الانفصال عن الصلاة.!

[رداد السلامي]

 

كان متذمرا ، نسي المبادئ واستدرجته اللحظة البائسة الى مصيدتها.
هو من الشباب الذين لم تنضجهم الحياة بعد ، ولم ينصهروا في قلب التحديات ، حين تكون التربية ناقصة يكون السبب واضحا في كون مثل هؤلاء الشباب يهتزون لأنه لم يختبر الحياة ولم يلج عمق الافكار ليرى كيف يجرى تطبيق كل فكرة يؤمن بها ذووها، قال بلهجة بائسة : رح لك انت اصلاحي ، انا اشتراكي الاشتراكي قوة ، انتم خراطين..!!
ابتسمت قائلا : منصور شكرا ، ما الذي حدث، كان يبدو جائعا ، لكن الجوع ليس مبررا لتنكب المبادئ فالجوع مع المبدأ يمنحك قوة الثبات ويصقلك حين تخلص لربك ، وتبتسم بتفاؤل قائلا : غدا سيكون أجمل إن شاء الله.
فيما بدر الذي يقرب لي بصلة ما "صنج" ولم يلتفت نحوي ، كان هو الاخر يبدو شاردا ، فالجوع يصنع سيكلوجية شاردة الذهن ، لايريد صاحبها أن يتحدث بشيء ..

"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات ، وبشر الصابرين" حين لا يرتبط الانسان بالقرآن يغفل البعد الاستراتيجي للابتلاء في الحياة ، وتهيمن على تفكيره وحركته اللحظة البائسة .

وحين يتخلى الانسان عن الصلة بــ"الصلاة" ينفصل تدريجيا عن مسار الثبات ويصبح غير محصنا ذاتيا من تحديات الحياة ، ويشتغل الشيطان في عقله بوعي مخيف ، ويلقي وعوده الخطيرة في ذهنه ، "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء" ، الحالة المادية للإنسان تستنزف جهد الثبات لديه ن فلدي خبرة كيف يستغل الشيطان تلك الحالة ، إنه يصيغ فيك نوعا من الشك بذاتك وبإخوانك حتى ، منطلقا من حالتك المادية ووضعك البائس ، وهنا تبدا وساوسه بإنتاج عزلة نفسية عن مجالك الحيوي وارتباطك القيمي ، فلا تريد ان تحدث من كان اخ لك في الله ، وترى فيه "خراط لا يستحق ان تلتفت إليه " .

تستدرجه شلل الاستقطاب المنحرف فكريا وقيميا ، وتبدا بتفريغه من بقايا قيم عالقة جاء بها من مناطق الفطرة السليمة "القرية" ثم تعمل على تعبئته برصيدها الفكري ، وتطعيمه جزئيا بها ، ومع كل استقطاب تنتج معصية جديدة ، فتوهين الفاعلية الذاتية بعد ترك الواجبات ،يبدا مع فعل المعصية ، إذا نواياها تعمل على افراز اتجاهاتها العملية السلبية ، في محاولة مستميتة يقودها اغراء الشهوة ليستغل الشيطان ذلك جانيا محصول المعصية ضعفا في الممانعة الذاتية ضده ، ليبدا عمله في جرجرة الذات نحو اختراقات خطيرة تخلق تشعبا لا ينتهي من سلسة معاص متعددة تصل الى الضعف الكبير باقتراف الكبائر ، ومن هنا تبدأ مسارات العاص تتخذ وجهة مختلفة مناقضة لاتجاهاته التي كان فيها قبل ان يقع في المعصية ، رويدا يبدا مجال الجاذبية العصيانية بالاتساع ليجعل المناعة الذاتية اقل اقتدار ومن هنا تصبح الخيارات الاجتماعية التي يندمج فيها أكثر سلبية وتوافقا مع مكنونة ، ليدخل دائرة التنويم الجارف نحو مسارات لا قيمية وذات تصورات فلسفية مسفه في المادية والانحطاط يسكنها تأصيل غير متوازن ومنحط في رؤاه وتصوراته وسلوكه وعلاقاته ذو مادية اباحية خال من الضمير، جاف من الفطرة الانسانية السوية ملحد بالله واليوم الاخر ، فإن كان مثقفا فإنه يتفاخر بحذلقاته الكلامية وجدليته الفلسفية والفكرية وبرجماتيته، حياته فوضى وحياة الفوضى تتغذى على المكاسب العارضة وتتصيد الاهداف الشاردة وغير المحسوبة ، وإن كان جاهلا فإنه متوغل في حيوانية مخيفة وألعوبة سهلة حياته أشبه بالموت ،يؤمن بالخرافة والدجل ، دنيوي بحت في توافق منسجم مع ذلك الفيلسوف الملحد..
نظرت إليهما وهما يجوبان الطريق بغرور جائع ، وما أسوء غرور الجائع ، إنه يمنحك اعتقادا بكونك على حق فيما تقوله أو تصنعه .!

[ابو يمان]

جزاك الله خيرا