واحة النحو والصرف هنا توضع الموضوعات المتعلقة بقواعد علمي النحو والصرف |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
أصول النّحو العربيّ (9) الدّليل السّادس: الاستصحاب.
الكاتب: عبد الحليم توميات الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد: فقد تناولنا من أدلّة النّحو الإجماليّة الّتي تُبنَى عليها القواعد النّحويّة والصّرفيّة: القرآن الكريم بجميع قراءاته الصّحيحة، والسنّة متواترها وآحادها، وكلام العرب مع بيان ضوابط مهمّة للاستدلال به، والإجماع، ثمّ القياس. وبقِي علينا أن نتطرّق إلى آخر الأدلّة الإجماليّة، وهو: الاستصحاب. التعريف بالاستصحاب: لغةً: قال ابن فارس رحمه الله في "معجم المقاييس" مادة (صحب): " الصّاد والحاء والباء: أصل واحد يدلّ على مقارنة شيء ومقاربته، وكلّ شيء لاءم شيئا فقد استصحبه "اهـ. وقال الفيروز آبادي رحمه الله في " القاموس ":" استصحبه: دعاه إلى الصّحبة ولازمه ". فيكون معنى الاستصحاب هو الملازمة وعدم المفارقة والملاءمة. اصطلاحا: قال ابن الأنباري رحمه الله في " الإعراب عن جدل الإعراب " (ص 46): " هو إبقاء حال اللّفظ على ما يستحقه في الأصل، عند عدم الدّليل على النّقل عن الأصل "اهـ أو قل: هو استمرار الحكم، وبقاء ما كان على ما كان.[" فيض نشر الانشراح " (ص 1057)] شرح التّعريف: أي: ما يثبت من الأحكام النّحويّة والصّرفيّة بالأدلّة الإجماليّة السّابق ذكرُها، لا يجوز العدول عنه أو تركه، حتّى يرِد الدّليل النّاقل عن ذلك الأصل. فإذا قام الدّليل على ترك الأصل وجب الانقياد للدّليل، ولا يجوز حينئذ الاستمساك بالأصل. لذلك كان الاستصحاب أضعف الأدلّة؛ فلا يجوز التمسّك به إلاّ إذا انعدم الدّليل من القرآن، أو السنّة، أو كلام العرب، أو الإجماع، أو القياس الصّحيح؛ فإذا تعارض مع دليلِ من السّماعِ أو القياس فلا عبرة به. [انظر " لُمع الأدلّة " لابن الأنباريّ (ص142)]. الأمـثـلـة: 1- استصحاب الأصل في الأسماء وهو الإعراب. فمن ادّعَى بناء كلمة طُولِب بالدّليل، فإذا قام الدّليل وجب ترك الاستصحاب حينئذ. فالأسماء المقصورة نحو: ( عصا )، و( رحى )، مُعربة بالحركات المقدّرة، ولا يطالَب من قال بإعرابها بالدّليل؛ لأنّه مستمسِكٌ بالأصل، وتقدير الحركات مع الاستمساك بالأصل أولى من الخروج عن الأصل. 2- الأصل في الأسماء المنع من الصّرف، إلاّ ما اندرج تحت العلل المذكورة في باب الممنوع من الصّرف. ومتى جاء في كلام العرب ما خرج عن هذا الأصل قيل بشذوذه، فيُحفظ ولا يُقاس عليه، ككلمة ( أشياء ) - على قول كثير من النّحاة – في قول الله عزّ وجلّ:{لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أشْيَاءَ}. 3- استصحاب حال الأفعال وهو: البناء حتّى يكون هناك دليل على الإعراب. فمذهب البصريّين أنّ فعلَ الأمر مبنيّ؛ لأنّ البناء هو الأصل في الأفعال, خلافا للكوفيّين الّذين قالوا بإعرابه إعرابَ الفعل المضارع. [" الفيض " (1063)]. 4- واستصحاب حال الكلمات وهو إفرادها لا تركيبها. فالأصل في ( لَنْ ) هو إفرادها، ومن ادّعى تركيبها من ( لا ) و( أن ) طولِب بالدّليل على ذلك. والأصل في ( إذاً ) هو الإفراد، ومن زعم تركيبها من ( إذا ) و( أن ) طُولِب بالدّليل أيضا. 5- واستصحاب الحدث في الأفعال. قال ابن مالك رحمه الله في " التّسهيل " (52-53):" من قال: إنّ ( كان ) وأخواتها لا تدلّ على الحدث فهو مردود بأنّ الأصل في كلّ فعل الدّلالة على الحدث "اهـ. وهو رحمه الله يردّ بذلك على ابن جِنّي، وابن بَرهان، والجرجاني رحمهم الله، حيث قالوا: إنّ ( كان ) إنّما تدلّ على الزّمان فحسب، ولا تدلّ على الحدث، وقد ردّ عليهم ابن مالك رحمه الله من عشرة أوجه. 6- استصحاب مواطن الإجماع: فقد أجمعوا على أنّ الاسم بعد ( لولا ) الامتناعيّة مرفوع على الابتداء. ثمّ اختلفوا في الضّمير الواقع بعدها، نحو: ( لولاك )، فقال الكوفيّون: هو في محلّ رفع كذلك، لأنّه حلّ محلّ الاسم الظّاهر المرفوع. وغيرهم أبوا ذلك، فقالوا بجرّه، وعدُّوا ( لولا ) حرف جرّ. فأجاب الكوفيّون: أجمعنا على أنّ الظّاهر الّذي قام هذا الضّمير مقامه مرفوع، فوجب أن يكون كذلك في الضّمير بالقياس عليه والاستصحاب. [نقله السّيوطيّ في " الاقتراح " عن القاسم بن أحمد الأندلسيّ في " شرح المفصّل "]. والله تعالى أعلم، وأعزّ وأكرم.
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|