عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 05-15-2010, 11:22 PM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

قسّم العلماء الأحاديث، تبعًا لغرض معرفة ما يقبل منها وما يردّ، إلى ثلاثة أنواع:
أولاً: الحديث الصحيح: وهو الحديث المسند المتصل برواية العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قارحة.
والمراد من "المسند" : أن يكون منسوبًا إلى النبي ()، ومعنى "المتصل" : أن يكون كل راوٍ من رواته قد تلقاه من شيخه، والمراد من "العدل": المسلم البالغ العاقل السالم من أسباب الفسق وخوارم المروءة. أما "الضابط" فيراد به: أن يكون الراوي متقناً لروايته، فإن كان يروي معتمدًا على ذاكرته لا بد أن يكون حفظه قويًا، وإن كان يروي معتمدًا على كتابه، فلا بد أن يكون كتابه متقنًا وأن تكون قراءته منه سليمة، وأن يعرف عنه محافظته على كتبه.
فإذا توفرت العدالة في راوٍ وصف بأنه "ثقة".
وحتى يكون الحديث صحيحًا لا بد أن تتوفر صفتا العدالة والضبط في كل راوٍ من رواته من بداية الإسناد إلى نهايته. والمراد من "الشذوذ": مخالفة الراوي الثقة لمن هو أوثق منه. أما "العلة" فهي السبب الخفي الذي يقدح في صحة الحديث، مع أن ظاهر الحديث السلامة من مظاهر الضعف. وغالبًا ما تعرف "العلة" بجمع الأسانيد التي رُوي بها الحديث الواحد، وبمقابلة بعضها ببعض لاكتشاف ما وقع فيه بعض الرواة من أخطاء مع كونهم ثقات. وقد تعرف "العلة"، بتصريح من العالم الناقد الخبير بوجود غلط في حديث ما، ولا يبدي أسباب هذا الغلط ويكون تصريحه مبنيًا على المعرفة الواسعة في هذا العلم والخبرة الطويلة في جمع الأحاديث والملكة القوية في معرفة المتون واختلاف ألفاظها، وإلمام كبير بأحوال الرواة.
ويلاحظ أن مدار صفات الحديث الصحيح على ثلاثة أمور:
أحدها: اتصال السند.
ثانيها: توثيق الرواة.
ثالثها: عدم المخالفة.
فإذا رُوي حديث بإسناد متصل، وكان جميع رواته ثقات، ولم يكن مخالفاً لأحاديث أقوى منه، وصفه العلماء بالحديث الصحيح. ويسميه بعضهم "الصحيح لذاته".
والأحاديث الصحيحة متفاوتة في قوتها، تبعاً لقوة رجالها، ويطلق على أقواها اسم "سلاسل الذهب".
والحديث الصحيح يحتج به العلماء ويعتمدون عليه في إثبات الأحكام، والعقائد وجميع أمور الشريعة.
ثانيًا: الحديث الحسن: وهو مثل الحديث الصحيح في اشتراط جميع الصفات المتقدمة، إلا صفة الضبط، حيث يعتبر المحدثون أن درجة ضبط رواة الحديث الحسن تقصر عن درجة ضبط رواة الحديث الصحيح. فراوي الحديث الصحيح تام الضبط، وراوي الحديث الحسن ضبطه أخف. ويقال للحسن إذا كان كذلك: "الحسن لذاته"، وهو في الاحتجاج به والاعتماد عليه كالصحيح.
ثالثًا: الحديث الضعيف: وهو الحديث الذي لم تتوفر فيه أي صفة من صفات الحديث الصحيح، أو الحديث الحسن. وهو على أنواع كثيرة تبعًا لعدم تحقق هذه الصفات، فقد يكون ضعيفًا لعدم اتصال السند: كما في الحديث المرسل والمعلق والمنقطع والمعضل والمدلس، وغيرها.
والحديث المرسل: هو الذي يرويه التابعي عن الرسول () والتابعون هم الذين لقوا أصحاب النبي () وأخذوا العلم عنهم. فالسقط فيه في آخر السند بعد التابعي.
والحديث المعلق: هو أن يروي المصنِّف حديثًا يُسقط منه شيخًا أو أكثر من أول الإسناد.
والحديث المنقطع: هو أن يسقط أحد الرواة من الإسناد في غير الموضعين المتقدمين.
والحديث المعضل: أن يسقط من رواته اثنان متتاليان.
والحديث المدلس: أن يروي الراوي عن شيخه الذي لقيه أحاديث لم يسمعها منه مباشرة، بلفظ موهم سماعه منه، فيظن تلاميذه أنها متصلة وأنه سمعها من شيوخه ولاتكون كذلك.
وقد يكون ضعيفًا لمخالفة رواية رواة آخرين ثقات كما في الحديث الشاذ والمنكر والمضطرب والمدرج والمقلوب والمعل وغيرها.
فأما الشاذ: فهو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه.
وأما المنكر: فهو مخالفة الضعيف للثقة. فالمنكر اجتمعت فيه صفتان من صفات الضعف: ضعف راويه، ومخالفته الثقات.
وأما المضطرب: فهو أن يُروى الحديث الواحد بأكثر من طريق، أو بأكثر من لفظ، يخالف بعضه بعضًا، ولا يمكن الجمع بينها، كما لا يمكن ترجيح بعضها على بعض، بأي وجه من وجوه الترجيح.
والمدرج: وهو أن يُزاد في متن الحديث ما ليس منه. فيظن من يسمع الحديث أن هذه الزيادة من قول الرسول ()، وليست كذلك.
والمقلوب: وهو الحديث الذي وقع تغيير في متنه أو سنده، ويضرب المثل في توضيح ما وقع القلب في متنه، بالحديث المشهور الذي ذكر فيه السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، وفيه (رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)، فهذا رواه بعض الرواة فقلبه فقال: (حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله). ومن أمثلة القلب في الإسناد: أن يقلب الراوي اسم أحد رجال السند، فيقول: عمـار بن هشام، والصحيح فيه هشام بن عمار.
والمعل: هو الحديث الذي وُجدت فيه علة تقدح في صحته، مع أن ظاهر الحديث سلامته منها، وقد تقدم تعريف العلة.
وقد يكون الضعف بسبب عدم توفر العدالة والضبط في راوٍ أو أكثر من رواة الحديث. كما في الحديث المتروك أو الموضوع.
فالحديث المتروك: في رواته من يُتهم بالكذب، أو من كان شديد الضعف.
والحديث الموضوع: فـي رواته كـذّاب، لـذا اعتبره العلماء مكذوبًا مختلقًا على رسول الله ().
وكما يقرّر العلماء أن الأحاديث الصحيحة ليست على درجة واحدة من القوة، تبعًا لقوة ضبط الرواة، وطول ملازمتهم لشيوخهم، فإنهم يقررون أيضًا، أن الأحاديث الضعيفة تتفاوت، فمنها ما هو شديد الضعف، ومنها ما هو يسير الضعف.
وقد وضع علماء الحديث ضوابط تمييز الضعف اليسير من الضعف الشديد، ليس هذا موضع بسطها. لكن الجدير بالذكر هنا أن الحديث إذا كان ضعفه يسيرًا وجاء بإسناد آخر، أو أكثر، وكانت قريبة منه في ضعفها، فإن ضعفه يزول بمجموع طرقه ويرتقي إلى درجة الحسن ويطلق عليه "الحسن لغيره" لتمييزه عن الحديث "الحسن لذاته" الذي تقدم الكلام عنه.
وما يجدر ذكره أيضًا، أن الحديث "الحسن لذاته" إذا جاء بإسناد حسن لذاته آخر، فإنه يتقوى ويرتقي إلى درجة الصحيح لكن يطلق عليه "الصحيح لغيره"، لتمييزه عن الصحيح المتقدم ذكره.
السنة النبوية :
تستخدم كلمة "السنة" عند المحدثين، وعند علماء أصول الفقه، وعند الفقهاء، وكل منهم يريد معنى لها غير الذي يريده الآخرون. تبعًا لاختلافهم في الأغراض التي يعتنون بها في علومهم، فأكثر المحدثين يريدون بها (ما نسب إلى النبي ()، من أقوال أو أفعال أو تقريرات أو صفات خِلقية أو خُلقية)، فهي بهذا التعريف موافقة للحديث النبوي ومرادفة له.
ويريد علماء أصول الفقه: (ما صدر عن النبي () -غير القرآن- من قول -ويسمى "الحديث" عندهم- أو فعل، أو تقرير).
ويريد الفقهاء بها: (كل ما ثبت عن النبي() ولم يكن من باب الفرض والواجب).
وغالبًا ما ترتبط كلمة السنة بالقـرآن الكريم، وينظر إليهما علـى أنهما مصدرا التشريع: القرآن هو المصدر الأول، والسنة هي المصدر الثاني.
ولم يكن أصحاب رسول الله () يفرقون في التلقي بين القرآن والسنة، باعتبار أنهم يسمعون القرآن والسنة من شفتي رسول الله () فيلتزمون بما يصدر عنه (). لكن في عهد التابعين ومن بعدهم، صار التحري عن صحـة الأسانيد التي تروى بها السنة، بخلاف القرآن الذي روي بالتواتر فكان قطعي الثبوت. فمـا وجد من سنة ثابتة عن رسول الله ()، التزموا بالعمل بها، وما كان من سنة غير ثابتة عنه، لم يلتزموا بالعمل بها. فمدار العمل بالسنة إذن مبني على ثبوتها.
ولا يختلف علماء الإسلام في أهمية السنة النبوية في التشريع الإسلامي، وأنها في المرتبة الثانية في التشريع بعد القرآن الكريم. وهم ينظرون إليها على أنها:
• مؤكدة لأحكام وردت في القرآن الكريم، مثل: وجوب الصلاة والزكاة والحج، وغير ذلك.
فهذه الأحكام ثبت وجوبها في القرآن وفي السنة النبوية.
•أو مبيّنة وشارحة لآيات وردت في كتاب الله. وقد تكون الآيات في القرآن مجملة فتفسرّها السنة النبوية وتبينها، أو تكون الآيات مطلقة فيأتي تقييدها في السنة.
أو تكون الآيات عامة فتخصصها السنة.
ومن أمثلة ما جاء مجملاً في القرآن الكريم وبينته السنة: الأمر بالصلاة والزكاة والحج وغيرها، جاءت دون تفصيل في عدد الركعات في كل صلاة، ودون بيان لكيفية السجود والتشهد، ودون تفصيل في مقادير الزكاة، والأنصبة في الأموال التي تجب فيها الزكاة، ودون تفصيل في كيفية الطواف والسعي والرمي، وغير ذلك. فجاءت السنة وبيّنت كل ذلك ووضّحته.
• ومن الأمثلة على ما جاء في القرآن مطلقًا وقيّدته السنة، قول الله -عزّ وجلّ-: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما . فقيدت السنة القطع بكونه من مفصل الكف.
ومن الأمثلة على ما جاء في القرآن عامًّا وجاء في السنة تخصيصه: قول الله –عزّ وجلّ-: يوصيكم الله في أولادكم آية الميراث. فهذا عام في أن كل ولد يرث من والده، لكن ورد في السنة ما يخصص هذا الحكم بغير القاتل، لقول رسول الله () "القاتل لا يرث".
• أن تكون السنة مثبتة لحكـم لم يرد في القرآن الكريم، مثل الحكم بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها. أو حرمة أكل كل ذي ناب من السباع، ومِخلب من الطير، أو حرمة لبس الحرير والذهب على الرجال. فهذه الأحكام وغيرها لم ترد في القرآن الكريم وإنما وردت في السنة النبوية.
لذا فالسنة تستقل بالتشريع وتنشئ أحكامًا جديدة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس