انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة

ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة لرد الشبهات ، ونصح من خالف السنة ، ونصرة منهج السلف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 05-18-2012, 04:16 AM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

أحسن الله إليكم
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 05-22-2012, 10:08 PM
أمة الواحد الأحد أمة الواحد الأحد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الله مشاهدة المشاركة
وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله اللهم بارك
جزاكِ الله خيرا اختنا الفاضلة أمة الواحد الأحد
ربنا يجعله في موازين حسناتك اللهم آمين ،لكن من باب الأمانه العلميه أنا
ما فرغت الدروس بالأعلى ما أنا إلا ناقله فقط .
اسمحلي أرحب بكِ في بيتك الثاني بين أخواتك
وأتمنى تكوني معنى مفيدة ومستفيدة إن شاء الله .
الأخت الفاضلة أم عبد الله جزاكِ الله خيراً على سرعة الرد, وأعتذر عن التأخر في الرد

وبارك الله فيكِ على النقل الطيب, وجعله في ميزان حسناتك.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 05-22-2012, 10:50 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

وأحسن الله إليكِ أم الزبير وشكرا على المرور

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمة الواحد الأحد مشاهدة المشاركة
الأخت الفاضلة أم عبد الله جزاكِ الله خيراً على سرعة الرد, وأعتذر عن التأخر في الرد


وبارك الله فيكِ على النقل الطيب, وجعله في ميزان حسناتك.
وخيرا جزاكِ وبارك الله فيكِ
لا عليكِ أختي الفاضلة أتمنى تكوني معنا مفيدة ومستفيدة
اللهم آمين وإياكِ أسعدني مرورك.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-29-2012 الساعة 02:46 AM
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 09-29-2012, 01:56 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

أهمية إعلان سيادة الشريعة منذ البداية
السلام عليكم ورحمة الله.

إخوتي الكرام ذكرنا في الحلقة الماضية أن من يحمل مشروعا إسلاميا إن استلم الحكم فلا مناص له من إعلان السيادة لمطلقة الكاملة المنفردة للشريعة ومن اللحظة الأولى. وذكرنا أن هذا لا يعني بالضرورة إتيانه بالواجبات وإلغاء المنكرات دفعة واحدة، لكن ما دام القانون إسلاميا محضيا والدولة تطبق ما تقدر عليه فالشريعة مطبقة. وذكرنا أمثلة عملية للنقلة الكبيرة التي يُحدثها إعلان سيادة الشريعة. ثم وعدتكم باستخلاص دروس من هذه الأمثلة. تعالوا أحبتي الكرام نستعرض بعض هذه الدروس:

1) لاحظنا أن إعلان سيادة الشريعة يؤثر في كل شيء في المجتمع. فالمجتمع يصبح مبنيا على العبودية المطلقة لله. بهذا الإعلان فإن أعمالا كانت تُجرم في ظل القوانين الوضعية أصبحت مسموحة، وأخرى كانت مسموحة أصبحت جرائم، أشخاص وأملاك فقدت حصانتها وأخرى اكتسبتها، قضايا كانت رابحة تخسر وأخرى كانت خاسرة تربح، اتفاقيات تُلغى وأخرى تبرم...كل هذا بإعلان تطبيق الشريعة ومن اللحظة الأولى.

حتى إن لم تستطع الدولة إنفاذ هذه الأحكام مرة واحدة فإن تسميتها وتوصيفها الشرعي يبقى ذا أثر كبير. فرق كبير بين أن يعرف الفرد أنه يفعل شيئا محضوضا عليه تشجعه الدولة وأن يفعل شيئا ممنوعا يستوجب العقوبة. حتى إن تأخرت المثوبة والعقوبة إلى حين قدرة الدولة واستطاعتها فتوصيف الأفعال يبقى ذا أثر كبير في سلوك المجتمع.

2) لاحظنا أن البديل عن إعلان سيادة الشريعة هو أن تحكم الدولة الإسلامية بالقانون الوضعي الجاهلي!

عندما نقول: (إسلاميون في الحكم)...فهم دولة، ليس لهم أن يقفوا موقف المحايد من التصرفات والأشخاص والقضايا. إما أن يحكموا بالإسلام وإما أن يحكموا بالجاهلية، جاهلية القوانين الوضعية...((أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)). ولبيان ذلك أكثر أرجو مراجعة الحلقة الثالثة بعنوان (المعنى الخطير للتدرج).

فيا من تطالبون بعدم إعلان سيادة الشريعة من اللحظة الأولى، اعرفوا ما يؤدي إليه ذلك: أن تصبح الدولة "الإسلامية" حارسة للقوانين الوضعية، منفذة لها، معاقبة لمن يخالفها، مثيبة للعاصي، معاقبة للمطيع.

ماذ بقي لها من اسم الإسلامية حينئذ؟! هل تقبلون للدولة الإسلامية أن تفعل ذلك ولو ليوم واحد يا أصحاب التدرج؟!

آلمني ما سمعته من أحد الدعاة وهو يقول لمستمعيه في المسجد: (متظنوش إن الإسلاميين إذا وصلوا الحكم حيغيروا كل حاجة مرو وحده. يمكن مفيش حاجة من القوانين حتتغير أول سنتين تلاتة، لكن الناس حتبأى نضيفة)! وهذا كما ترون إخواني كلام خطير للغاية يدل على عدم وعي لمعنى أن تكون في الحكم أو على تجويز أن يسوس مسلمون المجتمع بقوانين جاهلية وضعية. إن لم يتغير شيء من القوانين فستبقى الأماكن التي تمارس فيها المحرمات قانونية كما كانت في القانون الوضعي، وتستحق من الدولة الحماية والرعاية ضد من يريدون إنكار منكرها. فهل يُتصور أن تعين الدولة الإسلامية في النهاية حراسا ملتحين على أبواب الخمارات والنوادي الليلية؟ ((ما لكم كيف تحكمون))؟!

فيا من تدافعون عن التدرج اعرفوا عن ماذا تدافعون!
3) الحق واحد والباطل متشعب! إن لم يلتزم الدعاة بإعلان سيادة الشريعة، فإنهم سيتخبطون في البديل عن ذلك...لأنهم فقدوا البوصلة بالتنازل عن الحق...((فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنا تصرفون))

فترى هذا "الداعية" يقول: قد لا نغير شيئا من القوانين أول سنتين او ثلاثة، آخر يقدرها بأشهر، والثالث بمدة أكثر أو أقل، آخر يقول: سنبدأ بأحكام الشريعة التي يتقبلها الشعب ونؤخر ما لا يتقبلها، وآخر يقول: نبدأ بالأحكام المتعلقة بالأخلاق والسلوك ونؤخر الحدود، آخر يقول نقوي الاقتصاد ثم نطبق الشريعة...أصبحت المسألة خاضعة لتقديرات البشر...أهم مسألة، مسألة العبودية لله تعالى بتطبيق شرعة والخلافة في الأرض أصبحت خاضعة للأهواء والتخمينات والتخريصات والظنون.
((وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا)).

هل يُظن بالله تعالى أن يترك هذه المسألة المصيرية، مسألة العبودية لله بتطبيق شريعته، أن يتركها لظنون البشر هكذا؟!

فالحق واحد، وهو في إعلان السيادة المطلقة التامة للشريعة من اللحظة الأولى. ومن تخلى عن ذلك دخل في تشعبات ومتاهات وتخبطات الباطل.

4) إعلان السيادة للشريعة من اللحظة الأولى هو عقد بين الحاكم والمحكوم ملزم للطرفين يمنع أيا منهما من التلاعب. وبه تسقط الحصانات الزائفة حتى عن الحكام. لأنهم إن زاغوا عن تبعات هذا الإعلان فإن على الشعب أن يحاسبهم ويقيس أفعالهم إلى هذا المسطرة الواضحة، مسطرة الشريعة.
فالإسلاميون ليسوا معصومين. إن وصلوا إلى الحكم فما الذي يضمن ألا تصيبهم لوثة السلطة والأبهة التي أصابت من شغل المناصب قبلهم؟ معقول؟ لا عصمة لأحد. إن كنا نرى تنازلات قدمت من البعض ومبالغات تفخيمية في الحملات الانتخابية كنا نبغضها من غيرهم، فما الحال عندما تُذاق حلاوة الألقاب والمشي على السجاد الأحمر؟!

ونحن مأمورون أن نأخذ بظواهر الناس في الخير والشر. أما النوايا فأمرها إلى الله.
لذلك فنحن لا نقبل أبدا هذه العبارات المائعة الرمادية التي تُستخدم هذه الأيام بديلا عن عبارة "تحكيم الشريعة ومن اللحظة الأولى"، كعبارة "أجندة واضحة للتدرج في تطبيق الشريعة"، أو: "فلان لديه توجه نحو تطبيق الشريعة"، أو "سنطبق ما يتوافق مع روح الشريعة"، أو "سنسن القوانين بما يحقق مقاصد الشريعة"، أو"الحزب الفلاني سيسعى بخطوات حثيثة إلى تطبيق الشريعة"، أو "عليه أن يكون لديه نية جازمة لتطبيق الشريعة" أو "رؤية صادقة لتطبيق الشريعة" أو "جدية في الوصول بالمجتمع إلى تطبيق الشريعة"، أو: "ستكون الدولة ذات مرجعية شرعية".
هذه العبارات كلها هلامية مائعة تهرُّبية. حتى وإن استخدمت فيها كلمات الجدية والحزم والعزم والصدق.

إخواني، تطبيق الشريعة عقد! هل تقبل أن تكتب مع مالك شقة عقد إيجار صيغته: اتفق الطرفان على أن يدفع المستأجر 500 دينار شهريا مقابل أن يكون لدى المؤجِّر توجه واضح نحو تأجيره الشقة؟! هل تقبل في عقد زواجك أن يُكتب: اتفق الطرفان على أن يدفع الرجل المهر مقابل أن يكون لدى ولي المرأة نية جازمة لتزويجه إياها؟!

هل تقبل بذلك؟ هل تغني عندك النوايا حينئذ شيئا؟ كذلك تطبيق الشريعة عقد بين الحاكم والمحكوم. المحكوم يبذل الطاعة والولاء ويتعبد لله بطاعة هذا الحاكم مقابل أن يلتزم الحاكم بتطبيق الشريعة، ثم هو قبل ذلك وفوق ذلك عقد مع الله عز وجل، عقد عبودية وخضوع بتطبيق شرعه تعالى، لا تنفع فيه مثل هذه العبارات الهلامية. إن كنت لا تقبل هذه العبارات في عقد زواج أو استئجار فمن باب أولى ألا تقبلها في أخطر ما تعيش من أجله: العبودية لله تعالى بتطبيق شرعه.

كلمة "تطبيق الشريعة" منضبطة يمكن قياسها، وعبارات التوجه والموقف والتدرج والنية والرؤية والمرجعية ليست منضبطة ولا يمكن قياسها.

إذا استلم من يرفعون مثل هذه الشعارات الحكم في يوم من الأيام ثم قست قلوبهم وأصابتهم لوثة الكرسي، وأرادوا مداهنة الغرب لا خوفا على شعبهم بل خوفا على كراسيهم. فكيف سيحاسبهم شعبهم؟ إن فرطوا في أوامر الشريعة فطالبهم البعض بتنفيذها فما الذي يمنع هؤلاء الحكام الـ"إسلاميين" من أن يقولوا: (نحن لدينا التوجه الحقيقي والنية الصادقة لتطبيق الشريعة لكن في تقديرنا أن الشعب غير مهيأ، والمرحلة لا تناسب، ونرى من المصلحة أن لا نطبق هذه الجزئية من الشريعة الآن، ونحن ما زلنا نتدرج في تطبيق الشريعة حسب أجندة واضحة، وفي أجندتنا أن علينا البقاء عند هذه المرحلة للأشهر القليلة القادمة)؟

إذا طرأ الانحراف على الحكام الـ"إسلاميين" وبرروا بهذه المبررات فما الذي يمنعهم؟ خاصة وأن عقدهم مع شعوبهم كان هلاميا من البداية.

سندخل حينئذ في معركة الحكم على النوايا والاختلاف في تقدير الوضع يسمح أو لا يسمح، وما إلى ذلك.
هل بقيت هناك دروس من الأمثلة التي ذكرناها في الحلقة الماضية؟ نعم. لكن حتى لا أطيل عليكم دعونا نناقشها في الحلقة القادمة.

اسمحوا لي أن ألخص الدروس الأربعة الأولى:
1) إعلان سيادة الشريعة يحدث انقلابا في موازين ومفاهيم وقوانين المجتمع من اللحظة الاولى.

2) البديل عن هذا الإعلان هو أن تحكم الدولة بالقانون الوضعي الجاهلي!
3) من تخلى عن إعلان سيادة الشريعة فسيدخل في متاهات الباطل المتشعب.
4) إعلان سيادة الشريعة عقد لا تقبل فيه العبارات الهلامية.


خلاصة الحلقة:
إعلان تطبيق الشريعة من اللحظة الأولى هو الحق الأوحد، وهو المفهوم المنضبط المحدد المقيس شرعا والذي يحاسب عليه كل من الحاكم والمحكوم. وما عداه حكم جاهلية وباطل متشعب ومفاهيم غير منضبطة ولا محددة تؤدي إلى انحراف الحاكم والمحكوم.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-29-2012 الساعة 10:40 PM
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 09-29-2012, 02:04 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

الأهداف السامية تفجر طاقات الشعوب
السلام عليكم ورحمة الله.
أحبتي هل تذكرون في الحلقة التاسعة عندما قلت لكم:
"قد لا يطالَب العاملون للإسلام بإعلان الجهاد لتحرير بلاد المسلمين المحتلة من اليوم الأول من استلامهم للحكم" وقلت لكم في حينه: "(قد) هذه لها قصة تأتي"... ما قصة "قد"؟
عندما استلم صلاح الدين الأيوبي حكم مصر كان وضعها أليما قد لا يختلف كثيرا عن وضعها الحالي. فقد كانت ترزح تحت احتلال الدولة العبيدية المسماة بالفاطمية 200 سنة، وهي دولة مارقة من الإسلام عملت على طمس عقيدة أهل السنة والجماعة في مصر وعلى نشر الفسق والفجور. وكانت بلاد المسلمين الأخرى تتعرض لحملات الصليبيين. وعندما استلم صلاح الدين الحكم بدأ الصليبيون يشنون الحملات على مصر. ماذا فعل صلاح الدين؟ هل هادن الصليبيين وقال أتدرج في تعليم الناس الدين فقد طمست معالمه أثناء حكم العبيديين؟ بل أعلن الجهاد ووضع لشعب مصر هدفا واضحا: تحرير القدس وباقي بلاد المسلمين المحتلة. كان نور الدين قد صنع منبرا ليوضع في الأقصى. فأصبح لدى أهل مصر هدف سام عال واضح هو وضع المنبر في الأقصى.


شعب مصر المنهك المجوَّع المروَّع الممزق نتيجة حكم دولة الزندقة العبيدية لمئتي عام، عندما وضع له هدف سام عظيم: (تحرير بلاد المسلمين) أصبح شعبا عظيما، تطلعاته عظيمة، اهتماماته عظيمة، معنوياته عظيمة...فتلاشت آثار الحكم العبيدي، وكان خلاص القدس على يد هذا الشعب...فجيش حطين كان معظمه من المصريين.

هذا درس عظيم لأي حكم إسلامي سيقوم يوما من الأيام: ضع للناس هدفا عظيما تتلاشى المشاكل الصغيرة.
الطرح السائد هذه الأيام أن أي حكم إسلامي يقوم عليه أن يصلح الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي ويتدرج في فطم الناس عن عاداتهم المحرمة قبل أن يخطو أية خطوة عسكرية.
بينما التاريخ يعلمنا أن ما يحصل عادة هو العكس! الهدف العظيم يشحن همم الناس ويفجر الطاقات ويستخرج مذخور القوى.

أبو بكر رضي الله عنه، عند وفاة النبي ورِدة القبائل...وضع لأهل مكة والمدينة والطائف، وكثيرٌ منهم حديث عهد بكفر لم يمر على إسلامه سوى سنتين، وضع لهم هدفا عظيما...بعْثَ أسامة لقتال الروم عملا بأمر رسول الله. قال له الصحابة: (يا أبا بكر رُد هؤلاء توجه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة؟!) فقال: (والذي لا إله إلا هو، لو جرت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رددت جيشا وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حللت لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم). فوجه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبت على الإسلام كثير ممن فكر في الردة.

هدف عظيم: الطاعة المطلقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

لم يكن هدفا واقعيا ولا منطقيا بحسابات البشر، لكنه فجر الطاقات وشحن العزائم.
تصور معي لو قام حكم الشريعة في مصر وأطلق الحكام شعار: (مصر أمل الأمة)، أو (خلاص الأمة على أيدينا)، أو (لن ننكسر لغير الله)، أو (سنعيدها خلافة على منهاج النبوة)...شعار أخروي عظيم عال على مستوى الأمة ... كم سيكون لذلك من أثر في نفوس أهل مصر أو أي بلد؟!


هل يُتوقع حينئذ أن يطالب أحد من شعب مصر حكامه بإعطاء الحرية للفنانين والمغنين؟! هل ستطالب المتبرجة بإعطائها الحق أن تلبس ما تشاء؟! هل ستثار قضية السياحة والشواطئ والدخل الذي تدره السياحة؟! هل ستثار قضية حرية التعبير في نقد الإسلام؟! بل بمجرد وضع هدف سام فإن الناس سينسون هذه الترهات والسخافات والرأي العام سيحتقر هذه الطروحات. نريد إنقاذ أمة الإسلام وأنت تقول غناء! تريدين أن تتبرجي في دولة تطمح لإقامة الخلافة من جديد؟!

أصحاب هذه الطروحات الهزيلة سيصبحون منبوذين لأنهم يتكلمون في الدون أمام شعب يطلب المعالي. بل إن الناس سيشكون في دوافعهم ويتهمونهم بالعمالة للقوى الخارجية ولأعداء الأمة، لأنهم بطروحاتهم هذه يوهنون الروح الجهادية في الأمة ويتلفون أخلاق شبابها، وهو ما يريده الأعداء. فلا خيار للعلمانيين والمنافقين ومتبعي الأهواء والشهوات...لا خيار لهم إلا أن يتبنوا الشعارات العالية، أو أن يلجموا أفواههم ويخفوا بضاعتهم الكاسدة المقيتة. فالمجتمعات عالية الطموح تنبذ مثل هذه الطروحات.

هل كان المنافقون يثيرون مثل هذه الطروحات في عهد النبي؟ طبعا لا، لأن المجتمع الجهادي المنشغل بالمعالي سينظر إليهم باشمئزاز واستهجان.

ثم هنا نقطة مهمة جدا...عندما يضع الحكم الإسلامي هدفا عظيما فإن الترهات والمحرمات التي كانت هدفا في ذاتها تصبح في نظر أصحابها عوائق تعيقهم عن هدفهم العظيم. فبدلا من أن تبدد الدولة جهدها في إقناع الناس بترك الاختلاط والتبرج والأغاني والدخان والموضات والتشبه بالكفار في اللباس وقصات الشعر، وتخاف ردة فعل الناس من فطمهم عن معتاداتهم دفعة واحدة، يصبح المسلمون ينظرون إلى هذه الترهات على أنها تعيقهم عن الهدف الأسمى الذي وُضع لهم. فيدوسونها ويمضون إلى هدفهم. كانت بحد ذاتها أهدافا عندما كان الشعب ضعيفا اهتماماته دونية وتطلعاته دونية. أما الآن فقد تحولت إلى عوائق عن الهدف السامي، فلا يجد أية صعوبة في التخلص منها بل يمقتها ويزدري نفسه إن زاولها.

والناس إن لم تشغلهم الدولة بالحق شغلوها بالباطل! الناس إن لم تشغلهم الدولة بالحق شغلوها بالباطل.

إخواني هذا الكلام ليس ضربا من الخيال، بل انظر كيف أن شعوبا كافرة وضعت لها أهداف كبيرة باطلة، ومع ذلك فجرت طاقاتها...القادة الشيوعيون وضعوا لشعب روسيا هدف القضاء على الطبقية فأصبحوا دولة عظمى مع أنه كان شعبا كافرا في معظمه والهدف في حقيقته باطل.
الشعوب الإسلامية نفسها عندما رفعت فيها شعارات كبيرة من قيادات ليست أهلا لها كانت ذات أثر كبير. انظر إلى أثر شعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) عندما رفع في مصر مع أنه اقترن بالتغرير والانتفاش بالباطل وبأهداف قومية دونية. فكيف لو رفعته بصدق دولة إسلامية صادقة؟!

عندما يوضع نصب العيون هدف عظيم ويقف أمامك الأعداء في الطريق وتسقط الأقنعة ويظهر وجههم الكالح ويبدأ الشعب بتقديم التضحيات...حينئذ تشتعل روح التحدي والإصرار ويصبح ممنوع الأعداء مرغوبا. تأمل البلاد التي قامت فيها أنظمة إسلامية أو ترفع شعار الإسلامية بغض النظر عن صحة مناهج هذه الأنظمة...تأمل غزة وأفغانستان والصومال، على التباين بين هذه النماذج فقد قامت فيها جميعا نماذج هي في عرف الناس إسلامية. قامت الدنيا ولم تقعد، وضرب الحصار وكُثف القصف واستعلمت صنوف الأسلحة واستُعين بالطابور الخامس، ومع ذلك كله ما زاد ذلك شعوب هذه البلاد إلا إصرار على التمسك بمن رفع شعارا إسلاميا. وضع أمام هذه الشعوب الخيار: أسقطي هذه الأنظمة لتنالي الحياة والدعم والسلام، وإلا فالجوع والحرمان والذعر...فاشتعلت روح التحدي والتفت هذه الشعوب حول قياداتها التي نظرت إليها على أنها إسلامية، مع التباين بين هذه النماذج. المهم ان الشعب أحس أنه يتحدى في دينه ويساوم عليه ويُبتز. هذا مع ان هذه البلدان المذكورة ممزقة بالمجاعات والفقر والحروب الأهلية. لكن التحدي فجر طاقاتها.


المختصون بإدارة الذات يقولون ضع لنفسك رؤية ملهمة حالمة غير واقعية حتى تشحذ همتك. ولا يتأهل لقيادة الأمة إلا من لديه رؤية كذلك! حالمة في نظر القاصرين غير واقعية بمقياس البشر، لكنه يوقن أن الإيمان يصنع الأعاجيب، فكيف في هذا الزمان الذي سقط فيه الخوف وارتفعت فيه الهمم وقامت الحجة على المتخاذلين؟!

إذا لم يكن أصحاب المشروع الإسلامي واثقين من قدرة دينهم على تفجير طاقات الشعوب وتحقيق العجائب فهم ليسو أهلا بعدُ لقيادة هذه الشعوب ولن تسمح سنة الله لهم بقيادتها. لا بد أن يكون الإسلام عظيما في نفوسهم ليكون عظيما في نفوس الشعوب التي يقودونها، وإلا فإن فاقد الشيء لا يعطيه.

كانت هذه دروسا من الرجل الأول في قصة الرجال الثلاثة. الرجل الأول كان صاحب طموح عظيم، يريد أن ينقذ زوجته وأولاده من النار وأن يقاتل أعداءه، فأعلن ذلك وسعى فيه بوسعه وطاقته. ماذا عن الرجل الثاني؟ هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله.

خلاصة الحلقة: لأي حكم إسلامي يقوم...وضع هدف عظيم سيكون خير وسيلة لاستخراج طاقات الشعوب وتربيتها والتخلص من مشاكلها وفطمها عن عاداتها السلبية وتوحيدها على هذا الهدف.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-29-2012 الساعة 10:49 PM
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 09-29-2012, 02:14 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله.

الأخذ بأسباب النجاح
أحبتي الكرام لا زلنا نسير مع قصة الرجال الثلاثة. انتهينا في الحلقة الماضية من الوقفة مع الرجل الأول. اليوم نحن مع الرجل الثاني.
دعوني أذكركم بالذي فعله الثاني عندما رأى بيته يحترق:
قلنا أنه انشغل بإطفاء النار المتوجهة إلى خزانة ماله وترك زوجته المختنقة وأولاده المحاصرين، ثم صلى ركعتي نافلة وأطال السجود ودعا الله أن يطفئ النار بخارقة من عنده!
ما المقصود بالرجل الثاني في واقعنا؟ المقصود ببساطة أنه لا يكفي إعلان تطبيق الشريعة. نحن نطالب أصحاب المشروع الإسلامي بإعلان سيادة الشريعة من اللحظة الأولى، لكن مما لا شك فيه أن هذا الإعلان وحده لا يكفي.
تحت هذه الصورة الرمزية تندرج عدة أمثلة:
المثال الأول: إعلان تطبيق الشريعة مع إهمال الأخذ بالأسباب الدنيوية لرعاية مصالح الناس. لا ينبغي للدولة الإسلامية أن تظن أنها بالتزام الشريعة ستنجح وسيكون الله تعالى معها وهي مهملة للأخذ بأسباب النجاح الدنيوية من حسن سياسة لأمور الناس وهمة ونشاط وسعي دؤوب في بناء الدولة اقتصاديا وعسكريا وتبني أصحاب التخصصات في المجالات المختلفة ومن يقيمون الفروض الكفائية، والتخطيط الدقيق وتوظيف علوم الإدارة والاتصال والإعلام والعمل المضني لتوفير احتياجات الناس الأساسية من مسكن ومأكل ورعاية صحية وتوفير فرص عمل. هذا كله من تطبيق الشريعة. وإن قصرت الدولة في استكماله حسب وسعها وطاقتها فليس لها أن تتوقع نصر الله لها.
أرأيت كيف أن الرجل الثاني ترك بيته يحترق وصلى ركعتي نافلة وأطال فيهما السجود وسأل الله أن ينقذ زوجته وأولاده بخارقة من عنده؟! أليس بذلك آثما مسيئا؟ فأصحاب المشروع الإسلامي عليهم أن يستنفدوا الوسع والطاقة ويُعدوا ما استطاعوا ثم الله بعد ذلك يبارك في جهودهم بركة عظيمة.
لذا فهذه تذكرة لمن يطالب بتحكيم الشريعة بينما تراه في كثير من أوقاته سبهللا لا في أمر دنيا ولا في أمر آخرة، ولا يحسن صنعة ولا حرفة. فشلُك في حياتك العلمية أو العملية يخذل الناس عن دعوتك إلى الشريعة مهما جملت لهم المقال وحشدت لهم الأدلة. فالناس لن يتصوروا أن رجلا عالة على مجتمعه سيقيم دولة قوية ترعى أبناءها. ولن يستطيع نؤوم الضحى أن يخرج الأمة من ليلها إلى فجر جديد.
فمن يدعون إلى الشريعة لا بد أن يكونوا أصحاب همة تحيي الأمة، جادين مخلصين في مجالهم أيا كان مجالهم، الدعوة أو العلوم أو الحرف أو غيرها.
المثال الثاني: من يعلن تطبيق الشريعة ويكون صادقا في تطبيقها آخذا بالأسباب المادية لكنه يسيء التعامل مع الناس ويستثير حفيظتهم أو يسيء ترتيبَ الأولويات ويتوقع لصدقه في تطبيق الشريعة أن يرقع كل خرق، وهذا يخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال لمعاذ وأبي موسى رضي الله عنهما: ((يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا))، وإذ قال لمعاذ: ((وإياك وكرائم أموالهم)). فنحن وإن كنا نطالب أصحاب المشروع الإسلامي أن يقيموا دين الله ولا تأخذهم في الله لومة لائم ولا يتعذروا بردة فعل الشعب، إلا ان هذا لا يعني العنف في سياسة الناس. بل هم أولى الناس بالرفق والتلطف بالرعية. والقوةُ في إقامة الدين لا تعارض حسن سياسة الناس وتألُّفَ قلوبهم ومداراة سفيههم ضمن حدود الشريعة. بل انظر كيف جعل الله المؤلفة قلوبهم ممن تصرف إليهم الزكاة على الرغم من قيام الحجة وقوة الدين في ذاته...((إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه)) (مسلم).
وبما أننا ذكرنا أن إعلان سيادة الشريعة وحده لا يكفي فقد بقي مثال ثالث أقل تعلقا بقصة الرجال الثلاثة لكن يحسن ذكره هنا تأكيدا على أنه ليس الإعلان وحده هو المطلوب.
هذا المثال الثالث: من يعلن تطبيق الشريعة لكنه في الواقع غير صادق في تطبيقها أبداً. وهذا من نواحٍ عدة لا يقل سوءا عن الاستعلان بعدم تطبيق الشريعة...فهذا طريق الهلاك...(( إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد)).
لا يكفي إعلان تطبيق الشريعة. فما الفائدة من هذا الإعلان إن كانت ثروات الأمة تُعطى لأعدائها تحت غطاء عقود استثمار أجنبية جائرة وصفقات أسلحة لا تجرب إلا على أبناء المسلمين؟! ما فائدة إعلان تطبيق الشريعة في بلد إن كان يزود طائرات أعداء الشريعة بالوقود ويفتح لهم الأراضي ليقيموا فيها معسكراتهم ويعربدوا فيها وينطلقوا منها لقتل المسلمين وانتهاك أعراضهم والدوس على كرامتهم؟! ما الفائدة من هذا الإعلان إن كان الدعاة الغيورون على دين الله وعلى رسول الله الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر يُسجنون وينكل بهم، بينما يفتح المجال لكل أفاك ليتطاول على الشريعة ويبث سمومه؟! ما الفائدة منه إن كانت مساجد الله تُسلب دورها ويمنع حتى من الدعاء للمسلمين المستضعفين على منابرها إلا من سمح أعداء الأمة بالدعاء له؟! ما الفائدة منه إن كان معلنها يتخوض في مال الأمة بغير حق والملايين من المسلمين يموتون جوعا وعطشا ومرضا؟!
أليس هذا كله تعطيلا للشريعة بل حربا على الشريعة؟!
لا يرضى الله تعالى لإعلان تطبيق الشريعة أن يكون عباءة تمارس تحتها المعاصي. إنما يرضى عن هذا الشكل الممسوخ أعداء الله الصرحاء من الصليبيين وغيرِهم. فما دامت مصالحهم محفوظة وثروات المسلمين نهبا لهم وشباب الإسلام مكبلين في السجون فلا يضيرهم أبدا أن تطبق الدولة حد السرقة على الضعفاء باسم الشريعة!
بل إن هذه النماذج الممسوخة تُتخذ فزاعة للتنفير من تطبيق الشريعة، بحيث عندما ندعو إلى تطبيقها يُعيرنا البعض بهذه النماذج وكأننا نعترف بها!
ومن "يطبق الشريعة" بهذا الشكل يبرر القعود عن نصرة المسلمين، بل والمساهمة في البطش بهم، بعبارات شرعية متعلقة بحفظ الثروات والمصالح، كما التهى الثاني بإنقاذ خزانة المال عن إنقاذ زوجته وأولاده حتى احترقوا.

كانت هذه الوقفة مع الرجل الثاني في قصة الرجال الثلاثة. وقفتنا الأهم بإذن الله ستكون مع الرجل الثالث، وهي مليئة بالدروس والعبر، بغض النظر عما آلت وستؤول إليه الأحداث في البلاد التي أعطي فيها أصحاب المشاريع الإسلامية الفرصة ولكن عددا منهم فعل ما فعله الرجل الثالث، والله المستعان. فتابعوا معنا ففيها فوائد بإذن الله.
خلاصة الحلقة: لا يكفي إعلان تطبيق الشريعة، بل لا بد من الصدق في تطبيقها، وحسن سياسة الناس، والأخذ بالأسباب المادية للنجاح.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-29-2012 الساعة 02:37 AM
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 09-29-2012, 02:39 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

لماذا تضررت الأحزاب الإسلامية؟

السلام عليكم ورحمة الله.


أحبتي الكرام لا زلنا مستمرين مع قصة الرجال الثلاثة. في الواقع أعلم أن كثيرين قد يقولون: ما الفائدة من الاستمرار في القصة بل وفي السلسلة كلها وقد تحول الربيع العربي إلى خريف ومات الأمل في تطبيق الشريعة؟




أقول إخواني وبالله التوفيق: بل نحن الآن أحوج ما نكون إلى الحديث عن هذا الموضوع. قال الله تعالى: ((وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا)). وها نحن نرى كيد المتآمرين على الإسلام يضر الحركات الإسلامية في دينها ودنياها. إذن، فبنص الآية، هناك مشكلة لدينا نحن العاملين للإسلام في الصبر وفي التقوى. لم يصبر الكثيرون على سلوك طريق النبي وتحمل عواقبها، ولم يحصلوا التقوى المطلوبة في التعامل مع الواقع وامتثال أمر الله في منهج النهوض بالأمة. ولهذا ضرنا كيد الكائدين جدا.




يا إخواني تعلمنا من كتاب ربنا ومن الأمثلة المتكررة في التاريخ الماضي والواقع المعاصر أن كيد الكفار والمنافقين لا يخيف ((إن كيد الشيطان كان ضعيفا))...أنا لست خائفا من مكر أمريكا والصهاينة وعملائهما في بلاد المسلمين ولا من الجيوش العميلة والمجالس العسكرية وغيرها...فالله قد حقر أمر هؤلاء في القرآن كثيرا...((ومكر أولئك هو يبور))، ((فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم))، ((ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله))، ((وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون))، ((إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون))...هذا مع أن لديهم مئات مراكز التخطيط الاستراتيجي، وآلاف العلماء في علوم النفس والاجتماع والسياسة والإعلام والحرب لا هم لهم إلا المكر بنا، وآلاف المحطات والإذاعات والمجلات والبرامج التي تهدف إلى هدم إسلامنا...ومع ذلك كله فلا والله لا يهمني كيدهم...لأن الله تعالى وهن من شأنهم وحقر من جهودهم وأمرنا بألا نخاف منها: ((فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين))، ((فلا تخشوا الناس واخشون))




إذن من ماذا الخوف؟ من أننا فقدنا معية الله! نعم، عموم الحركات الإسلامية فقدت معية الله. فأقل مكر حينئذ يؤذيها...قال تعالى ((ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون))...ولا والله ما اتقى كثير منا الله في هذه الفترة الحرجة من حياة الأمة ولا أحسن اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم...فخسر معية الله.




قال تعالى: ((ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا))...وقد رأينا للكافرين علينا ألف سبيل، ولا يخلف الله وعده، فأين الخلل إذن؟ في إيماننا! إنما الوعد للمؤمنين...وكثير منا ضعف إيمانه بوعد الله وتعلق بالأسباب الأرضية وقدم التنازلات الذريعة واستطال طريق النبي وحرق المراحل واستعجل قطف الثمار وركن إلى الذين ظلموا...فكان ما كان من تردٍّ وفشل... ((وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون () يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا))...تعلقنا بالأسباب الأرضية الدنيوية الظاهرة وتركنا ما نضمن أن ينجز الله به وعده لنا.




وكَلَنا الله إلى أعدائنا فلم يقف مكرنا أمام مكرهم، فنحن دون معية الله أضعف منهم بكثير. ليس لدينا مركز تخطيط استراتيجي واحد وهم عندهم مئات! وليست هناك ولا دولة واحدة إسلامية الحكم وهم عندهم دول، وليس لدينا جيش إسلامي واحد وهم عندهم جيوش. ولو أننا ضمنا معية الله لكاد لنا ومكر لنا وكفانا شرهم. قال تعالى: ((إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا))...ولم يقل (إنهم يكيدون وتكيدون)...وقال تعالى: ((ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين))...ولم يقل: (ويمكرون وتمكرون)...يعلم تعالى أنا أضعف من أن نقف أمام كيدهم ومكرهم.. ((إن الله يدافع عن الذين آمنوا))، ((أليس الله بكاف عباده))...فليس لنا إلا أن نكون من الذين آمنوا ومن عباد الله بحق حتى يكيد لنا ويمكر لنا ويدافع عنا...
الخلل فينا ومنا نحن العاملين للإسلام...فالله لا يخلف الوعد، وكيد الكفار لا يضر المؤمنين، فليس لنا إلا أن نراجع أنفسنا. كثيرون الآن يمضون أوقاتهم في لطميات وتحسرات ويتفننون في لعن وشتم العساكر والمتآمرين ويجعل المشكلة في تآمرهم وكيدهم...لا يا أخي...((يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم))...لو كنا على هدىً فإن هؤلاء الضلال لن يضرونا. فلا تشغل نفسك بضلالهم بل اشغل نفسك باتباع الهدى لئلا يضرك ضلالهم.




كثيرون ينتقصون الشعب وتخاذله عن نصرة الإسلاميين وانخداعه بالإعلام الموتور...لا يا أخي...الخلل فينا. لو أننا انتهجنا منهج النبي في التغيير لأحبنا الله ولو أحبنا الله لوضع لنا القبول في الأرض كما في حديث مسلم...قال تعالى: ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)). وقد رأينا هذا القبول للدعاة والعاملين للإسلام إلى أن تعلقوا بالأسباب الدنيوية وقدموا التنازلات فخسر كثير منهم معية الله ومحبة الشعب له.


أيها العامل للإسلام لا تضيع وقتك ولا تبحث عن شماعة تعلق عليها أخطاءك ودعك من عبارات اليأس والقنوط والإحباط...واجه نفسك، الخلل منك وفيك...((قل هو من عند أنفسكم))...فقدنا معية الله ولهذا ضرنا كيد أعدائنا في الدين والدنيا...

ولهذا كله أقول: نحن الآن أحوج ما نكون إلى الاستمرار في السلسلة، وإلى فهم الشريعة فهما صحيحا، وإلى معرفة منهجية التغيير التي يرتضيها الله تعالى، وإلى معرفة الأسباب التي نحصل بها معية الله لنا في معركتنا مع أعدائنا...فإنَّ قيام الشريعة في قلوب العاملين للإسلام ضروري ليقيمها الله تعالى في واقعهم...كيف؟ بالطريقة التي يدبرها الله لنا...رأينا في الربيع العربي كيف أن الله يقلب الموازين ويعطينا فرصة من حيث لا نحتسب.




أما عندما يكون فهمنا للشريعة مشوها، ونتصور أن لإنسان أن يتحكم فيما يطبقه أو لا يطبقه منها، عندما نتصور أنه يمكن الوصول إلى تطبيقها بوسائل غير شرعية، عندما ينفر من يرى نفسه عاملا للإسلام من بعض أحكامها...عندما نتنازل عن ثوابتها مجانا ومقدما قبل الوصول إلى الحكم...فحينئذ لن يمنحنا الله شرف أن تقام الشريعة على أيدينا..فالدعاة للشريعة ينبغي أن يكونوا ورثة الرسل...((الله أعلم حيث يجعل رسالته))...لا يختار لرسالته إلا كفئا، وكذلك لا يختار لتطبيق شريعته إلا الأكفاء.




إخواني، تعظيم الشريعة في نفوسنا هو أهم أهداف هذه السلسلة...بغض النظر قامت دولة الإسلام في زماننا أو لم تقم. أهم أهداف السلسلة أن نلقى الله بقلب سليم ليس فيه شائبة تجاه شريعته تعالى الذي تعبدنا بالإيمان بها وحبها وفهمها والقناعة بكل تفاصيلها.
كان هذا استطرادا لا بد منه قبل تفكيك رمزية الرجل الثالث.




خلاصة الحلقة: نحتاج فهم الشريعة عبادةً لله تعالى ولنحصل معيته وتقوم دولة الإسلام على أرضنا.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 09-29-2012, 02:42 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

14) نجحت العملية ومات المريض!



السلام عليكم ورحمة الله
إخوتي الكرام ذكرنا في الحلقة الثامنة قصة الرجال الثلاثة الذين عادوا إلى بيوتهم فرأوها تحترق، وقلنا أن كثيرا من العاملين للإسلام فعلوا كما فعل الرجل الثالث. ما الذي فعله الثالث؟
الثالث كان أولاده في الأيام الماضية يضيعون أوقاتهم في اللعب، وجيرانه يكرهونه لأنه لم يكن يسمح لهم بإقامة حفلات رقص وغناء وشرب في بيته. والآن، العصابة التي تصب الوقود على النار تطالبه بأن يعيرهم زوجته ليلة واحدة مقابل الكف عن صب الوقود على النار. فصاحبنا هذا قبل أن يدخل البيت نادى أولاده وقال: يا أولادي اسمحوا لي أن أساعدكم وأعدكم بالسماح لكم باللهو واللعب كما تشتهون. يا جيراني، تعالوا ساعدوني في إطفاء الحريق وسأعطيكم نسخة من مفتاح البيت تفعلون فيه ما تشاؤون. أيتها العصابة الموقِدة للنار توقفي وسأدرس موضوع إعارة زوجتي لكم ليلة واحدة!


ما الذي يفعله هذا الثالث؟ يقدم تنازلات ذريعة مقابل مكتسبات موهومة...يبيع عائلته نسيئة، فيسلم البضاعة إلى مشترٍ كذاب دون أن يقبض الثمن...يقبل المساومة فيما لا يساوَم عليه، ويبيع الهدف سلفا من أجل الوصول إليه!




فالعصابة لن تكف عن إضرام النار...((ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا))، والجيران لن يصالحوه ولا يساعدوه حتى يرتع في حمأتهم وإلا فقولهم: ((أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون))، وأولاده لن يروه مخلِّصا إن أرضاهم بسخط الله...فمن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. فمكتسباته كلها موهومة، لكنه قدم ثمنا باهظا مقابل هذا اللاشيء حين قبل المساومة على زوجته وحرمة بيته وأخلاق أولاده.


هل لا زال هناك داعٍ لتفكيك رمزية القصة؟ الزوجة ترمز للشريعة، والأولاد للشعب، والعصابة للدول الغربية، وجيران السوء هم العلمانيون والمنافقون وأعداء الشريعة من بني جلدتنا الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا.

صاحبنا زعم في البداية أنه يريد إنقاذ زوجته وبيته وأولاده. رأى الهدف مستحيلا بالمقاييس المادية، فتنازل عن الهدف في سبيل الهدف! باع زوجته وأولاده ليحصل -بزعمه- ما ينقذ به زوجته وأولاده. وليحصل السلم دفع الهدف ثمنا للسلم! حتى إذا ما صعد السلم لم يجد إلا فراغا لأنه باع ما صعد من أجله. ماذا استفاد صاحبنا إن سُمح له بالفعل بدخول البيت وتهدئة الحريق إذا كان المقابل أن يسلم الزوجة للأعداء والأبناء للأهواء وحرمة البيت لمن ينتهكها؟!


وكذلك ماذا يستفيد الإسلاميون إن وصلوا إلى الحكم بعد أن كان الثمن التخلي عن الشريعة، وإشراك العلمانيين في الحكم والنزول عند الرغبات الفاسدة لطبقة من الشعب؟!

ماذا يستفيدون من الوصول حينئذ إلا كما قيل: نجحت العملية ومات المريض؟!




عندما نقول: "إسلاميون" أو "أصحاب المشروع الإسلامي" فما الذي يميزهم؟ ما بضاعتهم، ما هدفهم؟ قال الله تعالى: ((الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر)) كل معروف وكل منكر...وما هذا إلا إقامة الدين...إقامة الشريعة.
((وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم))...هذا المطلوب: الاستخلاف وتمكين الدين.



فما الفائدة إن سوومنا على هذا الهدف الذي من أجله نريد الحكم وبعناه من أجل الوصول إلى الحكم؟ هل يُقبل أن نبيع الهدف من أجل الوسيلة؟
تريد مثالا آخر؟ تصور أنك علمت بدار أيتام مدراؤها لئام، لا يكسون هؤلاء الأيتام بل يتركونهم عراة. أشفقت عليهم فذهبت ومعك كيس من الملابس لتكسوهم وأنت تنشد أناشيد المجد في نصرة المظلوم ونجدة الأيتام. على باب دار الأيتام قيل لك ممنوع إدخال الأكياس. ساومت وحاورت فأصر المدراء اللئام. قلت: لا بأس، أدخل وأكسوهم من ملابسي. فرضيت وتركت الكيس على الباب. دخلت وظننت أن الأيتام بالانتظار فإذا بباب آخر يقول لك حارسه: ممنوع الدخول لمن يرتدي معطفا. فخلعت المعطف وتنازلت عنه، فسمح لك بدخول الباب، فإذا بباب آخر وآخر وآخر. ووصل بك الأمر أن ليس هناك إلا ما تستر به عورتك المغلظة فقلت في نفسك: لا زال هناك ما يمكن أن أقدمه للأيتام، فلعلهم يرونني أستر عورتي فتتوق أنفسهم إلى الستر فيسعون معي إلى الثورة على هذه الإدارة الجائرة اللئيمة. أصبح هذا هو سقف الطموحات للذي كان ينشد على باب الدار أناشيد المجد. فهل يا ترى لو علم من أول باب حجم ما سيتنازل عنه وحجم ما سيكسبه لقبل الصفقة؟ أم أنه خالف قول الله إذ قال: ((ولا تتبعوا خطوات الشيطان))، الشيطان الذي ((يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)).




إخواني، المكتوب مقروء من عنوانه. أعداء الشريعة عراة عن طاعة الله والعبودية له، فيغيظهم أن يروا مستورا، ولن يدخل في سدة حكمهم من خلالهم إلا من اتبع ملتهم وأصبح عاريا مثلهم يقف حارسا على الباب معهم ليمنع دخول المستورين. فما الفائدة إن وصل الإسلاميون إلى الحكم وتركوا على الباب الشريعة التي من أجلها أرادوا الحكم؟
فأيها العاملون للإسلام: حددوا هدفكم: أتريدون الدولة لأجل الدولة أم تريدونها لإقامة الشريعة وتحقيق العبودية لله؟ إن كنتم تريدونها لإقامة الشريعة فإياكم أن تتنازلوا عن الهدف من أجل الوسيلة.

أعلم أن كلامي هذا سيثير كثيرا من الاعتراضات. فهناك من سيقول: نحن بدخولنا في العملية السياسية لم ندَّع أننا نريد إقامة الشريعة بل نريد تحسين الوضع ما استطعنا، وقائل سيقول: لماذا اعتبرت المكتسبات موهومة، وليست حقيقية؟ وقائل سيقول: لماذا تقول أننا تنازلنا عن الشريعة؟ نحن لم نتنازل عنها.
الإجابة عن هذا كله ستأتي بالتفصيل في الحلقات القادمة بإذن الله. لكن حتى ذلك الحين أتمنى من العاملين للإسلام الذين دخلوا العمل السياسي البرلماني وممن يؤيدون مسلكهم هذا أن يجيبوا في أنفسهم عن الأسئلة التالية:
1) ما هو هدفكم تحديدا من الدخول في هذه العملية؟
2) ما هي التنازلات التي قدمتموها في البداية، أو بلغة البعض المفاسد التي قبلتم بها؟
3) ما هي المكتسبات أو المصالح التي من أجلها رضيتم بهذه المفاسد؟
4) هل لا زالت المكتسبات التي رجوتموها في البداية قائمة أم أنها بدأت تتساقط والطموحات تضيق؟
5) إن كان الجواب عن السؤال السابق أن المكتسبات المرجوة تدنت، فهل عدلتم في التنازلات بما يتناسب مع حجم المكتسبات؟
6) هل تعتبرون أنفسكم كإسلاميين في العمل السياسي حاليا ممكنين أم مستضعفين؟




هذه أسئلة أتمنى من كل عامل للإسلام انخرط في العمل البرلماني والانتخابي وممن يؤيد دخوله فيها أن يجيب عنها لنتعاون معا في الحلقات القادمة على معرفة إلى أين يسير العمل الإسلامي الحالي وهل لا زال محافظا على البوصلة أم لا؟


خلاصة الحلقة: الوصول إلى الحكم ينبغي أن يكون وسيلة ،تُتخذ بطريقة شرعية، الهدف منها تطبيق الشريعة وإقامة الدين. فمن الخطورة أن نتنازل عن الهدف من أجل الوسيلة.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 09-29-2012, 02:49 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

15 ) العمل الإسلامي وفقدان البوصلة!






إخوتي الكرام من المعلوم أن من أهم أسباب النجاح لأي مشروع وضوحَ هدفك ومعرفةَ حجم قدراتك ومتابعة الإنجاز ثم التعديل في وسائلك وتخطيطك بحسب هذا الإنجاز.


ولذا فقد ختمت الحلقة الماضية بأسئلة ستة موجهة للإسلاميين المنخرطين في العمل البرلماني الانتخابي الدستوري ولمن يؤيد مسلكهم لنعرف إلى أين يسير هذا العمل.
دعونا الآن نتعاون معا في مناقشة الأسئلة الستة:
السؤال الأول: ما هو هدفكم تحديدا من الدخول في العملية الديمقراطية؟

المتتبع لتصريحات الإسلاميين البرلمانيين يلاحظ ارتباكا في تحديد الهدف. فمرة يكون الهدف المعلن "إعادة الخلافة الإسلامية التي ستكون عاصمتها القدس الشريف، وأن نعيد للأمة هيبتها". ومرة يكون الهدف "تقليلَ الشر والمحافظة على بقايا الهوية الإسلامية ومنع فلول الأنظمة الفاسدة من استلام الحكم مجددا لأنها إن استلمت فلن يعبد الله في الأرض".

مرة يكون الهدف "إقامة الشريعة وأسلمة مؤسسات الحكم ومؤسسة الجيش" ومرة يكون مجرد "الصدعِ بالحق في البرلمان وتدريب الكوادر الإسلامية على العمل السياسي وتخفيف الضغط على الدعوة وأخذ حصتنا من الكعكة مع إقرارنا بأن البرلمان ليس هو الطريق إلى إقامة الشريعة".
فهل الهدف فعليا هو إقامة الشريعة والخلافة أم مجرد إصلاحات جزئية؟

الحاصل أن كثيرا من الإسلاميين البرلمانيين إذا ما أرادوا حشد التأييد الشعبي لهم فإنهم يبرزون ويرفعون الشعارات الرنانة والأهداف العظيمة (كالخلافة وتحكيم الشريعة).


ثم عندما يواجَهون بالحقيقة المرة أنكم قد أضعتم أوقاتكم وشتتم جهودكم وميعتم قضيتكم بسلوككم طريق البرلمانات والانتخابات يكون ردهم: نحن لم ندَّع أصلا أننا نريد تحكيم الشريعة من خلال هذا الطريق، إنما نريد تقليل المفاسد وإتاحة مساحة من الحريات لدعوتنا.

هذه الازدواجية غير مقبولة. عليهم أن يحددوا الهدف من البداية بدلا من دغدغة مشاعر الناس بشعارات وطموحات يقرون هم أنفسهم أحيانا أنها لا تنال من خلال الديمقراطية.



ثم لا يُقبل من صاحب المشروع الإسلامي أن يكون كمن يخرج من بيته ويسير هائما على وجهه لا يدري إلى أين يتجه...((أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم)). فلا بد ابتداء من تحديد الهدف، لأسباب، منها:

أولا: أن الارتباك في تحديده يمنع الإسلاميين من مراجعة حساباتهم ومعرفة مدى نجاحهم المرحلي في تحقيق هدفهم، إذ أن هذا الهدف الذي يريدون تحقيقه غير محدد.
ثانيا: أن كثيرا من الذين قعدوا وأصلوا للمشاركة البرلمانية اشترطوا لجوازها أن يكون الهدف منها تحقيق مصلحة عامة كبرى شمولية ووضعوا ضوابط للتنازلات التي يمكن أن تقدم في المقابل. وإذا بنا نرى الإسلاميين الذين يحتجون بفتاوى هؤلاء العلماء يتحللون من الضوابط ويقدمون التنازلات دون حد ولا قيد، وفي مقابل ماذا؟ في مقابل مصالح –أي أهدافٍ- جزئية ثانوية مظنونة، لا عامة ولا كبرى ولا شمولية.

إذن مطلوب من الإسلاميين البرلمانيين الإجابة بوضوح عن هذا السؤال: ما هو هدفكم تحديدا من الدخول في العمل البرلماني الرئاسي الدستوري؟
وهذا السؤال ينبني عليه ما بعده.

السؤال الثاني: ما هي التنازلات التي قدمتموها في البداية، أو بلغة البعض المفاسد التي قبلتم بها؟
لا يخفى أن العمل الإسلامي البرلماني قدم تنازلات ذريعة كالاعتراف بقواعد اللعبة الديمقراطية واحترام دساتير تجعل حق التشريع لغير الله تعالى وإشراك العلمانيين ورهن تطبيق الشريعة بموافقة البرلمان والتأكيد على أنها لن تطبق دفعة واحدة، إلى غير ذلك مما سيأتي بيان عدم مشروعيته بالتفصيل إن شاء الله.

يأتي السؤال الثالث: ما هي المكتسبات أو المصالح التي من أجلها رضيتم بهذه المفاسد؟
في الواقع، حتى يبرر الإسلاميون البرلمانيون لأنفسهم ولمؤيديهم ولخصومهم التنازلات المذكورة فإنهم كثيرا ما أعلنوا أهدافا أو مكتسبات ومصالح عامة شمولية كبرى كتطبيق الشريعة وأسلمة نظام الحكم وإعادة عزة الأمة، إلى غير ذلك.

ومع قناعتنا بأن الأهداف العظيمة لا تنال بالتنازلات إلا أن عظم الهدف برر في أنظار الإسلاميين البرلمانيين عظم التنازلات، فأصبحت التنازلات صغيرة نسبيا ومسوغة في أنظارهم. واجتهدوا في التقليل من شأن هذه التنازلات والاستهانة بخطورتها وحاديهم في ذلك: عظم الهدف. كالاستهانة بالقسم على المحافظة على دستور يجعل التشريع لغير الله ما دام الهدف إقامة الشريعة؟!

مرت الأيام ولم تبدُ أية بادرة لتحقق الأهداف، لكن بقي الأثر المشؤوم وهو الاستهانة بالتنازلات...فتكرس هذا الاستخفاف في نفوس الإسلاميين البرلمانيين ومن يؤيدهم في مسلكهم. وهذا ينقلنا إلى:

الرابع: هل لا زالت المكتسبات التي رجوتموها في البداية قائمة أم أنها بدأت تتساقط والطموحات تضيق؟
طبعا عندما نرى أن العمل البرلماني فشل في فرض أية إرادة على مؤسسة الجيش، وأن البرلمانيين لم يستطيعوا بالطرق الرسمية ولا حتى إخراج أخواتنا النصرانيات الواتي أسلمن من جدران الحبس الكنسي في بلادهم فإنه يصبح من الهراء والهزل والضحك على النفس أولا ثم على الناس أن يُتكلم عن إقامة الخلافة الإسلامية وإعادة الهيبة إلى الأمة وإخراج الأمة باكملها من سجن التبعية للغرب بالطرق الرسمية ذاتها! إذن فالواقعية تقتضي منهم أن يعترفوا بأن المكتسبات تتساقط والطموحات تضيق.

فنتوقع من الإسلاميين البرلمانيين أن يقولوا الآن هدفنا هو إتاحة بعض الحريات للدعوة، وعدم ترك مؤسسة الحكم للعلمانيين والفلول، ومنع الفساد الإداري والمالي وإجراء بعض الإصلاحات الاجتماعية. وهذه مكتسبات جزئية ثانوية مظنونة غير قطعية، تنقلنا إلى:

السؤال الخامس: هل عدلتم في التنازلات بما يتناسب مع حجم المكتسبات الجديدة الثانوية نسبيا؟
نذكر الإسلاميين البرلمانيين: أنتم عندما قدمتم التنازلات الكبرى بداية، قدمتموها من أجل أهداف كبرى. بعبارة أخرى: رضيتم بمفاسد كبرى من أجل مصالح كبرى.

تدنت المصالح جدا، فهل قللتم التنازلات جدا في المقابل؟
للأسف، ما نراه هو العكس: زيادة التنازلات جريا وراء هذا السراب المسمى بالمكتسبات والمصالح. وكلما انتبه الإسلاميون إلى اختلال التوازن الذي افترضوه بين المكتسبات والتنازلات خدر شعورهم أمران:
الأول هو الاستهانة التي تكرست في نفوسهم بالتنازلات التي قدموها، فبعد أن كانت تنازلات صغيرة نسبيا أصبحت صغيرة بشكل مطلق.

والثاني: هبَّات الادعاءات غير الواقعية بأنه لا زال من الممكن تحقيق الهدف العظيم (إقامة الشريعة) بهذا الطريق الذي سلكوه. وهذه الهبات ناتجة عن التخبط والارتباك المذكور آنفا في تحديد الهدف.

بل العجيب أنه بعد ظهور فشل التنازلات في تحقيق حتى هذه الأهداف الجزئية الثانوية استننتج كثير من الإسلاميين البرلمانيين أن ما عليهم فعله هو زيادة التنازلات!! كمن يشرب من ماء البحر ولا يرتوي. بانَ لهم أن عدوهم لن يسمح لهم بالتغلغل في أجهزة الحكم وهم يحملون أية صبغة إسلامية فكان الاستنتاج: إذن فلنتخفف من حِمل الهوية الإسلامية حتى نشارك في الحكم، فباعوا الهدف من أجل الوسيلة وفعلوا كما فعل صاحبنا الذي أراد أن يكسو الأيتام كما ذكرنا في الحلقة الماضية.

وصدق الله تعالى إذ قال: ((ولا تتبعوا خطوات الشيطان)).
إذن كما رأينا ازدواجية وارتباكا في تحديد الهدف، فهنا أيضا ازدواجية وارتباك في الموازنة بين التنازلات والمكتسبات:

عندما يُعترض على التنازلات الخطيرة التي يقدمها الإسلاميون البرلمانيون يبررونها بأنها تُبذل من أجل أهداف عظيمة، ثم عند مواجهتهم بعدم جدوى المسلك البرلماني يتمسكون باحتمالية تحقق الأهداف الجزئية الثانوية!

أخيرا: السؤال السادس: هل تعتبرون أنفسكم كإسلاميين في العمل السياسي حاليا ممكنين أم مستضعفين؟

وهنا نرى ازدواجية أيضا! فعند الحديث عن المكتسبات المرجوة من الخوض في العمل البرلماني, يتكلم الإسلاميون البرلمانيون بنبرة الممكَّن...فهم يتكلمون عن انقلابة في الدستور وأسلمة مؤسسات الحكم وتغيير القيادات الفاسدة في الجيش...وهذه جميعا لا يقوم بها إلا ممكَّن. وعند لومهم على التنازلات وعلى تصريحاتهم بعدم نية تطبيق الشريعة من اللحظة الأولى يتعذرون بالاستضعاف. فلنحدد قدراتنا وإمكانياتنا كإسلاميين، هل نحن ممكنون أم مستضعفون؟ الممكن له دوره و واجباته ووسائله. والمستضعف له دوره و واجباته ووسائله، ولا ينبغي الخلط بين الوضعين. لا ينبغي أن تخوض هذا المخاض البرلماني زاعما أنك ستحدث انقلابا كبيرا في الأوضاع ثم إذا بك تضفي شرعية على النظام الجاهلي وتنفذ أجندته وتفقد هويتك وتميزك ثم تتعذر بالاستضعاف.

لا يخفى أن ما سبق جميعا يمثل حالة من الارتباك وفقدان البوصلة التي أصابت العمل الإسلامي كانت بدايتها القبول بتقديم تنازلات عن ثوابت منهجية باستدلالات غير منضبطة كما سيأتي بإذن الله.

كانت هذه إضاءات سريعة أتمنى من كل من يؤيد الخوض في اللعبة الديمقراطية أن يتأملها. ويستحضر أثناء ذلك قول الله تعالى: ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله))، وما رواه البخاري عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: ((لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به.
فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ)).

• وأظن أن هذه الحلقة تحتاج أن تعيد قراءتها مرة أخرى في ضوء هذه الآية وهذا الأثر.
في الحلقة القادمة سنتعاون معا بإذن الله لنحدد الهدف الذي ينبغي أن نسعى من أجله جميعا كعاملين للإسلام.

خلاصة الحلقة: القبول بالتنازل عن الثوابت جر العمل الإسلامي إلى متاهات خسائرها كثيرة مقابل مكاسب موهومة. فعلى الإسلاميين تحديد هدفهم ومعرفة أنه لا ينال بالتنازلات.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-29-2012 الساعة 10:53 PM
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 09-29-2012, 02:52 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

16) فستذكرون ما أقول لكم
السلام عليكم ورحمة الله.



إخوتي الكرام ذكرنا في الحلقة الماضية أن على الإسلاميين الذين خاضوا اللعبة الديمقراطية أن يحددوا هدفهم من مسلكهم هذا بوضوح: هل هو تطبيق الشريعة أم إصلاحات جزئية؟




أما إن كان الهدف تطبيق الشريعة وأسلمة المجتمع فإنه ليس من سنة الله تعالى أن يأذن للمؤمنين بالوصول إلى هذا الهدف العظيم من خلال التنازلات والمشاركة في لعبة تجعل التشريع لغير الله تعالى. والله تعالى هو الذي قرر أنهم ((ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا))، وهم –كأسيادهم من اليهود والنصارى- لن يرضوا عن أحد حتى يتبع ملتهم. وقد مكروا مكر الليل والنهار وحبكوا دساتيرهم وقوانينهم وسدوا منافذها أمام من يحلم بأن يطبق الشريعة من خلالها...




• وقد كان من أكبر الأخطاء التي وقع فيها بعض الإسلاميين في أيامنا هذه الغفلةُ عن هذه الحقائق وتوهم أن الجاهلية تهادنهم إذا هادنوها والاغترار بوعود أعداء الشريعة الذين أوهموا الإسلاميين بإمكان الوصول إلى تطبيق الشريعة بالطرق الرسمية.


وأود هنا أن أذكر معنى كلام سيد قطب رحمه الله في ظلال قوله تعالى:
((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْلَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) ))




(هنا تتجلى حقيقة المعركة وطبيعتها بين الإسلام والجاهلية...إن النظام الجاهلي -بطبيعة تركيبه العضوي- لا يسمح لعنصر مسلم أن يعمل من داخله, إلا أن يكون عمل المسلم وجهده وطاقته لحساب النظام الجاهلي, ولتوطيد جاهليته! والذين يخيل إليهم أنهم قادرون على العمل لدينهم من خلال التسرب في التجمعات الجاهلية, والتميع في تشكيلاتها وأجهزتها هم ناس لا يدركون الطبيعة العضوية لهذه التجمعات، هذه الطبيعة التي ترغم كل فرد داخل هذه التجمعات أن يعمل لحسابها ولحساب منهجها وتصورها...لذلك يرفض المؤمنون أن ينخرطوا في الأنظمة الجاهلية...
وهنا يفصل الله بين المؤمنين والطغاة الذين يقفون في وجه الدعوة:
((فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين () ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد)).
ولابد أن ندرك أن نصر الله للمؤمنين على الطغاة إنما يكون بعد تمايز المؤمنين ومفاصلتهم للطغاة على أساس العقيدة، ولا يكون هذا النصر أبدا والمؤمنون متميعون في النظام الجاهلي, عاملون من خلال أوضاعه وتشكيلاته, غير منفصلين ولا متميزين عنه).




إذن كما قال الإمام مالك: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قبل: (فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله). ولم يعز الله أول هذه الأمة بالتنازلات بل بالثبات والتضحيات.




لقد صدَّر الغرب الديمقراطية إلى العالم الإسلامي لا لتكون بديلا عن الديكتاتورية، بل لتكون بديلا عن الإسلام. لذا فهي ديمقراطية مشروطة بألا توصل الإسلاميين إلى الحكم، بل هذا هدفها! وقد صرح الساسة الأمريكان وأذنابهم بذلك مرارا، أن الديمقراطية ليست لأعداء الديمقراطية.
الديمقراطية لا توصل إسلاميا إلى الحكم، وإن أوصلته فبعد أن تنزع منه إسلاميته. كما تعرى صاحبنا الذي أراد إنقاذ الأيتام، وإن بقي في هذا الإسلامي بقايا هوية إسلامية فسينقلب عليه أرباب الديمقراطية ويكفرون بديمقراطيتهم كما كان أهل الجاهلية يصنعون الصنم من العجوة ثم يأكلونه إذا جاعوا.




ونذكر الإسلاميين البرلمانيين بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه العراقي وحسنه الألباني: ((تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج نبوة)).
لاحظ...بعد الملك العاض لم يقل النبي أنه سيكون هناك إسلام ديمقراطي ثم خلافة على منهاج النبوة. هذا لن يكون. ستبقى الأمة ترزح تحت الملك العاض والحكم القهري إلى أن يشرِّف الله ثلة صافية المنهج بأن تعيدها خلافة على منهاج نبوة.




ليست الديمقراطية هي الطريق. وإن كان بعض الإسلاميين يستسهلها ويراها طريقا محفوفة بالورود قليلة التضحيات فيسلكها من أجل ذلك فهو كرجل أراد الوصول إلى قمة، لكنه رأى طريقها وعرة موحشة.
ورأى في المقابل طريقا ممهدة محفوفة بالورود فيها من يأنس بهم، لكن عيبها الوحيد أنها ليست مؤدية إلى القمة، بل عكس اتجاه القمة فما تزيده عن القمة إلا بعدا. فآثر صاحبنا أن يسلك هذه الطريق! وما الفائدة في السير سريعا وبسهولة إذا كان عكس الاتجاه المطلوب؟!




ونسأل الإسلاميين البرلمانيين: هل لديكم مثال واحد من التاريخ أتى فيه فقه التنازلات بدولة إسلامية وتحكيم الشريعة؟ استعرضوا التاريخ وأتونا بمثال واحد. وبعد هذا كله فالواقع يشهد وستتكشف الحقيقة أكثر فأكثر يوما بعد يوم، أنه لن تقوم للإسلام قائمة بطريق التنازلات والبرلمانات والدساتير الوضعية بل لن تزيد هذه الطريق المشروع الإسلامي إلا بعدا عن إقامة الدين.
((فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله)).
ستبدي لك الأيام ما كنت خافيا ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ


إذن، نقول للإسلاميين البرلمانيين: كونوا واضحين وصرحاء مع أنفسكم وقولوا: إنما هدفنا إجراء بعض الإصلاحات وتقليل المفاسد.
حينئذ نقول: العمل الإسلامي والمشروع الإسلامي أجل من أن يكون ترقيعيا ترميميا يرتق فتق النظام الجاهلي. ثم لو كانت إصلاحاتكم الجزئية هذه دون تقديم تنازلات عن ثوابت عقدية ودون المفاسد الخطيرة الكارثية التي نتجت عن تنازلاتكم، لقلنا لا بأس. أما أن تعملوا من داخل النظام الديمقراطي وتضفوا عليه الشرعية وليس من ثم إلا مكاسب ثانوية هزيلة، ويكون هذا كله باسم الإسلام، فهذا إسفاف بالإسلام وتهزيل لصورته.


الأنظمة الجاهلية هي كأبنية أسست على شفا جرف هارٍ، آيلةٍ للسقوط. دورنا نحن العاملين للإسلام أن نقول للشعوب: (هذه الأبنية آيلة للسقوط، اخرجوا منها، لا تشتركوا أيها الناس في العملية الديمقراطية). ليس دورنا أن ندخل في هذه الأبنية ونجري ترقيعات وإصلاحات جزئية ونسد الشقوق. فالبناء فاسد غير قابل للإصلاح. وترميماتنا هذه خداع للشعوب وتلبيس عليها وتضييع لوقتها في هذا البناء الذي سينهار. ولذلك فعندما ينهار ستزدرينا الشعوب وتلقي بنا في زوايا التاريخ المعتمة مع الهيكليات المهترئة التي سعينا إلى ترميمها.



أما لو حذرنا هذه الشعوب من هذا البناء وقلنا لها تعالي أيتها الشعوب فهذا البناء الجاهلي سينهار، تعالي لنبني بناء جديدا على أسس سليمة، فإنه بمجرد أن ينهار البناء الجاهلي سيصدقنا من كان يتشكك وينضم إلينا من كان يخالفنا ويثق بنا من كان سماعا لكذب أعدائنا ويزيد التفاف الشعوب حولنا. هذا دورنا، ليس دورنا أن نكون ورقة توت تستر عورات الهيكليات الجاهلية وتطيل بقاءها.


ختاما، فليتذكر الإسلاميون أنهم عندما أعلنوا هويةً إسلاميةً في عملهم السياسي المتعلق بحُكم الناس فإن ذلك يتضمن أن تكون أهدافهم هي أهداف الإسلام الذي يحملونه. فهل يرتضون للإسلام الذي أنزله الله نظام حياة شاملا يخضع الناس لسلطان الله فحسب أن يكون هذا الإسلام ترقيعيا ترميميا؟
خلاصة الحلقة: إن كان هدف الإسلاميين من التنازلات واللعبة الديمقراطية تطبيقَ الشريعة فهذا الهدف أجل من أن ينال بهذه الوسيلة، وإن كان الهدف ترقيعات جزئية فالإسلام أجل من أن يكون هذا هدفه.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 08:31 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.