القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] . |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
قال الله جل و علا : ،( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144))، وقول الله فلولا أنه كان من المسبحين يبينه آية الأنبياء -( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ - [الأنبياء/87] و إنها أيها المؤمن دعوة و تسبيح و ذكر لمن وسعت رحمته كل شيء . قال العلماء: سبح يونس في ظلمات البحر لعالم السر و البلوى ، لجأ يونس إلى من يكشف الضر و البلوى ، لجأ يونس إلى من يسمع الدعوات وإن خفيت ، لجأ يونس إلى من يجيب الدعوات وإن عظمت ، لجأ يونس إلى من يعلم الخفيات و إن دقت ، فكان إكرام الله له ، (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 87 فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ـ_هذه ليونس _ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ هذه لغير يونس من المؤمنين لمن يلجأ إلى الله جل و علا ، فالجأوا إلى الله في السراء و الضراء ، بهذا الدعاء العظيم و علموا أنفسكم و أزواجكم و بناتكم و أبناءكم أن يلجأوا إلى الله بهذه الدعوة النبوية لنبي الله يونس و التي أقرها الله في كتابة و أقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته ، و هي القول (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فقد جمعت أمرين عظيمين ، الأول توحيد الله و به تعبد الله الخلائق ، و الثاني الإقرار بالذنب و إظهار الذلة و المسكنة و هي من أعظم الوسائل لإجابة دعوة الله تبارك و تعالى فلما كان هذا منه و استجاب الله منه ، أمر الله الحوت أن يلقيه و يقذفه خارج البحر ، فلما ألقاه الحوت و قذفه خارج البحر ، خرج ضعيفا مسكينا كأنه لتوه مولود في رقة لحمه و عظمه ، فأنبت الله عليه رحمة به شجرة اليقطين و هي فيما نعلم شجرة الدباء في اتساع ورقها ، فأخذت تظلله قال الله جل و علا ، (وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146))، ثم رده الله إلى قومه ، ليدعوهم من جديد ، قال الله تبارك و تعالى ، { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148) } قوم يونس لما خرج منهم نبي الله يونس مغاضبا كما قد علمنا ندموا على ما كان منهم وكان العذاب قد أظلهم و رأوه عيانا ، فلما رأوه عيانا جأروا إلى الله جل و علا فخرجوا إلى ظاهر القرية و أخرجوا معهم نساءهم و أطفالهم و بناتهم و أبناءهم صغارا و كبارا تضرعا إلى الله ، و أخذوا يجأرون بالدعاء الصغير منهم و الكبير، حتى إنهم أخرجوا معهم مواشيهم و إبلهم و بقرهم و ضأنهم و أغنامهم حتى قال العلماء إنهم فصلوا بين الغنم و حملانها ، وفصلوا بين البقر و أولادها و فصلوا بين الإبل و أولادها كذلك حتى يكونوا أدعى في أن ، تلك الأغنام و تلك الأبقار و تلك الإبل تجأر إلى الله جل وعلا بالصياح و النحيب و لقد كانت ساعة عظيمة لم ير مثلها ، و الله جل و علا مضت سنته في الخلق نوعان إيمان اضطراري و إيمان اختياري ، فالإيمان الاختياري هو الإنسان يؤمن في لحظات اختيار في لحظات لا يرى فيها العذاب عيانا ، فهذا يقبله الله جل و علا ، والساعة الأخرى لحظات الإيمان الاضطراري ، تغرغر الروح ، يرى القوم العذاب فهذا لا يقبل الله في وقته ، لا يقبل الله جل و علا على ما مضت به السنن ذلك الإيمان إلا قوم يونس الله جل و علا استثناهم برحمة و فضل منه من هذه السنة و الدليل قول الله جل و علا في سورة يونس ((فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98) )) فالأصل الذي جرت به سنن الله في الكون أن الله لا يقبل الإيمان الاضطراري ، فرعون لما رأى العذاب (قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (97) } مع ذلك ما قبل الله منه ، قال الله جل و علا -( آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ - [يونس/91] أما قوم يونس لأمر أراده الله و لحكمة أراها الله و لرحمة أرادها الله ، أن تنزل على أولئك الأقوام شملتهم رحمة الله و استثنوا من تلك السنة الماضية من الله ، فقبل الله إيمانهم قال الله جل و علا (فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) و بناء على هذا اختلف العلماء رحمهم الله هل إيمان قوم يونس لما كشف الله به عنهم العذاب الدنيوى هل يكشف به عنهم العذاب الأخروي ؟ ، على قولين للأهل العلم و لعل الأرجح و الصواب و الله تعالى أعلا و أعلم ، أنهم ينفعهم أخرويا كما ينفعهم دنيويا ، لأن رحمة الله جل و علا ، تغلب غضبه و هنا في هذه القصة العظيمة لنبي الله يونس دليل على أن الإنسان ينبغي عليه أن يفزع إلى الله جل و علا بالشدائد و أن يلجأ إليه عند حلول النقم ، و أن يلجا إليه عند حلول الفتن ، و أن يستغيث به تبارك و تعالى وحده ، و أنه يعلم أن الله يكشف الضر و البلوى ، كما أنه تبارك و تعالى يعلم السر و النجوى . وقفات مع سورة الصافات
للشيخ صالح المغاسي حفظه الله تعالى
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|