|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
هل تدبر القرآن الكريم فرض ام واجب ؟وما هي حدود الفرد مننا في التعامل مع القرآن الكريم
السؤال
هل تدبر القرآن الكريم فرض ام واجب ؟ وكيف اتدبره ؟ وما هي حدود الفرد مننا في التعامل مع القرآن الكريم ؟ الإجابة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد ... فقال الله تبارك وتعالى " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب " ، وفي قراءة أبي جعفر المدني المتواترة " لتدبروا آياته " بالتاء ، وقال الشوكاني _ رحمه الله _ في " فتح القدير" : ( وفي الآية دليل على أن الله سبحانه إنما أنزل القرآن للتدبر والتفكر في معانيه ، لا لمجرد التلاوة بدون تدبر ) انتهى ، قال الفقير إلى عفو ربه : فالقرآن إنما أنزل للتدبر والاعتبار ، والتذكر والاستبصار ، والتدبر هو النظر في أدبار الأمور وأواخرها وعواقبها طلبا للاعتبار، والتذكر هو استحضار للعلم الذي يجب مراعاته بعد الذهول عنه رغبة في الاستبصار ، ولذا قال الرب العزيز الغفار : " إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار " ، وقال ابن كثير _ رحمه الله _ : ( يقول تعالى آمرا بتدبر القرآن وتفهمه ، وناهيا عن الإعراض عنه ، فقال : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " ، أي : بل على قلوب أقفالها ، فهي مطبقة لا يخلص إليها شيء من معانيه ) انتهى ، قال الفقير إلى عفو ربه : ودلت هذه الآية على أن القلوب_ يا رعاكم الله_ قلبان : قلب يتدبر معاني القرآن ، وقلب عليه قفل أعاذنا وإياكم الرحمن ، وعليه فتدبر القرآن فرض واجب على الأعيان ، وذلك على قدر الاستطاعة والإمكان ؛ ذلك أن الله تعالى يسر ألفاظ القرآن للتلاوة ، ومعانيه للفهم والتدبر ، وأحكامه للعمل بها ، كما قال تعالى " فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا " ، وقال تعالى " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" ، وأما كيفية تدبر القرآن وحدود ذلك ، فإن القرآن _ كما حرره شيخ الإسلام _ مداره على الخبر والإنشاء ، والخبر نوعان : خبر عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وسننه وأفعاله ، وخبر عن خلق الله ، والإنشاء ثلاثة : أمر ونهي وإباحة ، فأما الخبر عن الله فهذا هو التوحيد ، وأما الخبر عن خلق الله فهذا قصص أهل التوحيد وحسن عاقبتهم في الدنيا والآخرة ، وأما الإنشاء فلوازم هذا التوحيد من فعل مأمور واجتناب محظور، فرجع القرآن بذلك إلى تقرير التوحيد في قلوب العبيد ، وذلك بالحديث عن توحيد الله وقصص أهل التوحيد ولوازم هذا التوحيد ، ولذلك كانت قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ؛ لأنها أخلصت للخبر عن الله وأسمائه وصفاته ، على ما أفاده شيخ الإسلام في تفسير سورة الإخلاص ، فهذه أصول ثلاثة لابد للمتدبر أن يتفكر فيها أو في أحدها عند تدبر القرآن ، وذلك بفهم ألفاظه ومبانيه ، وبتكرار النظر في مواعظه ومعانيه ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، والله الموفق لما يحب ويرضى سبحانه . تتمة : اعلموا _ رحمكم الله _ أن تدبر القرآن فرع عن معرفة معناه ، وهذا على ما قرره السيوطي _ رحمه الله _ في الإتقان ، وحرره إمام المفسرين الطبري_ رحمه الله _ في مقدمة جامع البيان فقال : ( وفي حث الله عز وجل عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات بقوله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب "... ما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله من آية ؛ لأنه محال أن يقال لمن لا يفهم ما يقال ولا يعقل تأويله : ( اعتبر بما لا فهم لك به) ، إلا على معنى الأمر بأن يفهمه ويفقهه ، ثم يتدبره ويعتبر به ، فأما قبل ذلك فمستحيل أمره بتدبره وهو بمعناه جاهل ...) انتهى بتصرف ، ولذا قال القرطبي _ رحمه الله_ مستدلا بآية صاد ، التي بينت الحكمة من إنزال الكتاب على العباد : ( وفي هذا دليل على وجوب معرفة معاني القرآن ، ودليل على أن الترتيل أفضل من الهذ ( أي : القراءة السريعة ) ؛ إذ لا يصح التدبر مع الهذ )انتهى ، والله الموفق لما يحب ويرضى . تنبيه : ما جاء في السؤال من تفريق السائلة _ حفظها الله _ بين الفرض والواجب هو مذهب أبي حنيفة ، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد ، مال إليها ابن قدامة في " الروضة " ، وحكاها ابن عقيل عن الحنابلة ، فما ثبت بدليل قطعي عندهم هو الفرض ، وما ثبت بدليل ظني هو الواجب ، ومذهب المالكية والشافعية وأصح الروايتين عن الإمام أحمد أن الفرض والواجب مترادفان اصطلاحا ، ولا فرق بينهما ، والمحققون _ كالغزالي وابن قدامة والرازي والآمدي والإسنوي والزركشي والتاج السبكي والمحلي وغيرهم _ على أن الخلاف في هذه المسألة لفظي لا يترتب عليه شيء ، وحينئذ ( فلا حجر في الاصطلاحات بعد ما تبين المعنى ) كما قال ابن قدامة _ رحمه الله _ ، على أن الأحناف _ رحمهم الله _ لم يلتزموا بهذا التفريق في كتبهم ، فقالوا بأن الصلاة واجبة مع كونها ثابتة بدليل قطعي ، وقالوا بأن الوتر فرض مع كونه ثبت بدليل ظني !!! ، هذا والله تعالى أعلى وأعلم . |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|