عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
فالعامل المنهجي في تحديد مصطلح السلف يكون فيه المسلم موافقا لطريقة السلف والأئمة كمالك والسفيانين والحمادين ، أعنى سفيان بن عيينة وسفيان الثوري ، وحماد بن زيد وحماد بن سلمة ، وكذلك عبد الله بن المبارك ، والليث بن سعد ، والإمام أبو حنيفة النعمان ، والإمام أحمد بن حنبل ، قامع البدعة وناصر السنة ، والإمام الشافعي وعلي بن المديني والإمام البخاري ، والإمام مسلم وأبو داود والترمذي ، وابن ماجة والنسائي والدارمي وغيرهم ، فطريقتهم هي الطريقة التي دل القران عليها وأرشد إليها ، وهي أكمل الطرق وأصحها ، يتوافق فيها العقل مع النقل ولا يتخذون النقل مطية للعقل ، بل يرون الحق فيما نزل من عند الله ، ويتهمون أنفسهم وعقولهم إذا عارضت كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،
وصفهم وحالهم كما ورد في قوله تعالى : { ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد } (1) . فكل من تحقق فيه هذا العاملان فهو سلفي بالمعنى الاصطلاحي ، وكل من أعقبهم وجاء بعدهم وسار على دربهم واعتقد صحة نهجهم ، فهو خير خلف لخير سلف وإن لم يدخل تحت السلف اصطلاحا (2) . __________ (1) بأ:6 . (2) نظر المزيد عن العامل المنهجي : ابن تيمية : درء تعارض العقل والنقل ، (1391هـ) ، تحقيق محمد رشاد سالم الرياض دار الكنوز الأدبية 6/250 وما بعدها ، شرح العقيدة الأصفهانية (1415) ، تحقيق إبراهيم سعدي ، الرياض ، مكتبة الرشد ، 2/80 وابن قيم الجوزية : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (1398م) ، تحقيق محمد بدر الدين النعساني ، بيروت ، نشر دار الفكر ، ص302 .
|
#12
|
||||
|
||||
الخلف :_ لغة القرن بعد القرن ، يقال : هؤلاء خلف سوء لناس لاحقين بناس أكثر منهم ، والخلف أيضا ساكن اللام ومفتوحها ما جاء من بعد يقال : هو خلف سوء من أبيه ، وخلف صدق من أبيه ، إذا قام مقامه (1) ،
قال ابن المطرز : ( خلف فلان فلانا جاء خلفه ، ومنها خلفة الشجر وهي ثمر يخرج بعد الثمر الكثير ، وخلفة النبات ، ما ينبت في الصيف بعدما يبس العشب ، وكذلك ما زرع من الحبوب بعد إدراك الأولى يسمى خلفة ، وخلفته خلافة كنت خليفته ) (2) . أما الخلف في الاصطلاح فيمكن تحديده أيضا من خلال أمرين أساسيين أو عاملين مجتمعين ، عامل زمني وآخر منهجي : أولا : العامل الزمني :_ ويتناول كل من أعقب عصر السلف ولم يدرك عصر خير القرون ، وبدايته الرسمية منذ سيطرة المعتزلة على الخلافة الإسلامية في عصر المأمون بن هارون ، وإن كان ظهور المنهج الكلامي أسبق من ذلك ، إلا أنه لم يكن على مستوى الخلافة . ثانيا : العامل المنهجي :_ العامل المنهجي في تحديد مصطلح الخلف ، هو اتباع أصحابه للمنهج الكلامي والمنطق اليونانى ، واعتباره أصلا يسيرون على نهجه ، وميزانا لقياس الأمور العقائدية ، وما عارض ذلك من نصوص الوحي جعلوها أدلة لفظية لا تفيد اليقين ، أو مجازات واستعارات لا حقيقة لها ، وأن العقل عارضها فيجب تقديمه عليها ، وأنها أخبار آحاد لا يجوز أن يحتج بها على أصولهم ، هذا الاتجاه هو ما عرف بمذهب الخلف قديما ويصدق عليه من سار على دربهم حديثا ، قال ابن حجر العسقلانى : __________ (1) لرازي : محمد بن أبي بكر بن عبد القادر ، (1415) ، مختار الصحاح ، بيروت ، مكتبة لبنان ، 1/78 . (2) بن المطرز : أبو الفتح ناصر الدين ، (1979م) ، المغرب في ترتيب المعرب ، حلب ، نشر مكتبة أسامة بن زيد1/286.
|
#13
|
||||
|
||||
( وقد توسع من تأخر عن القرون الثلاثة الفاضلة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التابعين وأتباعهم ، ولم يقتنعوا بذلك حتى مزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان ، وجعلوا كلام الفلاسفة أصلا يردون إليه ما خالفه من الآثار بالتأويل ، ولو كان مستكرها ، ثم لم يكتفوا بذلك حتى زعموا أن الذي رتبوه ، هو أشرف العلوم وأولاها بالتحصيل ، وأن من لم يستعمل ما اصطلحوا عليه فهو عامي جاهل ، فالسعيد من تمسك بما كان عليه السلف ، واجتنب ما أحدثه الخلف ) (1) .
ويقول أبو القاسم اللالكائي : (فلم تزل الكلمة مجتمعة ، والجماعة متوافرة على عهد الصحابة الأول ، ومن بعدهم من السلف الصالحين ، حتى نبغت نابغة في أول إمارة المروانية ، تنازع في القدر وتتكلم فيه ، حتى سئل عبد الله بن عمر ، فروى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر بإثبات القدر والإيمان به ، وحذر من خلافه ، وأن ابن عمر ممن تكلم بهذا أو اعتقده بريء منه وهم براء منه ، وكذلك عرض على ابن عباس وأبي سعيد الخدري وغيرهما ، فقالا له مثل مقالته ) (2) . __________ (1) بن حجر :فتح الباري 13/253 . (2) للالكائي : أبو القاسم هبة الله بن الحسن ، (1402) ، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة ، تحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان ، الرياض ، دار طيبة 1/16.
|
#14
|
||||
|
||||
المطلب الثاني : تعريف المحكم والمتشابه والتفويض لغة واصطلاحا .
المحكم لغة :_ من الحكم والقضاء ، والعلم والفقه ، وهو مصدر حكم يحكم ، والمحكم الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب ، فعيل بمعنى مفعل أحكم فهو محكم ، وفي حديث ابن عباس : ( قرأت المحكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) (1) ، يريد المفصل من القرآن لأنه لم ينسخ منه شيء ، وقيل : هو ما لم يكن متشابها لأنه أحكم بيانه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره (2) . المتشابه لغة : _ الشبه ضرب من النحاس ، يلقى عليه دواء فيصفر ، وسمي شبها لأنه شبه بالذهب ، وفي فلان شبة من فلان أي شبيهه ، وتقول : شبهت هذا بهذا ، وأشبه فلان فلانا ، وأشبه الشيء الشيء ماثله ، والمشبهات من الأمور المشكلات ، تشابه الشيئان أشبه كل منهما الآخر حتى التبسا ، وشبه فلان علي إذا خلط ، واشتبه الأمر (3) . المحكم والمتشابه في الاصطلاح : يمكن بالتتبع والاستقراء حصر الآراء التي فسرت معنى المحكم والمتشابه في القرآن الكريم في الوجوه الآتية : 1- المحكم ما عرف تأويله وفهم معناه وتفسيره ، والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل . 2- المحكم ما لا يحتمل إلا وجها واحدا ، والمتشابه ما يحتمل وجوها ، فإذا ردت إلى وجه واحد وأبطل الباقي ، صار المتشابه محكما . 3- المحكم ناسخه وحرامه وحلاله وفرائضه وما نؤمن به ونعمل عليه ، والمتشابه منسوخه وأمثاله وأقسامه وما نؤمن به ولا نعمل به . 4- المحكم الذي ليس فيه تصريف ولا تحريف عما وضع له والمتشابه ما فيه تصريف وتحريف وتأويل . __________ (1) خرجه البخاري بسنده عن سعيد بن جبير قال : وقال ابن عباس : ( ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بن عشر سنين وقد قرأت المحكم ) (4748) 4/1922. (2) بن منظور : لسان العرب 12/141 . (3) لفراهيدي : أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد ، كتاب العين ، تحقيق د.مهدي المخزومي ود.إبراهيم السامرائي ، نشر دار ومكتبة الهلال 3/404 ، مجمع اللغة العربية : المعجم الوسيط ، نشر دار المعارف ، ط3 ، 1/490 .
|
#15
|
||||
|
||||
5- المحكم ما كان قائما بنفسه ، لا يحتاج إلى أن يرجع فيه إلى غيره ، والمتشابه ما يرجع فيه إلى غيره .
ويذكر السيوطي أن ما لم يأت في القرآن بلفظه البتة مما يقصده علماء القرآن ، من وقوع النظم الواحد على صور شتى ، تتشابه في أمور وتختلف في أخرى ، يطلقون عليه متشابه النظم أو متشابه اللفظ (1) ، يقول الزركشي في البرهان عن المتشابه من هذا النوع : ( ويكثر في إيراد القصص والأنباء ، وحكمته التصرف في الكلام وإتيانه على ضروب ليعلمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك مبتدأ به ومتكرر ) (2) . ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون } (3) ، مع قوله : { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون } (4) . وربما يطلق المتشابه كصفة مدح لجميع القرآن ، ولفظ المتشابه بهذا المعنى هو الوارد في قول الله تعالى : { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } (5) . __________ (1) لسيوطي : جلال الدين ، (1354) ، الإتقان في علوم القرآن ، القاهرة ، طبعة مصطفي البابى الحلبي ، 3/390 . (2) لزركشي : بدر الدين ، (1972) ، البرهان في علوم القرآن للإمام ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، بيروت ، طبعة دار المعرفة ، 1/112. (3) لبقرة:48 . (4) لبقرة:123 . (5) لزمر:23 .
|
#16
|
||||
|
||||
أما تبيان كيف أن المتشابه بهذا الإطلاق نعت كمال لجميع القرآن ، فإنه من الجلي أن صوغ مادة التشابه في هذه الآية يقضى بأن الكتاب الكريم ذو أجزاء ، كلها يشبه بعضها بعضا من حيث الصحة والإحكام ، والبناء على الحق والصدق ومنفعته الخلق ، وتناسب ألفاظه وتناسقهما في التخير والإصابة ، وتجاوب نظمه وتأليفه في الإعجاز والتبكيت (1) .
والتشابه بهذا المعنى الذي يعم جميع القرآن على نحو ما رأينا ، لا يتنافي بحال مع وصف الإحكام المذكور في قول الله تعالى : { الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } (2) . والذي يعم هو الآخر القرآن الكريم بأسره ، بل يجب الأخد بكلا الوصفين جميعا في كتاب الله عز وجل ، دون أن يأتي كلام الحق في ذلك باطل من بين يديه أو من خلفه ، وذلك بأن التناقض إنما يلزم إذا كان بين المادتين في هاتين الآيتين تقابل التضاد ، وكيف وكل منهم صفة مدح ، لا يمكن أن تدل على ما يضاد الأخرى ، وإنما على ما يؤيدهما ويشد من أزرهما، وبانطوائهما معا في صفته شاهد صدقه وآية تنزيل رب العالمين . وأما الإحكام فمعناه أن أي القرآن كلها قد نظمت نظما محكما لا يعتريه إخلال من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى ولا من جهة الهدف والغاية ، أو أنها أحكمت بالحجج والدلائل ، أو جعلت حكمة ، فنقول : حكم إذا صار محكما ، لأنها مشتملة على أمهات الحكم النظرية والعملية ، وإذن فالقرآن بهذا المعنى محكم في تشابهه ، متشابه في إحكامه (3) . __________ (1) لزمخشري : الكشاف 4 /95 . (2) ود:1. (3) لبيضاوي : تفسير القرآن ، (1416هـ) تحقيق عبد القادر عرفات العشا حسونة ، بيروت نشر دار الفكر ، 3/219 .
|
#17
|
||||
|
||||
وقد يرد لفظ المتشابه في القرآن مقولا على بعض منه مخصوص ، مقابلا وقسيما للبعض الآخر الذي يقال عليه وصف المحكم ، وبحيث لا يجتمع هذان الوصفان المتقابلان في شيء واحد ، وذلك هو ما جاء في قوله تعالى : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } (1) ،
وهذا المعنى هو الذي ينصرف إليه لفظ المتشابه عند الإطلاق ، والتجرد من القرينة ، وإن الناظر في هذين الوصفين المتقابلين ، واللذين لا يصدق واحد منهما على ما يصدق عليه الآخر من القرآن ، ليرى اختلافا عظيما بين العلماء في تبيان هذا المعنى ، وهذا ما يهمنا في هذا البحث . التفويض لغة واصطلاحا :_ فوض إليه الأمر صيره إليه وجعله الحاكم فيه ، قال الله جل وعز : { فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله } (2) ، أي أتكل عليه ، وفي حديث البراء بن عازب : ( ثم قل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك ) (3) ، أي رددته إليك ، والتفويض في النكاح التزويج بلا مهر ، وقوم فوضى مختلطون ، وقيل : هم الذين لا أمير لهم ، ولا من يجمعهم ، وصار الناس فوضى : أي متفرقين ، وقوم فوضى : أي متساوون لا رئيس لهم ، ونعام فوضى : أي مختلط بعضه ببعض (4) . __________ (1) ل عمران/7 . (2) افر:44 . (3) خرجه البخاري في كتاب الوضوء ، باب فضل من بات علي الوضوء ، رقم (244) 1/97 . (4) لفراهيدي : كتاب العين 7/64 ، وابن منظور : لسان العرب 7/210 .
|
#18
|
||||
|
||||
أما التفويض في الاصطلاح ، فهو زعم وادعاء من قبل الخلف الأشعرية بأن عقيدة السلف في نصوص الصفات ، هو تفويض العلم بالمعنى لا الكيفية ، فبعد موت أبى الحسن الأشعري الذي أعلن اتباعه للمنهج السلفي ، ظن علماء الخلف من الأشعرية كالقاضي أبى بكر الباقلاني : (402هـ) ، وأبى إسحاق الإسفراييني : ( ت418هـ) ، وأبى إسحاق الشيرازي : (476هـ ) ، وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني : (478هـ ) ، وفخر الدين الرازي ( 606هـ) ، وكأبى حامد الغزالي الصوفي : (505هـ) ، والآمدي والإيجى وابن فورك والشهرستانى ، وغيرهم من علماء الخلف الأشعرية ، ظن هؤلاء أن مذهب السلف الصالح هو التفويض .
والتفويض عندهم هو القول بأن معنى النص مجهول ولا يعلمه أحد من السلف ، وأنهم فوضوا العلم به إلى الله ، أو ردوا العلم بالمعنى إلى الله لعدم علمهم به ، كالأعجمي حين ينظر إلى القرآن ، والأمر ليس كذلك كما سنرى ، فالسلف فوضوا العلم بالكيفية الغيبية إلى الله ، أو ردوا العلم بكيفية الصفات إلى الله ، أما المعنى فهو معلوم واضح من دلالة اللغة العربية التي نزل بها القرآن .
|
#19
|
||||
|
||||
وحجتهم في ذلك اعتقادهم الخاطئ أن النصوص القرآنية والنبوية في الغيبيات أو باب والصفات موهمة للتشبيه والجسمية ، ومعانها من المتشابهات ودون المحكمات ، وبقى الحال على هذا الفهم عند كثير من الناس حتى الآن ، فأغلبهم يخطئون في فهم عقيدة الإمام مالك بن أنس رحمه الله ، عندما سأله سائل وقال له : يا أبا عبد الله : { الرحمن على العرش استوى } (1) ، كيف استوى ؟! فقال : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، فإنى أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأخرج ) (2) .
حيث ظنوا أن مالكا دعا إلى عدم التعرض للآيات بتفسير معناها ، وإيجاب تفويض العلم بالألفاظ إلى الله ، وأمر عقيدة السلف التي قررها الإمام مالك ليس كذلك ، فمعتقد الإمام مالك هو تفويض العلم بالكيفية إلى الله فقط ، أما المعنى فهو معلوم ظاهر من لغة العرب ومراد من مفهوم الآية ، وهذا واضح بين في كلامه حيث قال : الاستواء غير مجهول ، أي معلوم المعنى ، والكيف غير معقول أي مجهول للعقل البشرى بسبب عجزه عن إدراكه ، ومن ثم لو قلنا كما قال الخلف من الأ شعرية بأن مالكا فوض العلم بالمعنى لا الكيفية ، فهذا يجعل السلف كالأعاجم والأميين الذين لايعلمون الكتاب إلا أمانى ، كما ورد في قوله تعالى : { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون } (3) . المطلب الثالث : رؤية سلفية في فهم المعنى والكيفية وعلاقته بالمحكم والمتشابه . __________ (1) ه:5 . (2) للالكائي : أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري ، 1402هـ ، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة ، تحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان ، الرياض ، دار طيبة 3/398 . (3) لبقرة:78.
|
#20
|
||||
|
||||
المطلب الثالث : رؤية سلفية في فهم المعنى والكيفية وعلاقته بالمحكم والمتشابه .
لما قال علماء الخلف من الأشعرية بأن نصوص الصفات الإلهية موهمة للتشبيه والجسمية ، تغير تبعا لذلك مفهوم المحكم والمتشابه عندهم وعند أتباعهم ، من معنى سلفي يعتبر المتشابه من القرآن آيات معلومات المعنى واضحات الدلالة ، ظاهرها مراد في حق الله ، وليس كمثله شيء في حقائقها وأن المجهول فقط وهو كيفية الصفات الإلهية التي دلت عليها هذه الآيات ، تغير مفهوم المتشابه عندهم إلى اعتبار هذه النصوص نصوصا تدل على ظاهر باطل محال ، يحمل التشبيه والتجسيم ويجب صرفه عن الصورة المنفرة التي صورها لربهم ، كل ذلك ليجعلوا الناس مؤيدين لآرائهم وأصولهم ، مهيئين لقبول تأويلهم وتبديلهم . ثم طرحوا بديلا آخر أمام الناس كخيار ينسبونه لعقيدة السلف ، وهو القول بأن نصوص الصفات الإلهية ، معانيها معان مجهولة أعجمية ، يفوض فيها الأمر والعلم إلى الله ، ثم ألصقوا هذا الطرح بدعوى التسليم وعدم الخوض في توحيد الصفات كما كان شأن السلف ، ومن هنا كان لابد من تحقيق الأمر في قضية المحكم والمتشابه ، وتجليته بصورة جديدة تبين حقيقة الفهم السلفي الصحيح . يذكر أبو بكر الجصاص أن كلا من المحكم والمتشابه في القرآن ينقسم إلى معنيين : أحدهما يصح وصف القرآن بجميعه ، والآخر إنما يختص به بعض القرآن دون بعض ، قال الله تعالى : { الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } (1) ، فوصف جميع القرآن في هذه المواضع بالإحكام ، وقال تعالى : { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } (2) ، فوصف جميعه بالمتشابه ، ثم قال في موضع آخر : __________ (1) ود:1. (2) لزمر:23 .
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|