انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟!

كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-02-2009, 11:14 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي الفتور : مظاهره ، وأسبابه ، وعلاجه ( ملف متكامل )

 


الفتور
مظاهره ، وأسبابه ، وعلاجه


حمداً كريماً لمن تفرد بالعظمة والكبرياء ، وحمدًا متواصلاً لمن بيده مقادير كل شيء ، حمداً له من كل قلب مؤمن ، ومن كل نفس مخبتة ، حمداً له على الإيمان ، وحمدًا له على الإسلام ، وحمدًا له على القرآن ، حمدًا له على كل نعمة ، وحمداً له في السراء والضراء ، وحمدًا له على كل حال .
نشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اصطفاه على خلقه بأكرم رسالة ، وأعظم نبوة ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرًا .
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .

أما بعد : فإنه حينما تنجو سفينةُ المرءِ من بحر المعاصي المهلك ، فترسو على ساحل الإيمان الآمن ، يكون حينها عرضةً لحبائل الشيطان المغرضة ، وشباكه المعقدة ، وأنيابه المفترسة ، وما ذاك إلا لأنه غرضٌ كم تمنى الشيطان أن يصيبه بسهمه المسموم ، ليرديه قتيل الضعف الممقوت ، والانتكاسة المهينة .
ولكن ما أهون هذا الشيطان ، وما أقل حيلته ، وما أضعف كيده ، إذا واجهه المؤمن بسلاح الإيمان المضاء ، ونوره الوضاء ؛ فراجع أسباب ضعف إيمانه ، ونظر في علل فتوره وتقصيره ، واتخذ من أسباب الثبات على دينه ما ينصره على الشيطان في هذا الصراع العنيف .
والفتور _ أيها القارئ الكريم _ مرض يتسم بالتسلل الخفي حينما يريد أن يدس داءه في قلب المسلم أو عقله ، كما أنه لا يأتي بغتة ، بل إن نَفَس الشيطانِ فيه طويل ، وكيده في الإصابة به متنوع ، حتى يقتنع صاحبه أنه فيه على حق ، وأنه كان على خطأ أو تطرف .
ولقد تنوعت في هذا الزمان وسائل الفتور ، وتعددت صوره ، واتخذ همه محلاً في صدر المصاب به ، ربما بمعرفته له ، أو بمعاينته لآثاره عليه ، مع أن هذا الداء قد يتقمص في نفس المصاب به شخصية أخرى ، وهي الكآبة أحيانًا ، أو الحيرة ، أو الخوف ، أو الانطواء أو نحو لك .
والفتور : انكسار وضعف ، ولعلك تلمح بوضوح أن هذه الكلمة تشير إلى أن هذا الضعف قد سُبق بقوة ، وذلك الانكسار قد تقدمته صلابة ، ولهذا قال علماء اللغة : ( فتر : أي سكن بعد حِدّة ، ولان بعد شِدّة ) (1) .
فالفتور إذًا مرض يصيب الأقوياء ، ويترصد لكل من يتطلع إلى الكمال في دينه ، وعلى هذا فإن الأمر يزداد خطورة ؛ إذ أن أهم المقصودين هنا هم شريحة أهل الإيمان من العاملين المنتجين ، والمبدعين المتفوقين ، الذين تنهض عليهم الأمة ، وتنقاد لهم سفينتها .
وأخيرًا ؛ فمن إدراكي لأهمية هذا الموضوع ، أردت أن أزود نفسي المقصرة أولاً ببعض الجرعات الوقائية ضد هذا الداء ؛ لأحمي نفسي منه بإذن الله ، وأشارك في وقاية مجتمعي وأمتي من نفوذه وانتشاره ، سائلاً المولى سبحانه أن يقينا شرور نفوسنا ، وأن يهدينا إلى هداه ، ويقبضنا إليه غير مفتونين ، وأن يثبت قلوبنا على طاعته ودينه ، إنه سميع مجيب .
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-02-2009, 11:17 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

أسس مسلَّمة في مشكلة الفتور
إننا قبل التعرف على أسباب إصابة المؤمن بالفتور في العبادة ، لابد من تبيين حقائق ومسلمات تتعلق بضعف إيمان المؤمن وفتوره ، أذكرها في القواعد التالية :

القاعدة الأولى :
أن جميع الخلق _ سوى من عصمه الله _ معرض للإصابة بالفتور ، والوقوع في الأخطاء والمعاصي ، وهذا أمر قد أثبته النبي صلى الله عليه وسلم ، وجعله سمة لكل بني آدم فقال :
( كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ) (2) .
ولما كان الإنسان مفطورًا على الوقوع في المعصية ، واقتراف الخطأ ، أرشده الله تعالى إلى طريق الخلاص منها ، وهو التوبة النصوح ، فمن توخاه نجا ، ومن تنكب عنه خسِر ، ومن هنا جاء الترغيب الرباني إلى طريق النجاة بالعفو عما اقترفه الإنسان من الذنوب ، وليس هذا فحسب ، بل وبتبديل السيئات السابقة إلى حسنات أيضًا ، فيا له من فضل عظيم ، وعفو كريم ، يقول الله تعالى فيه : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا ، لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ ) (3) .

القاعدة الثانية :
أن قلب المرء وإن صفا ، وثبت على الإيمان ، واستلذ بحلاوته ، فإنه معرّض للانتكاسة ، ومهيأ للانقلاب ، قد يقرب من ذلك وقد يبعد عنه ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ ؛ إِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ ) (4) .
وإن القلب أيها المؤمنون لشديد التقلب ، ويضرب النبي صلى الله عليه وسلم لشدة هذا التقلب مثلاً فيقول : ( لقلب ابن آدم أسرع تقلبًا من القدر إذا استجمعت غليانًا ) (5) .
ومن الذي بيده تقليب القلوب وتصريفها ، إنه الله سبحانه ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ) (6) .

القاعدة الثالثة :
أن مذهب أهل السنة والجماعة في شأن الإيمان ، أنه يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، وهل يستوي إيمان عبد تعلق قلبه بالمساجد ، وشغف بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وأضاء نور القرآن عقله ، وأنارت السنة بصيرته ، بمن صد عن هذا كله ، فرضي بمستنقعات الرذيلة له موردًا ومشربًا ، وامتلكت جوارحَهُ المعاصي ، وسرى في دمه داءُ التبعية لكل ناعق ، فاستمتع بالشهوات المحرمة ، وسلَّم قياده لشيطان الهوى ؟ لا والله الذي لا إله إلا هو لا يستوون ، وهل يستوي من قال الله فيه : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } ، هل يستوي هؤلاء بمن قال الله تعالى فيهم :
{ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } أقول : لا يستوون !!

القاعدة الرابعة :

أن بقاء قلب المؤمن على الدرجة الرفيعة من الإيمان التي يجدها في أعظم العبادات قدرًا ، وأكثرها تأثيرًا ؛ كالصلاة ، والحج ، والصيام وتلاوة القرآن ، وقيام الليل ، أمر متعذر ؛ لشدة انشغال القلب بأعمال الدنيا ، وملذاتها ، وما يعتريه فيها من أفراح وأتراح ، وليس هذا من الرياء أو النفاق في شيء ، وقد وجد هذا أفضل القرون من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقد روى مسلم في صحيحه : عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ : لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ قَالَ قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا تَقُولُ ؟ قَالَ قُلْتُ : نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ ، فَنَسِينَا كَثِيرًا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ ، سَاعَةً وَسَاعَةً ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ )
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-02-2009, 11:24 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

مظاهر الفتور
إن سؤالاً تتحدث به قلوبنا ، وإن لم تنطق به ألسنتنا ، وهو : كيف أعرف أنني مصاب بداء الفتور ، ما أعراضه ، وأشكاله التي يظهر بها في عبادتي ، وفي حياتي ؟

أخي الكريم :

إن ثمة مظاهر كثيرة لهذا الداء ، تشير لك بثلمة في إيمانك تحتاج إلى ترميم ، واهتزاز في علاقتك بربك تحتاج إلى تثبيت ، أذكر لك طرفًا منها ، فارع سمعك لذكرها ، ولنتحسس وجودها أو عدمها في نفوسنا :

المظهر الأول :
قسوة القلب ، ذلك السياج المانع للقلب من الخشوع لله تعالى ، الحابس لدمع العين من خشيته ، الحائل دون قشعريرة الجلد وليونته ذلاً لله تعالى ، فلا يعرف القلب بعد هذا معروفًا ، ولا ينكر منكرًا ، قد جفّت ينابيع الحب فيه ، وأقفرت رياض الرحمة لديه ، واصفرت خضرة المشاعر في فؤاده ، { فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } .
وتستمر القسوة بالقلب حتى تصل إلى درجة تتضاءل أمامها صلابة الأحجار والصخور ، { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } .
وشتان بين من كان هذا حال قلوبهم ، وبين من تنتفض أجسادهم كالعصافير المبللة بالمطر رهبة من الله تعالى ، حتى خلّد الله ذكرهم ووصفهم في كتابه العزيز فقال : { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } .
ولا ريب أن ذكر الموت والاستعداد للآخرة وتمني حسن الخاتمة علاج لكل من قسا قلبه بالمعصية ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها ؛ فإنها ترق القلب ، وتدمع العين ، وتذكر الآخرة ) (7) .

المظهر الثاني :
التهاون في فعل الطاعات ، ما كان منها فرضًا ، أو نفلاً ، يسيرًا كالأذكار ، أو غير ذلك ، كالحج ، والصلاة ، والصيام ، فإذا رأى الإنسان نفسه متثاقلاً في أداء العبادات ، متكاسلاً في النهوض إليها ، كارهًا لأدائها ، يشعر كأنها أمثال الجبال على كاهله ، فليعلم أن داء الفتور قد دب في أوصاله ، وسرى في دمه ، يقول تعالى ذامًا هذا الصنف من المصابين بهزال الإيمان وضعفه : { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا } ، ويقول تعالى : {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ } .

المظهر الثالث :
بغض الصالحين الممتثلين للسنة ، الحريصين على إقامة شعائر الدين في أنفسهم ، وأهليهم ، ووسطهم ، فإذا ما رأيت العبد يجتنب مجالس الخير ، ويأنس بأحاديث اللغو والتفاهة ، فاعلم أنه يعيش صراعًا مع نفسه ، فإنها تنازعه الثبات على الحق ، وتدعوه إلى الإهمال فيه ، والفتور في القيام به .
يقول الفاروق رضي الله عنه : ( جالسوا التوابين فإنهم أرق شيء أفئدة ) .
ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه : ( لا تزالون بخير ما أحببتم خياركم ) (8) .

المظهر الرابع :
موت المشاعر الدينية ، وعدم الغضب من أجل الله تعالى ؛ فإن المرء يمر في يومه وليلته بفتن كثيرة ، وامتحانات متتالية ، على رأسها هذه المنكرات التي تموج بالناس حتى تكاد تغرقهم ، وما تواجه به تعاليم الإسلام من السخرية والاستهزاء ، وما تتعرض له بعض شعوب المسلمين من حروب الإبادة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلًا ، وما يشاهده المسلم اليوم من سقوط أكثر المسلمين في شباك الغرب والشرق .
فعزاؤنا كل العزاء في كل من لا يشعر بهذا البلاء ، ولا يحاول المشاركة في دفعه أو رفعه، ولو كان بلسانه أو بقلبه ، حتى غدا قلبه كأي قطعة لحم ميتة ، لا نبض فيها ولا حراك .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ ؛ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادٌ كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ) (9) .
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-02-2009, 11:27 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

المظهر الخامس :
عدم الشكر في السراء ، وعدم الصبر في الضراء ، وإنما يأتي ذلك من ضعف الإيمان ، والفتور في الصلة بين العبد وخالقه ، فلو أن العبد استحضر أن كل نعمة تصل إليه إنما هي من الله وحده ، لشكر الله عليها ، فتزداد صلته بخالقه الذي مَنَّ عليه بهذه النعم وغيرها ، ولو أنه حينما تحل به مصيبة ، أو تقع به كارثة ، علم بأنها ابتلاء وامتحان من الله ، ليصبر عليها ، لينال أجر الصابرين ، فيفوز مع الفائزين ، ولا يكون الشكر في امتحان النعمة ، والصبر في امتحان الشدة إلا من المؤمنين .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) (10) .
فلننتبه أن تغرقنا الفرحة بالنعمة في بحر الكفر بمن مَنَّ بها علينا ، أو توقعنا المصيبة في فقدان الأمل في الفرج بمن عنده مفاتيح الفرج سبحانه وتعالى .

المظهر السادس :
المجاهرة بالمعصية ، وعدم مبالاة المرء بمعرفة الناس بوقوعه فيها ، وهي من أعلى مراتب الفتور ، حتى حذّر النبي صلى الله عليه وسلم منها في قوله : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) (11) .
وما أشنع هذا الفعل الذي تتوغل النفس فيه في غمرة المعصية المقترنة بالجهل ، فيزيد على وباء الذنب ، ظلمة الانسلاخ من الحياء من الله ومن خلقه ، وإن الحياء لشعبة من شعب الإيمان ، فكيف إذا كان من الله تعالى !!
أما تشتاق نفس هذا المجاهر بالمعصية ، إلى ستر الله تعالى يوم القيامة ، الذي جعله الله لمن أذنبوا ولم يجاهروا ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ ، فَيَقُولُ : أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ، فَيَقُولُ : نَعَمْ أَيْ رَبِّ ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ ، قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ) (12) .
هذه جملة من الأعراض التي تظهر على المصاب بداء الفتور ، توخيت في اختيارها كثرة الوقوع ، وغالبية الحدوث .
والشأن في أسباب الفتور كذلك أيضًا ، فإنها كثيرة ، وتختلف من بيئة إلى أخرى ، ومن شخص لآخر ، غير أنه يمكن تسليط الضوء على جملة منها ، نتلمس فيها الواقعية والأهمية ، فحاول أن تعيش معي معرفة هذه الأسباب ، فإن معرفة سبب الداء ، طريق إلى إتقان الدواء .

منقول من صيد الفوائد

التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-02-2009, 11:38 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

الاخوة والاخوات الأفاضل
بسبب طول الموضوع فان التكملة تجدوها هنا
ووفقكم الله لكل خير
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-17-2009, 01:02 AM
الشافعى الصغير الشافعى الصغير غير متواجد حالياً
لا تهاجم الناجح وتمتدح الضعيف .. لا تنتقد المجتهد الذي يعمل وتربت علي كتف الكسول
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 06-14-2009, 08:44 AM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

بارك الله فيكم
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 08:39 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.