عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 06-08-2011, 02:00 AM
طه أبو البراء طه أبو البراء غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




افتراضي


خـــاتمة
إن غض البصر عبادة عظيمة تترتب عليها أجور جزيلة، وعدها الله عباده الذين اتقوا، ولعل ما ذُكر أعلاه من الفوائد التي نَقَلتُ مِن كلام العلماء، لَعََّلها تكون زاجرا وواقيا عن قرب هذه الدنية.
وتذكر ما ستحرم نفسك من النعيم جراء إطلاقك بصرك، فاعلم أن الذنوب هي التي تحرم النعم، ولله ذر أقوام جعلوا شعارهم حال غضهم لبصرهم أغض بصري ليزين الله لي زوجي في نظري

ثم تذكر أن البصر الذي تمتلكه هو أمنيـة الكثيرين، الكثير يرون أنك في جنة، يتمنون أن يمسكوا المصحف ويتغنون بكلام ربهم، الكثير يتمنى أن يقلب ناظره في السماء والأرض، فأنت في نعمة عظيمة، وأنت ببصرك أغنى من الغني بأمواله وقصوره فتذكر قوله تعالى :(ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) وإذا صاحب بصرك بصيرة، فلن يعدلك في العالمين أحد إلا من أوتي مثلما آتاك الله.



وليتذكر الواحد فينا أن جنة الله غالية عالية، فلا نبعها بالثمن الرخيص
وإنه من أعظم الغبن أن يقول اللخ (جنة عرضها السماوات والأرض) ثم لا يكون لنا فيها موضع قدم..هذا والله أعظم الغبن.

فيا من بعث نظره وقَلَّبَه، تذكر أن هذا البصر هو الذي ترجو أن تنظر به إلى وجه ربك الكريــم، ياااه ما أشد حرمانك، وأكثر طغيانك، كيف سويت الأعلى بالحقير، أم كيف رضيت لنفسك بهذه التجارة الكاسدة، وبعت نفسك في هذه الصفقة الخاسرة؛
يا مسكين..تذكر ذلك اليوم الذي قال عنه ابن القيم رحمه الله:
والله لولا رؤية الرحمن في الجنات *** لما طابت لذي العرفانِ

تذكر يومها وأنت أمام ربك ليس بينكما ترجُمان
إذا ما قال لي ربّي أما استحييت تعصيني *** وتخفي الذنب عن خلقي وبالعصيانِ تأتيني


قال ابن القيم رحمه الله
فقدِّمْ فدَتْكَ النفسُ نفسَكَ إنَّها ☆☆ هي الثمنُ المَبْذولُ حين تُسَلّمُ

وخضْ غَمَراتِ الموتِ وارْقَ معارجَ الْـ ☆☆ ـمحبَّةِ في مرضاتِهم تتسَنَّمُ

وسلِّمْ لَهُم ما عاقَدُوكَ عليهِ إنْ ☆☆ تُرِدْ منهُمُ أن يَبْذُلُوا ويُسَلِّمُوا

فما ظفرتْ بالوصْلِ نفسٌ مَهِينَةٌ ☆☆ ولا فازَ عبْدٌ بالبَطالَةِ يَنْعَمُ

وإنْ تكُ قد عاقَتْكَ سُعْدَى فقَلْبُكَ الْـ ☆☆ ـمُعَنَّى رهينٌ في يَدَيْها مُسَلَّمُ

وقد ساعدتْ بالوصل غيرَكَ فَالهوى ☆☆ لها مِنْكَ والواشِي بِها يَتَنَعَّمُ

فدَعْها وسَلِّ النفسَ عنها بِجَنَّةٍ ☆☆ من العِلم في روضاتِها الحقّ يَبسُمُ

وقد ذُلِّلَتْ منها القُطُوفُ فمَنْ يُرِدْ ☆☆ جَناها يَنَلْهُ كيف شاءَ ويَطْعَمُ

وقد فُتِحَتْ أبْوابُها وتَزَيَّنَتْ ☆☆ لِخُطّابِها فالحسْنُ فيها مُقسّمُ

وقدْ طابَ منها نُزْلُها ونَزيلُها ☆☆ فطوبَى لِمَنْ حلُّوا بِها وتنَعَّمُوا

أقامَ على أبوابِها داعِي الهُدَى ☆☆ هَلُمُّوا إلى دارِ السّعادةِ تَغْنَمُوا

وقد غرسَ الرحمنُ فيها غِراسَهُ ☆☆ مِن الناسِ والرحمنُ بالخَلْقِ أعْلَمُ

ومَن يَغْرِسِ الرحمنُ فيها فإنَّه ☆☆ سعيدٌ وإلا فالشَّقاءُ مُحَتَّمُ
لا إله إلا الله

أخي من الناس من يتوب من الكبائر ومن الناس من يتوب من الصغائر ومن الناس من يتوب من الخواطر، ومن الناااس وهو صفوة الصفوة من يتوب من الغفلاات، فانظر أي قدر تريده عند ربك فاختر الصنف الذي تريد أن تكونه.


وأخيرا، أخي يا من لا تقدر إقلاعا على هذا الذنب، اعلم ان لك ربا إذا لامس من قلبك صدقا وفقك ويسر لك، القضية قضية جهاد واجتهاد ثم فتح من العزيز الوهاب

أقبل عليه بصدق المسالة وخضوع القلب وقل قولة صادق يااارب يااارب كره إلي المعصية، واجعلني من الصادقين، يارب لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
واعزم الآن وحاول واصبر، ومن يتصبر يصبره الله، وحاسب نفسك نظرة نظرة، وقلل النظرات في كل فترة، لعل الله يمن عليك يوما ويصون بصرك عن الدنايا والله عند ظن العبد به، فظُنَّ به أنه سيقيك هذه المعصية ويعصمك منها كما منّ على من قبلك وما ذلك على الله بعزيز.
ولا تيئس إذا ما زللت بعد لأن نجاك الله، فربك يحب التوابين قال تعالى:قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ


وإذا ما وفقك الله وتركت النظر للغادية والرائحة، فاعلم أنه من توفيق الله وحده، وليس لك فيه حول ولا قوة، فافتقر إله واشكره، وتذكر: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ

هذا، وما كان من صواب فمن الله وحده، وما كان من خطإ أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله من براء
أسأل الله أن لا يجعلنا من المحرومين، ممن آثروا الدنيا على الدين، وأسأله عز وجل أن يجعلنا من المسارعين للخيرات والقربات إنه ولي ذلك والقادر عليه آمين
اللهم صل على محمد وعلى آله محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
وبارك على محمد وعلى آله محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

--------------------------------
(1) نقلا عن مقال للأخ بد بن علي العتيبي بعنوان نصيحة تعين على غض البصر
(2) ،(3)، (4) نقلا عن سلسلة إصلاح المرأة للأخ سامي بن خالد الحمود
رد مع اقتباس