انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > الملتقى الشرعي العام

الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-14-2014, 09:35 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي سبحان من وهب لنا نعمة الحمد والدعاء ، وكفى بها نعمة من رب الأرض والسماء

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
**********************************************
بســم اللـه والحمـد للـه،
الْحَمْدُ للهِ رَّبِّ الْعَالَمِيِنْ..
الْحَمْدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا علَيهِ ، كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى، اللَّهمَّ ربَّنا لَكَ الحمدُ، ملءَ السَّماواتِ وملءَ الأرضِ، وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، أَهلَ الثَّناءِ والمَجدِ، أحقُّ ما قالَ العبدُ وَكلُّنا لَكَ عبدٌ، لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا معطيَ لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منْكَ الجدُّ، وأُصَلِّي وأُسَلِّم عَلَى سَيِّدِ الأَوَّلِينَ والآخِرينَ وخَيْرِ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِين، سَيدنا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِه وصَحْبِه وسَلَّم. أمـا بعـد...

فيقول ربنا تبارك وتعالى في كتابه العزيز:

{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } غافر: 60

قال الإمام القرطبي رحمه الله:
ويقول ربكم أيها الناس لكم ادعوني: يقول: اعبدوني وأخلصوا لي العبادة دون من تعبدون من دوني من الأوثان والأصنام وغير ذلك، ( أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) يقول: أُجِبْ دعاءكم فأعفو عنكم وأرحمكم. وقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ) يقول: إن الذين يتعظمون عن إفرادي بالعبادة, وإفراد الألوهة لي ( سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) بمعنى: صاغرين.
وقد قيل: إن معنى قوله ( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ) : إن الذين يستكبرون عن دعائي.
إنتهى

وعن أبي هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، غَضِبَ عَلَيْهِ " حسنه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3100

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال -مستشهداً بقوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)- في رواية الأمام الترمذي رحمه الله: " الـدُّعَــاءُ هُـوَ الْعِبـَـادَةُ "

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي علمنا كيف نتقرب إلى الله تبارك وتعالى، وكيف نعبده سبحانه جلَّ وعلا وعلَّمنا ودلَّنا إلى فضائل الاعمال، التي منها وأعظمها قوله صلى الله عليه وسلم:


" أَفْضَلُ الذِّكْرِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ "رواه الإمام الترمذي في سننه، وحسنه الإمام الألباني في صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1104

ولنقف معاً عند معنى هذا الحديث الجامع للفضائل، ولنتدبر شرح الحديث من كتاب تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:
قَوْلُهُ: " أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " لِأَنَّهَا كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَالتَّوْحِيدُ لَا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ وَهِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ، وَلِأَنَّهَا أَجْمَعُ لِلْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ وَأَنْفَى لِلْغَيْرِ وَأَشَدُّ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ وَتَصْفِيَةً لِلْبَاطِنِ وَتَنْقِيَةً لِلْخَاطِرِ مِنْ خُبْثِ النَّفْسِ وَأَطْرَدُ لِلشَّيْطَانِ
" وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ " ، الدُّعَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَأَنْ تَطْلُبَ مِنْهُ الْحَاجَةَ وَالْحَمْدُ يَشْمَلُهُمَا، فَإِنَّ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ يَحْمَدُهُ عَلَى نِعْمَتِهِ وَالْحَمْدُ عَلَى النِّعْمَةِ طَلَبُ الْمَزِيدِ وَهُوَ رَأْسُ الشُّكْرِ،
قَالَ تَعَالَى :{ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ }، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ مِنْ بَابِ التَّلْمِيحِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى قَوْلِهِ : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
وَأَيُّ دُعَاءٍ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ وَأَجْمَعُ مِنْ ذَلِكَ.
إنتهى





فَحَمــدُ اللَّــهِ عِبـادةٌ ودُعَــاء ، وَحَمْــدُ اللَّــهِ أَفْضَـلُ الـدُّعَــاء
والله يحب عباده الشاكرين
، كما قال رب العالمين:

{ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ } الزمر: 66
وكما قال سبحانه:
{ ......وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } آل عمران: 144
وكما قال سبحانه:
{ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } إبراهيم:7


ولأن حمد الله سبحانه ودوام شكره وذكره من الأعمال التي يحبها فأمرنا بها، ولأن الآيات الدالة على ذلك كثيرة ومتعددة، سنتطرق لها فيما هو آت بحول الله وقوته
فتابعوا معي بأمر الله رب البرية إذا كان لي في العمر بقية، لأنقل لكم فوائد ودرر من كلام العلماء في هذا الباب، وما أنعم الله على به من فهم؛ لا أرقى فيه إلى أدنى درجات العلم والمعرفة،
بل هو فهم مجتهد يطلب العلم ويحتاج توجيها من أهل العلم، وليتكم تراجعونني في ما سأكتبه بأمر الله تعالى في الخاتمة إن كان به خطأ ما
بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء وزادكم من فضله علما نافعا وعملا متقبلا

فتابعوا معي بإذن الله تعالى المواضيع الآتية:
_______________________________________

-- ما سأنقله لكم بأمر الله تعالى:
من أقوال الإمام بن القيم رحمه الله
بل الله فاعبد وكن من الشاكرين
للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان
( كيف تكون عبداً شكوراً؟ ) للشيخ محمد
صالح المُنَجِّد:

أولاً: معاني شكر العبد لربه
ثانيا: الفرق بين الحمد والشكر
ثالثا:أنواع شكر الله لعباده
رابعا: الشكر نصف الدين وهو المراد من خلق العباد
خامسا... كيفية الوصول إلى منزلة العبد الشكور:
( 1 ): العبادة ، ( 2 ): الدعاء

( 3 ): معرفة أن الموفِّق للشكر هو الله ، ( 4 ): نسبة النعمة إلى المنعم
( 5 ): شكر الله على النعم بالنعم نفسها ، ( 6 ): سجود العبد لله شكراً عند تجدد النعمة
( 7 ): دعاء العبد بالمأثور عند رؤية مبتلى ، ( 8 ):نظر العبد إلى من دونه في أمور الدنيا
( 9 ): اعتناء العبد بالنعمة وحفاظه عليها ، ( 10 ): شكر الناس على إحسانهم

سادسا: أبـرز من تكلــم في الشكـــر


نهاية المحاضرات التي ألقاها فضيلة الشيخ محمد صالح المُنَجِّد حفظه الله
************************************************** *********************
-- وما فتح الله على بتجميعه وعرض ما فيه فائدة:

خــاتـمـــة وتتـمـــة، وفــوائــد هــامــــة

و
أمثلةٍ رائعة من الحياة لعبادٍ حامدونَ شاكرونَ لله
1- رأيتها عند بعض إخواني في الله
2- تعلمتها من أبناء كرام أفاضل

وفي الخـاتمـة؛ نصيحةٌ بها تَتِمّ، فَائِدةٌ شَامِلَةُ وأَعَمّ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وللفائدة أيضا بأمر الله تعالى، إقرأوا هذا الموضوع:

قصص لعباد حامدين شاكرين ، رضوا بقضاء رب العالمين



نفعنا الله وإياكم بما فيها، ورزقنا وإياكم نعمة دوام ذكره وحمده وشكره وحسن عبادته، وجعلنا وإياكم من عبادة الذين ذكرهم في قوله:

{ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }

التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-14-2014, 09:43 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

يقول الإمام بن القيم رحمه الله *
__________________________________________________ _
وكَذَلِكَ الـدُّعَــاءُ،

فَإِنَّهُ مِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ فِي دَفْعِ الْمَكْرُوهِ، وَحُصُولِ الْمَطْلُوبِ، وَلَكِنْ قَدْ يَتَخَلَّفُ أَثَرُهُ عَنْهُ، إِمَّـا لِضَعْفِهِ فِي نَفْسِهِ -بِأَنْ يَكُونَ دُعَاءً لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُدْوَانِ-، وَإِمَّـا لِضَعْفِ الْقَلْبِ وَعَدَمِ إِقْبَالِهِ عَلَى اللَّهِ وَجَمْعِيَّتِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ الدُّعَاءِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْقَوْسِ الرِّخْوِ جِدًّا، فَإِنَّ السَّهْمَ يَخْرُجُ مِنْهُ خُرُوجًا ضَعِيفًا، وَإِمَّـا لِحُصُولِ الْمَانِعِ مِنَ الْإِجَابَةِ: مِنْ أَكْلِ الْحَرَامِ، وَالظُّلْمِ،
وَرَيْنِ الذُّنُوبِ عَلَى الْقُلُوبِ، وَاسْتِيلَاءِ الْغَفْلَةِ وَالشَّهْوَةِ وَاللَّهْوِ، وَغَلَبَتِهَا عَلَيْهَا. كَمَا فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ»
وَاعْــلَمُـــوا

أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ فَهَذَا دَوَاءٌ نَافِعٌ مُزِيلٌ لِلدَّاءِ، وَلَكِنَّ غَفْلَةَ الْقَلْبِ عَنِ اللَّهِ تُبْطِلُ قُوَّتَهُ، وَكَذَلِكَ أَكْلُ الْحَرَامِ يُبْطِلُ قُوَّتَهُ وَيُضْعِفُهَا. كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
« يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ، لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [الْمُؤْمِنُونَ: 51]،
وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ:
يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟»
وَالدُّعَاءُ مِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ،

وَهُوَ عَدُوُّ الْبَلَاءِ، يَدْفَعُهُ، وَيُعَالِجُهُ، وَيَمْنَعُ نُزُولَهُ، وَيَرْفَعُهُ، أَوْ يُخَفِّفُهُ إِذَا نَزَلَ، وَهُوَ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ. كَمَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ، وَعِمَادُ الدِّينِ، وَنُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»

لِلدُّعَاءِ مَعَ الْبَلَاءِ مَقَامَاتٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنَ الْبَلَاءِ فَيَدْفَعُهُ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَضْعَفَ مِنَ الْبَلَاءِ فَيَقْوَى عَلَيْهِ الْبَلَاءُ، فَيُصَابُ بِهِ الْعَبْدُ، وَلَكِنْ قَدْ يُخَفِّفُهُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَاوَمَا وَيَمْنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.


وَمِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ: الْإِلْحَاحُ فِي الدُّعَاءِ.


وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ»
وَفِي صَحِيحِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَهْلِكُ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ»
وَذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ»
وَفِي كِتَابِ الزُّهْدِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ مُوَرِّقٌ: «
مَا وَجَدْتُ لِلْمُؤْمِنِ مَثَلًا إِلَّا رَجُلٌ فِي الْبَحْرِ عَلَى خَشَبَةٍ، فَهُوَ يَدْعُو: يَا رَبِّ يَا رَبِّ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُنْجِيَهُ».


وَمِنَ الْآفَاتِ الَّتِي تَمْنَعُ تَرَتُّبَ أَثَرِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ:

أَنْ يَسْتَعْجِلَ الْعَبْدُ، وَيَسْتَبْطِئَ الْإِجَابَةَ، فَيَسْتَحْسِرُ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَذَرَ بَذْرًا أَوْ غَرَسَ غَرْسًا، فَجَعَلَ يَتَعَاهَدُهُ وَيَسْقِيهِ، فَلَمَّا اسْتَبْطَأَ كَمَالَهُ وَإِدْرَاكَهُ تَرَكَهُ وَأَهْمَلَهُ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ:

«يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي»










---------------------------------------------------------------------
* الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-14-2014, 10:04 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

يقول ربنا تبارك وتعالي مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم:{ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ }، وهذا أمر من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم، وللرسل والأنبياء من قبله.
أمرٌ منه جلَّ وعلا بالثبات على عبادته سبحانه، وبالمداومة على شكره، ونهىٌ عن طاعة المشركين،
فتعالوا معا نقرأ سويا هذه الخطبة التي ألقاها الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان، بمسجد السويدي بالرياض، نقلتها لكم بتصرف:
------------------------------------------------------------------------------------------------------

معـاشـر المسلمـين،
وإن من أعظم العبادات وأرفعها قدرًا عند الله التعبد لله تعالى بشكره؛ فشكر العبد لربه بصدق وإخلاص يفتح على العبد أبواب الخير ويغلق عنه أبواب الشر،
ذلكم لأن نتيجة الشكر تتضمن خيري الدين والدنيا والبرزخ والآخرة،ومن عظيم أمر الشكر أن الله تعالى أمر العباد به بل وحضَّهم عليه، كما في قوله تعالى:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ} لقمان: 12،
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} البقرة: 152،
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} البقرة: 172،
{فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ} العنكبوت: 17.

ولما كان أنبياء الله ورسله عليهم السلام أعلم الناس بالله وأسبقهم بالخيرات أُمِرُوا بالشكر لعظيم أَمْرِهِ وجَليل قدره:
{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ} الأعراف: 144،
ومن أمر ربنا تعالى لنبينا : {بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ} الزمر: 66.

معاشر المسلمين،
ومن عظيم أمر الشكر أن الله مدح بذلك أنبياءه ورسله،
فقال تعالى عن نوح عليه السلام: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} الإسراء: 3،
وقال عن إبراهيم الخليل عليه السلام: {شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} النحل: 121،
وعن سليمان عليه السلام: {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} النمل: 19،
وعن آل داود: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ} سبأ: 13.

أما ما كان من شأن نبينا فكان شيئًا عجبًا؛ فقد كان مع شريف مكانه ورفيع منزلته أشكر الناس لربه تعالى،
فعن المغيرة بن شعبة قال: إن كان النبي ليقوم أو ليصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه، فيقال له؛ فيقول: ((أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا)) أخرجه البخاري.

معاشر المسلمين،
إنَّما كان الأنبياء والرسل عليهم السلام أكثر شكرًا لله تعالى لأنهم أعلم الناس بالله وأرجاهم لله وأخوفهم منه،
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"إنما ألزم الأنبياء أنفسهم بشدة الخوف لعلمهم بعظيم نعمة الله تعالى عليهم وأنه ابتدأهم بها قبل استحقاقها،
فبذلوا مجهودهم في عبادته ليؤدوا بعض شكره
مع أن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد، والله أعلم"
.


ومع أن أنبياء الله ورسله عليهم السلام كانوا أشكر الناس لله تعالى، مع ذلك كله كانوا يسألون الله تعالى الإعانة على القيام بشكره؛ فقد أخبر الله تعالى عن سليمان عليه السلام بقوله:
{قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} النمل: 19.
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:
"إن النعمة على الوالدين نعمة على الولد، ثم قال: فسأل سليمان ربه التوفيق للقيام بشكر نعمته الدينية والدنيوية عليه وعلى والديه".


وأما ما كان من شأن نبينا في سؤال ربه الإعانة على القيام بشكره فقد كان كثير السؤال، فقد كان يقول دبر كل صلاة:((اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ))،
وأوصى بذلك أصحابه كما أخرجه أبو داود في سننه عن معاذ بن جبل . وكان يضمن أدعيته تخصيص طلب الشكر كما في قوله : ((ربِّ اجعلْني لك شَكَّارًا)) أخرجه الترمذي،..... [1]
وقوله : ((شكَّارًا)) صيغة مبالغة يعني كثير الشكر ودائمه. وكان يشكر ربه بفعله كما يشكره بقوله؛
فعن أبي بكرة قال: كان النبي إذا جاءه خبر يَسُرُّهُ خرَّ ساجدًا لله. أخرجه الخمسة إلا النسائي.

وعن عبد الرحمن بن عوف قال: سجد النبي فأطال السجود ثم رفع رأسه فقال: ((إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَبَشَّرَنِي....، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا)) رواه أحمد وأبو داود. [2]

ولما كانت منزلة الشكر بهذه المثابة خُصَّت بمزيد من الذكر والأجر،وإن كانت جميع العبادات يؤجر عليها صاحبها إلا أن من المقرر عند أهل العلم أن العبادات تتفاضل فيما بينها
وأن تخصيص عبادة بكثير ذكر ومدح لأهلها يدل على تمييزها عن غيرها، ولذا خصَّ الشكر بالجزاء والثناء على أهله:
{وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} آل عمران: 144،
{وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} آل عمران: 145،
{نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} القمر: 35،
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} الأنعام: 53.

معاشر المسلمين،
ولما كان شكر الله تعالى سبيلًا إلى مرضاته كما قال تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} الزمر: 6
هيأ الله عز وجل لعباده من الأسباب والنعم ما يجعلهم شاكرين له إن هم رعوها حق رعايتها؛ فجعل التقوى موصلة إلى الشكر:{فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} آل عمران: 123،
وأتم النعمة ليشكروه:{وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} المائدة: 6،
وبين لهم الآيات ليشكروه: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} المائدة: 89،
وأنعم عليهم بالرزق ليشكروه: {وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الأنفال: 26،
وتجاوز عنهم بعفوه ليشكروه:{ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} البقرة: 52،
وسخر لهم جوارحهم ليشكروه: {وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} النحل: 78،
وسخر لهم من الآيات ما يعينهم على شكره:{وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الروم: 46،
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} الفرقان: 62.

ومع كثرة ورود شأن الشكر وتزكية أهله فقد جنح أقوام عن شكر الله تعالى واجتالهم الشياطين،فلم يشكروا ربهم مع إنعامه عليهم وكثرة آياته الموجبة لشكره:
{إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ} غافر: 61،
{لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ} يس: 35،
{وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ} يس: 73،
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ} غافر: 61.

معاشر المسلمين،
ومن عظيم أمر الشكر وجليل ثمراته أن الشكر سبيل إلى مرضاة الله عن عبده:{وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} الزمر: 7،
ومن ثمرات الشكر أيضًا أنه سبب في زيادة النعم ودوامها:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} إبراهيم: 7.

قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: (قيدوا نعم الله بشكر الله) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر.

ومن ثمراته أيضًا:
كون أهله من السباقين إلى الخيرات والمقامات العلية لسيرهم في ركب أنبياء الله ورسله حيث كانت أولئك الصفوة عليهم السلام أكثر الناس شكرًا لله واعترافًا بفضله ونعمه.

ومن ثمرات الشكر أيضًا:أن الشاكرين أكثر الناس اتعاظًا واعتبارًا بآيات الله تعالى مما يكون عونًا لهم على الثبات والبصيرة:
{لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} لقمان: 31،
{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} سبإ: 19،
{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنْ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} الشورى: 33.

ومن ثمرات الشكر أيضًاأن خيرية النعم ونزول بركتها معلق بشكر الله تعالى، قال :
((
عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ.....))
الحديث أخرجه مسلم عن صهيب .

معاشر المسلمين،
وشكر الله تعالى يكون بالقلب واللسان والجوارح وبالنعمة نفسها؛
فأما شكر الله تعالى بالقلب فأن يعتقد العبد اعتقادًا جازمًا لا شك فيه ولا ريب أنه لولا الله تعالى لما تيسرت نعمة من تلك النعم، وأن من لازم ذلك أنه المستحق للعبادة لا معبود بحق سواه،
وأما شكر الله تعالى باللسان فذلك بأن يلهج لسان العبد بشكر ربه وحمده دائمًا،
وأما شكر الله تعالى بالجوارح فبكفها عما حرم الله تعالى وبتسخيرها في طاعة الله ومرضاته،
وأما شكر الله تعالى بتلك النعم المادية التي أنعم الله بها على عبده فبمراعاتها حق رعايتها وبالاستعانة بها على طاعة الله تعالى.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:

"ومن لطائف التعبد بالنعم أن يستكثر قليلها ويستقل كثير شكره عليها ويعلم أنها وصلت إليه من سيده من غير ثمن بذله فيها ولا وسيلة منه توسل بها إليه ولا استحقاق منه لها
وأنها لله في الحقيقة لا للعبد، فلا تزيده النعم إلا انكسارًا وذلًا وخضوعًا ومحبة للمنعم" [الفوائد (ص112)].

اللهم اجعلنا لك شكارين لك ذاكرين.





---------------------------------------------
[1] لفظ الحديث فيا رواه الإمام الترمذي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو ، يَقُولُ :
" رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا ، لَكَ ذَكَّارًا ، لَكَ رَهَّابًا ، لَكَ مِطْوَاعًا ، لَكَ مُخْبِتًا ، إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا ، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي وَاغْسِلْ حَوْبَتِي وَأَجِبْ دَعْوَتِي وَثَبِّتْ حُجَّتِي وَسَدِّدْ لِسَانِي وَاهْدِ قَلْبِي وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي " .
قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

-------------------------------
[2] لفظ الحديث فيا رواه الإمام أحمد، عن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه قال:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَوَجَّهَ نَحْوَ صَدَقَتِهِ فَدَخَلَ ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، فَخَرَّ سَاجِدًا ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَبَضَ نَفْسَهُ فِيهَا ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، ثُمَ جَلَسْتُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : " مَنْ هَذَا " ، قُلْتُ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : مَا شَأْنُكَ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَجَدْتَ سَجْدَةً خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَبَضَ نَفْسَكَ فِيهَا ، فَقَالَ :
" إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام , أَتَانِي فَبَشَّرَنِي ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , يَقُولُ : مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شُكْرًا "
صححه الإمام أحمد شاكر رحمه الله

التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-14-2014, 10:19 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

الكرام الأفاضـل

أنقل لكم بتصرف تفريغاً نصياً لمحاضرات ألقاها فضيلة الشيخ محمد صالح المُنَجِّد حفظه الله، بعنــوان:
كيف تكون عبداً شكوراً؟
__________________________________________________
حيث قال:

إن الاهتمام بالقلوب أمر مطلوب، كيف لا والقلب هو الملك الذي يملك الأعضاء، فبه تسير وبه تأتمر، والقلب له أعمال كثيرة، وتقوم به عبادات عظيمة،
والمؤمن الذي يريد أن يسير إلى الله ينبغي أن يعتني بقلبه لكي يكون سيره حسناً.
و
الله يوفق عباده للخير، ويثني عليهم في الملأ الأعلى، ويجازي الكافر في الدنيا على فعله الخير
ويخرج من أدخله النار بأدنى مثقال ذرة من إيمان، وهذا من شكر الله لعباده...


أولاً: معاني شكر العبد لربه
_____________________________________________


أما الشكر فإنه في اللغة بأفصح تعريف:

هو الثناء على المحسن بما أعطاك وأولاك، فتقول: شكرته وشكرت له، وقال الله سبحانه وتعالى:
{ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً }
الإنسان:9
والشكران ضد الكفران، والشكور من الدواب: ما يكفيه العلف القليل، ويقال: اشتكرت السماء إذا اشتد مطرها، واشتكر الضرع إذا امتلأ لبناً، فهذه معاني الشكر،
وهي تدل على النماء والزيادة.
وشكر العبد لربه له عدة من المعاني:
فعرفه بعض الناس: بأنه الاعتراف للمنعم بالنعمة على وجه الخضوع. وقال بعضهم: هو الثناء على المحسن بذكر إحسانه. وقال بعضهم: الشكر استفراغ الطاقة في الطاعة.
وقيل: الشاكر: الذي يشكر على الموجود، والشكور: الذي يشكر على المفقود. وقيل: الشاكر: الذي يشكر على النفع، والشكور: الذي يشكر على المنع.
وقيل في الفرق بين الشاكر والشكور: أن الشاكر: الذي يشكر على العطاء، والشكور: الذي يشكر على البلاء.

والشُـكْــر من العبـد لـربـه يــدور على ثـلاثـة أشيــاء:
أولاً:
اعتـراف العبـد بنعمــة الله عليـه.
ثانياً: الثنـاء عليه سبحـانه وتعالى بهذه النعم.
ثالثاً: الاستعانة بهذه النعم على مرضــاة الله،
فمدار شكر العبد لربه على هذه الثلاثة: الاعتراف، والثناء، والعمل بها في طاعته سبحانه وتعالى.


والشكر أيضاً: خشوع الشاكر للمشكور مع حبه له، واعترافه بنعمته، والثناء عليه بها، وألا يستعمل هذه النعم فيما يسخط الله، وإنما يستعملها فيما يرضي الله سبحانه وتعالى.
والشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح، ومن الأدلة على تعلق الشكر بالقلب الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(
لِيَتَّخِذْ أحدُكم قلبًا شاكرًا ، ولسانًا ذاكِرًا ، وزوجةً مؤمنةً ، تُعِينُهُ علَى أمرِ الآخرَةِ) صححه الإمام الألباني.


فالشكر إذاً: هو الاعتراف بإنعام الله سبحانه عليك على وجه الخضوع له والذل والمحبة.

فمن لم يعرف النعمة بل كان جاهلاً بها لم يشكرها، وكثير من الناس لا يعرفون نعم الله عليهم،

ومن عرف النعمة ولم يـعــرف المنـعـــم فكـيــف يـشـكــــره؟!!


ومن عرف النعمة والمنعم لكن جحدها كما يجحد المنكر لنعمة المنعم عليه فقد كفرها،


ومن عرف النعمة والمنعم وأقر بها ولم يجحدها لكن ما خضع قلبه، ولا أحب المنعم،
ولا رضي بالله المنعم فلا يعتبر شاكراً للنعمة،

وَمَنْ عَرَفَ النِّعْمَةَ وَعَرَفَ الْمُنْعِمَ وَخَضَعَ لِلْمُنْعِمِ، وَأَحَبَّهُ وَرَضِيَ بِهِ، وَاسْتَعْمَلَ النِّعْمَةَ فِي مَحَابِّهِ وَطَاعَتِهِ

فَهَذَا هُوَ الشَّاكِرُ حَقَّاً، وَهَذَاَ هُوَ التَّعْرِيِفُ لِشُكْرِ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.






وللحديث بقية ،
فتابعونا بأمر الله رب البرية
...
التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-14-2014, 10:20 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

ثانيا: الفرق بين الحمد والشكر
__________________________________________________ ___

إن الشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح، تشكر الله بقلبك ولسانك وجوارحك، أما الحمد فإنه يتعلق بالقلب واللسان،
فلا يقال: حمد الله بيده مثلاً، أو برجليه، أو بأي شيء من الجسد، إلا اللسان مع القلب فالحمد بهما، والشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح،
فللقلب معرفة الله المنعم وحبه، وللسان الثناء عليه وحمده سبحانه وتعالى، والجوارح استعمال هذه النعم فيما يرضي الرب عز وجل، فالشكر أعم من هذه،
لكن الشكر يكون على النعم، والحمد يكون على النعم وعلى غيرها،
فمثلاً: الله سبحانه وتعالى يُحمد على أسمائه وصفاته وأفعاله ونعمه، لكنه يُشكر على نعمه، فلا يقال: إنه يشكر على أسمائه وصفاته وإنما يحمد على أسمائه وصفاته،

ومن هذه الجهة فالحمد أعمّ، فهذا هو الفرق بين الحمد والشكر.


التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-14-2014, 10:24 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

ثالثا: أنواع شكر الله لعباده
_______________________

من أسماء الله سبحانه وتعالى:
الشَّـكُـــور
وقد سمَّى نفسه شاكراً كذلك، فقال الله سبحانه وتعالى: { وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً } [النساء:147]،
وقال: { وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ } [التغابن:17].
فالله عز وجل من أسمائه الشكور فهو يشكر عباده، فكيف يشكر عباده سبحانه وتعالى؟!

أ- تـوفـيـقـهــــم للـخـيـــــر
___________
إنه يشكرهم بأن يوفقهم للخير، ثم يُعطيهم ويُثيبهم على العمل به، والله عزَّ وجلَّ يشكر القليل من العمل ويُعطي عليه ثواباً جزيلاً أكثر من العمل، والحسنة بعشر أمثالها وهكذا،
فالله سبحانه وتعالى شكورٌ حليم.

ب- ثناؤه عليهم في الملأ الأعلى
___________
ويشكر عبده بأن يُثنِي عليه في الملأ الأعلى، ويذكُرُه عند الملائكة، ويجعل ذكره بين العباد في الأرض حسناً؛ كل هذا من شكر الله للعبد، فإذا ترك العبد شيئاً لله أعطاه الله أفضل منه،
وإذا بذل العبد شيئاً لله ردَّهُ الله عليه أضعافاً مضاعفة،

وَلَمَّـا عَـقَــر نبـي الله سـليمـان الخـيـــل غضبـاً لله لـمـَّا أشغلتــه الـخيــل عـن ذكــــره،
عَـوَّضـَـهُ
الله عـزَّ وجـلَّ بالـريــح؛ على متن الريح يكون سفره، وتحمل جنوده من الجن والإنس والطير،


وَلَمَّـا ترك الصحابة ديارهم وخرجوا من الديار في مرضاة الله عَـوَّضَهُـمُ الله مُلْكُ الدنيا، وفتح عليهم مُلْكُ فارس والروم،

وَلَمَّـا تـحـَمَّـــل يـُـوسُـــفُ الـصـدِّيـــق ضِيــقَ السـجــــن شـَـكــَـرَ الله له ذلك،
ومكـَّـن له في الأرض يتبـوأ منهـا حيـث يشـاء،


وَلَمَّـا بـذل الشهـداء دمـاءهـم وأمـوالهـم في سبيـل الله حتـى مـزَّق الأعـــداء أجســــادهـــم
شَكَرَ
الله ذلك لهم، وجعل أرواحهم في حواصل طير خُضر تسرح في الجنة، وتَرِدُ أنهارها، وتأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش.

ج- مجازاة الكافر عاجلاً على ما يفعل من الخير والمعروف
___________
فالله شكور، ومن شكره سبحانه أنه يجازي العدو على ما يفعل من الخير والمعروف، فلو أن كافراً عمل في الدنيا حسنات؛ فكفل يتيماً، أو أغاث ملهوفاً
فالله لا يضيع عمل الكافر فيجزيه بها في الدنيا من الصحة والغنى والأولاد ونحو ذلك من متاع الدنيا، حتى عمل الكافر من أعمال الخير لا يضيعها له، بل إنه يثيبه عليها في الدنيا.
وقد جاء في الحديث الصحيح ما يثبت أن الله يشكر، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
(
نزَعَ رجلٌ لم يَعْمَلْ خيرًا قطُّ غُصْنَ شوكٍ عن الطريقِ، إمّا كان في شجرةٍ فقَطَعَه وألقاه ، وإمّا كان موضوعًا فأَماطَه، فشَكَرَ اللهَ له بها؛ فأدَخَلَه الجنةَ). حسنه الإمام الألباني
وجاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(
بينا رجلٌ يمشي، فاشتد عليه العطشُ، فنزل بئرًا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلبٍ يلهث، يأكل الثرى من العطشِ، فقال : لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خُفَّه ثم أمسكه بفيه، ثم رقي فسقى الكلبَ، فشكر اللهُ له فغفر له ) قالوا : يا رسولَ اللهِ، وإن لنا في البهائم أجرًا ؟ قال : (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ). رواه الإمام البخاري ...[1]

والله عز وجل يشكر عبده ويعطيه الأضعاف المضاعفة فهو المحسن إلى العبيد، والله سبحانه وتعالى قال:
{
مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً } [النساء:147].

تَـأَمَّــلْ يَـا أَيُّـهَــا الْمُسْلِــم!
كيف أن شكر الله أنه يأبى أن يُعذِّبَ عباده بغير جُرم، ويأبى أن يجعل سعيهم باطلاً، قال الله عز وجل:
{
إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً } [الإنسان:22]
فشكرهم على سَعْيِهِم، ولم يُضِعْ سَعْيَهُم، وجازاهم الجنة، وأعطاهم من أصناف الثواب ما أعطاهم سبحانه وتعالى.

د- إخراج الله لمن دخل النار وفي قلبه أدنى مثقال ذرة من خير
___________
ومن شكر الله للعبيد:
أنَّه يُخرج العبد من النار بأدنى مثقال ذرة من خير، ولا يضيع عليه هذا القدر، فلو تعذَّب العبد في النار ما تعذَّب وكان مؤمناً من أهل التوحيد ليس بكافر فإن الله يخرجه يوماً من الدهر من النار فيدخله الجنة، ولو كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، والله عز وجل شكر لمؤمن آل فرعون مقامه، الذي قام لله فجاهد وقال كلمة الحق عند سلطان جائر؛ فأثنى الله عليه بالقرآن ونوه بذكره بين عباده، وكذلك المسلم الذي أعان الثلاثة الأنبياء من أصحاب القرية لما جاءوا أصحاب القرية في سورة يس، فالله سبحانه وتعالى ذكره وشكر له مقامه، وشكر له دعوته في سبيله فجعل له من الثواب الجزيل على ذلك الموقف ما لا يعلمه إلا هو سبحانه،

فَهُوَ الشَّكُورُ عَلَىَ الْحَقِيقَةِ، وهُوَ المُتَّصِفُ بِصِفَةِ الشُّكُرِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ،

والله عزَّ وجَلَّ يُرغِّبُ من عباده أن يتَّصِفوا بموجب الصفات الحسنة التي وصف نفسه بها،

واللهُ عَـــزَّ وَجَـــــلَّ
جَـمـِيـِـــلٌ..... يُحِبُّ الْجَمَــال،
عـَلِـيـِــــمٌ
......يُحِبُّ الْعُلَمَــاء،
رَحِـيـِـــمٌ
.... يُحِبُّ الراحِمِـين،
مُحْسـِــنٌ
.. يُحِبُّ الْمُحْسِنِـيـن،
شـَكُــــوُرٌ
...يُحِبُّ الشَّاكِـرِين،
صَـبـُــوُرٌ
...يُحِبُّ الصَّـابِرِيـن،
جـَــــوَادٌ
...يُحِبُّ أَهَـلَ الْجُـوُد،
سِـتِّيــــِرٌ
....يُحِبُّ أهَلَ السَّتْر،
عَـفُّــــــوٌّ
.....يُحِـبُّ الْعَـفُــو،
وِتْــــــــرٌ
......يُحِبُّ الْوِتْـر،

و
كذلك فهو سبحانه يكره البخل، والظلم، والجهل، وقسوة القلب، والجبن، واللؤم، وهو سبحانه وتعالى يحب من عباده أن يتَّصِفوا بالصفات الحميدة الحسنة.




-------------------------------------------------------------------------
[1] شرح الحديث -في رواية الإمام مسلم- للامام النووي:
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ) مَعْنَاهُ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى كُلِّ حَيَوَانٍ حَيٍّ بِسَقْيِهِ وَنَحْوِهِ أَجْرٌ، وَسُمِّيَ الْحَيُّ ذَا كَبِدٍ رَطْبَةٍ ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ يَجِفُّ جِسْمُهُ وَكَبِدُهُ .

فَفِي الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ، (وَهُوَ مَا لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ). فَأَمَّا الْمَأْمُورُ بِقَتْلِهِ فَيُمْتَثَلُ أَمْرُ الشَّرْعِ فِي قَتْلِهِ، وَالْمَأْمُورُ بِقَتْلِهِ كَالْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهُنَّ. وَأَمَّا الْمُحْتَرَمُ فَيَحْصُلُ الثَّوَابُ بِسَقْيِهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ أَيْضًا بِإِطْعَامِهِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ ) أَمَّا ( الثَّرَى ) فَالتُّرَابُ النَّدِيُّ ، وَيُقَالُ : لَهَثَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا ، يَلْهَثُ بِفَتْحِهَا لَا غَيْرَ ، لَهْثًا بِإِسْكَانِهَا ، وَالِاسْمُ اللَّهَثُ بِفَتْحِهَا، وَاللُّهَاثُ بِضَمِّ اللَّامِ ، وَرَجُلٌ لَهْثَانٌ ، وَامْرَأَةٌ لَهْثَى كَعَطْشَانَ وَعَطْشَى ، وَهُوَ الَّذِي أَخَّرَ لِسَانَهُ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ وَالْحَرِّ .

قَوْلُهُ : ( حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ ) يُقَالُ : رَقِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ ، وَحَكَى فَتْحَهَا ، وَهِيَ لُغَةُ طَيٍّ فِي كُلِّ مَا أَشْبَهَ هَذَا.


التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-15-2014, 12:39 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-16-2014, 09:00 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الله مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا
وجزاكم ربي خير الجزاء
التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-16-2014, 10:11 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

وفي الخـاتمـة؛
نصيحـةٌ بهـا تَتِـمّ، فَائِـدةٌ شَـامِلَـةٌ وأَعَـمّ




فأحذر نفسي أولا، ثم أنصحكم يا أهل الخيرات كلها،
الحذر كل الحذر
مِن حمد الله وشكره ظاهرا فقط وفي باطننا شك أو ريبة أو شكوى دفينة -عياذا بالله-، بل يجب علينا التسليم التام المطلق لرب العالمين والرضا بما قسم لنا، باطنا وظاهرا، فكما ذكرت لكم أمثلة طيبة ممن عاصرتهم،
فهناك أيضا آخرون كثيرون على النقيض منهم -عافانا الله وإياكم أن نكون مثلهم-، أري وجوههم دائما مُقَطَّبَة عَابِسَة،
رفضوا القليل ورضوا بالكثير!!


ولَا يَنْبُعُ مِثْلَ هَذَا الرَّفْضُ إِلَّا مِنْ نَفْسٍ غَيْرَ رَاضِيَةٍ بِمَا قَسَمَ اللهُ وقَدَّرَهُ لَهَا، دَرَّبهَا صَاحِبُهَا عَلَى إِنْكِارِ نِعْمِ اللهِ، وتَرَكَهَا لِهَوَاهَا، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ خَائِبَةً خَاسِرَةً،
ولَمْ يُدْرِك أَنَّ التَأْصِيلَ فِي تَزْكِيَةِ النَّفْسِ لِإِدْرَاكِ الْفَوْزِ؛
هُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى:
{
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } الشمس: 7-10

وقول رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم:

" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ اللّهُ بِمَا آتَاهُ " رواه الإمام مسلم

ومعنى أفلح: أي من الفلاح : وهو البقاء والفوز والظفر
والْفَلَاحُ هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِحُصَولِ كُلِّّ مَطْلُوبٍ ومَحْبُوبٍ، والسَّلَامَةِ مِنْ كُلِّ مَخُوُفٍ مَكْرُوُهٍ

فلن يأتي الفلاح والفوز لعبد إلا بتزكية نفسه؛ يقنع بما آتاه الله، ويتزود من الخير والطاعات، ويحرص على تطهير نفسه بالقرب والرضا
فمَا لِعَبْدٍ أَنْ تَطْهُرَ نَفْسَهُ إِلَّا بأَنْ يَرْضَىَ بِقَضَاءِ اللهِ، ويُسِلِّمُ أَمْرَهُ كُلَّهُ للهِ، ويَسْعَى لِلْعَمَلِ عَلَى رِضَاه..

سُبْحَانَهُ مَالِك الْمُلْكِ.. مُقَلِّب الْقُلُوُبِ.. جَلَّ فِي عُلَاه


قال أحد الشعراء:
فَفِي قَمْعِ أَهْوَاءَ النُّفُوسِ اعْتِزَازِهَا * * * وفِي نَيْلِهَا مَا تَشْتَهِي ذُلُّ سَرْمَدِ
فَلَا تَشْتَغِلْ إِلَّا بِمَا يُكْسِبُ الْعُلَا * * * ولَا تَرْضَ لِلنَّفْسِ النِّفِيسَةِ بِالرَّدِي


وقال أحد السلف:

والنَّفْسُ كَالطِّفِلِ إِنْ تُهمِلهُ شَبَّ عَلَى * * * حُبِّ الرَضَاعِ وإن تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ
فَجَاهِدِ النَّفَسَ والشَّيْطَانَ واعْصِهِمَا * * * وَإِنْ هُمَا مَحَضَاكَ النُّصْحَ فَاتَّهِمِ





رزقنا الله وإياكم تمام حمده وشكره باطنا وظاهرا، ووقانا وإياكم شر لحظة شكوى عابرة بنفوسنا، ورزقنا وإياكم تمام نعمة الحمد وكمال الرضا بعد القضا

فَأَهْلُ الشَّكْوَىَ نَالُوا الشَّقَا بِعَدَمِ الرِّضَا عَنِ الله، هُمْ فِي سَخَطٍ مِنْ رَبِّهِمْ بِتَرْكِ الرِّضَا عَمَّا قَضّاه




وهذه نصيحة غالية وحكمة بالغة للقاضي شُرَيْح -رحمه الله-، قال رجلٌّ:
اشتكيت إلى صديق لي بعض ما غمَّني، فسمعني شريح القاضي، فأخذ بيدي، وقال:
يا ابنُ أخي، إيَّاك والشَّكوى إلى غير الله، فإنه لا يخلو من تشكو إليه أن يكون صديقًا أو عدُوًّا،
فأمَّا الصديق فتُحزنه ولا يَنفعك، وأمَّا العدو فيشمت بك، انظر إلى عيني هذه،
وأشار إلى إحدى عينيه، فوالله ما أبصرت بها شخصًا ولا طريقًا، منذ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وما أخبرت بها أحدًا إلى هذه الغاية، أمَا سمعت قول يعقوب عليه السلام:

{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ } يوسف: 86
فاجعله مَشْكَاك ومَفْزَعك عند كل نائبة تَنُوبك، فإنه أكرم مسؤول، وأقرب مدعو إليك.
..[1]




قَالَ ابْنُ عَوْنٍ :
[ ارْضَ بِقَضَاءِ اللَّهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عُسْرٍ وَيُسْرٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ لِهَمِّكَ، وَأَبْلَغُ فِيمَا تَطْلُبُ مِنْ آخِرَتِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَبْدَ لَنْ يُصِيبَ حَقِيقَةَ الرِّضَا حَتَّى يَكُونَ رِضَاهُ عِنْدَ الْفَقْرِ وَالْبلاء كَرِضَاهُ عِنْدَ الْغِنَى وَالرَّخَاءِ، كَيْفَ تَسْتَقْضِي اللَّهَ فِي أَمْرِكَ ثُمَّ تَسْخَطُ إِنْ رَأَيْتَ قَضَاءَهُ مُخَالِفًا لِهَوَاكَ !
وَلَعَلَّ مَا هَوَيْتَ مِنْ ذَلِكَ لَوْ وُفِّقَ لَكَ لَكَانَ فِيهِ هَلَكَتُكَ، وَتَرْضَى قَضَاءَهُ إِذَا وَافَقَ هَوَاكَ، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ عِلْمِكَ بِالْغَيْبِ، وَكَيْفَ تَسْتَقْضِيهِ إِنْ كُنْتَ كَذَلِكَ،
مَا أَنْصَفْتَ مِنْ نَفْسِكِ، وَلا أَصَبْتَ بَابَ الرِّضَا
]..... [2]






وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:
الرِّضَا يُثْمِرُ الشُّكْرَ، الَّذِي هُوَ مِنْ أَعْلَى مَقَامَاتِ الْإِيمَانِ، بَلْ هُوَ حَقِيقَةُ الْإِيمَانِ. وَالسُّخْطُ يُثْمِرُ ضِدَّهُ. وَهُوَ كُفْرُ النِّعَمِ. وَرُبَّمَا أَثْمَرَ لَهُ كُفْرَ الْمُنْعِمِ.
فَإِذَا رَضِيَ الْعَبْدُ عَنْ رَبِّهِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ: أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ شُكْرَهُ. فَيَكُونُ مِنَ الرَّاضِينَ الشَّاكِرِينَ.
وَإِذَا فَاتَهُ الرِّضَا: كَانَ مِنَ السَّاخِطِينَ. وَسَلَكَ سَبِيلَ الْكَافِرِينَ

فَإِنَّ الرِّضَا بَابُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ، وَمُسْتَرَاحُ الْعَارِفِينَ، وَجَنَّةُ الدُّنْيَا.

فَجَدِيرٌ بِمَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ أَنْ تَشْتَدَّ رَغْبَتُهُ فِيهِ. وَأَنْ لَا يَسْتَبْدِلَ بِغَيْرِهِ مِنْهُ.........
[3]








حَـــقَّـــاً ويَـقـِيـِنـَـــاً .. كَفَىَ بِاللهِ وَكِيــــلَا

وحقـــاً حقـــاً ويقينــا،

بأنَّ الرضــا باب
الله الأعظم والمستراح والجنة في الدنيا


لَــــكـِــــــــــنّ؛
أَهْلَ الشَّكْوَىَ نَالُوا الشَّقَا بِعَدَمِ الرِّضَا عَنِ الله، هُمْ فِي سَخَطٍ مِنْ رَبِّهِمْ بِتَرْكِ الرِّضَا عَمَّا قَضّاه

لأنهم رفضوا القليل ورضوا بالكثير، رفضوا حرمانهم من قليل النعم التي ظنوا بجهلهم أنهم حرموا منها ويريدون المزيد، فأخرجوا حقيقة ما في نفوسهم، وأَبَوْا إلا التلفظ بشكواهم وسخطهم،
وعدم الرضا بما قسم الله لهم،
فرضوا
وارتضوا لأنفسهم بالكثير من الشكوى، نسوا ماآتاهم الله من نعم جزيلة وآلاء عظيمة، بل نسوا أو تناسوا أيضا قوله تبارك وتعالى:
{ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ }

فتحقق فيهم قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ} غافر: 61

وهذا حال كثير من الناس -إلا ما رحم ربي-
رضوا بأن يحيوا بشكواهم على ما رأوه حرمانا،
قد يحمدون الله بعد شكواهم لفظا فقط -والله أعلم بالسرائر-، لكن لسان حالهم يقول عكس ذلك،
ويزداد بهم شدة السخط عياذا بالله إذا أصابتهم مصيبة أو بلاء، وكأنهم لم يسمعوا قوله تعالى:

{ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } البقرة: 156

حيث قال الإمام السعدي رحمه الله:

[ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ، أي: مملوكون لله, مدبرون تحت أمره وتصريفه, فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها, فقد تصرف أرحم الراحمين, بمماليكه وأموالهم, فلا اعتراض عليه،
بل من كمال عبودية العبد, علمه, بأن وقوع البلية من المالك الحكيم, الذي أرحم بعبده من نفسه، فيوجب له ذلك,
الرضا عن الله, والشكر له على تدبيره, لما هو خير لعبده.]

وهؤلاء تعلقوا بالدنيا وزينتها أملا في نعيم زائف زائل، فلم يكتسبوا سوى فوات الأجر،

كما قال الإمام السعدي مكملاً:

[ فالصابرين, هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة, والمنحة الجسيمة، فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفورا عنده، وإن جزعنا وسخطنا, لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر،
فكون العبد لله, وراجع إليه, من أقوى أسباب
الصبر .
]

وتلك هي الفائدة العامة الكبرى التي ذكرها شيخنا المُنَجِّد -حفظه الله وبارك في عمره- في محاضراته السابقة، بقوله:

أمَّـــا الـشُـــكْـــــــرُ

فَإِنَّهُ نِصْـــــفُ
الْإِيـِمَــان، وَنِصْـفَـــــهُ الثَّـانِـــي هُــوَ الصَّـبْـــر.....




وبتوفيق الله سبحانه وتعالى للعبد في تحقيق تمام الْإِيـِمَــان؛
بالشُكْـــرِ والصَّـبْـــر مـعـــاً

تتحقق الفائدة الكبرى بأن يَحيَىَ العبد دنياه كحياة أهل الجنة في أقوالهم

فحمد الله تعالى وشكره وتسبيحه وتنزيهه وجمال الصبر؛ هو حال عباد الله الذين اختصهم بالفوز والفلاح بأعمالهم الصالحة توفيقا منه سبحانه وفضلا -جعلنا الله وإياكم منهم-،
ففي الدنيا يتزودون للآخرة، وفي الآخرة بإذن الله يدخلون الجنة، وحديثهم فيها كما قال ربنا تبارك وتعالى:

{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} يونس: 10

دعاؤهم في الجنة التسبيح (سبحانك اللهم)، وتحية الله وملائكته لهم، وتحية بعضهم بعضًا في الجنة (سلام)، وآخر دعائهم قولهم: "الحمد لله رب العالمين"
أي: الشكر والثناء لله خالق المخلوقات ومُرَبِّيهَا بِنِعَمِهِ.
وقد قيل أن أهل الجنة ـ إذا احتاجوا إلى الطعام والشراب ونحوهما ـ قالوا سبحانك اللهم، فأُحْضِرَ لهم في الحال‏.‏
فإذا فرغوا قالوا‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}





إنها حقا لفائدة عظيمة

هِيَ فَائِدَةٌ كُبْرَىَ وَمَغْنَمٌ أَعَمٌّ، يَنَالُهَا الْعَبْدُ وَيُحَقِّقُ مُبْتَغَاهُ
إِذَا هَـدَاهُ اللهُ لِلرِضَا وَأَتَمَّ، دَوَامَ نِعْمَةَ الْحَمْدِ فِي دُنْيَاهُ


هي فائدة كلها بشرى واستبشارا لعباد الله الشاكرين على كل أحوالهم في الدنيا التي هى دار العمل للآخرة،
فيرزقهم الله نعيما في الدنيا ونعيما في الآخرة بفضله وبرحمته سبحانه

يُدَاوِمُونَ سُـؤْلَ رَبِّهِـمْ ودُعَائِـهِ تَوْفِيقَاً لِعِبَادَتِـة تَقْدِيِسَـاً وَتَنْزِيِهَـاً لِذَاتِـهِ العَلِيَّـةِ

وَيَحْمَدُونَهُ سُبْحَانَــهُ عَلَىَ نِعَمِهِ الْجَزِيِلَـةِ الْبَاطِنَـةِ الْخَفِيَّـةِ والظَّـاهِـرَةِ الْجَلِيَّـةِ


يَحْيَوْنَ بِالتَّوْفِيقِ وَالْهِـدَايَةِ مِنْ رَبِّهِــم لِلْعَمَـلِ الصِّالِـحِ فِي دُنْيَـا فَـانِيَـةٍ دَنِيَّـةٍ


يَرْجُـونَ رَحْمَـةَ رَبِّهِــم وَيَسْعَـوْنَ بِالْقُرُبَاتِ رِضَـاً وَشُكْـرَاً إلَى جَنَّاتٍ أَبَدِيَّـةٍ


وَحَالُهُـمُ بِالْأَقْـوَالِ تَسْبِيحَـاً وَتَسْلِيمَـاً وَحَمْــدَاً لِلَّــهِ دَائِمَـاً بِقُلُوبِهُمُ الزَّكِيَّةِ


كَحَـالِ أَهْلِ الْجَنَّـةِ؛ كَلَامُهُمُ تَسْبِيحَـاً وَحَمْـدَاً مُسْتَـدَامَـاً لِــرَبِّ الْبَـرِيَّـةِ





جعلنا الله وإياكم من عباده الشاكرين الشكَّارين، وأتم علينا نعمة الإيمان وكتبنا من الصابرين

ورزقنا وإياكم دوام حسن طاعته وعبادته، والرضـا بما قسمه لنا سبحانه لنكون من الفائزين

لك الحمد يا ربنا على نعمة الإسلام والإيمان، فاجعلنا من عبادك الصادقين المخلصين الأوابين

ولك الحمد يا ربنا على نعمة الحمد، وكفى بها نعمة، فنسألك أن تجعلنا من عبادك الحامدين



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


أحتاج إلى دعائكم، فأسألكم ألا تنسوني من الدعاء، بارك الله فيكم جميعا

وللفائدة أيضا بأمر الله تعالى، إقرأوا هذا الموضوع:

قصص لعباد حامدين شاكرين؛ رضوا بقضاء الله رب العالمين





----------------------------------------
[1] العقد الفريد 3/201
[2] من كتاب: الرضا عن الله بقضائه - (مِنْ وَصَايَا الرَّاضِينَ) لابن أبي الدنيا
[3]من كتاب: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
لابن القيم ، فصل: [الدَّلِيلُ عَلَى فَضْلِ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ]


التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 05:40 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.