انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات العامة ::. > التاريخ والسير والتراجم

التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-03-2011, 10:52 PM
حجابى هو عفافى حجابى هو عفافى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي الدرس التاسع من حملة تلخيص السيرة النبوية .. منقول ..

 

الدرس التاسع


الاضطهادات


ü أعمل المشركون الأساليب السابقة لإحباط الدعوة بعد ظهورها في بداية السنة الرابعة من النبوة، ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب لا يتجاوزونها ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لم تجد نفعًا في إحباط الدعوة الإسلامية استشاروا فيما بينهم، فقرروا القيام بتعذيب المسلمين وفتنتهم عن دينهم، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، وانقض كل سيد على من اختار من عبيده.

ü وكان من الطبيعي أن يهرول الأذناب و الأتباع خلف ساداتهم وكبرائهم، ويتحركوا حسب مرضاتهم فجروا على المسلمين ـ ولاسيما الضعفاء منهم ـ ويلات العذاب .
ü كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه، وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال، والجاه، وإن كان ضعيفًا ضربه وأغرى به‏.‏
ومن صور التعذيب








وأسلمت جارية عمر بن مؤمل من بني عدى، فكان عمر بن الخطاب يعذبها ـ وهو يومئذ على الشرك ـ فكان يضربها حتى يفتر، ثم يدعها ويقول‏:‏ والله ما أدعك إلا سآمة "ملالة "، فتقول‏:‏ كذلك يفعل بك ربك‏.‏





· واشترى أبوبكر رضي الله عنه هؤلاء الإماء والعبيد رضي الله عنهم وعنهن أجمعين، فأعتقهم جميعًا‏.‏ وقد عاتبه في ذلك أبوه أبو قحافة وقال‏:‏ أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أعتقت رجالًا جلدًا لمنعوك‏.‏
قال‏:‏ إني أريد وجه الله ‏.‏ فأنزل الله قرآنًا مدح فيه أبا بكر، وذم أعداءه‏.

‏ قال تعالى‏:‏ ‏{ ‏فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى‏ }‏ ‏ [‏ الليل‏:‏14‏:‏ 16]‏ وهو أمية بن خلف، ومن كان على شاكلته


‏ { ‏وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى ‏}‏ ‏


[‏ الليـل‏:‏17‏:‏ 21 ]‏ وهـو أبـو بـكـر الصديـق رضي الله عنه‏.‏


· وأوذى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أيضًا‏.‏ فقد أخذه نوفل بن خويلد العدوى، وأخذ معه طلحة بن عبيد الله فشدهما في حبل واحد، ليمنعهما عن الصلاة وعن الدين فلم يجيباه، فلم يروعاه إلا وهما مطلقان يصليان؛ ولذلك سميابالقرينين ، وقيل‏:‏ إنما فعل ذلك عثمان بن عبيد الله أخو طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه‏.‏

الحاصل





أنهم لم يعلموا بأحد دخل في الإسلام إلا وتصدوا له بالأذى والنكال، وكان ذلك سهلًا ميسورًا بالنسبة لضعفاء المسلمين، ولا سيما العبيد والإماء منهم، فلم يكن من يغضب لهم ويحميهم، بل كانت السادة والرؤساء هم أنفسهم يقومون بالتعذيب ويغرون الأوباش، ولكن بالنسبة لمن أسلم من الكبار والأشراف كان ذلك صعبًا جدًا؛ إذ كانوا في عز ومنعة من قومهم، ولذلك قلما كان يجتريء عليهم إلا أشراف قومهم، مع شيء كبير من الحيطة والحذر









اعتــداءات على رســـول الله صلـى الله عليه وسلـم




















فقد صعب على قريـش لغطرستها وكبريائها أن تصبر طويلًا على الدعوه، فمدت يدالاعتداء إلى رســولالله صلىالله عليه وسلم، مع ما كانت تأتيه من السخرية والاستهزاء والتشوية والتلبيس والتشويش وغير ذلك‏.‏


oإيذاء أبو لهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم


وكان من الطبيعى أن يكون أبو لهب في مقدمتهم لأنه كان أحد رؤوس بني هاشم فلم يكن يخشى ما يخشاه الآخرون.


وكان عدوًا لدودًا للإســلام وأهله وقد عادى رســولالله صلىالله عليه وسلم منذ اليوم الأول، واعتدى عليه قبل أن تفكر فيه قريـش، وقد أسلفنا ما فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم في مجلس بني هاشم، وما فعل على الصفا‏.‏


oمن مظاهر إيذاءه لرسول الله صلى الله عليه وسلم


· كان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة ببنتى رســول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم قبل البعثة، فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف وشدة حتى طلقاهما‏.‏


· لما مات عبدالله ـ الابن الثاني لرســولالله صلىالله عليه وسلم ـ استبشر أبولهب وذهب إلى المشركين يبشرهم بأن "محمـــدًا" صار أبتر" لا عقب له من الذكور"‏.‏




· كان يجول خلف النبي صلىالله عليه وسلم في موسم الحج والأسواق لتكذيبه، وقد روى ما يفيد أنه كان لا يقتصر على التكذيب بل كان يضربه بالحجر حتى يدمى عقباه‏.‏




oإيذاء أم جميل لرسول الله صلى الله عليه وسلم



وكانت امرأة أبي لهب ـ أم جميل أروى بنت حرب بن أمية، أخت أبي سفيان ـ لا تقل عن زوجها في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم


oمن مظاهر إيذاءها لرسول الله صلى الله عليه وسلم


· فقد كانت تحمل الشوك، وتضعه في طريق النبي صلىالله عليه وسلم وعلى بابه ليلًا


· وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها، وتطيل عليه الافتراء والدس، وتؤجج نار الفتنة، وتثير حربًا شعواء على النبي صلىالله عليه وسلم؛ ولذلك وصفها القرآن بحمالة الحطب‏.‏


· ولما سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن أتت رســولالله صلىالله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها فِهْرٌ ‏[‏ أي بمقدار ملء الكف‏ ]‏ من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رســولالله صلىالله عليه وسلم، فلا ترى إلا أبا بكـر


فقالت‏:‏ يا أبا بكر، أين صاحبك‏؟‏ قد بلغنى أنه يهجونى، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة‏.‏ ثم قـالت‏:‏



" مُذَمَّما عصينا * وأمره أبينا * ودينه قَلَيْنا "



ثم انصرفت


فقال أبو بكر‏:‏ يا رسولالله ، أما تراها رأتك‏؟‏


فقال‏:‏ ‏( ما رأتنى، لقد أخذ الله ببصرها عني )‏‏.‏



وروى أبو بكر البزار هذه القصة، وفيها‏:‏ أنها لما وقفت على أبي بكـر


قالت‏:‏ أبا بكر، هجانا صاحبك


فقال أبو بكر‏:‏ لا ورب هذه البنية، ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به


فقالت‏:‏ إنك لمُصدَّق‏.‏



كان أبو لهب يفعل كل ذلك وهو عم رسولالله صلىالله عليه وسلم وجاره، كان بيته ملصقا ببيته، كما كان غيره من جيران رسولالله صلىالله عليه وسلم يؤذونه وهو في بيته‏.‏



قال ابن إسحاق‏:‏ كان النفر الذين يؤذون رسولالله صلىالله عليه وسلم في بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدى بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلى ـ وكانوا جيرانه ـ لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص، فكان أحدهم يطرح عليه صلىالله عليه وسلم رحم الشاة وهو يصلى، وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له، حتى اتخذ رسولالله صلىالله عليه وسلم حجرًا ليستتر به منهم إذا صلى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا عليه ذلك الأذى يخرج به على العود، فيقف به على بابه ،


ثم يقول‏:‏ ‏(‏ يا بني عبد مناف، أي جوار هذا‏ ؟‏‏)‏ ثم يلقيه في الطريق‏.‏




oإيذاء عقبة بن أبي مُعَيْط لرسول الله صلى الله عليه وسلم


· وازداد عقبة بن أبي مُعَيْط في شقاوته وخبثه


· فقد روى البخاري عن عبدالله بن مسعود رضيالله عنه‏:‏أن النبي صلىالله عليه وسلم كان يصلى عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس؛ إذ قال بعضهم لبعض‏:‏ أيكم يجىء بسَلاَ جَزُور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم ‏( وهو عقبة بن أبي معيط) فجاء به فنظر، حتى إذا سجد النبـي وضع على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر، لا أغنى شيئًا، لو كانت لي منعة، قال‏:‏ فجعلوا يضحكون، ويحيل بعضهم على بعضهم ‏[‏ أي يتمايل بعضهم على بعض مرحًا وبطرًا ‏]‏ ورســولالله صلىالله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه، حتى جاءته "فــــاطمة"، فطرحته عن ظهره، فرفع رأسه،


ثم قال‏:‏ ‏(اللهم عليك بقريش‏ ) ‏ ثلاث مرات، فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم


قال‏:‏ وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة،


ثم سمى‏:‏ ‏( اللهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط)‏ ـ وعد السابع فلم نحفظه ـ فوالذي نفسى بيده لقد رأيت الذين عدّ رســولالله صلىالله عليه وسلم صرعى في القَلِيب، قليب بدر‏.‏




oإيذاء أمية و أبي أبنا خلف لرسول الله صلى الله عليه وسلم




وكان أمية بن خلف إذا رأي رســولالله صلىالله عليه وسلم همزه ولمزه‏.‏


وفيه نزل‏:‏ ‏{ ‏وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ‏}‏ ‏[‏سورة الهمزة‏:‏1]‏


قال ابن هشام‏ :‏الهمــزة ‏:‏ الذي يشتم الرجل علانية، ويكسر عينيه، ويغمز به‏.‏


واللمــزة ‏:‏ الذي يعيب الناس سرًا، ويؤذيهم‏.‏


أما أخوه أبي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافيين‏.‏ وجلس عقبة مرة إلى النبي صلىالله عليه وسلم وسمع منه، فلما بلغ ذلك أبيًا أنبه وعاتبه، وطلب منه أن يتفل في وجه رســولالله صلىالله عليه وسلم ففعل، وأبي بن خلف نفسه فت عظمًا رميمًا ثم نفخه في الريح نحو رســولالله صلىالله عليه وسلم‏ .‏




o إيذاء الأخنس بن شَرِيق الثقفي لرسول الله صلى الله عليه وسلم




وكان الأخنس بن شَرِيق الثقفي ممن ينال من رســولالله صلىالله عليه وسلم وقد وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه ،


وهي في قوله تعالى‏ :‏‏ {‏ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ‏ }‏ ‏[‏القلم‏:‏10‏:‏ 13‏]‏‏.‏








oإيذاء أبو جهل لرسول الله صلى الله عليه وسلم


وكان أبو جهل يجىء أحيانًا إلى رســولالله صلىالله عليه وسلم يسمع منه القرآن، ثم يذهب عنه فلا يؤمن ولا يطيع، ولا يتأدب ولا يخشى، ويؤذى رســولالله صلىالله عليه وسلم بالقول، ويصد عن سبيلالله ، ثم يذهب مختالًا بما فعل، فخورًا بما ارتكب من الشر، كأن ما فعل شيئًا يذكر،


وفيه نزل‏:‏ ‏{‏ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ‏}‏ ‏[‏القيامة‏:‏31‏]‏


· وكان يمنع النبي صلىالله عليه وسلم عن الصلاة منذ أول يوم رآه يصلى في الحرم، ومرة مر به وهو يصلى عند المقام


فقال‏ :‏ يا " محمـــــد"، ألم أنهك عن هذا، وتوعده، فأغلظ لــه رســـولالله صلى الله عليه وسلم وانتـهره ،


فقال‏ :‏ يا "محمــــد"، بأي شىء تهددنى‏؟‏ أما والله إني لأكثر هذا الوادى ناديًا‏.‏


فأنزلالله :‏{ ‏فَلْيَدْعُ نَادِيَه سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ‏ }‏ ‏[‏العلق‏:‏17، 18‏]‏‏.‏


وفي رواية أن النبي صلىالله عليه وسلم أخذ بخناقه وهزه، وهو يقول له ‏:‏‏ { ‏أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى‏ }‏ ‏[‏القيامة‏:‏34، 35‏]‏


فقال عدوالله ‏:‏ أتوعدنى يا "محمـــد" ؟‏ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئًا، وإني لأعز من مشى بين جبليها‏.‏




· ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار، بل ازداد شقاوة فيما بعد‏.‏


أخرج مسلم عن أبي هريرة قال ‏:‏ قال أبو جهل‏ :‏ يعفر محمد وجهه بين أظهركم ‏؟‏


فقيل‏ :‏ نعم


فقال ‏:‏ واللات والعزى، لئن رأيته لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه


فأتى رســولالله صلىالله عليه وسلم وهو يصلى، زعم ليطأ رقبته، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقى بيديه،


فقالوا‏:‏ ما لك يا أبا الحكم‏؟‏


قال‏:‏ " إن بينى وبينه لخندقًا من نار وهولًا وأجنحةً "


فقال رســولالله صلىالله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لو دنا منى لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا)‏‏ .‏



هذه صورة مصغرة جدًا لما كان يتلقاه رســولالله صلىالله عليه وسلم والمسلمون من الظلم والخسف والجور على أيدى طغاة المشركين، الذين كانوا يزعمون أنهم أهلالله وسكان حرمه‏.‏



وكان من مقتضيات هذه الظروف المتأزمة أن يختار رســولالله صلىالله عليه وسلم موقفًا حازمًا ينقذ به المسلمين عما دهمهم من البلاء، ويخفف وطأته بقدر المستطاع،


وهمــــــــــا :



وقد اتخذ رســولالله صلىالله عليه وسلم خطوتين حكيمتين كان لهما أثرهما في تسيير الدعوة وتحقيق الهدف ،




1ـ اختيار دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومى مركزا للدعوة ومقرًا للتربية‏.‏


2- أمر المسلمين بالهجرة إلى الحبشة‏.‏








إيذاء المشركين المسلمين




موقف المشركين من رسول الله صلى الله عليه وسلم :


o وأما بالنسبة لـ رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان رجلًا شهمًا وقورًا ذا شخصية فذة، تتعاظمه نفوس الأعداء والأصدقاء بحيث لا يقابل مثله إلا بالإجلال والتشريف، ولا يجترئ على اقتراف الدنايا والرذائل ضده إلا أراذل الناس وسفهاؤهم.
o ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم في منعة أبي طالب، وأبو طالب من رجال مكة المعدودين، كان معظمًا في أصله، معظمًا بين الناس، فكان من الصعب أن يجسر أحد على إخفار ذمته واستباحة بيضته، إن هذا الوضع أقلق قريشًا وأقامهم وأقعدهم، ودعاهم إلى تفكير سليم يخرجهم من المأزق دون أن يقعوا في محذور لا يحمد عقباه، وقد هداهم ذلك إلى أن يختاروا سبيل المفاوضات مع المسئول الأكبر‏:‏ أبي طالب، ولكن مع شيء كبير من الحكمة والجدية، ومع نوع من أسلوب التحدي والتهديد الخفي حتى يذعن لما يقولون‏.‏


وفد قريش إلى أبي طالب :



قال ابن إسحاق‏:‏ مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب


فقالوا‏:‏ يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسَفَّه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلى بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه


فقال لهم أبو طالب: قولًا رقيقًا وردهم ردًا جميلًا، فانصرفوا عنه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، يظهر دين الله ويدعو إليه‏.‏ ولكن لم تصبر قريش طويلًا حين رأته صلى الله عليه وسلم ماضيًا في عمله ودعوته إلى الله ، بل أكثرت ذكره وتذامرت فيه، حتى قررت مراجعة أبي طالب بأسلوب أغلظ وأقسى من السابق‏.‏








قريش يهددون أبا طالب :



وجاءت سادات قريش إلى أبي طالب


فقالوا له‏:‏ يا أبا طالب، إن لك سنًا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين‏.‏



عَظُم على أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم


وقال له‏:‏ يا بن أخي، إن قومك قد جاءونى فقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحملنى من الأمر ما لا أطيق


فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمه خاذله، وأنه ضعُف عن نصرته،



فقال‏:‏ ‏(‏يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ـ حتى يظهره الله أو أهلك فيه ـ ما تركته‏)‏


ثم استعبر وبكى، وقام، فلما ولى ناداه أبو طالب، فلما أقبل


قال له‏:‏ اذهب يا بن أخي، فقل ما أحببت، فو الله لا أُسْلِمُك لشىء أبدًا


وأنشد‏:‏



والله لن يصلوا إليك بجَمْعـِهِم ** حتى أُوَسَّدَ في التــراب دفيــنًا


فاصدع بأمرك ما عليك غَضَاضَة ** وابْشِرْ وقَرَّ بذاك منك عيونًا









قريش بين يدى أبي طالب مرة أخرى :



ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماض في عمله عرفت أن أبا طالب قد أبي خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه مجمع لفراقهم وعداوتهم في ذلك، فذهبوا إليه بـ عمارة ابن الوليد بن المغيرة


وقالوا له‏:‏ يا أبا طالب، إن هذا الفتى أنْهَدَ فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولدًا فهو لك، وأسْلِمْ إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل،


فقال‏:‏ والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه‏؟‏ هذا والله ما لا يكون أبدًا‏.‏


فقال المطعم بن عدى بن نوفل ابن عبد مناف‏:‏ والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، وجهدوا على التخلص مما تكره، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئًا،


فقال‏:‏ والله ما أنصفتموني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علىّ، فاصنع ما بدا لك‏.‏



ولما فشلت قريش في هذه المفاوضات، ولم توفق في إقناع أبي طالب بمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفه عن الدعوة إلى الله ، قررت أن يختار سبيلا قد حاولت تجنبه والابتعاد منه مخافة مغبته وما يؤول إليه، وهو سبيل الاعتداء على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏



تم بحمد الله وبفضله

الدرس التاسع


وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

منقول
المصدر : http://alda3yat.com/vb/showthread.php?t=7527&page=2
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
.., من, منقول, التاسع, الدرس, السيرة, النبوية, تلخيص, حملة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 07:57 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.