انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-03-2010, 01:10 AM
فجر جديد فجر جديد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي السلف والشهرة

 

السلف والشهرة كتبه/ معتز رضا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فَقَدْ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟). قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ. قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ. فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: (مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟). قَالُوا: حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (هَذَا -أي: الثاني الفقير المغمور- خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا) (متفق عليه).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ) (رواه مسلم).
من هذه الأحاديث النبوية الشريفة يظهر أن الشهرة والمنزلة عند الناس في الدنيا ليستا شرطـين في علو قيمة المؤمن؛ لأن علو القيمة المعتبر هو الذي يكون بالقرب من الله -سبحانه وتعالى-، فهو الذي يرفع العبد درجات يوم القيامة؛ فالناس لا يرفعون من قيمة المؤمن ولا يخفضون على الحقيقة، والذي يرفع ويخفض ويعز ويذل هو الله -تبارك وتعالى-؛ قال جلَّ من قائل عليمًا: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:26)، وقال -سبحانه وتعالى-: (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (الحج:18).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه: (وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
وقد كان سلفنا الصالح -رضي الله عنهم- أبعد الناس عن السعي لنيل الشهرة وعلو المنزلة عند الناس، وحذروا من ذلك تحذيرًا شديدًا، وتواترت الأخبار عنهم في ذلك.
ولنرى منها سويًّا ما يُرسخ هذا الخُلق الشريف فينا:
فعن إبراهيم والحسن قالا: "كفى بالمرء شرًّا أن يُشار إليه بالأصابع في دين أو دنيا إلا من عصم الله".
وقال الفضيل بن عياض: "إن قدرت أن لا تـُعرف فافعلْ وما عليك إن لم يُثنَ عليك، وما عليك أن تكون مذمومًا عند الناس إذا كنت عند الله محمودًا".
وقال مخلد بن الحسين: "قال أيوب: ما صدق عبد قط فأحب الشهرة".
وعن سفيان الثوري قال: "السلامة في أن لا تُحِب أن تعرف".
وعنه أنه كتب إلى أخ له: "واحذر حب المنزلة فإن الزهادة فيها أشد من الزهادة في الدنيا".
وقال ابن المبارك -رحمه الله-: "قال لي سفيان: إياك والشهرة، فما أتيتُ أحدًا (أي من العلماء) إلا وقد نهى عن الشهرة".
وقال: "كَتَبَ إليَّ سفيان الثوري: بُث علمك واحذر الشهرة".
وعن الفضل بن مهلهل قال: "قال لي سفيان فيم السلامة؟ قلت: أن لا تعرف. قال: هذا ما لا يكون، ولكن السلامة في أن لا تحب أن تعرف". وكان يقول: "مَن أَحَبَّ أن يُذكَر لم يُذكرْ، ومَن كره أن يذكَر ذُكِر".
وقال أبو بكر بن عياش: "أدنى نفع السكوت السلامة، وكفى بالسلامة عافية، وأدنى ضرر النطق الشهرة، وكفى بالشهرة بلية".
وعن بشر بن الحارث قال: "لا أعلم رجلاً أحبَّ أن يُعرف إلا ذهب دينه وافتضح".
وعنه قال: "لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس".
وقال الإمام الشافعي: "وددت أن كل علم أعلمه يعلمه الناس أؤجر عليه ولا يحمدوني".
وعن عطاء بن مسلم الحلبي قال: "كان محمد بن يوسف الأصبهاني يختلف إليَّ عشرين سنة لم أعرفه، يجيء إلى الباب فيقول: رجل غريب، يسأل ثم يخرج، حتى رأيته يومًا في المسجد فقيل هذا محمد بن يوسف الأصبهاني؛ فقلت هذا يختلف إليَّ عشرين سنة لم أعرفه!" .
وقال المروذي: "قال لي أحمد: قل لعبد الوهاب: أخملْ ذكرك فإني أنا قد بليت بالشهرة".
وقد أُثر عنهم الكثير غير ذلك لولا خشية الإطالة، فأين نحن منهم؟! ولسان حال البعض كهذا الذي أمسكوا به وهو يبول في بئر زمزم خلال أيام الحج؛ فتعجب الناس وسألوه: لم فعلت ذلك؟! فقال: "وددتُ أن يذكرني الناس ولو باللعنات!".
وإنما كان بغضهم للشهرة نابعًا من خوفهم أن يكون سعيهم مع مرور الوقت لرضى الناس والمحافظة على حبهم حتى لو أدى ذلك إلى المداهنة والسكوت عن الباطل، ومن خوفهم أن يدخل الإعجاب بالنفس إلى قلوبهم ونسيان فضل الله عليهم، ومن غير ذلك من أمراض القلوب التي تترتب على الشهرة.
وإليَّ وإليك هذا الكلام النفيس لابن الحاج -رحمه الله-، حيث قال في خطر طلب الشهرة وعلو المنزلة عند الناس: "وأما الشهرة وإشارة الناس إلى العبد فإنها لن تضر إلا من أرادها والمرء مُلبَس زي عَمَلِه إنْ خيرًا فخير وإن شرًّا فشر؛ فكم من مستتر بعمله قد شهره الله به، وكم من متزين بعمله يريد به الاسم واتخاذ المنزلة عند الناس قد شانه الله به، وإنما يصلح ذلك ويفسده الضمير.
فإن أحب الشهرة جمع الشهرة والرياء والعجب جميعًا، وإن أراد الله وحده وكان مخلصًا لم يضره ذلك عُرف أو لم يُعرف، وربما لحقه حب معرفتهم إياه بالعمل فيخرج به إلى الباب الذي يحبط الأعمال، ومن ذلك حب معرفتهم إياه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والغضب لله وفي الله؛ فإن قام بذلك ونفى ما يحبه وكانت نصيحته لله وللمؤمنين ونجاة نفسه نجا، وإن اعتقد شيئـًا من اتخاذ المنزلة أو حب الثناء أو طلب رياسة أو ليُقبل قوله فقد شرب السم الذي لا يبقي ولا يذر ولا عاصم من ذلك إلا الله، والرياء والعجب والكبر والشهرة إنما هي من أعمال القلب.
فتوسل يا أخي إلى الله في إصلاح قلبك فإن سلم قلبك وعلم الله من إرادتك أنها له خالصة؛ خلَّصك الله من كل آفة دخلت عليك، والله يقسم الثناء كما يقسم الرزق ومن خاف الله خوَّف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء، ومن أحب الله أحبه كل شيء والله مسبب العبادة، وإنما تصحيح العمل بالحوادث على قدر صحة القلب ومع صحة القلب دلالة العقل وسياسة العلم وسابقة الخوف، فإذا أردت عملاً فابتغ بذلك ثواب الله، وأكثر ما تؤمل من الله النجاة من النار والوصول إلى نعيم الجنة يهون عليك العمل ويخلصه الله من الآفات، ويقويك عليه" اهـ (المدخل، 53/3).
نسأل الله -عز وجل- أن يجعل رضاه أكبر مأمول لنا، وأعظم مرجو في قلوبنا.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين.
www.salafvoice.com
موقع صوت السلف
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
السلف, والشهرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 08:14 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.