القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] . |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ ( موضوع متجدد)
|
#2
|
|||||||||||
|
|||||||||||
|
#3
|
|||
|
|||
ما شاء اللــــه ...
اللهم اجعلنا من أهل القرءان واجزِ كاتبةَ الموضوع خيراً |
#4
|
|||
|
|||
اقتباس:
بارك الله فيكِ غاليتى وجزاكِ خيرا
|
#5
|
|||
|
|||
جمـع القـرآن فـي عهـد أبي بكـر ـ رضي الله عنه ـ: قام أبو بكر بأمر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواجهته أحداث جسام في ارتداد جمهرة العرب، فجهَّز الجيوش وأوفدها لحروب المرتدين، وكانت غزوة أهل اليمامة سنة اثنتى عشرة للهجرة تضم عدداً كبيراً من الصحابة والقُرَّاء، فاستشهد في هذه الغزوة سبعون قارئاً من الصحابة فهال ذلك عمر بن الخطاب، ودخل على أبي بكر رضي الله عنه وأشار عليه بجمع القرآن وكتابته خشية الضياع فإن القتل قد استحر( اشتد )يوم اليمامة بالقُرَّاء، ويُخشى إن استحر بهم في المواطن الأخرى أن يضيع القرآن ويُنسَى فنفر أبو بكر من هذه المقالة وكبر عليه أن يفعل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وظل عمر يراوده حتى شرح الله صدر أبي بكر لهذا الأمر ثم أرسل إلى زيد بن ثابت لمكانته في القراءة والكتابة والفهم والعقل، وشهوده العرضة الأخيرة، وقصَّ عليه قول عمر ـ فنفر زيد من ذلك كما نفر أبو بكر من قبل، وتراجعا حتى طابت نفس زيد للكتابة وبدأ زيد بن ثابت في مهمته الشاقة معتمداً على المحفوظ في صدور القُرَّاء، والمكتوب لدى الكتبة، وبقيت تلك الصحف عند أبي بكر، حتى إذا توفى سنة ثلاث عشر للهجرة صارت بعده إلى عمر، وظلت عنده حتى مات ـ ثم كانت عند حفصة ابنته صدراً من ولاية عثمان حتى طلبها عثمان من حفصة. عن زيد بن ثابت قال: " أرسل إلىَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقرَّاء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقرَّاء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإنى أريد أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال عمر: هو والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدرى لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد: قال أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل مما أمرني به من جمع القرآن، قلت كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعنى حتى شرح الله صدرى للذى شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللَّخاف وصدور الرجال، ووجدتُ آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصارى، لم أجدها مع غيره ﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾التوبة:128 حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصه بنت عمر" وقد راعى زيد بن ثابت نهاية التثبيت، فكان لا يكتفى بالحفظ دون الكتابة، وقوله في الحديث: " ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصارى لم أجدها مع غيره " لا ينافى هذا، ولا يعنى أنها متواترة، وإنما المراد إنه لم يجدها مكتوبة عند غيره، وكان زيد يحفظها، وكان كثير من الصحابة يحفظونها كذلك، لأن زيداً كان يعتمد على الحفظ والكتابة معاً، فكانت هذه الأية محفوظة عند كثير منهم، ويشهدون بأنها كُتِبَت، ولكنها لم توجد مكتوبة إلا عند أبي خزيمة الأنصارى. أخرج ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال:" قدم عمر، فقال: مَن كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأت به، وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شهيدان "، وهذا يدل على أن زيداً كان لا يكتفى بمجرد وجدانه مكتوباً حتى يشهد به مَن تلَّقَاه سماعاً، مع كون زيد كان يحفظ، فكان يفعل ذلك مبالغة من الاحتياط، وأخرج ابن أبي داود أيضا من طريق هشام بن عروة عن أبيه: " أن أبا بكر قال لعمر ولزيد: اقعدوا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه " ورجاله ثقات مع انقطاعه، قال ابن حجر: " وكأن المراد بالشاهدين: الحفظ والكتاب " وقال السخاوى في " جمال القراء " :" المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كُتِبَ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن " قال أبو شامة: " وكان غرضهم أن لا يكُتب إلا من عين ما كُتِبَ بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، لا من مجرد الحفظ، ولذلك قال في آخر سورة التوبة: " لم أجدها مع غيره " أي لم أجدها مكتوبة مع غيره لأنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة ". وقد عرفنا أن القرآن كان مكتوباً من قبل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان مفرَّقاً فى الرقاع والأكتاف والعسب، فأمر أبو بكر بجمعه في مصحف واحد مرتب الآيات والسور وأن تكون كتابته غاية من التثبيت مشتملة على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، فكان أبوبكر رضي الله عنه أول مَن جمع القرآن بهذه الصفة في مصحف، وإن وجدت مصاحف فردية عند بعض الصحابة، كمصحف علىّ، ومصحف أبىّ، ومصحف ابن مسعود، فإنها لم تكن على هذا النحو، ولم تنل حظها من التحرى والدقة، والجمع والترتيب، والاقتصار على ما لم تُنسخ تلاوته، والإجماع عليها، بمثل ما نال مصحف أبي بكر، فهذه الخصائص تمَّيز بها جمع أبي بكر للقرآن، ويرى بعض العلماء أن تسمية القرآن بالمصحف نشأت منذ ذلك الحين في عهد أبي بكر بهذا الجمع، وعن على قال: " أعظم الناس أجراً في المصاحف أبو بكر، ورحمة الله على أبي بكر، وهو أول مَن جمع كتاب الله ". وهذا الجمع هو المسمى بالجمع الثاني. تابـــع
|
#6
|
|||
|
|||
جمـع القـرآن فـي عهـد عثمـان ـ رضي الله عنه ـ اتسعت الفتوحات الإسلامية، وتفرَّق القُرَّاء في الأمصار، وأخذ أهل كل مصر عمن وفد إليهم قراءته، ووجوه القراءة التي يؤدون بها القرآن مختلفة باختلاف الأحرف التي نزل عليها، فكانوا إذا ضمهم مجمع أو موطن من مواطن الغزو عجب البعض من وجوه هذا الاختلاف وقد يقنع بأنها جميعاً مسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا لا يحول دون تسرب الشك للناشئة التي لم تدرك الرسول، فيدور الكلام حول فصيحها وأفصحها، وذلك يؤدى إلى الملاحاة إن استفاض أمره ومردوا عليه، ثم إلى اللجاج والتأثيم، وتلك فتنة لا بد لها من علاج. فلما كانت غزوة " أرمينية " وغزوة " أذربيجان " من أهل العراق، كان فيمن غزاهما " حذيفة بن اليمان " فرأى اختلافاً كبيراً في وجوه القراءة، وبعض ذلك مشوب باللَّحن، مع إلف كل لقراءته، ووقوفه عندها، ومماراته مخالفة لغيره، وتكفير بعضهم الآخر، حينئذ فزع إلى عثمان رضي الله عنه، وأخبره بما رأى، وكان عثمان قد نمى إليه أن شيئاً من ذلك الخلاف يحدث لمن يُقرئون الصبية، فينشأ هؤلاء وبينهم من الاختلاف ما بينهم، فأكبر الصحابة هذا الأمر مخافة أن ينجم عنه التحريف والتبديل، وأجمعوا أمرهم أن ينسخوا الصحف الأولى التي كانت عند أبي بكر، ويجمعوا الناس عليها بالقراءات الثابتة على حرف واحد، فأرسل عثمان إلى حفصة، فأرسلت إليه بتلك الصحف، ثم أرسل إلى زيد بن ثابت الأنصارى، وإلى عبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن حارث بن هشام القرشيين، فأمرهم أن ينسخوها في المصاحف، وأن يُكتب ما اختلف فيه زيد مع رهط القرشيين الثلاثة بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم. عن أنس: " أن حذيفة بن اليمان قَدِمَ على عثمان، وكان يغازى أهل الشام في أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة أن أرسلى إلينا الصحف ننسخها ثم نردها إليك ـ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ـ فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أتنم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا المصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرق " قال زيد: آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصارى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب:23] فألحقناها في سورتها في المصحف 00رواه البخارى ودلت الآثار على أن الاختلاف في وجوه القراءة لم يفزع منه حذيفة بن اليمان وحده، بل شاركه غيره من الصحابة في ذلك، عن ابن جرير قال: " حدثني يعقوب بن ابراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، قال: لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يُعلِّم قراءة الرجل، والمعلم يعلِّم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلِّمين ـ قال أبو أيوب: فلا أعلمه إلا قال ـ حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان فقام خطيباً، فقال: " أنتم عندى تختلفون فيه وتلحنون، فمن نأى عنى من أهل الأمصار أشد فيه اختلافاً وأشد لحناً، اجتمعوا يا أصحاب محمد فاكتبوا للناس إماماً " قال أبو قلابة: فحدثنى أنس بن مالك قال: كنت فيمن يُمْلىَ عليهم، قال: فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعله أن يكون غائباً في بعض البوادى، فيكتبون ما قبلها وما بعدها، ويدعون موضعها، حتى يجئ أو يرسل إليه، فلما فرغ من المصحف كتب عثمان إلى أهل الأمصار: إني قد صنعت كذا وكذا، ومحوت ما عندى، فامحوا ما عندكم "(تفسير الطبرى) وأخرج بن أشتة من طريق أيوب عن أبي قلابة مثله، وذكر ابن حجر في الفتح أن ابن داود أخرجه في المصاحف من طريق أبي قلابة. وعن سويد بن غفلة قال: " قال علىّ: لا تقولوا في عثمان إلا خيراً، فوالله ما فعل الذي فعل في المصحف إلا عن ملأ منا. قال: ما تقولون في هذه القراءة ؟ قد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفراً، قلنا: فما ترى ؟ قال: أرى أن يُجْمَعَ الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا: فَنِعْمَ ما رأيت " (أخرجه بن أبي داود بسند صحيح). وهذا يدل على أن ما صنعه عثمان قد أجمع عليه الصحابة، كُتِبَت مصاحف على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ليجتمع الناس على قراءة واحدة، ورد عثمان الصحف إلى حفصة، وبعث إلى كل أفق بمصحف من المصاحف، واحتبس بالمدينة واحداً هو مصحفه الذي يسمى الإمام، وتسميته بذلك لما جاء في بعض الروايات السابقة من قوله: " اجتمعوا يا أصحاب محمد واكتبوا للناس إماماً " وأمر أن يحرق ما عدا ذلك في صحيفة أو مصحف، وتلقت الأمة ذلك بالطاعة، وتركت القراءة بالأحرف الستة الأخرى، ولا ضير في ذلك، فإن القراءة بالأحرف السبعة ليست واجبة، ولو أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمة القراءة بها جميعاً لوجب نقل كل حرف منها نقلاً متواتراً تقوم به الحجة، ولكنهم لم يفعلوا ذلك فدل هذا على أن القراءة بها من باب الرخصة، وأن الواجب هو تواتر النقل ببعض هذه الأحرف السبعة، وهذا هو كما كان. قال ابن جرير فيما فعله عثمان: " وجمعهم على مصحف واحد، وحرف واحد، وحرق ما عدا المصحف الذى جمعهم عليه، وعزم على كل من كان عنده مصحف " مخالف " المصحف الذي جمعهم عليه، أن يحرقه، فاستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها، طاعة منها له، نظراً منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها، فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بها، لدثورها وعفو آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها، ولكن نظراً منها لأنفسها ولسائر أهل دينها، فلا قراءة للمسلمين اليوم إلا بالحرف الواحد الذى اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية. فإن قال بعض مَن ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بقراءتها ؟ قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخُصة، لأن القراءة بها لو كانت فرضاً عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة، عند من يقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قرأة(31) الأمة، وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخَّيرين، بعد أن يكون في نقلة القرآن مَن الأمة من تجب بنقله الحجة ببعض ببعض تلك الأحرف السبعة. وإذا كان ذلك كذلك، لم يكن القوم بتركهم نقل جميع القراءات السبع، تاركين ما كان عليهم نقله، بل كان الواجب عليهم من الفعل ما فعلوا، إذ كان الذي فعلوا من ذلك، كان هو النظر للإسلام وأهله، فكان القيام بفعل الواجب عليهم، بهم أولى من فعل ما فعلوه، كانوا إلى الجناية على الإسلام وأهله أقرب منهم إلى السلامة، من ذلك". تابع
|
#7
|
|||
|
|||
الفـرق بيـن جمـع أبـي بكـر وجمـع عثمـان: يتبين من النصوص أن جمع أبي بكر يختلف عن جمع عثمان في الباعث والكيفية. فالباعث لدى أبي بكر رضي الله عنه لجمع القرآن خشية ذهابه بذهاب حملته ، حين استحر القتل بالقُرَّاء. والباعث لدى عثمان رضي الله عنه كثرة الاختلاف في وجوه القراءة، حين شاهد هذا الاختلاف في الأمصار وخطَّأ بعضهم بعضاً. وجمع أبي بكر للقرآن كان نقلاً لما كان مفرَّقاً في الرقاع والأكتاف والعسب، وجمعاً له في مصحف واحد مرتب الآيات والسور، مقتصراً على ما لم تُنسخ تلاوته، مشتملاً على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن. وجمع عثمان للقرآن كان نسخاً له على حرف واحد من الأحرف السبعة، حتى يجمع المسلمين على مصحف واحد، وحرف واحد يقرأون به دون ما عداه من الأحرف الستة الأخرى، قال ابن التين وغيره،: " الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان، أن جمع أبي بكر كان خشية أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته، لأنه لم يكن مجموعاً في موضع واحد، فجمعه في صحائف، مرتباً لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءة حتىقرأوه بلغاتهم على اتساع اللَّغات فأدى ذلك بعضهم إلى تخطئة بعضه، فخشى من تفاقم الأمر في ذلك فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتباً لسوره، وأقتصر من سائر اللَّغات على لغة قريش، محتجاً بأنه نزل بلغتهم وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم رفعا للحرج والمشقة في ابتداء الأمر، فرأى أن الحاجة إلى ذلك قد انتهت، فاقتصر على لغة واحدة "، وقال الحارث المحاسبي: " المشهور عند الناس أن جامع القرآن عثمان، وليس كذلك، وإنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد، على اختيار وقع بينه وبين مَن شهده من المهاجرين والأنصار، لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات، فأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن فأما السابق إلى جمع الجملة فهو الصّدِّيق "(انظر:" الإتقان" (1/95-60). وبهذا قطع عثمان دابر الفتنة ، وحسم مادة الخلاف ، وحصن القرآن من أن يتطرق إليه شيء من الزيادة والتحريف على مر العصور وتعاقب الأزمان وقـد اختلـف العلمـاء فـي عـدد المصـاحـف التـي أرسـل بهـا عثمـان إلـى الآفـاق : (أ) فقيـل: كان عددها سبعة، أُرسلت إلى: مكة، والشام، والبصرة، والكوفة، واليمن، والبحرين، والمدينة، قال ابن أبي داود: سمعتُ أبا حاتم السجستاني يقول: كتب سبعة مصاحف، فأرسل إلى مكة، وإلى الشام، وإلى اليمن، وإلى البحرين، وإلى البصرة،وإلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحداً. (ب) وقيـل: كان عددها أربعة، العراقى، والشامى، والمصرى، والمصحف الإمام، أو الكوفي ، والبصرى، والشامي، والمصحف الإمام، قال أبو عمرو الداني في المقنع : " أكثر العلماء على أن عثمان لما كتب المصاحف جعلها أربع نسخ، وبعث إلى كل ناحية واحدة: الكوفة، والبصرة، والشام، وترك واحداً عنده ". (ت) وقيـل: كان عددها خمس، وذهب السيوطى إلى أن هذا هو المشهور. أما الصحف التي ُرَّدت إلى حفصة فقد ظلت عندها حتى ماتت، ثم غُسِلت غسلاً. وقيل: أخذها مروان بن الحكم وأحرقها. والمصاحف التي كتبها عثمان لا يكاد يوجد منها مصحف واحد اليوم، والذي يُرْوَى عن ابن كثير في كتابه " فضائل القرآن " أنه رأى واحداً منها بجامع دمشق بالشام، في رق يظنه من جلود الإبل، ويُرْوَى أن هذا المصحف الشامي نُقِلَ إلى انجلترا بعد أن ظل في حوزة قياصرة الروس في دار الكتب في لينينجراد فترة، وقيل أنه احترق في مسجد دمشق سنة 1310 هجرية. وجمع عثمان للقرآن هو المسمى بالجمع الثالث، وكان سنة 25 هجرية. -----
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|