كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
أرواح تهيم حول العرش وأبدان تحوم حول الحش للعلامة ابن القيم
|
#2
|
|||
|
|||
قال العلامة فى كتابه المتحف طريق الهجرتين وهذا مبنى على أصلين: أحدهما: أن نفس الإِيمان بالله وعبادته ومحبته وإخلاص العمل له وإفراده بالتوكل عليه هو غذاءُ الإِنسان وقوته وصلاحه وقوامه، كما عليه أَهل الإيمان، وكما دل عليه القرآن، لا كما يقوله من يقول: إن عبادته تكليف ومشقة على خلاف مقصود القلب ولذته بل لمجرد الامتحان والابتلاء كما يقوله منكرو الحكمة والتعليل، أو لأجل التعويض بالأجر لما فى إيصاله إليه بدون معاوضة منه تكدره، أو لأجل تهذيب النفس ورياضتها واستعدادها لقبول العقليات كما يقوله من يتقرب إلى النبوات من الفلاسفة بل الأمر أعظم من ذلك كله وأجل، بل أوامر المحبوب قرة العيون وسرور القلوب ونعيم الأرواح ولذات النفوس وبها كمال النعيم، فقرة عين المحب فى الصلاة والحج، وفرح قلبه وسرره ونعيمه فى ذَلِكَ وفى الصيام والذكرفإن قوام السموات والأرض والخليقة بأن تأله الإله الحق، فلو كان فيهما إله آخر غير الله لم يكن إلهاً حقاً، إذ الإله الحق لا شريك له ولا سمى له ولا مثل له، فلو تأَلهت غيره لفسدت كل الفساد بانتفاء ما به صلاحها، إذ صلاحها بتأَله الإله الحق كما أَنها لا توجد إلا باستنادها إلى الرب الواحد القهار ويستحيل أَن تستند فى وجودها إِلى ربين متكافئين، فكذلك يستحيل أَن تستند فى بقائها وصلاحها إِلى إِلهين متساويين. إِذا عرف هذا فاعلم أَن حاجة العبد إِلى أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً فى محبته ولا فى خوفه ولا فى رجائه ولا فى التوكل عليه ولا فى العمل له ولا فى الحلف به ولا فى النذر له ولا فى الخضوع له ولا فى التذلل والتعظيم والسجود والتقرب أَعظم من حاجة الجسد إِلى روحه والعين إِلى نورها. بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به، فإِن حقيقة العبد روحه وقلبه ولا صلاح لها إِلا بإلهها الذى لا إِله إِلا هو، فلا تطمئن فىالدنيا إِلا بذكره وهى كادحة إِليه كدحاً فملاقيته، ولا بد لها من لقائه، ولا صلاح لها إِلا بمحبتها وعبوديتها له ورضاه وإِكرامه لها ولو حصل للعبد من اللذات والسرور بغير الله ما حصل لم يدم له ذلك. بل ينتقل من نوع إِلى نوع ومن شخص إِلى شخص ويتنعم بهذا فى وقت ثم يتعذب به ولا بد فى وقت آخر، وكثيراً ما يكون ذلك الذى يتنعم به ويلتذ به غير منعم له ولا ملذ، بل قد يؤذيه اتصاله به ووجوده عنده ويضره ذلك، وإنما يحصل له بملابسته من جنس ما يحصل للجرب من لذة الأَظفار التى تحكه، فهى تدمى الجلد وتخرقه وتزيد فى ضرره، وهو يؤثر ذلك لما له فى حكها من اللذة، وهكذا ما يتعذب به القلب من محبة غير الله هو عذاب عليه ومضرة وأَلم فى الحقيقة لا تزيد لذته على لذة حك الجرب، والعاقل يوازن بين الأَمرين ويؤثر أَرجحهما وأَنفعهما، والله الموفق المعين، وله الحُجَّة البالغة كما له النعمة السابغة. والمقصود أَن إِله العبد الذى لا بد له منه فى كل حالة وكل دقيقة وكل طرفة عين فهو الإِله الحق الذى كل ما سواه باطل، والذى أَينما كان فهو معه، وضرورته إليه وحاجته إِليه لا تشبهها ضرورة ولا حاجة بل هى فوق كل ضرورة وأَعظم من كل حاجة، ولهذا قال إِمام الحنفاء: {لآ أُحِبّ الاَفِلِينَ} [الأنعام:76] والله أعلم. |
#3
|
|||
|
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|