عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 06-22-2009, 06:21 PM
أحمد الصوابي أحمد الصوابي غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي

الفقرة (1)
بسم الله الرحمن الرحيم

عناصر الفقرة :
1 - مقدمة تمهيدية عن دراسة هيكل بفرنسا و عشقه للأدب الفرنسي عموما و لكتبات روسو بوجه خاص .
2 - عنوان الروايتين (هلويز الجديد لروسو & زينب لهيكل)
3 - توقيع كل من روسو و هيكل على روايته .

أولا : المقدمة التمهيدية :
سافر محمد حسين هيكل سنة 1909 ميلاديا إلى باريس للحصول على شهادة الحقوق (كعادة الطبقة الأرستقراطية وقتها) ، لكنه واجه صعوبة بالغة في تعلم اللغة الفرنسية - رغم اتقانه للغة الإنجليزية - فكاد يغير وجهه شطر لندن ليدرس الحقوق بإحدى جامعاتها لولا أن نصحه الأستاذ أحمد لطفي السيد بالتهمل و التريث و الصبر على تعلم الفرنسية .
و بالفعل ؛ ما إن درس هيكل الفرنسية و ثابر على تعلمها حتى عشقها و انبهر بآدابها و كتَّابها و بخاصة الأديب الفيلسوف / جان جاك روسو الذي خصص له هيكل كتابا خاصا كاملا ترجم له فيه (و هو ما لم يفعله مع أي كاتب آخر) !

يقول هيكل - في مقدمة رواية زينب - : (فلما أكببت على دراسة تلك اللغة - يقصد : الفرنسية - و آدابها رأيت فيها غير ما رأيت من قبل في الآدب الفرنسية و الآداب العربية) !

و هذا أفسّره - أحمد (كاتب الموضوع) - بما ذكره ابن خلدون (المتوفى في 808 هجريا) في مقدمته حيث قال : (إن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده و السبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها و انقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه أولما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب فإذا غالطت بذلك و اتصل لها اعتقاداً فانتحلت جميع مذاهب الغالب و تشبهت به و ذلك هو الاقتداء أو لما تراه و الله أعلم من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية و لا قوة بأس لم إنما هو بما انتحلته من العوائد و المذاهب تغالط أيضاً بذلك عن الغلب و هذا راجع للأول و لذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه و مركبه و سلاحه في اتخاذها و أشكالها بل و في سائر أحواله و انظر ذلك في الأبناء مع آبائهم كيف تجدهم متشبهين بهم دائماً و ما ذلك إلا لاعتقادهم الكمال فيهم و انظر إلى كل قطر من الأقطار كيف يغلب على أهله زي الحامية و جند السلطان في الأكثر لأنهم الغالبون لهم حتى أنه إذا كانت أمة تجاور أخرى و لها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه و الاقتداء حظ كبير كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم و شاراتهم و الكثير من عوائدهم و أحوالهم حتى في رسم التماثيل في الجدان و المصانع و البيوت حتى لقد يستشعر من ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء و الأمر لله. و تأمل في هذا سر قولهم العامة على دين الملك فإنه من بابه إذ الملك غالب لمن تحت يده و الرعية مقتدون به لاعتقاد الكمال فيه اعتقاد الأبناء بآبائهم و المتعلمين بمعلميهم و الله العليم الحكيم و به سبحانه و تعالى التوفيق) انتهى كلام ابن خلدون رحمه الله .

نعود إلى موضوعنا
كان العرب قبل هذه الفترة - و باعتراف جميع النقاد و دارسي الأدب العربي - لم يعرفوا الرواية كفَنٍّ نثري غربي (أقصد الرواية التي على النمط الأوروبي) ، و لكنهم عرفوا و ابتكروا فنونا أخرى عربية على مدى حوالي 16 قرن من الزمان ((200 سنة قبل الإسلام و 14 قرن بعده حتى وقت كتابة الرواية))
(فكل أمة لها خصائصها و فنونها التي تتميز بها عن الأمم الأخرى) .

بدأ هيكل يكتب روايته زينب (و معظم النقاد يعتبرونها أول رواية عربية) في سنة 1910
أي : بعد تعلمه الفرنسية بعام واحد فقط !
و قد اعتبرها الناقد الفرنسي هنري بريس من " السرقات الأدبية" في دراستين مقارنتين أعدهما سنتي 1955 و 1959
و هو أول من قارن بين الروايتين .
و خرجت إلى الوجود سنة 1914 ميلاديا تحت توقيع (فلاح مصري)
و لم يوقع هيكل باسمه عليها في هذه الطبعة (الطبعة الأولى) !
و هذا ما سنتناوله في العنصر الثالث إن شاء الله

العنصر الثاني : عنوان الروايتين
يتشابه العنوانان في أمور منها :
1 - وجود الشخصية النسائية في العنوانين :
فعند روسو : (جولي) أو (هلويز الجديدة)
بينما عند هيكل : (زينب)
و الحق أن وجود الشخصية النسائية في عنوان رواية روسو أمر طبيعي و مستساغ ؛ ذلك لأن جولي (أو هلويز) هي الشخصية الرئيسية في الرواية .
أما في رواية هيكل : فلم تكن (زينب) هي الشخصية الرئيسية ؛ بل كانت شخصية حامد الذي جعله هيكل -عن طريق أسلوبه في السرد - الشخصية الرئيسية الأولى في الرواية !
و قد اعتبر بعض النقاد - الدكتور طه وادي - أن حامد هو هيكل نفسه ، و أن الرواية هي لون من ألوان الترجمة الذاتية !
فلم يكن من المستساغ أن تكون (زينب) هي التي تمثل عنوان الرواية .
(و قد ربط بعض النقاد بين اسمي "هلويز" و "زينب" من الناحية الصوتية و اتفاقهما في حرفي الياء و الزاي كالدكتور أحمد درويش في كتابه (نظرية الأدب المقارن ، و تجلياتها في الأدب العربي)

2 - العنصر المكاني في العنوان :

فرواية "هلويز الجديدة" عنوانها الأصلي الذي صدرت به سنة 1761 ميلاديا هو : (جولي أو هلويز الجديدة : رسائل لعاشقين يعيشان في مدينة صغيرة تحت سفح جبال الألب) .

و كذلك رواية هيكل عنوانها : (زينب ، مناظر و أخلاق ريفية) .

العنصر الثالث (التوقيع) :

وقع هيكل على روايته في الطبعة الأولى باسم مستعار هو (فلاح مصري) و لم يكتب اسمه خوفا على مكانته في مهنة المحاماة كما ذكر في مقدمة روايته في طبعة أخرى صفحة 7 .

و كذالك روسو قد وقع - أيضا - باسم مستعار هو : (مواطن من جنيف)
لكن الاختلاف بينهما أن روسو ألحق به اسمه .
فروسو قد ذكر هذا الاسم المستعار اعتزازا و انتماءً لوطنه
أما هيكل فقد ذكره خجلا و خوفا .
_____________________
إن شاء الله هناك من النقاط الأخرى الكثيرة التي سنتكلم فيها في فقرات أخرى ، منها :
1 - الشخصية الرئيسية في الروايتين
2 - الرسائل بين الحبيبين في الروايتين .
3 - الطبيعة في الروايتين .
4 - معالجة قضية فشل قصة الحب في الروايتين
5 - أحداث النهاية في الروايتين .
6 - شخصية الزوج في تعامله مع العاشقة بعد فشل قصة حبها .
7 - الفكرة الأساسية التي تعالجها الروايتان
_______________
فنحن لم ننته بعد حتى يبدأ بعضنا - ممن قد يتعصب لهيكل - في نقد الأدلة و هدمها
^ _ ^
_______________
كتب الفقرة الأولى أخوكم أحمد
قبيل عصر يوم الإثنين
29 جمادى الآخر سنة 1430 هجريا
الموافق 22 يونيو 2009 ميلاديا
رد مع اقتباس