى الإنجيل الكاثوليكى فى إصحاحه الثالث ليطرح العبارتين مجتمعتين عن الذكور والإناث فيقول :
[ إن ميلاد الفتاة خسارة ] ( ecclesiasticus : 3 _ 22 ) .
ثم يقول :
[ الرجل الذى يعلم ابنه الذكر فيحسده أعداؤه ] ( ecclesiasticus : 3 _ 30 ) .

ويؤكدها أحد حاخامات اليهود بهذه العبارات :
[ إنه خيرا أن تنجبوا ذكورا ، لكنه شرا أن تنجبوا إناثا ]( 5 ) .
[ الجميع يسعدون بميلاد الذكور ، لكنهم يحزنون لميلاد الإناث ]( 6 ) .
[ عندما يولد الذكر يحل السلام على الأرض ، لكن عندما تولد الأنثى فلا يحل شىء ]( 7 ) .




وبعد الولادة ، تستمر نظرة الدونية ناحية المرأة ، وتتمثل هذه المرة فى حال أم المولود بعد انتهاء الوضع .
فمن تلد ذكرا تتنجس ( سبعة أيام ) ؛ أما من تلد الأنثى فتبقى نجاستها ( أسبوعين كاملين ) . وكأنها كانت تحمل وتضع مولودا من الكائنات الأخرى .

جاء فى الإصحاح الثانى عشر من سِـفـْـر اللاويين :
[ وكلم الرب موسى قائلا كلم بني إسرائيل قائلا :إذا حبلت امرأة وولدت ذكرا ، تكون نجسة سبعة أيام. كما في أيام طمث علتها تكون نجسة وفي اليوم الثامن يختن لحم غرلته ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يوما في دم تطهيرها . كل شيء مقدس لا تمس ، وإلى المقدس لا تجئ حتى تكمل أيام تطهيرهاوإن ولدت أنثى ، تكون نجسة أسبوعينكما في طمثها ] [ اللاويين : 12 _ 1 : 5 ] .






وأما عن الطمث الذى يصيب النساء كما فطرهن الله على ذلك ، فالأحكام عند اليهود والنصارى هى من توضح حال المرأة عندهم إن كانت مُـكـرّمة أم غير ذلك .
المرأة حين محيضها تكون كالكائن النجس الذى ماإن احتك بشىء أو لامس شيئا أصابه بالنجاسة ، حتى إن بعض اليهوديات مازلن حتى اليوم يطبقن على الحيض مصطلح ( اللعنة ) . نظرا لما يعانينه ويقاسينه أثناء هذه الفترة التى تعتريهن طبقا لما جـُـبـِـلن عليه من خِـلقة .

ومن المضحكات المبكيات ماوضعه أحد الحاخامات اليهود من تفصيل غريب فى شأن الحائض ، حيث وضع فارقا بين أن تكون المرأة فى بداية حيضها وبين أن تكون فى نهاية فترة الحيض ، فقال :
[ لو مرّت امرأة حائض بين رجلين فى بداية فترة المحيض سيموت أحدهما بسببها ، ولو كانت فى نهاية فترة المحيض ستتسبب فى خلاف بينهما ] .

فسبحان الله العظيم ماهذا الحيض الذى يتحكم بزعمهم فى حياة الناس وموتهم ، وفى اجتماعهم وافتراقهم .. إنها لإحدى الكـُــبَـرْ .

أضف إلى ذلك أن زوج الحائض يُـمنع من دخول المعابد اليهودية أثناء فترة حيض زوجته ، لأعتباره متنجسا بنجاستها ، حيث أن الأمر لايخلو أن يكون قد خطا فوق الثرى الذى خطت من فوقه الحائض . فتنجس بسببها . وفى نفس المعابد وصل الأمر لأن يُـمنع أى قديس من قديسيهم أن يلقى خطبته المعتادة على الناس إذا كانت زوجته أو إحدى بناته أو حتى أمه حائضا .

كما تجدر الإشارة إلى أنه كان فى فترات سابقة يقوم اليهود بنفى الحائضات فى دار تسمى بــ ( بيت الدّناسة ) وتظل هناك يذهب عنها الطمث ، ثم تـُـعاد لبيتها بعد ذلك .

وكل ذلك يفعلونه احترازا من نجاسة المرأة ، وتنفيذا لما جاء عندهم فى سـِـفـْـر اللاويين :
[ وإذا كانت امرأة لها سيل ، وكان سيلها دما في لحمها ، فسبعة أيام تكون في طمثها . وكل من مسها يكون نجسا إلى المساء وكل ما تضطجع عليه في طمثها يكون نجسا ، وكل ما تجلس عليه يكون نجسا وكل من مس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بماء ، ويكون نجسا إلى المساء وكل من مس متاعا تجلس عليه ، يغسل ثيابه ويستحم بماء ، ويكون نجسا إلى المساء وإن كان على الفراش أو على المتاع الذي هي جالسة عليه عندما يمسه ، يكون نجسا إلى المساء ] [ اللاويين : 15 _ 19 : 23 ] .

وكما أن هذه الأحكام للحائض ، فكذلك كانت بعينها أحكام المستحاضة :
[ وإذا كانت امرأة يسيل سيل دمها أياما كثيرة في غير وقت طمثها ، أو إذا سال بعد طمثها ، فتكون كل أيام سيلان نجاستها كما في أيام طمثها . إنها نجسة كل فراش تضطجع عليه كل أيام سيلها يكون لها كفراش طمثها . وكل الأمتعة التي تجلس عليها تكون نجسة كنجاسة طمثها وكل من مسهن يكون نجسا ، فيغسل ثيابه ويستحم بماء ، ويكون نجسا إلى المساء ] [ اللاويين : 15 _ 25 : 27 ] .

ليس هذا فحسب ، بل كان هناك حكما آخر عجيبا غريبا للمرأة الحائض عند أهل الكتاب :
[ وإذا طهرت من سيلها تحسب ، لنفسها سبعة أيام ثم تطهر وفي اليوم الثامن تأخذ لنفسها يمامتين أو فرخي حمام ، وتأتي بهما إلى الكاهن إلى باب خيمة الاجتماع فيعمل الكاهن : الواحد ذبيحة خطية ، والآخر محرقة . ويكفر عنها الكاهن أمام الرب من سيل نجاستها ] [ اللاويين : 15 _ 28 : 30 ] .

فحتى تتمكن المرأة من التخلص من نجاستها لابد لها فى نهاية الأمر من هذه الزيارة التى تذهب فيها للكاهن وتقف عند باب خيمة الإجتماع ، وفى يدها فرخى حمام أو يمامتين ؛ حتى يعلم كل من رآها مارّة فى طريقها بأنها حاضت ، وكذلك يعلم بالأمر كل من رآها منتظرة عند باب الإجتماع هذا ، وكأنهم قرروا فضيحة كل أنثى ، ومحـاسبتها على شىء فى أصل خِـلقتها وجبلتها التى جبلها الله عليه ، وكأن هذا ذنبا اقترفته أو خطيئة أصابتها ، فاحتاجت معها لتدخل الكاهن فى الأمر كى يُـكـفِّـرَها عنها .. فأين الحياء المفترض أن تتمتع به الإناث وأين الحفاظ على خجلهن .




فهذه مكانة من مكانات المرأة العالية ودرجة من درجاتها الرفيعة التى تفرّد بها أهل الكتاب . أنها كائن نجس ينجس ماحوله بدون نظر لبشريته وإنسانيته .



فعلى هذا النحـو وفى ذاك المضمار دارت أفكار أهل الكتاب .. فالمرأة فى أصل تفكيرهم هى أصل للـخـطـايا وأساس تنبنى عليه البلاءات . فجاء كلامهم عنها بهذه الصورة المـهينة التى تنضح بها كتبهم ورسائلهم .

وليس أدل على هذا من مؤتمر ( ماكون ) الذى عقدوه فى القرن الخامس الميلادى ، ليتباحثوا خلاله فى قضية من قضايا المرأة ، ألا وهى قضية ( هل المرأة لها روح أم لا ؟؟ ) .. واستقروا فى نهاية المطاف إلى أن المرأة لها روح بالفعل ؛ ولكن هى روح شريرة .. فالمرأة عندهم كائن حى حقا وله روح ؛ ولكنه كائن يخلو من الروح الناجية .. ولم يستثنوا من تلك القاعدة إلا ( السيدة مريم عليها السلام ) .. أما ماعداها من النساء فهن متشيطنات _ مملوءات بأرواح شيطانية _ ولذلك فهن يعادين الله ويعادين المجتمع .

وبعد حوالى قرن من الزمان ، انعقد مؤتمر آخر فى عام 586 م ، وكان موضوعه عن إنسانية المرأة ( هل المرأة إنسان أم لا ؟ ) .. وانتهى بهم المطاف أيضا إلى أن المرأة إنسان ، ولكن ؛ هى إنسان الغاية من خلقه هو خدمة الرجل فحسب .



فعاشت المرأة فترات وعصورا كاملة من الضيق والعذاب . بسبب هذه الأفكار الشاذة التى يطوقونها بها .
والذى يزيد الأمر سوءا على سوء فى حال المرأة وقتها ، أن أصحاب هذه الأفكار لم يكونوا فقط هم عامة الناس وجهال القوم مثلا ؛ وإنما كان رأس ذلك القساوسة والكهنة والرهبان والحاخامات ، وأولئك كان لهم من التوقير والتقدير بين أقوامهم الحظ الوافـر باعتبارهم رجال الدين ، فكان حال المرأة يومها مظلما أشد ظلمة ؛ إذ لم يكن أمامها وقتها من يناصرها أو يزيح عنها مايلصق بها من تهم وادعاءات .

مثال ذلك ماجاء فى الإنجيل الكاثوليكى :
[ لايوجد خطيئة يمكن مقارنتها بخطيئة المرأة ، فأى خطيئة تكون وراءها امرأة وبسبب المرأة سنموت جميعا ] [ ecclesiasticus : 25: 19 K 24 ] .


كما يقول ( القديس سوستام ) عن المرأة :[إنها شر لا بد منه ، و آفة مرغوب فيها ، و خطر على الأسرة والبيت ، و محبوبة فتاكة ، و مصيبة مطلية مموهة ] .

وفى سِـفـْـر الجامعة الإصحاح السابع ، هناك فقرة تقول :
[فوجدت أمر من الموت : المرأة التي هي شباك ، وقلبها أشراك ، ويداها قيود . الصالح قدام الله ينجو منها . أما الخاطئ فيؤخذ بها ] [ الجامعة : 7 _ 26 ] .




وعلى هذا الأساس قد انبنت كثير من الأحكام النسائية التى سار عليها أهل الكتاب ، كالإرث مثلا وضوابط الذمة المالية بين الزوجين وماشابه . وكذلك الحال بالنسبة لقبول الشهادة من المرأة كان له أحكامه الخاصة .

أما عن شهادة المرأة فلم تكن تقبل فى المجتمع اليهودى القديم ، وقد اعتبروا عدم قبول شهادتها واحدة من تسع لعنات لعنها الله بهن عقابا لها على خطيئتها الأولى .
وفى ذلك قال أحد حاخامات اليهود :
[ على المرأة تسع لعنات ثم الموت : الطمث ، ودم العذرية ، وتعب الحمل ، والولادة ، وتربية الأطفال ، وتغطية رأسها كأنها فى حداد ، وتـُـخـرَم أذنها مثل الجارية ، ولا يؤخذ بشهادتها ... وبعد كل هذا : الموت ] .

وأما عن ميراث المرأة ، فاليهود لم يسمحوا للمرأة بالحق فى الميراث ، بل تجاوزوا ذلك إلى أن جعلوا المرأة جزءا من التركة ذاتها ، فتنتقل مع التركة إلى المستحقين للإرث . هذا إذا كانت زوجها فإنها لاترث فى زوجها ،، أما إن كانت إبنة فلها أن ترث أباها فى حالة واحدة : وهى إن لم يكن لها إخوة من الذكور ؛ فإن كان لها أخ واحـد ذكر يستحوذ على التركة كلها وتخرج هى دون نصيب .
وقد برر الحاخام إبستاين مسألة اعتبار المرأة جزءا من التركة ، فقال :
[ لأن المرأة ملكا لأبيها قبل الزواج ، وملكا لزوجها بعد الزواج ]( 8 ) .

وكذلك الأم لاترث فى أبنائها .

ومع ذلك فإذا كاتت المرأة فزوجها هو صاحب الحق الأول فى الميراث .

وفى النصرانية كانت هذه القوانين هى السارية أيضا ، حتى القون الماضى .

وأما عن الذمة المالية للزوجة ، فهذه كانت منعدمة إلى أقصى درجة ، فممتلكات الزوجة وكل ماتكسبه يكون ملكا لزوجها لأنها هى نفسها ملكا للزوج . ولذلك تفصيلات كثيرة عندهم .

هذا إضافة إلى التفاوت الواضح بين أحكام الرجل والمرأة فى الزنا وفى النذور وفى غيرها .

وليس شىء يوضح المكانة الحقيقية للمرأة عند أهل الكتاب بقدر الدعاء السائد عند اليهود ، والذى يردده المتدينون منهم إلى اليوم .
فعندهم فى الصلاة يدعو الرجل اليهودى قائلا : [ الحمد لله أنه لم يخلقنى وثنيا ، الحمد لله أنه لم يخلقنى امرأة ، والحمد لله أنه لم يخلقنى جاهلا ] .
أما النساء فدعاؤهن : [ نحمد الله على أنه خلقنا كما يشاء ] .






فهذه هى المرأة عند أهل الكتاب باختصار شديد : [ كائن قد وُلـد ومعه خطيئته وهو السبب فى كل خطايا البشر وفساد العالم . وهى تارة يصورونها على أنها سبب خلقتها خدمة الرجل ، وتارة سبب خلقتها إنجاب الذرية فحسب ، وتارة أخرى تحوى فى داخلها روحا شيطانية يعم فسادها فى البرية ، ليس لها حق فى إرث إلا عند افتقاد الوارث الذكر ، ليس لها أى نوع من أنواع التملك الشخصى فهى مملوكة لزوجها ، ولادتها شر وبلاء وكارثة تنزل بأبيها ، هى دوما المسؤولة عن الإنحرافات ، فهى ناقضة لنواميس الله ، حين ولادتها تتنجس أمها لمدة تعتبر الضعف من المدة المعهودة للذكور ، وفى طمثها يتنجس بسببها العالم بأسره ، وكل مايعتريها من فطرة فطر الله بها بنات حواء تعتبر من العقوبات واللعنات التى تحل عليها طيلة حياتها ] .









فــمــاذا كان حال المرأة فى ظـل شريعة الإسلام المباركة ؟؟
نعيش معها فى الفصل القادم إن شاء رب العالمين .





حــــــاشـية الـفـصــل




( 1 ) نقلا عن كتاب [ المرأة فى الإسلام والمرأة فى العقيدة اليهودية والمسيحية الأسطورة والحقيقة ] صـــ 9 ، 10 .

( 2 ) ، ( 3 ) ، ( 4 ) ، المصدر السابق صــــــ 10 .

( 5 ) ، ( 6 ) ، ( 7 ) Swidler, op. cit., p. 140.
نقلا عن كتاب [ المرأة فى الإسلام والمرأة فى العقيدة اليهودية والمسيحية الأسطورة والحقيقة ] صـــ 13 .

( 8 )ibid.p.121.
نقلا عن المصدر السابق صـــــ 41 .



التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 01-30-2008 الساعة 08:18 AM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-28-2008, 02:12 AM
مع الله مع الله غير متواجد حالياً
مشرفة سابقة-جزاها الله خيرًا .
 




افتراضي

لا نستطيع الا ان نقول شئ واحد
" الحمد لله الذى من علينا بنعمة الاسلام ويا لها من نعمة عظيمة "


اقتباس:
وليس أدل على هذا من مؤتمر ( ماكون ) الذى عقدوه فى القرن الخامس الميلادى ، ليتباحثوا خلاله فى قضية من قضايا المرأة ، ألا وهى قضية ( هل المرأة لها روح أم لا ؟؟ )

!!!!!!!!!!!!

اقتباس:
واستقروا فى نهاية المطاف إلى أن المرأة لها روح بالفعل ؛
والله ؟!!
طيب مباااارك
اقتباس:
وبعد حوالى قرن من الزمان ، انعقد مؤتمر آخر فى عام 586 م ، وكان موضوعه عن إنسانية المرأة ( هل المرأة إنسان أم لا ؟ )

!!!!!!!


اقتباس:
وانتهى بهم المطاف أيضا إلى أن المرأة إنسان ولكن ؛ هى إنسان الغاية من خلقه هو خدمة الرجل فحسب .

طيب كويس انه لم يقل شئ آخر

اقتباس:
فعندهم فى الصلاة يدعو الرجل اليهودى قائلا : [ الحمد لله أنه لم يخلقنى وثنيا ، الحمد لله أنه لم يخلقنى امرأة ، والحمد لله أنه لم يخلقنى جاهلا ] .
أما النساء فدعاؤهن : [ نحمد الله على أنه خلقنا كما يشاء ] .


الحمد لله الذى خلقنا مسلمين ومسلمات

ولا حول ولا قوة الا بالله




رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 09:14 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.