عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 07-02-2008, 09:34 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

حكم مظاهرة الأمريكان على المسلمين
العراق وغزو الصليب؛ دروس وتأملات
الكاتب: أبو عمر السيف

.poem {font-size:14pt;font-family:'Simplified Arabic';color:rgb(0, 0, 0);}
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد...

فإن الله تعالى أوجب على المسلمين؛ أن يوالي بعضهم بعضاً، وحرم عليهم موالاة الكافرين ومناصرتهم ومظاهرتهم على المسلمين، وجعل موالاة الكافرين ومظاهرتهم على المسلمين؛ من الكفر الأكبر، الذي يخرج صاحبه من الإسلام.

ومن صور هذه الموالاة؛ ما نشاهده اليوم من موالاة البعض للأمريكان ومظاهرتهم على المسلمين، وإعانتهم على احتلال العراق.

فكل من يقاتل بجانب النصارى الأمريكان، أو يقدم لهم التسهيلات، والقواعد التي تنطلق منها القوات الأمريكية لغزو العراق؛ فقد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام.

وقد قال الله تبارك وتعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وقال تبارك وتعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ}، وقال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ 54 إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 55 وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ 56 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.

فنهى الله تعالى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وبين أن بعضهم أولياء بعض، وأنهم متحالفون متعاونون فيما بينهم، وأن من تولاهم من المسلمين؛ فهو كافر مثلهم.

قال ابن جرير رحمه الله: (إن الله تعالى ذكرُه، نهى المؤمنين جميعاً أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر؛ أنه من اتخذهم نصيرا وحليفاً من دون الله ورسوله والمؤمنين، فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين, وأن الله ورسوله منه بريئان).

وقال: (فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين؛ فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍ أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راضٍ، وإذا رضيه ورضي دينه؛ فقد عادى ما خالفه وسخطه).

وقال القرطبي: ({ومن يتولهم منكم}، أي يعضدهم على المسلمين، {فإنه منهم}، بين تعالى أن حكمه كحكمهم).

وقال الشوكاني: ({ومن يتولهم منكم فإنه منهم}؛ أي فإنه من جملتهم وفي عدادهم، وهو وعيدٌ شديدٌ، فإن المعصية الموجبة للكفر هي التي قد بلغت إلى غاية ليس وراءها غاية})، انتهى كلامه.

ثم بيّن تعالى؛ أن الذين في قلوبهم شك ونفاق يسارعون في موالاتهم والدخول في حلفهم، ويحتجون بالخوف من دائرة قد تصيبهم، وهذه الدائرة التي دفعتهم إلى المسارعة في موالاة اليهود والنصارى هي ظنهم؛ بأن اليهود والنصارى سوف ينتصرون على المسلمين، فيسارعون بموالاتهم، لينتفعوا من هذه الموالاة بعد الانتصار، فلا يتعرض النصارى لهم بسوء.

وقد تكون المسارعة في الموالاة لطلب حماية اليهود والنصارى من عدو آخر.

والقول الثاني؛ هي الخوف من الفقر والحاجة - وهو الخوف الاقتصادي - فيسارعون بموالاتهم لأجل الأطماع الاقتصادية والتعامل في البيع والشراء.

ولا تخرج الدول المتحالفة في المنطقة مع الأمريكان ضد المسلمين عن هذين القولين.

فهذه الأعذار التي يدعونها والحجج التي يسوقونها عن موالاتهم للكافرين؛ لم يجعلها الله تعالى عذرا يسقط عنهم وصف الردة عن الإسلام.

ثم قال تعالى: {فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ}.

فإذا جاء الفتح والنصر من الله لعباده، أصبح هؤلاء المنافقون على ما أسروا في أنفسهم من النفاق نادمين، فقد خاب ظنهم، وأخطأ حسبانهم، وانكشف أمرهم ونفاقهم في هذه الأحداث للمسلمين.

ولهذا تعجب أهل الإيمان منهم بعدما رأوا من نفاقهم وظهور أمرهم للجميع، فقالوا؛ أهؤلاء الذين كانوا يدعون أنهم مؤمنون ويقسمون على ذلك الأيمان؟! لقد حبطت أعمالهم لردتهم وكفرهم، فأصبحوا خاسرين.

ثم بين تعالى؛ أن الذين يرتدون عن دينهم بموالاة الكافرين - أو بأي ناقض من نواقض الإسلام - فسوف يأتي الله بخير منهم من المؤمنين الصادقين، الذين أحبهم الله تعالى لمحبتهم الصادقة التي صدقوها بالأعمال الصالحة، كالذلة للمؤمنين، والعزة على الكافرين، والجهاد في سبيل الله، وعدم الخوف من لوم اللائمين.

فهذه صفات المؤمنين الصادقين، في مقابل صفات المرتدين الموالين للكافرين.

وهكذا انقسم الناس في قضية العراق - ومن قبلها في قضية أفغانستان - إلى منافقين موالين للكافرين ومؤمنين صادقين.

وهذه الصفات الصالحة التي يحبها الله تعالى، يحب على كل مسلم أن يتصف بها في مثل هذه الأحداث، وفي كل وقت:

أولها؛ الذلة للمؤمنين، بالتواضع لهم ورحمتهم ونصرتهم وبذل الخير لهم.

والثانية؛ العزة على الكافرين والشدة عليهم.

والثالثة؛ الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال.

والرابعة؛ أنهم لا يخافون لوم اللائمين.

فلا تخيفهم وسائل إعلام الكافرين والمنافقين، ولا تصدنهم عن وجهتم وطريقهم الذي أمرهم الله تعالى بالسير فيه، فإن الأمريكان ومن والاهم من الأنظمة المرتدة، قد سخروا؛ من وسائل الإعلام ومن المنافقين من صحفيين ومحللين ومذيعين وغيرهم، لصد المسلمين عن الإسلام، وعن الجهاد في سبيل الله، وبث روح الهزيمة والتبعية للكافرين بين المسلمين.

وقد قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}، وقال تبارك وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ * أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}.

فشياطين الإنس والجن؛ هم المجرمون، أعداء الأنبياء وأعداء دعوتهم، وهم المردة الذين تمردوا على دين الله، فيوحون من خلال مجالس تآمرهم، ومن خلال وسائل إعلامهم؛ الكلام المزخرف المحلى، المزين بالألفاظ الكاذبة الخادعة، كـ "حقوق الإنسان"، و "الديمقراطية" و "الحرية"، وغيرها من الألفاظ المزينة التي يغتر بها من سمعها.

وإنما تميل إلى هذه الأقوال وتصغي إليها؛ أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، فهم الذين يخدعون بأقوال الكافرين، وبزخرفتهم الإعلامية، وبأساليبهم البراقة، فيتأثرون بأقوالهم وأكاذيبهم، ويستجيبون لهم، وينقادون لأقوالهم، فيقترفون - بسبب هذا الإصغاء - ما هم مقترفون من المعاصي والذنوب.

فإذا كانت شياطين الجن يسعون لصد الناس عن دين الله وإدخالهم في الكفر، ويعادون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعادون دعوته، فكذلك شياطين الإنس، فإنهم يقومون بمثل هذه الأعمال.

ثم أمر الله تعالى؛ بالإنكار عليهم ما يطالبون به من التحاكم إلى غير الله، كالذي ينادي به الكفار اليوم من التحاكم إلى طواغيتهم، كـ "الأمم المتحدة" وسياساتهم وآراءهم الفاسدة.

فإن الله تعالى جعل كتابه مفصّلاً مستوفياً لكل ما يحتاج إليه المسلمون في أحوالهم من أحكام، فمن ابتغى غيره وتحاكم إلى الطواغيت ورضي بها؛ فقد كفر بكتاب الله تعالى.

ثم بيّن تعالى؛ أن كتابه العظيم قد تمت كلماته، صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأحكام، فعلى المسلم أن يتمسك بكتاب الله، وأن لا يغتر بكثرة أهل الباطل - الذين هم أَكْثَرُ مَنْ في الأرض - وأن لا يطيعهم في ظنونهم وأفكارهم التي يستحسنونها.

وبعد أن بيّن الله تعالى حال المرتدين، وبيّن صفات الصادقين، الذين جمعوا اللين للمؤمنين والعزة على الكافرين والجهاد في سبيل الله، وعدم الخوف من لوم اللائمين، بيّن تعالى؛ أن الموالاة الواجبة على كل مسلم هي لله ولرسوله وللمؤمنين، وأن أهل هذه الولاية هم حزب الله تعالى، الذين لهم العاقبة الحميدة والنصر على الكافرين، فقال تبارك تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.

ثم نفّر تعالى المسلمين من موالاة من يسخرون ويستهزئون بدينهم من اليهود والنصارى والكفار، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين}.

فهؤلاء الأمريكان يستهزئون بالإسلام والمسلمين، ويطعنون بالقرآن الكريم، وبأفضل المرسلين نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، في وسائل إعلامهم، فكيف يرضى مسلم بعدها أن يوالي أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم؟!

وهذه الحملة الأمريكية الصليبية على العراق، يقصد منها تحقيق عدة أهداف، منها:

أولاً: محاربة الإسلام في عقر داره - وهي جزيرة العرب وما حولها - وفرض النظام الأمريكي الديمقراطي الكافر على المسلمين، بدلاً من الإسلام.

ثانياً: احتلال العراق ونهب خيراته - كالبترول - والسيطرة على جزيرة العرب، وتشكيل المنطقة من جديد.

ثالثا: حماية إسرائيل من الجهاد في فلسطين ومن أي قوة عسكرية في المنطقة تهدد دولة إسرائيل.

رابعا: استخدام العراق كمنطلق للاعتداء على دول أخرى في المنطقة.

خامساً: التغطية على الفشل والهزيمة المتوقعة في أفغانستان.

وهذه الأهداف لا تخفى على حلفاء الأمريكان، الذين يشابهون الطوائف التي حالفت التتار في الغزو الأول لبغداد.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن التتار وحلفائهم: (عسكرهم مشتمل على أربع طوائف؛

كافرة باقية على كفرها.

وطائفة كانت مسلمة، فارتدت عن الإسلام، وانقلبت على عقبيها، من العرب والفرس والروم وغيرهم، وهؤلاء أعظم جرماً عند الله وعند رسوله والمؤمنين من الكافر الأصلي.

وفيهم أيضاً من كان كافرا فانتسب إلى الإسلام، ولم يلتزم شرائعه، من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت،والكف عن دماء المسلمين وأموالهم.

وفيهم صنف رابع؛ وهو قوم ارتدوا عن شرائع الإسلام، وبقوا مستمسكين بالانتساب إليه.

فهؤلاء الكفار والمرتدون والداخلون فيه من غير التزام لشرائعه، والمرتدون عن شرائعه، لا عن سمته، كلهم يحب قتالهم بإجماع المسلمين، حتى يلتزموا بشرائع الإسلام، وحتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، وحتى تكون كلمة الله - التي هي كتاب الله وما فيه من أمره ونهيه وخبره - هي العليا.

هذا إذا كانوا قاطنين في أرضهم، فكيف إذا استولوا على أراضي الإسلام من العراق وخراسان والجزيرة؟! فكيف إذا قصدوكم وصالوا عليكم بغياً وعدواناً؟! {ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشونهم إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين}) اهـ

ومثلهم الأمريكان وحلفائهم في الغزو الثاني لبغداد، فهم ينقسمون أيضاً إلى عدة طوائف:

أولها: الكفار الأصليين - كالأمريكيين والبريطانيين والأستراليين، وغيرهم من النصارى -

والثانية: الطائفة المرتدة عن الإسلام، من العلمانيين - كبعض العرب والأكراد في داخل العراق، الذين جمعوا بين العلمانية والقومية الجاهلية، التي فرقوا بها المسلمين –

فإن الله جعل الموالاة بين المسلمين بحسب الإيمان والتقوى، وليس بالعصبية والقومية الجاهلية، فقد قال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أسود على أبيض، ولا أبيض على أسود، إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب).

وأما الطائفة الثالثة: فهم الرافضة في العراق، الذين سوف يقاتلون بجانب الأمريكان، كما قاتل أسلافهم من الرافضة بجانب التتار.

وأما الطائفة الرابعة: فهي من المنافقين الأتباع ومن الجنود الفجار المضللين المسخرين لخدمة الأمريكيين وحلفائهم ونصرتهم بالكلمة والقتال.

والواجب على المسلمين جهاد الكفار الأمريكان وحلفائهم إذا اعتدوا على العراق، فإن الجهاد يصبح فرض عين على أهل العراق ومن حولهم.
رد مع اقتباس