(إعلان) أكاديمية الحور العين لعلوم اللغة العربية

[أبو عمر الأزهري]

 

أكاديمِيَّة الحُورِ العِينِ لِعُلُومِ اللغَةِ العَرَبِيَّةِ
إعلانٌ مِنْ إدارَةِ المُنْتَدَى


الحمدُ للهِ الذي أنزلَ على عبدِهِ الكتاب ، تبْصِرَةً لأولي الألباب ، وأوْدعَهُ مِن فنونِ العُلومِ والحِكَمِ العَجَبَ العُجَاب ، وجَعَلَهُ أجَلَّ الكُتُبِ قَدْراً وأغزَرَهاَ عِلْماً وأعْذَبَهاَ نظْماً وأبْلَغَهاَ في الخِطاَب ، قرآناً عربياً غيرَ ذِي عِوَجٍ ، لا شُبْهةَ فيه ولا ارْتياَب .
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريكَ له ، الذي عَنَتْ لِقَيُّومِيَّتِهِ الوُجُوهُ وخَضعَتْ لِعَظَمَتِهِ الرِّقاب .
وأشهد أنَّ مُحمداً عبدُه ورسولُه (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) صلاةً وسلاماً دائمَيْن إلى يومِ المآب .
أمَّـا بَـعْـد :

يقولُ ربُّنا تباركَ وتعالى في كتابه الكريم : [إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ] {الزُّخرف:3}
وقالَ تباركَ وتعالى : [قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ] {الزُّمر:28}
والمتأمِّلُ في مواضِعِ ذكرِ لُغةِ العربِ بكتابِ ربِّنا جلَّ وعلا يجدها كثيرةً كثيرةً بالشكلِ الذي يجعلُه مُجبَرًا أن يفتخرَ بلغةِ آبائِهِ وأجدادِهِ .
وبالرغمِ مِن تعدُّدِ فضائلِ العربيةِ إلا أنَّ لها مَزِيَّةً لو لم يكن لها سواها لكفى بها مِن مَزِيَّةٍ ومَدعاةٍ للاعتزازِ والفخرِ ، ألا وهي أنْ أنزِلَ بها كتابُ رَبِّ السَّماواتِ والأرضِ سبحانه وتعالى .

وهذا الشافعيُّ (رحمه الله) يتحدث عنها فيقول : [اللسانُ الذي اختارَه اللهُ عزَّ وجلَّ لسانَ العربِ فأنزلَ بهِ كتابَهُ العزيزَ وجعلَهُ لسانَ خاتمِ أنبيائِهِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ولهذا نقولُ ينبغي لكلِّ أحدٍ يقدرُ على تعلُّمِ العربيةِ أنْ يتعلمَهَا لأنها اللسانُّ الأولى] .
وأمَّا عن حُكمِ تعلُّمِهَا فيكفينا فيه قولُ شيخِ الإسلامِ (رحمه الله) حيث يقول : [واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيراً قوياً ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعيين ، ومشابهتهم تزيد في العقل والدين والخلق ، وأيضا فإن نَفس اللغة من الدين ومعرفتها فرض واجب لأن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب] .
فانظُر رحمَني اللهُ وإياكَ إلى أيِّ حَدٍّ رفعَ سلفُنا (رحمهم الله) اللغةَ العربيةَ وفي أيِّ مَرتبَةٍ مِنَ المراتِبِ وضعُوها !!

واعلَمْ أخي الحبيبَ أنَّ الاهتمامَ باللغةِ ميزانٌ مِنْ موازِينِ الحُكمِ عَلى الأمَّةِ ؛ فإذا رأيتَ الأمةَ تهتمُّ بلغتِها فاعلَمْ أنها على طريقِ خيرٍ وسبيلِ رشادٍ وَبِرٍّ ، وإذا رأيتَ الأخرَى فابكِ عليهَا مِلءَ عينيكَ .
ومِنْ هذا المُنطَلَقِ تستطيعُ فهمَ ما قالَه الرَّافِعِيُّ (رحمه الله) : [ما ذَلّت لغةُ شعبٍ إلا ذلّ ، ولا انحطَّت إلا كان أمرُهُ فى ذهابٍ وإدبارٍ ، ومن هذا يفرِضُ الأجنبيُّ المستعمرُ لغتَه فرضاً على الأمةِ المستعمَرَة ، ويركبهم بها ويُشعرهم عَظَمَته فيها ، ويَستَلحِقُهُم من ناحيتها] .

وقد تَكَالَبَ الكِلابُ والجرذانُ على لُغتِنَا الشريفةِ بالفعلِ أيُّمَا تكالُبٍ ؛ ففي خِضَمِّ ماتَحيَاه أمَّتُنَا مِنْ تَطَاوُلٍ على أصُولِها وثوابتِها بينَ الفيْنةِ والفَيْنةِ ، وتهَجُّمٍ مريرٍ قبيحٍ على كُلِّ مايَنتَمِي لدينِ اللهِ تعالى بصِلَةٍ ، بحيثُ صَارَ الدينُ للأقزامِ والأغمارِ كالكَلَإ المُسْتَباحِ ، كانَ حَقًّا على من كان له قلبٌ ينبضُ بحبِّ هذه الشريعةِ السمحةِ الغراء أن يُشمِّرَ عن ساعِدَيه وينطَلِقَ مُهَروِلا في طريقِ الذبِّ عن دينِ اللهِ .
ومن بين الخطرِ العظيمِ الذي صارَ يُهَدِّدُ أمتَنا يوماً بعد يومٍ هو الهجومُ الضاري على اللغةِ العربية وعلى تراثِها بأكملِه وَيْكَأننا نقرأ كتابَ اللهِ بلغةٍ أخرى ، فمِن دعوةٍ للتجديدِ في النحوِ والصَّرفِ إلى دعوةٍ أخرى لتحرير الشِّعرِ مِن سِجنِ الأوزانِ والقوافي إلى دعوةٍ أقبح تنادي بتنصيبِ العاميةِ كلغةٍ رئيسَةٍ .
ومِمَّا لايَنتَطِحُ فيه الكبشان أننا كجمهور المسلمين قد قدَّمْنا العونَ لأصحابِ هذه الدعواتِ الخبيثةِ كيْ يعبثوا في تراثِنا ، وأكبر مساعداتنا لهم كانت تتمثل في ابتعادِنا دوماً عن هذه اللغة وعن قواعدها وأصولها .

وَقد أجادَ حافظٌ بنُ إبراهيمَ (رحمه الله) حينَما صَوَّرَ حالَ اللغةِ وخِطَابَها لأبنائِها في إحدى قصائِدِهِ فكانَ مِن بينِ ماقالَ على لسانِها :
وَسِعْتُ كِتابَ اللهِ لَفظًا وغَايةً .:. وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ
فَكَيْفَ أضِيقُ اليَومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ .:. وَتَنْسِيقِ أسْمَاءٍ لِمُخْتَرَعَاتِ
أنَا البَحْرُ فِي أحْشَائِهِ الدُّرُّ كَامِنٌ .:. فَهَلْ سَألُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتِي
فَيَاوَيْحَكُمْ أبْلَى وَتَبْلَى مَحَاسِنِي .:. وَمِنْكُمْ وَإنْ عَزَّ الدَّوَاءُ أسَاتِي
فَلا تَكِلُونِي لِلزَّمَانِ فَإنَّنِي .:. أخَافُ عَلَيْكُمْ أنْ تَحِينَ وَفَاتِي

مِن هذا وذاكَ كانَ لِزاماً علينا أن نقفَ معَ النفسِ وقفةً وننادي بأعلى صوتِنا : (نحن لها) ؛ بلَى .. نحن للعربيةِ ، نحن للذودِ عن حِياضِها ، سنتعلمُها ونُعلِّمُها ونحيا عليها وعليها نموت .
ولَكِنْ كَيفَ السَّبيلُ لِلقِيامِ بهذا إذا كُنَّا غارِقينَ في العُجمةِ والرَّطانةِ والعُقُوقِ لِلُغَتِنا ؟
كَيفَ السَّبيلُ لِنُصرَةِ العرَبيَّةِ بعدَمَا صِرنَا والأعاجِمُ سواء ؟
والجوابُ واضِحٌ وَبَيِّنٌ ومَعلُومٌ بحيثُ لا يحتاجُ لكثيرِ تفكيرٍ ؛ بَلَى فالجَوابُ هو أن نُبادِرَ إلى تَعَلُّمِ لُغتِنا مِن جديدٍ .
ومِنَ المَعْلُومِ أنَّ أمرًا كهذا يَحتاجُ إلى تَعبِئَةِ الجُهودِ وشَحنِ بَطَّارِيَّاتِ وَقودِ الهِمَمِ ، فالواحِدُ مِنَّا قَليلٌ بِنفسِهِ كَثيرٌ بإخوانِهِ ، ولعلَّ هذا مِمَّا يُستَفادُ مِن قولِ اللهِ تعالى : [وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى] {المائدة:2} .
بَلَى يارَعاكُم اللهُ ، عَمَلٌ كهذا يحتاجُ إلى تضافُرِ كُلِّ جُهدٍ وتَكريسِ كُلِّ وقتٍ وَبَذلِ كُلِّ وُسْعٍ فِي سَبيلِ تحقيقِ النَّفعِ ، ولسنا نُبالِغُ إذا قُلنَا أنه يحتاجُ إلى جَيشٍ جَرَّارٍ ، كُلٌّ مِنهم يبذلُ الغالي والنفيسَ مِنْ أجلِ خِدمَةِ دينِ اللهِ العظيمِ وتَعليمِ إخوانِهِ .

وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ فَإنَّ إدارةَ مُنتدَاكُم تُنادِيكُمْ بِكُلِّ شَوْقٍ ، وَتُعْلِنُ أنَّها تحتاجُ حالِيًا لِمُتَطَوِّعينَ لَهُمْ فِي صُنوفِ وفُنُونِ اللغةِ خِبرَةٌ وَباعٌ ، وَقَدَمٌ وذِرَاعٌ ، كَيْ نُؤَسِّسَ فِي المُنتدَى أكَادِيمِيَّةً مُتَكَامِلَةً فِي تَدْرِيسِ عُلُومِ اللغةِ العربِيَّةِ ؛ حتى يَتَوافرَ للمُسلمِ لَدَينَا مَعِينٌ يَسْتَقِي مِنْهُ عِلمَ النَّحْوِ ، وَبِئْرٌ صَافٍ يَرْتَوِي فِيهِ مِنْ عِلمِ الصَّرفِ ، ونَهٌرٌ جَارٍ يَأخُذُه لِيُغْرِقَهُ بَينَ أمواجِ بُحورِ الشِّعْرِ وعِلمِ العَرُوضِ ، وَمُرْشِدٌ يَأخُذُ بِالأيْدِي لِيُقِيمَها عَلَى الجَادَّةِ والصَّوابِ فِي عِلمِ الإمْلاءِ ، وصائِغٌ حَاذِقٌ يَتَلألأ قَلَمُهُ ويَلْمَعُ كَالذَّهَبِ حِينَ يُعَلِّمُ إخوانَهُ قَوَاعِدَ الخَطِّ العَرَبِيِّ وَسَبْكِ الحُرُوفِ ، وَمَاهِرٌ فَصِيحٌ يَقْطُرُ البَيَانُ مِنْ كَلِمَاتِهِ حِينَ يَدُلُّ النَّاسَ عَلَى فُنُونِ عِلمِ البَلاغَةِ مِنْ بَيَانٍ وَبَدِيعٍ .


فإنْ كُنتَ مُعَلِّمًا لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ ....
إنْ كُنتَ أحدَ دارِسِيهَا ....
إن كُنتَ طَالِبَ عِلمٍ حَاذِقًا عَارِفًا للغةِ ....

لِكُلِّ مَنْ يُجِيدُ صُنوفَ اللغةِ العرَبِيَّةِ مِنْ : [نحو ، صرف ، بلاغة ، عَروض ، إملاء ، خط عربي] ..

إن كُنتَ واحِدًا مِن هؤلاءِ فضَعْ يَدَكَ في أيدينا وأخبِرنَا كَيْ نَقِفَ سَوِيًّا عَلى هذا الثَّغرِ ونَسُدَّه ، وسَتَجِدُنا (إن شاء اللهُ) مُعِينِينَ لكَ مُيَسِّرينَ لكَ السُّبُلَ التي تَرجُوهَا ؛ كَيْ نَبْدَأَ خَيْرًا يَعُمُّ نَفعُهُ عَلَى القَاصِي والدَّانِي مِنْ إخوانِكَ ، كَيْ تَجِدَ فِي صَحِيفَةِ أعمالِكَ مَا يَسُرُّكَ يَومَ القِيَامَةِ مِنْ عِلمٍ نَافِعٍ جُدتَ بهِ عَلى المُسلِمِينَ فصارَ عَمَلا لا يَنْقَطِعُ وَلا يَتَوَقَّفُ وجَلَسْتَ تَجْنِي ثِمَارَه فِي قَبْرِكَ .


وأخيرًا ؛ كُلُّ مَنْ وَجَدَ فِي نَفسِهِ القُدْرَةَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَمَا عَلَيهِ إلا أن يُخبِرَنَا بِمُوَافَقَتِهِ واستِعْدَادِهِ للمُشارَكَةِ فِي هذا المَشْروعِ ، وسَيَلْقَى مِنَّا إن شاءَ اللهُ تعالى مَايَسُرُّهُ ويُثلِجُ فُؤادَهُ .
والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ أوَّلا وآخرًا ..

إخوانكم بإدارَةِ مُنتدَيَاتِ الحُورِ العينِ الإسْلامِيَّةِ .




تنبيه
الحمدُ للهِ قد رُزِقنَا مَن يَقومُ على النـحو والصـرف والإملاء .
فيبتبقى من يقوم بمهام البلاغة والعروض والخط العربي .
فمن لها يا عباد الله ؟