رسالة
خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله
للإمام
عبد العزيز بن باز رحمه الله
قال الإمام ابن باز رحمه الله
:
"
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسوله الأمين, وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
فإن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلى الاختلاط
سواء كان ذلك على جهة التصريح أو التلويح
بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة
أمر خطير جدا ، له تبعاته الخطيرة , وثمراته المرة , وعواقبه الوخيمة ,
رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه .
و
## من أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لا تحصى
فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم
اختيارا أو اضطرارا
بإنصاف من نفسه وتجرد للحق عما عداه يجد التذمر على المستوى الفردي والجماعي
,
والتحسر على انفلات المرأة من بيتها وتفكك الأسر
,
ويجد ذلك واضحا على لسان الكثير من الكتاب
بل في جميع وسائل الإعلام وما ذلك إلا لأن هذا هدم للمجتمع وتقويض لبنائه .
و
## الأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية
وتحريم النظر إليها
,
وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله
أدلة كثيرة
قاضية بتحريم الاختلاط
;
لأنه يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه
.
و
## إخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة
إخراج لها عما تقتضيه فطرتها وطبيعتها التي جبلها الله عليها .
ف
## الدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال
أمر خطير على المجتمع الإسلامي
,
## ومن أعظم آثاره الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا
الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه وأخلاقه .و
## معلوم أن الله تبارك وتعالى جعل للمرأة تركيبا خاصا
يختلف تماما عن تركيب الرجال
هيأها به للقيام بالأعمال التي في داخل بيتها والأعمال التي بين بنات جنسها
.
و
معنى هذا
:
أن اقتحام المرأة لميدان الرجال الخاص بهم يعتبر إخراجا لها عن تركيبها وطبيعتها
,
و
في هذا جناية كبيرة على المرأة
وقضاء على معنوياتها وتحطيم لشخصيتها
,
## ويتعدى ذلك إلى أولاد الجيل من ذكور وإناث
;
لأنهم يفقدون التربية والحنان والعطف
,
فالذي يقوم بهذا الدور هو الأم قد فصلت منه وعزلت تماما عن مملكتها التي لا يمكن أن تجد الراحة
والاستقرار والطمأنينة إلا فيها
وواقع المجتمعات التي تورطت في هذا أصدق شاهد على ما نقول.
و
## الإسلام جعل لكل من الزوجين واجبات خاصة
على كل واحد منهما أن يقوم بدوره ليكتمل بذلك بناء المجتمع في داخل البيت وفي خارجه .
ف
الرجل يقوم بالنفقة والاكتساب
,
والمرأة تقوم بتربية الأولاد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة
والأعمال التي تناسبها لتعليم الصغار وإدارة مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن
ونحو ذلك من الأعمال المختصة بالنساء
.
فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعا للبيت بمن فيه
,
ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنويا
وعند ذلك يصبح المجتمع شكلا وصورة لا حقيقة ومعنى
.
## قال الله جل وعلا:
[ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ] (1)
فسنة الله في خلقه أن القوامة للرجل بفضله عليها
كما دلت الآية الكريمة على ذلك
,
و
## أمر الله سبحانه للمرأة بقرارها في بيتها ونهيها عن التبرج معناه : النهي عن الاختلاط
و
هو: اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد
بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو السفر أو
نحو ذلك
;
لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في المنهي عنه
,
وفي ذلك مخالفة لأمر الله وتضييع لحقوقه المطلوب شرعا من المسلمة أن تقوم بها
.
و
## الكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه
قال الله جل وعلا:
[ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ
وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ]
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ] (2)
فأمر الله أمهات المؤمنين- وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك- بالقرار في البيوت
لما في ذلك من صيانتهن
و
إبعادهن عن وسائل الفساد
;
لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج
كما يفضي إلى شرور أخرى