ديوان الشهيد مروان حديد (نحسبه كذلك)

[البتار]

 

التعريف بالقائد والشاعر مروان حديد رحمه الله وتقبله في الشهداء:

بقلم حسني ادهم جرار



هو رائد من روّاد الدعوة والجهاد في بلاد الشام، الذين حملوا السلاح في وجه الصهيونية والطغيان، ولم يرضوا للمسلمين عيش الذل والهوان.. كان فارساً صلباً من فرسان الدعوة الأوفياء، أعدَّ نفسه للجهاد متسلحاً بقوة الإيمان وقوة الجسم، وربّى جيلاً قرآنياً مجاهداً قلّ نظيره في الأمة الإسلامية في هذا الزمان.

عاش مروان مجاهداً واستشهد معذّباً، لكنه لم يحن رأسه طول حياته ولم يعرف الخوف إلى قلبه سبيلا.. إنه نموذج رائع من النماذج الفريدة الذين ربّتهم الدعوة في هذا العصر.

هذا المجاهد الشهيد كان شاعراً، صادق العاطفة، مرهف الإحساس، كتب بدمه خطوط عقيدته على صفحات الوجود، فأصبحت كلماته –حين مات في سبيلها- حيّة يردّدها الشباب من بعده.

حياته:

في مدينة حماة العريقة التي عرفت بتدينها وصلابتها وتمسكها بالخلق الإسلامي المتين.. المدينة التي أنجبت العديد من العلماء والأدباء أمثال العلامة الورع الشيخ محمد الحامد.. في هذه المدينة ولد شاعرنا مروان عام 1934، وعاش في أسرة جميع أفرادها من الحزب الاشتراكي.. وشاء الله سبحانه أن يسلك مروان طريقاً مخالفاً لطريق الأسرة، ونهجاً مغايراً للنهج الذي بدأ حياته عليه.. فعندما استشهد الإمام حسن البنا رحمه الله في مصر شاهد مروان فرحة أعداء الإسلام باستشهاده، فأحبّ أن يطلع على حقيقة دعوته، وما إن ظهر له طريق الحق حتى تحوّل من الجندية للباطل إلى الجندية للحق، وأصبح من أكثر الناس تمسكاً بالدعوة إلى الإسلام.

تلقّى مروان العلم بمدارس حماة وفي حلقات مساجدها العامرة، وبعد أن أتم دراسته الثانوية عام 1955 دفعه طموحه إلى المزيد من طلب العلم فتوجّه إلى القاهرة والتحق بكلية الزراعة.. وبعد أن تخرّج فيها مهندساً زراعياً عاد إلى سورية وحصل على إجازة جامعية من قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة دمشق.

وفي مدة إقامته بمصر تعرف على كثير من تلاميذ الإمام حسن البنا، وعاد إلى حماه وقد تشرّب الاسلام عقيدة وخلقاً وجهاداً، واجتهد في حفظ القرآن الكريم والحديث ودراسة السيرة، وحرص على التحدث بالعربية الفصحى.

وبعد عودته عُرضت عله عدة وظائف ولكنه رفضها، وشارك أحد إخوانه في مزرعة كان يعيش مما يكسب منها.

عاش مروان مع الحركة الإسلامية في صميم جهادها، ورافقها في طريقها الطويل المحفوف بالمكاره والمحن.. ونذر نفسه وحياته كلها في سبيل الله، وتفرّغ للدعوة، ثم دعا إخوانه إلى الجهاد بالنفس والمال، وبدأ بإعداد مجموعة من الشباب وتهيئتهم للعمل الإسلامي.. وكان يبدأ عمله في الصباح الباكر، فيزور الناس في محالّهم وأعمالهم، ويجلس معهم ويتحدّث في أمور المسلمين اليومية، وكان يقوم بزيارات للقرى لتوعية أهلها وإرشادهم..

اعتّقل مروان عدة مرات.. كانت الأولى منها عام 1963 بعد خطبة ألقاها في المسجد، وفي عام 1964 قاد المعركة ضد أعداء الإسلام في سورية، وكانت محاكمته في حمص أروع مفاخر البطولة في العالم الإسلامي، فكان فيها يقرع فرية الاشتراكيين بحجة المسلمين.. وأسقطت حقوقه المدنية ولم يُعتبر مواطناً سورياً وحرم من الدخول في أي عمل حكومي، وقضى سنوات طويلة في سجن تدمر الصحراوي المعروف بقسوته، وكان بعض تعذيبه قلع أظافره ووضعه في زنازين المياه المهكربة فسقط لحم كعبيه من كثرة الضرب حتى بان وبرز العظم.

وخرج مروان من السجن ليجد أمامه نكبة 1967 التي ضاعت فيها البلاد من القنطرة إلى القنيطرة، فجهز مجموعة من الشباب المؤمن وشدّ الرحال إلى فلسطين واتخذ قاعدة في غور الأردن ينطلق منها إلى قلب الأرض المحتلة، واشترك مع إخوانه في كثير من العمليات الناجحة.

وعاد مروان إلى حماة ليتابع طريق الدعوة والبناء، ووقف صامداً أمام الظلم والإرهاب.. وحاولت السلطة إغراءه عام 1972 بمنصب وراتب كبير، ولكن دين الله كان عنده أغلى من الحياة الفانية. وفي عام 1973 وقف في وجه الدستور العلماني، ودعا علماء الأمة لمقاومته بالقوة، وكثرت المؤامرات لقتله فاعتُقل في دمشق يوم 29/5/1975 بعد معركة دامت عدة ساعات.. وفي السجن لقي أقسى أنواع التعذيب، وفاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، وفاز بالشهادة وهي أمنية كل المؤمنين الصادقين.