( القسم الرمضاني ) { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
إن الإنسان يُعذر في تردده بين تقدم وتأخر عندما يكون الله عز وجل ابتلاه بطبع، يعني لا أقارن واحد الله ابتلاه أن يكون شحيحاً بواحد ربنا ابتلاه بأن يكون كريماً. والابتلاء بمعنى الاختبار، أقول له: انظر كيف أخوك ما شاء الله لا يأتي له راتب إلا ويدفع منه. لا يصح هذا الكلام، لماذا؟ لأن هذا لم يبتلى مثل هذا، ونقول له: أنت الشهر الذي سبق كنت متقدم ماذا حدث لك؟ يفهم أن ساحة الجهد القوي عند هذا هي هذه النقطة.
المقصد: أن العلم النافع هو علم يأخذه الإنسان ويحوله إلى يقين، ليس مجرد معلومة. كم من المرات نتكلم عن كمال صفاته؟! كم مرة نقول: ربِّ الناس، ملك الناس، إله الناس كم مرة نقول؟! أين إحساسنا بربوبيته وملكه ـ سبحانه وتعالى ـ وكمال صفاته ـ سبحانه وتعالى ـ ؟ كل هذا فيه ضعف، نتيجة معلومات لكن لا يوجد عين بصيرة ترى هذه المعلومات وتحولها إلى اليقين. يكفي أنا وقفت عند هذه الآية والباقي سيأتي لكن أريد أن تتصوروا أثر العلم على الإنسان . أمليكم أرقام الآيات التي مضت لأنها غدًا سوف تكون موضوع نقاشنا: (مررنا على آل عمران 18، وسنمر على النساء 162 وسنمر على الإسراء 107 - 109 ،) وفي المسند وغيره من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) لاحظ نحن نتكلم عن العلاقة بين الإيمان والعلم، الإيمان نهايته إلى الجنةـ نسأل الله من فضله ـ والعلم نهايته للسالك فيه للجنة، فاستووا في النهاية، فالعلم هو الذي بالإيمان الذي تكون النتيجة الدخول إلى الجنة. (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع) لماذا هذا الوصف بالذات؟ الملائكة الذين وصفهم الله أن لهم أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء، وفي رواية عن جبريل: أن له ستمائة جناح !! وهم خلق الله العظيم لماذا تأتي لطالب العلم الضعيف في بنيته وقدرته يمشي على الأرض فتضع له أجنحتها؟! يعني هذا طالب العلم لابد أن يحمل ذلاً عظيماً لله، ذل وانكسار قوي فيه الدور الذي من أجله خُلق، هو خلق عبداً، هناك أناس يخرجوا عن هذه العبودية وهذه الوظيفة، وهناك أناس يلزموا هذه الوظيفة لكنها ليست بقوة وليست بأدب، وهناك أناس عندهم قوة قيام بهذه الوظيفة عبودية ذل قلب منكسر، فهذا يرحل وقلبه منكسر لله فأتت الملائكة العظام لهذا الذليل المنكسر لربه فذلت له وضعت أجنحتها له رضًا بما يصنع تواضعاً منها لهذا المنكسر. ومما يشهد لهذا الحديث المعروف:((من تواضع لله رفعه)) فتصوري عبد يأتي منكسر ذليل يبذل جهده وأنفاسه واهتمامه في أن يعرف ربه، في أن يعرف ماذا يحب ربه؟ ماذا يحب الله؟ هذا من أعظم اهتمامات هذا العبد، من هو الله؟ هذا من اهتماماته، يسعى لذلك وهو ذليل يريد بهذا العلم أن يزداد عند ربه فكان هذا الجزاء من جنس العمل، سعى ذليلاً، فذلّ له العظماء. (وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء) ولك أن تتصور كيف العلم سبب لزيادة الإيمان؛ يعني إذا الملائكة تضع أجنحتها لهذا، وإذا الحيتان في البحر تستغفر له ! من في السماوات: يعني الملائكة. من في الأرض: عدي من في الأرض إلى أن تبلغي لأعظم مخلوق موجود في الأرض وهو الحوت، واعلم أن هذا الحوت الذي يكلموك عن عظمته وعن ارتفاعه وإلى أخره هذا له علاقة بك وأنتِ طالبة علم تطلبي العلم وتعلميه، ماذا يفعل لك؟ يستغفر لك، فمن المؤكد أن إيمانًا يزيد، يعني الملائكة وهذه الدواب التي تدب على الأرض أو التي تسبح في البحر كلها تسأل الله أن يغفر لك ذنبك، فيمشي طالب العلم على الأرض طاهراً، فإذا كان طاهراً خالياً من الذنوب، فإذاً هذا موعود بزيادة الإيمان، أصبح عمله سببًا لزيادة إيمانه.
|
#12
|
||||
|
||||
لابد أن تتصوري العلاقة العظيمة، في الحديث الآخر: (حتى النملة في جحرها) ولذلك لا تمر عليك النملة يا طالب العلم كما يمر عليك أي شيء، ترى أنت لك علاقة بالنملة كما لك علاقة بالحوت ما علاقتك؟ هذه من بين ذكرها وتسبيحها لربها تخصّك باستغفار، فانظر كيف العلاقة العظيمة. ماذا تتصور قلب عبد وحال عبد يستغفر له هؤلاء؟ أنت تعرف كم عدد الملائكة ؟! عدد عظيم، إذا كان البيت المعمور يدخل له كل يوم في رواية مئة ألف وفي رواية سبعون ألف لا يعودون إليه مرة أخرى ! كم عددهم يعني ؟! وكل هؤلاء يستغفرون لك. ولما الأطهار يستغفرون لبني آدم ماذا تظن أنه حادث ؟ فأكيد أن يكون قلبك مهيأ لزيادة
الإيمان، لابد أن يكون هذا الطريق سببًا لزيادة الإيمان. ثم يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب) كثير من يقول: أنا الآن حاسس في قلبي إيمان وحب للدين فلأدخل مباشرة على العمل لأن الناس يحسبون إنجازاتهم بكم ركعة صليت؟ وكم جزء خلصت؟ هكذا نفكر فماذا يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى نتجه كما ينبغي ؟ ماذا يقول ؟ (وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب) تصور واحد يعبد وواحد يطلب العلم، الذي يطلب العلم فضله على العابد كفضل القمر المنير الذي يشترك مع الكواكب في علوه وفي كونه كوكبًا ، لكن يزيد عليهم بأنه منير، ينتفع هو وينفع غيره، وهذا وجه المقارنة والفارق بين هذا وذاك. ((وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا دينارًا ، ولا درهما إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) يقال لك: هذه تركة فلان هذه ورثة فلان تعال لك نصيب فيها، هكذا العلم والأنبياء، أنت الآن يقال لك: ترك لك النبي-صلى الله عليه وسلم-هذه الورثة هذه التركة، تعالي خذي نصيبك منها، من هذا أحد يأتي ويقول له: ترى فلان الفلاني العظيم ترك لك شيء من الميراث تعال وخذه؟ من هذا الذي يترك؟ ثم لما يكون هذا العظيم هو النبي الكريم على ربه، من هذا الذي يبخل على نفسه أن يقبل على الميراث؟ لكن المحروم من حرمه الله. لابد أن هناك علة أشغلتنا عن هذا، وهذه العلة ستظهر لنا في سورة الحديد وسورة يونس وستظهر في مواطن عدة أن هناك علة أشغلتنا، والله ـ عز وجل ـ يقول {وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ }[1] أين أنتم يقوم عن دار السلام؟ ما الذي أشغلنا عن دار السلام؟ فقط اقرأ الآيات التي قبل ستعرف ما الذي أشغلنا عن دار السلام، وهذه هي وقفات التأمل التي نرجوها، من أجل أن يتبين لنا ما الذي صرف قلوبنا عن هذا الميراث عن هذا الأمر عن هذه العلاقة. يعني تصوري تدبي على الأرض ودواب الأرض تستغفر لك تدبي على الأرض وأهل السماء يستغفرون لك، هذا كله أمر مدهش، لكن أين يذهب هذا الاهتمام؟ أين تذهب هذه الرعاية والعناية التي المفروض تكون بعد ما نعرف هذه المعلومات. [1] سورة يونس:25
|
#13
|
||||
|
||||
وفي الترمذي وغيره من حديث أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، إن الله عز وجل وملائكته وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)) يعني تصور النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته عند الله ومكانته في الطاعة والعبادة، وتصوري أدنى الصحابة وأقلهم طاعة وعبادة، تصوري ارتفاع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليهم شيء عظيم، يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا الارتفاع العظيم مثله مثل واحد صلب العلم فأصبح عالماً وواحد يعبد بدون علم، ولهذا وأنت مقبل على المواسم العظيمة لا تظن كل الغاية أن تعبد، هذه النتيجة، لكن الوسيلة العلم، العلم يزيد الإيمان والإيمان يأتي بالطاعة بالعمل.
(حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) الفرق بين هذه الرواية والرواية السابقة الصلاة عن الاستغفار، والصلاة لفظ قريب جداً من الإيمان. ما معنى أن يصلون؟ يصلون يعني: يقولون يا ربنا صلي على فلان، يعني اثنِ عليه في الملأ الأعلى، ارض عنه، اقبله يا ربنا. فمن النملة إلى الحوت وهم يقولون: يا ربنا اقبله يا ربنا صلي عليه يا ربنا اثني عليه في الملأ الأعلى، تتصور العلم هذا كيف يشعب علاقاتك، وأنا أتصور نفسي وأنا أدرس في غرفة لوحدي أنا والكتاب وربنا معنا صحيح، لكن ها أنت والكتاب أنت والقرآن أنت والعلم أنت وهذا الاجتهاد يشعبوا علاقتك بكل من في الأرض بل حتى إلى أهل السماء، فماذا تريد بركة أكثر من هذه البركة؟ ومن المؤكد أن قوماً يستغفرون وقوماً يثنون هذا كله ماذا سيؤثر في القلب؟ لابد أن يكون سببًا لطهارة القلب ونقائه وزيادة إيمانه. فالعلم كما هو معلوم ليس مقصودًا لذاته وإنما هو مقصود لغيره وهو كما هو معلوم العمل، فكل علم شرعي طلبه إنما يكون حيث يكون وسيلة إلى التعبد إلى الله تعالى. متى يكون العلم مطلوب؟ كل علم وسيلة يوصلك للتعبد إلى الله، علم يأتي بالإيمان والإيمان يأتي بالعمل يأتي بالطاعة. ندخل الآن في التفاصيل لنحدد أهداف لنا قريبة وأهداف طويلة المدى. عندنا ثلاثة أهداف: · قصيرة. · ومتوسطة. · وطويلة. الطويلة هذه تحمل العمر كله، القصيرة تحمل الشهر الذي نحن فيه ليس الذي انتهى بل الذي سيبدأ ـ إن شاء الله ـ والمتوسطة تحمل الثلاثة شهور كلها. سأتفق معكم على برنامج خلال هذه الشهور بحيث يكون متواصل وليس كلام نسمعه في ثلاثة أيام وبعد ذلك يذهب كما يذهب، لا، نريد أن يكون متواصلاً. نكتب لنفسنا بعد ما نفهم هذا الإجمال الذي هو أبواب العلم التي تسبب زيادة الإيمان، نكتب لأنفسنا خطة نسير عليها قصيرة المدى وخطة متوسطة المدى ثم طويلة المدى اسأل الله أن يفتح علينا فيها. نبدأ ألآن: أول باب من أبواب العلم وأهمه وهو المصدر وهو ما نتقرب إلى الله به دائمًا، وهو قراءة القرآن الكريم، والقراءة لابد أن يكون قرينها التدبّر. ونحن في خطة قصيرة المدى لمدة شهر، المفروض أن تضعي من أهدافك أن تختمي القرآن في هذا الشهر مع ملاحظة ما سنتفق عليه، يعني كأني أقول في شهر ستة سأتفق أن ألاحظ كذا وأنا اقرأ، وفي شهر سبعة ألاحظ كذا وأنا اقرأ في كتاب. هذا كله مبني على ماذا؟ مبني على اعتقاد ما قال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[1]، إذاً أنت تفهمين أن ما أخبرك الله به في كتابه ماذا يفعل بك؟ يأخذ بناصيتك إلى الهداية يأخذ بك إلى الهداية. أنا أقرأ القرآن من سنين ولا ألاحظ الهداية، ما ألاحظها مع اعتقادي أنه يهدي لكن أنا لا ألاحظها في نفسي ولا أجد جواباً شافياً لكثير من أسئلتي ؟! ما المشكلة؟ المشكلة فينا أكيد. فهم الخطاب ليس على ما يليق، يعني الله يخاطبني بخطابات أنا لا أنظر لا لأولها ولا لأخرها ولا ألاحظ أن هنا خطاب يقول {يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} وهنا خطاب {اتَّقُواْ اللَّهَ} وهنا خطاب {كُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}[2]{وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}[3] هذه الخطابات كلها لمن؟ فاعتقادك أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم لازم يبنى عليه أن الخطاب أصلاً لي من أول القرآن لأخره. وسأتكلم عن مشاعر تلحقنا وتسيء لنا ونحن لا نشعر، تسيء لإيماننا تسيء لعلاقتنا بالقرآن، سنتكلم عن أمرين في هذه المسألة: نحن تمر علينا آيات فيها ذكر للفواحش للزنا للربا لشرب الخمر للقتل للسرقة كل هذا يمر علينا ونحن عندنا حاجز نفسي يقول: أنا لا علاقة لي بها! هذا الذي في قلوبنا، وعلى هذا أي [1] سورة الإسراء:9. [2] سورة التوبة: 11 [3] سورة الأحزاب:70
|
#14
|
||||
|
||||
خطاب تخويف من السرقة ومن شرب الخمر كله ليس لي علاقة به، وعلى ذلك آتي على جزء من كتاب الله أتجاهل مشاعري اتجاهه! أنت تقولي: أنا الحمد لله متربية تربية جيدة وفي بيئة محافظة ونحن بعيدين عن هذا كله. نقول: ما دام الخطاب أتى لك فالمفروض تخاطب نفسك به، لما تركنا زمنًا طويلاً مثلًا: أن نعرف الخمر والآيات التي أتت في التشديد عليها، بعد ذلك يأتي في مدرستي يأتي في معهدي ولا يأتي في موقف عام أحد يقول: ولدي والعياذ بالله يستخدم كذا وكذا ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟ إني أتذكر آية أو أتذكر اسم أوصفة من أسماء الله توعد الله فيها على شارب الخمر وما في حكمه، لا أستطيع، لا أتذكر أبداً هذا الأمر، ثم من قال أنك محفوظ من الشر لو ما استعذنا بالله منه؟ المفروض كل هذا عندما يمر هذا أن نسأل الله أن يحفظنا ويحفظ أبناءنا ويحفظ ذريتنا وأبناء المسلمين. سيمر معنا ـ إن شاء الله ـ قول لأبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يدعو في سجوده (اللهم احفظني من الزنا والربا وشرب الخمر) فكانوا يقولون أأنت يا أبا هريرة ؟!يقول(ومن يأمن قلبه !!) من يأمن قلبه وأنتم تعرفون للأسف كل شيء بدأ يحيط بنا، لا تتصوري الأمور بعيدة.
نحن قبل عشر أو ثنتي عشرة سنة كانت الأسئلة التي تأتي على سؤال على الهاتف أو نور على الدرب أنا أذكر في عام 1420ه ـ جاءت فترة طويلة وراء بعضها ـ وقبلها كثير ـ يسألوا يا شيخ أنا عندي قريب يشتغل في بنك هل آكل عنده أو لا ؟ يخاف من فحوى الربا، لا يريدون أن يأكلوا عند واحد هو يشتغل في البنك، فقط عشر سنوات وهذا الدخن دخل بيوتًا كثيرة ! أليس هذا الواقع؟ بلى والله، انظر الربا يلي كنا في لحظة نقول هذا من المواضيع الذي لا يحتاج فيه وعظ الذي هو موضوع الربا وعدم دخوله، يعني في ثمان عشرة و تسع عشرة كنا نقول: لا الربا والكلام عنه الناس خائفين أصلاً، ذهب الخوف وتبُدّل بالأمن وصار الإنسان لا يفكر يرى لوحة مكتوب عليها هيئة شرعية في بنك يدخل بدون تفكير، ولا يعرف أنه ممكن يحدث تلاعبات. تصوري حرب يحارب الله ورسوله، واستهان بذلك! ما الذي حدث؟! كنا نمر على هذه الآيات فلا نجد في نفوسنا خوف منها. لا أريد أن أتكلم عن الزنا ولا أريد أن أتكلم عن شرب الخمر، لكن أنت انظر إلى المسألة بصورة عامة وكوني على أشد خوف، والله إننا نرى أقداماً تذل في الكبائر وهم كانوا قبل قليل من المأمنين لأنفسهم أنهم لا يذلون. فعلى هذا لما تقرأ كتاب الله لا تأتي عند نصوص وتحجز نفسك عنها بأنه ليس لك علاقة، طبعاً الأسوأ من ذلك أن أتي عند النفاق الذي يقول ابن أبي مليكة التابعي الكبير أدرك من الصحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثلاثين بين امرأة ورجل كلهم يخشى على نفسه النفاق وهم الصحابة. هذه نفس المشاعر التي نحملها نحن بل أشد اتجاه النفاق نحن نرى أن النفاق عند المنافقين فقط، راجع نفسك ستجد لدرجة لو أتيت وقلت لك تعرف السور التي ورد فيها النفاق؟ إذا طلعت تطلع بسورة التوبة، ولا تدرك أن سورة النساء تتكلم عن صفات عظيمة طبعاً زائد على سورة البقرة والكلام عن المنافقين، في أول السورة تجد سورة النساء تتكلم عنهم إلى أن تصل إلى سورة الحديد والقرآن يكلمك عن المنافقين وبعد ذلك يقال لك: تعرف نصف السور المدنية أتت في النفاق، يعني ماذا تريد؟ تريد أن تترك نصف المدني وترى نفسك لست من أهل خطابه ؟!! هذه مشكلة حقيقية أن نحجز نفسنا عن النصوص بمشاعر أن هذا الخطاب ليس لي. ولو فهمت النفاق جيداً وعرفت أن النفاق أهله في الدرك الأسفل من النار كما ورد في سورة النساء، وعرفت أن المنافقين يدخلون في كل موطن يقال فيه {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ماذا ستفعل لو فهمت هذا فهماً جيداً؟؟ إذا هذا ليس لك علاقة به لا الكبائر ولا نفاق، ولا كفر، والأعمال لا أستطيع فهمها من القرآن ووصوفات الجنة صعب علي أن أعرف دقائقها من القرآن ووصوفات النار أيضاً نفس الأمر، إذاً ماذا بقي؟ نقرأ ماذا نفهم؟؟! أنت مخاطب بكل القرآن لأتذكر آية فهمتني كيف أصلي أو كيف أتوضأ في القرآن؟ أين قرأتيها؟هل تذكريها؟ هل تعرفينها؟ نجد نفسنا ندور، طيب إذا النفاق تركناه وإذا الكبائر تركناها وإلى أن نصل إلى الأعمال ونحن لسنا متقنين، إذاً ما هي العلاقة بيننا وبين القرآن؟ أين {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}؟ أي أقوم؟ أي هداية؟ فنحن حصل عندنا بعد ما استعملت القرآن كأداة لسانية حجزت نفسي عن الانتفاع به، لابد أن تشعر أن كل كلمة في القرآن أنت مخاطب بها. يعني مثلا: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[1]، ماذا تشعر نفسك ميت أم حي؟ عندك نور أو ليس لديك نور؟ أين هذه الأسئلة لي؟ يعني واحد كان ميتاً أحياه الله وجعل له نوراً يمشي في الناس، أنا من في هذه ؟؟ لازم أقف أنا أعرض نفسي عليه، ومن أجل ذلك تأتينا قاعدة في كلام السلف أنهم يعرضون أنفسهم على القرآن، أنا من في هذا؟ [1] سورة الأنعام:122
التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 06-03-2013 الساعة 12:23 AM |
#15
|
||||
|
||||
هناك سؤال غاية الأهمية والحقيقة أن هذا السؤال كثيرًا ما يجده الصُلاّح من الخلق ولا يجدون عليه جواباً: وهو أن هناك مَن يلازم على عمل الطاعات ولا يجد في قلبه أثر لزيادة الإيمان بل أحياناً يحس ببعض الهموم بل يصرّ على كبائر الذنوب، فهل هناك أسباب أخرى لزيادة الإيمان غير عمل الطاعات ؟؟ جواب هذا السؤال هو ما كنا نؤكد عليه، القصة ليست بأن تأتي بواحد من الأسباب وتعتقد أن هذا السبب سيأتي بالنتيجة، المسألة مركبة تركيباً لا ينفصل، لازم تتعلم ولازم تحول هذا العلم إلى يقين.
ألم نتفق أنها ثلاثة أسباب إجمالية؟ السبب الذي في الوسط هو الذي مهمل، عندي طلبة علم لكن يتلقون معلومات ولا يعبدون الله بعبادة عظيمة اسمها عبادة التفكر. وعبادة التفكر عبادة مهجورة من جهة النقاش، مهجورة من جهة العمل وهي أحد صفات أولو الألباب، أليس في آل عمران نسمع عن هؤلاء المباركين الكُمّل أنهم ماذا يقولون؟ {يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ}[1] فتسبيحهم وتنزيههم لربهم مبني على علم مع تأمل وتدبر وتفكر فكانت النتيجة الحقيقية اليقين. أسباب زيادة الإيمان ما علاقتها في لقائنا؟ ما موضوع لقائنا؟ استعد لرمضان بالإيمان، يعني الاستعداد لمواسم الطاعة يكون بالإيمان. سنستعد لرمضان بالإيمان لماذا؟ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(( ((مَنْ صام رَمَضَانَ))، ((((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا))[2]وبعد ذلك قلنا احتساباً مبني على إيماناً. لو زدت إيمانك النتيجة أنك ستغتنم الأوقات الفاضلة، ستوفق ستعان على الأوقات الفاضلة. كيف أزيد إيماني؟ قلنا أن هناك مَن ناقش هذه المسألة مناقشة إجمالية · أولاً: تعلّم العلم النافع · ثانيًا: التأمُّل في آيات الله الكونية · ثالثًا: الاجتهاد في الأعمال الصالحة والمداومة عليها تنبيه: هذه الأسباب لا يصلح الأخذ ببعضها وترك بعض، ولا يصلح إلا تركيبها وترتيبها بعضها فوق بعض. يعني لازم تمشي وتتعلم وفي خط موازي لهذا العلم تتأمل والناتج أنك ستعمل أعمالاً صالحة. اترك العمل لأنه يعتبر ناتج من الاثنين السابقين، وهو بنفسه سبب لزيادة الإيمان، العمل يعتبر ناتج من 1و 2 وهو بنفسه سبب لزيادة الإيمان. لنركب تعلم العلم مع التفكر ، ونتجه اتجاه آخر ونناقش قضية غاية في الأهمية (عبادتي التدبر والتفكر) على أن أناقشها سبباً لزيادة الإيمان. نتدبر: يعني نقف أمام كلام الله، وأيضاً كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم. بقي علي عبادة التفكر، ترى التدبر والتفكر كلاهما قراءة، واحد يقرأ في كتاب الله المنظور الذي تراه العين في الكون، وواحد يتدبر ويقرأ في كتاب الله المقروء وهو القرآن الذي نسميه (عبادة التدبر). ماذا نعتقد في عبادة التفكر؟ هل تعتقدين أن هذه عبادة تتقربين بها إلى الله وتؤجرين كعبادة الصلاة والصيام؟ نعم عبادة، بل عبادة للأصفياء الأتقياء ، عبادة للخواص، عبادة يعبدها الخواص. لماذا لها هذه المكانة؟ لماذا تقولون الخواص يعبدون الله بالتفكر؟ لأن التفكر شاهد على عدم الغفلة، الذي يتفكر تفكره يشهد عليه أنه غير غافل، والذي يكون غير غافل يكون قلبه معلّق شديد الصلة شديد التنبه، يأتي إلى كل أنواع ذكائه. قلنا كما تعلمون سابقاً أن الذكاء متعدد ليس كلنا سواء ليس الكلام القديم أن الذي ممتاز في الحساب هو الذكي لا، الناس عندهم أنواع من الذكاء متعددة، من بينها: ذكاء الأماكن ، يعني الواحد يكون في مكان ويعرف الشرق من الغرب، والشمال من الجنوب هذا عند كثير من الناس صعبة، أنت الآن لما تفكري سبحان من جعل هناك جهات ، سبحان من جعل إشراق الشمس إشارة إلى الشرق وغروبها إشارة إلى الغرب شيء عجيب، انظر إلى الكون هذا مرتب ترتيباً عجيباً، فهذا التفكر يشير إلى واحد طول الوقت يقظ إلى أفعال الله ينتبه لها الإنسان على قدر ما رزق من ذكاء. ما نوع الذكاء الموجود عندك؟ هناك ناس عندهم نوع ذكاء لغة، إذنه شديدة الحساسية للأصوات يسمونه (ذكاء الأصوات ) يستطيع أن يميز هذا صوت فلان وهذا صوت فلان يميز اللحن لواحد رفع المنصوب ونصب كذا يميز، فهذا الإنسان الآن كل ما كلمتيه عن اللغة وعن الصوت يتأمل ويتفكر، سبحان من علم الخلق اللغات! سبحان من يسمع الأصوات! يتفكر يعني هو عنده هذا الأمر ويرى نفسه نبيه له فيربط هذه النباهة التي عنده بما جعله الله في الكون. من علم الناس اللغة ؟ الجواب في سورة الروم. [1] سورة آل عمران:191 [2] سبق تخريجهما ص6.
|
#16
|
||||
|
||||
فتأتي المسألة المهمة، انظر التأمل يجب أن يكون مبني على التعلم، التفكر يجب أن يكون مبني على التدبر. مثلاً: اليوم نحن لما أتينا إلى الدرس أكيد شعرتم بالريح لطيفة، والله عز وجل في كتابه يقول {يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً}[1] الآن أنت عندما أحسست بالريح هذا إحساس وعندما يكون عندك علم أن الله نسب لنفسه هذا الفعل الذي هو إرسالها، فواحد يقظ عندما يشعر بالريح ينسب الفعل لله، اليوم الريح ليست فوق لا تحس أن الشجر يتحرك تحس الشيء الذي في الأرض يتحرك، فتصبح شديدة الملاحظة، حتى الريح أنواع لا يحتاج أن أفتش في الجغرافيا ولا في الجيولوجيا، أنت الآن بعينك بنظرك على مستواك ترى في الأرض التراب يتحرك والأشياء وأرفع نظري للأشجار أجدها لا تتحرك سبحان الله، من حدّه إلى هنا؟ الذي يرسل الريح، وإذا كانت الريح فوق ترسل سحاباً، لكن أنت لم تفهم الأفعال إلا عندما تعلمت العلم، عندما تعلمت العلم ستسأل نفسك من علم الناس يطرقوا مسمار؟ الذي علمهم يبنوا السفينة، متى تعلموا يبنوا السفينة؟ في نوح، فتش في قصة نوح، هل أخبرنا عن هذا المسمار؟ نعم، ستجده مخبراً عنه، تستعجب. يعني لا تتصوري أنه سيزيد الإيمان بمجرد وقوفك للشواهد، شخص يخرج من قلبه، الآن الله هو الذي يرسل الرياح، إذاً هذا دليل على أنه رب كل شي، هذا الآن الكلام النظري، داخل قلبك: كل ما شعرت بالرياح ستنسب فعل إرسالها لله حركت توحيد الربوبية. فأنت من الأول تقولي: لا إله إلا الله، وتمسك لا وتكنسي وتخرجي كل أحد من قلبك إلا الله، وتجعليه فارغاً لتعظيم الله ومحبته، فكل مرة تتعلم شيء وتشعر به في الواقع يزيد كنسك لكل أحد يزيد إخراجك لكل أحد. فالتفكر عبادة الخواص حقاً، والحقيقة لا يلام الناس على تقصيرهم في التفكر، ربما يلام طلبة العلم على عدم تكراره وإرشاد الناس له وتبين طريقته العملية، وهذا نوع من التقصير لابد التفكر يكون عبادة يدرس حتى تفاصيل ممارستها من أجل أن لا تشط عقولنا، ولا يقصد بالتفكر فقط أن تنظر للمسألة مثل الإعجاز العلمي لا، المسألة كثير أعمق من هذا، تحتاج إلى ملاحظة ما تتعلمينه في الواقع . وربما نحن أخذنا وقت طويل ونحن نتكلم في التفكر لكن تفكر أفعاله علينا، وهذا دائمًا كنا نطرحه في اسم الرب، ونقول: رب يربي عباده، لاحظي أفعاله عليك ستعرف كيف يؤدبك، تحكي لي أخت موقف بسيط وصدقًا وقع، كانوا يتناقشون وهم في ظهر الجمعة فيتكلمون عن انقطاع الماء في البيوت، فقالت: انقطاع الكهرباء أهون من انقطاع الماء، فقالت قريبتها: لا تقولي هذا والله ربنا يؤدبنا بعد ذلك، والله تقسم أنه لم تنتهِ نصف ساعة حتى انقطعت الكهرباء عليهم ونزلوا في الأسفل وتصوروا أن الحي كله انقطع، أذن المؤذن العصر يعني معناه المسجد فيه كهرباء!! خرجوا وجدوا المصعد يشتغل في نفس العمارة التي هم بها!! ماذا حدث؟ بيتهم من دون كل الحي، انظر إلى تربية الله، هذا نوع من التفكر. ربما هذا طرح كثيراً وتأملانا فيه كثيراً، بقي النوع الثاني من التفكر وهو تفكر آياته في الكون على وجه العموم وربط الآيات التي ندرسها الموجودة في الكون بالحياة. [1] سورة الروم: 48.
|
#17
|
||||
|
||||
سؤال: أنتم تقولون أن الأعمال الصالحة سبب لزيادة الإيمان، وأنا اجتهدت وعملت أعمال صالحة ومع ذلك أرتكب الكبائر وأفعل وأفعل؟
الجواب: الثلاثة أسباب التي ذكرت مبنية بعضها فوق بعض، لابد أن تحصّلها بالترتيب، يعني تتعلم وبعد ذلك تتفكر سواء في فعل الله فيك أو في فعل الله في الكون، ثم تبدأ تجتهد في العبادة، اجتهادك سيجعل قليل العمل منك سبباً لزيادة إيمانك، قليل العمل منك يعامله الله باسمه الغفور الشكور، لكن تركك للترتيب يسبب أنك ترجع تصبح عابد ولست عالمًا، فخرجنا من جديد عن المقصود في ترتيب أسباب زيادة الإيمان. سأبدأ بالكلام عن تعلم العلم النافع: تكلمنا كيف أن العلم النافع سبب لزيادة الإيمان، ويكفيك أن الملائكة تستغفر لك،أهل السماء يستغفرون لك أهل الأرض يستغفرون لك، المخلوقات التي خلقها الله ـ عز وجل ـ تستغفر لك، إلى أن بدأنا كيف أتعلم العلم النافع؟ قلنا: أهم طريقة لتعلم العلم النافع هو : قراءة القرآن وتدبره، وأنت عندما تقرأ القرآن ماذا تعتقد؟ أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، هذا الاعتقاد الذي تعتقده أولاً، ثم تعتقد أنك في ظلمة والقرآن ماذا يفعل بك؟ يخرجك إلى النور. طول ما نحن نحس أننا في نور لن نشعر بقيمة وجود القرآن في حياتنا، لابد أن تشعر أنك في ظلمة معنوية حقاً، حتى تجد في كتاب الله ما يرشدك إلى مرادك، ولهذا أنت دائماً لديك أسئلة استفهام كيف أعامل كذا؟ كيف أتصرف كذا؟ كيف أهتدي في كذا؟ ماذا أفعل؟ الآن أنا حالي ما اسمه؟ أنا وضعي الآن ما حاله؟ يعني الآن تمر في أزمة وبعد ذلك يأتي الشيطان ويقول لك: تدعي وتحسب أن ربك سيستجب لك؟ أصلاً أنت ملآن ذنوب وذنوبك إلى السماء وإلى آخره، اذهب للمصحف واقرأ {يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}[1] وهذا المضطر اسم لشخص وقع في الاضطرار بدون وصفه لا مؤمن ولا كافر، لا تائب ولا فاسق، اسمه فقط مضطر، إذاً أنا اسمي مضطر أدخل تحت هذه الآية، مهما كان حالي: · مذنب · تائب · قريب · بعيد هذا الكلام يخاطب به حتى أهل الكفر · وأهل الإيمان. يعني أنت في هذه الحالة اسمك مضطر. الآن آتي لنفسي وهذا في الغالب يمر علينا وقت الخميسات آتي في موقف وأجد نفسي وقت ما يكون عندي ضيوف كثير وآكل قليل أقول:(بسم الله، اللهمّ بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار) المرة القادمة عندي ضيوف ولديّ أكل كثير وأنا في قلبي مطمئنة أنه سيكمل وسيكفي ولا يوجد أي مشكلة، أنا الآن هذا مع هذا ما اسمي؟ ابحث عن هذا الوصف، هل هذا وضع طبيعي الذي أنا فيه؟ والناس يقولوا لك: طبعاً عندما يكون الأكل قليل أكيد ستخاف وتطلب ربنا، عندما يكون كثير خلاص لا توسوس، وبعد ذلك تذهب إلى سورة الليل وأنت تقرأ وتسمع الله عز وجل يوصف الذي سييسره لليسرى والذي سييسره للعسرى، {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى{5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى{6} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى{7} وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8} وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى{9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10}} يعني في واحد اتقى وواحد استغنى، أنا من في هؤلاء اتقى أم استغنى؟ إذاً أنا مرة أتقي ومرة أستغني، متى أستغني؟ كل مرة يغنيني الله فيها، يصير أنا أستغني عن الله بما أعطاني الله، أنا ما اسمي في هذه الحالة التي تمر هكذا سريعاً؟ انظر هذه الحالة سريعة هذه تمر على الإنسان ويمارسها، وربما يمارسها في طعامه وشرابه ولباسه حتى في زواج أبنائه، عندي بنت متوسطة الجمال وعندي بنت جميلة، هذه متوسطة الجمال كلما قمت ودعيت يا رب زوجها رجل صالح، والثانية خلاص جميلة كأنها تحل مشكلتها بنفسها، هذه المشاعر بالضبط هي مشاعر استغنى، فانظر كيف نمارس هذا، ما اسمي أنا هذه الحالة التي أمر بها ما اسمها؟ [1] سورة النمل: 62.
|
#18
|
||||
|
||||
فأنت كلما صدقت في إرادة معرفة وتشخيص حالك وتطبيب قلبك لا بد أن تجد العلاج لقلبك في كتاب الله، لا بد يقينا، لكن أنت ادخل عليه بهذا اليقين والله يرشدك الله. فالعلم رزق، وهذا الرزق لا يؤتى إلا لصادق. هناك طالبة علم ـ جزاها الله خيرًا ـ أن مسألة ضاقت عليها سنين وهي تبحث وكلما تشرح لأحد لا يفهم سؤالها، ثم يأتي أحد يهديها كتاب، ويقول لها: هذا من مطبعتنا ونحن ما عندنا غير هذا الكتاب وإلا كان أعطيناك كل إصداراتنا أول ما تفتح الكتاب بعد ثلاث سنوات تجد المسألة مبحوثاً بحثًا كاملاً، رزق من عند الرزاق سبحانه وتعالى، لكن المهم ينظر لقلبك وأنت حقًا مجتهدًا تريد؛ يا ربي دلني أنا من الآن؟ ما حالي؟ هل هذا الذي أمر به شيء طبيعي أم غير طبيعي؟ هل هذا يرضيك ولا ما يرضيك يا ربنا؟ هذا الذي يجب أن يقوم قلبنا به من أجل أن نرزق من هذا الكنز العظيم الذي بين أيدينا من أجل أن نستضيء بهذا النور، ألم يصف الله ـ عز وجل ـ في سورة الأنعام {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}[1] كم مرة شعرنا أنفسنا في ظلمة؟ الحقيقة أننا لا نشعر أننا في ظلمة، ولذلك لا نشعر اتجاه القرآن بأنه نور، ولا هذه الكلمة تأتي كما ينبغي، كم مرة شعرنا أننا ضلال نحتاج إلى الهداية؟ لا نشعر.
ربما هذا المثل ضربته سابقاً؛ كل مرة تضيع فيه وأنت ذاهب مشوار ثم تقضي زمناً طويلاً من أجل أن تعود تذكري هذا هو الضلال في الدنيا عن الطريق، كيف تتوتر أعصابنا ونحن ضائعين ونفتش عن المكان وعندنا موعد ولا خائفين أن نتوه، كم تتوتر الأعصاب؟ تصور هذا الضلال في الدنيا، وفي النهاية لازم تسأل أحد ليرشدك، وفي النهاية عدت ولم تأخذ الموعد، لكن كيف عندما الواحد يضل عن طريق ربه؟ يضل عن الجنة؟ وكيف عندما الواحد يهتدي إلى الجنة؟ هذه هي المشكلة التي نعيشها ما وصف القرآن وأوصافه؟ لم تدخل إلى القلب، وصفه أنه نور، وصفه أنه هداية من الضلالة، لأنني لا أحس أنني في ظلمة، ولا أحس أنني في ضياع وضلالة، من أجل ذلك لما يقال لك: القرآن نور لا يقع في القلب هذه المشاعر، لكن لابد أن تشعري أننا في ظلمة. والله كل ما لا نعرفه عن الله ظلمة، نعيشه في ظلمة، كل المواقف التي تحدث لنا ولا نستطيع أن نعرف ما الذي يجب أن تكون قلوبنا؟ ما الذي يرضي الله الآن؟ معناه أننا في شيء من الظلمة، خصوصاً لو أهملناها، خصوصًا لو نظر ربنا إلى قلوبنا ونحن غير مبالين أن نعرف ماذا يحب ربنا؟ هذه مصيبة لوحدها، يعني أتي في موقف أقول لنفسي: والله لا أعرف ما هو الصواب فقط وانتهى الموضوع وأرحل كأن شيئًا لم يكن، يجب أن أحترق، يجب أن ينظر الله إلى قلبك وهذا هو مكان الاختبار أنك حقًا تريد ما يرضيه، فهذا كله يذوب الحواجز التي بينك وبين كتاب الله، فتجدين المعلومة كأنك وجدت كنزاً. وهذا الذي يفسر لك حال السلف أنهم قد لا يباتون ليلتهم فرحًا بعلم تعلموه، لماذا؟ لأن واحد يعتقد أنه وجد كنزاً وهو حقًا كنز. أيضاً ما نعتقده في كتاب الله إنه الشفاء لأمراض الصدور من الشبهات والشهوات، ويمكن أن يمر على الإنسان وهو يقرأ في كتاب الله شيء من تلبيس الشيطان. وأنبهكن عزيزاتي: أول ما تقبلون على كتاب الله تريدون أن تتدبروا كلام الله، يشبّه عليكم الشيطان الأمور! ويدخلكم في مشاعر تخافون منها، وتقولون: لا، أقرأ وأنا لا أفهم من أجل أن لا أتكلم على ربنا شيء في قلبي شيء ليس صحيح، نقول: اسمع الله ـ عز وجل ـ يقول: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [1]ما دام أنت داخل على القرآن بالإيمان يصبح شفاء ورحمة لك لتكن مطمئن. سأضرب مثلاً: الآن لو أتينا في وصف الجنة نجد أنها وصفت أنها ظل ممدود، يأتي أحد يقول: لكن أنا أعرف أن الظل يأتي من الشمس، لكن الجنة لا شمس فيها، فكيف ظل ممدود؟ يأتي الشيطان يقول هذا الكلام، فعندما تتعلم تعرف أن العرب تقول: في ظل السلطان، في ظل أوامر فلان فالعرب تعبّر عن الظل ليس فقط في الظاهرة الفلكية وهي ظاهرة الشمس وانعكاس الظل، العرب تقول على الشيء العظيم الذي له أثر كريم (أنا عشت في ظل تربية فلان) أي عن الشيء العظيم الذي له أثر كريم يقولون عنه أن له ( ظل ) فهذه الجنة فيما يوصف أن فيها شجرة لها ظل يسير الراكب فيها وليس الماشي مائة عام ولا يقطعها، فما ظلّها؟ ( خيراتها، فما ظلها؟ عظمتها، فما ظلها؟ وافر أوراقها. وهذا مما يزيد الشوق لذاك المكان، ويزيد الاجتهاد في للوصول من أجله، لكن المقصد أن تفهم أن الشيطان يأتي فيشبّه عليك بعض الأمور، وأنت تقول: صحيح كيف ظل ولا يوجد شمس؟ نقول: فقط خطوة واحدة، ولو طلبت وأنت صادقة فهمها سيأتيك، تفتح تفهم سيطرد عنك الشيطان، ليس الحل أن تقول: أنا سأهرب، ولو دقّقت زيادة وفهمت زيادة ستظهر عندي إشكالات. نقول: هذا القرآن شفاء لما في الصدور. المقصود أن الشيطان لن يتركك في أول الإقبال، فأنتِ ادحري الشيطان بالاستعاذة والاستعانة ومزيد الجهد والصدق ويدفعه الله. لازم يأتي في الأول يشوشك، يقول: كل آية اقرأها لا أرى أنها تزيدني إيماناً، أرى أن قلبي يتكلّم عن ربنا، استعيذي أكثري من الاستعاذة، كل مشكل يحصل لك يجب أن نرشد كيف نتعلمه؟ كل أمر شبهه على عقلك لا تعظميه إنما استعذي سيدلك الله لابد أن يرشدك الله. المهم أن تعرف بأن القرآن شفاء لأمراض الصدور من الشبهات والشهوات، وإذا كان شفاء لابد أن تعرف أن الدواء دائماً في أوله غير مستساغ، لكن يجب أن تعرف أن بعد الدواء شفاء، لأن الذي أنزله وعد بالشفاء، ماذا يقول سبحانه وتعالى في يونس؟ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [1] يعني هي موعظة لكل الناس وشفاء وهدى ورحمة لواحد مقبل على القرآن وهو مؤمن به. المرارة من تلبيس الشيطان، المرارة من حرصه على إضلالك من بغضه. تصور أنه فيما يُذكر عن قتادة ـ رحمه الله ـ ـ وهو يتكلم عن الحج يقول ـرحمه الله ـ:(يعُدّ الشيطان لكل موكب حج بمثله) يعني هذه حملتنا خارج فيها ثلاثمائة حاج يعد الشيطان ثلاثمائة شيطان مع هذه الحملة من قوة العداوة، كيف أربعة أيام تخرج من الذنوب كما ولدتك أمك؟ كيف تفوته؟ عداوة لازم تتخذه عدواً.فدائماً أول الأعمال الصالحة فيه تشويش، لكن هذا التشويش إنما جعله الله وترك إبليس يفعله اختباراً لك، تتمسك بحبال الله أم تنفرط عليك المسألة؟ [ [1] سورة الأنعام: 122. [1] الإسراء:82 1] سورة يونس:57
التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 06-03-2013 الساعة 03:08 PM |
#19
|
||||
|
||||
الاستعاذة عبادة تؤجر عليها كالذكر كالصلاة كقراءة القرآن: يلجأ فها القلب ويفزع إلى ربنا يريد أن يحميه وهو يعتقد أن الله الملك العظيم يريد أن يحميه من عدوه، لكن المشكلة أننا باردين تجاه عدونا لا نحس بعداوته تستعيذ كلما خطر على بالك خاطر فيه نقص في الله. مررت فوجدت أن هناك ناقص في بدنه ناقص في سمعه مريض، على طول يأتي لك كلام من الشيطان أنت لماذا يا رب؟ كأنه يقول ما الحكمة أن يكون ناقصًا؟ الجواب: استعذ من الشيطان الرجيم لأن هذه الخواطر لا يلقيها إلا الشيطان. الآن أنت جالسة وأسأت الظن في أحد ماذا تفعل؟ تفزع إلى الاستعاذة، أنت جالسة اليوم سوف أوتر فأقول اليوم ذهبت الدورة وفعلت فأقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لا حول ولا قوة إلا بالله.
أنت لست خالية، أنت طول الوقت يخطر لك خواطر الباطل، الزوج في الدوام أنت الآن جالسة في البيت يأتي خاطر الآن عندما يأتي سأحقق معه كيف وكيف؟ أول ما يمر عليك الخاطر الآن الشيطان يعرض عليك المسألة إذا وافقت يكتب لك الأحداث الباقية، يقول لك: اسأليه كذا وكذا وعندما تستعيذ يندحر، ولكن يرجع واستعذ يندحر، افهم العداوة، ثم إنه يسلط اختبارًا، هل أنت متعلق بالملك العظيم أم أنت مستسلم هكذا؟ من أجل ذلك عندما كنا نتكلّم عن التقوى هذا مجلس ينعقد كلما تحدث أحداث دائماً ينعقد، في صوت العلم والإيمان يقول: ترى لا يوجد أحد أحسن من أحد الله أعلم من يدخل الجنة قبل من، ربما هذا الذي أراه لا شيء عند الله شيء وميزانه عند الله شيء، وهناك صوت أخر يقول: لكن أنا فلانة الفلانية وأنا عندي أعمال وأنا بنيت مسجد... يعدد لنفسه، وهذا الصوت يقول: لا ترى ليس كل شيء مقبول، فهذه المعركة الدائمة بعد هذه المعركة قوي نفسك بالاستعاذة، لكن نحن دائماً نرى كثير من هذه الخواطر ذكاء فطنة أنا فاهم الناس أنا دائماً لا يخيب ظني، انظر كيف تتحول إلى وصف مدح، ثم أعلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر خبراً يقينياً على هذا الذي يتتبع ظن السوء في الناس ورد عن معاوية ـ رضي الله عنه ـ وكان يقول: حديث نفعني الله به يعني عندما مسك السلطان قال: حديث نفعني الله به، ما هو هذا الحديث؟ (إنك لو تتبعت الريبة في القوم أفسدتهم) يعني تقول: هذا شكله كذا وكذا يفعل، هذه من الخواطر الشيطانية، بدون قرائن طبعًا، ثم ماذا يحدث نتيجة أنك أسأت الظن ثم تتبعت ثم سألت هذا أين يذهب هذا ماذا يفعل؟ تكون أنت أحد عوامل إفساده هو، وكم من نساء أفسدوا أزواجهم لأنهم تتبعوا ريبًا، وكأن تتبع الريب هو الذي كان سيحفظ الزوج، أي أن القضية مركبة خطأ في عقولنا، ترى أنت فقط احفظ الله يحفظك فقط ما كلفت أكثر من ذلك. لكن على كل حال عداوة الشيطان غير ظاهرة، الاجتهاد في دفع وسوسته غير ظاهرة، ولذلك نقول وأنت على الاجتهاد في قراءة القرآن وفهمه والتدبر فيه لا تظن أنه يغفل عنك، سيكون حريص على تشبيه الأمور لك، أنت ستكون حريصاً على بقائك إلى أن يزيله الله، على قدر استعاذتك وثباتك وتأملك في نصوص كتاب الله.
|
#20
|
||||
|
||||
اللقاء الثاني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله الذي يسر لنا هذا اللقاء ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاء مباركاً مرحومًا اللهم آمين. لازلنا في موضوع غاية في الأهمية وهو موضوع : الاستعداد لرمضان بالإيمان. وقد اتفقنا على أننا بحاجة شديدة للعناية بإيماننا سواء في الإقبال على الأزمان الفاضلة أو غادرناها فالإيمان هو حقيقة حياة القلب، وكما أن الخلق فيهم شديد الحرص على حياة أبدانهم فالمفروض أن يحرص المؤمن حرصًا شديدًا على حياة قلبه، ولو آمنا إيمانًا حقيقيًا أن حياة القلب هو الإيمان كان سيقع في القلب عناية بالإيمان، سيقع في القلب كما ذكر أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ يكون العبد فقيهًا في نفسه. وما هو فقه العبد؟ أن يعرف منزلته من الإيمان في هذه الساعة ، هل هو زائد أو ناقص إيمانه؟ ما سبب زيادة أو نقص الإيمان التي يعيشه في هذه اللحظة؟ إذاً العناية بمسألة الإيمان ليست حكراً على رمضان، لكنها في غاية الأهمية من جهة الاستعداد لرمضان، وهي تفسير لحالة تتكرر علينا، أننا نقبل على شهر رمضان ونكون متحمسين ونريد أن تكون نقطة تحول في حياتنا، ونسمع ونسمع، لكن دائمًا نسمع في الوقت الذي يكون فيه الموضوع قد انتهى، لكن المنطق يقول أن الاستعداد يسبق الاستقبال، هذا المنطق الذي نستعمله مع ضيوفنا، هل نحن نستعد قبل أن نستقبلهم أم نستعد سابقاً؟ سابقًا، ثم نستقبلهم، فعندما نتذكر نفسنا في آخر أسبوعين في شعبان أن رمضان قادم ونريد أن نقوم بأعمال إيمانية من أجل أن نستعد له، أو هذا الكلام يأتي في آخر أربعة خمسة أيام من شعبان، بعد أن حل ّالضيف و ما بقي له شيء كثير لا تستطيعين أن ترممي وتجهزي تستعدي كما ينبغي استعداد هزيل، ولذلك هذا الاستعداد لا يكفيني إلا عشر أو اثنى عشر يوماً أقصى حد، ثم بعدها أجد نفسي أشعر أنني نزلت. من أهم الأسباب التي تجعلني أتكلم عن الإيمان الاستعداد لرمضان قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان)) ومثله ((من قام رمضان)) لكن الشرط ((إيمانًا و احتسابًا)) فأنا لابد أن أحقق الشرط إيمانًا، والاحتساب مبني على الإيمان أنت آتي بالإيمان ثم تدخل على رمضان تستطيع أن تنتفع بدقائق اللحظات. لذلك من تعرف إلى الله في الرخاء يعرفه في الشدة، يجب أن تعرف أن رمضان زمن شدة ثلاثين يومًا نريد أن نقوم بكل الأعمال فيه،كل الأعمال الواجبة، و المستحبة ، و الفاضلة، و التي تأخذ منا زمن. فأنا أريد أن أذهب إلى العمرة، و أطوف وقلبي معي في الزحام، وأسعى وقلبي معي في الزحام، وانتهي من الطواف والسعي وأصلي وأيضًا لو أفطر في الحرم يكون أفضل، هذا كله ممكن أن تقوم به بدنيًا لكن من أين لك أن تجد قلبك في كل هذه الأعمال المتتالية؟ ولذلك كثير ممن يذهب إلى الحج يقول: والله طفنا ولا ندري ماذا قلنا !! سعينا الناس الذين معنا يقولون: أنتم في الرابع أو الخامس من كثر ما ضاعت عقلنا منا، طبعاً هذا عمل حقق الشروط وهو المتابعة لكن ما منزلة صاحبه؟ تعتمد على مقدار قدرته على جمع قلبه وقت العبادة. ولهذا تدرّب، الناس اليوم مقتنعون أننا في زمن التدريب، أي شخص خطه سيء يقال له: ادخل دورة تدريبية ليصبح خطك حسنًا، شخص لا يعرف كيف يتكلم يدربونه ليتكلم جيداً، إلى درجة أن شخص لا يستطيع أن يسير كما ينبغي نتيجة أي مرض أصابه يقولوا له: اعمل علاج طبيعي ستتعدل. ما دامت هذه القاعدة موجودة في البدن، أضعافها موجود في القلب، القلب يُدرب على الأعمال، يُدرب أن يحجز نفسه أن يخاف من غير الله، تحجز نفسك، ترد نفسك، القلب يُدرب على أن لا ييأس من روح الله ويُدرب على ألا يقع فيه شيء من سوء الظن بالله، يُدرب على ما نسميه بالأعمال القلبية، والأعمال القلبية قوتها على قدر قوة الإيمان. لابد أن نعيد ونزيد في هذا الكلام، لابد أن نقتنع أن العبادات القلبية هي رأس العبادات، يعني الحب، الخوف، الرجاء، أليست رأس العبادات؟ أين مكانها أي عضلة في البدن تقوم بها؟ ليس مكانها إلا في القلب. فلابد أن أدرّب قلبي كيف يطرد محبة كل أحد سوى الله. يجب أن أدربه أن يقول (لا) على أي شيء يمكن أن يتضخم ، أي محبوب يمكن أن يتضخم لا أسترسل معه، أليس تعس عبد الدينار؟ وتعس عبد الدرهم؟ والخميلة و الخميصة؟الخميلة والخميصة هذه فتنة النساء (الملابس) أي القطيفة؛ أي الشيء الفاخر من الملبوسات والمفروشات، فإذا كان هناك من يحب الريالات و تختلف معهم ألوان الأوراق النقدية و تغري قلوبهم، بل هناك أناس آخرون لا يغريهم الأوراق النقدية إنما يغريهم ما يلبسون و يؤثثون في بيوتهم، معنى ذلك أن الإنسان ممكن أن يكون عبداً لمثل هذه الأشياء، هذا من كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كيف يمكن أن يكون عبداً؟ يشغل مكانًا يجب ألا يكون فيه إلا الله يشغله بهذا. المكان الذي يجب ألا يكون فيه إلا الله هو قلبك، ويجب أن يكون شغلك الشاغل ثناؤه سبحانه وتعالى، ورضاه، هذا الذي حوله تطوف وإليه تسعى، طيلة الوقت تفكيرك أن تطوف حول ثنائه و تسعى إلى رضاه، ماذا عن عبد الدينار والدرهم والخميلة والخميصة ؟ هذه الأشياء هي غايته ومناه. فكأنك أنت ابتليت الآن بالذوق الفاخر، وأصبحت عينك تنزل على الأشياء تنتقدها في لحظة، ودائماً يأتي في خيالك؛ نفسي ألبس كذا وكذا أفرش كذا وكذا، ويتضخم الأمر فتمسك ( لا ) وترد هذا التضخم الحاصل، وتقول: والله ما أشغل نفسي بهذا والله ما أفكر بهذه الأشياء، ترد من قلبك مثل هذه الأمور، ردها في التفكير والتعلق غير استعمالها ببدنك، هذا أمر وهذا أمر، يعني ألبس أفرش هذا شيء، وغير ليل ونهار نعمل اجتماعات هذه الغرفة ماذا يجب أن يكون لونها؟ هذه الزاوية شكلها هكذا يحتاج مزهرية هذا غير، هل ترى هذا التفكير الباقي وكل ما جاء أحد نقول: ما رأيكم؟ نديره هكذا نأتي به هكذا؟ شغلٌ شاغل. فكأنك أنت عندما تقول:(لا إله إلا الله) تقول: أنا استعمل هذه (لا) استعمل النفي هذا دائمًا لأنني طول الوقت متعرضة له، طول الوقت استعمل " لا" دائمًا تكنس من قلبي تقطّع من قلبي كل أحد، وأيضًا أستعمل (لا) حارسه على قلبي أمنع أن شيء يتضخم، وهذا الكلام كله تأويل لقوله تعالى في سورة التوبة-وهذا أمر مهم أن تفهمي هذه الآية في سورة التوبة:{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ} هذه كلها محبوبات شخصية، وبعد ذلك:{وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا}. هذا هو الواقع الذي نعيشه: · إما أشخاص · أو أموال · أو مساكن هذا الواقع الذي نعيشه، إذا كان هؤلاء{أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ}[1] وعندما تسمعي كلمة (جهاد) لا تتصوري أن القصة فقط السيف، إنما هذا جهاد الذي نعيشه طيلة الوقت في قلوبنا جهاد الذي هو التقوى، كما ذكرنا سابقاً أننا طيلة الوقت في جهاد التقوى، والدليل على ذلك اذهب لسورة العنكبوت واقرأ أولها {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}[1] وأخرها {َنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [2] إذاً هذا هو الجهاد المقصود، فالجهاد اسم عام يدخل فيه بالسيف والقلب. [1] سورة العنكبوت:2،1. [2] سورة العنكبوت:69. [1] سورة التوبة:24.
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|