دولة Multisystems\ ـ مراسلنا ع الناصية ـ

[الشافعى الصغير]

 

دولة Multisystems
بلدك كام نظام؟!

دولة بنظامين

بقلم لميس الحديدي

سألت الكاتب الأمريكي توماس فريدمان في زيارته الأخيرة لمصر، كيف تري مصر بعد عدة سنوات من الغياب. سكت وأجاب: «أراها دولة بنظامين. أحدهما للأغنياء والآخر للفقراء».
وكتب فريدمان ذلك في مقال له في جريدة النيويورك تايمز تحت عنوان «رسالة من القاهرة» والذي ناقش فيه تأثير ارتفاع أسعار الغذاء العالمية علي المواطن المصري،
اختتمه قائلاً: مصر دوله ذات نظامين، فعلي طريق الإسكندرية تمر بمجمعات سكنية فاخرة تحوي ملاعب للجولف يمتلكها مصريون عملوا بجد للحصول علي أموالهم إما من العمل في الخليج أو من الأعمال المختلفة.. الخبر السار هو أن كثيرًا من المصريين يستطيعون الآن أن يعيشوا مثل الأمريكيين.. والخبر السيئ هو أن مصريين أكثر لا يستطيعون العيش مثل المصريين «أنفسهم».
والحقيقة أن فريدمان استطاع أن يوصِّف الواقع بصدق.. فمصر دوله ذات نظامين.. يعيشان بالتوازي مع بعضهما البعض.. يراقبان بعضهما ولا يلتقيان.. لكن السؤال الأهم هو ماذا خلق هذا التوازي ومن دعمه كي يعيش ويتشعب في كل مجالات الحياة كما هو الحال الآن.
والتوازي ظاهر للعيان لا يمكن أن يخطئه أحد.. بل وموجود في جميع المجالات.. في التعليم والصحة والعمل والترفية والأمن حتي في الإصلاح.
فقد صنع القادرون عالمهم الخاص.. بقوانينهم الخاصة، حين فشلت الدولة في أن تحقق عالما واحدًا يعيش فيه الجميع متساوين حتي وإن اختلفت إمكاناتهم المادية أو مستوياتهم العلمية والثقافية..
فشلت الدولة في تقديم تعليم ملائم.. فخلقت الطبقة الوسطي والعليا مدارس بل ونظم تعليمها الخاصة وأصبح لدينا علي الأقل أربعة أنظمة للتعليم في مصر.. فشلت الدولة في تقديم علاج جيد..
فظهرت المستشفيات الخاصة بل وظهرت الأقسام الاستثمارية داخل المستشفيات العامة كل له علاجه.. وكل له دواؤه!!.. فشلت الدولة في علاج أزمة الإسكان.. فظهرت المجتمعات السكنية المنعزلة التي لها نظمها الأمنية والخاصة ولا علاقة للدولة بها.
قد يبدو ذلك طبيعيا فالتباين موجود في العالم أجمع كما أن ذلك من المفروض أن يرفع عبئًا ضخمًا من علي كاهل الدولة كي تتفرغ لغير القادرين. لكن ما حدث هو العكس،
فالنظام القديم بقي كما هو برداءة خدماته وتدهور مستواه بل وانهيار مؤسساته.. في حين أن هناك نظامًا آخر يعيش أصحابه حياة أفضل بقانون مواز وتكلفة أكبر حتي من أي دولة مجاورة.. ليس فقط لأنهم قادرون، ولكن- وهو الأهم - لفشل الدولة في تقديم الخدمات الأساسية لهم ولغيرهم.
حتي في الإصلاح.. حين يفشل إصلاح الكل.. تحاول الحكومة خلق نظام مواز.. يبدو أنه أفضل وأسهل في تطبيق قواعد الإصلاح من الدخول في غبار متاهات بيروقراطية تاريخية لا يمكن حلها.
لكن النظم المتوازية تخلق مأزقا مهمًا هو مأزق الانتماء.. فأصحاب النظامين يصيبهم خلل في علاقتهم بالدولة وبالنظام السياسي الحاكم. فلا القادرون يشعرون بالغبطة والرضا والانتماء لأن الدولة لا تقدم لهم شيئًا بل هي فقط تجبي ضرائبهم وتضاعفها بدعوي أن الغني يجب أن يدفع أكثر في حين لا تذهب حصيلة الضرائب حتي لخدمة الفقراء.. ولا غير القادرين يشعرون بها لأسباب مفهومة هي أن الدولة لا تقدم لهم شيئا من الأساس فهم يعيشون تحت خط الفقر ويرون آخرين يعيشون فوقه بكثير..
«مصر دوله ذات نظامين» لا يجب أن نسعد بهذا التوصيف.. فهو الخطر بعينه.. خاصة إذا تباعد وامتلأ كل منهما بالغضب.. عندها لا يمكن أن يشعر أي نظام حاكم بالأمان.