عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 12-28-2009, 10:56 PM
أم سلمى أم سلمى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الأربعون النووية (5)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع هُداه .. ثم أما بعد ..
الحديث الرابع
عن أبى عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال : " إن أحدكم يُجمع خلقه فى بطن أُمه أربعين يوماً نُطفة ، ثم يكون علقةً مثل ذلك ثم يكون مُضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه المَلك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات : بكتبِ رزقه وأجله وعمله وشقىٌ أو سعيدٌ ، فوالله الذى لا إله غيره إن أحدكم ليعملُ بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتابُ فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذارع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها "" ..... رواه البخارى ومسلم

هذا الحديث متفق على صحته ، وقد تلقته الأُمة بالقبول
وهو الصادق المصدوق : يعنى الصادق فى قوله ، والمصدوق يعنى المُصدَّق فيما جاء به من الوحى عن الله سبحانه وتعالى
لماذا قال( وهو الصادق المصدوق ) ؟
قال هذا تأكيداً لإحترام النبى صلى الله عليه سلم ، ولأن الكلام الآتى هو فى أمر غيبى ، فكما نُصدق النبى صلى الله عليه وسلم فى الأشياء الحاضرة والمُشاهدة فكذلك يجب أن نصدقه فى الأمور الغيبية ، وهذاالحديث كله فى أمرٍ غيبى كما سيأتى..

قال : إن أحدكم يُجمع فى بطن أُمه 40 يوماً نُطفة : يعنى عند إلتقاء ماء الرجل بماء المرأة فيجتمع هذان الماءان ويكونان هذا التكوين ( النُطفة ) ، فالنُطفة هى الماء ، ويظل ماءً لمدة أربعين يوماً

ثم يكون علقةً مثل ذلك : والعلقة يعنى قطعة اللحم ، إنتقل الجنين لطور آخر من أطوار تكوينه : كان ماء ثم أصبح دماً ، مثل ذلك يعنى فى المدة ، يعنى أربعين يوم أخرى
ثم يكون مُضغةً مثل ذلك : والمضغة يعنى قطعة اللحم ، إنتقل التكوين من ماء ثم دم ثم قطعة من اللحم – بعد أربعين يوم أخرى
يعنى بعد 120 يوم يكون الجنين قطعة لحم ثم يبدأ بإذن الله عز وجل التكوين الخلقي للإنسان شيئاً فشيئاً
ثم يُرسل الله تعالى إليه المَلك الموكَّل بهذا الأمر فينفخ فيه الروح ، والروح هى ما يحيا به الجسم ، وقد سُئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الروح فأمره الله تعالى أن يقول : { قل الروح من أمر ربى وما أُوتيتم من العلم إلا قليلاً }
فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات ( يعنى أربعة أشياء ) :
1)كتابة رزقه إلى أن يموت ( والرزق نوعان :
أ – رزقٌ يقوم به البدن : وهو الأكل والشرب واللباس والمسكن ... إلخ
ب – ورزقٌ يقوم به الدين وهو : العلم والإيمان
2)كتابة أجله ( يعنى عمره ) : أى مُدة بقاءه فى الدنيا ، وهذا الأجل لا يتقدم لحظة ولا يتأخر ، إذا تمّ الأجل إنتهت الحياة
3)كتابة عمله : يعنى ما يكتسبه من الأعمال القولية والفعلية ، كله مكتوب على الإنسان
4)كتابة هل هو شقى أم سعيد ( فى هذه الدنيا وفى الآخرة ) قال تعالى { فمنهم شقىٌ وسعيد فأما الذين شقوا ففى النار لهم فيها شهيقٌ وزفير خالدين فيها ما دامتِ السمواتِ والأرض إلا ما شاء ربُك إن ربَّك فعالٌ لما يريد * وأما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها ما دامت السمواتِ والأرض إلا ما شاء ربك .. } فالنهاية إما شقاوة وإما سعادة .. فالسعيد هو الذى تم له الفرح والسرور ، والشقى بالعكس
اللهم اجعلنا من أهل السعادة يارب
فوالله الذى لا إله غيره : وهذا قَسَم من النبى صلى الله عليه وسلم
وقيل أن هذا القسم مُدرج من كلام بن مسعود رضى الله تعالى عنه وليست من كلام النبى صلى الله عليه وسلم
وعندنا قاعدة تقول : إذا إختلف المُحدثون فى جملة من الحديث أمُدرجة هى أم من أصل الحديث ؟
فالأصل أنها من أصل الحديث ، فلا يُقبل الإدراج إلا بدليل قوى
وعلى هذا فإن جملة ( فوالله الذى لا إله غيره ) هى من كلام النبى صلى الله عليه وسلم
فوالله الى لا إله غيره : هذا قَسَم مُؤكَّد بالتوحيد :
القَسَم : فوالله ، والتوحيد : الذى لا له غيره : أى لا إله حقٌ إلا الله { ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل }

إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع (يعنى مُدة يسيرة ) فيسبق عليه الكتاب ( يعنى الذى سبق فى علم الله تبارك وتعالى فى اللوح المحفوظ ) فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها
وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ...
وفى رواية : إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار : أى أن عمله لم يكن خالصاً لوجه الله تعالى وإنما أراد بعمله الناس ،
ولعلنا نذكر قصة الرجل الذى غزا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى إحدى الغزوات وأثنى الناس عليه وقالوا إنه قاتل قتالاً شديداًَ .. فلمّا حكوا عنه للنبى صلى الله عليه وسلم قال : هو من أهل النار .. فقال أحد الصحابة : لأتبعنّـه، فتبعه ثم وجده قد جُرح جرحاً شديداً لم يحتمله فقام إلى سيفه وغمده فى بطنه – أى أنه قَتَلَ نفسه ، فهو من أهل النار ، أعاذنا الله وإياكم منها ،، وصدق النبى صلى الله عليه وسلم
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حُسن الخاتمة ، فكما قال النبى صلى الله عليه وسلم " الأعمال بالخواتيم "
قال بن عثيمين – رحمه الله – " ما من أحدٍ يُقبل على الله بصدقٍ ويعمل بعمل أهل الجنة بصدقٍ إلا ولن يخذله الله أبداً ، فالله عز وجل أكرم أن يُخذل عبده الذى أخلص له .. أ. هـ
رد مع اقتباس