دفقةٌ من دماء ، هل نسيتُم ياسين ؟!

[أبو أنس الأنصاري]

 

دفقة من دماء


دفقةٍ من دماء .. وبركةٍ من دموع ... فشتَّانَ شتَّانْ .. .. ولا يوزن الدمُ إلا بالدمِ ، ولا يكافَـأَ دمُ الشهيدِ إلا بالجنان .

فلتبكِ يا أمَّتـــــي ما شئتِ وما طاوعتكِ غددَ العيونِ ، ابكِ وفجِّـــري الدمعَ من بينِ انفطاراتِ القلوب ، ولن تبلغَ الأحزانَ مراقيَ الصدقِ إلا أن تقابلي أسبابها مثلاً بمثل .

ابكِ يا أمَّتـــــي لا "أحمد ياسين" ؛ فإنَّـا نحسبهُ حيثُ يرجو الصادقون ، ولكن ابكِ أن لا يكون فينا من لا يثأرُ لهُ ، ومن لا يجعلَ دمهُ دمدمةً ، وأشلاءهُ قاذفات .

ابكِ يا أمَّتـــــي لا "أحمد ياسين" ؛ فإنَّــهُ قد وافى على ما عاهدنا عليهِ ـ وكذلكَ نحبُ لأبطالِنا ـ ولكنِ ابكِ من نَكَصَ على عقبيهِ وخانَ مِــنَ الأمانةِ ما وُكِّـلَ إليه .

ابكِ يا أمَّتــــي لا "أحمد ياسين" ؛ فلعلَّـــهُ يَطَــأَ الآنَ بعرجتهِ الجنة ، ولكن ابكِ عرجَـةَ مَـنْ تلمَّسْنا عندهُ الاستقامَةَ فافتقدناها .

ابكِ يا أمَّتــــي لا "أحمد ياسين" ؛ فإنه كان على رأسِ النفيرِ ـ وهو "القعيد" ـ، ولكن ابكِ من رضوا أن يكونوا مع القواعِــدَ مِمَّــنْ لا عذرَ لهم ولا تبرير .

ابكِ يا أمَّتــــي لا "أحمد ياسين" ؛ فإنه قالَ ففعلْ ، ووعدَ فصَدَقْ ، وعاهَدَ فوفَّـى ، وطلب الشهادةَ فنالها ـ نحسبُهُ كذلكَ واللهُ حسيبه ـ ، ولكنِ ابكِ من يقولونَ ما لا يفعلونْ ، ويفعلونَ ما لا يؤمرونْ ، ويَعِدونَ فيخلفونْ ، ويعاهدونَ فيغدرونْ .. ولا يطلبونَ الشهادةَ إلا ادِّعاءً وتدجيلاً ـ مجرد تصريحاتٍ وشعارات ـ هذا إن طلبوها !!

ثمّ لا تبك ..

ثم لا تبكِ ـ يا أمَّتــــي ـ إن كانَ فيكِ مثلُ فقيدنا ـ ولا يزالونَ فيك ـ .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تزال طائفة من أمتي تقاتل على أبواب دمشقَ وما حولَه ، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله .. » الحديث .

ولا تبكِ ـ يا أمَّتــــي ـ ولا تزالُ طائفتكِ تلكَ منصورة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا تزال طائفة من أمتي منصورين .. » الحديث (1) .
وفي رواية: « قاهرين لعدوهم .. » (2) .
وفي رواية: « يُقاتِلون عَلى الحقِّ ، ظاهرينَ على مَن ناوأهم ، حتّى يقاتل آخرُهم الدجالَ » (3) .

مروراً بكل الدجالين من أمثال "شارون" و"بوش" و"بريمر" .

ولا تبكِ ـ يا أمَّتــــي ـ ولا تزالُ طائفتكِ المنصورة لا يضرها من خذلها ، ولا من خالفها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله ، وهم ظاهرون على الناس » (4) .

ولا تبكِ ـ يا أمَّتــــي ـ إلا بكاءَ تائبٍ إلى اللهِ منيب ، أو خاشعٍ بين يديهِ ، أو داعٍ متوسلٍ إليه ...

أو إلا بكاءَ مشفقٌ مترحِّمْ ، ولِخُـطى الشهداءِ مترَسِّـــم ، وعلى تأخُّــرِ الشهادةِ حزين ..

تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقولُ إلا ما يرضي الرب ، وإنا بك ـ يا ياسين ـ لمحزونون .

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) [ صحيح: رواه ابن ماجه ، وابن حبان ، وانظر "الصحيحة": (1962) ، و"صحيح الجامع": (7293) ] .
(2) [ صحيح: رواه مسلم ، وانظر "مختصر مسلم": (1096) ، و"الصحيحة": (1108) ، و"صحيح الجامع": (7296) ] .
(3) [ صحيح: رواه أحمد وأبو داود والحاكم ، وانظر "المشكاة": (3819) ، و"الصحيحة": (1959) ، و"صحيح الجامع": (7294) ] .
(4) [ صحيح: رواه أحمد ، واتفق عليه الشيخان ، وانظر "صحيح الجامع": (7290) ] .