بسم الله الرحمنالرحيم
مخارج الحروف
من أتقن مخارج الحروف وصفات الحروف نطق بأفصح اللغات، وهي لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم على قلب سيد المرسلين محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وقبل أن نذكر عدد مخارج الحروف علينا أن نعرف كلا من المخرج والحرف لغة واصطلاحاً فنقول
المخارج جمع مخرج:
المخرج لغة: محل الخروج.
واصطلاحاً: محل خروج الحرف.
وإذا أردنا أن نعرف مخرج أي حرف نسكنه أو نشدده وندخل عليه همزة الوصل.حيث يُعرف محل خروج الحرف بتسكينه أو تشديدهوالنطق به عقبهمزة والإصغاء إليه وحيثما انقطع الصوتبالحرف فهو مخرجه.
الحرف لغة: الطرف.
واصطلاحا: صوت اعتمد على مخرج محقق أي: على جزء معين من أجزاء الحلق، أو اللسان، أو الشفتين، أو الخيشوم، أو اعتمد على مخرج مقدر وهو الجوف.
والمراد بالحرف هنا حرف الهجاء .
عدد مخارج الحروف
للعلماء في عدد مخارج الحروف ثلاثة مذاهب:
1. فذهب الخليل بن أحمد وأكثر النحويين، وأكثر القراء، ومنهم ابن الجزري إلى أنها سبعة عشر مخرجاً، وهذا هو المختار.
2. وذهب سيبوبه
ومن تبعه، ومنهم الشاطبي إلى أنها ستة عشر مخرجاً.
3. وذهب قطرب
والجرمي والفراء إلى أنها أربعة عشر مخرجا.
فمن جعلها سبعة عشر مخرجاً جعل في الجوف مخرجاً واحدا، وفي الحلق ثلاثة، وفي اللسان عشرة، وفي الشفتين اثنين، وفي الخيشوم واحدا.
ومن جعلها ستة عشر أسقط الجوف، ووزع حروفه وهي حروف المد الثلاثة على بعض المخارج، فجعل الألف من أقصى الحلق مع الهمزة، والياء من وسط اللسان مع غير المدية، والواو من الشفتين مع غير المدية.
ومن جعلها أربعة عشر أسقط مخرج الجوف كسيبويه، وجعل مخارج اللسان ثمانية، بجعل مخرج اللام والنون والراء مخرجاً واحدا.
ونحن نتبع المذهب الأول الذي اختاره ابن الجزري.
وهذه المخارج السبعة عشر تسمى المخارج الخاصة يجمعها خمسة مخارج تسمى المخارج العامة وتنحصر المخارج في خمسة أعضاء وهي :وهي: الجوف، والحلق، واللسان، والشفتان، والخيشوم.
وقد رتب العلماء مخارج الحروف باعتبار الهواء الخارج من داخل الرئة متصعداً إلى الفم، فيقدمون في الذكر ما هو أقرب إلى ما يلي الصدر، ثم الذي يليه وهكذا حتى ينتهوا إلى مقدم الفم.
المخرج الأول: الجوف، وهو الخلاء الداخل في الفم والحلق
وللجوف مخرج واحد تخرج منه حروف المد الثلاثة، وتسمى بالحروف المدية وهي الواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والألف، ولا تكون إلا ساكنة، ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا.
وتسمى هذه الأحرف بالجوفية لخروجها من الجوف، والهوائية لانتهائها بانتهاء الهواء.
وللحلق ثلاثة مخارج أقصاه ، ووسطه ،وأدناه .
الثاني: أقصى الحلق، أي: أبعده مما يلي الصدر، ويخرج منه حرفان، الهمزة فالهاء.
فأقصى الحلق مخرج كلي منقسم إلى مخرجين جزئيين متقاربين، يخرج من أولهما مما يلي الصدر الهمزة، ومن ثانيهما الهاء.
الثالث: وسط الحلق، ويخرج منه العين فالحاء المهملتان.
فوسط الحلق كذلك مخرج كلي منقسم إلى مخرجين جزئيين متقاربين، ويخرج من أولهما العين، ومن ثانيهما الحاء.
الرابع: أدنى الحلق، أي: أقربه مما يلي الفم. ويخرج منه الغين فالخاء
فأدني الحلق -أيضاً- مخرج كلي منقسم إلى مخرجين جزئيين متقاربين، يخرج من أولهما الغين، ومن ثانيهما الخاء.
أي أن في الحلق ثلاثة مخارج كلية، وكل مخرج منها فيه مخرجان جزئيان متقاربان، وكل مخرج يخرج منه حرف، وتسمى هذه الأحرف الستة حلقية لخروجها من الحلق.
وللسان عشرةمخارج
الخامس: أقصى اللسان، أي: أبعده مما يلي الحلق، وما يحاذيه من الحنك الأعلى، ويخرج منه القاف.
السادس: أقصى اللسان وما يحاذيه من الحنك الأعلى تحت مخرج القاف، ويخرج منه الكاف.
مع ملاحظة أن مخرج القاف ادخل في الفم منمخرج الكاف وتسمى كل منهما لهوية.
ولم نجعل أقصى اللسان مخرجاً كلياً منقسما إلى مخرجين جزئيين كأقصى الحلق؛ لأن أقصى اللسان فيه طول، وبين موضعي القاف والكاف بعد بخلاف أقصى الحلق.
ويقال لهذين الحرفين لهويان نسبة إلى اللهاة، وهي لحمة مشتبكة بآخر اللسان.
السابع: وسط اللسان وما يحاذيه من الحنك الأعلى، ويخرج منه ثلاثة أحرف: الجيم فالشين فالياء غير المدية. وتسمى هذه الأحرف الثلاثة شجرية؛ لخروجها من شجر الفم، أي: منفتحه.
الثامن: إحدى حافتي اللسان بُعَيْد الوسط ، وما يحاذيها من الأضراس العليا،ويخرج منه الضاد المعجمة وخروجها من الجهة اليسرى أسهل، وأكثر استعمالا ومن اليمنى أصعب وأقل استعمالا ومن الجانبين معا أعز وأعسر، وتسمى مستطيلة ,وقد قيل في تحديد الحافة إن أولها مما يلي الحلق ما يحاذي وسط اللسان بعيد مخرج الياء، وآخرها ما يحاذي آخر الطواحن من جهة خارج الفم.
التاسع: ما بين حافتي اللسان معا بعد مخرج الضاد، وما يحاذيهما من اللثة أي: لحمة الأسنان العليا، وهي لثة الضاحكين والنابين والرباعيتين، والثنيتين العليين، ويخرج منه اللام، وقيل خروجها من الجهة اليمنى أمكن عكس الضاد.
العاشر: طرف اللسان وما يحاذيه من لثة الأسنان العليا تحت مخرج اللام قليلا ويخرج منه النون.
الحادي عشر: طرف اللسان مع ظهره مما يلي رأسه، ويخرج منه الراء، وهي أدخل إلى ظهر اللسان من النون.
وتسمى هذه الأحرف الثلاثة التي هي اللام والنون والراء ذلقية لخروجها من ذلق اللسان أي: طرفه.
الثاني عشر: طرف اللسان مع أصل الثنيتين العلييين، ويخرج منه الطاء فالدال المهملتان، فالتاء المثناة الفوقية، وتسمى هذه الأحرف نطعية لخروجها من نطع الفم، أي: جلدة غاره.
الثالث عشر: طرف اللسان فويق الثنيتين السفليين. ويخرج منه الصاد، فالسين، فالزاي.
ويقال لهذه الثلاثة أسلية لخروجها من أسلة اللسان، أي: ما دق منه.
الرابع عشر: طرف اللسان مع طرفي الثنيتين العلييين، ويخرج منه الظاء، فالذال، فالثاء، ويقال لهذه الثلاثة لثوية، لخروجها من قرب اللثة.
أقصى اللسان
وسط اللسان
حافتا اللسان
**********
طرف اللسان
وللشفتين مخرجان :
الخامس عشر: بطن الشفة السفلي مع طرفي الثنيتين العلييين، ويخرج منه الفاء.
السادس عشر: الشفتان معاً
,من بينالشفتين مع انطباقهما تخرج ، الباء فالميم، ومع
انفتاحهما تخرج الواو غيرالمدية- فالواو غير المدية تخرج بانفتاحهما قليلا والباء والميم بانطباقهما، وانطباقهما مع الباء أقوى من انطباقهما مع الميم,وهذه الأحرف الأربعة، أعنى الفاء، والباء، والميم، والواو تسمى شفوية لخروجها من الشفة، وإن كان بمشاركة غيرها في الفاء.
السابع عشر: الخيشوم، وهو أقصى الأنف، وللخيشوم مخرج واحد هو مخرج الغنة التي هي صفة للنون وللميمحال إخفائهما وإدغامهماوتشديدهما – أو هو مخرج النون والميمحال إخفائهما وإدغامهما بغنة وعلى هذا الرأي الأخير صح أن يعدالخيشوم مخرجاً لحرفينفرعيين هما النون والميم ، فيتحولان عن مخرجهما الأصلي إلى الخيشوم في هاتين الحالتين، ويخرجان منه فقط، أما في حالة تشديدهما مثل: إن، وثم، فيخرجان من مخرجهما الأصلي السابق الذي هو طرف اللسان بالنسبة للنون، والشفتان بالنسبة للميم .
دليل المخارج وحروفها من الجزرية
قال ابن الجزري رحمه الله :
مخارج الحروف سبعة عشر
على الذي يختاره من اختبر
فألف الجوف وأختاها وهـي
حـروف مد للهـواء تنتـهي
ثم لأقصى الحلـق همز هـاء
ثــم لوسـطـه فعـين حـاء
أدناه غيـن خاؤهـا والقـاف
أقصـى اللسان فوق ثم الكاف
أسفل والوسط فجيم الشين يا
والضاد من حافتـه إذ ولـيا
الأضراس من أيسر أو يمناها
واللام أدناهـا لمنتهـاهــا
والنون من طرفه تحت اجعلوا
والرا يدانيه لظـهراً وخـلـوا
والطاء والدال وتا منـه مـن
عليا الثنايا والصفير مستكـن
منه ومن فوق الثنايا السفلى
والظـاء والــذال للـعلـيـا
من طرفيهما ومن بطن الشفة
فالفاء مع أطرف الثنايا المشرفة
للشـفتين الواو باء ميــم
وغنــة مخرجهــا الخيشـوم
صفات الحروف
الصفة لغة : ما قام بالذات من المعاني كالعِلْم والفَهْم واللونوالجَمال >
واصطلاحاً : ما قام بالحرف من صفات تُميزه عن غيرهكالهمس والجهر والشدة والرخاوة...
وتُسمى هذه الصفات صفاتاً ذاتية .
وعددها سبعَ عشْرةَصفة وبهذا أخذ ابن الجزري وجماعة من العلماء.
الصفات تنقسم إلى قسمين : صفات متضادة ، وصفات غيرمتضادة.
الصفات المتضادة ,وعددها خمسٌ وهي الجهر وضده الهمس ، والرخاوةوضدها الشدة ، والاستفال وضده الاستعلاء ،والانفتاحوضدهالانطباق، والاصمات وضده الإذلاق-فكان العدد
عشر ، ولابد لكل حرف أن يتصف بخمس منها، إذلا يعدو أن يأخذ هذه الصفة أو نقيضتها:
1- الهمس: لغة: الخفاء، واصطلاحا: جريان النفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج، أما حروفه فعشرة يجمعهاقولهم (فحثه شخص سكت).
2- الجهر: لغة: الإعلان، واصطلاحا: حبس النفس عند النطقبالحرف لقوة الاعتماد على المخرج،وهو ضد الهمس، وحروفه ما سوى حروف الهمس.
3- الشدة: لغة: القوة ، واصطلاحا: انحباس الصوت عند النطق بالحرف لكمال الاعتماد على المخرج، وحروفها ثمانية مجموعة في قولهم (أجد قط بكت).
وهناك حروف متوسطة بينالشدة والرخاوة وهي خمسة يجمعها قولهم (لن عمر).
4- الرخاوة: لغة: اللين،واصطلاحا: جريان الصوت عندالنطق بالحرف لضعفه و لضعف الاعتماد على المخرج،وحروفها ستة عشر حرفاً وهي الباقية منحروف الهجاء بعدحروفالشدة والتوسط.
5- الاستعلاء: لغة: الارتفاع ، واصطلاحا: ارتفاع اللسان كلهأو بعضه إلى الحنك الأعلى عند النطقبالحرف – وحروفه سبعةمجموعة في (خُصَّ ضَغطٍ قِظْ)
6- الاستفال: لغة: الانخفاض ، واصطلاحا: انخفاض
اللسان عند خروج الحرف من الحنك إلىقاع الفم، وحروفه اثنان وعشرون حرفاً وهي الباقية منحروف الهجاء بعدحروف الاستعلاء.
7- الإطباق:وهو لغة: الالتصاق،واصطلاحا:تلاصق اللسان بالحنك الأعلى عند النطق بالحرف وحروفهأربعة وهي ( الصاد والضاد والطاءوالظاء).
8- الانفتاح: وهو لغة: الافتراق، واصطلاحا افتراق و:تجافي اللسان أوأكثره عن الحنك الأعلى وعدم التصاقه به عند خروج الحرف المنفتح وحروفه خمسة وعشرون حرفاً – وهي الباقيةمن حروف الهجاءبعد حروف الاطباق.
9- الإذلاق: الاذلاق : مأخوذ من الذلق ، والذلق لغة : الفصاحة وخفة الحرف على اللسان .
واصطلاحاً : إخراج الحرف بخفة من ذلقاللسان والشفتين أي منطرفيهما. أو الاعتماد عند النطق بالحرفعلى طرف اللسان والشفة.
وحروفه ستة مجموعة في ( فَرَّ من لُبِّ )
10- الإصمات: وهو لغة:المنع ، واصطلاحا: امتناع الخفة عندالنطق بالحرف للثقل الموجودفيه-
وحروفه ثلاثة وعشرون حرفاً وهي الباقية منحروف الهجاء بعد
حروف الاذلاق.